المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إن أنفوسنا تتشكل وتتلون بألوان ثلاثة



امـ حمد
24-03-2015, 11:55 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(إن الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض،فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فجاء منهم الأحمر والأبيض،والأسود وبين ذلك، والسهل والحزن،والخبيث والطيب)الترمذي،وصححه الألباني،
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(إن الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة، فألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضل)الترمذي، وصححه الألباني،
وإذا كان أهم أسباب تلك الرواسب هو القلب،لِأ ن تستقر فيه مثل هذه الشوائب،الشبهات،والشهوات،فقد تقول،وماذا عليَّ وقد خلقني الله بذلك القلب،المشكلة ليست من قلبي فلو أن الله هداني لكنت من المتقين،
وهذا كذب وبهتان،وخداع من النفس ووسوسة شيطان،قال تعالى ،ردا على هذه الشبهة(بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آَيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ)الزمر،
فالله يرسل إلى جميع الخلق رسائل هداية وبيان،ولكن الناس يتفاوتون في الفهم،
فلا تزعم أن سبيل الهدى لم يمهد لك قطّ، بل جاءتك الآيات
والنذر،وبُين لك طريق الهدى،ولو أردت أن تؤمن أمكنك أن تؤمن،ولكن أعرضت عنها، وعاندتها وتكبرت،وجحدت،قال تعالى(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)النمل،
وقال جل وعلا(بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ،وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ)القيامة،فأرجو اللهَ أن تُلقِي عنك هذه المعاذير الحاضرة عند أي نقد يوجه إليك،واصدق مع نفسك،هل تجد نفسك مُرغماً على فعل السيئات،واخترت طريق الغواية وآثرته على سبيل الهداية،
كان أمامك نداء الصلاة،حي على الفلاح،ومن الجانب الآخر ضجيج حزب الشيطان،فأيهما اخترت،
كان بمقدورك سماع القرآن ودروس العلم، فآثرت الغناء والملاهي والأفلام،
أنت عبد الله الذي خلقك،وقد بيّن لك الحق والباطل(إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيل َإمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)الإنسان،فهل اخترت الهدى والحق أم آثرت الغي والضلال،
ألم يقل الله عز وجل(فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى،وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى،فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى،وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى،وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ،فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)الليل،
هل جلست الليل والنهار لا تفتر عن سؤال ربك أن يهبك قلباً سليماً،وظللت تمد يديك إلى السماء تقول،يا رب قد فسد قلبي،فآتني قلباً يوحدك ويعرفك، ويحبك ويخضعُ لك،هل رجوت وعملت لذلك،
أرأيت أنك لا تفقهُ الدخول على ملك الملوك،فمن تقرب إليه سبحانه شبراً تقرب إليه ذراعاً،ومن أتاه يمشي يأتيه سبحانه هرولة،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية،رحمه الله تعالى،الله سبحانه لا يظلم مثقال ذرة،بل مع غاية عدله فهو أرحم الراحمين،وهو أرحم بعبده من الوالدة بولدها كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح،
وهو سبحانه أحكم الحاكمين،كما قال نوح في مناجاته(وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ)هود،
فهو سبحانه يفعل باختياره ومشيئته، ويستحق الحمد والثناء على أن يعدل ولا يظلم،
وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وهوخالق كل شيء، وهو عادل في كل ما خلقه،
فهو سبحانه لا يضع شيئاً إلا في موضعه، فلا يكون إلا عدلاً، ولا يفعلُ إلا خيراً،فلا يكون إلا مُحسناً جواداً رحيماً، وهو سبحانه له الخلقُ والأمر،
قد ترى الظروف التي تحيطك،فتقول،لو أن البيت كان خالياً من المنكرات فلا تلفاز ولا أغاني ولا، ولا،لكنت ملتزماً حقاً،
أو تقول،مشكلتي هي الناس، فالشوارع تموج بالفتن،وكلما جاهدت نفسي سقطت في وحل المعصية من جديد، وماذا عساي أن أفعل وسط هذا الزحام الهائل من الفواحش،وكلما أردت أن ألتزم تشدني الدنيا،
وآخر يرى مشكلته أنه دائماً كلما حاول السير في طريق الهداية تزل قدمه،ولا يلبث أن ينحرف،لأن الله لا يريد له الهداية (بزعمه)،فيقول لك،لا تحاول معي، فالطريق مسدود،وأنا الآن أعيش حياتي حتى لا أخسر الدنيا والآخرة،
لا أحد يعترف بأخطائه،فيقول،المشكلة هي،البيت،والشارع،والنساء،
ولا أحد يقول،المشكلة أنا،أنا فقط،والآفة الحقيقية،نفسه،
ما أُتينا إلا من قبل أنفسنا الأمارة بالسوء،لابد أن نعترف بذلك بكل صراحة ووضوح،
إن أنفوسنا تتشكل وتتلون بألوان ثلاثة،فتارة تأمرك بالمعاصي والسيئات،
وتارة تلومك وتزجرك عن فعل كل ما يُشينك،
وتارة تجدها هادئة مطمئنة،
فإن مكمن الخطر في نفسك الخبيثة الأمارة التي أُمرت بمخالفتها، فلا تظن أن تركك نفسك هكذا بلا ضابط،سيعفيك ويُبرئُ أمام الله،
تقول،ولماذا خلق الله هذه النفس وجعلها تتشكل هكذا،ولم يخلقنا جميعاً بنفوس مطمئنة،
وما قالهُ الله سبحانه وتعالى(لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)الأنفال،
ليُبتلى الصدق والإخلاص فيك، ليظهر ما في باطنك ظاهراً،فتعرف حقيقة أمرك،فتسعى في تغيير ما بك،فتكون له عبداً حقاً،توحده حق التوحيد، وتعرفهُ حق المعرفة،
توقن بأن(مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ)النساء،
نفسك هذه الأمارة هي أعدى أعدائك،وأنك مأمور بمجاهدتها، فلن يصلح لك التزام، ولن تجد لذة وحلاوة الإيمان حتى تجاهدها في الله تعالى،
وهذا المعنى هو ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ،بقوله في سيد الاستغفار(أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي،فاغفر لي،فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)رواه البخاري،
إذا فهمت هذا عن نفسك، وعرفت حال قلبك، وعلمت أنك أنت السبب،فالشأن شأن القلب،فمن كان ذا قلب نقي طاهر يصلحُ أن يتقبل نور الهداية،وُفق لكل خير،ومن كان قلبُه مظلماً،حُجب وخُذل،
يقول ابن القيم رحمه الله،الشكور،سبحانه هو أولى بصفة الشكر من كل شكور،إذا أنعم الله على الإنسان أن يشكرُ المُنعم بها، ويُثني عليه بها،ويعظمه عليها،ويعلم أنها من محض الجود وعين المنة،من غير أن يكون هو مستحقاً لها،ولا هي له ولا به،وإنما هي لله وحده، وبه وحدهُ،فوحّده بنعمته إخلاصاً، وصرفها في محبته شكراً،وشهدها من محض جوده منة،وعرف قُصوره وتقصيره في شُكرها عجزاً وضعفاً وتفريطاً، وعلم أنه إن أدامها عليه فذلك محضُ صدقته وفضله وإحسانه،وإن سلبهُ إياها فهو أهل لذلك مستحق له،
وكلما زاده من نعمه ازداد ذُلاً وانكساراً وخضوعاً بين يديه،وقياماً بشكره،وخشية له سبحانه أن يسلبه إياها لعدم توفيته شكرها،كما سلب نعمته عمن لم يعرفها،ولم يرعها حق رعايتها،فإن من لم يشكر نعمته وقابلها بضد ما يليق أن تُقابل بها،سلبه إياها ولابُد،
فأسباب التوفيق منه ومن فضله، وهو الخالق لهذه وهذه، كما خلق أجزاء الأرض،هذه قابلة للنبات، وهذه غيرُ قابلة له، وخلق الشجر، هذه تثمر الثمرة، وهذه لا تثمر، وخلق النحلة قابلة لأن يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه، والزنبُور غير قابل لذلك، وخلق الأرواح الطيبة قابلة لذكره وشكره وحُجته، وإجلاله وتعظيمه، وتوحيده ونصيحة عباده،
وخلق الأرواح الخبيثة غير قابلة لذلك، بل لضده، وهو الحكيم العليم،
قال ابن القيم( الشكر يبنى على خضوع الشاكر للمشكور الذي يورث حبا لله فإذا أحببته اعترفت بنعمته ثم أثنيت عليه فإذا أثنيت عليه لم تستعمل نعمته فيما يكره )
اللهم بنورك اهتدينا وبرحمتك وكنفك ونعمتك أصبحنا وأمسينا،فاتمم نعمتك وعافيتك وسترك علينا،وهب لنا نفوسا بك مطمئنة ترضى بقضائك وتقنع بعطائك،
ولك الحمد بكل نعمة انعمت بها علينا،واجعلنا من عبادك الشاكرين يا رب العالمين،
اللهم أعنا علي ذكرك وشكرك وحسن عبادك،واجعلنا من الذاكرين لك الشاكرين لنعمك الحافظين لكتابك،العاملين بأوامرك والمجتنبين لنواهيك واجعلنا من عبادك الصالحين،
(يٰأَيُّهَا الَّذينَ ءامَنُوا اذكُرُوا اللَّهَ ذِكرًا كَثيرًا،وَسَبِّحوهُ بُكرَةً وَأَصيلًا ،هُوَ الَّذى يُصَلّى عَلَيكُم وَمَلٰئِكَتُهُ لِيُخرِجَكُم مِنَ الظُّلُمٰتِ إِلَى النّورِ ۚ وَكانَ بِالمُؤمِنينَ رَحيمًا )

الحسيمqtr
25-03-2015, 06:23 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
25-03-2015, 07:14 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس