المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير



امـ حمد
28-10-2015, 05:35 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وهذا الخليفة الراشد الذي ملئ الدنيا عدلاً ورحمة،وهو الذي بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم،بالنعيم والجنات،هو من كان يتواضع لعباد الله آخذاً منهم النصيحة،
الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه،وهو أمير للمؤمنين،يقول( رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي )وكان يسأل سلمان عن عيوبه، فلما قدم عليه قال،ما الذي بلغك عني مما تكرهه،
قال،أعفني يا أمير المؤمنين فألح عليه،فقال،بلغني أنك جمعت بين إدامين على مائدة وأن لك حلتين حلة بالنهار،وحلة بالليل.،قال،وهل بلغك غير هذا،قال،لا،قال،أما هذان فقد كفيتهما،
وكان يسأل حذيفة ويقول له،أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم،في معرفة المنافقين فهل ترى علي شيئاً من آثار النفاق،
فهو على جلالة قدره وعلو منصبه هكذا كانت تهمته لنفسه رضي الله عنه،
رحمك الله يا عمر،علم وإيمان وتواضع،رضي الله عنك وعن جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
أما نحن فما أن يتعلم أحدنا كلمة أو جملة تعظُم نفسه في عينه فيصبح لا يقبل نصيحة ولا يٌقال له قد كتبت الكلمة الفلانية بطريقة خاطئة نعوذ بالله من الكبر والعجب،
فكل من كان أرجح عقلاً وأقوى في الدين،كان أكثر تواضعاً، وأبعد عن الكبر والإعجاب وأعظم اتهاماً لنفسه، وهذا يعتبر نادراً يعز وجوده،
قيل لبعض العلماء،وقد اعتزل الناس وكان منطوياً عنهم،لم امتنعت عن المخالطة،فقال،وماذا أصنع بأقوام يخفون عني عيوبي،
هكذا كان العلماء،
أما نحن إن تضع رداً فيه تعقيب أو تصحيح لكلمة خاطئة حتى تسمع ما لا يعجبك،لا نريد مداهنة من أحد ولا شكراً لموضوع مليء بالأخطاء ولم تنبه صاحبه إلى أخطائه التي وقع فيها،
نحن بشر لسنا معصومين ولا كاملين فالكمال لله وحده فأكيد لازم نخطأ حتى نتعلم وعدم الإعتراف بالخطأ هو من الكبر والعجب،
فالإنسان لكي يطور من نفسه عليه أن يعرف أخطاءه ونقائصه لكي يصححها ولا يقع فيها مستقبلاً وإلا ما الفائدة اذا كان يخطأ ويخطأ ويستمر في الخطأ ولا يقبل ناصحا ولا مصححاً فسيبقى حيث هو يبرح مكانه ،
فكانت شهوة صاحب الدين في التنبيه على العيوب،عكس ما نحن عليه،وهو أن أبغض الناس إلينا الناصحين والمنبهين لنا على عيوبنا،وأحب الناس إلينا الذين يمدحوننا مع أن المدح فيه أضرار عظيمة كالكبر والإعجاب والكذب،وهذا دليل على ضعف الإيمان
ولا نفرح بمن ينبهنا عليها ولا نشتغل بإزالتها،بل نقابل نصح الناصح بقولنا له،وأنت فيك وفيك ناظر نفسك ولا عليك منا كلٌ أبصر بنفسه،
ونشتغل بالعداوة معه عن الانتفاع بنصحه،لا أن نلوم ونوبخ من نبهنا عن غفلتنا وأرشدنا إلى الصواب، وذكرنا بالله وهدي رسول الله،بحجة أننا لا نخطئ،بدل ما نشكره على نصحه بتنبيهه لنا على عيوبنا،بل ندعو الله كي يرحم من أهدى إلينا عيوبنا،هذا هو مجتمع الذوق الرفيع الذي رباه محمد صلى الله عليه وسلم،أن المسلم مرأةُ أخيه،
هذ مرتبة ينبغي أن نعود إليها،لا أن نتبع العورات والزلات والهفوات،
قال الفضيل(المؤمن يستر وينصح،والفاجر يهتك ويُعيِّر )
فهذا الذي ذكره الفضيل من علامات النصح والتعيير، وهو أن النصح يقترن به الستر،والتعيير يقترن به الإعلان،
عن جعفر بن برقان قال،قال لي ميمون بن مهران( يا جعفر قل لي في وجهي ما أكره،فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره)
عن الشافعي قال،من وعظ أخاه سراً فقد نصحه,وزانه،ومن وعظه علانية فقد فضحه وخانه،
وكان السلف يكرهون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويحبون أن يكون سراً فيما بين الآمر والمأمور، فإن هذا من علامات النصح، فإن الناصح ليس له غرض في إشاعة عُيوب من ينصحُ له، وإنما غرضه إزالة المفسدة التي وقع فيها،
وأما إشاعة وإظهار العيوب فهو مما حرمه الله ورسوله،
قال الله تعالى(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)النور،
فشتان بين من قصدُهُ النصيحة،وبين من قصدُهُ الفضيحة،
وعقوبة من أشاع السوء على أخيه المؤمن، وتتبع عيوبه، وكشف عوراته، أن يتَّبع الله عورته ويفضحه ولو في جوف بيته، كما رُوي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم،من غير وجه وقد أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من وجوه متعددة.
وأخرج الترمذي من حديث واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(لا تُظْهِر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك)
وخرَّج من حديث معاذ(من عيَّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله)
ومِن أظهرِ التعيير، إظهارُ السوء وإشاعتُه في قالب النصح ،وكان في الباطن إنما غرضه التعيير والأذى، فهو من إخوان المنافقين الذين ذمهم الله في كتابه،

اللهم ألهمنا رشدنا وبصرنا بعيوبنا وأشغلنا بمداواتها ووفقنا للقيام بشكر من يطلعنا على مساوئنا بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

الحسيمqtr
28-10-2015, 12:27 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
28-10-2015, 02:14 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك أخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس