امـ حمد
15-04-2015, 02:56 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روي أن المشركين لما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم،عن أهل الكهف،وذي القرنين،وعدهم بالجواب عن سؤالهم من الغد،ولم يقل(إن شاء الله)فلم يأته جبريل عليه السلام بالجواب إلا بعد خمسة عشر يوماً،ونزل قوله سبحانة(ولَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً،إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً)الكهف،
والقول من هاتين الآيتين،
أولاً،قوله سبحانه(غدا) ليس المراد بها اليوم الذي يلي يومك، ولكنه مستعمل في معنى الزمان المستقبل،
ثانياً،قال الطبري عند تفسيره لقوله تعالى(وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً)هذا من الله عز وجل،لنبيه صلى الله عليه وسلم،عهد إليه أن لا يجزم على ما يحدث من الأمور،أنه كائن لا محالة، إلا أن يصله بمشيئة الله،لأنه لا يكون شيء إلا بمشيئة الله،
فيكون المعنى،لا تقولن إني فاعل أمراً ما، إلا أن تقول معه(إن شاء الله)
والسبب في أنه لا بد من ذكر هذا القول،كما قال الرازي،هو أن الإنسان إذا قال،سأفعل الفعل الفلاني غداً،لم يبعد أن يموت قبل مجيء الغد، ولم يبعد أيضاً لو بقي حيًّا أن يعوقه عن ذلك الفعل شيء من العوائق،
فإذا لم يقل،إن شاء الله،صار كاذباً في ذلك الوعد،فلهذا السبب أوجب عليه أن يقول(إن شاء الله) فلو قُدِّر أن تعذر عليه الوفاء بذلك الموعود، لم يصر كاذباً،فلم يحصل التنفير،
والآية الكريمة خطاب عام للمؤمنين،وإرشاد من الله لعباده إلى الأدب فيما إذا عزموا على شيء ليفعلوه في المستقبل، أن يردوا ذلك إلى مشيئة الله عز وجل، الذي يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون،
قال السعدي،فإن الخطاب عام للمكلفين،فنهى الله أن يقول العبد في الأمور المستقبلة(إنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ )من دون أن يقرنه بمشيئة الله،وذلك لما فيه من المحذور،وهو، الكلام على غيب المستقبل،الذي لا يدري،هل يفعله أم لا،وهل يكون أم لا،لأن المشيئة كلها لله وحده،كما قال تعالى(وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ)الإنسان،ولما في ذكر مشيئة الله،من تيسير الأمر وتسهيله،وحصول البركة فيه،والاستعانة من الله،
ثالثاً،قوله عز وجل(وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ)قال السعدي،لما كان العبد بشراً،لا بد أن يسهو فيترك ذكر المشيئة، أمره الله أن يستثني بعد ذلك، إذا ذكر،ليحصل المطلوب،ويندفع المحذور،ويؤخذ من عموم قوله(وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ)الأمر بذكر الله عند النسيان،فإنه يزيله، ويذكر العبد ما سها عنه، وكذلك يؤمر الساهي الناسي لذكر الله، أن يذكر ربه،ولا يكونن من الغافلين،
والذي ذهب إليه عامة الفقهاء،فلو حلف إنسان أن لا يدخل بيت فلان من الناس، واقترن يمينه بقول،إن شاء الله،ثم دخل بيت من حلف أن لا يدخله فلا شيء عليه،
أما إذا حلف أن لا يدخل بيت فلان،ولم يقرن حلفه بقول،إن شاء الله، أو قال ذلك بعد فترة من الزمن، فإنه يحنث بيمنه إن دخل بيت من حلف أن لا يدخل بيته،
كما قال الطبري،وابن كثير،أن يستثني ولو بعد حنثه في يمينه، فيقول،إن شاء الله ليسقط عنه الحرج في ذلك،فأما الكفارة فلا تسقط عنه بحال، إلا أن يكون استثناؤه موصولاً بيمينه،
رابعاً، قال السعدي،لما كان العبد مفتقراً إلى الله في توفيقه للإصابة،وعدم الخطأ في أقواله وأفعاله،أمره الله أن يقول(وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً)الكهف،
فأمره أن يدعو الله ويرجوه، ويثق به أن يهديه لأقرب الطرق الموصلة إلى الرشد،وأن يوفق لذلك، وأن تأتيه المعونة من ربه، وأن يسدده في جميع أموره،
وما جاء الصحيح،أن حكيم بن حزام قال،سألت رسول الله فأعطاني،ثم سألته فأعطاني،ثم سألته فأعطاني ثم قال(يا حكيم، إن هذا المال خضرةٌ حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس، بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس، لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى)
قال حكيم،يا رسول الله،والذي بعثك بالحق لا أرزأُ،أي،لا أنقص ماله بالطلب منه،أحداً بعدك شيئاً،حتى أفارق الدنيا،فعلم حكيم أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم،له ذلك ليس القصد منه منعه من سُؤله،وإنما قصد منه تخليقه بخلق جميل، فلذلك أقسم حكيم، أن لا يأخذ عن أحد غير رسول الله شيئاً، ولم يقل،لا أسألك بعد هذه المرة شيئاً،
ومما ثبت في،الصحيحين،عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،أنه قال(
قال سليمان بن داود عليهما السلام،لأطوفن الليلة على سبعين امرأة ،تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله،فقال له الملك،قل،إن شاء الله،فلم يقل فطاف بهن فلم يلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم،والذي نفسي بيده،لو قال،إن شاء الله،لم يحنث ، وكان دركا لحاجته، وفي رواية،ولقاتلوا في سبيل الله فرسانا أجمعون )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روي أن المشركين لما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم،عن أهل الكهف،وذي القرنين،وعدهم بالجواب عن سؤالهم من الغد،ولم يقل(إن شاء الله)فلم يأته جبريل عليه السلام بالجواب إلا بعد خمسة عشر يوماً،ونزل قوله سبحانة(ولَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً،إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً)الكهف،
والقول من هاتين الآيتين،
أولاً،قوله سبحانه(غدا) ليس المراد بها اليوم الذي يلي يومك، ولكنه مستعمل في معنى الزمان المستقبل،
ثانياً،قال الطبري عند تفسيره لقوله تعالى(وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً)هذا من الله عز وجل،لنبيه صلى الله عليه وسلم،عهد إليه أن لا يجزم على ما يحدث من الأمور،أنه كائن لا محالة، إلا أن يصله بمشيئة الله،لأنه لا يكون شيء إلا بمشيئة الله،
فيكون المعنى،لا تقولن إني فاعل أمراً ما، إلا أن تقول معه(إن شاء الله)
والسبب في أنه لا بد من ذكر هذا القول،كما قال الرازي،هو أن الإنسان إذا قال،سأفعل الفعل الفلاني غداً،لم يبعد أن يموت قبل مجيء الغد، ولم يبعد أيضاً لو بقي حيًّا أن يعوقه عن ذلك الفعل شيء من العوائق،
فإذا لم يقل،إن شاء الله،صار كاذباً في ذلك الوعد،فلهذا السبب أوجب عليه أن يقول(إن شاء الله) فلو قُدِّر أن تعذر عليه الوفاء بذلك الموعود، لم يصر كاذباً،فلم يحصل التنفير،
والآية الكريمة خطاب عام للمؤمنين،وإرشاد من الله لعباده إلى الأدب فيما إذا عزموا على شيء ليفعلوه في المستقبل، أن يردوا ذلك إلى مشيئة الله عز وجل، الذي يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون،
قال السعدي،فإن الخطاب عام للمكلفين،فنهى الله أن يقول العبد في الأمور المستقبلة(إنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ )من دون أن يقرنه بمشيئة الله،وذلك لما فيه من المحذور،وهو، الكلام على غيب المستقبل،الذي لا يدري،هل يفعله أم لا،وهل يكون أم لا،لأن المشيئة كلها لله وحده،كما قال تعالى(وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ)الإنسان،ولما في ذكر مشيئة الله،من تيسير الأمر وتسهيله،وحصول البركة فيه،والاستعانة من الله،
ثالثاً،قوله عز وجل(وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ)قال السعدي،لما كان العبد بشراً،لا بد أن يسهو فيترك ذكر المشيئة، أمره الله أن يستثني بعد ذلك، إذا ذكر،ليحصل المطلوب،ويندفع المحذور،ويؤخذ من عموم قوله(وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ)الأمر بذكر الله عند النسيان،فإنه يزيله، ويذكر العبد ما سها عنه، وكذلك يؤمر الساهي الناسي لذكر الله، أن يذكر ربه،ولا يكونن من الغافلين،
والذي ذهب إليه عامة الفقهاء،فلو حلف إنسان أن لا يدخل بيت فلان من الناس، واقترن يمينه بقول،إن شاء الله،ثم دخل بيت من حلف أن لا يدخله فلا شيء عليه،
أما إذا حلف أن لا يدخل بيت فلان،ولم يقرن حلفه بقول،إن شاء الله، أو قال ذلك بعد فترة من الزمن، فإنه يحنث بيمنه إن دخل بيت من حلف أن لا يدخل بيته،
كما قال الطبري،وابن كثير،أن يستثني ولو بعد حنثه في يمينه، فيقول،إن شاء الله ليسقط عنه الحرج في ذلك،فأما الكفارة فلا تسقط عنه بحال، إلا أن يكون استثناؤه موصولاً بيمينه،
رابعاً، قال السعدي،لما كان العبد مفتقراً إلى الله في توفيقه للإصابة،وعدم الخطأ في أقواله وأفعاله،أمره الله أن يقول(وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً)الكهف،
فأمره أن يدعو الله ويرجوه، ويثق به أن يهديه لأقرب الطرق الموصلة إلى الرشد،وأن يوفق لذلك، وأن تأتيه المعونة من ربه، وأن يسدده في جميع أموره،
وما جاء الصحيح،أن حكيم بن حزام قال،سألت رسول الله فأعطاني،ثم سألته فأعطاني،ثم سألته فأعطاني ثم قال(يا حكيم، إن هذا المال خضرةٌ حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس، بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس، لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى)
قال حكيم،يا رسول الله،والذي بعثك بالحق لا أرزأُ،أي،لا أنقص ماله بالطلب منه،أحداً بعدك شيئاً،حتى أفارق الدنيا،فعلم حكيم أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم،له ذلك ليس القصد منه منعه من سُؤله،وإنما قصد منه تخليقه بخلق جميل، فلذلك أقسم حكيم، أن لا يأخذ عن أحد غير رسول الله شيئاً، ولم يقل،لا أسألك بعد هذه المرة شيئاً،
ومما ثبت في،الصحيحين،عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،أنه قال(
قال سليمان بن داود عليهما السلام،لأطوفن الليلة على سبعين امرأة ،تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله،فقال له الملك،قل،إن شاء الله،فلم يقل فطاف بهن فلم يلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم،والذي نفسي بيده،لو قال،إن شاء الله،لم يحنث ، وكان دركا لحاجته، وفي رواية،ولقاتلوا في سبيل الله فرسانا أجمعون )