المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير



امـ حمد
01-08-2015, 05:19 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير
أدب السلف في النصيحة،إن من أخلاق المؤمنين محبة بعضهم لبعض(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)أخرجه البخاري،ومسلم،من حديث أنس رضي الله عنه،
وتقتضي النصيحةَ والإخلاص لها(وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ)التوبة،
أن المؤمن مرآة لأخيه المؤمن،إن رأى خيراً شجَّعه على الخير، ورغَّبه فيه، وحثه على الاستمرار عليه،وإن رأى خللاً، إن رأى خطأً،فإنه يسعى في تسديد أخيه المسلم،
فبذلُ النصيحة لإخوانك المسلمين أفراداً وجماعة دال على إيمانك وحبك الخير لإخوانك المؤمنين، وبذل النصيحة للمؤمنين أخلاق أنبياء الله عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام،
هذا هود عليه السلام يقول لقومه (وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ )الأعراف،
وهذا صالح عليه السلام يقول لقومه(وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ ٱلنَّـٰصِحِينَ)الأعراف،
ومحمد أعظم خلق الله نصحاً لأمته لكمال شفقته ورحمته بهم قال تعالى عنه( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ )التوبة،
وهو القائل،ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم)أخرجه مسلم،عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه،
مقتضى المحبة الإيمانية والأخوة،أن تبذل النصيحة لأخيك،عندما ترى مخالفةً ويقع نظرك على خطأ إنقاذاً له من عذاب الله، وأخذاً بيده لما فيه صلاح دينه ودنياه،
هذه النصيحة تحتاج إلى ضوابط لتكون نصيحة مؤثرة،نافعة،تؤدي الغرض منها،
إخلاصك في نصيحتك، فالحامل على النصيحة إخلاصٌ لله، ثم لأخيك المسلم، ليست نصيحتك رياءً وسمعة، ولا افتخاراً بها، ولا استطالة على الخلق،ولا أن يكون لك رفعة ومكانة، ولكنها نابعة من قلب صادق محب للخير،
والمخلصون في نصيحتهم هم الذين يضعون النصيحة موضعها،لا يتحدثون بها،ولا يفتخرون بها، ولكنها سرٌ وأمانة بينهم وبين من ينصحون له،لأن هدفهم وغايتهم صلاح أخيهم المسلم، واستقامة حاله، وحماية عرضه،وليس هدفهم الاستطالة والترفع على الناس،
ولا بد أن يكون هذا الناصح عالماً بما ينصح، فكم من متصوِّر للخطأ أنه صواب فيدعو إلى غير هدى، وينصح بلا علم، فربما أفسد أكثر مما يريد أن يصلح،ويعلم كيف يخلص أخاه المسلم من تلك الهلكة،
ولا بد أن يكون الناصح بعيداً عن التشهير والتعيير والشماتة بالمخالف، فإن المعيِّر للناس الشامت بهم الفَرِح بعوراتهم المتطلع إلى عيوبهم الحريصَ على أن يرى العيب والخطأ،فهذا ليس بناصح ولكنه مسيء وضاره،
وهذا النوع من الناس لا يوفقون للخير،لأنهم لم يقصدوا الخير أصلاً،وإنما اتخذوا الدين والخير وسيلةً للنيل ممن يريدون النيلَ منه. ولهذا ترى هذا الشامت وهذا الفَرِح بالعيوب والنقائص ينصح علانية، ويُظهر الأمر أمام الملأ لكي يَحُطَّ من قدر من يظن أنه ينصحه، ولكي يُطْلع الناس على عيوب خفيَت عن الآخرين، فيكون بذلك مسيئاً لا مصيباً، ومفسداً لا مصلحاً، وفاضحاً لا ساتراً،ولهذا يُروى(لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك)رواه الترمذي،
لأن هدفك الوصول إلى الحق، وإنقاذ المسلم مما هو واقع فيه من الخطأ،
فكن لله ناصحاً، وكن لعباد الله ناصحاً، نصيحةً تنبع من قلب مليء بالرحمة والمحبة والشفقة وحسن القصد، لا عن خيانة وغش واستطالة وترفُّع على الناس،
إنما على المسلم أن ينصح لله الأفراد والجماعة،أن الأدب في النصيحة والإخلاص فيها وكتمانها وإيصالها إلى المنصوح بالطرق الجيدة، أن ذلك يترك أثراً عظيماً، أما الشماتة بالناس، ونشر عيوبهم، والتحدث عن أخطائهم،فهذا الدرب من الناس لا همّ لهم إلا تجريح الناس، والنيل منهم، فعياذاً بالله من حالة السوء،
أما المؤمن فهو بخلاف ذلك، وليٌّ لأخيه، يحب له ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه،
قال يحيى بن معين رحمه الله تعالى،ما رأيت على رجل خطأً إلا سترته ، وأحببتُ أن أزين أمره،وما استقبلتُ رجلاً في وجهه بأمر يكرهه،ولكن أبين له خطأه فيما بيني وبينه، فإن قبل ذلك وإلاَّ تركته،
وقال الشافعي،من وعظ أخاه سراً فقد نصحه وزانه ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه،
وقيل لمسعر،أتحب من يخبرك بعيوبك،فقال،إن نصحني فيما بيني وبينه فنعم،وإن قرعني بين الملأ فلا ،
وهذا حق،فإن النصح في السر حب،والنصح في العلن انتقاص وفضيحة،
وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى
(تعمدني بنصحك في انِفرادي،،،،وجنبني النصيحة في الجماعه
فإن النصح بين الناس نوع،،،،من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي،،،،فلا تجزع إذا لم تعط طاعه
وقال رجل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أمام الناس،يا أمير المؤمنين،إنك أخطأت في كذا وكذا، وأنصحك بكذا وبكذا،فقال له علي رضي الله عنه،إذا نصحتني فانصحني بيني وبينك،فإني لا آمن عليكم ولا على نفسي حين تنصحني علناً بين الناس،
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله،وكان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد،وعظوه سراً،
حتى قال بعضهم،من وعظ أخاه فيما بينه وبينه، فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه،
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله،ما ادرك عندنا من ادرك بكثرة الصلاة والصيام وانما ادرك عندنا بسخاء الانفس وسلامة الصدور والنصح للامه،
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله،المؤمن يستر وينصح،والفاجر يهتك ويعير،
ويقول الإمام أبو حاتم بن حبان رحمه الله تعالى،النصيحة تجب على الناس كافة، ولكن ابداءها لا يجب إلا سراً، لأن من وعظ أخاه علانية فقد شانه، ومن وعظه سراً فقد زانه، فإبلاغ المجهود للمسلم فيما يزين أخاه أحرى من القصد فيما يشينه،
وقال خير الاخوان اشدهم مبالغه في النصيحه،كما ان خير الاعمال احمدها عاقبه واحسنها اخلاصاً،
ويقول بن أبي داود رحمه الله،كان من كان قبلكم إذا رأى الرجل من أخيه شيئاً يأمره في رفق،فيؤجر في أمره ونهيه، وإن أحد هؤلاء يخرق بصاحبه، فيستغضب أخاه، ويهتك ستره،
ويقول أيضاً،فإن خشنت كلامك في النصيحة فذلك إغراء وتنفير،وقد قال الله تعالى(فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً)طه،
وقال رسول الله،صلى الله عليه وسلم(يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا )متفق عليه،
ويقول الخليفة عمر بن عبد العزيز،من وصل أخاه بنصيحه له في دينه، ونظرله في صلاح دنياه، فقد أحسن صلته،وأدى واجب حقه.

الحسيمqtr
02-08-2015, 04:02 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
02-08-2015, 04:06 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس