شمعة الحب
08-09-2006, 05:12 PM
أسهم متورمة وأخرى مريضة تعوق انطلاقة السوق
د. هاشم بن عبد الله الصالح - جامعة الملك فيصل ـ الدمام 15/08/1427هـ
hsaleh_sa@yahoo.com
عندما انهارت السوق وبدأت أموال المستثمرين في التبخر والتلاشي وأدرك الناس أنهم كانوا يعيشون خدعة كبيرة, وبالتالي عليهم أن يتحملوا نتائج مغامرة الدخول في لعبة كان يحركها ويبرمج نتائجها مجموعة من الكبار والهوامير غايتهم الكبرى, وهمهم الرئيسي أن تتضخم أموالهم وتتنامى ثرواتهم من خلال امتصاص ما ادخرته تلك الشريحة الواسعة من المساهمين الصغار الذين كانوا ينظرون إلى الأسهم على أنها فرصتهم للاستفادة من هذا الانتعاش الاقتصادي الذي تشهده المملكة في الوقت الحاضر, وبعد أن وصل المؤشر إلى ما دون القاع متجاوزا كل المستويات التي تمنى الجميع بمن فيهم المحللون وخبراء السوق أن يقف عندها ليعطي لضحاياه فرصة لالتقاط أنفاسهم واستيعاب خسائرهم وترتيب حساباتهم, ولكن كان إلى السوق كلمتها وقولها الفصل في تحطيم هذه الأماني ودخول المؤشر في دائرة دون العشرة آلاف نقطة, مما أوجد حالة من اليأس من أن تعود للسوق حركتها التصاعدية, وبالتالي خرج من خرج إما بقرار من نفسه تفاديا للوقوع في خسائر أكبر وإما أنه خرج بقرار من غيره بعد أن فقد كل ما يملك أو دونه أو فوقه بقليل أو كثير. وبعدها وجدنا السوق تنتعش وتأخذ مسارا تصاعديا وكان وراء هذا الانتعاش شركات قيادية وأسهم البنوك التي واصلت تحقيق أرباح ممتازة ونتائج مالية إيجابية جيدة, ولكن سرعان ما عاودت السوق انحدارها بعد أن ثارت شكوك هنا وهناك في قدرة البنوك على مواصلة تحقيق مثل هذه النتائج الإيجابية في مرحلة ما بعد انهيار السوق, وفي ظل التوجهات التي تدعو إلى حرمان البنوك من عملية القيام بالبيع والشراء للأسهم وإناطة هذا الأمر بمكاتب وشركات مالية متخصصة. ولا ننسى دور الدولة وجملة الإجراءات والتنظيمات التي أخذت بها هيئة السوق التي كان لها الأثر الإيجابي في إعادة شيء من الثقة والاطمئنان إلى المساهمين, ما شجع البعض منهم على عدم التسرع في الخروج من السوق وتشجيع من خرج منهم على العودة إلى السوق, ولكن وجدنا أنه سرعان ما تلاشى هذا الأثر الإيجابي, وهذا يؤكد لنا مرة أخرى أهمية أن السوق في حاجة إلى إصلاحات حقيقية وجذرية, وأن المعالجة المؤقتة أو الشكلية للمشاكل الأهم التي تعانيها السوق مثل المصداقية المالية للشركات وتنظيم أجواء المضاربة غير المنضبطة في السوق ومعالجة تسرب المعلومات بطريقة غير نظامية, هي في الحقيقة تكريس لهذه المشاكل وتعميق هوة عدم الثقة بما يدور في السوق وبقدرة المؤسسات المختصة على ضبط أمور السوق, وهذا يعني أن السوق في كل مرة تدخل في دورة جديدة ستكون بالتأكيد نهايتها انهيارا جديدا وبضحايا أكثرهم جدد. وبعد ارتداد السوق بفعل العزوف والشك في مستقبل الشركات القيادية أتيحت الفرصة مرة أخرى للهوامير والمضاربين للدخول والمضاربة على الشركات الصغيرة التي البعض منها ليس فقط صغيرة بل إنها في الحقيقة هي أصغر مما نتصور ولا تستحق حتى أن تدرج في قائمة الشركات المساهمة التي لها الحق في تداول أسهمها بشكل عام. وبفعل المضاربات على أسهم هذه الشركات الصغيرة بدأنا نشهد تقلبات تعكس درجة وحدة المضاربة على مثل هذه الشركات ما جعل الكثير من المساهمين ينظرون بعين الشك إلى الأرقام التي يسجلها المؤشر وحتى إلى قيمة الأموال المتداولة يوميا في السوق, التي نراها في بعض الأحيان تصل إلى المستويات كنا نشهدها في عز توهج السوق في السنة الماضية وبداية السنة الحالية. إن النتيجة التي يمكن أن نستخلصها من واقع السوق هو أن السوق قد تجاوزت فعلا مرحلة الانهيار, وأن هناك عودة جيدة لثقة المساهمين للاستثمار في السوق ولكن هناك ما يمنع السوق من أن تنطلق بشكل مستدام وإيجابي من دون حدوث الكثير من التقلبات غير المبررة أو المراوحة غير المفهومة, خصوصا عندما تكون هناك أخبار اقتصادية جيدة ونتائج إيجابية للشركات المهمة والقيادية في السوق. صحيح أن هناك من العوامل غير الاقتصادية التي لها دور في تعطيل حركة السوق, ولكن يبقى النصيب الأكبر من هذا التعطيل في العادة إلى وجود تردد ونوع من الخوف والشك والريبة فيما يحدث في السوق من مضاربات ترتفع بقيم أسهم بعض الشركات الصغيرة وعلى شكل متواصل إلى مستويات غير منطقية. فهذا التورم وهذا النفخ غير الصحي في أسعار بعض الشركات الصغيرة له انعكاس سلبي على المناخ العام في السوق, ما يجعل هذه الشركات الصغيرة وغير المؤثرة بشكل كبير في مجمل قيمة السوق الكلية قادرة على إعاقة حركة الشركات الأكبر منها والأكثر قيمة منها وبالتالي تتأثر حركة السوق الكلية. وإلى جانب حالة التورم التي تشهدها أسهم بعض الشركات الصغيرة تأتي نظرة الشك والخوف من قدرة بعض الشركات القيادية مثل "سابك" وشركة الكهرباء وشركة الاتصالات على تأكيد حضورها المستقبلي ومواصلة ربحيتها في ظل ما يسمع هنا وهناك عن مشاكل حقيقية تعيشها هذه الشركات وما هو قادم من تحديات وأوضاع جديدة قد تجعل مثل هذه الشركات أقل جاذبية. و كل هذه المخاوف والشكوك تجاه هذه الشركات أدت إلى وجود حالة من العزوف أو الانتظار وعدم المبادرة للاستثمار فيها ما أفقد المؤشر طاقة حركية مهمة مما جعله يخضع صعودا أو هبوطا لما تقوله أو تراه الشركات الصغيرة. هناك ثلاثة محركات رئيسية تحاول أن تدفع بالسوق إلى الأمام وبشكل إيجابي ومطمئن, وهناك ثلاثة معوقات رئيسية نجحت في تعطيل انطلاقة السوق في الوقت الحاضر وستتحدد حركة السوق مستقبلا بفعل طبيعة التدافع بين هذه المحركات وهذه المعوقات, فدعونا نتحدث عن طبيعة كل من هذه المحركات والمعوقات باختصار:
1- ما زالت قوة الاقتصاد السعودي بفعل استمرار ارتفاع النفط تعتبر المحرك الرئيسي والأهم الذي يعول عليه في بقاء جاذبية وجدوى الاستثمار في سوق الأسهم. صحيح أن السوق اعتادت أو بالأحرى تألف مع مستوى السبعين دولارا للبرميل, ولكن هناك الكثير من المؤشرات الاقتصادية التي تؤكد أن الأسعار المستقبلية ستكون أعلى بكثير من الأسعار الحالية, وبالتالي هذا يعني المزيد من تدفق الأموال التي بالتأكيد سيكون للأسهم نصيب منها مما يدفع بالسوق نحو الأمام.
2- لم يمض عام على انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية, وبالتالي فالسنوات المقبلة ستشهد المزيد من تفاعل الاقتصاد السعودي مع الاقتصاد العالمي, وهذا بدوره يفتح الاقتصاد السعودي على المزيد من الفرص والاستثمارات الأجنبية مما يقوي حركة الاقتصاد المحلي ويزيد من فرص نمو الشركات المحلية, وكل هذه الظروف تضيف قوة إلى سوق الأسهم وتعزز من فرص انطلاقتها في المستقبل.
3- ينتظر أن توظف جزء كبير من مداخيل النفط المرتفعة لتمويل مشاريع استراتيجية ومشاريع تؤسس لبنية تحتية جديدة, لأن البنية التحتية السابقة التي أقيمت في ظل الطفرة النفطية الأولى إما قد استهلكت, ولم تعد تناسب ظروف الحياة الجديدة وإما بعضها قد أسس بشكل متعجل ومن دون مراعاة للمواصفات الفنية المطلوبة, وبالتالي أصبح من الضروري استبدالها, وهذا يعني تنامي الشركات الحالية مع فرص كبيرة لبروز شركات جديدة, وبالتالي سيكون هناك أثر إيجابي في السوق لأن الإنفاق الحكومي في المملكة مازال يعتبر المحرك الأهم في الاقتصاد المحلي.
أما عن المعوقات التي عطلت من حركة السوق في الوقت الحاضر التي ببقائها واستمرارها ستتعمق مشكلة السوق في المستقبل ومع مرور الزمن تتآكل مصداقية السوق عند المواطن والمستثمر, وهذا يفقد الاقتصاد السعودي أداة استثمارية مهمة, وهذه خطيئة بحق الوطن والمواطن, أما الحديث عن هذه العوائق فباختصار:
1- استمرار أجواء المضاربات على الشركات الصغيرة التي في معظمها شركات خاسرة والبعض منها مشكوك حتى في وجودها الفعلي والعملي يفقد الثقة بالسوق عند الأفراد والأطراف التي تريد فعلا أن تستثمر في السوق السعودية. هذا التورم في أسعار بعض الشركات تورم سرطاني سيفتك بالسوق عاجلا أم أجلا وإن نجح بعض المعالجات في التصدي لمثل هذه الحالة مؤقتا فإن النهاية ستكون حتما لغير صالح السوق إذا ما استمرت هذه الحالة, لأن الثقة عند المستثمر هي الأساس ومن دونها لتكن العملية كلها أي شيء إلا أنها اقتصاد واستثمار.
2- استبشر الكثير من الناس بالإجراءات التي وضعت من أجل جعل السوق أكثر شفافية وأكثر عدالة في تبادل المعلومات ولكن ما زال هناك إحساس بأن هذه الإجراءات كانت محدودة الأثر في الواقع. فعلى هيئة السوق وكل الجهات ذات العلاقة بتنظيم حركة السوق أن تسعى جاهدة إلى اكتساب ثقة المستثمر وأن تحافظ على هذه الثقة, وذلك من خلال تأكيد تطبيق الإجراءات وإشعار المستثمر بالجدية في محاولاتها لتطبيق ما أخذت به من قوانين وأنظمة.
3- عدم الاطمئنان أو عدم الوضوح بمستقبل الشركات القيادية والبنوك يشكل عائق لا بد من تجاوزه إذا ما أريد للسوق أن تعاود من انطلاقتها. فالبنوك لم تعمل ولم تقم بما يطمئن المستثمر من أنها قادرة على المنافسة عندما تفتح السوق السعودية للبنوك الأجنبية لفتح فروع لها في المملكة, ولم تطور هذه البنوك من أدواتها الاستثمارية بشكل يجعلها أكثر جاذبية للاستثمار. أما الشركات القيادية الأخرى, وبالأخص منها شركة سابك, فهناك ضبابية حول قوتها المستقبلية, وأما شركة الاتصالات فعلى قوتها الحالية هناك خوف عليها مستقبلا في ظل قدوم شركات جديدة في مجال الاتصالات. أما شركة الكهرباء فهي شركة مريضة في الوقت الحاضر وبمرضها تتألم السوق وهذا لا يساعد السوق على النهوض, ولعل الشركة في حاجة إلى رؤية جديدة تنتشلها من أزمتها الحالية وتنطلق بها إلى آفاق أرحب, ولقد أشرنا في مقالات سابقة إلى أن على شركة الكهرباء أن تتحول إلى شركة طاقة لتنوع من أعمالها وخدماتها, وبالتالي سيكون لها مستقبل أفضل.
ختاما يمكن القول إن هناك مستقبلا واعدا للسوق بشرط أن نحسن توظيف مكامن القوة في السوق, فالاقتصاد يفترض أن تكون له مساهمة بفضل انتعاشه, وانفتاح السوق للمزيد من الاستثمارات إضافة إيجابية تعزز من الثقة بالسوق, ولكن عندما نترك السوق تتخبط تحت ضربات المضاربة وغياب الشفافية والتناقل غير السليم للمعلومات فإننا بذلك نخاطر بمستقبل السوق ونفوت علينا هذه الفرصة الواعدة التي كغيرها من الفرص الثمينة ربما لا تكرر من نفسها ولا تعود لنا مرة أخرى.
تعليقات الزوار
15/08/1427هـ ساعة 2:37 مساءً (السعودية)
ان عوامل عدم الثقه فى السوق هو موافقه هيئه سوق المال على الاكتتابات الجديده التى تطرح بعموله اصدار لا حق فيها فى بيع اسهم الاكتتابات باسعار غير مستحقه مثل شركه البحر الاحمر و سبكيم فكلاهما من دراسه القوائم الماليه يتضح انهما رفعتا راس المال فى 2005 بغرض البيع للاكتتاب العام مقدار 30 % لتعود على المؤسسين ب 100% واكثر من راس مال الشركه علما ان الزياده فى راس المال لم تحقق من الارباح بعد التى توجب عموله الاصدار ... ملاحظة ل المسؤلين فى هيئه سوق المال
د. هاشم بن عبد الله الصالح - جامعة الملك فيصل ـ الدمام 15/08/1427هـ
hsaleh_sa@yahoo.com
عندما انهارت السوق وبدأت أموال المستثمرين في التبخر والتلاشي وأدرك الناس أنهم كانوا يعيشون خدعة كبيرة, وبالتالي عليهم أن يتحملوا نتائج مغامرة الدخول في لعبة كان يحركها ويبرمج نتائجها مجموعة من الكبار والهوامير غايتهم الكبرى, وهمهم الرئيسي أن تتضخم أموالهم وتتنامى ثرواتهم من خلال امتصاص ما ادخرته تلك الشريحة الواسعة من المساهمين الصغار الذين كانوا ينظرون إلى الأسهم على أنها فرصتهم للاستفادة من هذا الانتعاش الاقتصادي الذي تشهده المملكة في الوقت الحاضر, وبعد أن وصل المؤشر إلى ما دون القاع متجاوزا كل المستويات التي تمنى الجميع بمن فيهم المحللون وخبراء السوق أن يقف عندها ليعطي لضحاياه فرصة لالتقاط أنفاسهم واستيعاب خسائرهم وترتيب حساباتهم, ولكن كان إلى السوق كلمتها وقولها الفصل في تحطيم هذه الأماني ودخول المؤشر في دائرة دون العشرة آلاف نقطة, مما أوجد حالة من اليأس من أن تعود للسوق حركتها التصاعدية, وبالتالي خرج من خرج إما بقرار من نفسه تفاديا للوقوع في خسائر أكبر وإما أنه خرج بقرار من غيره بعد أن فقد كل ما يملك أو دونه أو فوقه بقليل أو كثير. وبعدها وجدنا السوق تنتعش وتأخذ مسارا تصاعديا وكان وراء هذا الانتعاش شركات قيادية وأسهم البنوك التي واصلت تحقيق أرباح ممتازة ونتائج مالية إيجابية جيدة, ولكن سرعان ما عاودت السوق انحدارها بعد أن ثارت شكوك هنا وهناك في قدرة البنوك على مواصلة تحقيق مثل هذه النتائج الإيجابية في مرحلة ما بعد انهيار السوق, وفي ظل التوجهات التي تدعو إلى حرمان البنوك من عملية القيام بالبيع والشراء للأسهم وإناطة هذا الأمر بمكاتب وشركات مالية متخصصة. ولا ننسى دور الدولة وجملة الإجراءات والتنظيمات التي أخذت بها هيئة السوق التي كان لها الأثر الإيجابي في إعادة شيء من الثقة والاطمئنان إلى المساهمين, ما شجع البعض منهم على عدم التسرع في الخروج من السوق وتشجيع من خرج منهم على العودة إلى السوق, ولكن وجدنا أنه سرعان ما تلاشى هذا الأثر الإيجابي, وهذا يؤكد لنا مرة أخرى أهمية أن السوق في حاجة إلى إصلاحات حقيقية وجذرية, وأن المعالجة المؤقتة أو الشكلية للمشاكل الأهم التي تعانيها السوق مثل المصداقية المالية للشركات وتنظيم أجواء المضاربة غير المنضبطة في السوق ومعالجة تسرب المعلومات بطريقة غير نظامية, هي في الحقيقة تكريس لهذه المشاكل وتعميق هوة عدم الثقة بما يدور في السوق وبقدرة المؤسسات المختصة على ضبط أمور السوق, وهذا يعني أن السوق في كل مرة تدخل في دورة جديدة ستكون بالتأكيد نهايتها انهيارا جديدا وبضحايا أكثرهم جدد. وبعد ارتداد السوق بفعل العزوف والشك في مستقبل الشركات القيادية أتيحت الفرصة مرة أخرى للهوامير والمضاربين للدخول والمضاربة على الشركات الصغيرة التي البعض منها ليس فقط صغيرة بل إنها في الحقيقة هي أصغر مما نتصور ولا تستحق حتى أن تدرج في قائمة الشركات المساهمة التي لها الحق في تداول أسهمها بشكل عام. وبفعل المضاربات على أسهم هذه الشركات الصغيرة بدأنا نشهد تقلبات تعكس درجة وحدة المضاربة على مثل هذه الشركات ما جعل الكثير من المساهمين ينظرون بعين الشك إلى الأرقام التي يسجلها المؤشر وحتى إلى قيمة الأموال المتداولة يوميا في السوق, التي نراها في بعض الأحيان تصل إلى المستويات كنا نشهدها في عز توهج السوق في السنة الماضية وبداية السنة الحالية. إن النتيجة التي يمكن أن نستخلصها من واقع السوق هو أن السوق قد تجاوزت فعلا مرحلة الانهيار, وأن هناك عودة جيدة لثقة المساهمين للاستثمار في السوق ولكن هناك ما يمنع السوق من أن تنطلق بشكل مستدام وإيجابي من دون حدوث الكثير من التقلبات غير المبررة أو المراوحة غير المفهومة, خصوصا عندما تكون هناك أخبار اقتصادية جيدة ونتائج إيجابية للشركات المهمة والقيادية في السوق. صحيح أن هناك من العوامل غير الاقتصادية التي لها دور في تعطيل حركة السوق, ولكن يبقى النصيب الأكبر من هذا التعطيل في العادة إلى وجود تردد ونوع من الخوف والشك والريبة فيما يحدث في السوق من مضاربات ترتفع بقيم أسهم بعض الشركات الصغيرة وعلى شكل متواصل إلى مستويات غير منطقية. فهذا التورم وهذا النفخ غير الصحي في أسعار بعض الشركات الصغيرة له انعكاس سلبي على المناخ العام في السوق, ما يجعل هذه الشركات الصغيرة وغير المؤثرة بشكل كبير في مجمل قيمة السوق الكلية قادرة على إعاقة حركة الشركات الأكبر منها والأكثر قيمة منها وبالتالي تتأثر حركة السوق الكلية. وإلى جانب حالة التورم التي تشهدها أسهم بعض الشركات الصغيرة تأتي نظرة الشك والخوف من قدرة بعض الشركات القيادية مثل "سابك" وشركة الكهرباء وشركة الاتصالات على تأكيد حضورها المستقبلي ومواصلة ربحيتها في ظل ما يسمع هنا وهناك عن مشاكل حقيقية تعيشها هذه الشركات وما هو قادم من تحديات وأوضاع جديدة قد تجعل مثل هذه الشركات أقل جاذبية. و كل هذه المخاوف والشكوك تجاه هذه الشركات أدت إلى وجود حالة من العزوف أو الانتظار وعدم المبادرة للاستثمار فيها ما أفقد المؤشر طاقة حركية مهمة مما جعله يخضع صعودا أو هبوطا لما تقوله أو تراه الشركات الصغيرة. هناك ثلاثة محركات رئيسية تحاول أن تدفع بالسوق إلى الأمام وبشكل إيجابي ومطمئن, وهناك ثلاثة معوقات رئيسية نجحت في تعطيل انطلاقة السوق في الوقت الحاضر وستتحدد حركة السوق مستقبلا بفعل طبيعة التدافع بين هذه المحركات وهذه المعوقات, فدعونا نتحدث عن طبيعة كل من هذه المحركات والمعوقات باختصار:
1- ما زالت قوة الاقتصاد السعودي بفعل استمرار ارتفاع النفط تعتبر المحرك الرئيسي والأهم الذي يعول عليه في بقاء جاذبية وجدوى الاستثمار في سوق الأسهم. صحيح أن السوق اعتادت أو بالأحرى تألف مع مستوى السبعين دولارا للبرميل, ولكن هناك الكثير من المؤشرات الاقتصادية التي تؤكد أن الأسعار المستقبلية ستكون أعلى بكثير من الأسعار الحالية, وبالتالي هذا يعني المزيد من تدفق الأموال التي بالتأكيد سيكون للأسهم نصيب منها مما يدفع بالسوق نحو الأمام.
2- لم يمض عام على انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية, وبالتالي فالسنوات المقبلة ستشهد المزيد من تفاعل الاقتصاد السعودي مع الاقتصاد العالمي, وهذا بدوره يفتح الاقتصاد السعودي على المزيد من الفرص والاستثمارات الأجنبية مما يقوي حركة الاقتصاد المحلي ويزيد من فرص نمو الشركات المحلية, وكل هذه الظروف تضيف قوة إلى سوق الأسهم وتعزز من فرص انطلاقتها في المستقبل.
3- ينتظر أن توظف جزء كبير من مداخيل النفط المرتفعة لتمويل مشاريع استراتيجية ومشاريع تؤسس لبنية تحتية جديدة, لأن البنية التحتية السابقة التي أقيمت في ظل الطفرة النفطية الأولى إما قد استهلكت, ولم تعد تناسب ظروف الحياة الجديدة وإما بعضها قد أسس بشكل متعجل ومن دون مراعاة للمواصفات الفنية المطلوبة, وبالتالي أصبح من الضروري استبدالها, وهذا يعني تنامي الشركات الحالية مع فرص كبيرة لبروز شركات جديدة, وبالتالي سيكون هناك أثر إيجابي في السوق لأن الإنفاق الحكومي في المملكة مازال يعتبر المحرك الأهم في الاقتصاد المحلي.
أما عن المعوقات التي عطلت من حركة السوق في الوقت الحاضر التي ببقائها واستمرارها ستتعمق مشكلة السوق في المستقبل ومع مرور الزمن تتآكل مصداقية السوق عند المواطن والمستثمر, وهذا يفقد الاقتصاد السعودي أداة استثمارية مهمة, وهذه خطيئة بحق الوطن والمواطن, أما الحديث عن هذه العوائق فباختصار:
1- استمرار أجواء المضاربات على الشركات الصغيرة التي في معظمها شركات خاسرة والبعض منها مشكوك حتى في وجودها الفعلي والعملي يفقد الثقة بالسوق عند الأفراد والأطراف التي تريد فعلا أن تستثمر في السوق السعودية. هذا التورم في أسعار بعض الشركات تورم سرطاني سيفتك بالسوق عاجلا أم أجلا وإن نجح بعض المعالجات في التصدي لمثل هذه الحالة مؤقتا فإن النهاية ستكون حتما لغير صالح السوق إذا ما استمرت هذه الحالة, لأن الثقة عند المستثمر هي الأساس ومن دونها لتكن العملية كلها أي شيء إلا أنها اقتصاد واستثمار.
2- استبشر الكثير من الناس بالإجراءات التي وضعت من أجل جعل السوق أكثر شفافية وأكثر عدالة في تبادل المعلومات ولكن ما زال هناك إحساس بأن هذه الإجراءات كانت محدودة الأثر في الواقع. فعلى هيئة السوق وكل الجهات ذات العلاقة بتنظيم حركة السوق أن تسعى جاهدة إلى اكتساب ثقة المستثمر وأن تحافظ على هذه الثقة, وذلك من خلال تأكيد تطبيق الإجراءات وإشعار المستثمر بالجدية في محاولاتها لتطبيق ما أخذت به من قوانين وأنظمة.
3- عدم الاطمئنان أو عدم الوضوح بمستقبل الشركات القيادية والبنوك يشكل عائق لا بد من تجاوزه إذا ما أريد للسوق أن تعاود من انطلاقتها. فالبنوك لم تعمل ولم تقم بما يطمئن المستثمر من أنها قادرة على المنافسة عندما تفتح السوق السعودية للبنوك الأجنبية لفتح فروع لها في المملكة, ولم تطور هذه البنوك من أدواتها الاستثمارية بشكل يجعلها أكثر جاذبية للاستثمار. أما الشركات القيادية الأخرى, وبالأخص منها شركة سابك, فهناك ضبابية حول قوتها المستقبلية, وأما شركة الاتصالات فعلى قوتها الحالية هناك خوف عليها مستقبلا في ظل قدوم شركات جديدة في مجال الاتصالات. أما شركة الكهرباء فهي شركة مريضة في الوقت الحاضر وبمرضها تتألم السوق وهذا لا يساعد السوق على النهوض, ولعل الشركة في حاجة إلى رؤية جديدة تنتشلها من أزمتها الحالية وتنطلق بها إلى آفاق أرحب, ولقد أشرنا في مقالات سابقة إلى أن على شركة الكهرباء أن تتحول إلى شركة طاقة لتنوع من أعمالها وخدماتها, وبالتالي سيكون لها مستقبل أفضل.
ختاما يمكن القول إن هناك مستقبلا واعدا للسوق بشرط أن نحسن توظيف مكامن القوة في السوق, فالاقتصاد يفترض أن تكون له مساهمة بفضل انتعاشه, وانفتاح السوق للمزيد من الاستثمارات إضافة إيجابية تعزز من الثقة بالسوق, ولكن عندما نترك السوق تتخبط تحت ضربات المضاربة وغياب الشفافية والتناقل غير السليم للمعلومات فإننا بذلك نخاطر بمستقبل السوق ونفوت علينا هذه الفرصة الواعدة التي كغيرها من الفرص الثمينة ربما لا تكرر من نفسها ولا تعود لنا مرة أخرى.
تعليقات الزوار
15/08/1427هـ ساعة 2:37 مساءً (السعودية)
ان عوامل عدم الثقه فى السوق هو موافقه هيئه سوق المال على الاكتتابات الجديده التى تطرح بعموله اصدار لا حق فيها فى بيع اسهم الاكتتابات باسعار غير مستحقه مثل شركه البحر الاحمر و سبكيم فكلاهما من دراسه القوائم الماليه يتضح انهما رفعتا راس المال فى 2005 بغرض البيع للاكتتاب العام مقدار 30 % لتعود على المؤسسين ب 100% واكثر من راس مال الشركه علما ان الزياده فى راس المال لم تحقق من الارباح بعد التى توجب عموله الاصدار ... ملاحظة ل المسؤلين فى هيئه سوق المال