المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ففيهما فجاهد



امـ حمد
05-09-2015, 08:23 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ففيهما فجاهد
أنَّ المرأة بين يدي الإسلام قسيمةُ الرجل،مصداقًا لقول النبي،صلَّى الله عليه وسلَّم(إنَّما النساءُ شقائقُ الرجال)رواه أحمد،وأبو داود، والترمذي،
لها ما له من الحقوق، وعليها أيضًا من الواجبات ما يُلائم تكوينَها وفِطرتها،
وعلى الرجل بما اختصَّ به من شرف الرجوله، وبسطة اليد، واتِّساع الحيلة، أن يلي رياستها، فهو بذلك وليُّها، يحوطها بقوته، ويذود عنها بدَمِه،ويُنفق عليها من كسب يدِه،
فإنَّ الله،عزَّ وجل،خلَق النساء والرجال سواء،قال،تعالى(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ الحجرات،
ثُم ليعلم الرِّجال أنَّ خَلْق المرأة نعمةٌ عظيمة ينبغي أن يَحْمَدوا ربهم،سبحانه وتعالى،عليها،لأنَّ بخَلْق المرأة،وجعلها مؤنسةً للرجل تحصُل المودَّة والرحمة، ويحصُل السكن العاطفي، فالله،عزَّ وجل،جعَل لنا مِن أنفسنا أزواجًا، وجعَل ربُّنا مِن هذه الأزواج بنين وحَفَدة،
فقد روى الترمذي بإسناده إلى أنس بن مالك رضي الله عنه قال(بلغ صفية أن حفصة قالت،بنت يهودي فبكت فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم،وهي تبكي فقال،فما يبكيك، قالت،قالت لي حفصة أني ابنة يهودي،فقال النبي صلى الله عليه وسلم،وإنك لابنة نبي، وأن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي، ففيم تفخر عليك،ثم قال،اتقي الله يا حفصة)وقد تضمن بياناً لمكانتها وجبراً لخاطرها،
رسَّخت تعاليم الرسول محمَّد،صلَّى اللهُ عليه وسلَّم،تكريمَ المرأة، فهي أمٌّ، أو أختٌ، أو بنت، أو زوجة، وكلُّهنَّ من الكريمات العزيزات على قلب المسلم،
لأنَّ البنتَ هبةٌ من الله (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ)الشورى،
لأجل ذلك علَّم الرسولُ محمَّد،صلَّى اللهُ عليه وسلَّم،المؤمنين زيادةَ إكرام البنات، وبَيَّن أنَّ رعايتَهنَّ عملٌ صالحٌ يحبُّه اللهُ ويجزي عليه، فقال(مَن كان له ثلاثُ بناتٍ يُؤوِيهنَّ ويَكفِيهنَّ ويَرحمهنَّ، فقد وَجَبَتْ له الجنةُ ألْبَتَّة)
فقال له رجل،واثنتين يا رسولَ الله،قال(واثنتين)مسند أحمد،
وأما الزوجة،شريكةُ الحياة، ورفيقةُ العمر،فقد شَرَعَ الإسلامُ لها تكريمًا خاصًّا، ومعاملةً بالحسنى متميِّزة، ولا تجد مَن رَفَعَ مِن شأن الزوجة كما رفَعَهُ الإسلام،فلقد أمر الله،تعالى،بحُسْن عِشرَة النساء، فقال(وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)النساء،
وقد قال النبي محمد،صلَّى الله عليه وسلَّم(خِيارُكم خيارُكم لنسائهم)سنن ابن ماجه،
وقال(خيرُكم خيرُكم لأهله،أي،لزوجته،وأنا خيرُكم لأهلي)سنن الترمذي،أي،إنَّه،صلَّى الله عليه وسلَّم،قدوةُ المؤمنين في حُسن التعامل مع الزوجة،
ولقد أباح الإسلامُ للمرأة العملَ من أجْلِ أن تنتفعَ بالمال المكتسب، وأن تنفعَ مجتمَعها، ولكنَّه لم يُجزْ لها أن تعملَ أيَّ عمل،لأنها مخلوقٌ رقيقٌ حسَّاس، يُؤذيه العملُ المرهِقُ الشاقُّ، أو الذي يتطلَّب شيئًا من التعرُّض للأذى النفسيِّ أو البدني،
بينما أوجب الإسلامُ على الأَبِ أن يُنفقَ على ابنته، وعلى الزَّوج أن يُنفقَ على زوجته، بينما تتفرغ الزوجة الأم،لمهمَّتها العُظمَى في الحياة، وهي مهمة تربية الأجيال القادمة إلى الحياة،
إنَّ الأم،بحكم عاطفتِها وحنانها،أقدرُ الناس على تنشئة الطفل تنشئةً اجتماعيَّةً ونفسيَّةً وأخلاقيةً سليمة،وهي أحرص الناس على رعايته والعناية بشؤونه منذ ولادته إلى أن يكبر،
وحضن الأم هو الملاذ الآمن،والمهد الوثير،الذي يتمنى الأطفال،بل الكبار،أن يضعوا رؤوسَهم عليه،ليشعروا بالأمان والحنان والعطف،
فقد روى الشيخان عن أبِي هريرة رضي اللَّه عنه أنّه قال(جاء رجل إِلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم،فقال،يا رسول اللَّه،من أحق الناس بحسن صحابتِي،قال(أمك،قال،ثم من،قال،ثم أمك،قال،ثم من،قال،ثم أمك،قال،ثم من،قال،ثم أبوك)
ويُوجِّه في كثيرٍ من الحنان صحابياً بإكرام أمه، فيقول له(الزمها،فإن الجنة تحت رجليها)سنن النسائي،
ومعناه،أنَّ التواضعَ للأمهات وخدمتَهنَّ، وإكرامَهنَّ واحترامَهنَّ وطاعتهن سبب لدخول الجنة،
فكلمة صحابتي،يعم كل أنواعِ الصحبة،فإن من اجتهد في حسن صحابة أُمه متعبّداً لله تبارك وتعالَى بذلك،
قال سبحانه(وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا،وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا،رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا)الإسراء،
قال العلامة القرطبي رَحِمَهُ اللهُ،قَوْلُهُ تَعَالَى(رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ)الرحمة بهما والحنو عليهما،أَو من غير ذلك من العقوق،
وبالتضرع في نجاتهما، جزاءً على فعلهما،وشكراً لهما،
فمهما يكن،فإن الأم بشر،فيقع منها الخطأ، وقد يكره الابنُ منها ما يَكره، فإذا كان المكروه في أمر الدِّين،فلا بد مِن النُّصْحِ على وَفْقِ حُسْن الصحبة،أمّا إن كان في الدنيا،فما إلا الصّبر،وقد يبلغ رتبةَ الجهاد،عن عبد الله بن عمرو،قال،جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم،يستأذنه في الجهاد فقال(أحيٌّ والداك،قال،نَعم،قال،ففيهِما فَجَاهِد)
كلنا يعلم ما للجهاد من أجر وأن الشهيد له منزلة عظيمة لا ينالها غيره،ولكن لنعلم أن بر الوالدين أعظم وأهم وأجل منزلة من الجهاد،قال تعالى( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)الإسراء،
وقال تعالى(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)النساء،
هذه الآيات ربطت بين عبادة الله وتوحيده ،وبر الوالدين وذلك لعظمة منزلتهما لأنهما المسؤولان من بعد الله في وجودنا،والأصل في تنشأتنا،ولعظم تلك المنزلة فقد أعتبر عقوقهما من أكبر الكبائر من بعد الإشراك بالله،ألا يستحق هذا أن نجاهد فيهما،
لنعلم أن بر الوالدين عمل يحتاج منا إلى صبر وخلق كريم لأن العقوق ليس شيئاً هيناً بل إن قول كلمة أف يعتبر من العقوق، لذا يلزمنا الحيطة والحذر في تصرفاتنا حتى لا نكون من العاقين والعياذ بالله،
فطاعة الوالدين واجبة علينا في كل شيء،ألا معصية الله،وأن كان برهما في أمور لا تهواها أنفسنا فلنلجم أنفسنا بزمام الطاعة والتذلل لهما(فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا،وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)الإسراء،
قال الرجل،الى رسول صلى الله عليه وسلم،أبايعك على الهجرة والجهاد،أبتغي الأجر من اللهِ،فقال،صلى الله عليه وسلم(فهل من والديك أحد حي،قال،نعم،بل كلاهما،قال،فتبتغي الأجر من الله،قال،نعم،قال،فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما)
روى الإمام البخاري،أن أبا مرة،أخبره،أنه ركب مع أبي هريرة إلى أرضه بالعقيق،فإذا دخل أرضه صاح بأعلىٰ صوته،
عليك السلام ورحمة اللَه وبركاته ياأمتاه،تقول،
وعليك السلام ورحمة اللَه وبركاته،يقول،رحمك اللَه كما ربيتني صغيراً،
فتقول،يا بني،وأنت فجزاك الله خيراً،ورضي عنك،كما بررتني كبِيراً)المحدث،الألباني،المصدر،صحيح الأدب المفرد،
فالبر في ديننا حياة يومية على مدار العام بل العمر،لا يوماً في عام،
وقوله(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ)قال الحافظ ابن كثير،رَحِمَهُ الله،في تفسيرها،
يعني،الذين يَسألون الله أن يُخرج مِن أصلابهم وذرّيّاتهم من يُطيعه ويعبده وحده لا شريك له،
وقال عبد الرحمٰن بن زيد بن أسلم،يعني،يسألون اللهَ لأزواجهم وذرياتهم أن يهديهم للإسلام،من تفسير القرآن العظيم،
فهل الابنُ الذي يحتفي ببدعة وتشبه بالكفار،قرة عين،

اللهم أعنا على برهما حتى يرضيا عنا فترضى،واعنا على الإحسان إليهما في كبرهما،ورضهم علينا،و اعنا على خدمتهما كما يبغي لهما علينا،واجعلنا بارين طائعين لهما،وارزقنا رضاهما ونعوذ بك من عقوقهما،واملأ قلبيهما بمحبتنا، وألسنتهما بالدعاء لنا،يا ذا الجلال والإكرام،
اللهم آمين.

الحسيمqtr
06-09-2015, 07:38 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
07-09-2015, 12:06 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس