المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مشكلة الرجل مع فلوس المرأة (2)



غريب الدّار
24-05-2015, 10:58 AM
تباينت الآراء في المقال السابق بين مؤيد بشدة ومعارض بقسوة، إلا أن بعض التوضيح لن يَضّر، فالمقال بالمختصر موجهٌ إلى فئة من الذكور وليس تعميماً. كنت أظنّ حتى بضعة أشهر أن مجتمعنا فيه من النخوة والشهامة والرجولة، ما يجعل الرجل يمتثل لقول الله تعالى: فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ? [سورة البقرة: 229] طواعية لأنه «رجل» يعي معنى الشرف والمروءة، حتى صادفت إحدى الحالات التي تستنجد وهي في السجن بعد أن أثقلها طليقها بالديون والشيكات، وآخر تزوج عليها بعد أن تشاركا في بناء بيت الزوجية، بل وأسكن شريكتها الطابق الأول إكراما لها، وهناك من سولت له نفسه قتل زوجته كي يرث مالها. والواقع ينطق ويحكي قصصا لا تعد ولا تُحصى يشتعل منها الرأس شيبا. ولن أبالغ لو ادعيت أنه بات من الشائع قراءة قصص تُتَداول ضجّت منها آذان أروقة المحاكم، حول قضايا استحواذ وسرقة و«لطش» الرجل مال زوجته أو أخته أو ابنته، بل هناك من تجردت منهم معاني الإنسانية، فدخلت على يديه إحدى قريباته السجن.

فإذا كانت المرأة تصرف وتتحمل أعباء البيت من نفقة ومسكن بما يرافقه من معاناة وذل وإهانة؛ نتيجة تخلي زوجها عن الركن الكسبي في القوامة المتمثل في النفقة، أو تخلي مُعيلها سواءً كان أباها أو أخاها عن النفقة، فما حاجتها إليهم؟! السؤال هنا ليس بقصد الحث على التحرر أو الانسلاخ! ولا أسمح بتفسيره إلى دعوة المرأة أن تصبح وليّة نفسها. لكن المرأة تتساءل ومن حقها أن تسأل: «إذا كان زوجي لا ينفق عليّ ولا يلتزم بمواثيق الله فيني، فلماذا تزوجني؟!.

أنتَ «أيها الرجل» تخليت عن ركن أساسي في القوامة! فما هو الهدف الكامن والسر الخطير وراء وجودك في حياة زوجتك!؟ فلست أنت بحاميها ولا بحارسها ولا المنفق عليها ولا وليّ نعمتها بل أنت أساس نقمتها في الحياة - في مثل هذه الحالة- تزيدها عبئا فوق عبء. صحيح أن حاجة الزوجة لزوجها تتعدى الجانب المادي، لكن أن تعيش الزوجة في موقف تجد زوجها يستغلها، وجَشعٌ وطامعٌ لما في حوزتها، يمدّها بشعور مؤذٍ ومقرف، لو استمر زلزال ذلك الشعور سيهدم تلك العلاقة الزوجية بلا شك.

وقد يتقول بعض الرجال أن زوجته عاملة وعندها ما يكفيها وليس ملزماً بها، هنا أدعو جميع الرجال أن يبحث في فتاوى «نفقة المرأة العاملة» كما يبحث في فتاوى الزواج بالمثنى وثلاث ورباع، كي يتبيّن له ما هو سائر عليه، ولمن وقته ضاق وازدحم، «فإنه لا حق له فيما تأخذه – الزوجة- من راتب، لا نصف، ولا أكثر، ولا أقل»، كما أجمع العلماء «على وجوب نفقة الزوج على زوجته، وذلك بحسب وُسْعِه ومقدرته، وأنه ليس له أن يحملها نفقة نفسها، ولو كانت غنية، إلا برضاها»، فالراتب كله لها إلا ما تبذله عن طيب نفس ومن باب المساعدة. وليس له الحق فيما دون ذلك.

في الختام، أشير أن أصل الحياة الزوجية شراكة لتكوين أسرة، يعيش أفرادها على المودة والرحمة، وليست شركة تجارية، يتنافس موظفوها في استغلال الطرف الآخر بهدف تكديس واستخدام رؤوس الأموال، بحجة «أبنائنا والمستقبل». في ذات الوقت على المرأة ألا تتوانى عن إعانة زوجها ما تطلب الوضع ذلك، وليتعفف الزوج ما استطاع لئلا يأخذ المال منها، متذكراً ومتأملاً قول الله تعالى: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ» [النساء: 34].



مقال للكاتبة العمانية : زهرة بنت سعيد القايدي
المصدر : جريدة الوطن القطرية عدد يوم السبت 23/5/2015