المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طاقة السوق الاستيعابية .. جدوى الاستثمار في الاكتتابات المقبلة



شمعة الحب
08-09-2006, 05:17 PM
طاقة السوق الاستيعابية .. جدوى الاستثمار في الاكتتابات المقبلة
محمد بن ناصر الجديد - كلية الاقتصاد والإدارة، جامعة أدنبرة - المملكة المتحدة 15/08/1427هـ
mjadeed@hotmail.com

على الرغم من زيادة عدد الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية خلال هذا العام على الأعوام الماضية، إلا أن الاستمرار في طرح جزء قليل من أسهم هذه الشركات للاكتتاب العام يثير تساؤلات حول أدائها المستقبلي، والانعكاسات على نمو الطاقة الاستيعابية لسوق الأسهم السعودية على المدى المتوسط (ثلاثة إلى خمسة أعوام).
لا يمكن الإجابة عن هذه التساؤلات دون الاستناد إلى دراسة علمية من واقع السوق. وبسبب عدم وجود دراسة علمية من هذا النوع حيث لم تمر فترة كافية منذ طرح شركة الاتصالات في 2003 حتى اليوم، فإنه من الأهمية بمكان البحث في أدبيات العلوم المالية المهتمة بالطرح الأولي عن دراسة علمية مشابهة في الشكل والمضمون لسوق الأسهم السعودية.
إحدى الدراسات العلمية الجديرة بالقراءة السريعة دراسة نشرت خلال عام 2004 في مجلة "تمويل الشركات"The Journal of Corporate Finance، بعنوان "الملكية والأداء التشغيلي في سوق ناشئة: شواهد من شركات الطرح الأولي التايلاندية".
هناك سببان دعما اختيار هذه الدراسة دون غيرها من دراسات الطرح الأولي لمقارنتها بسوق الأسهم السعودية. الأول أن الدراسة أجريت في سوق مالية ناشئة (سوق الأسهم التايلاندية) تتشابه ظروفها الاقتصادية مع ظروف سوق الأسهم السعودية. والثاني أن مجموعة كارليل الاستثمارية وضعت السوق التايلاندية في مجموعة السوق السعودية نفسها من ناحية الجاهزية الاستثمارية.
هدفت الدراسة إلى التعرف على أداء الشركات المدرجة في الأسواق المالية الناشئة بعد مرور ثلاثة أعوام على إدراجها عن طريق دراسة أداء 133 شركة تايلاندية أدرجت في السوق المالية التايلاندية، والعلاقة بين تحسن، أو تواضع، الأداء مع نسبة أسهم الشركة المخصصة للاكتتاب العام.
حددت الدراسة ثلاثة عوامل لقياس الأداء: العلاقة بين ملكية الشركة وإدارتها، مقومات تاريخ الشركة الاقتصادي، ونسبة التمويل إلى مجموع الالتزامات المالية.
اعتمدت الدراسة على أربعة أنواع من المعلومات: تكلفة الإدراج، القيمة السوقية، ربحية الشركة لفترة ثلاثة أعوام قبل وبعد الإدراج، واستمرار الملاك الأساسيين للشركة المدرجة في إدارتها بعد الإدراج.
قبيل مناقشة النتائج التي توصلت إليها الدراسة، فإنه من الأهمية بمكان الأخذ بعين الاعتبار ثلاثة أمور مهمة عند مقارنة نتائج الدراسة بالظروف الاقتصادية الحالية لسوق الأسهم السعودية.
الأول أن عينة الدراسة (133 شركة) أدرجت خلال الفترة من 1987م إلى 1993م. والثاني، أن الدراسة أجريت قبل حدوث أزمة الأسواق الآسيوية. والثالث، أن أداء الشركات قيس بناء على نسبتين: عوائد التشغيل إلى مجموع الأصول والتدفقات التشغيلية النقدية إلى مجموع الأصول.
توصلت الدراسة إلى أربع نتائج مهمة تشكل في مجملها إجابة شمولية عن التساؤلات حول الأداء المستقبلي للشركات المدرجة في الأسواق المالية الناشئة، وانعكاسات هذا الأداء على نمو الطاقة الاستيعابية للأسواق المالية الناشئة على المدى المتوسط (ثلاثة إلى خمسة أعوام).
النتائج كما يلي:
1. يتواضع أداء الشركات المدرجة (القائمة والجديدة) بعد مرور ثلاثة أعوام من طرح أسهمها.
2. يتحسن أداء الشركات القائمة بدرجة أفضل من تحسن أداء الشركات الجديدة بعد مرور ثلاثة أعوام من طرح أسهمها.
3. يتناسب أداء الشركات المدرجة خلال الأعوام الثلاثة التي تلي طرح أسهمها تناسبا طرديا مع حجم التمويل الحاصلة عليه الشركة، عطفا على العلاقة الطردية بين نسبة التمويل ومستوى تدفقات التشغيل النقدية.
4. وهي الأهم، هناك علاقة بين نسبة الأسهم المطروحة للاكتتاب العام وأداء الشركات المدرجة بعد مرور ثلاثة أعوام من طرح أسهمها.
فالشركات التي تراوح نسبة طرح أسهمها للاكتتاب العام إما بين 1 و31 في المائة، وإما بين 71 و100 في المائة، يتحسن أداؤها تدريجيا خلال الأعوام الثلاثة التي تلي الاكتتاب. والشركات التي تراوح نسبة طرح أسهمها للاكتتاب العام بين 31 و71 في المائة يتواضع أداؤها تدريجيا خلال الأعوام الثلاثة التي تلي الاكتتاب.
تسمى هذه النسب في أدبيات العلوم المالية المهتمة بدراسات الطرح الأولي بنقاط التحول أو اللاعودة turning points. وهي نسبة أسهم الشركة المطروحة للاكتتاب العام التي تدعم نمو أداء الشركة خلال الفترة التي تلي الاكتتاب.
على سبيل المثال، تشير بعض الدراسات إلى أن نقاط التحول أو اللاعودة للشركات الأمريكية المدرجة في بورصة نيويورك تراوح بين 5 و25 في المائة، والشركات البريطانية المدرجة في بورصة لندن تراوح بين 16 و42 في المائة.
عندما ننظر إلى واقع سوق الأسهم السعودية من منظور نتائج هذه الدراسة، فإنه من الممكن وضع اللمسات الأولية للإجابة عن التساؤلات حول الأداء المستقبلي للشركات المدرجة أخيرا، وعلاقة الأداء بنسبة الأسهم القليلة المطروحة، وانعكاسات هذا الأداء على نمو الطاقة الاستيعابية للسوق على المدى المتوسط (3-5 أعوام).
فقائمة إدراج الشركات لهذا العام أكملت طرح أسهم الدريس، الأبحاث والتسويق، صناعة الورق، إعمار المدينة، وأخيرا وليس آخرا، البحر الأحمر. والقائمة مستمرة بقرب طرح سبكيم، والحكيـر. لم تتضح الرؤية بعد حول شمول قائمة إدراج الشركات لهذا العام أسهم مصرف الإنماء ومدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية من عدمه.
تدعم نتائج الدراسة وجهة نظر فريق من المؤيدين لاستمرار الملاك الأساسيين في الاستحواذ على النصيب الأكبر (1-71 في المائة) من أسهم الشركة المدرجة كعامل محفز للاستمرار في العمل بكل إخلاص لإنجاح الشركة في الفترة المقبلة.
كما تدعم هذه النتائج أيضا وجهة نظر مغايرة لفريق آخر من المؤيدين لطرح النصيب الأكبر (1-71 في المائة) من أسهم الشركة المدرجة للاكتتاب العام لتوسيع قاعدة الملكية، وفتح المجال لملاك جدد لقيادة توجه الشركة في الفترة المقبلة.
يرمي التباين في وجهات النظر بين كلا الفريقين بظلاله على سوق الأسهم السعودية، مؤثرا بذلك في القرارات الاستثمارية للمستثمرين، خاصة الصغار منهم. وبالتالي فإنه من الأهمية بمكان تقليص هذا التباين عن طريق البدء في إجراء دراسات على أداء الشركات السعودية التي أدرجت خلال الأعوام الأربعة الماضية بهدف تحديد نقاط التحول أو اللاعودة للشركات المدرجة.
فمعرفة هذه النقاط، ونشرها لأعضاء السوق، خاصة شريحة صغار المستثمرين، ستدعم ليس قراراتهم في الاستثمار من عدمه في الشركات التي ستدرج في الفترة المقبلة فحسب، وإنما في السيطرة على الطاقة الاستيعابية لسوق الأسهم السعودية بما يحقق استدامة نموها.