تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أن يتذكر المغتاب أنه يهدي حسناته لمن اغتابه



امـ حمد
25-08-2015, 01:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أن يتذكر المغتاب أنه يهدي حسناته لمن اغتابه
لو نظرنا فيما يشغل الناسُ به في بعض مجالسهم وقت فراغهم، لرأيت ما يروعُ من لغو الحديث،غِيبةً، وسخريةً وتقعراً في الكلام وتشدُّقًا به،مِن أجل التعالي، أو استِدرار المديح،
ففي الناس من يعيش، شرس الطبع، لا تحجزه مروءة، ولا يردعه دين أو أدب، جرد لسانَه مِقراضاً للأعراض، بكلمات تنضُح فُحشًا، وألفاظ تنهش نهشًا، يُسرِف في التجنِّي على عِباد الله؛ سخريةً ولمزًا، فهذا طويل وذاك قصير، وهذا أحمق وذاك جَهول، وهذا ثقيل وذاك خفيف، وهذا كريم وذاك بخيل، وكأنَّه قد وُكلَ إليه القدحُ والتجريح، وقد غَفَلَ عن قوله،سبحانه﴿ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا ﴾ آل عمران،
وعن قوله،سبحانه﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ق،
ويزدادُ الأمر وتعظمُ البَليةُ حين ترى مَن عليه علاماتُ الوَقار، وملامِح الاحتِشام، وسِيما الوجاهة، يسفِر عن بذاءة وثرثرة، يخوض بالباطل أُذني جليسه، ولا يدَع لأصحابِ فضلٍ فضلاً، يحمِل عليهم الحملاتِ الشعواءَ أحياءً أو أمواتًا، من جرَّاءِ زَلَّةِ لسانٍ،فلا تطمئنُّ له نفسٌ، ولا يهدأ له بالٌ حتى يتكلَّم في فلان، أو يسخَر بفلان، فَديْدنُه في المجالس الحديثُ في الآخَرين سبًّا وازدِراء، وفي سائر اجتِماعاته، فلا يرى أنَّ الغِيبة ممقوتةٌ، ولا يرى أنَّها مُحبِطةٌ لِمَا لديه من عمل صالحٍ،
والغريب في الأمر أنَّه مع ما هو فيه من نَهْشٍ لأعراض الأبرياء، سواء كان الكلام فيهم حقًّا أم كذباً،
أيعتقدُ مَن هذه شاكِلتُه أنَّ عِرْضه يختلف عن أعراض غيره من المسلمين،أم يرى أنَّ الوعيد في الغِيبة يشملُ غيرَه ولا يشملُه، فغيره مأخوذون ومُحاسَبون وهو وحدَه قد سقطتْ عنه التكاليف، فلا يُحاسَب على ما يُصدره لسانُه من سوء،
فإلى كلِّ مَن أرخى العِنان للسانه، ليقلْ ما يشاء، وليتحرَّكْ كما يشاء، فيكذب عندما يريدُ الكذب،ويسخر عندما تحلو له المجالس، إلى كلِّ مسلِم قد ابتُلِي بهذا الداء،قال تعالى﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بعد الإِيمَانِ ومن لم يتب فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)الحجرات،
فعن أبي هريرة،رضي الله عنه،عن رسول الله، صلَّى الله عليه وسلَّم،قال(أتدرون مَن المفلِس)قالوا،المفلس فينا مَن لا دِرهمَ له ولا متاع، فقال(المُفلِس من أمَّتي مَن يأتي يومَ القيامة بصلاة وصيام وزكاة،ويأتي وقدْ شَتَم هذا،وقذف هذا،وأَكل مال هذا،وسفَك دم هذا، وضرَب هذا، فيُعطَى هذا من حسناته،وهذا من حسناته،فإن فنِيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه،أُخِذ من خَطاياهم فطُرِحت عليه،ثم طُرِح في النار)أخرجه الإمام مسلم،
ولقد ذكرت امرأة لرسول الله،صلى الله عليه وسلم،بكثرةِ صلاحها وصومها،ولكنَّها تُؤذِي جيرانها بلسانها، فقال(هي في النار)
قالت عائشة،رضي الله عنها،قلت للنبي،صلَّى الله عليه وسلَّم،حسبُك من صفيَّة كذا وكذا، قال بعض الرواة،تعني قصيرة، فقال،صلوات الله وسلامه عليه (لقدْ قلتِ كلمةً لو مُزِجت بماء البحر لمزجتْه)أي،لأنتنته وغيرت ريحه،
المغتاب أشد من الإمام أحمد،وأبو داود عن سعيد بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(إن من أربى الربا الاستطالة في عِرض المسلم بغير حق)في صحيح الجامع،حتى يغفر له صاحبه،أي يعفو عنه،
عذاب المغتابين،المغتاب سيعذب في قبره،
فقد أخرج الإمام أحمد وابن ماجه من حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال،بينما أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو آخذ بيدي، ورجل عن يساره، فإذا نحن بقبرين أمامنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إنهما ليعذبان، وما يعذبان، في كبير)
(أما أحدهما فيعذب في البول،وأما الآخر فيعذب في الغِيبة)
ويقول قتادة رحمه الله،ذُكر لنا أن عذاب القبر ثلاثة أثلاث، ثلث من الغِيبة، وثلث من البول، وثلث من النميمة،
المغتاب يرمي بنفسه في الهلاك،قال الحسن البصري رحمه الله، واللهِ الغيبة أسرع في دين المؤمن من الأكلة في جسده،
وكان سفيان الثوري يقول،إياك والغِيبةَ، إياك والوقوعَ في الناس، فيهلك دينُك،
ومعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم،وما يعذبان في كبير،أي،هو عند الله كبير،
التخلص من الغيبة،بأن يتذكَّر المُغتاب أنه يهدي حسناته لمن اغتابه، فيكون هذا رادعاً له، وحاجزاً عن استمراره في هذا الأمر والخوض فيهن،
وروي عن الحسن، أن رجلاً قال،إن فلانًا قد اغتابك، فبعث إليه طبقاً من الرطب، وقال،بلغني أنك أهديتَ إليَّ حسناتِك، فأردتُ أن أكافئك عليها، فاعذرني، فإني لا أقدر أن أكافئك بها على التمام،
وقال رجل للفُضيل بن عياض،إن فلاناً يغتابني، فقال،قد جلب لك الخير جلباً،وقال عبد الرحمن بن مهدي(لولا أني أكره أن يُعصى الله، لتمنيت أن لا يبقى أحد إلا اغتابني، أي شيء أهنأ من حسنات يجدها الرجل في صحيفته لم يعمل بها)رواه البيهقي،
وقال الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله،لو كنت مغتابًا أحدًا لاغتبت والدي، لأنهما أحق بحسناتي،
فهذه الآيات والأحاديث وغيرُها كثيرٌ، كلها تأتي مُحذِّرة من الغِيبة ومن الوقوع في أعراض المسلمين والمسلمات؛ ليعيشَ أفراد الأمَّة المسلمة حياةً تعلوها المحبَّة، وتكسوها المودَّة، وليكونوا إخوةً تجمعهم رابطةُ الأخوَّة في الدِّين يتحلَّوْن بحفظ ألسنتهم عن إخوانهم، فكلَّما رأوا عيبًا في أحدِهم دفنوه رهبةً من الله، ورغبةً في أن يعيش كلُّ فردٍ منهم حياةَ الأنس والرخاء والطمأنينة، فالألسن مشتغلةٌ بذِكْر المحاسن عن المساوئ، شغلتهم عيوبُهم عن عيوب غيرهم، هكذا يريد منَّا الإسلام، فهذا هو دِيننا،
يقول ابن عباس،رضي الله عنه،إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك، فاذكرْ عيوبك،

اللهم طهر ألسنتنا من الغِيبة ﻭﺍﻟﻨميمة،وﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻞ ﻭﺍﻟﺤﺴﺪ ﻭﺍﻟﺤﻘﺪ،واجعلنا ممَّن يتَّبعون الصالِح من القول والعمل، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.

الحسيمqtr
25-08-2015, 08:55 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
26-08-2015, 02:28 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

أحمد عراقى
26-08-2015, 04:18 PM
يعطيكم العافيه ..

أحمد عراقى
26-08-2015, 04:30 PM
يعطيكم العافيه ..

أحمد عراقى
26-08-2015, 04:40 PM
يعطيكم العافيه ..

امـ حمد
26-08-2015, 04:49 PM
يعطيكم العافيه ..

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك أخوي أحمد عراقي
وجزاك ربي جنة الفردوس