المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغفلة المهلكة



امـ حمد
19-09-2015, 03:02 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الغفلة المهلكة
يقول الله تعالى(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ )الأنبياء،والذي يتأمل أحوال الناس في هذا الزمن يرى تطابق الآية تماماً مع واقع كثير منهم وذلك من خلال ما يرى من كثرة إعراضهم عن منهج الله وغفلتهم عن الآخرة وعن ما خلقوا من أجله، وكأنهم لم يخلقوا للعبادة،وإنما خلقوا للدنيا وشهواتها،فإنهم إن فكروا وأحبوا فللدنيا،وإن عملوا فللدنيا،فيها يتخاصمون ومن أجلها يتقاتلون وبسببها يتهاونون من أوامر ربهم،
تجد الواحد منهم ما أعقله وأذكاه في أمور دنياه، لكن هذا العاقل المسكين لم يستفد من عقله فيما ينفعه في أُخراه، ولم يقدة عقله إلى أبسط أمر وهو طريق الهداية والاستقامة على دين الله الذي فيه سعادته في الدنيا والآخرة، وهذا هو غاية الحرمان(يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ )الروم،
من يرى أحوالهم وما هم عليه من شدة جرأتهم على ارتكاب المعاصي وتهاونهم بها يقول،إن هؤلاء إما أنهم لم يصدقوا بالنار، أو أن النار قد خلقت لغيرهم، نسوا الحساب والعقاب (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ )الحجر،
انشغلوا براحة أبدانهم وسعادتها في الدنيا الفانية وأهملوا سعادتها وراحتها في الأخرى الباقية،
ما أحرصهم على أموالهم وعلى وظائفهم، وصحتهم، لكن أمور دينهم والتفقه فيها وتطبيقها والتقيد بها فهي آخر ما يفكرون فيه إن هم فكروا،
أوقاتهم ضائعة بلا فائدة، بل إن أغلبها قد تضيع في المحرمات وإضاعة الواجبات يبحثون بزعمهم عن الراحة والسعادة،وهم بعملهم هذا لن يجدوا إلا الشقاء والتعاسة،لقوله تعالى(وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى )طه،
ولقد مات عند الكثير من هؤلاء الشعور بالذنب،والتقصير، حتى ظن الكثير منهم أنه على خير عظيم، بل ربما لم يرد على خاطره أنه مقصر في أمور دينه، فبمجرد قيامه بأصول الدين ومحافظته على الصلوات ظن في نفسه خيرأ عظيماً، وأنه بذلك قد حاز الإسلام كله وأن الجنة تنتظره في نهاية المطاف، ونسي مئات الذنوب والمعاصي التي يرتكبها صباحاً ومساءً من غيبة أو بهتان أو نظرة إلى الحرام أو شرب لحرام،أو غير ذلك من المعاصي والمخالفات التي يستهين بها ولا يلقي لها بالاً ويظن أنها لا تضره شيئاً وهي التي قد تكون سبباً لهلاكه وخسارته في الدنيا والآخرة وهو لا يشعر لقوله صلى الله عليه وسلم(إياكم ومحقرات الذنوب فإنها إذا اجتمعت على العبد أهلكته)ناهيك عن ما يرتكبه البعض من كبائر وموبقات من ربا ورشوة وعقوق،
بل غفل أولئك عما وراء ذلك،هل غفلوا عن الموت والحساب والقبر والصراط، والنار والعذاب، أهوال وأهوال وأمور تشيب منها مفارق الولدان، ذهبت اللذات وبقيت التبعات، وانقضت الشهوات وأورثت الحسرات، متاع قليل ثم عذاب أليم وصراخ وعويل في دركات الجحيم، فهل من عاقل يعتبر ويتدبر ويعمل لما خلق له ويستعد لما أمامه،
إن مثل هؤلاء الغافلين في غيّهم قد ألهتهم الحياة الدنيا عن حقائقهم ومآلهم، ولكنهم سوف يندمون أشد الندم إذا استمروا في غيهم ولهوهم وعنادهم ولم يفيقوا من غفلتهم وسباتهم ويتوبوا إلى ربهم،
يقول تعالى عن مثل هؤلاء(ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)الحجر،
أي، دعهم يعيشوا كالأنعام ولا يهتمون إلا بالطعام والشراب واللباس والشهوات،ألم يأن لكل مسلم أن يعلم حقيقة الحياة والغاية التي من أجلها خلق،
راجع نفسك وحاسبها وانظر في هذه الحياة، هل أنت من أولئك اللاهين الغافلين أم لا،وهل أنت تسير في الطريق الصحيح الموصل إلى رضوان الله وجنته، أم أنك تسير وفق رغباتك وشهواتك حتى ولو كان في ذلك شقاؤك وهلاكك،فإن المسألة خطيرة،
لا أغلى من نفسك فاحرص على نجاتها وفكاكها من النار ومن غضب الجبار،
يا من تعصي الله إلى متى هذه الغفلة،إلى متى هذا الإعراض عن الله،ألم يأن لك أن تصحو من غفلتك،ألم يأن لهذا القلب القاسي أن يلين ويخشع لرب العالمين( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ)الحديد،
ألم يأن لك أن تسير في قافلة التائبين،
هل هم في حاجة إلى ما عند الله من الثواب،وأنت في غنى عنه ويخافون الله وأنت قوي لا تخافه،
ألا تريد الجنة،تخيّل النظر إلى وجه ربك الكريم في الجنة وتخيّل أنك تصافح نبيك محمداً صلى الله عليه وسلّم،وتجالس الأنبياء والصحابة في الجنة،قال تعالى(وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً)النساء،
وتخيّل نفسك وأنت في النعيم المقيم في جنات عدن بين أنهار،من ومن عسل مصفى وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون،ولك فيها ما تشتهيه نفسك وتلذ عينك، تخيّل كل هذا النعيم في جنة عرضها السماوات والأرض،
وتخيّل في مقابل ذلك النار وزقومها وصديدها وحرها الشديد وقعرها البعيد،وعذاب أهلها الدائم الذي لا ينقطع قال تعالى(كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ)الحج)
تخيّل كل ذلك لعله أن يكون عوناً لك على التوبة والإنابة والرجوع إلى الله،
إنك لن تندم على التوبة أبداً، بل إنك سوف تسعد بإذن الله في الدنيا والآخرة سعادة حقيقية،
ألست تقرأ في صلاتك كل يوم(اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)الفاتحة،
فما دمت تريد الصراط المستقيم فلماذا لا تسلكه وتسير فيه،
إياك أن تغتر بهذه الدنيا وتركن إليها وتكون هي همك وغايتك، فإنك مهما عشت فيها ومهما تنعمت بها فإنك راحل عنها لا محالة،
فيا أسفاً لك إذا جاءك الموت ولم تتب ويا حسرةً لك إذا دعيت إلى التوبة ولم تجب،فإن أمامك الموت بسكراته، والقبر بظلماته، والحشر بشدائده وأهواله، وهذه الأهوال ستواجهها حتماً وحقاً وستقف بين يدي الله وستسأل عن أعمالك كلها صغيرها وكبيرها فأعد للسؤال جوابأ(فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ،عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الحجر،
إنها لأكبر فرصة أن أمهلك الله وأبقاك حياً إلى الآن وأعطاك فرصة للتوبة والإنابة والرجوع إليه،فاحمد الله على ذلك ولا تضيع هذه الفرصة وتب إلى الله ما دمت في زمن المهلة قبل النقلة،
وتذكر أولئك الذين خرجوا من الدنيا ولتخرجن أنت منها كما خرجوا،لكنك أنت الآن في دار العمل وتستطيع التوبة والعمل، وأما هم فحال الكثيرين منهم يتمنى الرجوع والتوبة ولسان حالهم يقول كما في قوله تعالى(يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ)الأنعام،
فاحذر أن تغلط غلطتهم فتندم حين لا ينفع الندم،وانقذ نفسك من النار ما دام الأمر بيدك قبل أن تقول(رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ)المؤمنون،
فلا تجاب حينها لذلك،

اللهم إجعلنا من الذاكرين لك ياعظيم،ولا تعلق قلوبنا الا بحبك وارزقنا حسن عبادتك،واجعلنا لانغفل عن عبادتك طرفه عين وادنى من ذلك حتى ترضا عنا،واعنا على ذكرك وشكرك،وحسن عبادتك،ولا تجعلنا من الغافلين،
اللهم اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ،صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ،
وفقني الله واياك لما يحب ويرضى وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الحسيمqtr
19-09-2015, 10:50 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

كازانوفا
19-09-2015, 12:20 PM
لا حول ولا قوة بالله
كل يوم يزيد التلاهي بالدنيا ومطلباتها وامورها المعقده اصبحنا نفكر بالدنيا وملذاتها وكيفية الحصول على المال وتسديد ما علينا
ونمسي ونحن على هذا الحال ..
نحمد الله ان لازلنا نصلي ونذكر الله

فلا حول ولاقوة الا بالله

امـ حمد
19-09-2015, 04:13 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس



بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

امـ حمد
19-09-2015, 04:17 PM
لا حول ولا قوة بالله
كل يوم يزيد التلاهي بالدنيا ومطلباتها وامورها المعقده اصبحنا نفكر بالدنيا وملذاتها وكيفية الحصول على المال وتسديد ما علينا
ونمسي ونحن على هذا الحال ..
نحمد الله ان لازلنا نصلي ونذكر الله

فلا حول ولاقوة الا بالله



تسلمين حبيبتي كازانوفا
بارك الله في حسناتج يالغلا