مشاهدة النسخة كاملة : لباس المرأة المسلمة وزينتها
محمد رفقى
08-11-2015, 09:28 PM
فهرس الموضوع
• مقدمة
• التعريف بأسماء مكونات لباس المرأة
• لماذا لم يكن عنوان هذا الموضوع ((حجاب المرأة المسلمة)) ؟
• هل فرضت الشريعة طرازا معينا أو لونا محددا لزي المرأة ؟
• الشروط الواجب توافرها في لباس المرأة
• معالم ستر بدن المرأة في القرآن الكريم من سورة الأحزاب
• تعقيب على آية الجلباب
• السياق التشريعي لنزول حكم الجلباب وبيان علّة تشريعه
• معالم ستر بدن المرأة في القرآن الكريم من سورة النور
• تعقيب علي الآيات من سورة الأحزاب وسورة النور
• أدلة من القرآن مع بيانها من السنة علي سفور وجه المرأة
• أدلة من السنة المطهرة علي سفور وجه المرأة
• قرائن إضافية علي مشروعية سفور وجه المرأة
• النقاب بين الجاهلية والإسلام
• من أقوال فقهاء المذاهب في مشروعية سفور الوجه
• من نقول الفقهاء لمذاهب الأئمة في مشروعية سفور الوجه
• من أقوال بعض الفقهاء في مشروعية سفور الوجه
• اتفاق الفقهاء المتقدمين علي أن الوجه ليس بعورة
• صدور قول شاذ ينقض إتفاق الفقهاء المتقدمين
• مواقف فقهاء من المذهب الحنبلي من اتفاق الفقهاء المتقدمين
• الدليل علي أن العورة واحدة
• الخلاصة
• وجوب كشف المرأة وجهها في الإحرام
• في كم تصلي المرأة من الثياب
• الشرط الثاني في لباس المرأة وزينتها
• الدليل العام للشرط الثاني
• تساؤلات حول زينة المرأة
• الشرط الثالث في لباس المرأة
• الشرط الرابع في لباس المرأة
• الشرط الخامس في لباس المرأة
• الشرط السادس في لباس المرأة
• الشرط السابع في لباس المرأة
/// حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه:
• قول ابن تيمية عن نسخ آية الزينة
• (ما ظهر منها) هو ما ظهر من المرأة من غير قصد
• تفسير الزينة ببعض بدن المرأة خلاف معني الزينة في لغة العرب
• قول ابن عباس: "وجهها وكفيها" تفسيراً للزينة التي نهين عن إبدائها
• تفسير الزينة بالكحل دلالة علي أن موضع الكحل هو العين لا الوجه كله
• قول ابن حجر ( فاختمرن بها ) أي غطين وجوههن.
• يلزم من وجوب ستر الرأس والصدر وجوب ستر الوجه
• صوت الخلخال أشد أم فتنة الوجه.
• وجه المرأة أجمل من الساقين فكيف لا تشمله العورة
• حديث "المرأة عورة"
• حديث "لا تنتقب المحرمة"
• النهي عن النقاب في الإحرام ليس لكونه غطاء للوجه
• آية الحجاب تفيد وجوب ستر الوجه وهو عام لنساء المؤمنين
• حديث (إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه)
• حديث المرأة سفعاء الخدين
• حديث الخثعمية ليس فيه امرأة كانت سافرة بوجهها
• المرأة الخثعمية ظهر وجهها عن غير قصد
• المرأة الخثعمية كانت محرمة
• والد المرأة الخثعمية أراد عرضها علي النبي صلي الله عليه وسلم
• حول حديث ابن عباس عن المرأة الخثعمية
• قصة الواهبة
• أجمع علماء السلف على وجوب ستر المرأة المسلمة لوجهها
• وجوب ستر الوجه لأمن الفتنة
• إجماع العلماء علي وجوب ستر الوجه عند خوف الفتنة
• ستر الوجه يعالج شهوة النظر بشكل حاسم قاطع
• قول ابن رسلان: اتفق المسلمون على منع النِّساء أن يخرجن سافرات الوجوه
• الدليل من العرف
• صائغ بني قينقاع والمرأة التي أرادوا أن تكشف وجهها
• قول أسماء كنا نغطي وجوهنا من الرجال في الإحرام
• حديث"إن المرأة إذا بلغت المحيض" ضعيف جدا
• حديث أسماء تصريحا بإباحة النظر إلى الوجه والكفين وهذا مخالف للأمر بغض البصر
• كيف تدخل أسماء على النبي صلي الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق
• {ذلك أدنى أن يعرفن} أي لكي لا يعرفن ، وهذا لا يمكن إلا بستر الوجه
• سبيعة كانت متجملة لأبو السنابل وقت خطبته لها
• تغطية الوجه من وسائل حفظ الفرج
• قول جابر "فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها"
• آية القواعد دليل على وجوب تغطية الوجه للشابة
/// حوار مع المعارضين القائلين بندب ستر الوجه:
• الألباني عقد فصلا في كتاب "جلباب المرأة المسلمة" لبيان استحباب ستر الوجه
• ستر الوجه يعين علي تخفيف حدة الفساد الخلقي
• ستر الوجه يمكن اعتباره من باب الورع
• النقاب مندوب
• النقاب مشروع في كثير من أقطار العالم الإسلامي منذ قرون
• الاقتداء بأمهات المؤمنين يعتبر أمرا مستحبا
• أمر النقاب دائر بين الوجوب والاستحباب
/// تعقيب علي الحوار مع المعارضين لسفور الوجه
/// ملخص لأخطاء المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه
/// وجه المرأة في المذهب الحنفي
/// وجه المرأة في المذهب المالكي
/// وجه المرأة في المذهب الشافعي
/// تحرير المذهب الشافعي
محمد رفقى
08-11-2015, 09:32 PM
مقدمة
هذا الموضوع هو ما يسوغ للمرأة المسلمة أن تلبسه وتتزين به أمام الرجال الأجانب , وهل يجوز لها أن تكشف وجهها وكفيها أم لا؟ وسنعرض في ذلك الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال السلف وعلماء المذاهب. وسيخصص فصل للحوار مع المعارضين لكشف الوجه يتناول أدلتهم علي ستر الوجه واعتراضاتهم علي أدلة الجواز مع الرد عليها.
مصادر الموضوع الرئيسية :
• كتاب ((تحرير المرأة في عصر الرسالة)) لمؤلفه عبد الحليم أبو شقة.
• كتاب ((جلباب المرأة المسلمة)) لمؤلفه الشيخ محدث الشام ناصر الدين الألباني.
• كتاب ((الرد المفحم)) لمؤلفه الشيخ الألباني.
• كتاب ((فتاوي معاصرة)) لمؤلفه الشيخ القرضاوي.
• بحث ((كشف وجه المرأة)) لمصطفى عبد الكريم مراد الباحث بقسم الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية.
• كتاب ((مصطلحات قرآنية حول لباس المرأة المسلمة)) لمؤلفه الشيخ الحبيب بن طاهر.
محمد رفقى
08-11-2015, 09:39 PM
التعريف بأسماء مكونات لباس المرأة
النقـاب : القناع على مارن الأنف ، قال في التهذيب : والنقاب على وجوه ، قال الفراء : أدْنَتِ المرأة نقابها إلى عينها فتلك الوصوصة ، فإن أنزلته دون ذلك إلى المحجر فهو النقاب وإن كان على طرف الأنف فهو اللِّفام. وقال أبو زيد: النِّقابُ على مارِنِ الأنف
مارِنُ الأَنف : ما لان من طرف الأنف .
مَحْجِر العَيْن : ما أحاط بها .
اللثام : قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في الغريب: النقاب عند العرب هو الذي يبدو منه المَحْجِر ,فإذا كان على طرف الأنف فهو اللِّفام, وإذا كان على الفم فهو اللَّثام.
وفي المعجم الوسيط : اللِّثَامُ : النقاب يوضع على الفم أَو الشَّفَة.
وفي معجم اللغة العربية المعاصر : لثَمه : قبَّله
قالت عائشة : (لا تلثم المحرمة) أي لا تستر شفتاها
وقال ابن حجر في الفتح: (وقالت) أي عائشة (لا تلثم) ....أي لا تغطي شفتها بثوب.
البرقـع : جمع البرقع البراقع ، تلبسها الدواب وتلبسها نساء الأعراب، وخاصة في الصحراء، وفيه خرقان للعين.
الوصوصة : إذا أدنت المرأة نقابها إلى عينها فتلك الوصوصة .
الخمار : الخمار للمرأة وهو النصيف ، وقيل الخمار ما تغطي به المرأة رأسها ، وجمعه أخمرٌ وخُمُر . وتخمرت بالخمار واختمرت لَبسته ، وخمرت به رأسها : غطته ، وفي حديث أم سلمة : أنه كان يمسح على الخف والخمار. أرادت بالخمار العمامة ، لأن الرجل يغطي بها رأسه كما أن المرأة تغطي رأسها بخمارها .
النصيف : النصِيف الخِمار وقد نَصَّفَتِ المرأَةُ رأْسها بالخمار وانتَصَفَت الجارية وتَنَصَّفت أَي اختمرت ونصَّفْتها أَنا تَنْصيفاً ومنه الحديث في صفة الحور العين ولَنَصِيفُ إحداهن على رأْسها خير من الدنيا وما فيها هو الخِمار وقيل المِعْجَر.
وفي المعجم الوسيط , رجل منصِّف: خمَّرَ رأسه بعمامة. والنَّصِيفُ :كل ما غَطَّى الرأس من خِمار أو عِمامة.
وفى تاج العروس النَّصِيفُ : العِمامَةُ وكُلُّ ما غَطَّى الرَّأْسَ فهو نَصِيفٌ.
الـدرع : لبوس الحديد ، في التهذيب الدرع ثوب تجوب المرأة وسطه وتجعل له يدين ، وتخيط فرجيه ، ودرع المرأة قميصها ، وهو أيضاً الثوب الصغير تلبسه الجارية الصغيرة في بيتها .
القميص : ما يستر جميع البدن. وقد يعني به الدرع ، والجمع أقمصة وقمص وقمصان ،ويسمى اليوم الجلابية.
الإزار : ثوب يحيط بالجزء الأسفل من البدن.والإزار: الملحفة،أزر به الشي:أحاط (عن ابن الأعرابي).
الرداء : ثوب يحيط بالجزء الأعلي من البدن.والرداء :من الملاحف ، والجمع أردية.
الجلباب : ثوب أوسع من الخمار دون الرداء تغطي بها المرأة رأسها وصدرها ، وقيل هو ثوب واسع دون الملحفة تلبسه المرأة ، وقيل هو الملحفة ، وقيل : هو ما تغطي به المرأة الثياب من فوق كالملحفة ، وقيل هو الخمار لِلِبَاسِ المرأة أمام الأجانب قال ابن السكيت قالت العامرية : الجلباب الخمار ، وقيل : جلباب المرأة ملاءتها التي تشتمل بها ، والجمع جلابيب ، وقال ابن الأعرابي : الجلباب : الإزار.والجلباب : الرداء ، وقيل هو كالمقنعة تغطي به المرأة رأسها وظهرها وصدرها ، والجمع جلابيب ، وهو يأتي زائد على اللباس أمام الأجانب.
القناع : المِقْنَع والمِقْنَعة هو ما تغطي به المرأة رأسها ، وفي « الصحاح » هو ما تقنع به المرأة رأسها ، والقناع أوسع من المقنعة وقد تقنعت به وقَنَّعَت رأسها وربما سمو الشيب قناعاً لكونه موضع القناع من الرأس . وأنشد ثعلب :
حتى اكتسى الرأس قناعاً أشبها... أملــح لا أذى ولا محببــا
• عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي فاطمة بعبد قد وهبه لها قال: وعلي فاطمة رضي الله عنها ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها فلما رأي النبي صلى الله عليه وسلم ما تلقي قال.إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك.رواه أبو داود وصححه الألباني.
• وفي الحديث : أتاه رجل مقنع بالحديد ، وهو المتغطي بالسلاح وقيل : هو الذي على رأسه بيضه وهي الخوذة لأن الرأس موضع القناع . والمقنع : المغطى رأسه.
• قال عبد الرزاق في ( المصنف ) : لو أخذت المرأة ثوباً فتقنعت به حتى لا يرى من شعرها شيء أجزأ عنها وقال صلى الله عليه وسلم: ( من كشف قناع امرأة وجب لها المهر ) .
• عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله يكثر القناع ، حتى ترى حاشية ثوبه كأنه ثوب زيات وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستعمل الدهن في شعره ، فإذا تقنع بثوبه أصاب الدهن طرفه .
• ورد في صحيح البخاري (باب التقنع : قال ابن عباس خرج النبي صلى الله عليه وسلم وعليه عصابة دسماء). وجاء في الباب حديث عائشة : (بينا نحن جلوس في بيتنا في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر رضي الله عنه هذا رسول الله مقبلا متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها). وورد في فتح الباري : (...قال الإسماعيلي : ما ذكر من العصابة لا يدخل في التقنع فالتقنع تغطية الرأس والعصابة شد الخرقة على ما أحاط بالعمامة . قلت : الجامع بينهما وضع شيء زائد على الرأس فوق العمامة والله أعلم)... وورد فيه أيضا : ( "قوله: هذا رسول الله متقنعا" أي مغطيا رأسه)
• قال ابن كثير : الخمر جمع خمار ، وهو ما يغطى به الرأس ، وهي التي تسميها الناس المقانع .
• ورد في المغني لابن قدامة : صلاة الأمة مكشوفة الرأس جائزة...واستحب لها عطاء أن تتقنع إذا صلت...إن عمر رضي الله عنه ضرب أمة لآل أنس رآها متقنعة وقال : اكشفي رأسك ولا تشبهي بالحرائر.
• ورد في زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي : قوله تعالي :{وليضربن بخمرهن} وهي جمع خمار وهو ما تغطي به المرأة رأسها.والمعني : وليلقين مقانعهن.أي أن المقانع هي الخُمُر.
• ورد في هدي الساري مقدمة فتح الباري للحافظ بن حجر : (يتقنع وتقنع بردائه أي غطي رأسه ومقنع بالحديد أي مغطي رأسه به)
• صحيح ان الحافظ بن حجر قال في موضع آخر : (التقنع هو تغطية الرأس وأكثر الوجه برداء أو غيره) ولكن لابد من حمل هذا القول علي أن تغطية أكثر الوجه مما يعنيه التقنع أحيانا لا دائما , وذلك حتي لا نهدر النصوص السابقة والتي تشير إلي تغطية الرأس فحسب.أي أن الأصل في القناع تغطية الرأس , وقد يأتي أحيانا بمعني تغطية شيء من الوجه مع الرأس.
المعجر والعجار : الاعتجار هو لف العمامة دون التلحي،دون أن تطويها تحت ذقنك.
• روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل مكة يوم الفتح معتجراً بعمامة سوداء. والمعنى أنه لفها على رأسه ولم يتلح بها . والمعجر والعجار : هو ثوب تلفه المرأة على استدارة رأسها ثم تجلبب فوقه بجلبابها والجمع معاجر ومنه أخذ الاعتجار وهو لي الثوب على الرأس من غير إدارة تحت الحنك .
• وفي الطبقات الكبرى لابن سعد عن هشام بن عروة عن أبيه قال: (كانت على الزبير رَيطة صفراء مُعتجرا بها يوم بدر).مُعتجرا بها:أي متعمما بها , والرَيطة هي: كل ثوب رقيق لين.
• قال الألباني: ولا ينافي هذا ما جاء في الحديث (وعبيد الله معتجر بعمامته ما يَرى وحشي منه إلا عينيه) فهو صفة كاشفة لـ (الاعتجار) وليست لازمة له كما لو قال قائل: (جاء متعمما لا يرى منه إلا عيناه) فذلك لا يعني أن من لوازم التعمم تغطية الوجه إلا العينين. ولذلك لم يزد الحافظ في "الفتح" على قوله: "معتجر أى لاف عمامته على رأسه من غير تحنيك"
ولابن الجوزي فى (كشف المشكل من حديث الصحيحين) رأى آخر فى الحديث قال : والاعتجار لف العمامة على الرأس دون أن يتلحى منها بشيء يقال إنه لحسن العجرة فإن قيل فقد قال في الحديث ما يرى وحشي إلا عينيه فالجواب أنه كان قد غطى وجهه بعد العمامة لا بها.
الملحف والملحفة واللحاف : هو اللباس الذي فوق سائر اللباس من دثار البرد ونحوه وكل شيء تغطيت به فقد التحفت به ، واللحاف اسم ما يلتحف به والملحفة عند العرب هي الملاءة السمط ، فإذا بطنت ببطانة أو حشيت فهي عند العوام ملحفة .
العباءة : ضرب من الأكسية ، والجمع أعبية - ومثله المشلح الذي يلبس في دول الخليج العربي.
البُرنس : كل ثوب رأسه منه ملتزق به.قال الجوهري: البرنس قلنسوه طويلة ، وكان النساك يلبسونها في صدر الإسلام ، وأهل المغرب العربي يلبسونه .
البُردة : والبُرْدُ من الثيابِ قال ابن سيده البُرْدُ ثوب فيه خطوط وخص بعضهم به الوشي والجمع أَبْرادٌ وأَبْرُد وبُرُودٌ والبُرْدَة كساء يلتحف به.
السراويل : البنطلون الداخلي أو الخارجي ، فارسي معرب .
القباء : قباء الشيء قبوا:جَمَعَه بأصابعه، ومن الثياب:هو الذي يلبس مشتقا من ذلك لاجتماع أطرفه
الخميصة : كساء صوف أسود أو خز مربعة لها أعلام.وفي الحديث:جِئتُ إليه وعليه خميصة ، وهي ثوب خز أوصوف معلم . وقيل : لا تسمى خميصه إلا أن تكون سوداء معلمة ، وكانت من لباس الناس قديماً .
الوشـاح : كله حلى النساء ، كرسان من لؤلؤ وجوهر منظومات مخاط بينهما معطوف أحدهما على الأخر ، تتوشح به المرأة ومنه أشتق توشح الرجل بثوبه ، مثل الحلي من الفضة في بعض القرى تلبسه المرأة . قال الجوهري : الوشاح ينسج من أديم عريض ويرصع بالجوهر وتشده المرأة بين عاتقيها وكشجبها قال ابن سيده:والتوشح أن يتشح بالثوب ثم يخرج طرفه الذي ألقاه على عاتقه الأيسر من
تحت يده اليمنى ثم يعقد طرفيهما على صدره .
قال أبو المنصور : التوشح بالرداء مثل التأبط والاضطباع ، وهو أن يدخل الثوب من تحت يده اليمنى فيلقيه على منكبه الأيسر كما يفعل المحرم .
محمد رفقى
08-11-2015, 09:42 PM
لماذا لم يكن عنوان هذا الموضوع ((حجاب المرأة المسلمة)) ؟
قد صارت عادة الكتاب في زماننا , بل صار شائعاً على ألسنة الناس , تسمية اللباس الشرعي ((حجاب)) وإطلاق لفظ ((محجَّبة)) على المرأة الملتزمة بهذا اللباس. حقا إنه لا مشاحة في الاصطلاح كما يقولون , ولكن يجب اجتناب استعمال المصطلح المحدث أي ((الحجاب)) لعدة أمور:
1. مخالفة المصطلح المحدث لمعنى الحجاب الوارد في القرآن الكريم:
قال تعالى:
• {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب}
• {فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتي توارت بالحجاب}
• {وبينهما حجاب وعلي الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم}
• {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا}
• {فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا}
• {وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعوننا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون}
• {وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب}
الحجاب يعني شيئاً يحجز بين طرفين , فلا يرى أحدهما الآخر , ولا يمكن أن يعني لباساً يلبسه إنسان , لأن اللباس أيا كان قدره ونوعه ولو ستر جميع بدن المرأة حتى وجهها فلن يمنع المرأة أن ترى الناس من حولها , ولن يمنع الناس أن يروا شخص المرأة. والحجاب الوارد في قوله تعالي: {فاسألوهن من وراء حجاب} هو الستر الذي يكون في البيت ويرخي ليفصل بين مجلس الرجال ومجلس النساء.
2. مخالفة المصطلح المحدث لمعنى الحجاب الوارد في السنة:
• عن عائشة قالت : جاء عمي من الرضاعة فاستأذن علي فأبيت أن آذن له حتى أسأل رسول الله صلي الله عليه وسلم ... وذلك بعد أن ضُرب علينا الحجاب , وفي رواية مسلم : استأذن عليها فحجبته فأخبرت رسول الله فقال لها : لاتحتجبي منه.
• عن أنس قال : لما تزوج رسول الله زينب بنت جحش دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون... فانطلقت فجئت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد انطلقوا فجاء حتي دخل فذهبت أدخل فألقي الحجاب بيني وبينه فأنزل الله : {يا أيها الذين آمنوا لاتدخلوا بيوت النبي}, وزاد مسلم في روايته : وحُجبن نساء النبي صلى الله عليه وسلم.
• عن أنس بن مالك رضي الله عنه , قال : لم يخرج إلينا رسول الله ثلاثا فأقيمت الصلاة فذهب أبو بكر فصلى بالناس ، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم الحجاب , فما رأينا منظرا أعجب إلينا منه حيث وضح لنا وجه رسول الله , فأومأ رسول الله إلى أبي بكر أن تقدم ، وأرخى نبي الله صلى الله عليه وسلم الحجاب فلم يوصل إليه حتى مات.( رواه البخاري )
الاحتجاب في الأحاديث السابقة هو منع نساء النبي صلي الله عليه وسلم من لقاء الرجال الأجانب دون حجاب , أي ساتر , والابتعاد بشخوصهن تماماً عن أبصار الرجال.
3. اختلاف النتائج المترتبة على كل من ((الحجاب)) و((اللباس)):
إن الحجاب يمنع رؤية الرجال النساء وفي الوقت نفسه يمنع رؤية النساء الرجال. ولذلك قال تعالي :{ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} فطهارة القلوب بالنسبة للرجال بسبب أنهم لا يرون أمهات المؤمنين , وبالنسبة لأمهات المؤمنين بسبب أنهن لا يرين الرجال , فيصبحْن غير مُتصورات إلا بعنوان الأمومة بعد حظر زواجهن من بعده صلي الله عليه وسلم. أما اللباس الذي تلبسه النساء حتى مع تغطية الوجه فيسمح لهن برؤية الرجال.
قال الألباني: "وقد بدا لي وأنا بصدد تحضير مادة "الرد المفحم" أن أستبدل اسم الكتاب "حجاب المرأة المسلمة...." بـ "جلباب المرأة المسلمة...." لما بينهما من الفرق في الدلالة والمعنى".
4. اختصاص نساء النبي صلي الله عليه وسلم ((بالحجاب)) دون عامة نساء المؤمنين:
الحجاب أدب خاص بنساء النبي صلي الله عليه وسلم في تعاملهن مع الرجال داخل البيوت.وحين يخرجن لحاجتهن يلبسن (اللباس الشرعي) وفي هذه الحالة لا يسمي (حجابا).
وقد جاء هذا الأدب متمما لأدب آخر وهو القرار فى البيوت الوارد فى قوله تعالى {وقرن فى بيوتكن} والأدبان فيهما صيانة متميزة لنساء النبى صلى الله عليه وسلم تمهيدا لتبتُّلهن وحظر زواجهن من بعده صلى الله عليه وسلم , وذلك تحقيقا لقوله تعالى فى آخر آية الحجاب {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما}
قال بن قتيبة: ونحن نقول أن الله عز وجل أمر أزواج النبي صلي الله عليه وسلم بالاحتجاب اذ أمرنا أن لا نكلمهن إلا من وراء حجاب فقال : {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}... وهذه خاصة لأزواج رسول الله صلي الله عليه وسلم كما خصصن بتحريم النكاح على جميع المسلمين.
محمد رفقى
08-11-2015, 09:44 PM
هل فرضت الشريعة طرازا معينا أو لونا محددا لزي المرأة ؟
إن الشريعة لم تفرض طرازاً معيناً أو لوناً محدداً لزي المرأة , لكن قررت شروطاً ينبغي توافرها في كل طراز من الطُرز التي يتعارف عليها الناس و تختلف باختلاف البلدان , و ذلك أن الشريعة تقر العرف مالم يصادم حكماً من أحكامها أو أدباً من آدابها.
والإسلام لم يغير أعراف الجاهلية في اللباس لكن أدخل عليها التعديل الضروري فحسب. وقد كانت المرأة العربية قبل الإسلام تلبس ثياباً لها طُرز متميزة منها الخمار وهو غطاء الرأس , والدرع وهو غطاء البدن والجلباب وهو ما يكون فوق الدرع والخمار , والنقاب أو البرقع وهو ما يغطي به النساء الوجه ويبدو منه محجرا العينين.ولما جاء الإسلام قرر آداباً لهذه الثياب أو الطُرز فأوصي بأمور تنبغي مراعاتها عندما تلبس تلك الثياب حتي يكتمل ستر بدنها.
وطُرز الثياب ليست من الأمور التعبدية التوقيفية بل هي من قضايا المعاملات التي تدور مع علتها وتحكمها مقاصد الشريعة , فلباس المرأة في الشريعة الإسلامية يحقق ستر العورة واتقاء الفتنة , فقد حبا الله بدن المرأة خصائص تميزه عن الرجل وجعل لكل موضع من جسدها فتنة خاصة , والواقع المشاهد أن المرأة تتجمل بمزيد من العري , بينما يتجمل الرجل بمزيد من الثياب. والإسلام يكرم المرأة حين يطالبها بستر بدنها وفتنتها الأنثوية وألا تعرضها إلا عند الحاجة, فلا يظهر من المرأة سوي الوجه والكفين , وبذلك يضيق مجال فتنة المرأة إلي أقصي حد ممكن.هذا هو شرع الله وهو العليم بفتنة المرأة.
كما أن طُرز الثياب من أمور العادات التي تختلف باختلاف الزمان والمكان , وأي طُرز يحقق الستر بشروطه الشرعية ويكون مع الستر مناسباً للمناخ السائد من ناحية ومعيناً علي يسر الحركة من ناحية أخري فهو مقبول شرعاً.
محمد رفقى
08-11-2015, 09:45 PM
الشروط الواجب توافرها في لباس المرأة :
يجب أن تتوافر في لباس المرأة المسلمة إذا لقيت الرجال الأجانب شروط هي:
1. ستر جميع البدن عدا الوجه والكفين.
2. التزام الاعتدال في زينة الوجه والكفين والثياب.
3. أن يكون صفيقاً لا يشف.
4. أن يكون فضفاضاً غير ضيق فيصف شيئاً من جسمها.
5. أن يكون مما تعارف عليه مجتمع المسلمين.
6. أن يكون مخالفاً في مجموعه للباس الرجال.
7. أن يكون مخالفاً في مجموعه لما تتميز به الكافرات.
امـ حمد
08-11-2015, 10:50 PM
بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي محمد رفقى
وجزاك ربي جنة الفردوس،
محمد رفقى
09-11-2015, 01:15 PM
معالم ستر بدن المرأة في القرآن الكريم
إن معالم ستر بدن المرأة جاءت في سورتين من الكتاب العزيز , وهما سورة الأحزاب التي نزلت بعد غزوة (( الخندق)) (سنة 5 هـ) وسورة النور التي نزلت بعد غزوة ((بني المصطلق)) : المريسيع (سنة 6 هـ).
معالم ستر بدن المرأة في القرآن الكريم من سورة الأحزاب
قال تعالي : { يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الأحزاب 59
ابتدئ بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته لأنهن أكمل النساء ، وذكر نساء المؤمنين تشملهم , ولكن الله سبحانه وتعالى في هذه الآية يرفع من قدر أمهات المؤمنين رضي الله عنهن , ويرفع من شأن بناته. فذكرهن من ذكر بعض أفراد العام للاهتمام به.
• عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (( لما نزل{يدنين عليهن من جلابيبهن} خرج نساءُ الأنصار كأن على رؤسهن الغربان من الأكسية)).
