المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحكمة من أن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام



امـ حمد
02-10-2015, 03:19 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحكمة من أن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام
فإن اللحظة والساعة واليوم والدهر، في قدرة الله تعالى سواء، فقدرته سبحانه وتعالى،لا تحدها حدود ولا تقيدها قيود،وخلقه سبحانه وتعالى للسماوات والأرض في ستة أيام لحكم أرادها، ومن هذه الحكم التي ذكرها أهل العلم تعليم عباده أن التدرج في هذه الحياة سنة من سننه تعالى في هذا الكون فلا يستعجلوا الأمور قبل أوانها،
أن الله،عز وجل،قادر على كل شيء،وقدرته سبحانه ليس لها حدود،فله سبحانه مطلق القدرة وكمال الإرادة،ومنتهى الأمر والقضاء،وإذا أراد شيئًا قال له،كن،فيكون كما أراد،سبحانه وتعالى،وبالكيفية التي أرادها،قال تعالى(وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ)
قال ابن كثير في "تفسيره،والستة الأيام هي،الأحد، والاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، والخميس، والجمعة، وفيه اجتمع الخلقُ كلُّه، وفيه خُلِقَ آدم،عليه السلام،وكل يومٍ كألف سنة، كما نص على ذلك مجاهد، والإمام أحمد بن حنبل،
قال سعيد بن جبير،كان الله ،عز وجل ،قًادراً على خلق السموات والأرض في لمحة ولحظة، فخلقهن في ستة أيام، تعليماً لخلقه التثبُّت والتأني في الأمور، وقد جاء في الحديث(التأني من الله، والعجلةُ من الشيطان)
أمَّا الحكمةُ من خلق السموات والأرض في كل هذه المدة ،وكان الله قادراً أن يخلقها في لحظة،فمنها،أن الله، عز وجل،أرادَ أن يؤدب عباده، فخلق السمواتِ والأرض في ستة أيام،ليعظ عباده، وليعلمهم التأني، والتثبت في أمورهم، فإن الإنسان مجبول على العجلة، فأراد الله،عز وجل،أن يضع له مثالًا يظهر فيه التأني والتثبُّت، حتى يكون ذلك أدعى للمخلوق بأن يتأنى ويتثبت،
فبيَّن،جل وعلا ،للإنسان لشدة عجلته كأنه خُلِقَ من مادةِ العَجَلة نفسِها﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا ﴾الإسراء،فهذا فيه إشارةٌ وتعليمٌ للعباد في الرفق،والتأني في الأمور،
ومن عظيم الحِكَم في هذا أن الله، جل وعلا،أراد إظهار عظمة خلقِه، فإن خلق الشيءِ شيئًا بعد شيء أوقعُ في النفس، وأعون لها على التدبُّر،
ومن هذا المعنى الإشارةُ إلى الإمهال، وأن الله،عز وجل، يُمهِل خلقَه، فكما أنه جل وعلا ،قد خلق هذا الخلقَ متدرجاً، يومًا بعد يوم، فكذلك هو يمهِلهم، ويضع لهم الآجال، فيفتح بابَ التوبة للمنيب، ويُعذِر للكافر من الحكم الجليلة العظيمة، التي لو تأمل فيها الإنسانُ، لانبَهَرَ من عظيم حكمته ،جل جلالُه،
قال الشيخ عبدالعزيز بن باز، رحمه الله،أنه خلقها في ستة أيام؛ ليُعلِّم عباده عدمَ العجلة، وأن يتدبروا الأمور ويتعقَّلوها، فربُّهم الذي يعلم كلَّ شيء، وهو القادر على كل شيء، لم يَعْجَل في خلق السموات، ولا في خلق الأرض، بل جَعَلَها في ستة أيام، ولم يعْجَل في خلق آدم، ولم يعْجَل في خلق الأشياء الأخرى، بل نَظَّمها ودبَّرها أحسنَ تنظيم، وأحسنَ تدبير، ليُعَلِّم عباده التريُّثَ في الأمور، وعدم العجلة في الأمور، وأن يعْمَلوا أمورهم منظمةً، موضحةً، تامةً، على بصيرةٍ، وعلى علمٍ، من دون عجلةٍ وإخلالٍ بما ينبغي فيها، وهو،سبحانه، مع كونه قادرًا على كل شيءٍ، وعالمًا بكل شيء، مع ذلك لم يعْجَل، بل خلقها في ستة أيام، وهو قادرٌ على خلقها في لمحةٍ،أو دقيقة﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ يس،فجعلها منظمةً، مدبرةً في أيام معدودات؛ ليُعَلِّم عباده كيف يعملون،وكيف ينظمون أمورَهم، وكيف يتريَّثون في الأمور ولا يعْجَلون، حتى تنتظِم مصالِحُهم،وحتى تستقيمَ أمورُهم على طريقةٍ واضحةٍ، وطريقةٍ يطمئنُّون إليها، فيها مصالِحُهم، وفيها ما ينفعُهم، ويدفعُ الضرَرَ عنهم،
وقد أشار الله ،سبحانه، إلى هذا المعنى، قال ،عز وجل ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ هود، فأخبَرَ أنه خلقها هكذا، ليبلونا، وليختبرنا، أيُّنا أحسن عملًا، وأتقنُ عملًا، وأكملُ عملًا،فالعجِل الذي لا يتدبر الأمور قد يُخِل بالعمل، فالله خلقها في ستة أيام، ليبتلي العباد بإتقانِ، وإحسانِ أعمالهم، وعدم العجلة فيها، حتى لا تختلَّ شؤونهم ومصالحهم﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾هود،وجعل ما على الأرض من جبالٍ وأشجارٍ، ونباتٍ، وحيواناتٍ،ومعادنَ، وغيرِ ذلك، ليبلوَ العباد، ليختبرهم أيُّهم أحسنُ عملًا في استخراج ما في هذه الأرض،والاستفادةِ من ذلك، والانتفاعِ بذلك، وقال،سبحانه﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾الملك،
ففي هذه الآيات وما جاء في معناها؛ الدلالةُ على أنه،سبحانه،خلق هذه الأشياء بهذا التنظيم، وبهذه المدة المعيَّنة، ليبلوَ عباده، ويختبرَهم أيُّهم أحسنُ عملًا، ما قال،أكثرُ عملًا، قال، أحسن، فالاعتبارُ بالإتقانِ، والإكمالِ، والإحسانِ، لا بالكثرةِ

.

الحسيمqtr
02-10-2015, 09:11 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
02-10-2015, 02:31 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس
بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس