امـ حمد
15-08-2015, 06:04 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من امراض القلوب،الحقد والحسد
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية،رحمه الله،الحسد من أمراض القلوب, وما خلا جسد من حسد,ولكن اللئيم يبديه والكريم يخفيه،
اعلم أنه لا يتصف بهذه الخصلة الذميمة إلا ذوو النفوس الضعيفة,فإن الحسد مرض من أمراض القلوب التي لا يسلم منها إلا من سلَّمه الله تعالى ووفقه، والقلب الذي يكون فيه داء الحسد هو قلب مريض، وإذا كان القلب سالماً من الحسد ومن سائر الأمراض القلبية الأخرى كالكبر والغرور وحب الشهوات المحرمة ونحو ذلك، كان هذا القلب هو القلب السليم الذي مدحه الله تعالى بقوله(يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ،إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)الشعراء،
فالقلب السليم،هو القلب الصحيح الذي سلم من أمراض الشهوات المحرمة،ومن أمراض الشبهات والشكوك في دين الله تعالى،
وأما القلب المريض،فقد ذكره الله تعالى بقوله(فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ)الأحزاب،أي،مرض الشهوة المحرمة،
وذكره في موضع آخر بقوله تعالى(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا)البقرة،أي،مرض الشبهات والشكوك في الدين،ثم ذكر تعالى، الدواء الشافي من جميع أمراض القلوب والتي من أخطرها وأضرها داء الحسد،
أن السبب الأول في وقوع الحسد من الإنسان هو بُعده عن الله تعالى، فإن القلب القريب من الله تعالى يكون قلباً صحيحاً سليماً، ومتى أبتعد العبد من ربه صار القلب مريضاً بسبب هذا البعد، فتحصل له هذه الأمراض والتي منها الحسد المذموم،فإن الحسد ينشأ من حب النفس، وكراهية الخير للآخرين،
كمن سمع بأن أحد الناس أصابته نعمة ما فيحصل له ضيق في صدره بسبب أنه لم يؤت هذه النعمة ثم ينتقل بعد ذلك إلى تمني زوال هذه النعمة عن هذا الرجل ويكره حصولها له فيقع في هذا المرض المذموم الذي ذمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم،
ومن أسباب الحسد،
قلة التقوى،فإن العبد التقي يعلم أن الله تعالى يقسم الأرزاق كيفما شاء ويعطي من يشاء من عباده برحمته وحكمته البالغة، فيحصل له الرضا والقناعة بما قسم الله له، ويعلم أن حسده لأخيه المسلم من المحرمات فيكفّ نفسه عن الحسد، ولو وجد شيئاً من الضيق في صدره فإنه لا يضره ذلك، طالما أنه يجاهد نفسه في دفع حسده عن الناس،
والغيرة من الأصحاب والأقارب،فبسبب الغيرة المذمومة،يقع الإنسان في الحسد المحرم،من الناس بعضهم لبعض،
الحقد على بعض الناس،كمن يكره رجلاً ما سواء كان قريباً أو جاراً أو نحو ذلك، فبسبب كراهيته لهذا الرجل يحسده على ما آتاه الله من النعمة، لاسيما إذا كان هو محروماً منها،
والكبر والعجب،فبسبب الكبر يقع الحسد،بل إن إبليس عندما كفر بالله واستكبر عن السجود لآدم عليه السلام كان منشأ كفره واستكباره هو أنه حسد آدم على هذه المنزلة العظيمة التي وهبه الله إياها، فاستكبر عن السجود حسداً لآدم عليه السلام،كما قال تعالى(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ،قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)ص،
والجهل بحكمة الله وشرعه في توزيع الأرزاق وقسمتها بين الخلق،ترجع إلى،قلة التقوى،أو انعدامها، ولذلك كان القلب المعمور بتقوى الله أبعد القلوب عن الحسد وعن هذه الأمراض الرديَّة المذمومة جميعها، فكلَّما كان العبد تقياً كان أبعد عن الحسد،
طريق التخلص من الحسد
الاستعانة بالله،والتوكل عليه في الشفاء من هذا المرض المذموم،كما قال تعالى(وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ)المائدة،
التعرف على حقيقة الحسد،وأنه خلق مذموم، وذنب عظيم، ومعصية توجب التوبة إلى الله والإنابة إليه من هذا الذنب، بل إن الحسد في الحقيقة هو اعتراض على حكم الله،
لأن الحاسد إنما يكره أن يُصيب الخير غيره،ويتمنى زوالها،كما قال تعالى(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)النساء،
أن يعلم العبد أن الحسد نوع من الظلم،بل هو ظلم بالغ شديد، فإن الحسد ظلم للنفس وظلم للمحسود بإدخال الضرر عليه، بل إن الحسد نقص في الإيمان،ومن المعلوم أن الحاسد يبغض حصول النعمة لأخيه،أن الحسد نوع من الظلم،كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم،أنه قال(اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)
هذا بالإضافة إلى ما يصيب الحاسد نفسه من الهم والغم والعذاب بسبب حسده الناس، فإن الحاسد أول ما يؤذي فإنه يؤذي نفسه، لكثرة ما يصيبه من الألم والضيق عند حصول النعم لعباد الله، مضموماً إلى ما يتعرض له من مَقت الله وغضبه وما قد يصيبه من العقوبات في الدين والدنيا، فإن الجزاء من جنس العمل،
والحسد هو تمني زوال النعمة ،عن قال أبو الليث يرحمه الله ،يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل حسده إلى المحسود،
أولها،غم لا ينقطع،
والثانية،مصيبة لا يؤجر عليها ،
والثالثة،مذمة لا يحمد عليها،
والرابعة،سخط الرب،
والخامسة، يغلق عنه باب التوفيق والعياذ بالله،
الإنسان إذا خاف أن يحسد مسلماً على نعمة فإنه يدعو له بالخير والبركة، كما ثبت عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال(إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليبرِّك عليه) أي فليدعو له بالبركة، وهذا السبب من أعظم حب الخير لهم وكراهية مضرتهم،
ومن المعلوم أن الذي ينفع الناس ويعينهم مأجور ،ويصير بهذه الإعانة محبوباً لله تعالى،فإن الإحسان إلى الخلق من أعظم ما يتقرب به إلى الله تعالى،وسلامة الصدر تجاههم، فإن من عرف عظم الأجر الذي قد أعده الله لمن اتصف بالإحسان إلى عباده، وعلم ما ينتظره من الكرامة في ذلك، سهل عليه حب الناس والحرص على الخير لهم ونفعهم بكل ما يقدر عليه،
ولتعلم أن الحسد من شر معاصي القلوب , ومعاصي القلوب وهي أشد إثماً من كثير من معاصي الجوارح فما أخبث داء الحسد،إنه ليعمي بصيرة الحاسد ويجعله كالهائم يمشي على غير هدى , فما يزال في سيره يتعثر,وفي ظلماته يتخبط ويتكسر،يتمنى لنفسه السعادة فيقيم بينه وبينها حجاباً مشقياً له من حسده الخبيث،وهكذا يقطع الحسد وشائج المودات وصلات القربات , ويفسد الصدقات , ويولد في الناس العداوات,ويفكك أفراد المجتمع ويباعد بين الجماعات،
نسأل الله أن يشرح صدورنا لكل ما يحبه ويرضاه،
اللهم طهر قلوبنا من الحسد واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من امراض القلوب،الحقد والحسد
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية،رحمه الله،الحسد من أمراض القلوب, وما خلا جسد من حسد,ولكن اللئيم يبديه والكريم يخفيه،
اعلم أنه لا يتصف بهذه الخصلة الذميمة إلا ذوو النفوس الضعيفة,فإن الحسد مرض من أمراض القلوب التي لا يسلم منها إلا من سلَّمه الله تعالى ووفقه، والقلب الذي يكون فيه داء الحسد هو قلب مريض، وإذا كان القلب سالماً من الحسد ومن سائر الأمراض القلبية الأخرى كالكبر والغرور وحب الشهوات المحرمة ونحو ذلك، كان هذا القلب هو القلب السليم الذي مدحه الله تعالى بقوله(يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ،إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)الشعراء،
فالقلب السليم،هو القلب الصحيح الذي سلم من أمراض الشهوات المحرمة،ومن أمراض الشبهات والشكوك في دين الله تعالى،
وأما القلب المريض،فقد ذكره الله تعالى بقوله(فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ)الأحزاب،أي،مرض الشهوة المحرمة،
وذكره في موضع آخر بقوله تعالى(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا)البقرة،أي،مرض الشبهات والشكوك في الدين،ثم ذكر تعالى، الدواء الشافي من جميع أمراض القلوب والتي من أخطرها وأضرها داء الحسد،
أن السبب الأول في وقوع الحسد من الإنسان هو بُعده عن الله تعالى، فإن القلب القريب من الله تعالى يكون قلباً صحيحاً سليماً، ومتى أبتعد العبد من ربه صار القلب مريضاً بسبب هذا البعد، فتحصل له هذه الأمراض والتي منها الحسد المذموم،فإن الحسد ينشأ من حب النفس، وكراهية الخير للآخرين،
كمن سمع بأن أحد الناس أصابته نعمة ما فيحصل له ضيق في صدره بسبب أنه لم يؤت هذه النعمة ثم ينتقل بعد ذلك إلى تمني زوال هذه النعمة عن هذا الرجل ويكره حصولها له فيقع في هذا المرض المذموم الذي ذمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم،
ومن أسباب الحسد،
قلة التقوى،فإن العبد التقي يعلم أن الله تعالى يقسم الأرزاق كيفما شاء ويعطي من يشاء من عباده برحمته وحكمته البالغة، فيحصل له الرضا والقناعة بما قسم الله له، ويعلم أن حسده لأخيه المسلم من المحرمات فيكفّ نفسه عن الحسد، ولو وجد شيئاً من الضيق في صدره فإنه لا يضره ذلك، طالما أنه يجاهد نفسه في دفع حسده عن الناس،
والغيرة من الأصحاب والأقارب،فبسبب الغيرة المذمومة،يقع الإنسان في الحسد المحرم،من الناس بعضهم لبعض،
الحقد على بعض الناس،كمن يكره رجلاً ما سواء كان قريباً أو جاراً أو نحو ذلك، فبسبب كراهيته لهذا الرجل يحسده على ما آتاه الله من النعمة، لاسيما إذا كان هو محروماً منها،
والكبر والعجب،فبسبب الكبر يقع الحسد،بل إن إبليس عندما كفر بالله واستكبر عن السجود لآدم عليه السلام كان منشأ كفره واستكباره هو أنه حسد آدم على هذه المنزلة العظيمة التي وهبه الله إياها، فاستكبر عن السجود حسداً لآدم عليه السلام،كما قال تعالى(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ،قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)ص،
والجهل بحكمة الله وشرعه في توزيع الأرزاق وقسمتها بين الخلق،ترجع إلى،قلة التقوى،أو انعدامها، ولذلك كان القلب المعمور بتقوى الله أبعد القلوب عن الحسد وعن هذه الأمراض الرديَّة المذمومة جميعها، فكلَّما كان العبد تقياً كان أبعد عن الحسد،
طريق التخلص من الحسد
الاستعانة بالله،والتوكل عليه في الشفاء من هذا المرض المذموم،كما قال تعالى(وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ)المائدة،
التعرف على حقيقة الحسد،وأنه خلق مذموم، وذنب عظيم، ومعصية توجب التوبة إلى الله والإنابة إليه من هذا الذنب، بل إن الحسد في الحقيقة هو اعتراض على حكم الله،
لأن الحاسد إنما يكره أن يُصيب الخير غيره،ويتمنى زوالها،كما قال تعالى(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)النساء،
أن يعلم العبد أن الحسد نوع من الظلم،بل هو ظلم بالغ شديد، فإن الحسد ظلم للنفس وظلم للمحسود بإدخال الضرر عليه، بل إن الحسد نقص في الإيمان،ومن المعلوم أن الحاسد يبغض حصول النعمة لأخيه،أن الحسد نوع من الظلم،كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم،أنه قال(اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)
هذا بالإضافة إلى ما يصيب الحاسد نفسه من الهم والغم والعذاب بسبب حسده الناس، فإن الحاسد أول ما يؤذي فإنه يؤذي نفسه، لكثرة ما يصيبه من الألم والضيق عند حصول النعم لعباد الله، مضموماً إلى ما يتعرض له من مَقت الله وغضبه وما قد يصيبه من العقوبات في الدين والدنيا، فإن الجزاء من جنس العمل،
والحسد هو تمني زوال النعمة ،عن قال أبو الليث يرحمه الله ،يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل حسده إلى المحسود،
أولها،غم لا ينقطع،
والثانية،مصيبة لا يؤجر عليها ،
والثالثة،مذمة لا يحمد عليها،
والرابعة،سخط الرب،
والخامسة، يغلق عنه باب التوفيق والعياذ بالله،
الإنسان إذا خاف أن يحسد مسلماً على نعمة فإنه يدعو له بالخير والبركة، كما ثبت عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال(إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليبرِّك عليه) أي فليدعو له بالبركة، وهذا السبب من أعظم حب الخير لهم وكراهية مضرتهم،
ومن المعلوم أن الذي ينفع الناس ويعينهم مأجور ،ويصير بهذه الإعانة محبوباً لله تعالى،فإن الإحسان إلى الخلق من أعظم ما يتقرب به إلى الله تعالى،وسلامة الصدر تجاههم، فإن من عرف عظم الأجر الذي قد أعده الله لمن اتصف بالإحسان إلى عباده، وعلم ما ينتظره من الكرامة في ذلك، سهل عليه حب الناس والحرص على الخير لهم ونفعهم بكل ما يقدر عليه،
ولتعلم أن الحسد من شر معاصي القلوب , ومعاصي القلوب وهي أشد إثماً من كثير من معاصي الجوارح فما أخبث داء الحسد،إنه ليعمي بصيرة الحاسد ويجعله كالهائم يمشي على غير هدى , فما يزال في سيره يتعثر,وفي ظلماته يتخبط ويتكسر،يتمنى لنفسه السعادة فيقيم بينه وبينها حجاباً مشقياً له من حسده الخبيث،وهكذا يقطع الحسد وشائج المودات وصلات القربات , ويفسد الصدقات , ويولد في الناس العداوات,ويفكك أفراد المجتمع ويباعد بين الجماعات،
نسأل الله أن يشرح صدورنا لكل ما يحبه ويرضاه،
اللهم طهر قلوبنا من الحسد واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم .