المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النهي عن الغضب في السنة النبوية



امـ حمد
25-07-2015, 03:28 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
النهي عن الغضب في السنة النبوية
عن أبي هريرة رضي الله عنه،أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم،أوصني قال(لا تغضب،فردد مراراً،قال،لا تغضب) رواه البخاري،
الغضب نزغة من نزغات الشيطان،يقع بسببه من السيئات والمصائب مالا يعلمه إلا الله،
وبهذه الكلمة الموجزة،يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى خطر هذا الخلق الذميم ، فالغضب جماع الشر،ومصدر كل بليّة ، فكم مُزّقت به من صلات،وقُطعت به من أرحام ،وأُشعلت به نار العداوات،وارتُكبت بسببه العديد من التصرفات التي يندم عليها صاحبها ساعة لا ينفع الندم،
إنه غليان في القلب،وهيجان في المشاعر ، يسري في النفس،فترى صاحبه محمر الوجه،تقدح عينيه الشرر ، فبعد أن كان هادئا متزناً،إذا به يتحول إلى كائن آخر يختلف كلية عن تلك الصورة الهادئة،كالبركان الثائر الذي يقذف حممه على كل أحد،
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من دعاء(اللهم إني أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا )رواه أحمد،
فإن الغضب إذا اعترى العبد،فإنه قد يمنعه من قول الحق أو قبوله ،وقد شدّد السلف الصالح رضوان الله عليهم في التحذير من هذا الخلق المشين،فها هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول،أول الغضب جنون وآخره ندم،
وأُثر عن أحد الحكماء أنه قال لابنه،يا بني،لا يثبت العقل عند الغضب،فأقل الناس غضباً أعقلهم،
وقال آخر،ما تكلمت في غضبي قط بما أندم عليه إذا رضيت،
ومن الصفات التي امتدح الله بها عباده المؤمنين في كتابه ، ما جاء في قوله تعالى(الذين ينفقون في السراء والضراء،والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين) آل عمران،
فهذه الآية تشير إلى أن الناس ينقسمون إلى ثلاثة مراتب،
فمنهم من يكظم غيظه،ويوقفه عند حده،
ومنهم من يعفوا عمن أساء إليه،
ومنهم من يرتقي به سمو خلقه إلى أن يقابل إساءة الغير بالإحسان إليه،
ومن الوسائل التي تحد من الغضب،وتعين العبد على التحكم بنفسه
اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء،فالنفوس بيد الله تعالى، وهو المعين على تزكيتها،يقول الله تعالى(وقال ربكم ادعوني أستجب لكم)غافر،
والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم،فهو الذي يوقد جمرة الغضب في القلب،يقول الله تعالى(وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله)فصلت،
عن سليمان بن صرد قال،كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم،ورجلان يستبّان،فأحدهما احمر وجهه واتفخت أوداجه ( عروق من العنق )فقال النبي صلى الله عليه وسلم،إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد،لو قال أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد)رواه البخاري،ومسلم،
،وعلى الغاضب أن يكثر من ذكر الله تعالى والاستغفار،فإن ذلك يعينه على طمأنينة القلب وذهاب فورة الغضب،
التطلع إلى ما عند الله تعالى من الأجور العظيمة التي أعدها لمن كظم غيظه،
فمن ذلك ما رواه أبو داود،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال( من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه ، دعاه الله تبارك وتعالى على رؤوس الخلائق ، حتى يخيره من أي الحور شاء )
والإمساك عن الكلام،ويغير من هيئته التي عليها،بأن يقعد إذا كان واقفاً،ويضطجع إذا كان جالساً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم(إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس،فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع )رواه أبو داود،
الابتعاد عن كل ما ما يسبب الغضب،والتفكر فيما يؤدي إليه،وتدريب النفس على الهدوء والسكينة في معالجة القضايا والمشاكل ، في شتى شؤون الدنيا والدين،
السكوت،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( إذا غضب أحدكم فليسكت )رواه أحمد،
وذلك أن الغضبان يخرج عن طوره وشعوره غالباً فيتلفظ بكلمات قد يكون فيها كفر والعياذ بالله أو لعن أو طلاق يهدم بيته،أو سب وشتم،يجلب له عداوة الآخرين،
فالسكوت هو الحل لتلافي كل ذلك،
وكان أبو ذر قائماً فجلس ثم اضطجع فقيل له،يا أبا ذر لم جلست ثم اضطجعت،قال،فقال،إن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وذكر الحديث بقصته في مسند أحمد،
وفي رواية،كان أبو ذر يسقي على حوض فأغضبه رجل فقعد
ومن فوائد هذا التوجيه النبوي منع الغاضب من التصرفات الهوجاء
لأنه قد يضرب أو يؤذي بل قد يقتل،ولأجل ذلك إذا قعد كان أبعد عن الهيجان والثوران،وإذا اضطجع صار أبعد ما يمكن عن التصرفات الطائشة والأفعال المؤذية،
فيشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم(إنما أمره بالقعود والاضطجاع لئلا يبدر منه في حال قيامه وقعوده بادرة يندم عليها فيما بعد)سنن أبي داود ،
(لا تغضب ولك الجنة) حديث صحيح،رواه الطبراني ،
إن تذكر ما أعد الله للمتقين الذين يتجنبون أسباب الغضب ويجاهدون أنفسهم في كبته ورده، لهو من أعظم ما يعين على إطفاء نار الغضب،ومما ورد من الأجر العظيم في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم(ومن كظم غيظاً،ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة) رواه الطبراني،
والتأسي بهديه صلى الله عليه وسلم،في الغضب،وهذه السمة من أخلاقه صلى الله عليه وسلم،وهو أسوتنا وقدوتنا،
عن أنس رضي الله عنه قال(كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم،وعليه بُرد نجراني غليظ الحاشية،فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة،فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم(ما بين العنق والكتف ) وقد أثرت بها حاشية البرد،ثم قال،يا محمد مُر لي من مال الله الذي عندك،فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم،فضحك،ثم أمر له بعطاء) متفق عليه،
ومن التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم،أن نجعل غضبنا لله،وإذا انتهكت محارم الله،وهذا هو الغضب المحمود،
فقد غضب صلى الله عليه وسلم،لما أخبروه عن الإمام الذي يُنفر الناس من الصلاة بطول قراءته،
وغضب لما رأى في بيت عائشة ستراً فيه صور ذوات أرواح، وغضب لما كلمه أسامة في شأن المخزومية التي سرقت،وقال(أتشفع في حد من حدود الله)فكان غضبه صلى الله عليه وسلم لله وفي الله،
من مساوئ الغضب،الإضرار بالنفس والآخرين ، فينطلق اللسان بالشتم والسب والفحش وتنطلق اليد بالبطش بغير حساب،وقد يصل الأمر إلى القتل ،
وقد يحصل أدنى من هذا فيكسر ويجرح،فربما مزق ثوبه ،وقد يكسر الأواني ويحطم المتاع،
ومن أعظم الأمور السيئة التي تنتج عن الغضب وتسبب الويلات الاجتماعية وانفصام عرى الأسرة وتحطم كيانها،هو الطلاق في لحظة غضب،
فينتج عن ذلك تشريد الأولاد ، والندم والخيبة ، والعيش المرّ ، وكله بسبب الغضب . ولو أنهم ذكروا الله ورجعوا إلى أنفسهم ، وكظموا غيظهم واستعاذوا بالله من الشيطان ما وقع الذي وقع ولكن مخالفة الشريعة لا تنتج إلا الخسارة،
وما يحدث من الأضرار الجسدية بسبب الغضب،كتجلّط الدم ، وارتفاع الضغط ، وزيادة ضربات القلب ، وتسارع معدل التنفس ، وهذا قد يؤدي إلى سكته مميتة أو مرض السكري وغيره ،
تأمل الغاضب نفسه لحظة الغضب،أن ينظر إلى صورته في المرآة حين غضبه لكره نفسه ومنظره ، فلو رأى تغير لونه وشدة رعدته ، وارتجاف أطرافه ، وتغير خلقته ، وانقلاب سحنته،واحمرار وجهه،وجحوظ عينيه وخروج حركاته عن الترتيب وأنه يتصرف مثل المجانين لأنف من نفسه،واشمأز من هيئته،
فما أفرح الشيطان بشخص هذا حاله،
الدعاء،سلاح المؤمن دائماً يطلب من ربه أن يخلصه من الشرور والآفات والأخلاق الرديئة ، ويتعوذ بالله أن يتردى في هاوية الكفر أو الظلم بسبب الغضب،
اللهم أسألك كلمة الإخلاص في الرضا والغضب،والقصد في الفقر والغنى وأسألك نعيماً لا ينفد،وقرة عين لا تنقطع،وأسألك الرضا بعد القضاء،
اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين.

الحسيمqtr
27-07-2015, 01:05 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
27-07-2015, 04:30 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك أخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس