المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوسطية ( البعد عن الإفراط والتفريط )



امـ حمد
05-10-2015, 07:15 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة وبركاته
الوسطية ( البعد عن الإفراط والتفريط )
لا إفراط ولا تفريط،هي قاعدة شرعية مستفادة من جملة كبيرة من نصوص الكتاب والسنة تنهى عن الغلو والتنطع والتكلف،
الإسلام منهج وسط في كل شيء،في الاعتقاد والتعبد،والأخلاق والسلوك ،والمعاملة والتشريع،والأمة الإسلامية هي الأمة الوسط،وقد جاء وصفها بالوسطية في قول اللـه تعالى(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً )البقرة،فتح الباري بشرح صحيح البخاري،فهي أمة العدل والاعتدال،التي تشهد في الدنيا والآخرة على كل انحراف يميناً أو شمالاً عن خط الوسط المستقيم،
وتبدو وسطية الإسلام واضحة وظاهرة في منهاجه الأعدل والأقوم،
فالمنهاج الإسلامي القائم على الإيمان بالله،ووحدانيته، وتنزيهه، وإفراده سبحانه وتعالى،بالعبادة هو وحده الذي يضمن للبشر أن يتخلصوا من عبادة غير الله عز وجل،
وهو المنهاج الوسط الذي لا إفراط فيه،ولا تفريط، ولا غلو،ولا تقصير،فلم تتخذ الأمة الإسلامية السائرة على صراط الله المستقيم، أنداداً لله سبحانه، ولم يصفوا الله بأوصاف لا تليق به، كما فعلت اليهود،حين وصفوه بالفقر،وبأن يده مغلولة،
ولم تضل كما ضلت النصارى،الذين شبهوا المخلوق بالخالق،وأضفوا على عيسى عليه السلام خصائص الألوهية، فغلوا فيه،وجعلوه شريكاً لله،
ومنهاج الأمة الإسلامية،هو المنهاج الوسط المعتدل في أنبياء الله ورسله، إذ آمنوا بهم جميعاً، ولم يفرقوا بين أحد منهم، أو ينقصوه،أو يقتلوا أنبياء الله،كما فعلت اليهود،
ولم يغلوا في أحد منهم، كما فعلت النصارى مع عيسى ابن مريم -عليه السلام- وإنما قدروهم حق قدرهم،
عنِ ابنِ عباسٍ أنه سمع عمر،رضي الله عنه،يقول على المنبرِ سمعت النَّبِى،صلى الله عليه وسلم،يقول(لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم،فإنما أنا عبده،فقولوا عبد اللَه ورسوله)رواه البخاري،
ووسطية أهل الإسلام المستقيمين على هدية تبدو في الاعتدال والتوازن بين مطالب الدنيا والنظرة إليها، ومطالب الآخرة والعمل لها، والأخذ بالأسباب المؤدية إلى ذلك دون إفراط أو تفريط، ودون إسراف أو تقتير،قال تعالى(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ)القصص،
يقول الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية،أي،استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة، في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات، التي يحصل لك بها الثواب في الدار الآخرة،
(وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) أي،مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن وغير ذلك، فإن لربك عليك حقًّا،ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقاً)
ولقد ذم الله اليهود لشدة حرصهم على الدنيا(وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ)(البقرة،
وذم سبحانه النصارى الذين غلوا وابتدعوا رهبانية لم يشرعها الله،كما قال الله عنهم(وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا)الحديد،
لقد ذمهم الله لابتداعهم في دينه ما لم يأذن به،ولما بلغ الرسول،صلـى الله عليه وسلم،فعنأنس بن مالك رضي الله عنه يقول،جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم،فلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبدا وقال آخر أنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال آخر أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً،
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال(أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له،لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني)
متفق عليه،
فالإسلام وسط بين من غلا في أمر الدنيا ولم يهتم بالآخرة، وبين من غلا في أمر الآخرة، ونظر إلى الدنيا نظرة ازدراء وابتعاد،
وتشريع الله في العبادة، تشريع متوسط معتدل، بين الإفراط والتفريط، والغلو والتقصير(وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا)الإسراء ،
ومن الوسطية في الإسلام الاعتدال في تناول الطيبات(يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )الأعراف،
كما يبـدو المنهاج الوسط في النظر إلى المال وملكيته وحق الفرد وحق الجماعة فيه، فقد أقر الإسلام ملكية الفرد للمال، إلى جانب التأكيد بأن للجماعة فيه حقاً مقدراً ومحدداً، يخصص لفقراء المسلمين، وهو الزكاة، قال تعالى(وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ )الذاريات،
وهذا المنهاج في النظر إلى المال، هو المنهاج الأكمل والأعدل، في تنظيم أمر مهم وجوهري في حياة الإنسان، وهو يتفق مع فطرة الإنسان وغريزته في حب التملك والاستئثار، ويوازن بينها وبين حق المجتمع في مال اللـه، وأن المال،حتى لو كان مملوكاً للفرد،فيه حقوق لله وللجماعة،
كما أمر الله تعالى بالاعتدال والتوازن في الإنفاق فقال تعالى(وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا )الإسراء،
هذه الوسطية في التشريع الإسلامي، في عقيدته وعباداته ومعاملاته وأحكامه وتشريعاته، جعلت منه تشريعاً صالحاً للناس في كل زمان ومكان، يجنب الأمة الغلو والشطط الذي نراه في كثير من شرائع البشر التي تختلف وتتعارض بحسب الزمان والمكان، والظروف والأهواء،هل تأملنا في هذه الآية،الوسطية نعم لا إفراط ولا تفريط
ما أروع هذا الدين الذي ارتضاه لنا رب العالمين يقول الحق سبحانه (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا ﴾الحمد لله على تمام النعمة،
نحن الأمة الوحيدة بفضل الله تعالى،من يعبد الله ولا يشرك به أحد،إنها نعمة حين ترى غيرك يعبد الحجر والشجرلا إفراط ولا تفريط
الحمد لله الذي جعلنا من عباده المسلمين، المؤمنين،
لا إفراط،لا تظن أنك المؤمن الوحيد اسأل الله الإخلاص والقبول،
لا تفريط،لا تترك العبادة فالله سبحانه حملنا من العبادة ما نطيق من صلوات وصوم وحج وزكاة،
لا إفراط، في الشهوات فالله أحل الحلال من أكل وشرب ،
لا تفريط ،لا تطلق العنان لشهواتك من أكل حرام وزنا،
قاعدة شرعية مستفادة من جملة كبيرة من نصوص الكتاب والسنة تنهى عن الغلو والتنطع والتكلف،
( الإفراط ) وتنهى عن الإثم والعصيان والتهاون بحدود الله،
( التفريط ) وتأمر بالتوسط وتصف هذه الأمة بأنها أمة وسط،
الخوف والرجاء،المسلم يرجوا ماعند الله ولكن يخافه ويخشاه،قال تعالى(إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ )الأنبياء،
نسأل الله أن يبصرنا بالحق، والذي اختاره الله للأمة ديناً وحقا،وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه،ونسأله أن يعيذنا من نزغات الشيطان وأوهامه ووساوسه،وأن يجعلنا من الذين أنار قلوبهم بطاعته، وبصرهم بالحق، ودلهم عليه،ورزقهم الهدى والاستقامة والسلوك إلى الصراط السوي الذي يؤدي بهم إلى النجاة في الآخرة.

الحسيمqtr
05-10-2015, 07:51 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
06-10-2015, 08:19 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس




بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك أخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس