المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حسن معاملة الأجير



امـ حمد
04-06-2015, 05:45 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حسن معاملة الأجير
شاء الله عز وجل أن تتباين أدوار البشر وتتنوع مسؤولياتهم وتتعدد اهتماماتهم حتى تتكامل حركة الحياة وتعمر الأرض، واقتضت مشيئته وحكمته سبحانه أن يجعل بعض عباده أغنياء وبعضهم فقراء،وسخّر كلاّ من الطائفتين للأخرى، هذه تنمي المال وتنفق منه على تلك، وتلك تقوم بالعمل مقابل ذلك الإنفاق،
قال تعالى(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ)الأنعام،
وقال تعالى(نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا)الزخرف،
والإسلام يوجه الأغنياء المخدومين إلى التواضع وعدم التكبر على الخادمين، ويجعل لهؤلاء حقوقاً على أولئك يجب عليهم أن يؤدوها بدون مماطلة ولا نقص،فالمخدوم ينبغي أن يتواضع مع خادمه ولا يترفع عليه لأنه قد يكون أعظم درجة منه عند الله، وليس الفضل بكثرة الأموال ولا بعظم الأجسام،ولا بغير ذلك من متاع الدنيا وزينتها ومظاهرها وإنما الفضل بالتقوى(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)
ولقد ضرب الرسول،صلى الله عليه وسلم،المثل الأعلى في معاملة الخادم،
فعن أنس بن مالك،رضي الله عنه،قال،خدمت رسول الله،صلى الله عليه وسلم،عشر سنين والله ما قال لي أف قط،ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا،وهلا فعلت كذا)رواه مسلم،
وحذر النبي صلى الله عليه وسلم،أبا ذرٍّ الغفاري رضي الله عنه من الإساءة للخادم فقال له(إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم) متفق عليه،
والرسول،صلى الله عليه وسلم،قدوة حسنة لأمته،وعن جابر بن عبد الله قال،كان رسول الله صلى الله عليه وسلم،يوصي بالمملوكين خيراً ويقول(أطعموهم مما تأكلون،وأبسوهم من لبوسكم،ولا تعذبوا خلق الله)رواه أحمد وأبو داود
وعن جابر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم )رواه أبو داود،
وعن أبي مسعود البدري،رضي الله عنه،قال،كنت أضرب غلاماً لي،فسمعت من خلفي صوتاً( اعلم، أبا مسعود،لله أقدر عليك منك عليه ) فالتفت فإذا هو رسول الله،صلى الله عليه وسلم،فقلت،يا رسول الله،هو حر لوجه الله،فقال( أما لو لم تفعل، للفحتك النار،أو لمستك النار )رواه مسلم،
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)
وفي رواية(حقه) بدل (أجره) رواه ابن ماجه، وصححه الألباني،
يوجه النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى رعاية حق الأجير بتأدية أجره إليه دون تأخير ومماطلة (قبل أن يجف عرقه)والأمر بإعطائه قبل جفاف عرقه إنما هو كناية عن وجوب المبادرة عقب فراغ العمل إذا طلب،وإن لم يعرق أو عرق وجف،
والمراد منه في إسراع الإعطاء،وأن يؤدي إلى الخادم أو العامل ما يستحق،ولا يجوز له أن يظلمه بنقص أجرته أو مماطلته فيها،ويؤخر حق هذا المسكين،أو يبحث عن أسباب تجعله يخصم من راتبه دون وجه حق،بل طمعاً وجشعاً،وهذا دليل على قسوة قلب وعدم الخوف من الله جل جلاله،
أترضى يا صحاب العمل أن يتأخر راتبك الشهري يوما واحداً،أو شهراً،أترضى أيها المستأجر أن يخصم من حقك،إذا لا يرضيك هذا،،فكيف ترضى تأخير راتب هذا المسكين،وعدم إعطاءه حقه،
ألم تعلم أن من أخرت راتبه،ومنعت حقه،قد يكون وراءه أهل أو تحته أسرة ينفق عليها وتنتظر أن يلبي لها حاجياتها،بل بعضهم تغرب عن دياره وأهله وخرج بحثاً عن رزقه،
أيها المانع لحق هؤلاء المظلومين حتى وإن كانوا كفاراً،لا تغتر بنفسك ولا تتكبر على هؤلاء الفقراء،وتذكر قدرة الله عليك إذا أعجبك تسلطك وجبروتك على هؤلاء الضعفة،
فإن فعل شيئاً من ذلك فقد ارتكب ظلماً,والله تعالى ذم الظلم والظالمين في كتابه فقال عز وجل(وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ)الحج،
وكما هو واضح فإن هذه الوصية والتوجيه النبوي يتعلق بتأخير حق الأجير،
وأما عدم إعطاء الأجير أجره ومنعه منه بالكلية فذلك من كبائر الذنوب، وقد حذر الله تعالى من ذلك وجعل آكل حق الأجير خصماً له يوم القيامة،
فعن أبي هريرة رضي الله عنه،عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال(قال الله تعالى،ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة،رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره) رواه البخاري،
وللخادم على سيده حقوق،أن يعامله معاملة حسنة،ويحلم عليه إذا بدر منه خطأ، قال تعالى(وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)آل عمران،
أن يتواضع معه ولا يتكبر عليه،فإن التواضع مع الخادم يؤنسه ويشعر معه بالطمأنينة وعدم الحرج من العسر والفقر، والتكبر عليه يوحشه ويشعر بسببه أنه محتقر لا قيمة له فيضطرب ويعيش كئيبا حزينا،وقد ذم الله الكبر والمتكبرين وأعدّ لهم عقاباً أليما كما مدح التواضع والمتواضعين ووعدهم الجزاء الحسن،
قال تعالى(وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)الشعراء،
وعن عياض رضي الله عنه،أن رسول الله،صلى الله عليه وسلم، قال(إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد )رواه مسلم،
وقال النبي،صلى الله عليه وسلم(من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة )فقال رجل،وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله،فقال( وإن كان قضيبا من أراك )صحيح مسلم
ومن أهم ما ينبغي أن يعتني به السيد للخادم تعليمه ما يجب عليه وما يحرم من أمور دينه, وحثه على التحلي بالأخلاق الفاضلة، فإن في ذلك مصلحة عظيمة للسيد والخادم والمجتمع، كما ينبغي أن يحذره من الأخلاق الرذيلة واقتراف الأمور المحرمة، ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر لأنه أصبح مسئولاً عنه كمسئوليته عن بقية أهل بيته،
أسأل الله أن يوفقنا وإياكم لفعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين والإيفاء بالعهود وإعطاء الحقوق لأهلها،واجعل ما أنعمت به علينا عونا على طاعتك، ومقربة إلى جنتك.

الحسيمqtr
04-06-2015, 06:00 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
04-06-2015, 06:50 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

ولد بومشعل
08-06-2015, 11:36 AM
جزاك الله خير

امـ حمد
08-06-2015, 07:22 PM
جزاك الله خير

وجزاك ربي جنة الفردوس اخوي ولد بو مشعل
بارك الله في حسناتك