نديم القلم
03-10-2015, 10:51 PM
غالباً مانشعر بالضجر عندما نرى طوابير من السيارات أثناء فترة إنتظار تسييرها عند الإشارات الضوئية أو إنتظار الدور في المستشفيات والمؤسسات الخدمية التي يتهافت عليها البشر لقضاء مصالحهم ، حيث تطول مدة الأنتظار التي يحدد مدتها قوتان تسعيان لتحقيق وحدة الهدف .. فالمعاناة تصبح أكثر ضجراً عندما يزداد الإزدحام دون أن يقابله قوة تسيره وتنفذ حاجياته فيتولد التذمر من إنقضاء وقت أطول من المعتاد لتنفيذه ، وقد لفت أنتباه كل من يعيش على أرض قطر ماحفلت به بلادنا من إزدحام بشري إثر تزايد الوفود البشرية إليها ، ومبعث الأنتباه هي المعاناة الناتجة من عدم التكافؤ بين عدد السكان والخدمات الحكومية المتاحة لحاجة البشر ، فتبرز نتائجها على وجوه الإقتصاد ولأمن والصحة كالتضخم ونشوء الجرائم والحوادث النوعية بسبب إختلال التوازن بين قوتي الحاجات والخدمات فتغدوا الثانية أقل من ما يجب عن الأولى وهي مكمن المشكلة التي تهيمن على أولويات القضايا التي تهم المجتمع الذي ينتظر إستجابة الحكومة كي تتحرك في الإتجاه المضاد لتعيد التوازن بين كمية الحاجات وكمية الخدمات .
ولا شك أن أي دولة ناهضة تسعى لتحقيق رغباتها في ظل ندرة العناصر البشرية البناءة فلها أن تستعين بالأيدي العاملة من الخارج لسد العجز البشري ، والسؤال : ماهو العدد المستعان به من الخارج ؟ وهل يظل باب التوافد مفتوحاً إلى ما لا نهاية دون ضوابط وقيود تحدد الأعتبارات الأخرى كالأمن القومي وحماية الوطن وسلامته ؟ وماذا لو نُظر إلى أهمية البناء والتنمية بمعزل عن أعتبارات الأمن القومي الذي يجلب الأمان للشعب والمحافظة على القيم والتراث والدين ؟ و هل زيادة التوافد البشري تسبب خطراً خفياً يتوارى وراء ستار التنمية والبناء في شتى المجالات ؟ وهل تستطيع أجهزة الدولة أن تسيطر على مجريات الأمور وتتحكم فيها إذا وقع مايمس بأمن وسلامة الوطن ؟
إن تعيين نقطة التوازن في مسطرة (الطموحات ولأمن القومي ) ليست بالمهمة السهلة ، فالتنازع بين قوتي الطموح لأجل البناء ولإزدهار وبين الحفاظ على أمن الدولة وسلامتها تفرضه ظروف واعتبارات ممزوجة تصب في مصلحة الدولة تحتاج إلى بصيرة تخرق بواطن التحديات وهي أشبه بالوقوف على نقطة توازن الربحية والسيولة التي تنتهجها البنوك التجارية في مسطرة النشاط المالي ، فأي تغليب لقوى على حساب القوى المضادة قد يؤثر على نشاط البنك بل على كيانه ..
في عام 2006 م سألني أحد الأكاديميين العرب و بنبرة تشكيك عن مدى قدرة قوات المؤسسات والهيئات الخدمية في الدولة من تلبية حاجات المجتمع ومدى قدرتها على التحكم والسيطرة معرباً عن قلقه من مشكلة التوافد المتزايد لقطر ..! وتسائل عن مدى إمكانية الإستعدادات لمواجهة أي أمر طارئ ..
ولأن عوامل التحديات وسبل مواجهتها واستيعابها تتغير بشكل مستمر رأيت أن من الخطأ الإجابة على سؤاله بشكل محدد وقاطع كي لا أدخل معه في مناظرة قد يأسرني بالمنطق وأخسر الحوار فأجبته " بأن تسائلك أشبه تماماً بفرقة الإطفاء التي تكافح الحريق فالإنتصار سيحسمه الأقوى ولأشد ..! " فما كان يدور بخلده قد سبقته فيه عندما أحتضن تفكيري تخيلات المستقبل وتأملاته ، فمشكلة تحديد التوازن بين العدد الأمثل وأعتبارات المصلحة الوطنية للبلاد قد تعد معقدة وصعبة ولكنها ليست مستحيلة ، فلو تُركت تلك القوتين المتضادتين ومالت كفة على حساب أخرى فسيقع ضلالها السلبي على مصلحة البلاد مؤثرة على عوامل إرتكازية أهمها هو القيم والعقائد والتراث ولأقتصاد الوطني ..
لقد كان تسائله محل أهتمام كل مواطن فقد بدأنا نكتشف النتائج بكل سهولة على جميع الأصعدة ولتناول عامل من العوامل التي أثر فيها زيادة عدد الوافدين وإن لم يكن ذا أهمية قصوى وهو عامل الأمن المروري بأعتباره ماثلاً لعيان الجميع وهو الإزدحام المروري كخير مثالاً حي يؤرق مستخدمي الطرق والأكثر حيوية في طرح الواقع .. ففي الماضي كان الوقت المستغرق بين نقطتي الإنطلاق والوصول أقل بالرغم من نفس المسافة وأقل تكلفاً وتسخطاً وتضجرا بعكس الواقع الحالي الذي أضحى أكثر إيلاماً من الأمس القريب ، ولعل القارئ يتسائل وفي ذهنه ترتسم معالم الطرق وهواجسه ... ماذا لو حاولت سيارات الأسعاف أو الدفاع المدني شق الزحام للوصول الى هدفها الإنساني ؟! الإجابة لاتحتاج إلى إستنباط أو تفكير عميق فعنصر الوقت لقوات الطوارئ أساسي للإنقاذ وتتناقص قيمته كلما تزايد وقت الوصول ويصبح لا معنى له إذا ألتهم الأزدحام المروري وقت الوصول المستغرق وبات الهدف مهدداً بين أساطيل السيارات !
فالهاجس من التوافد البشري وبعيداً عن عدم مقابلتها بتطوير الخدمات المختلفة لاستيعابها باتت مخيفة حتى على التركيبة السكانية التي ضألت نسبة المواطنين إلى مقدار غير مسبوق تتداعى لها المؤثرات على الإعلام والتراث والسلوك الوطني الذي أنحنى أمامها إستجابةً لها ..! حتى لغتنا العربية التي تُعد أساس عمادنا الوطني لم تسلم منه وباتت تنافسها لغات أخرى إن لم تتراجع في المرتبة الثانية ، فأصبحنا نتلمس ذلك من قوائم الإعلانات التجارية والرسائل التي أزعجتنا بها مؤسسات وطنية صيغت بلغة أجنبية ..! وأخشى ما أخشاه أن تتضائل اللغة العربية كليةً قسراً من مضامير الأجهزة الحكومية وتحل محلها اللغة الدنيوية التي يبتهج بها البعض كأسلوب تخاطب فيما بينها .. وغاية العجب أننا أصبحنا نرى أناس وافدون هم من يُمثل بعض مؤسساتنا الحكومية بالخارج - في قضايا لم تكن يوماً صعبة على الكوادر الوطنية - حاولت معرفة الحكمة من مشاركتهم فلم أهتدي الى جواب يشفي غليلي ..!
لقد حدثنا التاريخ عن دولاً أقامت سياجاً وحراسة شديدة وقيوداً على مقوماتها الوطنية الأساسية كلغتها ودينها وتراثها كي لا تتأثر بثقافة الوافدين ، فقد أغلقت اليابان في القرن الثامن عشر حدودها مع الخارج ومنعت الإختلاط بالأجانب - إلا فئة التجار الأجانب -كي لا تتأثر قيمهم ولغتهم وظلت عقدا من الزمن حتى خففت القيود بقوانين حماية يصعب إختراقها الوافدين ، واجتاح هتلر في الحرب العالمية الثانية فيينا كي يعيد هيبة اللغة والتراث الألماني الذي غيره يهود النمسا بغية التحول إلى الماركسية ، وتُقدم المأكولات الايرانية للوفود الرسمية الأجنبية كجزء من التشبث بالتراث الوطني الإيراني .. فهل لنا أن نتشبث سلماً بلغتنا وتراثنا قبل أن يغيره الأخرون طواعية منا ؟!
رُبما لاتسعفني الذاكرة لذكر كل سلبيات التوافد البشري - ولا أعني سلبيات سلوك الوافدين - الذي لايتفق مع أهداف التنمية والبناء حسب معتقدي إما لضيق أفق توقعي بجميع المؤثرات وإما لعدم رغبتي الخوض في المؤثرات المستقبلية لكي لا تصبح مثار جدال ونقاش يصعب إقامة براهينها للمتشككين في توقعها من بعض القراء حسبما تمليه عليهم ثقافتهم بمنظور عقيدتهم ، فقد نختلف على واقع بعينه من زاوية نظر كلاً منا إلى ركن معين فكيف لو كان التوقع مستقبلياً لا يُرى إلا بعيون التأمل والتخيل رُبما لا يتأمله ويتخيله الكثير !
ولهذا أرى أن إعادة تقوية عامل التنسيق بين المؤسسات الحكومية بات ضرورياً وهدفاً استيراتيجياً في هذه المرحلة لتحديد نقطة التوازن بين عدد الوافدين وقدرة أجهزة الدولة الخدمية على استيعابهم لتحقق رفاهية المجتمع دون الإغفال عن زيادة نسبة المواطنين / الوافدين التي أصبحت ضرورة ملحة غاية في الأهمية وإن أقتضى الأمر على صعوبة تحقيقة فالرأي الذي يتفق معي فيه الكثير هو التضحية من خلال خفض عدد الوافدين ، ومن الصواب البدء في العمالة السائبة والجدية في تقطير الوظائف وإعادة تعيين العدد الأمثل لكل المؤسسات الحكومية وزيادة الأعتماد على الكادر الوطني حينذاك سنرى التركيبة السكانية قد بدأت تتشكل في صالح الوطن .
ولا شك أن أي دولة ناهضة تسعى لتحقيق رغباتها في ظل ندرة العناصر البشرية البناءة فلها أن تستعين بالأيدي العاملة من الخارج لسد العجز البشري ، والسؤال : ماهو العدد المستعان به من الخارج ؟ وهل يظل باب التوافد مفتوحاً إلى ما لا نهاية دون ضوابط وقيود تحدد الأعتبارات الأخرى كالأمن القومي وحماية الوطن وسلامته ؟ وماذا لو نُظر إلى أهمية البناء والتنمية بمعزل عن أعتبارات الأمن القومي الذي يجلب الأمان للشعب والمحافظة على القيم والتراث والدين ؟ و هل زيادة التوافد البشري تسبب خطراً خفياً يتوارى وراء ستار التنمية والبناء في شتى المجالات ؟ وهل تستطيع أجهزة الدولة أن تسيطر على مجريات الأمور وتتحكم فيها إذا وقع مايمس بأمن وسلامة الوطن ؟
إن تعيين نقطة التوازن في مسطرة (الطموحات ولأمن القومي ) ليست بالمهمة السهلة ، فالتنازع بين قوتي الطموح لأجل البناء ولإزدهار وبين الحفاظ على أمن الدولة وسلامتها تفرضه ظروف واعتبارات ممزوجة تصب في مصلحة الدولة تحتاج إلى بصيرة تخرق بواطن التحديات وهي أشبه بالوقوف على نقطة توازن الربحية والسيولة التي تنتهجها البنوك التجارية في مسطرة النشاط المالي ، فأي تغليب لقوى على حساب القوى المضادة قد يؤثر على نشاط البنك بل على كيانه ..
في عام 2006 م سألني أحد الأكاديميين العرب و بنبرة تشكيك عن مدى قدرة قوات المؤسسات والهيئات الخدمية في الدولة من تلبية حاجات المجتمع ومدى قدرتها على التحكم والسيطرة معرباً عن قلقه من مشكلة التوافد المتزايد لقطر ..! وتسائل عن مدى إمكانية الإستعدادات لمواجهة أي أمر طارئ ..
ولأن عوامل التحديات وسبل مواجهتها واستيعابها تتغير بشكل مستمر رأيت أن من الخطأ الإجابة على سؤاله بشكل محدد وقاطع كي لا أدخل معه في مناظرة قد يأسرني بالمنطق وأخسر الحوار فأجبته " بأن تسائلك أشبه تماماً بفرقة الإطفاء التي تكافح الحريق فالإنتصار سيحسمه الأقوى ولأشد ..! " فما كان يدور بخلده قد سبقته فيه عندما أحتضن تفكيري تخيلات المستقبل وتأملاته ، فمشكلة تحديد التوازن بين العدد الأمثل وأعتبارات المصلحة الوطنية للبلاد قد تعد معقدة وصعبة ولكنها ليست مستحيلة ، فلو تُركت تلك القوتين المتضادتين ومالت كفة على حساب أخرى فسيقع ضلالها السلبي على مصلحة البلاد مؤثرة على عوامل إرتكازية أهمها هو القيم والعقائد والتراث ولأقتصاد الوطني ..
لقد كان تسائله محل أهتمام كل مواطن فقد بدأنا نكتشف النتائج بكل سهولة على جميع الأصعدة ولتناول عامل من العوامل التي أثر فيها زيادة عدد الوافدين وإن لم يكن ذا أهمية قصوى وهو عامل الأمن المروري بأعتباره ماثلاً لعيان الجميع وهو الإزدحام المروري كخير مثالاً حي يؤرق مستخدمي الطرق والأكثر حيوية في طرح الواقع .. ففي الماضي كان الوقت المستغرق بين نقطتي الإنطلاق والوصول أقل بالرغم من نفس المسافة وأقل تكلفاً وتسخطاً وتضجرا بعكس الواقع الحالي الذي أضحى أكثر إيلاماً من الأمس القريب ، ولعل القارئ يتسائل وفي ذهنه ترتسم معالم الطرق وهواجسه ... ماذا لو حاولت سيارات الأسعاف أو الدفاع المدني شق الزحام للوصول الى هدفها الإنساني ؟! الإجابة لاتحتاج إلى إستنباط أو تفكير عميق فعنصر الوقت لقوات الطوارئ أساسي للإنقاذ وتتناقص قيمته كلما تزايد وقت الوصول ويصبح لا معنى له إذا ألتهم الأزدحام المروري وقت الوصول المستغرق وبات الهدف مهدداً بين أساطيل السيارات !
فالهاجس من التوافد البشري وبعيداً عن عدم مقابلتها بتطوير الخدمات المختلفة لاستيعابها باتت مخيفة حتى على التركيبة السكانية التي ضألت نسبة المواطنين إلى مقدار غير مسبوق تتداعى لها المؤثرات على الإعلام والتراث والسلوك الوطني الذي أنحنى أمامها إستجابةً لها ..! حتى لغتنا العربية التي تُعد أساس عمادنا الوطني لم تسلم منه وباتت تنافسها لغات أخرى إن لم تتراجع في المرتبة الثانية ، فأصبحنا نتلمس ذلك من قوائم الإعلانات التجارية والرسائل التي أزعجتنا بها مؤسسات وطنية صيغت بلغة أجنبية ..! وأخشى ما أخشاه أن تتضائل اللغة العربية كليةً قسراً من مضامير الأجهزة الحكومية وتحل محلها اللغة الدنيوية التي يبتهج بها البعض كأسلوب تخاطب فيما بينها .. وغاية العجب أننا أصبحنا نرى أناس وافدون هم من يُمثل بعض مؤسساتنا الحكومية بالخارج - في قضايا لم تكن يوماً صعبة على الكوادر الوطنية - حاولت معرفة الحكمة من مشاركتهم فلم أهتدي الى جواب يشفي غليلي ..!
لقد حدثنا التاريخ عن دولاً أقامت سياجاً وحراسة شديدة وقيوداً على مقوماتها الوطنية الأساسية كلغتها ودينها وتراثها كي لا تتأثر بثقافة الوافدين ، فقد أغلقت اليابان في القرن الثامن عشر حدودها مع الخارج ومنعت الإختلاط بالأجانب - إلا فئة التجار الأجانب -كي لا تتأثر قيمهم ولغتهم وظلت عقدا من الزمن حتى خففت القيود بقوانين حماية يصعب إختراقها الوافدين ، واجتاح هتلر في الحرب العالمية الثانية فيينا كي يعيد هيبة اللغة والتراث الألماني الذي غيره يهود النمسا بغية التحول إلى الماركسية ، وتُقدم المأكولات الايرانية للوفود الرسمية الأجنبية كجزء من التشبث بالتراث الوطني الإيراني .. فهل لنا أن نتشبث سلماً بلغتنا وتراثنا قبل أن يغيره الأخرون طواعية منا ؟!
رُبما لاتسعفني الذاكرة لذكر كل سلبيات التوافد البشري - ولا أعني سلبيات سلوك الوافدين - الذي لايتفق مع أهداف التنمية والبناء حسب معتقدي إما لضيق أفق توقعي بجميع المؤثرات وإما لعدم رغبتي الخوض في المؤثرات المستقبلية لكي لا تصبح مثار جدال ونقاش يصعب إقامة براهينها للمتشككين في توقعها من بعض القراء حسبما تمليه عليهم ثقافتهم بمنظور عقيدتهم ، فقد نختلف على واقع بعينه من زاوية نظر كلاً منا إلى ركن معين فكيف لو كان التوقع مستقبلياً لا يُرى إلا بعيون التأمل والتخيل رُبما لا يتأمله ويتخيله الكثير !
ولهذا أرى أن إعادة تقوية عامل التنسيق بين المؤسسات الحكومية بات ضرورياً وهدفاً استيراتيجياً في هذه المرحلة لتحديد نقطة التوازن بين عدد الوافدين وقدرة أجهزة الدولة الخدمية على استيعابهم لتحقق رفاهية المجتمع دون الإغفال عن زيادة نسبة المواطنين / الوافدين التي أصبحت ضرورة ملحة غاية في الأهمية وإن أقتضى الأمر على صعوبة تحقيقة فالرأي الذي يتفق معي فيه الكثير هو التضحية من خلال خفض عدد الوافدين ، ومن الصواب البدء في العمالة السائبة والجدية في تقطير الوظائف وإعادة تعيين العدد الأمثل لكل المؤسسات الحكومية وزيادة الأعتماد على الكادر الوطني حينذاك سنرى التركيبة السكانية قد بدأت تتشكل في صالح الوطن .