المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماهي الأمانة التي حملها الإنسان



امـ حمد
30-04-2015, 02:17 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة وبركاته
ماهي الأمانة التي حملها الإنسان
قال تعالى(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)
والمقصود بالأمانة،ما ائتمن الله عباده عليه من طاعته فإن الله سبحانه وتعالى،ألزمهـم بالطاعة بامتثال أمره واجتناب نهيـه فالتزموا بالعهد الذي بينهم وبينه بما فطرهم عليه من الإيمان والإقرار به وبما أعطاهم من العقل وبما أرسل إليهم من الرسل فهنا فطرة وهنا عقل وهنا رسالة وبهذه الأمور الثلاثة كان تحمل الأمانـة من الإنسان وكلف بها وعليه أن يقوم بهـذه الأمانة ويعرف قدرها حيث عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها،ولكن الإنسان تحملها وحملها،فعليه أن يقوم بهـا وهي طاعة الله تعالى بامتثال أمره واجتناب نهيه فيما يتعلق بعبادته وفيما يتعلق بحقوق عباده،
وما جاء في قوله تعالى،فقد قرأنا في هذه الليلة قوله تعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً)النساء،
وقد وصف القرطبي هذه الآية،بأنها تضمنّت أداء الأمانة، والحكم بالعدل،
أولها،أداء الأمانة،يقول القرطبي،فهي تشمل الأمانة في العبادات، والأمانة في المعاملات، والأمانة الخاصة، والأمانة العامة، والأمانة مع المسلم ومع غير المسلم، ومع الصديق والعدو، ومع الكبير والصغير، ومع الغني والفقير ،والصلاة والزكاة وسائر العبادات أمانة الله تعالى،
وقال البراء بن عازب،وابن مسعود،وابن عباس،وأبي بن كعب، قالوا،الأمانة في كل شيء،في الوضوء والصلاة والزكاة والصوم والكيل والوزن والودائع،
ومن الآيات بأداء الأمانة، قوله سبحانه(وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ)الأنفال،
وقوله تعالى(فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ )البقرة،
ومن الأحاديث ذات الصلة بموضوع أداء الأمانة، قوله صلى الله عليه وسلم( إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة )رواه البخاري، وقوله صلى الله عليه وسلم(إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها )
رواه مسلم،وقوله صلى الله عليه وسلم(لا إيمان لمن لا أمانة له )رواه أحمد،
وثانيهما،الحكم بالعدل،
والحكم بالعدل،وذلك قوله سبحانه(وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ )
قال السعدي،المراد بالعدل الذي أمر الله به،ما شرعه الله على لسان رسوله من الحدود والأحكام،ويشمل كقسمة الأموال ونحوها،
ومعاملة الناس بخُلق حسن،دون تفريق بين غني أو فقير،أو كبير أو صغير،وعلى القضاة أن يحكموا بالعدل بين المتخاصمين إليهم، وعلى الآباء أن يحكموا بالعدل بين أبنائهم، وعلى الزوج أن يحكم بالعدل بين زوجاته، وعلى المعلم أن يحكم بالعدل بين طلبته،
وفي موضوع العدل، جاء حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه، وفيه(بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم،على السمع والطاعة،وعلى أن نقول بالعدل أين كنا،لا نخاف في الله لومة لائم)رواه البخاري،
وقوله صلى الله عليه وسلم(إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأدناهم منه مجلساً إمام عادل )رواه الترمذي،
حين تستقيم الفطرة وتسلم من اتباع الهوى،تتمثل في صاحبها بخلق الأمانة،
يقول القرطبي،في تفسير قوله تعالى(وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)المؤمنون،
وحين يعم التعامل بالأمانة يؤدي الذي أؤتمن أمانته ، سواء أؤتمن على قنطار أو دينار، لأن الله أمر بأداء الأمانات إلى أهلها،ونهى عن خيانة الله والرسول وخيانة الأمانات، وجعل من صفات المفلحين أنهم يرعون عهودهم وأماناتهم،
والنفوس البشرية بفطرتها تميل إلى الناصح الأمين،وتثق بالقوي الأمين،
وفي الحديث(أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا،صدق الحديث،وحفظ الأمانة ، وحسن الخلق،وعفة مطعم )فالأمانة ركن من هذه الأركان الأخلاقية الأربعة، التي لا يعدلها شيء في الدنيا،بل قد تكون سببا في إقبال الدنيا على العبد،لما يجده الناس فيه،
والأمانة صفة مميزة لأصحاب الرسالات،فقد كان كل منهم يقول لقومه (إني لكم رسول أمين ) الشعراء،
وإذا تمكنت صفة الأمانة من صاحبها تعامل بها القريب والبعيد،
يقول ابن حجر،وكذلك حال المؤمن حتى مع من عرف بالخيانة،واشتهر بالغدر،كما في الحديث( أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك،ولا تخن من خانك )
ومن الصور العملية للأمانة،أن تنصح من استشارك ،وأن تصدق من وثق برأيك،فقد جاء في الحديث( المستشار مؤتمن
ومن أخطر الأمانات،لقوله صلى الله عليه وسلم( إذا حدث رجل رجلاً بحديث ثم التفت فهو أمانة)وأقل ما في هذه الأمانة أن ينقله الناقل،حين ينقله، بنصه،ولا يحمله ما ليس فيه بتدليس أو تحريف،
ومن مخاطر الأزمان اضطراب الموازين،وفساد القيم،إلى الدرجة التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله
(سيأتي على الناس سنوات خداعات ،يصدق فيها الكاذب ، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن،ويخون فيها الأمين،وينطق فيها الرويبضة في أمر العامة،قيل وما الرويبضة،قال،الرجل التافه )
وقد خشي رسول الله صلى الله عليه وسلم من انتشار الخيانة،فقال(إن بعدكم قوما يخونون ولا يؤتمنون)
صاحب خلق،الأمانة،حريص على أداء واجبه ، بعيد عن المكر والخيانة ، حافظ للعهود ، وافٍ بالوعود،ورسالة عظيمة مثل رسالتنا لا يصلح لحملها إلاّ الأمناء،
فالمراد بالإنسان في قوله تعالى(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)الأحزاب،
إنما هو أبونا آدم عليه السلام، كما ذكر عن ابن عباس قال،يعني بالأمانة،الطاعة، وعرضها عليهم قبل أن يعرضها على آدم، فلم يطقنها، فقال لآدم،إني قد عرضتُ الأمانة على السموات والأرض والجبال فلم يطقنها، فهل أنت آخذ بما فيها،قال،يا رب،وما فيها، قال،إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت،فأخذها آدم فتحمَّلها،
كما قال تعالى(فَأَمَّا مَنْ طَغَى،وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا،فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى،وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى،فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)النازعات،
قال السعدي،يعظم تعالى شأن الأمانة،التي ائتمن الله عليها المكلفين،التي هي امتثال الأوامر واجتناب المحارم،في حال السر والخفية كحال العلانية، وأنه تعالى عرضها على المخلوقات العظيمة، السماوات والأرض والجبال، عرض تخيير لا تحتيم،
وإن قمت بها وأديتها على وجهها، فلك الثواب،وإن لم تقوم بها ولم تؤديها فعليك العقاب،
وعرضها الله على الإنسان، على ذلك الشرط المذكور،فقبلها،وحملها مع ظلمه وجهله، وحمل هذا الحمل الثقيل،
فانقسم الناس بحسب قيامهم بها وعدمه إلى ثلاثة أقسام،
منافقون،أظهروا أنهم قاموا بها ظاهراً لا باطناً،
ومشركون، تركوها ظاهراً وباطناً،
ومؤمنون، قائمون بها ظاهرا وباطناً،
فذكر الله تعالى أعمال هؤلاء الأقسام الثلاثة، وما لهم من الثواب والعقاب فقال(لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ غ— وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا )
فعلى العبد أن يقبل قضاء الله وقدره،ويُقبل على أمره وشرعه،ففي ذلك سعادته وبه كماله وعليه مدار فلاحه،مركز الفتوى ،
أسأل جلّ وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعيننا على ما حملنا،من أداء الأمانة في حقِّك يا الله، وفي حقّ رسولك صلى الله عليه وسلم، وفي حق عبادك المؤمنين،
اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين،ووفقنا لأدائها على الوجه الذي يرضيك عنا،وجنبنا الخيانَة،وابعدنا عنها،واجعلنا من أهل الأمانة بمنك وكرمك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين،وأعنا على ما حملتنا من الأمانة،حتى نقوم بها على الوجه الذي يرضيك عنا يا رب العالمين،وأصلح قلوبنا وأصلح أعمالنا.

الحسيمqtr
30-04-2015, 06:31 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
30-04-2015, 02:58 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس