المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حاذروا أن توقظوه



العفراء
04-09-2015, 09:44 AM
للوهلة الأولى حاولت ألا أصدق. قلت غلبه النعاس فنام. لا ثقوب في ثيابه. ولا آثار تعذيب. ولا غرابة أن يرتمي طفل سوري على شاطئ تركي. وكدت أقول حاذروا أن توقظوه. أوقفوا قليلاً دوي المدافع. وهدير الطائرات. و»زغردة» البراميل. والصواريخ الفراغية. والسيارات المفخخة. والأحزمة الناسفة. ولعله راهن أن شقيقه غالب سيوقظه بعد قليل. وأن أمه ريحانة ستناديه لمتابعة الرحلة إن استغرق غالب في الأحلام. ربما لم يعلم أن غالب مات قبل أن يوقظه. وريحانة ماتت قبل أن تناديه. وأنه مات هو الآخر. ربما لم ينتبه إيلان ابن السنوات الثلاث أن القارب انقلب بالسوريين الهاربين. وأن سورية نفسها تشبه قارباً انقلب. لم يعرف أن صورته ستحتل الشاشات. والصفحات الأولى.
ما أقسى أن تكون سورياً في هذه الأيام.
ما أفظع أن تكون كردياً سورياً في كل الأيام.
وما أوجع أن تكون من كوباني التي نسميها، نحن العرب، «عين العرب».
أكاد أتهمه بالانتحار عمداً. يأساً من بلاد تقتل أطفالها مرة على أرضها ومراراً في البحار. تطردهم وتوقعهم بين أنياب باعة الأحلام الموصلة إلى المقابر. ولعله انتحر ليرمي جثته في وجه هذا العالم المفترس. في وجه مهرج اسمه الضمير العالمي بقي متفرجاً على الجرح السوري المفتوح. في وجه كل من ولغ في دم سورية والسوريين. في وجه كل من حاول الاصطياد في بحيرة الدم السورية. ووجه كل من تردد في بذل ما يلزم لإيقاف مذبحة الأرقام القياسية. أرقام القتلى والمعوقين والبيوت المحروقة والجثث الصغيرة. ووجه سوبرماركت الأمم المتحدة ودكان الجامعة العربية. ودكاكين القرار في عواصم القرار.
لهذا العالم الوحش ذاكرة تنسى. غداً يضجر من جثة إيلان ويقلب الصفحة. لهذا لا بد من الاحتفاظ بالجثة حاضرة. ليتها تؤخذ طازجة إلى اجتماع لمجلس الأمن على مستوى وزراء الخارجية. تحضر لتذكر جون كيري بنهر الجثث المتدفق في المنطقة على رغم زياراته الكثيرة وابتساماته. يمكن أن ترسل أيضاً إلى سيده بطل مسلسل «الخط الأحمر». الرجل الذي ترك العراق لمصيره. وترك أفغانستان لمصيرها. وترك السوريين بين الموت براً أو الموت بحراً بعدما كان سارع في تحريضهم على الذهاب بعيداً في انتفاضتهم.
تحضر الجثة أيضاً لتصفع رجلاً اسمه سيرغي لافروف. تتلاطم أمواج الدم في سورية ولا يرف له جفن. انشغاله بتسجيل النقاط ضد السياسة الأميركية ضاعف شراهته في المناورة والتضليل وتوزيع الأكاذيب. يمكن إرسال الجثة أيضاً إلى سيده في الكرملين المنهمك بصيانة عضلاته أمام الكاميرات. أغلب الظن أن بوتين يفضل تجريب الأسلحة في سورية على استخدامها في روسيا. يفضل اصطياد الشيشانيين على التراب السوري لتفادي عودتهم إلى التراب الروسي. يتفرج على نوافير الدم السوري ولا يرف له جفن.
كنت في وارسو قبل أيام. قالت المرشدة السياحية لمجموعة في الفندق: «لا يجوز ألا تذهبوا إلى أوشفيتز لمعاينة آثار المحرقة. غرف الغاز وما ارتكبته وحشية النازيين. ليتكم اصطحبتم أطفالكم ليتعلموا أن العالم يجب ألا يتسامح مع القساة كي لا تتكرر مآسي المحرقة وغرف الغاز».
استمعت إلى كلامها وراودتني رغبة في الابتسام. لا مبرر لذهابي أنا العربي إلى أوشفيتز. لا يحق لي معاينة محارق التاريخ وأنا غارق في محارق الحاضر. ثم أنني من منطقة لا تكره جيوشها وميليشياتها أسلوب «الحل النهائي». لم تبدأ الوحشية مع «داعش» وإن يكن التنظيم أخذها إلى قمم غير مسبوقة.
لن أذهب إلى أوشفيتز. أحفاد الضحايا هناك ارتكبوا محارق كثيرة ضد الفلسطينيين. جثة محمد الدرة لا تزال صارخة. وتكفيني اليوم الجثة الصغيرة النائمة على الشاطئ التركي. الجثة الصارخة ضد موسم العار الطويل. موسم قوافل الهاربين. سمعتهم على الشاشات يمتدحون البلاد التي فتحت ذراعيها لهم بعدما اكتووا بنار بلدانهم الأصلية. موسم العار الطويل. البلد الغريب أكثر رحمة. والحكومة الغريبة أكثر رحمة.
ما أقسى هذه التي نسميها بلداننا. تقتلك إذا رفضت البقاء خانعاً أمام الظلم. تقتلك إذا رفضت الانخراط في عصر الظلام.
حاذروا أن توقظوه. فقد يروي أهوال رحلته. وأهوال بلاده

افتتاحية جريدة الحياة للكاتب غسان شربل

طبيب قطري
04-09-2015, 09:47 AM
لاحول ولاقوة الا بالله

العفراء
04-09-2015, 09:53 AM
من الردود
سامي الصوفي
أستاذ غسان؛ تابعت الثورة السورية منذ يومها الأول و مرّ علي من صور الأهوال ما وثقته على صفحتي على الفيسبوك. تألمت لشرّ الصديق و غبن الجار. و شاهدت المجازر من تلبيسة إلى الحولة إلى الغوطة و إلى دوما، و لكن لم أنهار إلا أمام صورة عيلان المستلقي على شاطئ بودروم. لم أفهم الصورة. ظننتها فوتوشوپ حتى زرت موقع جريدة Hurriyet التركية لأتأكد منها. أمين المعلوف يقول؛ "علينا أن نسكت حين ينام الأطفال لا حين يُقتل الأطفال". بيد أنه حتى في سكون جثته، كانت رسالته إلى عالمنا هي الأبلغ؛ "أنتم لا تستاهلون سوى قفى حذائي"! هذه هي سوريا اليوم! فكما شاء قدر سوريا السعيد أن يكون رئيسها الرمز شكري القوتلي ابن دمشق من أصول كردية، شاء قدر سوريا الحزين أن يكون غريقها الرمز عيلان الكردي ابن كوباني من أصول كردية أيضاً. هذه سوريا كما أحببناها، و كما يجب أن نحب من بقي فيها و ما تبقى منها!

الخميس 03 أيلول 2015 7:24 م

بريق الحق
04-09-2015, 10:11 AM
الغرب يفتح ابوابه
والقريب يغلق بابه
الله يصبر الامه لامر عظيم قادم
لاحول ولاقوة الا بالله

بنت شرق
04-09-2015, 10:16 AM
صور مأساوية ، عن الاطفال الي غرقوا منتشرة بالنت ، واخر المواضيع عن المهجرين عايلة سورية قذفت نفسها امام القطار في بودابست لتنال حق اللجوء

Q.P
04-09-2015, 06:58 PM
لا حول ولا قوة الا بالله

اريـج الدوحة
04-09-2015, 07:30 PM
لا حول ولا قوة الا بالله

الصغيره
05-09-2015, 12:01 AM
حسبي الله والنعم الوكيل

معماري قطري
05-09-2015, 03:12 AM
هم بس شافو هذا الطفل وبس .. أطفال اندفنوا تحت الخرسانات .. وأطفال وعجائز وحريم احترقوا بالنار .. وغير عن الكثيرين اللي تعذبوا وقتلوا بذنب وبلا ذنب

بشائر
05-09-2015, 11:02 AM
لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ..
هيئة هذا الطفل عند موته رسالة ربانية .. صورتة هزت القلوب .. ولعل الخير آت بإذن الله...