ضوى
29-09-2015, 08:09 PM
حديثٌ رائع سمعته من الشيخ حسن حبنّكه الميداني رحمه الله ..
يقولُ ..
كنتُ عائدا إلى بيتي قبل المغرب بساعة في يومٍ من أيّام رمضان .. فاستوقفني رجلٌ فقيرٌ من الذين يتردّدون على درسي في البيت والمسجد تردُّدَ الزائر ..
سلّم عليّ بلهفةٍ أدْمَعت عيني وقال لي :
أسْتَحـلِفكَ بوجه الله أن تَفْطَرْ عندي اليوم ..
يقول الشيخ : عقدتْ لساني لهفته وطوّقت عنُقي رغبتُه وأشرق في قلبي وجهٌ استحلفني به ..
فقلتُ له : يا أخي الأهل بانتظاري وظروفي لا تسمح ... ولكنْ !!
يقول الشيخ : وجدتُ نفسي أتبعه إلى بيته الذي لا أعرف مكانه ولا أعرف ظرْفه في هذا الوقت الحرج من موعد الإفطارْ !!
يقول الشيخ : وصلنا إلى بيته فإذا هو غرفةٌ ومطبخٌ وفناءٌ مكشوفٌ صغيرْ على سطحٍ اشتراه من أصحابه ..
وله مدخلٌ ودرجٌ خاص من الخشب لا يحتمل صعود شخصين فخشباته تستغيثُ من وهَنٍ خلَّفَهُ بها الفقرُ والقِدَمْ ..
كانت السعادةُ تملؤ قلب هذا الرجل ، وعباراتُ الشكر والإمتنان تتدفّق من شفتيه وهو يقول للشيخ :
شوف سيدي هذا البيت مِلكي
( الملك لله ) ماحدا إلو عندي فرَنْكْ ..
شوف سيدي : الشمس بتشرق على غرفتي الصبح وبْتغرُب من الجهه التانيه ..
وهَيْ المشْرَأَهْ بقرأ فيها القرآن عند الفجر وقبل المغيب ..
وزوجتي الله يرضى عليها بتعُّدْ على هادا الشبّاك وبْتدْعيلي ..
والله يا سيدي كأني عايش بالجنّه !!
يتابع الشيخ ويقول : كل هذا يجري على مسامعي وأنا أصعد على الدرج بحذر خِشْيَةَ السقوط !!
لحظات ..
ووصلنا إلى الغرفة وسمع الشيخ صوتاً خافتاً من صاحب الدار يقول لزوجته في المطبخ :
حضّريلنا فطور .. الشيخ حسن حبنّكه حيفْطَرْ عندي !!
وصوت زوجته تقول : يا فضيحتي ما عندي أكل غير فول مدمّس ، وبقيان لأذان المغرب نص ساعة ..
لا عنا شي نطبخو !!
ولو عنا شي ما بلحّق أطبخ !!
بالكاد سمع الشيخ هذا الحوار .. فنادى على صاحب الدار
وقال له : يا أخي لي عندك شرط ..
فقال الرجل .. إمرْني سيدي ..
فقال الشيخ : أنا أفطر مع أذان المغرب على ماء و التمر ..
ولا آكل إلاّ بعد نصف ساعة من الأذان بعد ما أهضم الماء والتمر وأصلّي وأُنهي وِرْدي اليومي ..
ولا آكل إلاّ فول مدمّس ومْقَلاّيهْ ببطاطا مع الكزبرة والتوم ولا شيء غير ذلك فأنا على حمْيَةِ البطاطا ..
فقال الرجل : أمرك سيدي ..
فقال الشيخ : إذن دعني الآن لأختلي مع ربّي ..
وتمّ ما أراده الشيخ وأفطر عنده ثم غادر .
( يقول لنا الشيخ : لقد اخترت البطاطا لأنها زادُ الفقراء وأحسبها عندهم ) ..
وقد خرجتُ وكلّي سعادةٌ وبهجة وقد أحببتُ الدنيا من لسان هذا الرجل الذي مانَزَلَتْ من فمه عباراتُ الثناء والحمد على نعم الله وعلى هذا البيت الذي ملّكَهُ الله إيّاه وعلى هذه الحياة الجميلة التي يتغنّى بها !!
يقول الشيخ :
ثم دُعيت بعد أيام مع مجموعةٍ من الوجهاء على الإفطار عند أحد التجّار الأثرياء وكان من الذين أنعم الله عليهم بالمال والجاه والأولاد والحسب والنسب ..
وكانت الدعوة في مزرعةٍ فخمة فيها مما لذّ وطاب تتوسّطها ڤيلا أقرب ما تكون للقصر منها إلى الڤيلا ..
تُطلُّ على مسبحٍ ومرْبَطْ خيل فيه نوادر الخيل الأصيلة!
يقول الشيخ : أفطرنا عند الرجل ، وأثناء المغادرة ..
انفرد صاحب الدعوةِ بالشيخ حسن وشكى له من ضيق الحياة وهموم التجارة ومتاعب الأولاد وسوء طباع زوجته وطمع من حوله به ،
وكَثرَةِ المصاريف وجرْيه المُتْعِبْ لإرضاء الجميع ...
وسأَمِه من هذه الحياة ورغبته بالموت ليتخلّص من هذه الهموم!!
يقول الشيخ : من باب ڤيلَةِ صاحب الدعوه إلى باب سيارتي سَوَّدَ هذا الرجل الدنيا في عيوني ..
وأطبق عليَّ صدري وأنفاسي ، فنظرتُ إلى السماء بعد أن ركبتُ بسيّارتي وأنا أقول في قلبي :
الحمد لله على نعمةِ الرضا ..
فليست السعادةُ بكثيرٍ ندفع ثمنه !!
ولكن السعادةُ حُسنُ صِلَةٍ بالله ورضاً بما قَسَمَ الله عز وجل ..
الدكتور وائل عبد الرحمن حبنّكه الميداني
..
راقت لي جدا ، تأملوها ففيها درس يدرس فقط في مدارس الحياة
يقولُ ..
كنتُ عائدا إلى بيتي قبل المغرب بساعة في يومٍ من أيّام رمضان .. فاستوقفني رجلٌ فقيرٌ من الذين يتردّدون على درسي في البيت والمسجد تردُّدَ الزائر ..
سلّم عليّ بلهفةٍ أدْمَعت عيني وقال لي :
أسْتَحـلِفكَ بوجه الله أن تَفْطَرْ عندي اليوم ..
يقول الشيخ : عقدتْ لساني لهفته وطوّقت عنُقي رغبتُه وأشرق في قلبي وجهٌ استحلفني به ..
فقلتُ له : يا أخي الأهل بانتظاري وظروفي لا تسمح ... ولكنْ !!
يقول الشيخ : وجدتُ نفسي أتبعه إلى بيته الذي لا أعرف مكانه ولا أعرف ظرْفه في هذا الوقت الحرج من موعد الإفطارْ !!
يقول الشيخ : وصلنا إلى بيته فإذا هو غرفةٌ ومطبخٌ وفناءٌ مكشوفٌ صغيرْ على سطحٍ اشتراه من أصحابه ..
وله مدخلٌ ودرجٌ خاص من الخشب لا يحتمل صعود شخصين فخشباته تستغيثُ من وهَنٍ خلَّفَهُ بها الفقرُ والقِدَمْ ..
كانت السعادةُ تملؤ قلب هذا الرجل ، وعباراتُ الشكر والإمتنان تتدفّق من شفتيه وهو يقول للشيخ :
شوف سيدي هذا البيت مِلكي
( الملك لله ) ماحدا إلو عندي فرَنْكْ ..
شوف سيدي : الشمس بتشرق على غرفتي الصبح وبْتغرُب من الجهه التانيه ..
وهَيْ المشْرَأَهْ بقرأ فيها القرآن عند الفجر وقبل المغيب ..
وزوجتي الله يرضى عليها بتعُّدْ على هادا الشبّاك وبْتدْعيلي ..
والله يا سيدي كأني عايش بالجنّه !!
يتابع الشيخ ويقول : كل هذا يجري على مسامعي وأنا أصعد على الدرج بحذر خِشْيَةَ السقوط !!
لحظات ..
ووصلنا إلى الغرفة وسمع الشيخ صوتاً خافتاً من صاحب الدار يقول لزوجته في المطبخ :
حضّريلنا فطور .. الشيخ حسن حبنّكه حيفْطَرْ عندي !!
وصوت زوجته تقول : يا فضيحتي ما عندي أكل غير فول مدمّس ، وبقيان لأذان المغرب نص ساعة ..
لا عنا شي نطبخو !!
ولو عنا شي ما بلحّق أطبخ !!
بالكاد سمع الشيخ هذا الحوار .. فنادى على صاحب الدار
وقال له : يا أخي لي عندك شرط ..
فقال الرجل .. إمرْني سيدي ..
فقال الشيخ : أنا أفطر مع أذان المغرب على ماء و التمر ..
ولا آكل إلاّ بعد نصف ساعة من الأذان بعد ما أهضم الماء والتمر وأصلّي وأُنهي وِرْدي اليومي ..
ولا آكل إلاّ فول مدمّس ومْقَلاّيهْ ببطاطا مع الكزبرة والتوم ولا شيء غير ذلك فأنا على حمْيَةِ البطاطا ..
فقال الرجل : أمرك سيدي ..
فقال الشيخ : إذن دعني الآن لأختلي مع ربّي ..
وتمّ ما أراده الشيخ وأفطر عنده ثم غادر .
( يقول لنا الشيخ : لقد اخترت البطاطا لأنها زادُ الفقراء وأحسبها عندهم ) ..
وقد خرجتُ وكلّي سعادةٌ وبهجة وقد أحببتُ الدنيا من لسان هذا الرجل الذي مانَزَلَتْ من فمه عباراتُ الثناء والحمد على نعم الله وعلى هذا البيت الذي ملّكَهُ الله إيّاه وعلى هذه الحياة الجميلة التي يتغنّى بها !!
يقول الشيخ :
ثم دُعيت بعد أيام مع مجموعةٍ من الوجهاء على الإفطار عند أحد التجّار الأثرياء وكان من الذين أنعم الله عليهم بالمال والجاه والأولاد والحسب والنسب ..
وكانت الدعوة في مزرعةٍ فخمة فيها مما لذّ وطاب تتوسّطها ڤيلا أقرب ما تكون للقصر منها إلى الڤيلا ..
تُطلُّ على مسبحٍ ومرْبَطْ خيل فيه نوادر الخيل الأصيلة!
يقول الشيخ : أفطرنا عند الرجل ، وأثناء المغادرة ..
انفرد صاحب الدعوةِ بالشيخ حسن وشكى له من ضيق الحياة وهموم التجارة ومتاعب الأولاد وسوء طباع زوجته وطمع من حوله به ،
وكَثرَةِ المصاريف وجرْيه المُتْعِبْ لإرضاء الجميع ...
وسأَمِه من هذه الحياة ورغبته بالموت ليتخلّص من هذه الهموم!!
يقول الشيخ : من باب ڤيلَةِ صاحب الدعوه إلى باب سيارتي سَوَّدَ هذا الرجل الدنيا في عيوني ..
وأطبق عليَّ صدري وأنفاسي ، فنظرتُ إلى السماء بعد أن ركبتُ بسيّارتي وأنا أقول في قلبي :
الحمد لله على نعمةِ الرضا ..
فليست السعادةُ بكثيرٍ ندفع ثمنه !!
ولكن السعادةُ حُسنُ صِلَةٍ بالله ورضاً بما قَسَمَ الله عز وجل ..
الدكتور وائل عبد الرحمن حبنّكه الميداني
..
راقت لي جدا ، تأملوها ففيها درس يدرس فقط في مدارس الحياة