والحديث فيه إشارة إلي تغطية الرؤوس لا الوجوه. والغربان جمع غراب شُبهت الأكسية في سوادها بالغربان. وقيل المراد وصفهن بالسكينة كما يقال : كأن على رؤوسهم الطير.
إِذَا نَزَلَتْ بَنُو لَيْثٍ عُكَاظاً ... رَأَيْتَ عَلَى رُؤُوسِهِمُ الغُرَابَا
معني الجلباب:
قيل في تفسيره سبعة أقوال ذكرها الحافظ في ((الفتح)) , قيل: هو المقنعة أو الخمار أو أعرض منه, وقيل الثوب الواسع يكون دون الرداء , وقيل اﻹزار ، وقيل الملحفة ، وقيل الملاءة ، وقيل القميص.
المقنعة: ما تغطي به المرأة رأسها ، وفي « الصحاح » هو ما تقنع به المرأة رأسها.
الخمار : ما تغطي به المرأة رأسها.
الرداء: ثوب يحيط بالنصف الأعلي من البدن.
الإزار: ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن.
المِلحَفة: اللباس الذي فوق سائر اللباس والملحفة عند العرب هي الملاءة .
القميص : ما يستر جميع البدن وقد يعني به الدرع.
الجلباب في اللغة: هو ما يُلبس فوق الثياب , الإنسان يلبس ثوباً ثم يجلب فوقه شيئاً وهذا الشيء يسمى جلباباً.
قال البغوي في تفسيره: هو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار.
قال الألباني: الجلباب هو الملاءة التي تلتحف بها المرأة فوق ثيابها وليس على وجهها وعلى هذا كتب اللغة قاطبة ، ليس في شيء منها ذكر للوجه البتة.
الجلباب في معاجم اللغة:
• الفائق في غريب الحديث والأثر :الجلباب: الرداء، وقيل: الملاءة التي يشتمل بها و قال في موطن أخر: وقيل: ثوب أوسع من الخمار، تغطي به المرأة رأسها وصدرها
• النهاية في غريب الأثر: والجِلْبَابُ : الإزَارُ والرّدَاء . وقيل المِلْحَفَة وقيل هو كالمِقْنَعَة تُغَطّي به المرأة رأسها وظَهْرَها وصدرَها وَجَمْعُه جَلاَبيبُ.قال: ومنه حديث أم عطية ( لِتُلْبِسها صاحِبتُها من جِلْبَابها) أي إزارِها.
• لسان العرب: والجِلْبابُ القَمِيصُ والجِلْبابُ ثوب أَوسَعُ من الخِمار دون الرِّداءِ تُغَطِّي به المرأَةُ رأْسَها وصَدْرَها وقيل هو ثوب واسِع دون المِلْحَفةِ تَلْبَسه المرأَةُ وقيل هو المِلْحفةُ وقيل هو ما تُغَطِّي به المرأَةُ الثيابَ من فَوقُ كالمِلْحَفةِ وقيل هو الخِمارُ وفي حديث أُم عطيةَ لِتُلْبِسْها صاحِبَتُها من جِلْبابِها أَي إِزارها.
• العيني: والجِلْبابُ : ثَوْبٌ أَوسَعُ من الخِمار دونَ الرِّداء تُغَطِّي به المرأةُ رَأْسَها وصَدْرَها.
• قال ابن السكيت، قالت العامرية: الجلباب الخمار. وقيل: جلباب المرأة مُلاءتها التي تشتمل بها، واحدها جلباب، والجماعة جلابيب.
• المصباح المنير: والجلباب ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء وقال ابن فارس الجلباب ما يُغَطَّى به من ثوب وغيره والجمع الجلابيب وتجلببت المرأة لبست الجلباب.
ويعزز القول أنه الملبس فوق الثياب حديث أم عطية في خروج النساء يوم العيد إلى المصلى (...قلت يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب قال لتلبسها أختها من جلبابها)...فيه دلالة أن الجلباب لم يكن تملكه كل النساء (إحدانا ليس لها جلباب) , وأن الجلباب لم يكن لباساً أساسياً, أي لباساً ضرورياً لستر العورة, إنما تحتاج إليه عند الخروج للبراز في الليل , وعند الخروج للصلاة مع الجماعة , ذلك هو كمال الهيئة والسمت الحسن الذى يميز الحرائر عند الخروج. والذهاب للمسجد أو لمصلى العيد أولى بهذا السمت , فضلاً عن كون الجلباب أعون علي مزيد من الستر عند الركوع والسجود في مكان عام يؤمه الرجال. وإذا كان الجلباب لكمال الهيئة عند الخروج ولا تملكه كل النساء , فقد كان ولابد لكل امرأة من لباس يستر بدنها وهى فى بيتها , وذلك للصلاة أولا وللتعامل مع الرجال ثانيا. وتقرير أن الدرع والخمار كافيين للصلاة يدل علي أنهما يستران العورة , كما جاء عن أم سلمة عندما سئلت ماذا تصلي فيه المرأة من الثياب فقالت : (تصلي في الخمار والدرع السابغ إذا غيب ظهور قدميها). ويكفي المرأة وهي في بيتها لبس الدرع والخمار وما شابه ذلك للصلاة والتعامل مع الرجال.
معني الإدناء:
الإدناء في اللغة هو التقريب, وأصل فعل دنا أن يتعدي بمن.تقول دنون منه وأدنيته منه , وإنما يتعدي بعلي إذا كان في الكلام معني الإرخاء كما في قوله تعالي{دانية عليهم ظلالها}.
و{ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} أي يرخين جلابيبهن لستر البدن والثياب من فوق لأسفل .
والإِدناء أيضا كناية عن اللبس والوضع ، أي يضعن عليهن جلابيبهن، قال بشار:
ليلةٌ تَلبَس البياض من الشهر...وأخرى تُدني جلابيبَ سودا
فقابل بـ (تُدني) (تلبَس) فالإِدناء هنا اللبس.
ومن في {من جلابيبهن} للبيان , والمعني هو أن "يتحلين ببعض ما لهن من الجلاليب".وفي حديث أم عطية (لتلبسها أختها من جلبابها) أي لتلبسها جلبابا لا تحتاج إليه عارية.
من أقوال المفسرين إدناء الجلباب يحتمل:
1- الإدناء إلي الجبين حسب روايات عند الطبري في (جامع البيان) عن ابن عباس وقتادة.
• عن ابن عباس قال:"وإدناء الجلباب أن تقنع وتشد علي جبينها"
• عن قتادة قال:"أخذ الله عليهن اذا خرجن أن يقنعن علي الحواجب"
2- الإدناء إلي الوجه وإبداء العينين حسب رواية عند ابن عطية في (المحرر الوجيز).
3- إرخاء أرديتهن وملاحفهن حسب قول للواحدي في (الوجيز في تفسير القرآن العزيز).
ومثله قول ابي قتيبة : يلبسن الأردية , نقله ابن الجوزي في (زاد الميسر).
4- التجَلْبُب أوالتحلي ببعض ما لهن من الجلابيب ,(إحدي الروايات عند الطبري عن مجاهد وأحد قولين في الكشاف للزمخشري).
5- أن يتقنعن بملاحفهن منضمة عليهن وأراد بالانضمام معني الإدناء,(نقله أبو حيان عن الكسائي).
6- الإدناء إلي الوجه وإبداء عين واحدة , حسب روايات عند الطبري وغيره عن ابن عباس وعبيده السلماني.
• عن ابن عباس قال:" أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن… ويبدين عيناً واحدة"
• سؤال ابن سيرين عبيدة السلماني عن آية (الإدناء)؟ فتقنَّع عبيدة بِملحفة وغطى رأسه كله حتى بلغ الحاجبين وغطّى وجهه وأخرج عينه اليسرى.
أولا : ضعيفة السند لابن عباس .
ثانيا : عَبِيدَة تابعي فليس في كلامه حجة ؛ فهو مجرد رأيه وتفسيره للآية. وقد روي تلامذة ابن عباس ما يخالفه.
ثالثا : يعارض وجوبها قوله صلي الله عليه وسلم ((لاتنتقب المحرمة)) إذ يفيد مفهوم هذا القول مشروعية النقاب في غير الإحرام والنقاب يبرز العينين مع محجريهما لا عيناً واحدة.فهل يمكن أن نسلم بصحة متن رواية عبيدة وهو يوجب أمراً يخالف ما أباحه رسول الله .
7. إن كان المراد بالجلباب هو القميص فإدناؤه إسباغه حتى يغطى بدنها ورجليها؟
8. إن كان المراد بالجلباب ما يغطى الرأس فإدناؤه ستر وجهها وعنقها.
9. إن كان المراد بالجلباب ما يغطى الثياب فإدناؤه تطويله وتوسيعه بحيث يستر بدنها وثيابها
10. إن كان المراد بالجلباب ما دون الملحفة فإدناؤه ستر الوجه واليدين.
والهيئات الأربعة الأخيرة نقلها الخطيب الشربينى عن الخليل فى (السراج المنير). وقد بدأ الخليل شرحه بقوله : (كل ما يستر من دثار وشعار وكساء فهو جلباب والكل تصح إرادته هنا).
الدثار: الثوب الذى يكون فوق الشعار.
الشِعار: ما يلى جسد الإنسان دون ما سواه من الثياب.
ولو تأملنا فى تلك الهيئات وجدنا أن ثالثتها ورابعتها وخامستها وسابعتها وتاسعتها كلها تفيد إدناء الجلباب على البدن بصفة عامة دون ذكر الوجه.
قال الشيخ ابن باديس: وأجود ما نقل عن أئمة العربية فى تفسير الآية قول الكسائى: ( يتقنعن بملاحفهن منضمة عليهن ). قال الزمخشرى: (أراد بالانضمام معنى الإدناء). والتقنع لا يقتضى ستر الوجه كله.
وكل هذه الهيئات التي ذكرها المفسرون محتملة , ولكن أصعب هذه الهيئات أن تمسك المرأة بطرف جلبابها لتدنيه علي وجهها وتبدي عيناً واحده أو العينين معاً إذ تظل يدها مشغولة بصفة دائمة وتظل معوقة عن معاناة بعض الأعمال التي تقتضي حركة اليدين معاً كغسل الثياب أو فلاحة الأرض كما تفعل المرأة الريفية, أوجِدَاد نخل كما ورد في السنة "خرجت امرأة تَجُدّ نخلها". ولاتستطيع أن تحمل طفلاً أو شيئاً, أو تفحص سلعة أو تركب دابة وتمسك بخطامها.كما أن رسول الله أمر المرأة باتخاذ الجلباب عند خروجها لصلاة العيد فقال : ((لتلبسها صاحبتها من جلبابها)). وهي بحاجة إلي أن تتحرر يدها أثناء الصلاة حتي تستطيع أن ترفع يديها للتكبير ثم لتركع وتسجد. أو كما كن في عهد النبي صلي الله عليه وسلم كالخروج في الغزو يسقين العطشي ويداوين الجرحي وربما باشرن القتال. وهل يُتصور أن أم عمارة حين قُطعت يدها في معركة اليمامة كانت تقاتل المرتدين وهي تمسك بطرف جلبابها لتدنيه علي وجهها ولا تظهر إلا عيناً واحدة؟!
ونقول للذين يحاولون إثبات وجوب ستر الوجه بناء علي تلك الروايات التي أوردها الطبري وغيره , نقول إن هذه الروايات ليست من قبيل الأدلة الشرعية القاطعة , إنما هي من قبيل المؤشرات التي يستأنس بها الباحث. ثم إنها فضلا عن أمر سندها وما يحتمله من صحة وضعف لاتنقل لنا سنة تقريرية أو قولية إنما هي اجتهاد من القائل بما يراه في معني الإدناء. ولو فرضنا جدلا أن الروايات نقلت لنا فعل بعض النساء علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم أي أوردت سنة تقريرية فلا تزيد دلالة ذاك الفعل علي جواز الأمر ولا دلالة فيه إطلاقا علي الوجوب. وأيا كان الأمر فقد اختلفت الأقوال ولا يمكن أن يتقرر واجب شرعي بمثل تلك الأقوال منفردة.
ونقول أخيرا لمعارضي مشروعية كشف الوجه :
إذا كانت هذه الأوصاف للجلباب كلها محتملة وهذه الهيئات للإدناء كلها محتملة فلماذا الوقوف عند هيئة واحدة والزعم أنها الهيئة الوحيدة الواجبة , وذلك دون دليل من كتاب الله أو من سنة رسوله صلي الله عليه وسلم , بل دون سند من قول صحيح لصحابي جليل؟
وإذا كانت رواية الإدناء إلي الوجه وإبداء عين واحدة ضعيفة حين تسند لصحابي جليل هو ابن عباس , وصحيحة حين تسند إلي التابعي الكبير عَبيدة السلماني , فهل صحتها إلي عَبيدة تجعلها ترجح علي أقوال صحيحة أوردها البيهقي للصحابة الأجلاء ابن عباس وابن عمر وعائشة تقرر بأن ظاهر الزينة الذي يبدي للرجال الأجانب هو الوجه والكفان؟
ذكر الألباني في "الرد المُفْحِم" الأحاديث الضعيفة والآثار الواهية التي استدل بها المخالفون علي وجوب ستر الوجه :
الحديث الأول: حديث ابن عباس في الكشف عن العين الواحدة.
للحديث علتين :
1- أبو صالح المصري عبد الله بن صالح فيه ضعف.
2- علي بن أبي طلحة تكلم فيه بعض الأئمة ولم يسمع من ابن عباس بل لم يره وقيل بينهما مجاهد.
وعن قول ابن عباس"وإدناء الجلباب أن تقنع وتشد علي جبينها": أن إسناده ضعيف,ولكنه أرجح من رواية إبداء عين واحدة لأمور:
1- أنه الأقرب إلي لفظ "إدناء".
2- أنه الموافق لما صح عن ابن عباس أن الوجه والكفين من الزينة الظاهرة.
3- أنه الموافق لقول ابن عباس " تدني الجلباب إلى وجهها ، ولا تضرب به". أخرجه أبو داود في " مسائله" بسند صحيح جداً.
4- أنه المنقول عن تلامذة ابن عباس كسعيد بن جبير فإنه فسر (الإدناء): بوضع القناع على الخمار وقال:" لا يحل لمسلمة أن يراها غريب إلا أن يكون عليها القناع فوق الخمار وقد شدت بها رأسها ونحرها".
وذكر نحوه أبو بكر الجصاص في" أحكام القرآن" عن مجاهد أيضاً مقروناً مع ابن عباس: " تغطي الحُرَّة إذا خرجت جبينها ورأسها".
ومجاهد ممن تلقى تفسير القرآن عن ابن عباس رضي الله عنه.ثم تلقاه عن مجاهد قتادة رحمهما الله تعالى فإنه من تلامذته والرواة عنه فقال في تفسير (الإدناء) :"أخذ الله عليهن إذا خرجن أن يُقَنِّعن على الحواجب". أخرجه ابن جرير بسند صحيح عنه.
الحديث الثاني: عن محمد بن كعب القرظي مثل حديث ابن عباس الأول في: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ} قال:" تخمِّر وجهها إلا إحدى عينيها". إسناده موضوع.
الحديث الثالث : من الضعيف الذي استدلوا به:" سؤال ابن سيرين عبيدة السلماني عن آية (الإدناء)؟ فتقنَّع عبيدة بِملحفة وغطى رأسه كله حتى بلغ الحاجبين وغطّى وجهه وأخرج عينه اليسرى". أخرجه السيوطي في " الدر" .
وبيان ضعفه من وجوه:
1. أنه مقطوع موقوف فلا حجة فيه لأن عبيدة السلماني تابعي اتفاقاً فلو أنه رفع حديثاً إلى النبي صلي الله عليه وسلم لكان مرسلاً لا حجة فيه فكيف إذا كان موقوفاً عليه كهذا ؟! فكيف وقد خالف تفسير ترجمان القرآن: ابن عباس ومن معه من الأصحاب؟!
2. أنهم اضطربوا في ضبط العين المكشوفة فيه فقيل: "اليسرى" –كما رأيت- وقيل:" اليمنى" وهو رواية الطبري وقيل: "إحدى عينيه " وهي رواية أخرى له ومثلها في " أحكام القرآن " للجصاص وغيرهما.
3. ذكره ابن تيمية في " الفتاوى" بسياق آخر يختلف تماماً عن السياق المذكور فقال:
" وقد ذكر عبيدة السلماني وغيره: أن نساء المؤمنين كنَّ يدنين عليهن الجلابيب من فوق رؤوسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن لأجل رؤية الطريق".
وإذا عرفت هذا فاعلم أن الاضطراب عند علماء الحديث علة في الرواية تسقطها عن مرتبة الاحتجاج بها حتى ولو كان شكلياً كهذا لأنه يدل على أن الراوي لم يضبطها ولم يحفظها على أن سياق ابن تيمية المذكور ليس شكلياً كما هو ظاهر لأنه ليس في تفسير الآية وإنما هو إخبار عن واقع النساء في العصر الأول وهو بهذا المعنى صحيح ثابت في أخبار كثيرة كما سيأتي في الكتاب بعنوان:" مشروعية ستر الوجه" ولكن ذلك لا يقتضي وجوب الستر لأنه مجرد فعل منهن ولا ينفي وجود من كانت لا تستر وجهها بل هذا ثابت أيضاً في عهده صل الله عليه وسلم وبعده.
4. مخالفته لتفسير ابن عباس للآية كما تقدم بيانه فما خالفه مطرح بلا شك.انتهى
محمد رفقى
09-11-2015, 01:38 PM
تعقيب على آية الجلباب:
من كتاب "مصطلحات قرآنية حول لباس المرأة المسلمة"
الشيخ الحبيب بن طاهر
صورة إدناء الجلباب
اختلفت النقول في صورة إدناء الجلباب, وقد ذكرها الإمام الطبري في تفسيره وقسمها إلى قسمين, فقال بعضهم:هو أن يغطين وجوههن ورؤوسهن فلا يبدين إلا عينا واحدة,وهو مروي عن ابن عباس , وقال آخرون: بل أمرن أن يشددن جلابيبهن على جباههن.
ولم يلتزم جمهور المفسرين ما أورده الطبري, وإنما اقتصروا على ذكر الرأي الأول. والملاحظ ما يلي:
أ ـ أن الإمام الطبري لم يرجح أحد التأويلين على الآخر, كما فعل في آية الخمار من سورة النور.
ب ـ أن غيره من المفسرين بسكوتهم عن وجهة النظر الثانية يكونون قد رجحوا وجهة النظر الأولى عليها. لكنهم توقفوا عند ذلك الحد, ولم يبينوا كيف الخروج من التعارض الذي وقعوا فيه, بين ما ذهبوا إليه في هذه الآية من كون الوجه مطلوب ستره فلا تظهر منه إلا عين واحدة, وبين ما قرروه في آية النور من كون الوجه ليس يطلب ستره شرعا, وأنه من الزينة الظاهرة المستثناة.
ولعل هذا التوقف منهم راجع إلى أن مهمة التنظير والمقارنة بين النصوص, ثم الجمع بينها من أنظار الفقهاء المجتهدين, فيكون مرجع ذلك كتب الفقه والاجتهاد, وإنما دور المفسر ومهمته الأولى تتمثل في بيان الظاهر من المعنى الأصلي للتركيب وإيضاحه, قال الشيخ ابن عاشور«وهو الأصل» . وقد التزم جمهور مفسري القرآن هذه الطريقة, لأنه ليس كل مفسر فقيه, ولذلك لا تجد الكثير من التفاسير إلا عالة على كلام سابق لاحظ لمؤلفيها إلا الجمع, على تفاوت بين اختصار وتطويل, كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن عاشور.
إلا أنه وجد في هذا الموضوع من المفسرين الفقهاء من تفطن للإشكال الوارد بين آية الخمار من سورة النور وآية الجلباب من سورة الأحزاب, فلم يرتض المرور بهما إلا بعد التنبيه على المخرج من ذلك بقدر ما أسعفه قلمه كالآلوسى وابن عاشور.
ونعود الآن لما ذكره الطبري؛ فالتفسير الأول أصله الرواية عن ابن عباس, وهي رواية ضعيفة لا تثبت أمام النقد, بسبب أبي صالح وعلي. على أنه لا يوجد ما يرجح الأخذ بهذا التفسير ـ على فرض صحته ـ بل إن المرجحات توجد في جانب التفسير الثاني الذي أورده الطبري , فهو يتفق مع آية الخمار التي اتفق جمهور العلماء من الصحابة والتابعين والمفسرين على أن المراد بالزينة الظاهرة المستثناة فيها الوجه والكفان. وحمل آيات القرآن على التوافق أولى من حملها على معنى يجعلها متعارضة. كما يتفق مع حديثي المرأة سفعاء الخدين والمرأة الخثعمية.
وعلى ضعف هذا التفسير, فإنه يمكن حمله على الوجه الذي يتفق مع مقاصد الآيات المتعلقة بلباس المرأة , وهو أن نعتبره خاصا بنساء النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي نهين عن إظهار شخوصهن إلا لضرورة, فيكون لازم عليهن تغطية وجوههن ووضع الجلباب بهذه الطريقة إذا خرجن لضرورة من الضرورات. وإنما حين نقل الناقلون والمفسرون هذه الطريقة عمموها على جميع النساء دون تحقيق.وعليه فتكون الآية مفسرة بوجهين: وجه يخص نساء النبي صلى الله عليه وسلم, ووجه يخص جميع المؤمنات سواهن. أو نعتبره مما جرى به العرف في عهد التابعين من بعض النساء اللاتي ورثن عادة الإقتداء بأمهات المؤمنين في تغطيتهن وجوههن عند خروجهن إلى الخلاء, بعد أمر الله تعالى لهن بالاحتجاب عن الأنظار.
وقد رد الإمام الألوسي هذا التفسير فقال:«وظاهر الآية لا يساعد على ما ذكر في الحرائر ـ أي تغطية الوجه بالجلباب ـ فلعلها محمولة على طلب تستر تمتاز به الحرائر عن الإماء أو العفائف مطلقا عن غيرهن, فتأمل» .
فالألوسي يقر بوجوب التزام الجلباب, لكنه يرى أن طريقة وضعه يجب أن تقتصر فقط على ما يتحقق معها علة تشريعه, لا أكثر, وهي تمييز الحرائر عن الإماء, كما ذكر في الآية, دون أن يطالب المرأة بتغطية وجهها, لما تقرر عنده في سورة النور أنّ وجه المرأة ليس بعورة.
وكذلك فعل الإمام ابن عاشور, حين اعتبر هيئة لبس الجلباب متروك إلى ما يعتاده الناس في أقوامهم, وليس في الآية ما يشير إلى شكل معين في وضعه, قال: «وهيئات لبس الجلابيب مختلفة باختلاف أحوال النساء, تبينها العادات. والمقصود هو ما دل عليه قوله تعالى"ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين". والإدناء التقريب وهو كناية عن اللبس والوضع, أي يضعن عليهن جلابيبهن»
وهذا الكلام الصادر عن هذين الفقيهين يدل على أنهما كانا يكتبان بفهم دقيق, ماسكين بأطراف الآيات المتعلقة بالموضوع الذي يتحدثان فيه, وهما بذلك يربآن بكلام الله تعالى أن يتحول بتفسيريهما يضرب بعضه بعضا, ويتناقض ولا يتوافق.
انتهى
محمد رفقى
09-11-2015, 01:54 PM
السياق التشريعي لنزول حكم الجلباب وبيان علّة تشريعه:
الشيخ الحبيب بن طاهر
تحريم الزنا من بين ما سارع إليه الإسلام في بداية الدعوة في الفترة المكية , إلا أنه سكت عن أمرين لم يشرع لهما, فيما يتعلق بهذا الموضوع , إلا بعد الهجرة وفي أزمان مختلفة.
الأمر الأول: أنه سكت عن تشريع عقوبة الزنا فلم ينص عليها إلا حين نزول بداية سورة النور...
الأمر الثاني: سكوت الشرع في الفترة المكية عن البغاء, فلم يحرمه. فقد كان معدودا في الجاهلية من أصناف النكاح. والبغاء غير الزنا, فهو تعاطي المرأة الزنا علنا بالأجر, حرفة لها, فالبغاء هو الزنا بأجر , والزنا يقع سرا لا يطلع عليه أحد.
وسياق الآيات التاريخي يقتضي أن البغاء ظل غير محرم حتى حرم بنزول قوله تعالى من سورة النور: ( وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَـاتِكُمْ عَلَى الْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً...), وسبب نزول هذه الآية ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان لعبد الله بن أبي سلول جارية يقال لها "مسيكة", وأخرى يقال لها "أميمة"؛ فكان يكرههما على الزنا , فشكت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فأنزل الله تعالى: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}.رواه مسلم
وكان بمكة تسع بغايا شهيرات يجعلن على بيوتهن رايات.فكان البغاء في الحرائر باختيارهن إياه للارتزاق. وكان إكراه الفتيات ـ أي الإماء ـ على البغاء من طرف أسيادهن أمر مستقر من عهد الجاهلية؛ وكان الأسياد يفعلون ذلك ليأخذوا الأجور التي تتقاضاها الإماء من ذلك, أو رغبة في أن يحملن من البغاء فيكثر عبيدهم , وقد يسعى من كان الحمل منه في فدائه بعد أن يولد؛ فعن الزهري أن رجلا أسر يوم بدر, وكان قد جعل عند عبد الله بن أبي سلول, وكان لعبد الله جارية يقال لها معاذة, فكان الأسير يريدها على نفسها, وكانت مسلمة فكانت تمتنع لأنها أسلمت, وكان ابن أبي سلول يكرهها على ذلك ويضربها, رجاء أن تحمل للقرشى فيطلب فداء ولده , فنزلت الآية.
ولا ريب أن الخطاب بقوله تعالى: {ولا تُكرهوا فتياتكم على البغاء} موجه إلى المسلمين والفتيات مسلمات لأن المشركات لا يخاطبن بفروع الشريعة.
فالحديث الصحيح الذي رواه جابر, مدعوما برواية الزهري وغيرها من الروايات, يدل على أن هذه الآية كان بها تحريم البغاء على المسلمين جميعا من الإماء والعبيد, ومن الرجال والنساء الأحرار المالكين أمر المسلمين.
ولا يعقل أن يكون البغاء محرّما قبل نزول هذه الآية, إذ لم يعرف قبلها شيء في الكتاب والسنة يدل على تحريم البغاء, ولأنه لو كان كذلك لم يتصور حدوث تلك الحوادث التي كانت سبب نزول الآية, إذ لا سبيل للإقدام على محرّم بين المسلمين...
إن تحريم البغاء كان في حدود السنة الخامسة للهجرة بعد غزوة المريسيع, أي بعد نزول سورة الأحزاب بآية الجلباب. فآية تحريم البغاء موقعها في سورة النور بعد قصة الإفك بثلاثة عشر آية , وقصة الإفك قد وقعت بعد الحجاب الوارد فى سورة الأحزاب. والأصل في السورة أن تنزل آياتها متتابعة زمنيا, وترتب في المصحف على ذلك التتابع دون تقديم أو تأخير....
وفي هذا الظرف ـ أي ما قبل تحريم البغاء ـ نزلت آية الجلباب لتعالج مشكلة ذكرها الرواة في أسباب نزول آية الجلباب. فقد رووا أن الأمة والحرّة كانتا تخرجان ليلا لقضاء الحاجة في الغيطان وبين النخيل, من غير امتياز بين الحرائر والإماء. وكان في المدينة فساق من المنافقين ويتعرضون للإماء, وربما تعرضوا للحرائر, فإذا قيل لهم في ذلك قالوا: حسبناهن إماء؛ فنزلت الآية تأمر الحرائر بمخالفة الإماء بلبس الجلابيب حتى يعرفن أنهن حرائر فلا يطمع فيهن أحد. وقد ذكر هذا السبب كبار التابعين كالحسن البصري وقتادة والسدي ومجاهد.... ولا يعقل أن يرمى التابعون أمثال من ذكرنا بالاختلاق. على أن لروايتهم أصلا وهو ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان لا يدع في خلافته أمة تتقنع, ويقول: القناع للحرائر لئلا يؤذين. (أخرجه ابن أبي شيبه عن أبي قلابة رضي الله عنه).
....
جاء في القرآن الكريم ما يؤيد هذا المعنى...الآية الواردة قبل آية الجلباب, قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِين َ وَالْمُؤْمِنَـات ِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُواْ فَقَدِ احْتَمَلُواْ بُهْتَـاناً وَإِثْماً مُّبِيناً) الأحزاب 58 فعن الضحاك والسدي والكلبي أنها نزلت في زناة كانوا يتبعون النساء إذا برزن بالليل لقضاء حوائجهن, وكانوا لا يتعرضون إلا للإماء, وربما يقع منهم التعرض للحرائر جهلا أو تجاهلا, لاتحاد الكل في اللباس.
...
وأما لماذا سكت الشرع عن البغاء فترة من الزمان, فلا شك أنه توجد أسباب لذلك, بعضها اجتماعي وبعضها اقتصادي. والذي يجب اعتقاده أن ذلك كان مصلحة للمسلمين اقتضت تأجيل تحريمه إلى حين....
وبهذا يتبين أن علة تشريع الجلباب هي تمييز الحرائر عن الإماء. وإن سكوت الشرع عن ما يفعله الفساق والمنافقون من مراودة الإماء ليس فيه مذمة له بأنه أطلق الفساد على أعراض إماء المسلمين, كما ادعى ذلك ابن حزم, وإنما هو تمشيا مع حكمة الله تعالى في التدرج بالتشريع نحو الكمال والتمام مراعاة لعادة العرب. وفي الشريعة الإسلامية نظائر عديدة لهذه المسألة, مثال ذلك شرب الخمر, فليس لأحد أن يقول إن قوله تعالى: (ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) تشجيع من الشرع على شرب الخمر خارج الصلاة , لأنها لم تحرمه إلا في أوقات معينة وسكتت عنه في بقية الأوقات, فلا يمكن قول ذلك, لأن الله تعالى تدرج بالناس إلى أن وصل بهم إلى ما يريده لهم من التشريع التام في الخمر, وذلك بتحريمه في كلّ الأوقات.
ومما يحسن الإشارة إليه أن تشريع الجلباب ليس المراد منه التستر, حتى يعد منع الأمة منه دعوة لها بكشف عورتها, وهو ما لا يتماشى مع الشريعة؛ لأن التستّر في أدنى صوره كان حاصلا بالخمار الذي كانت تلبسه الحرة والأمة على السواء. وإنما كان الجلباب زيا إضافيا للحرة. وإن كان تشريع الجلباب وقع قبل تشريع الخمار, إلا أن المرأة حرة كانت أو أمة, كانت على طريقة الجاهلية في وضعه, فجاء حكم الجلباب أولا ليميز الحرائر عن الإماء للعلة المذكورة, والخمار على طريقة الجاهلية في لبسه, ثم جاء حكم الخمار عند نهاية علة تشريع الجلباب ليؤكد على لبسه وعلى وضعه بطريقة جديدة تخالف ما كان عليه الأمر في الجاهلية. وبذلك يكون الخمار هو اللباس النهائي للمسلمة, حرة كانت أو أمة, مع ما أضاف إليه الشرع من ضوابط وشروط.
وبما تقدم يتقرر أن سبب طلب تمييز الحرّة عن الأمة أمر ظرفي انتهى بنزول حكم تحريم البغاء وإلحاقه بالزنا, وإنزال الحد بكل من يأتيه من النساء البغايا والرجال الطالبين له منهن, أحرارا وعبيدا, متزوجين وغير متزوجين. لذلك لم يعد الصحابة رضي الله عنهم ينهون الإماء عن لبس الجلابيب بعد أن كان عمر رضي الله عنه مدة خلافته يضرب الإماء على لبسهن الجلابيب , لعلمهم أن علة تشريع الجلباب قد زالت ولم يعد هناك ما يدعو الحرة إلى لباس يميزها عن الأمة.
وفي هذا العصر, فإن علة تشريع الجلباب قد زالت تماما بزوال نظام الرق, فلم يعد يوجد إماء. ومعلوم من قواعد الشرع أن الحكم الشرعي المعلل يدور مع علته وجودا وعدما. فإذا وجدت العلة وجد الحكم, وإذا انعدمت انعدم الحكم. ولا يمكن الادعاء بأن ذلك يؤدّي إلى تعطيل حكم قرآني؛ لأن النص على علة هذا الحكم في القرآن وروايات أسباب النزول المتعاضدة والمقوية لبعضها, لا تجعل مجالا للتردد في أن حكم الجلباب كان بسبب ظرفي. كما لا يمكن لأحد أن يقول فيما فعله عمر رضي الله عنه ـ مثلا ـ حين منع إعطاء المؤلفة قلوبهم نصيبهم من الزكاة, إنه عطل حكما قرآنيا. بل إنه رضي الله عنه فعل ذلك بناء على غياب علة تشريع هذا الحكم في عهده.
وبهذا تكون المسلمات غير مطالبات شرعا بالجلباب, وإن تحول بعد زوال حكمه إلى عادة؛ لأن اللباس الذي قررته سورة النور والأوصاف التي شرعها النبي صلى الله عليه وسلم للباس المرأة, والتي سنذكرها في خاتمة البحث, نهاية لكل راغبة في طاعة الله تعالى , ومحققة للمقصد الشرعي من أحكام اللباس. وعلى فرض استمرار حكم الآية فيحمل لبس الجلباب على أى لباس بما يتفق مع ما قررته آية النور, من أن المراد بالزينة الظاهرة الوجه والكفان.
محمد رفقى
09-11-2015, 10:44 PM
معالم ستر بدن المرأة في القرآن الكريم من سورة النور 1
المعلم الأول :
قال تعالى: { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} سوره النور31
بدا: تُقال إذا كان الشيئ خفيّاً ثم يظهر بجلاء ظهوراً غير متوقع.
ظهر: إذا كان الشئ متوقعاً (حدوثه مرتقب أو حاصل) يُقال له ظهر وهي عكس بدا.
الزينة: ما يحصل به الزَيْن. والزين: الحسن
أولاً: القرآن يرخص بإبداء (ما ظهر) منها, والبدو الظهور الواضح.
ثانياً: الوجه والكفان وما عليهما من زينة هو (ما ظهر) من المرأة عُرفاً.
إذَنْ معنى الآية أنه لا يصح للمرأة المؤمنة أن تُظهِر زينتها إظهارا واضحا {إلا ما ظهر منها} أي ما كان موضعه مما لا تستره المرأة في العادة كالوجه والكفان.
قال ابن باديس:
(( وقد جاء تفسير الزينة الظاهرة عن السلف مرة بالوجه والكف ومرة بالكحل والخاتم.والثاني راجع للأول لأن الوجه محل الكحل والكف محل الخاتم.فالثاني فسّر علي حقيقة اللفظ والأول على المراد)).
ومن كتاب الرد المفحم للألباني ( ت سنة 1420 هـ):
سرد أسماء الصحابة الذين فسروا الإستثناء فيها بالوجه والكفين ، مع ذكر بعض مخرجيها ومن صحح بعضها، ليعلم القراء جهل من خالفها، أو أنكر شيئاً منها، أو ضلل من تمسك بها!
1- عائشة رضى الله عنها.عبد الرزاق وابن أبي حاتم" الدر المنثور"و ابن أبي شيبة والبيهقي وصححه ابن حزم.
2- عبد الله بن عباس رضى الله عنه. ابن أبي شيبة والطحاوي والبيهقي وصححه ابن حزم أيضاً وله عنه كما سبق سبعة طرق.
3- عبد الله بن عمر رضى الله عنه. ابن أبي شيبة وصححه ابن حزم.
4- أنس بن مالك رضى الله عنه. وصله ابن المنذر وعلقه البيهقي.
5- أبو هريرة رضى الله عنه. ابن عبد البر في " التمهيد".
6- المسور بن مخرمة رضى الله عنه. ابن جرير الطبري.
قال ابن أبي شيبة رحمه الله في " المصنف في: حدثنا زياد ابن الربيع عن صالح الدهان عن جابر بن زيد عن ابن عباس: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}: قال: الكف ورقعة الوجه".
قلت: وهذا إسناد صحيح،لا يضعفه إلا جاهل أو مُغرض، فإن رجاله ثقات، فأبدأ بشيخ ابن أبي شيبة زياد بن الربيع، فهو ثقة دون أي خلاف يذكر، وقد احتج به البخاري في "صحيحه".
وصالح الدهان ثقة أيضاً، كما قال ابن معين. وقال احمد في "العلل" : " ليس به بأس ". وذكره ابن حبان في "الثقات" .
وأما جابر بن زيد – وهو أبو الشعثاء الأزدي- فهو أشهر من أن يذكر، ومن ثقات التابعين المشهورين بالأخذ عن ابن عباس ، وخرَّج له الشيخان ، وشهد له ابن عباس بأنه من العلماء بكتاب الله وهو الذي تلقى عن ابن عباس تفسير (الإدناء) بقوله: " تدني الجلباب إلى وجهها، ولا تضرب به" وهو الذي كان يأمر هند بنت المهلب أن تضع الخمار على الجبهة، أي: وليس على الوجه.
انتهي
ما جاء عن عبد الله بن عمر رضى الله عنه:
قال ابن أبي شيبة في ((المصنف)) ( 3\546) : حدثنا شبابة بن سوار، قال: حدثنا هشام بن الغاز، قال : حدثنا نافع، قال ابن عمر: الزينة الظاهرة : الوجه والكفان. ورواه أيضا يحي بن معين كما في (الجزء الثاني من حديث يحيى بن معين برواية المروزي عنه) ص 90 رقم (14) قال ابن معين ثنا يحيى بن يمان ثنا هشام بن الغاز عن نافع عن ابن عمر قال : الكف والوجه. وهذا إسناد صححه ابن حزم والألباني .
ما جاء عن عائشة رضى الله عنها:
ذكر السيوطي في الدر المنثور: أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد، وابن المنذر، والبيهقي في سننه، عن عائشة رضى الله عنها: أنها سئلت عن الزينة الظاهرة فقالت: القلب والَفَتخ، وضمت طرف كمها. وطرف الكم ينتهي عند المعصم
وفى السنن الكبرى للبيهقي عن عطاء بن أبي رباح ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : ما ظهر منها الوجه والكفان.
وفي مصنف بن أبي شيبة: وعن عائشة , ما ظهر منها الوجه والكفان , وروي عن بن عمر.
ما جاء عن أنس رضى الله عنه:
روى ابن المنذر في "تفسيره" عن أنس بن مالك قال: «الكحل والخاتم». قال ابن حزم في المحلى : «وقد روينا عن ابن عباس في {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال: "الكف والخاتم والوجه". وعن ابن عمر: "الوجه والكفان". وعن أنس: "الكف والخاتم". وكل هذا عنهم في غاية الصحة. وكذلك أيضا عن عائشة، وغيرها من التابعين».
ما جاء عن أبي هريرة رضى الله عنه:
جاء في التمهيد لابن عبد البر: وقد روى عن أبي هريرة في قوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال القلب والفتخة رواه ابن وهب عن جرير بن حازم قال حدثني قيس بن سعد أن أبا هريرة كان يقول فذكره , قال جرير بن حازم القلب السوار والفتخة الخاتم.
ما جاء عن المسور بن مخرمة :
جاء في تفسير الطبري: حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنِ الزُّهْرِيّ , عَنْ رَجُل عَنِ الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَة , فِي قَوْله : { إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } قَالَ : الْقُلْبَيْنِ , وَالْخَاتَم , وَالْكُحْل : يَعْنِي السِّوَار
ملاحظة:
هذا التفسير من هؤلاء الصحابة ليس من قبيل الرأي الذي يحتمل الصواب أو الخطأ , فهؤلاء الصحابة عاصروا نزول الوحي , وهم أعرف الناس بعد النبي صلي الله عليه وسلم باللسان العربي المبين ومدلولاته والقرآن نزل بلغتهم , وكلامهم شهادة على قضية مشاهدة.
ما ورد عن التابعين في أن المستثنى هو الوجه وزينته والكف وزينتها:
1. عطاء بن أبي رباح :
أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن هشام بن الغاز قال: سمعت عطاء يقول: الزينة الظاهرة الخضاب والكحل.
وأخرج الطبري بسند صحيح عن عطاء أنه قال في قوله تعالى {إلا ما ظهر منها}: الكفان والوجه.
2. قتادة بن دعامة :
أخرج عبد الرزاق في تفسيره بسند صحيح عن قتادة في قوله تعالى {إلا ما ظهر منها}: المسكتان والكحل. ورواه من طريقه ابن جرير في تفسيره بسند صحيح عنه.
وأخرج الطبري في التفسير بسند صحيح عن قتادة في قوله تعالى {إلا ما ظهر منها}: الكحل والسواران والخاتم.
3. عبد الرحمن الأوزاعي :
أخرج الطبري في تفسيره بسند حسن أن الأوزاعي سئل عن قوله تعالى {إلا ما ظهر منها} قال : الكفين والوجه.
4. عبد الرحمن بن زيد بن أسلم :
أخرج الطبري في تفسيره بسند صحيح عنه أنه قال في قوله تعالى {إلا ما ظهر منها}: من الزينة الكحل والخضاب والخاتم ؛ هكذا كانوا يقولون وهذا يراه الناس.
وابن زيد بن اسلم وإن كان ضعيفا في روايته عن غيره كما هو معلوم إلا أنه صاحب تفسير كما قال الذهبي وصالح في نفسه كما قال أبو حاتم وهذا رأيه.
5. الحسن البصري :
أخرج ابن أبي الدنيا في العيال بسند صحيح عن الحسن قال: ما ظهر منها الوجه والثياب.
وأخرج الطبري بسندين صحيحين عن الحسن أنه قال: الوجه والثياب.
والسند الأول لا خلاف فيه وقد احبننا أن نذكر السند الثاني:
قال الطبري:حدثنا ابن بشار (وهو ثقة روى له الجماعة)، قال ثنا ابن أبي عدي (ثقة روى له الجماعة وشذ أبو حاتم في الحكم عليه)، وعبد الأعلى (وهو ابن عبد الأعلى وهو ثقة)، عن سعيد (هو ابن أبي عروبة ثقة معروف) ، عن قتادة ( وهو ثقة ربما دلس إلا أنه أعلم أصحاب الحسن كما قال أبو زرعة و أكبرهم كما قال أبو حاتم ) ، عن الحسن ، في قوله : {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال : الوجه والثياب.وهذا سند صحيح.
6. الشعبي :
أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن الشعبي قال في قوله تعالى "إلا ما ظهر منها": الكحل والثياب.
7. مكحول :
أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح أن مكحول قال: الزينة الظاهرة الوجه والكفان.
8. عكرمة :
أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن عكرمة قال: "ما ظهر منها" قال: الوجه وثغرة النحر.
وفي جزء يحيى بن معين بسند صحيح عن عكرمة في قوله تعالى "إلا ما ظهر منها" قال: ثيابها وكحلها وخضابها.
///
وقال ابن مسعود: هي الثياب
أولا: ليس في هذا القول نفي لكشف الوجه.ولا يوجد أثر ينفي هذا الفهم.وقد جمع الحسن بين القولين قال: الوجه والثياب.
ثانيا: إن ابن عباس وابن عمر وابن مسعود عاشوا في زمان واحد وفي مكان واحد وأمامهم نساء عهد نبوي واحد , فهل يعقل أن يري ابن عباس وابن عمر أن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها ويري ابن مسعود أن علي المرأة سترهما ؟!
ثالثا: هذا التفسير من ابن مسعود مفسر بما ورد عن ابن مسعود نفسه كما أخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عنه قال: الزينة زينتان: زينة ظاهرة، وزينة باطنة لا يراها إلا الزوج. فأما الزينة الظاهرة: فالثياب، وأما الزينة الباطنة: فالكحل، والسوار والخاتم. فقد اقتصر في الزينة الخفية على ذكر الكحل والسوار والخاتم , ولم يذكر معها الوجه والكفين. والظاهر أنها لو كانت عنده مما لا يجوز كشفها لذكرها مع ما ذكر, لأنها الأولى بالذكر من الكحل والسوار والخاتم ليؤكد على عدم جواز كشف الوجه والكفين, كما تؤوّل عنه.
نخلص من ذلك أن الوجه والكفين لا علاقة لهما بالزينة عند ابن مسعود, وأن تفسيره سواء للزينة الظاهرة أو الباطنة يعرض للزينة الخارجة عن الخلقة وليس للعضو المكشوف. وقد أخرج العينى فى نخب الأفكار بسند صحيح عن سعيد بن جبير عن ابن عباس {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} : الكحل والخاتم, وهذا ييبن أن الخلاف حول زينة الوجه وليس في الوجه نفسه.
إذَنْ لا يوجد تناقض بين تفسير (ابن عباس وابن عمر) وبين تفسير ابن مسعود في مسألة الوجه والكفين , فالأول كان للزينة الخَلقية والثانى كان للزينة الخارجة عن الخلقة.
هذا وقد وردت رواية أخري عن ابن مسعود فسر فيها الزينة الظاهرة بالوجه والثياب:
قال أبي طاهرٍ المُخَلِّصِ محمدِ بنِ عبدِالرحمنِ بنِ العباسِ البَغداديِّ الذَّهبيِّ (ت 393 هـ) في مصنفه : حدثنا ابنُ منيعٍ قالَ: حدثنا داودُ قالَ: حدثنا صالحٌ، عن مطرفٍ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي الأحوصِ ، عن عبدِاللهِ أنَّه قالَ في قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] قالَ: الوجهُ والثيابُ.
قالَ: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} قالَ: القلادةُ والقرطُ والحجالُ، لا بأسَ بهؤلاءِ أَن يَروه.ُ
(الجزء الثامن من المُخَلِّصيَّاتُ) تحقيق نبيل سعد الدين جرار.
قال الألباني في "جلباب المرأة المسلمة":
هذا التفسير- وإن تحمس له بعض المتشددين- لا ينسجم مع بقيه الآية, وهي {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ... } فالزينة الأولي هي عين الزينة الثانية, كما هو معروف في الأسلوب العربي: أنهم إذا ذكروا إسماً معرفاً ثم كرروه , فهو هو , فإذا كان الأمر كذلك, فهل الأباء ومن ذكروا معهم في الآية لايجوز لهم أن ينظروا إلا إلي ثيابهن الباطنه؟!ولذلك قال الجصاص (ت:370هـ) في أحكام القرآن: قول ابن مسعود في أن ما ظهر منها هو الثياب لا معني له لأنه معلوم أنه ذكر الزينة والمراد العضو الذي عليه الزينة, ألا تري أن سائر ما تتزين به من الحلي والقلب والخلخال والقلادة يجوز أن تظهرها للرجال إذا لم تكن هي لابستها , فعلمنا أن المراد مواضع الزينة كما قال تعالي في نسق الآية{وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ }إذ المراد به مواضعها قطعاً.وموضع الزينة عندنا هو الوجه والكفان,لأن الكحل زينة الوجه والخضاب والخاتم زينة الكف, فإذا أباح النظر إلي زينة الوجه والكف فقد اقتضي ذلك لا محالة إباحة النظر إلى الوجه والكف.
قال ابن عاشور فى التحرير والتنوير:
وقوله: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن} أعيد لفظ {ولا يبدين زينتهن} تأكيداً لقوله {ولا يبدين زينتهن} المتقدم وليبني عليه الاستثناء في قوله: {إلا لبعولتهن} إلخ الذي مقتضى ظاهره أن يعطف على {إلا لبعولتهن} لبعد ما بين الأول والثاني، أي ولا يبدين زينتهن غير الظاهرة إلا لمن ذُكروا بعد حرف الاستثناء لشدة الحرج في إخفاء الزينة غير الظاهرة في أوقات كثيرة، فإن الملابسة بين المرأة وبين أقربائها وأصهارها المستثنين ملابسة متكررة فلو وجب عليها ستر زينتها في أوقاتها كان ذلك حرجاً عليها.
قال ابن القطان في ( النظر في أحكام النظر) ( ت سنة 628 هـ) :
(( فمعني الآية :لايبدين زينتهن في مواضعها لأحد من الخلق إلا ما كان عادة ظاهرة عند التصرف, فما وقع من بدوه وإبدائه بغير قصد التبرج والتعرض للفتنة فلا حرج فيه , وبهذا يقع الفرق بين ما هو من الظاهرة ويظهر في العادة, إلا أن يستر بقصد كالوجه والكفين وما هو مستور إلا أن يظهر بقصد, يجوز لها إبداء الأول في أحوال التصرف والتبذل, ولايجب عليها تعاهده بالستر, ويحرم عليها إبداء الآخر في الأحوال كلها, ويجب عليها تعاهده بالستر حتي القدمين في حال المشي علي ما سنبين بعد إنشاء الله)).
(( وإنما نعني بالعادة هنا عادة من نزل عليهم القرآن، وبلَّغوا عن النبي صلي الله عليه وسلم الشرع،وحضروا به خطاب المواجهة ، ومن لزم تلك العادة بعدهم إلى هلم جرَّا ، لا لعادة النسوان وغيرهم المبدين أجسادهم وعوراتهم )) .
ثم قال الحافظ ابن القطان رحمه الله تعالى : (( فإن قيل : هذا الذي ذهبتَ إليه من أن المرأة معفوٌ لها عن بُدُوِ وجهها وكفيها,وإن كانت مأمورة بالسَّتر جهدها,يظهر خلافه من قوله تعالى{يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذَين}.
فالجواب أن يقال :يمكن أن يفسَّر هذا ( الإدناء ) تفسيراً لا يناقض ما قلناه، وذلك بأن يكون معناه : يدنين عليهن من جلابيبهن ما لا يظهر معه القلائد والقرطة، مثل قوله {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} ، فإن ( الإدناء ) المأمور به مطلقٌ بالنسبة إلى كل ما يطلق عليه (إدناء ) ، فإذا حملناه على واحد مما يقال عليه ( إدناء ) يقضي به عن عهدة الخطاب، إذ لم يطلب به كل (إدناء) ، فإنه إيجاب بخلاف النهي والنفي )).
محمد رفقى
09-11-2015, 10:51 PM
من استعراض لبعض أقوال المفسرين تبين أن ثلاثة عشر مفسرا رجح اعتبار ما يظهر من الزينة ويشرع إبداؤه للرجال الأجانب هو زينة الوجه والكفين ، وهؤلاء هم:
1. الطبري ..........ت سنة 310هـ
2. الجصاص .......ت سنة 370هـ
3. الواحدي .........ت سنة 468هـ
4. البغوي ..........ت سنة 516هـ
5. الزمخشري.......ت سنة 528هـ
6. ابن العربي ......ت سنة 543هـ
7. الفخر الرازي ....ت سنة 606هـ
8. القرطبي .........ت سنة 671هـ
9. الخازن ..........ت سنة 725هـ
10. أبو حيان ......ت سنة 754هـ
11. أبو السعود.....ت سنة 528هـ
12. النيسابوري ...ت سنة 728هـ
13. ابن باديس ....ت سنة 1359هـ
أما الذين رجحوا اعتبار الثياب هي الزينة الظاهرة فهم:
1. ابن الجوزي ت سنة 596هـ
2. البيضاوي ..ت سنة 685هـ
3. الشوكاني ..ت سنة 1250هـ أضاف القدمين والكفين إلي الثياب
4. ابن كثير ...ت سنة 774هـ
وقد ذكر ابن كثير أن المشهور عند الجمهور تفسير {مَا ظَهَرَ مِنْهَا} بالوجه والكفين.
ونحن إذ نقول إن ثلاثة عشر مفسرا قد رجح اعتبار الوجه والكفين هما الزينة الظاهرة لا نقصد بذلك أن الكثرة مؤشر دال علي الحق والصواب , ولكن لنبين لمعارضي مشروعية سفور الوجه أن القول بالمشروعية ليس بدعة جديدة ابتدعها المبهورون بحضارة الغرب الذين يرون في ستر الوجه تقليدا قديما باليا.
قال الطاهر بن عاشور: وفسر جمع من المفسرين الزينة بالجسد كله وفسر ما ظهر بالوجه والكفين . وعلى هذا التفسير فالزينة الظاهرة هي التي جعلها الله بحكم الفطرة بادية يكون سترها معطلاً الانتفاع بها أو مدخلاً حرجاً على صاحبتها وذلك الوجه والكفان، وجمهور الأئمة على أن استثناء إبداء الوجه والكفين من عموم منع إبداء زينتهن يقتضي إباحة إبداء الوجه والكفين في جميع الأحوال.
تفسير الإمام الطبري ودلالتة:
ورد في جامع البيان : وأولي الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عني بذلك الوجه والكفين , يدخل في ذلك إذا كان كذلك: الكحل والخاتم والسوار والخضاب, وإنما قلنا ذلك أولي الأقوال في ذلك بالتأويل "لإجماع الجميع" علي أن علي كل مصلي أن يستر عورته في صلاته, وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها.... فإذا كان ذلك من جميعهم "إجماعا" كان معلوما بذلك أن تبدي من بدنها ما لم يكن عورة كما ذلك للرجال, لأن ما لم يكن عورة فغير حرام إظهاره.وإذا كان لها إظهار ذلك , كان معلوما أنه مما استثناه الله تعالي ذكره بقوله {إلا ما ظهر منها} لأن كل ذلك ظاهر منها.
هنا نلمح فيما أبداه من رأي دلالة هامه , ذلك أن رأيه في هذه القضية هو شهادة رجل علي عصره.فأمر الزي مما يعم تطبيقه المجتمع كله , ويستفيض العلم به بين العامة والخاصة.فلو كان ستر الوجه واجبا لعم واستفاض العلم به في عصر الطبري , أي في القرن الثالث الهجري , بل لعملت به أيضا عامة نساء المؤمنين ولم تخالفه إلا امرأة مستهترة مجاهره بالعصيان.
///
وأخيرا إذا تأملنا الروايات المختلفة نجد أن كل رواية تذكر بعض ما يمكن أن يستثني. وربما قصد القائل ما يستثني علي سبيل المثال لا الحصر.فالثياب من الزينة الظاهرة والوجه من الزينة الظاهرة واليدان من الزينة الظاهرة والكحل والخاتم والخضاب من الزينة الظاهرة.
محمد رفقى
09-11-2015, 10:57 PM
ملاحظات :
1- بعض المفسرين اختاروا فى سورة الأحزاب ما رجحوا عكسه فى سورة النور وقد تم الإشارة إلى ذلك فى التعقيب على آية الجلباب ومن هؤلاء:
الجصاص في أحكام القرآن , البغوي في معالم التزيل , الزمخشري في الكشاف , الفخر الرازي في مفاتيح الغيب , القرطبي في الجامع لأحكام القرآن , النسفي في مدارك التنزيل , الخازن في لباب التأويل , أبو حيان في البحر المحيط , جلال المحلي في الجلالين , البقاعي في نظم الدرر , أبو السعود في إرشاد العقل السليم , إسماعيل حقي روح البيان , ابن عبد السلام في تفسير القرآن.
وهذه بعض نماذج من أقوالهم:
•• قال النسفي في تفسيره لقوله تعالى{يدنين عليهن من جلابيبهن} "يرخينها عليهن و يغطين بها وجوههن وأعطافه".
وقال في آية الزينة : (إلا ما ظهر منها ) إلا ماجرت العادة والجبلة على ظهوره وهو الوجه والكفان والقدمان ففى سترها حرج بين فإن المرأة لا تجد بدا من مزاولة الأشياء بيديها ومن إلى كشف وجهها خصوصا فى الشهادة والمحاكمة والنكاح وتضطر إلى المشى فى الطرقات وظهور قدميها وخاصة الفقيرات منهن.
•• قال الجصاص في تفسيره لقوله تعالى{ يدنين عليهن من جلابيبهن}:" في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين ، وإظهار الستر و العفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن ".
وقال في آية الزينة : قوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} إنما أراد به الأجنبيين دون الزوج وذوى المحارم لأنه قد بين فى نسق التلاوة حكم ذوى الأرحام فى ذلك وقال أصحابنا المراد الوجه والكفان لأن الكحل والخاتم زينة الوجه والخضاب والخاتم زينة الكف فإذا قد أباح النظر إلى زينة الوجه والكف فقد اقتضى ذلك لا محالة إباحة النظر إلى الوجه والكفين ويدل على أن الوجه والكفين من المرأة ليسا بعورة أيضا أنها تصلى مكشوفة الوجه واليدين فلو كانا عورة لكان عليها سترهما كما عليها ستر ما هو عورة وإذا كان ذلك جاز للأجنبى أن ينظر من المرأة إلى وجهها ويديها بغير شهوة فإن كان يشتهيها إذا نظر إليها جاز أن ينظر لعذر مثل أن يريد تزويجها أو الشهادة عليها أو حاكم يريد أن يسمع إقرارها.
•• قال جلال الدين المحلى : قوله تعالى {يدنين عليهن من جلابيبهن} جمع جلباب وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة، أي يُرخِين بعضها على الوجوه إذا خرجن لحاجتهنّ إلا عيناً واحدة .
وقال فى آية الزينة : {ولايبدين} يظهرن {زينتهن إلا ما ظهر منها} وهو الوجه والكفان فيجوز نظره لأجنبي إن لم يخف فتنة في أحد وجهين والثاني يحرم لأنه مظنة الفتنة ورجح حسما للباب {وليضربن بخمرهن علي جيوبهن} أي يسترن الرؤوس والأعناق والصدور بالمقانع {ولا يبدين زينتهن} الخفية، وهي ما عدا الوجه والكفين {إلا لبعولتهن} جمع بعل أي زوج.
•• قال البقاعي : {ونساء المؤمنين يدنين} أي يقربن {عليهن} أي على وجوهن وجميع أبدانهن, فلا يدعن شيئاً منها مكشوفاً.
وقال فى آية الزينة : {إلا ما ظهر منها} أي كان بحيث يظهر فيشق التحرز في إخفائه فبدا من غير قصد كالسوار والخاتم والكحل فإنها لا بد لها من مزاولة حاجتها بيدها ومن كشف وجهها في الشهادة ونحوها.... وللتأكيد {زينتهن} أي الخفية في أي موضع كانت من عنق أو غيره، وهي ما عدا الوجه والكفين، وظهور القدمين.
2- أقوالهم في آية الزينة مدعومة بالأدلة من اللغة وأقوال الصحابة بخلاف أقوالهم في آية الإدناء فليس فيها تفسير لأحد من الصحابة وما جاء عن ابن عباس غير صحيح سنداً.
محمد رفقى
09-11-2015, 11:12 PM
معالم ستر بدن المرأة في القرآن الكريم من سورة النور 2
المعلم الثاني :
قال تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنّ}
الخُمُر: جمع خِمار وهو بالنسبة للمرأة غطاء الرأس، والجيوب: جمع جيب وهو فتحة الصدر من القميص ونحوه.
والضرب : الوقع بشده وتمكين الوضع والمبالغة فيه.
فالمعني لي الخمار على العنق والصدر ولم يؤمر بلبسه على الوجه.
• عن عائشة رضى الله عنها قالت:" يرحم الله نساء المهاجرين الأُوَل لما أنزل الله {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنّ} شققن مروطهن فاختمرن بها, وفي رواية أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها".(رواه البخارى)
مروطهن: جمع مرط وهو كل ثوب غير مخيط تتلفع به المرأة أو تجعله حول وسطها.
حاشية : جانب الشئ وطرفه.
قال ابن جرير: وقوله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنّ} يقول تعالى ذكره وليلقين خمرهن وهى جمع خمار على جيوبهن، يسترن بذلك شعورهن وأعناقهن وقرطهن.
قال ابن حزم (ت سنة 456هـ): فأمرهن الله تعالى بالضرب بالخمار على الجيوب وهذا نص على ستر العورة والعنق والصدر وفيه نص على إباحة كشف الوجه لا يمكن غير ذلك.
قال ابن القطان الفاسي : ( ويتأيد المعنى الذي حملنا عليه الآية من أن الظاهر هو الوجه والكفان بقوله تعالى المتقدم متصلا به : {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنّ} فإنه يفهم منه أن القرطة قد يغفلن عند بدو وجوههن عن تعاهد سترها فتنكشف فأمرن أن يضربن بالخمر على الجيوب حتى لا يظهر شيء من ذلك إلا الوجه الذي من شأنه أن يظهر حين التصرف إلا أن يستر بقصد وتكلف مشقة وكذلك الكفان.
وذكر أهل التفسير أن سبب نزول الآية هو أن النساء كن وقت نزولها إذا غطين رؤوسهن بالخمر يسدلنها خلفهن كما تصنع النبط فتبقى النحور والأعناق بادية فأمر الله سبحانه بضرب الخمر على الجيوب ليستر جميع ما ذكر. وبالغ في امتثال هذا الأمر نساء المهاجرين والأنصار فزدن فيه تكثيف الخمر) .انتهي
إذَنْ راعَى الشارع الحكيم زِيَّ المرأة من أعلى فقال {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ} ومـن الأدنى فقال: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ}
قال ابن كثير: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثني الزنجي بن خالد حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن صفية بنت شيبة قالت: بينا نحن عند عائشة قالت: فذكرن نساء قريش وفضلهن فقالت عائشة -رضى الله عنها-: إن لنساء قريش لفضلاً, وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقًا بكتاب الله ولا إيمانًا بالتنزيل لقد أنزلت سورة النور: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن}. انقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى ذي قرابته فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل فاعتجرت به تصديقًا وإيمانًا بما أنزل الله من كتابه فأصبحن وراء رسول الله صل الله عليه وعلى آله وسلم معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان.
الحديث ضعفه الألباني وغيره , والاعتجار بمعنى الاختمار ففي(الصحاح): والمعجر ما تشده المرأة على رأسها, يقال: اعتجرت المرأة.
المعلم الثالث :
قال تعالى: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}
الضرب بالأرجل إيقاع المشي بشدة .
قال ابن حزم: هذا نص على أن الرجلين والساقين مما يخفي ولا يحل ابداؤه.
ووجوب ستر الساقين ورد في حديث فاطمة بنت قيس حيث قال لها صلي الله عليه وسلم (فإني أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين).
محمد رفقى
10-11-2015, 02:45 PM
تعقيب على الآيات من سورة الأحزاب وسورة النور
بعد عرض هذه الآيات من سورة الأحزاب وسورة النور نحب أن نوضح أن آية سورة الأحزاب {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ} ترسم أدبا خاصاً بخروج المؤمنات متميزات عن الإماء بإدناء الجلاليب وذلك صيانة لهن من أذي السفهاء , ثم نزلت آيات سورة النور ترسم النهج الواجب لتنظيم رؤية الرجال النساء ورؤية النساء الرجال , ودفع الفتنة المشتركة بينهما , وذلك:
أولا : بأمر الفريقين بالغض من أبصارهم , قال تعالى : {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} , {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}.
وثانيا : بتضييق مجال فتنة زينة المرأة إلى أقصي حد ممكن. فقد كانت المرأة تضع الخمار على رأسها وتسدله من وراء ظهرها فيظهر منها مع الوجه والكفين الأذنان والعنق والنحر, كما يظهر ما على هذه الأعضاء من زينة ,فالكحل في العينين والخضاب في اليدين والأقراط في الأذنين والقلادة في النحر. فجاء قوله تعالى {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} يأمر باخفاء زينة المرأة باستثناء ما كان ظاهراً منها أي ما كان من طبيعته الظهور حسب العرف القائم , وكانت تلك الزينة المذكورة كلها تظهر عادة مع ستر المرأة بدنها بالخمار والدرع السابغ فنزل قوله تعالي {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ} لتستر المرأة بخمارها الأذنين والعنق والنحر , فيضيق بذلك مجال الزينة الظاهرة ويقتصر الإبداء على ما في الوجه والكفين فضلا عن الثياب ولاشئ أكثر من ذلك. ولو أن الخمار لم يضرب على الجيب لظلت زينة الأذنين والعنق والنحر ظاهرة , وهذا غير مقصود الشارع , كما أنه لو كان مقصود الشارع ستر الوجه أيضا لأمر بضرب الخمار على الوجه.
محمد رفقى
11-11-2015, 12:46 PM
أدلة من القرآن مع بيانها من السنة على سفور وجه المرأة
بعض الأدلة التي نسوقها هنا من القرآن الكريم ليست صريحة كل الصراحة في دلالتها على المقصود ولكنا يمكن أن نتبين هذه الدلالة من سياق الآيات أو من سياق الأحاديث ومن تناول العلماء لها.
الدليل الأول :
قال تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} و {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِن أَبْصَارِهِنَّ} النور 31/30
قال عياض (ت سنة 544هـ) : غض البصر يجب على كل حال في أمور العورات وأشباهها ويجب مرة على حال دون حال فيما ليس بعورة.
العورة : هي ما يجب أن يستر
وقال ابن عبد البر (ت سنة 463هـ) : وجائز أن ينظر إلى ذلك منها( أي الوجه والكفين ) كل من نظر إليها بغير ريبة ولامكروه , وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة , فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة.
هاتان الآيتان الكريمتان تحملان نوعا من الدلالة الضمنية على غلبة سفور وجه المرأة.ومثلهما آية ثالثة وهي قوله تعالي:{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} غافر 19
ورد في فتح الباري:...وعند ابن أبي حاتم من طريق ابن عباس في قوله تعالى:{يعلم خائنة الأعين} قال: هو الرجل ينظر إلى المرأة الحسناء تمر به ويدخل بيتا هي فيه فإذا فطن له غض بصره.
وأني للرجل أن ينظر إلى المرأة تمر به ويفتن بحسنها إن لم تكن عادة النساء كشف وجوههن؟
وهناك أحاديث كثيرة تحض على حفظ البصر وتذكر بالغض من البصر وتحذر من مغبة إرسال النظر.
من هذه الأحاديث:
• قوله صلي الله عليه وسلم : ( إياكم والجلوس في الطرقات .. قالو وما حق الطريق ؟ قال غض البصر..). (رواه البخاري ومسلم)
قال الحافظ ابن حجر (ت سنة 852هـ) : وقد اشتملت الأحاديث على علة النهي عن الجلوس في الطرق ومن التعرض للفتن بخطور النساء الشواب وخوف ما يلحق النظر إليهن من ذلك , إذ لم يمنع النساء من المرور في الشارع لحوائجهن.
• وقوله صلي الله عليه وسلم لعلي: ( ياعلي لاتتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة ). (رواه الترمذي)
• وقوله صلي الله عليه وسلم : ( يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ).(رواه الجماعة عن ابن مسعود)
• وقوله صلي الله عليه وسلم : ( اضمنوا لي ستاً أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم , وأدوا إذا ائتمنتم , وغضوا أبصاركم..). (رواه البيهقي)
• عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري. (رواه مسلم)
نظر الفجاءة : أن يقع نظره على الأجنبية من غير قصد.
فهل يمكن أن يكون كل هذا التذكير والتحذير من أجل النظر إلى الثياب الظاهرة؟ أو إلى شئٍ من زينتها المستورة أصلاً ولكنها ظهرت عن ضرورة أو دون قصد من المرأة وهو نادراً ما يحدث.
إن الآية الأولى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} تشير إلى أنه كان هناك شئ يرى من المرأة عادة ويقتضي من الرجل غض البصر عنه , ولم تكن المرأة لا يرى منها شيئا قط , كما أنه كان هناك شئ يرى من الرجل يقتضي من المرأة غض البصر عنه كما في الآية الثانية {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}. أي أن الفتنة أمر مشترك بين الرجال والنساء , وعلى كل من الفريقين أن يغض من بصره عما يظهر من بدن الطرف الآخر.وأقل قدر مشترك بينهما هو الوجه والكفان.وإذا كان هذا هو الحد الأقصى الذي يشرع للمرأة كشفه فهو الحد الأدني الذي يكشفه الرجل عادة.إذن هو أمر فطري في الإنسان رجلا كان أو امرأة أن يكشف عن وجهه ويديه ويمضي يعمر الأرض. فالرجل يرى من المرأة وجهها ويديها والمرأة قد ترى من الرجل ما هو أكثر من ذلك , ولكن مما يجعل الاثنين قريبا من السواء اختلاف درجة الفتنة في بدن كل منهما , فبدن المرأة أشد فتنة للرجل. فإذا زعم البعض أنه إنما يسد باب فتنة الرجال سدا مطلقا بستر وجه المرأة , فهل يمكن أن يسد باب فتنة الرجل النساء بستر وجه الرجل؟هذا لو كان قصد أولئك إبعاد المؤمن والمؤمنة وليس إبعاد أحدهما فحسب.
الدليل الثاني :
قال تعالى: {لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن} الأحزاب 52
ووجه الاستدلال بهذه الآية أنها تشير إلى أن كشف النساء لوجوههن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أمر قائم وجوازه مقرر فى الشرع. فالآية تقرر أنه لا يحل لرسول الله صلى الله عليه وسلم الزواج من بعد ولو أعجبه حسن بعض النساء , وكيف يعجبه حسنهن دون رؤية وجوههن مع العلم أن الرؤية هنا غير رؤية الخاطب الذي يحل له الزواج وعزم على الخطبة. فهذا العزم إذا أعلن يدعو المرأة التي ألفت النقاب أن تخلعه , إذن الرؤية هنا هي الرؤية العابرة التي يرى فيها الرجال وجوه النساء في عامة الأحوال والتي قد يتبعها إعجاب بحسن إحداهن و ليست الرؤية بقصد الخطبة.وفي هذا المعني يقول الجصاص في تفسيره : (ولا يعجبه حسنهن إلا بعد رؤية وجوههن).
وكما تذكر الآية الكريمة إمكان إعجاب الرسول صلى الله عليه وسلم بحسن بعض النساء عند الرؤية العابرة لهن , تشير عدة أحاديث إلى إمكان وقوع مثل هذا الإعجاب من عامة الرجال, وذلك نتيجة كشف النساء وجوههن في عامة الأحوال عند لقائهن الرجال أو مرورهن أمام الرجال:
• عن جابر: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه فليعمد إلى امرأته فليواقعها فإن ذلك يرد ما في نفسه.(رواه مسلم)
• عن ابنِ مسعودٍ قال : إنما النساءُ عورةٌ ، وإن المرأةَ لتخرجُ من بيتِها وما بها بأسٌ ، فيستشرفُها الشيطانُ ، فيقولُ : إنك لا تمرين بأحدٍ إلا أعجبتِه ... (رواه الألبانى فى صحيح الترغيب)
محمد رفقى
11-11-2015, 01:04 PM
أدلة من السنة المطهرة على سفور وجه المرأة 1
بعض الأدلة التي نسوقها هنا من السنة المطهرة ليست صريحة كل الصراحة في دلالتها على المقصود ولكنا يمكن أن نتبين هذه الدلالة من سياق الأحاديث ومن تناول العلماء لها.
قال الألباني : (قد جاءت أحاديث كثيرة في كشف النساء لوجوههن وأيديهن يبلغ مجموعها مبلغ التواتر المعنوي عند أهل العلم فلا جرم عمل بها جمهور العلماء ولكن المقلدين المتعصبين قد سلَّطوا عليها أيضاً معاول التخريب والتهديم بتأويلها وتعطيلها وإبطال معانيها ودالاتها الظاهرة البينة).
وقال ابن القطان : ( فإنها - أي الأحاديث المذكورة ـ إما أن تدل على إبدائها جميع ذلك – أي الوجه والكفين- أو بعضه , دلاله يمكن الإنصراف عنها , بتحميل اللفظ أو القصة غير ذلك , لكن الإنصراف عما يدل عليه ظاهر اللفظ , أوسياق القصة , لا يكون جائزاً إلا بدليل عاضد , يصير الإنصراف تأويلاً , وإذا لم يكن هناك دليل , كان الإنصراف تحكماً , فعلى هذا يجب القول بما تظاهرت به هذه الظواهر, وتعاضدت على جواز إبداء المرأة وجهها وكفيها.)
1- أمر الخاطب أن ينظر الى المخطوبة:
• عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي صلي الله عليه وسلم : أنظر إليها فإنه أحري أن يؤدم بينكما. (رواه الترمذي)
• عن أبي حميد الساعدي قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : إذا خطب أحدكم المرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها لخطبة وإن كانت لاتعلم. (رواه أحمد)
النظر إليها من غير علمها دليل علي جواز النظر إلي جميع ما يظهر عادة.
• عن جابر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل قال جابر: فخطبت امرأة من بني سلمة فكنت أختبئ لها حتى رأيت منها بعض ما دعاني إليها. (رواه أبو داود)
فيه دليل على أنه ينظر إليها على غفلتها وإن لم تأذن له.
قال الشيرازي (ت سنة 476 هـ): ( وإذا أراد نكاح امرأة فله أن ينظر وجهها وكفيها ولا ينظر إلى ما سوى وجهها وكفيها لأنه عورة).
وقال ابن قدامة (ت سنة 620 هـ) : ( وينظر الخاطب إلي الوجه لأنه مجمع المحاسن وموضع النظر وليس بعورة).
وهذا القول من ابن قدامة يفيد أن الشارع عندما أمر الخاطب بالنظر إلى المرأة لم يأمره بالنظر إلى عورة مستورة بل أمره أن ينظر منها إلى الوجه والكفين فقط.
وورد في نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج: ( وإذا قصد نكاحها... سن نظره إليها.. وذلك قبل الخطبة لا بعدها.. وإن لم تأذن هي ولا وليها إكتفاء بإذن رسول الله صلي الله عليه وسلم , ففي رواية: ( وإن كانت لا تعلم) , بل قال الأوزاعي: الأولي عدم علمها لأنها قد تتزين له بما يغره).
كيف ينظر دون إذنها ولا إذن وليها إن كانت ساترة وجهها بنقاب أو غيره ؟ اذن لابد أن يكون شأن غالب نساء المؤمنين أن يخرجن إلى الطريق مكشوفات الوجوه.
2- تحريم الزينة على المرأة الحادة:
• عن أم عطية قالت: قال النبي صلي الله عليه وسلم : لايحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث إلا على زوج , فإنها لا تكتحل ولاتلبس ثوبا صبيغا إلا ثوب عصب... ولاتمس طيبا.. (رواه البخاري ومسلم)
ثوبا صبيغا : ثوبا مصبوغا
قال ابن قدامة : ( باب الإحداد وهو اجتناب الزينة وما يدعو إلى المباشرة , وهو واجب في عدة الوفاة.... ويحرم على الحادة الكحل بالإثمد للخبر ولأنه يحسن الوجه... وتحرم عليها الحلي للخبر ولأنه يزيد حسنها ويدعو الى مباشرتها).
قوله يدعو إلى المباشرة يعني أن الرجال يمكن أن يروا المرأة بزينتها في الوجه والكفين فينجذبوا إليها.
قال ابن رشد (ت سنة 595 هـ): ( الحادة تمتنع عند الفقهاء بالجملة من الزينة الداعية للرجال إلى النساء , وذلك كالحلي والكحل, إلا مالم تكن فيه زينة ، ولباس الثياب المصبوغة إلا السواد... وبالجملة فأقاويل الفقهاء فيما تجتنب الحادة متقاربة وذلك ما يحرك الرجال بالجملة إليهن).....وقال أيضا: ( ... ومن ألحق المطلقات بالمتوفي عنها زوجها فمن طريق المعني وذلك أنه يظهر من معني الإحداد أن المقصود به أن لايتشوف إليها الرجال).
إنما يقع تشوف الرجال إلى المرأة المعتدة إذا كانت سافرة الوجه متزينة. ولو كان عامة نساء المؤمنين يسترن وجوههن من الرجال في عامة الأحوال , ولا يبدين إلا عينا واحدة عند الحاجة الماسة , لما كان هناك مجال للتخوف من رؤية الرجال زينة وجه المرأة الحادة , ومن ثم تشوفهم إليها وكيف يتشوفون إليها وهم لايرون منها شيئا فيه فتنة؟!.
3- خروج المؤمنات لصلاة الفجر كاشفات الوجوه:
• عن عائشة قالت: كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغَلَس. (رواه البخاري ومسلم)
متلفعات : التلفع يستعمل في الالتحاف مع تغطية الرأس وقد يجئ بمعني تغطية الرأس فقط.
الغلس : ظلمة آخر الليل بعد طلوع الفجر.
المروط جمع مرْط: وهو كل ثوب غير مخيط تتلفع به المرأة أو تجعله حول وسطها.
( أ ) قول السيدة عائشة رضي الله عنها: (لا يعرفهن أحد من الغَلَس) معناه: لا يُعرفن من هن من النساء من شدة الغلس وإن عرف أنهن نساء,وهذا يقتضي أنهن سافرات عن وجوههن,ولو كن غير سافرات لمنع النقاب وتغطية الوجه من معرفتهن لا الغلس.
قال السيوطى: (من الغلس أى لأجل الظلمة لا لأجل التلفع)
(ب) وذكر البخاري تحت باب ( سرعة انصراف النساء من الصبح ) عن عائشة: ( أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يصلي الصبح بغلس فينصرفن نساء المؤمنين لايعرفن من الغلس , أو لا يعرف بعضهن بعضا ). وهو يدل بمفهومه على أنه لا يعرفن بسبب الظلمة لا بسبب ستر الوجوه ولو كانت الوجوه مغطاه لما كان هناك معنى لقول عائشة رضي الله عنها ( لا يعرف بعضهن بعضا ) وهذا يعني أن عامة النساء كن كاشفات الوجوه.
(ج) وجدت رواية صريحة في ذلك بلفظ ( وما يعرف بعضنا وجوه بعض) رواه أبو يعلي في مسنده بسند صحيح , وصححها الألباني.
• عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه أنها قالت: لو رأى رسول الله صلي الله عليه وسلم من النساء ما نرى لمنعهن من المساجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها لقد رأيتنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر في مروطنا و ننصرف وما يعرف بعضنا وجوه بعض.
(د) وقد وردت روايات في هذا المعني نفسه ولكن تتعلق بالرجال:
• فقد أخرج ابنه أبي شيبة بسند صحيح عن عبد الله بن أياس الحنفي عن أبيه قال: (كنا نصلي مع عثمان الفجر فننصرف وما يعرف بعضنا وجوه بعض ).(إرواء الغليل للألباني)
• وأورد الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد عن علي بن أبي طالب قال: (كنا نصلي مع رسول الله ثم ننصرف وما يعرف بعضنا بعضا).
فمن فهم أن وجوه النساء كانت مغطاه لزمه أن يقول أن وجوه الرجال أيضا كانت مغطاه!!!
• حديث أبي برزة رواية مسلم: (وكان يقرأ صلي الله عليه وسلم في صلاة الفجر من المائة إلى الستين، وكان ينصرف حين يعرف بعضنا وجه بعض) وفى الرواية الأخرى (وكان يصلي الصبح فينصرف الرجل فينظر إلى وجه جليسه الذي يعرفه فيعرفه) أى ينصرف حين تتميز الوجوه, وينصرف: أى يُسلم.
قيل ليس فى هذا مخالفة وبين (لا يُعرفن من الغَلَس) لأن هذا إخبار عن رؤية الجليس , وذاك إخبار عن رؤية المتلفعة على بُعد.لكن علة عدم معرفة المرأة الغَلَس وليس البُعد , والأحاديث دلت على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان تارة ينصرف فى الغَلَس وتارة ينصرف فى الإسفار وذلك حسب إطالة القراءة وتوسطها.
4- الإذن الصريح للمرأة أن تبدي وجهها وكفيها :
• عن عائشة : أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها دخلت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله وقال لها: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يري منها إلا هذا وهذا وأشار إلي وجهه وكفيه.
قال أبو داود: ( وهذا مرسل , خالد بن دريك لم يدرك عائشة)
وقال الشيخ ناصر الدين الألباني: ( الحديث قد جاء من طرق أخرى يتقوي بها ) ذكرها في تحقيقه لسند هذا الحديث وقد أورده في صحيح سنن أبي داود، وقال: صحيح.
وقد قوّاه من حفاظ الحديث ونقاده:البيهقي في "سننه" والمنذري في "ترغيبه" والذهبي في " تهذيبه".
5- حديث المرأة سفعاء الخدين:
• عن جابر بن عبد الله قال: شهدت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد ... ثم مضي حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن فقال:تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم. فقامت امرأة من سِطَة النساء سفعاء الخدين فقالت:لما يارسول الله.قال:لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير. قال:فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن.(رواه مسلم)
من سطة النساء: أي من وسط النساء.
السفعة: سواد مشرب بحمرة.
هنا امرأة تصلي العيد خلف رسول الله صلي الله عليه وسلم وتسمع العظة وتحرص على مزيد من طلب العلم فتسأله عما خفي عليها , والصحابي راوي الحديث يرى وجهها ويصفها بأنها سفعاء الخدين.
والنساء إنما كن يخرجن إلى العيد في جلابيبهن لحديث أم عطية رضي الله عنها : أن النبي صلي الله عليه وسلم لما أمر النساء أن يخرجن لصلاة العيد، قالت أم عطية : إحدانا لا يكون لها جلباب ؟ قال : لِتُلْبِسَها أختُها من جلبابها )) . متفق عليه .
وعليه فالمرأة سفعاء الخدين كانت متجلببة,لأن القصة كانت بعد سنة 6 هـ وآية {يدنين عليهن من جلابيبهن} سنة 5 هـ.
6- تجمل سبيعة للخطاب:
• عن سبيعة بنت الحارث أنها كانت تحت سعد بن خولة... فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته , فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب ( وعند الإمام أحمد اكتحلت واختضبت وتهيأت) فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال لها: مالي أراك تجملت للخطاب؟ ترجين النكاح؟ فإنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر , قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت وأتيت رسول الله فسألته عن ذلك , فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي.(رواه البخاري ومسلم)
وفي روايه فخطبها أبو السنابل بن بعكك, فأبت أن تنكحه.
لم تنشب : لم تلبث
هنا صحابية ظهرت متجملة أمام أبي السنابل , الكحل في عينيها والخضاب في يديها , ولم يأت خاطباً بل زائراً: (ما لي أراك تجملت للخطاب ترجين النكاح فإنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر) وكان قد خطبها فلم ترضه.
والحديث صريح الدلالة علي أن الكفين ليسا من العورة في عرف نساء الصحابة وكذا الوجه أو العينين علي الأقل.
7- حديث الواهبة:
• عن سهل بن سعد قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم (وهو في المسجد) فقالت: يارسول الله جئت أهب لك نفسي , قال : فنظر إليها رسول الله فصعد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رسول الله رأسه, فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست , فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها...(رواه البخاري ومسلم)
هنا امرأة استمعت لقول الله تعالى : {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين} الأحزاب 50 فرغبت في رسول الله فعرضت عليه نفسها أمام الناس, وأخذ النبي صلي الله عليه وسلم ينظر إليها مما يشير إلى أن المرأة كانت مكشوفة الوجه , ثم رغب عن تزوجها واختارها أحد الصحابة الحضور وتزوجها.
قال الحافظ في الفتح: (وفيه جواز تأمل محاسن المرأة لإرادة تزويجها وإن لم تتقدم الرغبة في تزويجها ولا وقعت خطبتها..).
8- حديث المرأة التي تصرع:
• عن عطاء بن رباح قال:قال لي ابن عباس:ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت:بلي,قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلي الله عليه وسلم قالت:إني أصرع,وإني أتكشف فادع الله لي قال:إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك فقالت: أصبر, فقالت: إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف فدعا لها.(وفي رواية للبخاري عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء: أنه رأي أم زفر تلك المرأة الطويلة السوداء علي ستر الكعبة). (رواه البخاري ومسلم)
هنا امرأة مؤمنة بشرها رسول الله بالجنة , يراها ابن عباس فيعرفها ثم يدعو عطاء بعد سنين لينظر إليها , ويتضح من سياق الحديث أن المرأة كانت سافرة الوجه يوم خاطبت رسول الله فعرفها ابن عباس , ولابد أنها كانت سافرة أيضا يوم أراها ابن عباس لعطاء.
9- حديث الخثعمية والفضل ابن العباس:
• عن عبد الله ابن عباس قال: أردف النبي صلي الله عليه وسلم الفضل ابن العباس يوم النحر خلفه علي عجز راحلته وكان الفضل رجلا وضيئاً فوقف النبي صلي الله عليه وسلم للناس يفتيهم وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة ( وفي رواية: وكانت امرأة حسناء) تستفتي رسول الله فطفق الفضل ينظر إليها وأعجبه حسنها, فالتفت النبي صل الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً لايستطيع أن يستوي على الراحلة فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟ قال:نعم(وفي رواية: فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر اليه).(رواه البخاري ومسلم)
عجز راحلته : مؤخرها
وضيئة : من الوضاءة وهي الحسن والبهجة
قال الحافظ ابن حجر: وكان الفضل رجلاً وضيئًا أي جميلاً
وروي هذه القصة علي بن أبي طالب وذكر أن الاستفتاء كان عند المنحر بعد ما رمي رسول الله الجمرة وزاد: ( فقال له العباس يارسول الله لم لويت عنق ابن عمك؟ قال: رأيت شاباً وشابة فلم آمن الشيطان عليهما)
وفي رواية لأحمد:... قال الفضل: ... ثم أعدت النظر فقلب وجهي عن وجهها حتى فعل ذلك ثلاثاً وأنا لا أنتهي.
قال ابن حزم : ( فلو كان الوجه عورة يلزم ستره لما أقرها عليه السلام على كشفه بحضرة الناس ولأمرها أن تسبل عليه من فوق , ولو كان وجهها مغطي ما عرف ابن عباس أحسناء هي أم شوهاء).
وقال الشوكاني فى نيل الآوطار كتاب النكاح : ( وقد استنبط منه ابن القطان جواز النظر عند أمن الفتنة , حيث لم يأمرها بتغطية وجهها , فلو لم يفهم العباس أن النظر جائز ما سأل , ولو لم يكن ما فهمه جائزاً ما أقره عليه صلى الله عليه وسلم. وهذا الحديث يصلح للاستدلال به على اختصاص آية الحجاب بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم لأن قصة الفضل في حجة الوداع وآية الحجاب في نكاح زينب في السنة الخامسة من الهجرة).
قال ابن بطال (ت سنة 449هـ) : ( في الحديث الأمر بغض البصر خشية الفتنة , ومقتضاه أنه اذا أمنت الفتنة لم يمتنع. ويؤيده أنه صلي الله عليه وسلم لم يحول وجه الفضل حتي أدمن النظر لإعجابه بها , فخشي الفتنة عليه, وفيه دليل على أن نساء المؤمنين ليس عليهن من الحجاب ما يلزم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إذ لو يلزم ذلك جميع النساء لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الخثعمية بالاستتار ولما صرف وجه الفضل , وفيه دليل على أن ستر المرأة وجهها ليس فرضا , لإجماعهم على أن للمرأة أن تبدي وجهها في الصلاة ولو رأه الغرباء).
الحديث دليل على الآتي:
** الوجه ليس عورة ولا يحرم كشفه حتى بالنسبة للمرأة الجميلة.
** لا يحرم على المرأة الجميلة كشف وجهها عند خشية الفتنة العابرة.
** لا يكره كشف المرأة الجميلة وجهها عند خشية الفتنة العابرة.
10- حديث فاطمة بنت قيس: سنة 9 هـ
• عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمر بن حفص طلقها .. فجاءت رسول الله صلي الله عليه وسلم فذكرت ذلك له .. فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك .. فقال : لا تفعلي إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان , فإني أكره أن يسقط خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيري القوم منك بعض ما تكرهين, ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبد الله ابن أم مكتوم. (رواه مسلم)
النبي صلي الله عليه وسلم أقر ابنة قيس على أن يراها الرجال وعليها الخمار - وهو غطاء الرأس- فدل هذا على أن الوجه منها ليس بالواجب ستره كما يجب ستر رأسها ولكنه خشي عليها أن يسقط الخمار عنها فيظهر منها ما هو محرم بالنص فأمرها صلي الله عليه وسلم بما هو أحوط لها وهو الإنتقال إلى دار ابن أم مكتوم الأعمي.
11- حديث بريرة و مغيث:
• عن ابن عباس : أن زوج بريرة كان عبدا يقال له مغيث , كأني أنظر اليه يطوف خلفها يبكي ودموعة تسيل على لحيته , فقال النبي صلي الله عليه وسلم لعباس : يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيث؟ فقال النبي صلي الله عليه وسلم لو راجعته؟ قالت: يا رسول الله تأمرني؟ قال: إنما أنا أشفع , قالت : فلا حاجة لي فيه. (رواه البخاري)
هنا امرأة مسلمة أعتقت فاختارت نفسها , وكان زوجها يتبعها في سكك المدينة حين يراها يبكي عليها وبسبب كشف بريرة وجهها كان مغيث يتعرف عليها وهي تمشي في الطريق , وبسبب كشف وجهها كان ابن عباس يعرف أن التي يمشي خلفها مغيث هي بريرة.
قال الحافظ في الفتح : فيه دلالة على أن قصة بريرة كانت متأخرة في السنة التاسعة , أو العاشرة , لأن العباس إنما سكن المدينة بعد رجوعهم من غزوة الطائف، وكان ذلك في أواخر سنة ثمان, ويؤيده قول ابن عباس أنه شاهد ذلك , وهو إنما قدم المدينة مع أبويه.
محمد رفقى
11-11-2015, 01:15 PM
أدلة من السنة المطهرة على سفور وجه المرأة 2
12- عن زيد بن أسلم:
• عن أبيه قال : خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى السوق فلحقت عمر امرأة شابة فقالت : يا أمير المؤمنين هلك زوجي وترك صبية صغار.... فوقف معها عمر ولم يمض ثم قال : مرحبا بنسب قريب. (رواه البخاري)
هنا امرأة مسلمة تطلب معونة أمير المؤمنين فيعرف الراوي أنها شابة, نحسب أنه عرف ذلك بسبب سفور وجهها.
13- عن أبي هريرة:
أن رجلا أتي النبي صلي الله عليه وسلم فبعث إلى نسائه فقلن: ما معنا إلا الماء , فقال رسول الله : من يضيف هذا ؟ فقال رجلا من الأنصار: أنا, فانطلق به إلى امرأته... فقالت ما عندنا إلا قوت صبياني... فهيأت طعامها وأصبحت سراجها ونومت صبيانها ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته, فجعلا يريانه كأنهما يأكلان فباتا طاويين... فأنزل الله{ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}.(رواه البخاري ومسلم)
طاويين : أي بغير عشاء
وفي رواية عند أبي الدنيا: فجعلت تتلمظ ويتلمظ هو حتي رأي الضيف أنهما يأكلان.
وفي المطالب العالية لابن حجر رواية "ثم جعلوا يضربون بأيديهم في الطعام كأنهم يأكلون ولا يأكلون حتى شبع ضيفهم" فيه دليل علي أن كف المرأة ليس بعورة.
14- قصة صلاة العيد:
• عن ابن عباس:أنه شهد العيد مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنه عليه السلام خطب بعد أن صلى,ثم أتى النساء ومعه بلال فوعظهن و ذكرهن وأمرهن أن يتصدقن ، قال : فرأيتهن يهوين بأيديهن يقذفنه في ثوب بلال. (رواه البخاري)
وفي رواية : فرأيتهن يهوين إلى آذانهن وحلوقهن يدفعنه إلى بلال.
قال ابن حزم: ( فهذا ابن عباس بحضرة رسول الله رأي أيديهن فصح أن اليد من المرأة والوجه ليسا عورة).
وروي الحديث مسلم وأبو داود واللفظ له عن جابر: .. فلما فرغ نبي الله نزل فأتى النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال وبلال باسط ثوبه تلقي فيه النساء الصدقة ، قال: تلقي المرأة فتخها ويلقين ويلقين.
قال ابن حزم: ( الفتخ خواتيم كبار كن يلبسنها في أصابعهن فلولا ظهور أكفهن ما أمكنهن القاء الفتخ).
15- عن معاوية قال:
دخلت مع أبي علي أبكر الصديق فرأيت أسماء (بنت عميس ) قائمة على رأسه بيضاء ورأيت أبا بكر أبيض نحيفا فحملني وأبي على فرسين. (رواه الطبراني)
16- عن قيس بن أبي حازم قال:
دخلنا على أبي بكر رضي الله عنه في مرضه فرأيت عنده امرأة بيضاء موشومة اليدين تذب عنه وهي أسماء بنت عميس. (رواه الطبراني).
موشومة اليدين : فى رواية كانوا وشموها فى الجاهلية
فهذه أسماء وهي صحابية وزوجة أبي بكر تبدي كفيها أمام الأجانب بحضرة زوجها فلاينكر ذلك أحد عليها , فدل علي أن ذلك كان معروفا لديهم.وفي الحديث مشروعية نظر الرجال النساء دون شهوة. أما من زعم أن كشف يديها كان للذبِّ بها عن أبي بكر, وهذه ضرورة! كأنه لا يعلم أنها لم تكن محرمة يحرم عليها القفازان! وأن الذبَّ المذكور يمكن أن يكون باليد الواحدة , فأين الضرورة المجوِّزة للكشف عن اليدين كلتيهما؟!
17- عن ميمون بن مهران قال:
دخلت علي أم الدرداء فرأيتها مختمرة بخمار صفيق قد ضربت على حاجبيها.(رواه ابن عساكر)
18- عن الحارث بن عبيد قال:
رأيت أم الدرداء علي رحالة أعواد ليس لها غشاء تعود رجلا من الأنصار في المسجد.(رواه البخاري في الأدب المفرد)
هنا راوي الحديث يري وجهها فيعرف أنها أم الدرداء.
19- عن أبي أسماء الرحبي:
أنه دخل علي أبي ذر الغفاري وهو بالربذة وعنده امرأة له سوداء فقال: ألا تنظرون الى ما تأمرني به هذه المرأة السوداء.... (رواه أبو النعيم)
الربَذة: مكان معروف بين مكة والمدينة
20- في قصة صلب ابن الزبير:
أن أمه أسماء جاءت مسفرة الوجه متبسمة (تاريخ ابن عساكر)
21- عن عمار بن ياسر :
أن رجلا مرت به امرأة فأحدق بصره إليها فمر بجدار فمرس وجهه , فأتي النبي صلي الله عليه وسلم ووجهه يسيل دما فقال: يا رسول الله إني فعلت كذا وكذا فقال رسول الله : ( إذا أراد الله بعبد خيرا عجل عقوبة ذنبه في الدنيا , وإذا أراد به غير ذلك أمهل عليه بذنوبه حتي يوافي يوم القيامة كأنه عير).
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه الطبراني وإسناده جيد وقد ذكر قبله عده أحاديث بمعناه.
هنا امرأة تلفت بحسنها أنظار أحد الرجال إلى حد الاصطدام بالجدار وحتي يسيل وجهه دماً, فدل هذا على أن النساء كن سافرات الوجوه.
22- قالت عائشة: ( لا تلثم المحرمة )
أورد البخاري هذا القول لعائشة معلقاً في كتاب الحج,وقال عنه ناصر الدين الألباني أخرجه البيهقي بسند صحيح. وفيه أن التلثم كان مستعملاً عند بعض النساء في غير الإحرام والتلثم يكون معه معظم الوجه مكشوفا ًولا يستر غير الشفتين والذقن.
محمد رفقى
11-11-2015, 01:23 PM
أدلة من السنة المطهرة على سفور وجه المرأة 3
23- عن قبيصة بن جابر قال:
كنا نشارك المرأة في السورة من القرآن نتعلمها ، فانطلقت مع عجوز من بني أسد إلى ابن مسعود (في بيته) في ثلاث نفر، فرأى جبينها يبرق ، فقال : أتحلقينه ؟ فغضبت ، وقالت : التي تحلق جبينها امرأتك! قال:فادخلي عليها فإن كانت تفعله فهي مني بريئة ، فانطلقت ثم جاءت ، فقالت:لا والله ما رأيتها تفعله فقال عبد الله بن مسعود:سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: ( لَعَنَ اللهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُسْتَوشِمَاتِ . . ) إلخ
24- عن أبي السليل قال:
جاءت ابنة أبي ذر وعليها مجنتا صوف سفعاء الخدين ، ومعها قفة لها، فمثلت بين يديه ، وعنده أصحابه، فقالت يا أبتاه! زعم الحراثون والزارعون أن أفلُسَكَ هذه بَهرجةٌ! ـ أي زائفة ـ فقال: يا بنية! ضعيها، فإن أباك أصبح ـ بحمد الله ـ ما يملك من صفراء ولا بيضاء إلا أفلسه هذه. ( رواه ابن سعد وأبو نعيم )
25- عن عمران بن حصين قال:
كنت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم قاعدا ، إذ أقبلت فاطمة رحمها الله، فوقفت بين يديه، فنظرت إليها ، وقد ذهب الدم من وجهها ، فقال : ادني يا فاطمة! فدنت حتى قامت بين يديه ، فرفع يده فوضعها على صدرها موضع القلادة ، وفرَّجَ بين أصابعه، ثم قال : اللهم مشبع الجاعة، ورافع الوضيعة، لا تجع فاطمة بنت محمد.قال عمران: فنظرت إليها وقد غلب الدم على وجهها، وذهبت الصفرة، كما كانت الصفرة قد غلبت على الدم. قال عمران: فلقيتها بعد، فسألتها؟ فقالت: ما جعت بعد يا عمران!( رواه الطبري )
26- عن عروة أنه سأل عائشة : {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامي}
قالت: يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجروليها فيرغب في جمالها ومالها ويريد أن ينتقض صداقها, فنهوا عن نكاحهن إلا أن يقسطوا في إكمال الصداق.(رواه البخاري)
السكني في بيت واحد مع الولي لا يمكن معها ستر وجه اليتيمة. ثم إن النص يشير إلي أن الولي قد رأي جمالها.
27- عن أم علقمة بن أبي علقمة:
دَخَلَتْ حفصة بنت عبد الرحمن على عائشة زوج النبي صلي الله عليه وسلم وعلى حفصة خمار رقيق ، فشقته عائشة وكستها خماراً كثيفاً". أخرجه مالك في "الموطأ"وابن سعد والبيهقي
وفي رواية: وعليها خمار رقيق يشف عن جبينها فشقته عائشة عليها، وقالت أما تعلمين ما أنزل الله في سورة النور، ثم دعت بخمار فكستها.
والشاهد هنا قولها يشف عن جبينها وليس وجهها.
28- حديث المرأة التي نذرت أن تمشي إلي الكعبة:
عن عقبة بن عامر الجهني قال: نذرت أختي أن تمشي إلي الكعبة حافية حاسرة, فأتي عليها رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: ما بال هذه؟ قالوا: نذرت أن تمشي إلى الكعبة حافية حاسرة فقال: مروها فلتركب ولتختمر و(لتحج) (ولتهد هديها).
وفي رواية أنه قال: يا رسول الله إن أختي نذرت أن تحج ماشية وتنشر شعرها, فقال النبي صلي الله عليه وسلم : إن الله لغني عن نذر أختك, مروها فلتركب , ولتهد هديها , وأحسبه قال : ولتغطي شعرها.(سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني)
قال الألباني: وفي الحديث فوائد هامة منها : أن نذر المعصية لا يجوز الوفاء به, وأن إحرام المرأة في وجهها, فلا يجوز أن تضرب بخمارها عليه, وإنما علي الرأس والصدر, فهو كحديث"لاتنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين" ومنها أن الخمار إذا أطلق فهو غطاء الرأس ولا يدخل في مسماه تغطية الوجه.
29- عن أنس:
دخلَتْ على عمر بن الخطاب أمةٌ قد كان يعرفها لبعض المهاجرين أو الأنصار, وعليها جلباب متقنعة , فسألها: عُتقت؟ قالت : لا. قال: فما بال الجلباب؟! ضعيه عن رأسك , إنما الجلباب على الحرائر من نساء المؤمنين , فتلكأت , فقام إليها بالدُّرَّة فضرب رأسها حتى ألقته عن رأسها.
قال الألبانى فى جلباب المرأة المسلمة: إسناده جيد وصححه الحافظ فى"الدراية فى تخريج أحاديث الهداية"
وأخرج ابن أبى شيبة وعبد الرزاق فى "المصنف" من طريق قتادة عن أنس قال: رأى عمر أمة لنا متقنعة فضربها وقال لا تَشَبَّهى بالحرائر.قال الحافظ: وإسناده صحيح.ثم رواه ابن أبى شيبة من طريق الزهرى عن أنس به.وسنده صحيح أيضا.
ووجه الاستدلال بهذا الأثر أن عمر رضي الله عنه عرف هذه الأمة مع أنها كانت متقنعة بالجلباب أي متغطية به , وذلك يعني أن وجهها كان ظاهرا وإلا لم يعرفها. وإذ الأمر كذلك فقوله:" فما بال الجلباب؟! ضعيه عن رأسك إنما الجلباب علي الحرائر من نساء المؤمنين " دليل أن الجلباب ليس من شرطه عند عمر أن يغطي الوجه , فلو أن كل النساء يسترن وجوههن بالجلاليب ما قال عمر رضي الله عنه ما قال.
وفيه أن الحرة كانت تتميز عن الأمة بلبس الجلباب وأن التقنع لا يقتضي ستر الوجه.
30- عن مالك :
أنه بلغه أن أمة كانت لعبد الله بن عمر بن الخطاب رآها عمر ابن الخطاب وقد تهيأت بهيئة الحرائر. فدخل على ابنته حفصة فقال:ألم أر جارية أخيك تجوس الناس قد تهيأت بهيئة الحرائر ؟وأنكر عمر.
الأثر يفيد أن المرأة قد تهيأت بهيئة الحرائر ولو كان من هيئة الحرائر ستر الوجه فسترت وجهها , لما عرف عمر أنها أمة ابنه عبد الله.
34. عن عمر:
أنه ضرب أمة رآها متقنعة : وقال اكشفى رأسك , ولا تشبهى بالحرائر.(الدراية لابن حجر وإسناده صحيح)
وهذه الأثار الواردة فى ضرب عمر للإماء ونهيهن عن ستر رؤوسهن والتشبه بالحرائر لها دلالتها فى موضوعنا , ذلك أنه لو كان عامة نساء المؤمنين الحرائر سترهن وجوههن عادة لتميز الإماء بكشف وجوههن , وما احتاج المسلمون أن يفرضوا على الإماء كشف رؤوسهن.
31- قال خليد بن دعلج عن قتادة :
خرج عمر رضي الله عنه من المسجد ، ومعه الجارود العبدي ، فإذا بامرأة بارزة على ظهر الطريق ، فسلم عليها ، فردت عليه السلام ، وقالت : إيها يا عمر ، عهدتك وأنت تسمى عميرا في سوق عكاظ ، ترعى الصبيان بعصاك ، فلم تذهب الأيام ، حتى سميت عمرا ، ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين ، فاتق الله في الرعية ، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد ، ومن خاف الموت خشي الفوت ، فقال الجارود : أكثرت أيتها المرأة على أمير المؤمنين ، فقال عمر : دعها ، أما تعرفها ؟ هذه خولة بنت حكيم التي سمع الله قولها من فوق سبع سماوات ، فعمر أحق أن يسمع لها.
هنا عمر يرى وجهها فيعرف أنها خولة.
32- وعن ثوبان رضي الله عنه :
جاءت بنت هُبيرة إلى النبي صلي الله عليه وسلم وفي يدها فتخٌ من ذهب فجعل النبي صلي الله عليه وسلم يضرب يدها بعصيه معه يقول أيسرك أن يجعل الله في يدك خواتيم من نار.رواه الحاكم وغيره.
الفَتْخَة : حلقة من ذهب أو فضة لا فص لها تلبس في البنصر كالخاتم
33. عن هند بنت المهلب قالت:
(كان جابر بن زيد أشد الناس انقطاعا إلى وإلى أمي فما أعلم شيئا كان يقربني إلى الله إلا أمرني به ولا شيئا يباعدني عن الله عز وجل إلا نهاني عنه. . . وإن كان ليأمرني أن أضع الخمار. ووضعت يدها على الجبهة). إسناده جيد , المحدث: الألبانى - المصدر: الرد المفحم
تأمل قولها على الجبهة وليس على الوجه. وجابر بن زيد من كبار تلامذة ابن عباس.
جزاك الله خير موضوع مهم جدا
محمد رفقى
11-11-2015, 05:03 PM
قرائن إضافية على مشروعية سفور وجه المرأة
تمهيد
صعوبة التدليل على المباح
1- الواجبات والمحظورات محدودة وكذلك النصوص بشأنها محدودة,فلكل واجب أو محظور نص صريح يقرره.أما المباحات فغير محدودة ولا سبيل لأن يحيط المحدود بغير المحدود,ولذلك قرر الفقهاء أن " الأصل في الأمور الإباحة حتي يرد تحريم من الشارع".
2- إن رسول الله صلي الله عليه وسلم حين سُئل عما يحل للمحرم لبسه لم يجبهم بما هو حلال فإنه لا حدود له لكن عرفهم بالمحظور لبسه لأنه محدود:فعن عبد الله بن عمر أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال رسول الله «لا يلبس القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعها أسفل من الكعبين ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه زعفران أو وَرس» (رواه البخاري).
3- ولنتأمل كيف أن وجوب الحجاب على نساء النبي صلي الله عليه وسلم جاء في نص صريح قاطع: {فاسألوهن من وراء حجاب} أما ما كان مباحا قبل الحجاب فلم ينزل فيه نص. وإذا كان هناك دليل على كشف وجوههن قبل الحجاب فإنما جاء بمناسبة خاصة وهي توضيح إحدى أمهات المؤمنين كيف تعرف عليها رجل أجنبي بعد الحجاب.
4- وفي شأن النقاب الذي كانت تلبسه بعض النساء قبل الإسلام وبعده، لم يوجد نص في تقرير إباحته ولكن لما كانت حجة الوداع صدر قرار من الشارع لمحظورات الإحرام ، ومنها حظر النقاب على المرأة المحرمة. ومن تقرير هذا الحظر تجلى دليل بالمفهوم على جواز النقاب في غير الإحرام.
5- وكذلك الحال في مشروعية سفور الوجه لم يكن هناك قول صريح في ذلك.ولكن لما حدثت مخالفة لحدود الشرع جاء النص ينكر المخالفة ويحرمها وكان هذا التحريم مناسبة لتقرير القدر المباح إبداؤه من المرأة وهو الوجه والكفين.
6- أما أقوال الفقهاء بشأن مشروعية سفور الوجه فلم ترد إلا بمناسبة تقريرهم لأمر واجب أو مندوب أو محرم أو مكروه. فعند بحثهم وجوب ستر المرأة عورتها في الصلاة ذكروا أن بدنها كله عورة عدا الوجه والكفين. وعند بحثهم وجوب أو ندب رؤية الخاطب لمخطوبته ذكروا جواز ذلك في حدود الوجه لأنه ليس بعورة. وعند بحثهم محظورات الإحداد على المرأة ذكروا النقاب ضمن المحظورات التي ينبغي أن تتجنبها المرأة الحادة، وذلك مما يشير إلى إباحة كشف وجهها. وعند بحثهم مكروهات الصلاة قالوا بكراهية انتقاب المرأة، وفي هذا تقرير لإباحة كشف وجهها.
7- ليس في الكتاب والسنة نص صريح بترك ستر وجوه الحرائر وإبداء زينة الوجه والكفين (اللهم إلا حديث مرسل، جاء من طرق أخرى يتقوى بها وهو «إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصح أن يرى منها إلا هذا، وأشار إلى وجهه وكفيه» ) ولكن القرآن لم يأمر نساء المؤمنين بما أمر به نساء النبي صلي الله عليه وسلم حين قال:{فاسألوهن من وراء حجاب} والسنة فرقت بالفعل , بعد فرض الحجاب , بينهن وبين نساء المؤمنين. فعن فعل نساء النبي صلي الله عليه وسلم ورد قول عائشة: «وكان صفوان بن المعطل من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم ... فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني ... فخمرت وجهي بجلبابي».
وبعد هذا التمهيد، هناك قرائن تشير إلى إباحة سفور وجه المرأة في شريعة الإسلام، نوردها فيما يأتي:
محمد رفقى
11-11-2015, 05:16 PM
قرائن إضافية على مشروعية سفور وجه المرأة
القرينة الأولى:
أن وجوب ستر الوجه لم يرد في نص صريح من القرآن ولا بيان واضح من السنة
إن كشف المرأة وجهها مسكوت عنه، فهو على الإباحة، إذ لم يرد في القرآن أو السنة نص يوجب على المرأة ستر وجهها. وإنه ليلاحظ أن الواجبات التي ورد ذكرها في القرآن قد جاءت السنة بتفصيل معالمها ورعاية تطبيقها والحض عليها والإنكار على مَن خالفها أو قصر فيها. فهل ورد في القرآن نص قاطع أو ورد في السنة بيان شاف يتعلق بوجوب ستر الوجه ؟
من البديهي أنه إذا كان الواجب الوارد في القرآن تثبيتاً لأمر قائم وسائد فالحاجة إلى بيان السنة له تكون ضئيلة. أما إن كان الواجب مخالفاً لأمر قائم وسائد فالحاجة إلى البيان تكون شديدة ، وتتزايد بقدر المخالفة من ناحية وبقدر الأهمية من ناحية أخرى. ونحسب أن ستر الوجه له أهمية كبيرة إذ يهم عامة الناس ويَمَسّ المؤمنات جميعاً. فماذا كان عليه حال المرأة قبل نزول آيات اللباس والزينة؟ هل كانت تكشف وجهها في غالب الأحوال أم تستره؟ إن كان الغالب ستر الوجه والآيات جاءت توجب الستر، عندها تكون الحاجة إلى البيان محدودة ضئيلة. وإن كان الغالب كشف الوجه والآيات جاءت توجب الستر وتحرم الكشف، فالحاجة إلى البيان شديدة.
ونحن نعرف بالدليل القاطع أنه كان الغالب على نساء مكة والمدينة كشف وجوههن بدليل قول عائشة وهي زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم : «وكان يراني قبل الحجاب». فإذا كانت آيات اللباس جاءت توجب ستر الوجه وتحرم كشفه كان لابد أن نجد في السنة بياناً شافياً وقولاً قاطعاً وحضاً على الستر وتنفيراً من الكشف.ولكنا لا نجد شيئاً من ذلك ، فالآيات تحتمل أكثر من وجه ولم يأت في السنة ما يفيد وجوب الستر.
ومما هو مقرر في علم الأصول ما عبر عنه الجويني إمام الحرمين بقوله: ( إن مالا يعلم من تحريم بنص قطعي يجري علي حكم الحل , والسبب فيه أنه لا يثبت حكم علي المكلفين غير مستند إلي دليل ، فإذا انتفي دليل التحريم استحال الحكم به).كما قال: (أما المتعلق بالمحتملات فيما ينبغي فيه القطع والبتات فليس من شيم ذوي العلم والكمالات)
محمد رفقى
11-11-2015, 05:19 PM
قرائن إضافية على مشروعية سفور وجه المرأة
القرينة الثانية:
أن وجوب ستر الوجه لو صح لانتشر ولأصبح مما يعلم من الدين بالضرورة لأنه من قبيل ما تعم به البلوي ويشترك في معرفته العام والخاص
قال ابن تيمية: (ولو كان الوضوء من لمس النساء واجبا لكان يجب الأمر به وكان إذا أمر به فلابد أن ينقله المسلمون لأنه مما تتوافر الدواعي على نقله ).
كما ذكر القاضي ابن رشد أن ما تعم به البلوي ينبغي أن ينقل تواترا أو قريبا من التواتر.
وإذا كانت مثل هذه القضايا تدخل في عموم البلوي وتتوافر الدواعي على نقلها , فوجوب ستر الوجه عن الأجانب من باب أولى, أي لو أن ستر الوجه واجب، وهو أمر يعم نساء المؤمنين جميعاً، لتوافرت الدواعي على نقله ، وتضافرت الروايات على حكايته وأجمعت الآثار على ترديده ، ونُقِلَ تواترا أو قريبا من التواتر.
ولو كان الأمر كذلك ما وقع الاختلاف في الأقوال حوله , بل الحق في مثل هذا أنه لايقف عند نقله وحكايته وترديده بل لابد أن يشيع بين نساء المؤمنين فعله حتى يصبح ظاهرة إجتماعية يراها القاصي والداني, ولكن الحال هنا عكس ذلك , والدليل عليه اختلاف الروايات حول تفسير آية {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} وآية {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ}, فبعضها يقول بستر الوجه وبعضها يقول بكشفه كما تقدم. وهذا مما يدل علي عدم الوجوب , إذ لو كان واجباً لعم العلم به أمة الاسلام لأنه تعم به البلوي جميع المؤمنين والمؤمنات , أي أن اختلاف الروايات في حد ذاته دليل على إباحة كشف الوجه.
هذا ويمكن إرجاع الروايات القائلة بستر الوجه إلى عدة عوامل منها:
1- احتجاب نساء النبي صلي الله عليه وسلم إذ لم يدرك البعض خصوصيته فاتجه إلى القول بوجوب ستر الوجه.
2- وجود بعض نساء منتقبات على عهد النبي صلي الله عليه وسلم مما دفع البعض إلى القول بوجوب ستر الوجه أو ندبه.
3- التباس المباح بالواجب أحياناً: وذلك أنه يحدث أن يلح بعض الصالحون أحياناً على عمل بعض المباحات ويتكاثر الممارسون لها حتى يتوهم البعض مع الزمن أنها واجب , ويعتبر مَن لا يمارسها آثماً. وهذا ما نحسبه حدث في موضوع ستر الوجه. ولذلك حذر علماء الأصول من وقوع هذا الالتباس، وقالوا بوجوب تخلي العالِمِ عن فعل المباح أحياناً حتى لا يلتبس عند الناس بالواجب.
وإذا كان الأمر مما تحيل العادة فيه أن لا يستفيض فإن الدواعي تتوافر على إشاعته ويستحيل انكتامه. وإذا كانت مباني الإسلام الخمس قد أشاعها الشارع إشاعة اشترك في معرفتها العام والخاص ، وإذا كانت أصول المعاملات التي ليست ضرورية قد تواترت عند أهل العلم ، إذا كان كل هذا صحيحاً فإن تحديد عورة المرأة ـ وكون الوجه من العورة ـ أمر لا تستقيم حياة المرأة دون معرفته وتطبيقه في غدوها ورواحها وفي كل مجال به رجال. وهو مما يعلم من الدين بالضرورة ولابد أن يشترك في معرفته العام والخاص، سواء على عهد النبي صلي الله عليه وسلم أو في القرون الخيرة من بعده.وقد ذهب عموم الفقهاء المتقدمين ـ ولم يشذ إلا أفراد قلائل وكأنه إجماع أو شبه إجماع ـ إلى أن عورة المرأة جميع بدنها عدا الوجه والكفين. ولذلك نقول مستيقنين: إن المعتمد في أمر العورة هو القدر المتفق عليه بين العموم ، ولا عبرة بقول مَن شذ ، خاصة في أمر ينبغي أن يكون مما يعلم من الدين بالضرورة ويشترك في معرفته العام والخاص .
محمد رفقى
11-11-2015, 05:21 PM
قرائن إضافية على مشروعية سفور وجه المرأة
القرينة الثالثة:
أن كشف الوجه من سنن الحياة الإنسانية:
إن ظهور الوجه هو من سنن الحياة الإنسانية وكان يتم بصورة عفوية في مختلف العصور، وكأنه من سنن الفطرة.وكذلك كان الحال على عهد الأنبياء عليهم السلام ، كما في حديث النبي صلي الله عليه وسلم :
« هاجر إبراهيم عليه السلام بسارة فدخل بها قرية فيها ملك من الملوك ... فقيل : دخل إبراهيم بامرأة هي من أحسن النساء ».(رواه البخاري ومسلم).
وكذلك كان الحال مع أتباع الأنبياء عليهم السلام , ونقصد مَن حافظ من الأتباع على دين أنبيائهم. فقد ظل نساء أهل الذمة في الشرق وفي الغرب أيضاً , قروناً طويلة قبل المدنية الحديثة , يلبسن الثياب السابغة مع الخمار، كما حافظت الراهبات النصرانيات على هذا السمت حتى بعد تبذل المرأة النصرانية. وكانت هذه السنة مما بقى من دين إبراهيم وإسماعيل عند العرب قبل الإسلام ، فكان عامة النساء يلبسن الدِّرْع والخِمَار بصفة دائمة. أما النقاب فكان يتخذه بعض النساء لا كلهن وكُنَّ يخلعنه أحياناً، خاصة في الشدائد.ولما جاء الإسلام كان الخمار , لا النقاب , من سنن المسلمين الكرام سواء في مكة قبل الهجرة أو في المدينة بعد الهجرة.
• فعن الحارث بن الحارث الغامدي قال: (قلت لأبي ونحن بمنى: ما هذه الجماعة؟ قال: هؤلاء القوم قد اجتمعوا على صابئ لهم، قال: فنزلنا، فإذا رسول الله يدعو الناس إلى توحيد الله والإيمان به وهم يردون عليه (قوله) ، ويؤذونه حتى انتصف النهار وتصدع عنه الناس. وأقبلت المرأة قد بدا نحرها (تبكي) تحمل قدحاً (فيه ماء) ومنديلاً، فتناوله منها وشرب وتوضأ، ثم رفع رأسه (إليها) فقال: يا بنية، خَمِّري عليك نَحْرك، ولا تخافي على أبيك (غلبة ولا ذلاً). قلت: مَن هذه؟ قالوا: هذه زينب بنته).أورده الشيخ الألبانى فى كتابه (جلباب المرأة المسلمة) وقال: هذا الحديث صحيح.
محمد رفقى
11-11-2015, 05:26 PM
قرائن إضافية على مشروعية سفور وجه المرأة
القرينة الرابعة:
أن حاجات الحياة تدعو إلى كشف الوجه
1- كشف الوجه يعين على تعرف الناس على شخصيات مخاطبيهم وأحوالهم
قال القفال: معنى الآية {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} إلا ما يظهره الإنسان في العادة الجارية، وذلك في النساء الوجه والكفان، وفي الرجل الأطراف من الوجه واليدين والرجلين، فأمروا بستر ما لا تؤدي الضرورة إلى كشفه ورخص لهم في كشف ما اعتيد كشفه وأدت الضرورة إلى إظهاره إذ كانت شرائع الإسلام حنيفية سهلة سمحة، ولما كان ظهور الوجه والكفين كالضروري لا جرم اتفقوا على أنهما ليسا بعورة.
ومن القواعد الفقهية التى يذكرها العلماء : (الحاجات تنزل منزلة الضرورات).
قال ابن قدامة : ( روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال "المرأة عورة" وهذا عام في جميعها ترك في الوجه للحاجة فيبقي فيما عداه ).
ويحق لنا أن نتسائل هل كانت الحاجة إلي كشف وجه المرأة في زمن الإمام ابن قدامة دون زماننا , أم هي حاجة بشرية عامة مستمرة قائمة تقع في كل زمان ومكان؟
ويقرر الفقهاء إباحة النظر إلي وجه المرأة عند التعامل , وقد ورد في المغني لابن قدامة: ( وللشاهد النظر إلى وجه المشهود عليها لتكون الشهادة واقعة على عينها ، قال أحمد: لايشهد على امرأة إلا أن يكون قد عرفها بعينها , وإن عامل امرأة في بيع أو إجارة فله النظر إلى وجهها ليعلمها بعينها فيرجع عليها بالدرك.... وقد روي أحمد كراهة ذلك في حق الشابة دون العجوز، ولعله كره لمن يخاف الفتنة أو يستغني عن المعاملة, فأما مع الحاجة وعدم الشهوة فلا بأس).
إن الشهادة قد تطلب على أمر مضى من زمن ولم يسبق تعمد كشف الوجه من أجلها فكيف تتحقق الحاجة هنا إلى الشهادة ما لم يكن الوجه مكشوفا بصفة دائمة؟
وورد في المجموع للنووي: ( ويجوز لكل واحد منهما ( أي الرجل والمرأة ) أن ينظر إلى وجه الآخر عند المعاملة لأنه يحتاج إليه للمطالبة بحقوق العقد والرجوع بالعهدة, ويجوز ذلك عند الشهادة للحاجة لمعرفتها في التحمل والأداء).
نحسب أن من البديهيات تقرير حاجة البشر إلى أن يعرف بعضهم بعضا فيما لا يحصي من صور التعامل, إذ لا يقتصر الأمر علي البيع والإجارة والشهادة ، كما أنهم قد يحتاجون أحيانا معرفة ماهو أكثر من صورة الشخص كعمره : شاب أم كهل أم شيخ , أو لون بشرته: أبيض أم أسمر أم أسود , أو سمته: بشوش أم متهجم ، بل إن المشاعر والأحاسيس وما يختلج في الصدر من سرور وحزن ورضا وغضب وعزم وتصميم وبأس واستسلام ، كل ذلك يظهر عادة على صفحة الوجه وقد يحتاج إليه الناس في تعاملهم وذلك حسب موضوع التعامل وظروفه وليفهم كل من المتحدث والمخاطب عن صاحبه حق الفهم. وهذا القدر من التعارف تترتب عليه مصلحة ما بدرجة من الدرجات , وقد تكون مصلحة ضرورية أو حاجية أو تحسينية.
2- كشف الوجه يعين على تعارف الأقارب وذوي الأرحام وتواصلهم
فيتعرف الشاب على بنات الأعمام والعمات والأخوال والخالات.وتتعرف الفتاة على أبناء أعمامها وعماتها وأخوالها وخالاتها.وأيضا يتعرف الشاب على زوجات الأعمام والأخوال وتتعرف الفتاة على أزواج العمات والخالات , وكذلك يتعرف الرجل على أخوات زوجته وتتعرف المرأة على إخوة زوجها.أما إذا عم ستر الوجه وتبعه الاحتجاب من كل الرجال غير المحارم فكيف يتواصل ويتواد الأقارب وذوو الأرحام؟ كيف يعود بعضهم بعضا؟ كيف يودع بعضهم بعضا أو يستقبل بعضهم بعضا عند السفر؟ هل يذهب الرجل ليصل ابنة عمه أو خالته المتزوجه فيلقي زوجها ويجالسه ويتبادل معه المشاعر النبيلة , ولا يلقي ابنة خاله وهي المقصودة بالزيارة والصلة والمودة؟! هل أمر الله بهذا؟ إن الله تعالى قال بشأن عامة نساء المؤمنين {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن} ولم يقل سبحانه ليحتجبن إلا من بعولتهن أو آبائهن.فهذا الاحتجاب خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم.
///
المعارضون لكشف الوجه يذكرون أن هناك حالات خاصة يجوز للمرأة عندها كشف وجهها أمام الرجال الأجانب , وكثرة هذه الحالات دليل على أن حاجات الحياة في كل زمان ومكان تدعو إلى كشف الوجه وأنها من القرائن على مشروعية سفور وجه المرأة.
مختصر من كتاب (حجاب المسلمة بين انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين):
أولا : الخِطبة
يجوز للمرأة كشف وجهها وكفيها أمام مريد خطبتها ، لينظر إليهما في غير خلوة ودون مسّ ، لدلالة الوجه على الدمامة أو الجمال ، والكفين على نحافة البدن أو خصوبته .
ثانيا : المعاملة
والمطالبة بالثمن ، ما لم يؤد إلى فتنة ، وإلا منع من ذلك .
ثالثا : المعالجة
يجوز للمرأة كشف مكان العلة من وجهها ، أو أي موضع من بدنها لطبيب يعالج علتها ، شريطة حضور محرم أو زوج ، هذا إذا لم توجد امرأة تداويها ، لأن نظر الجنس إلى الجنس أخفّ ، وأن لا يكون الطبيب غير مسلم مع وجود طبيب مسلم يمكنه معالجتها ، ولا يجوز لها كشف ما يزيد عن موضع المرض .
رابعا : الشهادة
يجوز للمرأة كشف وجهها في الشهادة أداءً وتحملاً،كما يجوز للقاضي النظر إليه لمعرفتها صيانة للحقوق من ضياع.
خامسا : القضاء
يجوز للمرأة كشف وجهها أمام قاض يحكم لها أو عليها ، وله عند ذلك النظر إلى وجهها لمعرفتها ، إحياء للحقوق ، وصيانة لها من الضياع .
و..أحكام الشهادة تنطبق على القضاء سواءً بسواء ، لاتحادهما في علة الحكم.
سادسا: في الإحرام
يجب على المرأة أن تكشف وجهها وكفيها حالة إحرامها بالحج أو العمرة ، ويحرم عليها عند ذلك لبس النقاب والقفازين ، لقول رسول الله صل الله عليه وسلم : ( لا تتنقب المرأة المُحرمة ، ولا تلبس القفازين ) فإن احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال بقربها ، أو كانت جميلة وتحققت من نظر الرجال إليها ، سدلت الثوب من فوق رأسها على وجهها.
سابعا : حالة الإكراه
فرضت بعض الأنظمة المتسلطة أحكاماً جائرة ، وقوانين ظالمة ، خالفت بها دين الإسلام ، وتمردت على الله ورسوله ، ومنعت بموجبها المرأة المسلمة من الحجاب ، بل وصل الحال ببعضها إلى إزاحته عنوة عن وجوه النساء ،ومارست ضدهن أسوأ أنواع التسلط والقهر والإرهاب.. كما حدثت مضايقات للمنقبات في بعض البلاد الأوربية .. وتعرض بعضهن إلى الإيذاء تارة ، والتعرض للإسلام أو الرسول صل الله عليه وسلم تارة أخرى.
وإزاء ذلك فإنه يجوز للمرأة في حال الضرورة التي تتيقّن فيها أو يغلب على ظنّها حصول الأذى الذي لا تُطيقه أن تكشف وجهها ، وإن الأخذ بقول مرجوح أولى من تعرضها للفتنة على أيدي رجال السوء .
ثامنا : العجوز التي لا يُشتهى مثلها
انتهي
تم حذف حالات كشف الوجه من الطبعات التالية للكتاب لأن هناك مجموعة من أهل العلم لم يستحسنوا ذكر هذه الحالات !!!
محمد رفقى
11-11-2015, 05:31 PM
قرائن إضافية على مشروعية سفور وجه المرأة
القرينة الخامسة:
أن المشقة تلحق ستر الوجه والتيسير في كشفه:
قال تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}
ومن القواعد الفقهية التي يذكرها العلماء ((المشقة تجلب التيسير)).
وورد في المغني لابن قدامة: ( قال بعض أصحابنا : المرأة كلها عورة لأنه قد روي عنه صلى الله عليه وسلم : (المرأة عورة) لكن رخص لها في كشف وجهها ويديها لما في تغطيته من المشقة).
وإذا كان ابن تيمية يقول: ( وتغطية هذا في الصلاة فيه حرج عظيم) وهو يقصد تغطية الوجه واليدين , وابن الجوزي وهو من مفسرى الحنابلة يقول عن كشف وجهها فى الصلاة: (أن في تغطيته مشقة فعفى عنه) ، فنحسب أنه من باب أولي أن يكون هناك حرج عظيم في تغطيتهما خارج الصلاة , وقد يطول زمن التغطية أحيانا أضعاف زمن الصلاة.
قال الشيخ الحبيب بن طاهر: فإن الشأن في علل الأحكام المعقولة المعنى أن تكون مضطردة؛ والعلّة هنا ملحوظة في الصلاة وخارج الصلاة, أي في مزاولة المرأة شؤونها الحياتية ومعاملاتها الاجتماعية, بل هذه العلّة أولى بالاعتبار خارج الصلاة؛ فأمر الصلاة هيّن وأخف من قضاء المرأة ساترة وجهها وكفيها سائر يومها وجزءا من ليلها, في الحر والبرد وفي الضوء والظلام, وفي عملها وتعلّمها, وفي بيعها وشرائها, وفي قضاء شؤونها وشؤون أبنائها وشؤون من تقوم على رعايتهم من أقاربها وأقارب أزواجها مّمن تضطرّها العلاقة الزوجية وصلة الأرحام إلى مخالطتهم, لا تضع عنها ذلك الساتر إلاّ في قعر بيتها عند نومها؛ فأيّ المحلّين أولى باعتبار المشقّة فيه, الصلاة أم خارج الصلاة؟.
قال سفيان الثوري: (إنما العلم عندنا الرخصة من ثقة، فأما التشديد فيحسنه كل أحد).
فالتشديد في حقيقته هو الاجتهاد الأسهل وليس الاجتهاد الأفضل.
قال الألباني في "الرد المفحم":
التشدد في الدين شر لا خير فيه. وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: " الخير لا يأتي إلا بالخير". متفق عليه، فكذلك الشدة شر لا تأتي إلا بالشر، ولذلك تكاثرت الأحاديث، وتنوعت عباراتها في التحذير منها.
...
وإذا كان الأمر كذلك، فلا بدَّ أن القراء الكرام لاحظوا هذا التشدد مجسماً فيما حكينا من أقوالهم وآرائهم منها قولهم:" حتى ظفرها"، وفي الصلاة أيضاً! وما تكلفوا به من رد الأدلة القاطعة بجريان العمل بكشف الوجه في القرون المشهود لها بالخيرية، وشهادة فضلاء الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين بجواز ذلك، وما قول الإمام مالك دار الهجرة ببعيد عن ذاكرة القارئ، وهو: أنه يجوز- أو لا بأس –أن تأكل المرأة مع غير ذي محرم ، وغير ذلك من أقوالهم الصريحة بأن الوجه ليس بعورة.
...
وإني لأعتقد أن مثل هذا التشديد على المرأة لا يمكن أن يخرج لنا جيلاً من النساء يستطعن أن يقمن بالواجبات الملقاة على عاتقهن في كل البلاد والأحوال مع أزواجهن وغيرهم، ممن تحوجهم الظروف أن يتعاملن معهم، كما كن في عهد النبي صلي الله عليه وسلم ، كالقيام على خدمة الضيوف، وإطعامهم، والخروج في الغزو، يسقين العطشى، ويداوين الجرحى، وينقلن القتلى، وربما باشرن القتال بأنفسهن عند الضرورة، فهل يمكن للنسوة اللاتي ربين على الخوف من الوقوع في المعصية إذا صلت أو حجت مكشوفة الوجه والكفين أن يباشرن مثل هذه الأعمال وهن منقبات ومتقفزات؟ لا وربي، فإن ذلك مما لا يمكن إلا بالكشف كما سنرى في بعض الأمثلة الشاهدة لما كان عليه النساء في عهد النبي صلي الله عليه وسلم :
• أم شريك الأنصارية التي كان ينزل عليها الضيفان.
• امرأة أبي أسيد التي صنعت الطعام للنبي صلي الله عليه وسلم ومن معه يوم دعاهم زوجها أبو أسيد يوم بني بها , فكانت هي خادمهم وهي عروس.
• الربيع بنت معوذ التي كانت تنفر مع نساء من الأنصار, فيسقين القوم ويخدمنهم ويداوين الجرحي ويحملن القتلي إلي المدينة.
• وأم عطية التي غزت معه صلي الله عليه وسلم تخلفهم في رحالهم وتصنع لهم الطعام وتداوي الجرحي وتقوم على المرضي.
• وأم سليم أيضا التي اتخذت يوم حنين خنجرا.
وجرى الأمر على هذا المنوال بعد النبي صلي الله عليه وسلم :
• فهذه أسماء بنت يزيد الأنصارية قتلت يوم اليرموك سبعة من الروم بعمود فسطاطها.
• وسمراء بنت نهيك الصحابية بيدها سوط تؤدب الناس وتأمربالمعروف وتنهي عن المنكر.اهـ
محمد رفقى
12-11-2015, 02:00 PM
النقاب بين الجاهلية والإسلام
قالت أم عمرو بنت وقدان:
إن أنتم لم تطلبوا بأخيكم......فذروا السلاح ووحشوا بالأبرق
وخذوا المكاحل والمجاسد والبسوا......نقب النساء فبئس رهط المرهق
وقال الحطيئة:
طافت أمامه بالركبان آونة......ياحسنه من قوام ما منتقبا
وقال النابغة الجعدي يصف غزالا:
وخدا كبرقوع الفتاة ملمعا......وروقين لما يعدوا أن تقشرا
وقال توبة الخفاجي:
وكنت إذا ما زرت ليلي تبرقعت......فقد رابني منها الغداة سفورها
وقد رابني منها صدود رأيته......وإعراضها عن حاجتي وبسورها
هذه الأبيات من الشعر الجاهلي تؤكد أن النقاب كان معروفا عند بعض العرب قبل الإسلام ، وأنه كان طرازا من لباس المرأة وزينتها ولما جاء الإسلام لم يأمر به ولم ينه عنه وتركه لأعراف الناس.
كذلك كان الجلباب والخمار من لباس الجاهلية وهذه بعض الأمثلة:
قالت جنوب أخت عمر ذي الكلب ترثيه:
تمشي النسور إليه وهي لاهية......مشي العذاري عليهن الجلابيب
وقال قيس بن الخطيم:
كأن القرنفل والزنجبيـل......وذاكـي العبـير بجلبـابها
وقال بشر بن أبي خازم يصف بياض غرة فرسه:
يظل يعارض الركبان يهفـو......كأن بياض غرتـه خمـار
وقالت الخنساء:
يطعن الطعنـة لا يرقئهـا......رقية الراقي ولا عصب الخمر
وقال صخر بن عمرو فى أخته الخنساء:
والله لا أمنحهـا شرارهـا ....... ولو هلكت مزقت خمارهـا
................وجعلت من شَعُر صِدارهـا
فرضت شريعة الإسلام لبس كل من الخمار والجلباب في نصوص صريحة من الكتاب الكريم والسنة المطهرة ، بينما ذكر النقاب لم يرد علي لسان رسول الله غير مرة واحدة وفي مناسبة حظره علي المرأة المحرمة , قال: ( لا تنتقب المحرمة ).
حظر النقاب في الإحرام ودلالته:
• عن عبد الله بن عمر قال : يارسول الله ماذا تأمرنا أن نلبس من ثياب في الإحرام؟ فقال النبي صلي الله عليه وسلم : لاتلبس القمص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس إلا أن يكون أحد ليست له نعلان فليلبس الخفين وليقطع أسفل الكعبين ولا تلبسوا شيئا مسه زعفران ولا ورس ولا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين.( رواه البخاري).
الحديث يفيد أن محظورات الإحرام سواء علي الرجل أو علي المرأة كلها نهي عن الترفه والتجمل واستدعاء للتشعث, وفي ذلك يقول الباجي صاحب المنتقي شرح الموطأ: ( المحرم ممنوع من الترفه... وأمر بالتشعث). وهذا يعني أن النقاب كان نوعا من التجمل والترفه ألفه بعض النساء شأنه في ذلك شأن العمامة والبرنس والسراويل والخف بالنسبة للرجال، وقد وردت جميع هذه الطُرز في سياق واحد في الحديث.
تشعث : من شعث الشعر تغير وتلبد وشعث فلان رأسه وبدنه : اتسخ
وتشير أقوال وردت لبعض الفقهاء من أعلام المذهب الحنبلي أن النقاب كان لباس تجمل , نورد بعضها فيما يأتي:
قال أبو القاسم الخرقي ( ت سنة 344هـ): ( وتجتنب الحادة النقاب لأن المحرمة تمنع منه فأشبه الطيب ).
وقال القاضي أبو يعلي: ( كره أحمد النقاب للمتوفي عنها زوجها )
والإمام أحمد له رواية أخى فى زاد المعاد لابن القيم , عن المرأة تنتقب فى عدتها قال: لا بأس.
وقال ابن قدامة: ( مما تجتنبه الحادة النقاب وما في معناه مثل البرقع ونحوه ، لأن المعتدة مشبهة بالمحرمة تمنع من ذلك).
ونخلص من ذلك أن النقاب كان طراز في الزي اختاره بعض النساء منذ الجاهلية ، وتعارف الناس عليه وربما اعتبروه من سمات المرأة المصونة أو كمال الهيئة, لكنه لم يكن عرفا عاماً صالحاً عند جميع العرب الذين بعث فيهم رسول الله , إذ لو كان عرفاً عاماً صالحاً وخاصة لذوات الصون والعفاف لكان البيت النبوي أولي بهذا العرف الصالح منذ الأيام الأولي من البعثة وحتي نزول آية الحجاب ، ولكان ذلك من القرائن الدالة علي أن التنقب مندوب.
ولما كان شأن النقاب كذلك أردنا أن نعرض بعض صور التطبيق التاريخي , أي نوعا من الدراسة الاجتماعية لهذا الطراز في اللباس نتبين منها أهم معالم استعماله: من كان يلبس النقاب؟ كثرة أم قلة؟ لماذا كان يلبس؟ متي كان يلبس ومتي كان يخلع؟ لهذا أقدمنا علي عرض مجموعة من النصوص – رغم ضعف سندها أو جهالته - بصفتها مجرد شواهد تاريخية نأتنس بدلالاتها المختلفة في تحديد أهم خصائص النقاب والعادات المرتبطه به.
• عن عبد الله بن عمر قال: لما اجتلي النبي صلي الله عليه وسلم صفية رأي عائشة متنقبة وسط النساء فعرفها.(رواه ابن سعد في الطبقات)
• عن صفية بنت شيبة قالت:رأيت عائشة طافت بالبيت وهي منتقبة. (رواه ابن سعد في الطبقات)
نساء النبي صلي الله عليه وسلم بعد فرض الحجاب كن إذا خرجن غطين وجوههن وهذا أمر ثابت بغير هذه النصوص.
• أورد البخاري الخبر الآتي معلقا :
أجاز سمرة بن جُنْدَب شهادة امرأة متنقبة.
هذا الخبر يذكر واقعة عين كانت المرأة فيها متنقبة وهذا يشير إلي أن الستر بنقاب كان معروفا في ذلك الزمن ولكن علي سبيل القلة أو الندرة , ولذلك ذكره الراوي وصرح به , ولو كان الستر هو السائد لما كان هناك داع ليذكره الراوي.
• عن قيس بن شماس قال:جاءت امرأة إلي النبي صلي الله عليه وسلم يقال لها أم خلاد وهي منتقبة تسأل عن ابنها وهو مقتول , فقال لها بعض أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم : جئت تسألين عن ابنك وأنت منتقبة! فقالت:إن أرزأ ابني فلن أرزأ حيائي.فقال رسول الله: ابنك له أجر شهيدين.قالت: ولم ذاك يا رسول الله؟ قال: لأنه قتله أهل الكتاب.(رواه أبو داود)
هذا الحديث يفيد أن الانتقاب كان مجرد طراز في اللباس اعتاده البعض وليس سترا واجبا بأمر الشارع.ويؤكد هذا المعني أنه كان من المتعارف عليه خلعه في بعض الأحوال التي تقتضي اجتناب الترفه,كحال الحزن لوفاة عزيز كما هو واضح في هذا الحديث. فقد تعجب الصحابة من حضور المرأة منتقبة وهي ثكلي. وظل هذا العرف ماضيا في مجتمع المسلمين حتي قال بعض أئمة الحنابلة كما مر بنا باجتناب المرأة الحادة النقاب طول مدة الإحداد.
أما قول المرأة: ( إن أرزأ ابني فلن أرزأ حيائي) فليس دليلا علي غياب الحياء عن النسوة اللاتي لا ينتقبن, إنما تعبر عن شعور من ألفت النقاب, فمثلها تستحيي عادة إذا خلعته, كما يستحيي الرجل الذي ألف تغطية رأسه إذا كشفه, إلا إذا غلبها أو غلبه الحزن أو غيره من المشاعر الغامرة.ولو كان الأمر مندوبا لبين رسول الله للصحابة خطأهم وأنكر عليهم إنكارهم علي المرأة فعل الأفضل.
الحديث لا نستنبط منه حكما شرعيا لأنه ضعيف الإسناد كما ذكر الألباني في كتابه جلباب المرأة المسلمة,لكن نعتبره شاهدا تاريخيا علي عادة من عادات بعض نساء العرب قبل الإسلام وبعده.
• عن عبد الله بن الزبير قال:لما كان يوم الفتح أسلمت هند بنت عتبة ونساء معها وأتين رسول الله وهو بالأبطح فبايعنه.فتكلمت هند فقالت: يا رسول الله , الحمد لله الذي أظهر الدين الذي اختاره لنفسه , لتنفعني رحمك.يا محمد ,إني امرأة مؤمنة بالله مصدقة برسوله.ثم كشفت عن نقابها وقالت:أنا هند بنت عتبة.فقال رسول الله:مرحبا بك. (رواه ابن سعد في الطبقات)
هذا الحديث يعتبر شاهدا تاريخيا علي أنه كان من المعروف خلع النقاب دون حرج إذا شاءت المرأة أن تعرف بنفسها.وهذا يؤكد أن الانتقاب كان طراز من اللباس يحقق قدرا من إخفاء شخصية المرأة , فضلا عما فيه من الترفه والتجمل , كما يؤكد أن الانتقاب ليس سترا واجبا بأمر الشارع ولو كان سترا واجبا لأنكر رسول الله علي هند بنت عتبة خلعها النقاب.
• هذه الأبيات تشير إلى أن النقاب يمكن أن تخلعه المرأة فى حال الخطر أو فى رغبتها فى التحذير من شر محدق دونما حرج.
قال توبة الخفاجي:
وكنت إذا ما زرت ليلي تبرقعت......فقد رابني منها الغداة سفورها
وقد رابني منها صدود رأيته......وإعراضها عن حاجتي وبسورها
قيل لليلي: ما الذي رابه من سفورك؟ قالت: كان يلم بي كثيرا فأرسل إلي يوما أني آتيك. وفطن الحي فأرصدوا له ، فلما أتاني سفرت عن وجهي فعلم أن ذلك لشر ، فلم يزد علي التسليم والرجوع.
ليلي تحرص علي لبس النقاب في ساعات الصفاء والبهجة لأن فيه ترفها وتجملا. ثم نراها في ساعة الخطر والحرج تخلع النقاب لأن الموقف لايحتمل ترفها ولا تجملا، هذا فضلا عن حاجتها إلي تحذير صاحبها من خطر محدق.
محمد رفقى
12-11-2015, 02:09 PM
من أقوال الفقهاء في مشروعية سفور الوجه
أولا: من كتب المذاهب:
المذهب الحنفي:
• ورد في ((الاختيار)) لابن مودود الموصلي ت سنة 683 هـ : ( ولاينظر إلي الحرة الأجنبية إلا إلي الوجه والكفين إن لم يخف شهوة. وعن أبي حنيفة(ت سنة 150هـ) : أنه زاد القدم , لأن في ذلك ضرورة للأخذ والعطاء ومعرفة وجهها عند المعاملة مع الأجانب لإقامة معاشها ومعادها لعدم من يقوم بأسباب معاشها, قال والأصل في قوله تعالي: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} , قال عامة الصحابة: الكحل والخاتم المراد موضعهما كما بينا أن النظر إلي نفس الكحل والخاتم والحلي وأنواع الزينة حلال للأقارب والأجانب فكان المراد موضع الزينة بطريق حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ).
• في المبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ت سنة 189 هـ : ( وأما المرأة الحرة التي لا نكاح بينه وبينها ولا حرمة ممن يحل له نكاحها فليس ينبغي له أن ينظر إلى شيء منها مكشوفا إلا الوجه والكف ولا بأس بأن ينظر إلى وجهها وإلى كفها ولا ينظر إلى شيء غير ذلك منها وهذا قول أبي حنيفة).
• وفي شرح معاني الآثار لأبي جعفر الطحاوي ت سنة 322 هـ : " أبيح للناس أن ينظروا إلى ما ليس بمحرَّم عليهم من النساء إلى وجوههن وأكفهن وحرم ذلك عليهم من أزواج النبي صلي الله عليه وسلم وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى".
وقال أيضا:"وإذا ثبت أن النظر إلى وجه المرأة ليخطبها حلال ، خرج بذلك حكمه من حكم العورة ، فلما ثبت أن النظر إلي وجهها حلال لمن أراد نكاحها , ثبت أنه حلال أيضا لمن لم يرد نكاحها , إذا كان لا يقصد بنظره ذلك لمعني هو عليه حرام.وقد قيل في قول الله عز وجل {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أن ذلك المستثنى هو الوجه والكفان ، فقد وافق هذا التأويل ما ذكرناه سابقا من الأدلة على ذلك .."
• في المبسوط للسرخسي ت سنة 483 هـ : (ولكنا نأخذ بقول علي وابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - فقد جاءت الأخبار في الرخصة بالنظر إلى وجهها وكفها) , (ثم لا شك أنه يباح النظر إلى ثيابها ولا يعتبر خوف الفتنة في ذلك فكذلك إلى وجهها وكفها)...(ثم لا شك أنه يباح النظر إلى ثيابها ولا يعتبر خوف الفتنة في ذلك فكذلك إلى وجهها وكفها... إذا لم يكن النظر عن شهوة فإن كان يعلم أنه إن نظر إشتهى لم يحلل له النظر إلى شيء منها)
• في بدائع الصنائع للكاساني ت سنة 587هـ : ( لايحل النظر للأجنبي من الأجنبية الحرة إلي سائر بدنها إلا الوجه والكفين ).
• ورد في الهداية للمرغيناني ت سنة 593هـ : (...بدن الحرة كله عورة إلا وجهها وكفيها لقوله عليه الصلاة والسلام (المرأة عورة مستورة) واستثناء العضوين للإبتلاء بإبدائهما ). (ولا يجوز أن ينظر الرجل إلى الأجنبية إلا وجهها وكفيها فإن كان لا يأمن الشهوة لا ينظر إلى وجهها إلا لحاجة)
• وفي "كنز الدقائق" للنسفي ت سنة 701هـ : (فصل في النظر والمس :لا ينظر إلى غير وجه الحرة وكفيها).
• الإمام إسماعيل حقي ت سنة 1127هـ , في تفسيره المشهور ب"روح البيان" قال في أحكام النظر: (ومن الحرة الأجنبية إلى وجهها وكفيها وقدميها في رواية).
• الإمام محمود الألوسي ت سنة1270هـ , في تفسيره المشهور ب"روح المعاني" قال: (وأنت تعلم أن وجه الحرة عندنا ليس بعورة فلا يجب ستره ويجوز النظر من الأجنبي إليه إن أمن الشهوة مطلقا وإلا فيحرم).
هذا وقد ذهب جماعة من متأخري الأحناف إلى أن المرأة الشابة تُمنع من كشف الوجه بين الرجال لا لأنه عورة ، بل لخوف الفتنة , وهو قول لا دليل عليه , فإذا لم يكن الوجه عورة كما قرروا هم أنفسهم ، ولم يرد دليل صحيح بوجوب تغطية الوجه سواء للفتنة أو لغيرها ، فما الدليل على ما ذكر.
محمد رفقى
12-11-2015, 02:19 PM
المذهب المالكي:
• ورد في الموطأ للإمام مالك( ت سنة 179ﻫ): ( سئل مالك: هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها أو مع غلامها؟ فقال مالك: ليس بذلك بأس...قال: وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله..)
• قال أبو القاسم العبدري (ت سنة 897هـ) صاحب التاج والإكليل في تعقيبه علي قول مالك: فيه إباحة إبداء المرأة وجهها ويديها للأجنبي إذ لايتصور الأكل إلا هكذا.
• قال أبو الوليد الباجي (ت سنة 474هـ) صاحب المنتقي شرح الموطأ: قوله: وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله.. يقتضي أن نظر الرجل إلي وجه المرأة وكفيها مباح لأن ذلك يبدو منها عند مؤاكلتها.
• وقال أبو الوليد الباجى: (وأما الحرة فجسدها كله عورة غير وجهها وكفيها، وذهب بعض الناس إلى أنه يلزمها أن تستر جميع جسدها، واستدل أصحابنا في ذلك بقوله تعالى (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) قالوا: إن الذي يظهر منها الوجه واليدان وعلى ذلك أكثر أهل التفسير).
• قال القاضي عياض (ت سنة 544هـ) في إكمال المعلم في تعقيبه علي قول مالك: « وهذا ليس فيه إلا إبداء كفيها ووجهها، وذلك مباح منها النظر إليه لغير تلذذ ومداومة لتأمل المحاسن. قال ابن عباس: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، قال: الوجه والكفان، وقاله عطاء . وذكر ابن بكير: أنه قول مالك وغيره، وإليه مال إسماعيل القاضى قال: لأنه الذى يبدو من المرأة فى الصلاة» .
وتنبه أنه نقل عن ابن بكير (وهو يحيى بن عبد الله بن بكير : من تلامذة الإمام مالك الآخذين عنه ، ومن رواة الموطأ عنه ) أنه نقل عن الإمام مالك أن الوجه والكفين ليسا عورة .
وقال فى موضع آخر فى كتاب الآداب باب نظر الفجأة : (ولا خلاف أن فرض ستر الوجه مما اختص به أزواج النبى صلى الله عليه وسلم منذ نزل الحجاب).
وفُسر هذا الإجماع من علماء آخرين أنه إجماع من أئمة المالكية.
• وقال مالك لما سأله سحنون (ت 240هـ) في "المدونة" عن المرأة التي ظاهَرَها زوجها وصارت أجنبية عنه: «ولا يصلح له أن ينظر إلى شعرها ولا إلى صدرها. قال : قلت لمالك: أفينظر إلى وجهها؟ فقال (مالك): نعم، وقد ينظر غيره أيضاً إلى وجهها».
وهذا صريح أن الوجه ليس عورة عند الإمام مالك.
• قال ابن بطال (ت:449هـ) في شرحه لصحيح البخاري: (وإذا ثبت أن النظر إلى وجه المرأة لخطبتها حلال خرج بذلك حكمه من حكم العورة)
• قال ابن عبد البر المالكي ( ت سنة 463ﻫ) في ( التمهيد ) : (( وجائز أن ينظر إلى ذلك منها(أي الوجه والكفين) كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه، وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة، فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة ))
• في الشرح الصغير للدردير (ت سنة1201هـ) المسمي ( أقرب المسالك إلي مذهب مالك): ( وعورة الحرة مع رجل أجنبي منها-أي ليس محرم لها- جميع البدن غير الوجه والكفين , وأما هما فليسا عورة).
محمد رفقى
12-11-2015, 02:32 PM
المذهب الشافعي:
• ورد في الأم للشافعي (ت سنة204هـ): ... يجزئ الرجل والمرأة كل واحد أن يصلي متواري العورة, وعورة الرجل ما وصفت وكل المرأة عورة إلا كفيها ووجهها.
وكلام الإمام الشافعي ليس خاصا بعورة الصلاة, إنما هو يبين العورة مطلقا, ويدل على ذلك كلامه فى تفسير آية الزينة الظاهرة وأنها الوجه والكفان.
• نقل الإمام المزني (ت:264هـ) في مختصره المشهور عن الإمام الشافعي (ت:204هـ) صاحب المذهب: قال: وإذا أراد أن يتزوج المرأة فليس له أن ينظر إليها حاسرة وينظر إلى وجهها وكفيها وهي متغطية بإذنها وبغير إذنها قال الله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال الوجه والكفان.
قال الشيخ الشريف حاتم العونى: وهذا صريح من قول الشافعى أن الوجه والكفين ليسا بعورة. والشافعية متفقون على تفسير آية الزينة الظاهرة بأنها الوجه والكفان , لأن الآية تبين ما يجوز إبداؤه من الزينة أمام الرجال الأجانب , ولا خصوصية للصلاة بها.
• ورد في المهذب للشيرازي (ت سنة467هـ): وأما الحرة فجميع بدنها عورة إلا الوجه والكفين لقوله تعالي :{وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } , قال ابن عباس: وجهها وكفيها ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهي المحرمة عن لبس القفازين والنقاب , ولو كان الوجه والكف عورة لما حرم سترهما , ولأن الحاجة تدعو إلي إبراز الوجه للبيع والشراء و إلي إبراز الكف للأخذ والعطاء فلم يجعل ذلك عورة.
• في تفسير الإمام السمعاني ت سنة 489هـ : (على هذا يجوز النظر إلى وجه المرأة وكفيها من غير شهوة ، وإن خاف الشهوة غض البصر ، واعلم أن الزينة زينتان : زينة ظاهرة ، زينة باطنة، فالزينة الظاهرة هي الكحل والفتخة والخضاب إذا كان في الكف ... فما كان من الزينة الظاهرة يجوز للأجنبي النظر إليه من غير شهوة).
• وفي المجموع للنووي (ت سنة676هـ): وعورة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين.
• قال النووي في "منهاج الطالبين": ( ويحرم نظر فحل بالغ إلى عورة حرة كبيرة أجنبية وكذا وجهها وكفها عند خوف الفتنة وكذا عند الأمن على الصحيح).
تحريم النظر دليل على ظهور المنظور إليه.أما تحريم نظر الرجل مطلقا إلى المرأة ولو بغير فتنة قول مرجوح ودليله ضعيف.
• الإمام الخازن ( ت سنة 741 هـ) في تفسيره ( لباب التأويل في معاني التنزيل ) : ( فما كان من الزينة الظاهرة يجوز للرجل الأجنبي النظر إليه للضرورة مثل تحمل الشهادة ونحوه مـن الضرورات إذا لم يخف فتنة وشهوة فإن خاف شيئاً من ذلك غض البصر وإنما رخص في هذا القدر للمرأة أن تبديه من بدنها لأنه ليس بعورة وتؤمر بكشفه في الصلاة وسائر بدنها عورة)
• قال البغوي في شرح السنة: (فإن كانت أجنبية حرة فجميع بدنها عورة في حق الرجل لا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين وعليه غض البصر عن النظر إلى وجهها ويديها أيضاً عند خوف الفتنة). والكوع هو طرف الزند الذي يلي الإبهام.
• قال ابن حجر الهيتمي في ( الفتاوى الكبرى ) : ( وحاصل مذهبنا أن إمام الحرمين نقل الإِجماع على جواز خروج المرأة سافرة وعلى الرجال غضّ البصر ).
• قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسني المطالب: وعورة الحرة في الصلاة وعند الأجنبي ولو خارجها جميع بدنها إلا الوجه والكفين ظهراً وبطناً إلى الكوعين.
• قال إمام الحرمين الجوينى ( ت :478 هـ) في كتاب نهاية المطلب باب ( نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية): (أما الأجنبية فلا يحل للأجنبي أن ينظر منها إلى غير الوجه والكفين من غير حاجة , والنظر إلى الوجه والكفين يحرم عند خوف الفتنة إجماعاً فإن لم يظهر خوف الفتنة فالجمهور يرفعون التحريم لقوله تعالى : "إلا ما ظهر منها" قال أكثر المفسرين : الوجه والكفان)
قال الشيخ الشريف حاتم العونى: (وقد صرح الجويني ومن وافقه (وهم قلة من الشافعية) ممن يحرمون النظر مطلقا , أنهم يوجبون ستر الوجه والكفين لا لكونهما عورة , وإنما سدًّا للذريعة , حيث يقول : (وذهب العراقيون وغيرهم إلى تحريمه من غير حاجة.قال: وهو قوي عندي , مع اتفاق المسلمين على منع النساء من التبرج والسفور وترك التنقب , ولو جاز النظر إلى وجوههنّ , لكُنَّ كالـمُرد , ولأنهنّ حبائل الشيطان , واللائق بمحاسن الشريعة حسم الباب وترك تفصيل الأحوال )... فهذا كلام صريح أنه منع النساء من كشف الوجه اجتهادا وسياسة , لا اتباعا لنص يوجب ستر العورة.
ومقصود الجويني من اتفاق المسلمين على منع النساء من التبرج والسفور وترك التنقب : منع الحكام وولاة الأمر, وهذا ظاهر, لأنه هو نفسه قد حكى الاختلاف , ولأن غيره من العلماء حكى ضد قوله كالقاضي عياض والنووي ومن وافقهما ، مما يدل على أنه ليس هناك اتفاق لا من المسلمين ولا من ولاة الأمر على ذلك. وأن كلام الجويني قاله استرواحا بما أدركه ورآه ، دون استقراء لأحوال المرأة وأحكامها في بلاد المسلمين واختلاف أزمانهم).
• قال الماوردي (ت: 450ه) فى (الحاوى الكبير) : ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﻮﺭﺓ ﻓﻀﺮﺑﺎﻥ ﺻﻐﺮﻯ ﻭﻛﺒﺮﻯ ، ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻓﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﺇﻻ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﻥ ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﻐﺮﻯ ﻓﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﺮﺓ ﻭﺍﻟﺮﻛﺒﺔ ﻭﻣﺎ ﻳﻠﺰﻣﻬﺎ ﺳﺘﺮ ﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﻌﻮﺭﺗﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺿﺮﺏ: ﺃﺣﺪﻫﺎ : ﺃﻥ ﻳﻠﺰﻣﻬﺎ ﺳﺘﺮ ﺍﻟﻌﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ، ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺣﻮﺍﻝ :
ﺃﺣﺪﻫﺎ : ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﻗﺪ ﻣﻀﻰ ﺣﻜﻤﻬﺎ. (المرأة كلها عورة في الصلاة إلا وجهها وكفيها إلى آخر مفصل الكوع)
ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﻣﻊ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ، ﻭﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﻣﺴﻠﻤﻬﻢ ، ﻭﻛﺎﻓﺮﻫﻢ ، ﻭﺣﺮﻫﻢ ، ﻭﻋﺒﺪﻫﻢ ، ﻭﻋﻔﻴﻔﻬﻢ ، ﻭﻓﺎﺳﻘﻬﻢ ، ﻭﻋﺎﻗﻠﻬﻢ ، ﻭﻣﺠﻨﻮﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺇﻳﺠﺎﺏ ستر ﺍﻟﻌﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ.
ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﻣﻊ ﺍﻟﺨﻨﺎﺛﻰ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﻴﻦ ، ﻷﻥ ﺟﻤﻠﺔ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻋﻮﺭﺓ ﻓﻼ ﻳﺴﺘﺒﺎﺡ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﻚ.
محمد رفقى
12-11-2015, 02:36 PM
المذهب الحنبلي:
• ورد في الهداية للكلوذاني (ت سنة510 هـ): عورة المرأة الحرة جميع بدنها إلا الوجه وفي الكفين روايتان.
• ورد في الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي (ت سنة763 هـ): هل يسوغ الإنكار على النساء الأجانب إذا كشفن وجوههن في الطريق؟....... فأما قولنا وقول جماعة من الشافعية وغيرهم: إن النظر إلى الأجنبية جائز من غير شهوة ولا خلوة، فلا ينبغي الإنكار عليهن إذا كشفن عن وجوههن في الطريق.
وابن مفلح هو تلميذ شيخ الإسلام وقد قال ابن القيم فيه: ما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب الإمام أحمد من ابن مفلح.
• ورد في الافصاح عن معاني الصحاح لابن هبيرة (ت سنة560هـ) :
1. باب ذكر حد العورة... وقال أحمد في إحدي روايته:كلها عورة إلا وجهها وكفيها...والرواية الأخري كلها عورة إلا وجهها خاصة وهي المشهورة ولها اختار الخرقي.
2. واتفقوا علي أن من أراد تزويج امرأة فله أن ينظر منها ما ليس بعورة...وقد سبق بياننا لحد العورة في كتاب الصلاة.
• ورد في المغني لابن قدامة (ت سنة620هـ) :
1. لا يختلف المذهب في أنه يجوز للمرأة كشف وجهها في الصلاة ,ولا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم ,وأنه ليس لها كشف ماعدا وجهها وكفيها وفي الكفين روايتان.
2. وقال مالك ، والأوزاعي ، والشافعي : جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها ، وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة ; لأن ابن عباس قال في قوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال: الوجه والكفين. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب ولو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما، ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء، والكفين للأخذ والإعطاء.
3. ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر إلي وجهها ( أي وجه المخطوبة) وذلك لأنه ليس بعورة وهو مجمع المحاسن وموضع النظر ولا يباح له النظر إلى ما لا يظهر عادة.وحكي عن الأوزاعي أنه ينظر إلى مواضع اللحم وعن داود أنه ينظر إلى جميعها ، لظاهر قوله عليه السلام (انظر إليها) ولنا قول الله تعالى:{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} وروي عن ابن عباس أنه قال : الوجه ، وباطن الكف.
4. أورد ابن قدامة حديث: ( إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يري منها إلا هذا وهذا.. وأشار إلي وجهه وكفيه) وقال: واحتج أحمد بهذا الحديث.
• ورد في المحرر في الفقه لمجد الدين ابن تيمية: وكل الحرة عورة سوي الوجه وفي كفيها روايتان.وفي "منتقى الأخبار" بوب: (باب أن المرأة الحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها).
• ورد في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد ابن حنبل" للشيخ علاء الدين المرداوي:
" الصحيح من المذهب أن الوجه ليس من العورة".
وقال المرداوي أيضا : قال الشيخ تقي الدين : هل يحرم النظر إلى وجه الأجنبية لغير حاجة؟ رواية عن الإمام أحمد: يكره ولا يحرم.وقال ابن عقيل: لا يحرم النظر إلى وجه الأجنبية إذا أمن الفتنة.
محمد رفقى
12-11-2015, 02:43 PM
من أقوال الفقهاء في مشروعية سفور الوجه
ثانيا: من نقول الفقهاء لمذاهب الأئمة:
• قال ابن عبد البر في التمهيد: ( قال مالك و أبو حنيفة و الشافعي وأصحابهم وهو قول الأوزاعي و أبي ثور: علي المرأة أن تغطي منها ما سوي وجهها وكفيها....إجماع العلماء علي أن للمرأة أن تصلي المكتوبة ويداها ووجهها مكشوف ذلك كله منها , تباشر الأرض به. وأجمعوا علي أنها لاتصلي منتقبة ولا عليها أن تلبس القفازين. وفي هذا أوضح الدلائل علي أن ذلك منها غير عورة.
• قال البغوي في شرح السنة: ( باب النظر إلي المخطوبة.... والعمل علي هذا عند بعض أهل العلم قالوا: إذا أراد الرجل أن ينكح امرأة فله أن ينظر إليها ـ وهو قول الثوري و الشافعي و أحمد و اسحاق ـ سواء أذنت أو لم تأذن, إنما ينظر منها إلي الوجه والكفين فقط, ولايجوز أن ينظر إليها حاسرة وأن ينظر إلي شئ من عورتها. وقال الأوزاعي: لاينظر إلا إلي وجهها).
• قال ابن رشد في بداية المجتهد: (... حد العورة في المرأة: أكثر العلماء علي أن بدنها كله عورة ما خلا الوجه والكفين, وذهب أبو حنيفة إلي أن قدمها ليست عورة, وذهب أبو بكر بن عبد الرحمن وأحمد إلي أن المرأة كلها عورة).
• قال ابن قدامة في المغني: ( قال أبو حنيفة: القدمان ليسا عورة لأنهما يظهران غالبا فهما كالوجه.... وقال مالك و الأوزاعي و الشافعي : جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها).
• قال النووي فى المجموع: (المشهور من مذهبنا أن عورة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين وبهذا كله قال مالك وطائفة وهي رواية عن أحمد ... و الأوزاعي و أبو ثور. وقال أبو حنيفة و الثوري و المزني: قدماها أيضا ليسا عورة. وقال أحمد: جميع بدنها إلا وجهها فقط)
محمد رفقى
12-11-2015, 02:48 PM
من أقوال الفقهاء في مشروعية سفور الوجه
ثالثا: من أقوال بعض الفقهاء:
• قال ابن بطال: ( في الحديث – أي حديث الخثعمية – الأمر بغض البصر خشية الفتنة... وفيه دليل علي أن نساء المؤمنين ليس عليهن من الحجاب ما يلزم أزواج النبي صلي الله عليه وسلم , إذ لو لزم ذلك جميع النساء لأمر النبي الخثعمية بالاستتار و لما صرف وجه الفضل. قال: وفيه دليل علي أن ستر المرأة وجهها ليس فرضا.... وأن قوله: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} علي الوجوب في غير الوجه).
• قال المتولي (ت سنة 478 هـ) : (...إن كانت (المرأة الأجنبة) جميلة يخاف الافتتان بها لم يشرع السلام لا ابتداء ولا جوابا , فلو ابتدأ أحدهما كره للآخر الرد , وإن كانت عجوزا لا يفتتن بها جاز)
وعقب الحافظ ابن حجر علي رأي المتولي الشافعي فقال : (وحاصل الفرق بين هذا وبين المالكية (حيث فرقوا بين الشابة والعجوز) التفصيل في الشابة بين الجمال وعدمه , فإن الجمال مظنة الافتتان بخلاف مطلق الشابة)
وهل من سبيل لمعرفة الشابة من العجوز والجميلة من غيرها بغير سفور الوجه.
• قال النووى فى شرح صحيح مسلم: قال عياض: ( خُص أزواج النبي صلي الله عليه وسلم بستر الوجه والكفين واختلف في ندبه في حق غيرهن).
• قال البغوي: ( وأما المرأة مع الرجل , فإن كانت أجنبية حرة فجميع بدنها عورة في حق الرجل لايجوز له النظر إلي شئ منها إلا الوجه واليدين إلي الكوعين,لقوله عز وجل:{وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قيل في التفسير : هو الوجه والكفان , وعليه غض البصر عن النظر إلي وجهها ويديها عند خوف الفتنة لقوله سبحانه {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}.
• قال القرطبي: ( لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما عادة وعبادة وذلك في الصلاة والحج فيصلح أن يكون الإستثناء {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} راجعا إليهما.... فهذا أقوي في جانب الإحتياط لمراعاة فساد الناس فلا تبدي المرأة من زينتها إلا ما ظهر من وجهها وكفيها والله الموفق لا رب سواه).
• قال ابن رشد ت سنة 595هـ : ( الحادة تمتنع عند الفقهاء بالجملة من الزينة الداعية للرجال إلي النساء , وذلك كالحلي والكحل, إلا مالم تكن فيه زينة ، ولباس الثياب المصبوغة إلا السواد... وبالجملة فأقاويل الفقهاء فيما تجتنب الحادة متقاربة وذلك ما يحرك الرجال بالجملة إليهن).....وقال أيضا: ( ... ومن ألحق المطلقات بالمتوفي عنها زوجها فمن طريق المعني وذلك أنه يظهر من معني الإحداد أن المقصود به أن لا يتشوف إليها الرجال).
إنما يقع تشوف الرجال إلي المرأة المعتدة إذا كانت سافرة الوجه مكشوفة اليدين فيرون ما علي الوجه من كحل وما علي اليدين من حلي وخضاب.
محمد رفقى
12-11-2015, 02:54 PM
اتفاق الفقهاء المتقدمين علي أن الوجه ليس بعورة
لقد اتفق الأئمة الأربعة بل وغيرهم من الأئمة علي أن وجه المرأة ليس بعورة , وسبق أن دللنا علي ذلك في المشاركات السابقة بما ورد في كتب المذاهب المعتمدة والكتب الأمهات.ويؤكد لنا هذا الاتفاق أئمة أعلام في التفسير والحديث والفقه, وقد بلغ هذا الاتفاق درجة عالية من الشمول جعلت بعض هؤلاء الأعلام يعبر عن الإتفاق بلفظ الإجماع.
فمن أئمة التفسير:
• يقول الإمام الطبري: وأولي الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عني بذلك الوجه والكفين , يدخل في ذلك إذا كان كذلك: الكحل والخاتم والسوار والخضاب, وإنما قلنا ذلك أولي الأقوال في ذلك بالتأويل لإجماع الجميع علي أن علي كل مصلي أن يستر عورته في صلاته, وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها.... فإذا كان ذلك من جميعهم "إجماعا" كان معلوما بذلك أن تبدي من بدنها ما لم يكن عورة كما ذلك للرجال, لأن ما لم يكن عورة فغير حرام إظهاره.
ومن كبار علماء الحديث :
• يقول ابن بطال ت سنة449هـ : ستر المرأة وجهها ليس فرضا لإجماعهم علي أن للمرأة أن تبدي وجهها في الصلاة ولو رأه الغرباء.
ومن أعلام المذهب الحنفي:
• يقول السرخسي ت سنة483 هـ : المرأة المحرمة لا تغطي وجهها بالإجماع مع أنها عورة مستورة... وهي مأمورة بأداء العبادة علي أستر الوجوه كما بينا في الصلاة.
ومن أعلام المذهب المالكي:
• يقول ابن عبد البر: الحرة كلها عورة مجتمع علي ذلك منها إلا وجهها وكفيها...وقد أجمعوا أن علي المرأة أن تكشف وجهها في الصلاة والإحرام.
ومن أعلام المذهب الشافعي:
• يقول القفال: لما كان ظهور الوجه والكفين كالضروري لاجرم اتفقوا علي أنهما ليسا بعورة.
• يقول النووي: المشهور من مذهبنا أن عورة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين وبهذا كله قال مالك وطائفة وهي رواية عن أحمد ... والأوزاعي وأبو ثور. وقال أبو حنيفة والثوري والمزني: قدماها أيضا ليسا عورة. وقال أحمد: جميع بدنها إلا وجهها فقط).
وهكذا يؤكد النووي الاتفاق بذكره الأئمة الأربعة ومعهم أيضا الأوزاعي وأبو ثور والثوري والمزني.
ومن أعلام المذهب الحنبلي:
• يقول ابن هبيرة : (قال أبو حنيفة: كلها عورة إلا الوجه والكفين والقدمين. وقد روي عنه أن قدميها عورة وقال مالك والشافعي: كلها عورة إلا وجهها وكفيها وقال أحمد في إحدى روايتيه:كلها عورة إلا وجهها وكفيها كمذهبيهما. والرواية الأخرى: كلها عورة إلا وجهها وخاصة. وهي المشهورة واختارها الخرقي)).
وهكذا يؤكد ابن هبيرة أيضا الاتفاق بذكره آراء الأئمة الأربعة في حد عورة المرأة.
• يقول ابن قدامة: ( قال أبو حنيفة : القدمان ليسا من العورة لأنهما يظهران غالبا فهما كالوجه...وقال مالك والأوزاعي والشافعي : جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها).
وقال أيضا : ( ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر إلي وجهها ( أي وجه المخطوبة) وذلك لأنه ليس بعورة وهو مجمع المحاسن وموضع النظر ).
وما كان يمكن أن يؤكد الأئمة الأعلام هذا الاتفاق , في أمر تعم به البلوي من باب الرأي الاجتهادي الذي يحتمل الصواب والخطأ. إذن لا بد أن يكون وراء هذا الاتفاق علم يسنده , علم يقيني متوارث , هو من فضل الله تعالي علي أمة الإسلام.
محمد رفقى
12-11-2015, 02:57 PM
صدور قول شاذ ينقض اتفاق الفقهاء المتقدمين
لقد نقلنا ما قاله فقهاء مختلِف المذاهب ومنهم المذهب الحنبلي في مشروعية سفور وجه المرأة , كما نقلنا ما قاله علماء أجلاء عن اتفاق أو إجماع المتقدمين على أن الوجه ليس بعورة. ولكنا مع كل هذا لم نغفل عن صدور قول شاذ من البعض يقرر أن المرأة كلها عورة حتى ظفرها , وقد أشار عدد من الفقهاء إلى هذا القول الشاذ :
** غالب أقوال الفقهاء هنا عن ستر العورة في الصلاة.
• قال ابن عبد البر: ( وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: كل شئ من المرأة عورة حتى ظفرها..).
• وقال أبو الوليد الباجي: ( وذهب بعض الناس إلى أنه يلزمها أن تستر جميع جسدها).
• وقال ابن رشد: ( وذهب أبو بكر بن عبد الرحمن وأحمد إلى أن المرأة كلها عورة).
• وقال ابن قدامة: ( وقال بعض أصحابنا: المرأة كلها عورة لأنه قد روي في حديث عن النبي صل الله عليه وسلم ( المرأة عورة) وهذا قول أبي بكر بن الحارث بن هشام , قال: المرأة كلها عورة حتى ظفرها).
• وقال النووي: ( حكي الماوردي و المتولي عن أبي بكر بن عبد الرحمن التابعي أن جميع بدنها عورة).
نلاحظ على هذه الأقوال أن الجميع أرجع القول بأن المرأة كلها عورة إلى أبي بكر بن عبد الرحمن, عدا أبي الوليد الباجي فلم يصرح وقال: (ذهب بعض الناس) مجهلا القائلين بهذا القول مما يعني ضعف القول من ناحية والشذوذ من ناحية.
وأن القاضي ابن رشد أضاف أحمد إلى بكر بن عبد الرحمن , ونحسب , بعد أن قرر ابن قدامة أنه لا يختلف المذهب في أنه يجوز للمرأة كشف وجهها في الصلاة , نحسب أن إسناد ابن رشد وغيره هذا القول للإمام أحمد قد يرجع إلي لبس وقع نتيجة رواية عنه تفيد وجوب ستر جميع بدن المرأة أمام الرجال.وسنعود لتوضيح هذا اللبس ومناقشته بعد قليل تحت عنوان "رأى فقهي يطرحه فقهاء حنابلة يخالف اتفاق الفقهاء المتقدمين".
وابن قدامة يقول: لا يختلف المذهب في أنه يجوز للمرأة كشف وجهها في الصلاة... ثم يقول: ( وقال بعض أصحابنا المرأة كلها عورة...وهذا قول أبي بكر بن الحارث) مما يعني شذوذ هذا القول.
ثم يأتي ابن عبد البر ويقول: ( قول أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث هذا خارج عن أقاويل أهل العلم).
محمد رفقى
12-11-2015, 03:06 PM
مواقف فقهاء من المذهب الحنبلي من اتفاق الفقهاء المتقدمين
الموقف الأول :
المذهب الحنبلي مع اتفاق الفقهاء المتقدمين:
سبق عرض ما ورد في كتب الفقهاء الحنابلة المتقدمين من بداية القرن الرابع إلي منتصف القرن السابع وتبين أنهم مع اتفاق عموم الفقهاء :
الكلوذاني (ت سنة510هـ) وابن هبيرة (ت سنة560هـ) وابن قدامة (ت سنة620هـ) ومجد الدين ابن تيمية (ت سنة652هـ) وابن مفلح (ت763هـ).
في هذه المرحلة غلب تقرير الفقهاء الحنابلة في كتبهم أن وجه المرأة ليس بعورة , وفيه رواية واحدة عن الإمام أحمد , أما الكفان ففيهما روايتان.وغلبة هذا التقرير من الفقهاء الحنابلة يرجح موافقة المذهب الحنبلي حتى منتصف القرن السابع لاتفاق الفقهاء المتقدمين.
الموقف الثاني :
رأي فقهي يطرحه فقهاء حنابلة يخالف اتفاق الفقهاء المتقدمين:
هذا الرأي يأخذ بظاهر رواية وردت عن الإمام أحمد (ت سنة 241 هـ) تقرر ستر جميع بدن المرأة حتي ظفرها, وقد اعتبرت هذه الرواية أنها (المشهورة عن أحمد) و(ظاهر مذهب أحمد) واعتبرت الرواية الأخري التي تجيز إبداء الوجه والكفين مجرد رواية ثانية عن أحمد.
قال تقي الدين ابن تيمية: ( فما ظهر من الزينة هو الثياب الظاهرة وهذا قول ابن مسعود وهو المشهور عن أحمد... وقال ابن عباس: الوجه واليدان من الزينة الظاهرة وهي الرواية الثانية عن أحمد). وقال أيضا: ( ظاهر مذهب أحمد... كل شئ منها عورة حتى ظفرها)
وتلك الرواية معارضة كما مر بنا للرواية التي اعتمد عليها كل من : الكلوذاني و ابن هبيرة وابن قدامة ومجد الدين ابن تيمية , وذلك في تقريرهم أن هناك رواية واحدة عن الامام أحمد في وجه المرأة وأنه ليس بعورة, وبخاصة أن قولهم صريح غاية الصراحة في نفي اختلاف في تقرير هذا الأمر , وفي أنه ليس هناك رواية ثانية في المذهب تتعلق بالوجه لكن هناك رواية ثانية تتعلق بالكفين.
وهناك تأويل لتلك الرواية , إن صحت , أورده الزركشي قال : ( وقد أطلق أحمد القول بأن جميعها عورة , وهو مؤول على ما عدا الوجه أو على غير الصلاة)
الموقف الثالث :
خطأ فقهي يصدر من فقهاء حنابلة يناقض اتفاق الفقهاء المتقدمين:
ونعني بهذا الخطأ القول بأن عورة الصلاة غير عورة النظر.وقد وقع هذا الخطأ من بعض الفقهاء الحنابلة نتيجة أخذهم برواية عن الإمام أحمد تقر وجوب ستر جميع بدن المرأة حتى ظفرها , وبعد تغليبهم هذه الرواية , وبدا وكأنه ليس في المذهب غير قول واحد ورأي واحد , قالوا بأن كلام الفقهاء المتقدمين بجواز كشف المرأة وجهها يختص بتحديد العورة في الصلاة فحسب , وأن جواز الكشف أمر خاص بالصلاة وحدها , وبذلك وقعوا في خطأ كبير وهو وجود عورتين لا عورة واحدة , وجعلوا لكل من الرجل والمرأة عورتين : عورة حال الصلاة خاصة , وعورة حال الظهور أمام الناس.
وإذا استعرضنا بعض ما ورد في كتب الحنابلة - بعد الإفصاح لابن هبيرة والمغني لابن قدامة والمحرر لمجد الدين ابن تيمية - نجد الفقهاء الحنابلة المتأخرين يحرصون على النص على أن وجه المرأة ليس بعورة في الصلاة ولكنه عورة خارج الصلاة. وكثيرا ما يرد في كتبهم (عورة الصلاة) و(عورة النظر) وهذه بعض الأمثلة:
• من فتاوي ابن تيمية (ت سنة 728هـ) : ( ليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظر لاطرداً ولا عكساً).
• من كتاب الإقناع في فقه الإمام أحمد الحجاوي (ت سنة 968 هـ): ( والحرة البالغة كلها عورة في الصلاة حتى ظفرها وشعرها إلا وجهها. قال جمع : وكفيها, وهما والوجه عورة خارجها باعتبار النظر كبقية بدنها)
• من كتاب منتهي الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات للفتوحي(ت سنة972هـ) : ( والحرة البالغة كلها عورة في الصلاة إلا وجهها )
• ومن كتاب شرح منتهي الإرادات للبهوتي(ت سنة1051هـ) : ( وأما عورتها خارج الصلاة فيأتي بيانها في أول كتاب النكاح )
• من كتاب أخصر المختصرات للبلباني (ت سنة1083هـ) : ( وكل الحرة عورة إلا وجهها في الصلاة )
• من كتاب كشف المخدرات شرح أخصر المختصرات للبعلي (ت سنة1192هـ): ( وكل الحرة البالغة عورة حتى ظفرها وشعرها مطلقا إلا وجهها في الصلاة...والوجه والكفان عورة خارجها باعتبار النظر كبقية بدنها )
وهكذا مضي الفقهاء الحنابلة قرونا طويلة وكأنهم متفقون على القول : أن عورة الصلاة غير عورة النظر , وإن الحرة البالغة كلها عورة في الصلاة إلا وجهها.
ولكن لا ندري أين يقع هذا الاتفاق من رواية عن الإمام أحمد تنص صراحة علي ستر جميع بدنها حتي ظفرها في الصلاة. هذا الرواية وردت في كتاب مسائل الإمام أحمد لأبي داود السجستاني الحافظ صاحب السنن(ت سنة 275هـ) ونصها:
( أخبرنا أبو بكر, قال أبو داود قلت لأحمد: المرأة إذا صلت ما يري منها؟ قال : لايري منها ولا ظفرها ، تغطي كل شئ منها).
الموقف الرابع:
اتهام صارخ يطلقه فقهاء حنابلة لمواصلة نقض اتفاق الفقهاء المتقدمين:
ويتلخص هذا الإتهام في رمي فقهاء حنابلة بعض الفقهاء المتقدمين بالخلط بين عورة النظر وعورة الصلاة , وذلك دفعا للاحتجاج بهم من قبل القائلين بمشروعية سفور الوجه.إذ يحتج هؤلاء بأن كثيرا من الفقهاء المتقدمين قالوا بجواز كشف المرأة وجهها في الصلاة ولو كان الوجه عورة ما أجازوا كشفه في عبادة , والعبادة تؤدي على أستر الوجوه وأكملها.
قال ابن تيمية : ( إن طائفة من الفقهاء ظنوا أن الذي يستر في الصلاة هو الذي يستر عن أعين الناظرين وهو العورة)
قال ابن القيم: ( إن بعض الفقهاء سمع قولهم: إن الحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها.. وهذا إنما في الصلاة لا في النظر , فإن العورة عورتان عورة في النظر وعورة في الصلاة).
وفي هذا الاتهام خطآن :
الخطأ الأول: هو تقرير أن العورة عورتان , عورة للصلاة وعورة للنظر , هذا التقرير مخالف لأصل لغوي ولأصل فقهي.
أما الأصل اللغوي فهو أنه عند إطلاق لفظ "العورة" بأل التعريف التي تستخدم للعهد الذهني, يكون المراد العورة المعروفة المعهودة , سواء للرجل أو للمرأة , وهي ما يستقبح ظهورة للناس أي عورة النظر.
وأما الأصل الفقهي فقد جرت عادة الفقهاء على أن يخصصوا بابا أو مبحثا لشروط صحة الصلاة أو واجباتها مثل : دخول الوقت,استقبال القبلة,طهارة المكان,ستر العورة.وهكذا تذكر "العورة" في هذا المبحث الفقهي مُعَرَّفة بأل العهدية أي أنها العورة المعروفة المعهودة وهي عور النظر, إذن هي عورة واحدة.
وقد وردت نصوص تقرر حدود تلك العورة , وعورة الرجل المعروفة المعهودة ما بين السرة والركبة , وعورة الحرة المعروفة المعهودة جميع بدنها عدا الوجه والكفين , ثم جاء الفقهاء ليبينوا أنه من شروط الصلاة ستر تلك العورة.
الخطأ الثاني: هو اتهام الفقهاء المتقدمين بالخلط بين عورة الصلاة وعورة النظر.والصحيح أن الفقهاء المتقدمين لم يخطئوا ولم يخلطوا بين عورتين بل علموا تمام العلم وأيقنوا أن العورة واحدة وهي عورة النظر. فأولئك العلماء الذين ظنوا كما قال ابن تيمية وابن القيم أن عورة الصلاة هي عورة النظر هم من الأعلام إما في التفسير أو الحديث أو الفقه.
محمد رفقى
12-11-2015, 03:17 PM
الدليل علي أن العورة واحدة:
ونسوق فيما يأتي الدليل علي أن العورة واحدة , وذلك من كلام أئمة أعلام متقدمين من جميع المذاهب , وقد سبق ذكر تواريخ وفيات أولئك الأعلام ومنها نتبين مدي تقدمهم.فإنه ما تحدث الفقهاء المتقدمون عن ستر العورة في الصلاة ,وهو أحد شروط صحة الصلاة أو أحد واجباتها, إلا وكان حديثهم يدور دائماً حول عورة النظر, وكانت الأدلة التي يسوقونها علي تحديد العورة التي تستر في الصلاة هي ذاتها أدلة عورة النظر من قرآن وسنة ، وهذه نماذج من أقوالهم, وقد سبق ذكر بعضها:
• قال ابن هبيرة الحنبلي في الإفصاح: ( كتاب الصلاة...باب ذكر حد العورة... وقال أحمد في إحدي روايتيه: كلها عورة إلا وجهها وكفيها والرواية الأخري: كلها عورة إلا -وجهها).
( كتاب النكاح... اتفقوا علي أن من أراد تزويج امرأة فله أن ينظر منها ما ليس بعورة... وقد سبق بياننا لحد العورة في كتاب الصلاة).
انظر كيف يقرر ابن هبيرة أن حد العورة في النظر هو حدها الذي بينه في الصلاة.
• قال ابن قدامة الحنبلي في المغني: ( ستر العورة عن النظر بما لا يصف البشرة واجب وشرط لصحة الصلاة).
الكلام هنا علي أمرين, أولهما: ستر العورة عن النظر- وهي العورة المعهودة- وأنه واجب في عامة الأحوال, وثانيهما: أن سترها شرط لصحة الصلاة).
• قال النووي الشافعي في روضة الطالبين وعمدة المفتين: ( الشرط الخامس: ستر العورة , ويجب في غير الصلاة في غير الخلوة , وفي الخلوة أيضا علي الأصح).
هنا موضوع البحث ستر العورة باعتبارها شرطا من شروط صحة الصلاة ومع ذلك يقرر النووي أن هذا الستر واجب في غير الصلاة.. إذن هي عورة واحدة تستر في الصلاة وفي غير الصلاة.
• قال النووي في المجموع: ( أما حكم المسألة فستر العورة عن العيون واجب بالإجماع.. فإن احتاج إلي الكشف جاز أن يكشف قدر الحاجة فقط).
وهكذا بدأ النووي البحث في باب(ستر العورة) بحكم سترها في عامة الأحوال أي عورة النظر, ثم أخذ في بحث ستر العورة في حال الصلاة.
فقال النووي: ( وأما حكم المسألة فستر العورة شرط لصحة الصلاة , فإن انكشف شئ من عورة المصلي لم تصح صلاته.... وسواء في هذا الرجل والمرأة, وسواء المصلي في حضرة الناس والمصلي في الخلوة).
• وقال الشيرازي الشافعي في المهذب : ولأن الحاجة تدعو إلي إبراز الوجه للبيع والشراء و إلي إبراز الكف للأخذ والعطاء فلم يجعل ذلك عورة.
ومثل هذا التعليل ذكر في كثير من الكتب الفقهية , فهل هذه الأقوال تحمل علي الصلاة في غير حضرة الرجال؟!!!
• وقال ابن عبد البر المالكي في "الكافي" : ( أقل ما يجزي المرأة الحرة في الصلاة ما يواريها كلها إلا وجهها وكفيها,وإحرامها في ذلك في حجها وعمرتها وما سوي ذلك فهو عورة ).
هنا ربط ابن عبد البر بين ستر العورة في الصلاة وسترها في الإحرام وأكد أنها عورة واحدة وهي عورة النظر , لأن الستر في الإحرام ستر لعورة النظر.
• وقال ابن عبد البر: ( والمرأة عدا وجهها وكفيها عورة بدليل أنها لا يجوز لها كشفه في الصلاة,وقال أيضا:وتؤمر بكشف الوجه والكفين في الصلاة فدل علي أنهما غير عورة منها).
• وقال ابن عبد البر في التمهيد بعد أن ذكر تفسير ابن عباس وابن عمر لآية: {إلا ما ظهر منها} بالوجه والكفين:
" وعلى قول ابن عباس وابن عمر الفقهاء في هذا الباب. قال :هذا ما جاء في المرأة وحكمها في الاستتار في صلاتها وغير صلاتها".
تأمل قوله:"وغير صلاتها"!
• وقال ابن رشد في بداية المجتهد: (... حد العورة في المرأة: أكثر العلماء علي أن بدنها كله عورة ما خلا الوجه والكفين...ومن رأي المقصود من ذلك , أي من قوله تعالي {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}, ما جرت به العادة بأنه لا يستر وهو الوجه والكفان و ذهب إلي أنهما ليسا بعورة.واحتج لذلك بأن المرأة ليست تستر وجهها في الحج)
الكلام هنا علي ستر العورة في الصلاة وحد هذه العورة , والأدلة تتعلق بعورة النظر سواء الآية الكريمة {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} أو تأويلها بقوله : (ما جرت العادة بأنه لا يستر) والعادة هنا تفيد عامة أحوال المرأة لا حال الصلاة خاصة. كما أن الاحتجاج بأن المرأة ليست تستر وجهها في الحج يشير إلي عورة النظر , لأن الستر في الإحرام ستر لعورة النظر.
• وقال المرغيناني الحنفي في "الهداية" : (...بدن الحرة كله عورة إلا وجهها وكفيها لقوله عليه الصلاة والسلام (المرأة عورة مستورة) واستثناء العضوين للإبتلاء بإبدائهما ).
الكلام هنا علي ستر العورة في الصلاة والدليل في الاستثناء هو الابتلاء بالإبداء.وهذا الابتلاء يكون في حياة المرأة حين تلقي الرجال في عامة الأحوال لا في الصلاة , أي الدليل يتعلق بعورة النظر.
• قال الخازن (ت سنة 725هـ) : ( وإنما رخص في هذا القدر أن تبديه من بدنها لأنه ليس بعورة وتؤمر بكشفه في الصلاة).
• قال الجصاص (ت سنة370هـ): ( ويدل علي أن الوجه والكفين ليسا بعورة أيضا أنها تصلي مكشوفة الوجه واليدين ، فلو كانا عورة لكان عليها سترهما كما عليها ستر ما هو عورة).
• قال الطبري (ت سنة310هـ):{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ} يقول تعالـى ذكره:{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}التـي هي غير ظاهرة بل الـخفية منها, وذلك الـخَـلـخال والقُرط والدُّمْلُـج، وما أُمرت بتغطيته بخمارها من فوق الـجيب، وما وراء ما أبـيح لها كشفه وإبرازه فـي الصلاة وللأجنبـيـين من الناس، والذراعين إلـى فوق ذلك، إلاّ لبعولتهنّ.
تأمل قوله:"في الصلاة وللأجنبيين"
• قال القاضي من الحنابلة: يحرم النظر إلى ما عدا الوجه والكفين لأنه عورة ، ويباح النظر إليهما مع الكراهة إذا أمنت الفتنة ونظر لغير شهوة , لأنه ليس بعورة فلم يحرم النظر إليه بغير ريبة كوجه الرجل.
الكلام هنا علي ستر لعورة النظر, وأن النظر إلي وجه المرأة جائز كوجه الرجل.
• وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في أسني المطالب: وعورة الحرة في الصلاة وعند الأجنبي ولو خارجها جميع بدنها إلا الوجه والكفين ظهراً وبطناً إلى الكوعين.
• قال الإمام الجوينى الشافعى : فما هو عورة من الرجل يجب أن يكون مستوراً منها أبداً، وعليها وراء ذلك رعاية هيئة، وأخذ ريبة وإذا لابست الصلاة، راعينا نهايته، ولا تكلف ذلك في تصرفاتها، فيشق عليها. أما الأجنبية فلا يحل للأجنبي أن ينظر منها إلى غير الوجه والكفين من غير حاجة ...لقوله تعالى:{إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قال أكثر المفسرين: الوجه والكفان، لأن المعتبر الإفضاء في الصلاة، ولا يلزمهن ستره، فيلحق بما يظهر من الرجال.
تأمل قوله (وإذا لابست الصلاة، راعينا نهايته) و (لأن المعتبر الإفضاء فى الصلاة) أى أن نهاية ما يجب ستره من عورة المرأة أمام الرجال الأجانب هى عورة الصلاة وهى المرأة كلها عدا وجهها وكفيها.
///
يقول ابن تيمية: ( فليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظر لا طرداً ولا عكساً.. فقد يستر المصلي في الصلاة ما يجوز إبداؤة في غير الصلاة، وقد يبدي في الصلاة ما يستره عن الرجال, فالأول: مثل المنكبين فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهي أن يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس علي عاتقه منه شئ, فهذا لحق الصلاة ، ويجوز به كشف منكبيه للرجال خارج الصلاة.
وعكس ذلك: الوجه واليدان والقدمان بالنسبة للمرأة ليس لها أن تبدي ذلك للأجانب علي أصح القولين.. بل لاتبدي إلا الثياب وأما ستر ذلك في الصلاة فلا يجب باتفاق المسلمين بل يجوز لها إبداؤهما في الصلاة عند جمهور الفقهاء).
الجواب عن هذا:
• قال ابن قدامة: ( ويجب أن يضع المصلي علي عاتقه شيئا من اللباس إن كان قادرا علي ذلك وهو قول ابن المنذر ...وقال أكثر الفقهاء: لا يجب ذلك ولا يشترط لصحة الصلاة, وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي لأنهما ليسا بعورة فأشبها بقية البدن. ولنا ما روي أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لايصلي الرجل في الثوب الواحد ليس علي عاتقه منه شئ), ووجه اشتراط ذلك: أنه منهي عن الصلاة مع كشف المنكبين، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، ولأنها سترة واجبة في الصلاة فالإخلال بها يفسدها كستر العورة... فإن لم يجد إلا ما يستر عورته أو منكبيه ستر عورته... لأن الستر للعورة واجب متفق علي وجوبه متأكد، وستر المنكبين فيه من الخلاف والتخفيف ما فيه فلا يجوز تقديمه).
• وقال الكلوذاني: ( ومن لم يجد ما يستر عورته أو منكبيه ستر عورته).
• وقال مجد الدين ابن تيمية: ( ولا يجزئ الرجل ستر عورته إذا جرد عاتقيه من اللباس في الفرض , وفي النفل روايتين).
• قال شمس الدين ابن قدامة الحنبلي في الشرح الكبير (ت سنة682هـ) : ( إذا لم يجد المصلي إلا ما يستر عورته فحسب بدأ بها وترك منكبيه، لأن ستر العورة متفق علي وجوبه وستر المنكبين مختلف فيه، ولأن ستر العورة واجب في غير الصلاة ففيها أولي).
هنا يقرر موفق الدين ابن قدامة والكلوذاني ومجد الدين ابن تيمية وشمس الدين ابن قدامة أن ستر المنكبين في الصلاة هو أمر يضاف إلي ستر العورة وليس هو من العورة من قريب أو بعيد, فالعورة هي المعروفة المعهودة ، وسترها واجب علي الدوام في الصلاة وخارجها وفي الفريضة والنافلة.
وفي كلام أولئك الفقهاء علي ستر المنكبين في الصلاة وتقريرهم أنه أمر يضاف إلي ستر العورة ما يكفي لتفنيد حجة تقي الدين ابن تيمية التي يسوقها للتدليل علي التمييز بين عورة الصلاة وعورة النظر.
ومما يؤكد ضعف استدلال ابن تيمية علي التفرقة بين عورة الصلاة وعورة النظر :
• قول ابن دقيق العيد (سنة702 هـ) في شرح عمدة الأحكام :.. هذا النهي معلل بأمرين، أحدهما: أن في ذلك تعري أعالي البدن ومخالفة الزينة المسنونة في الصلاة. والثاني: أن الذي يفعل ذلك إما أن يشغل يده بامساك الثوب أو لا ، فإن لم يشغل خيف سقوط الثوب وانكشاف العورة , وإن شغل كان فيه مفسدتان...والأشهر عند الفقهاء خلاف هذا المذهب، وجواز الصلاة بما يستر العورة).
• وقول الشوكاني في نيل الأوطار : ... المراد أنه لا يتزر في وسطه ويشد طرفي الثوب في حقويه، بل يتوشح بهما علي عاتقيه فيحصل الستر من أعالي البدن وإن كان ليس بعورة ، أو لكون ذلك أمكن في ستر العورة).
والخلاصة أن ستر العاتقين ليس بواجب وهو مذهب الجمهور وبدليل قوله صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله : (فإن كان واسعا فالتحف به , وإن كان ضيقا فأتزر به) , وكون أن يكون علي العاتقين شيء من الثوب ليس من أجل أن العاتقين عورة , بل من أجل تمام اللباس وشد الإزار علي العاتقين حتي لا يسقط فتنكشف العورة , فيكون ستر العاتقين هنا مرادا لغيره لا مرادا لذاته.
محمد رفقى
12-11-2015, 03:20 PM
الخلاصة
1- آيات الكتاب العزيز لم تنص صراحة علي كشف الوجه أو ستره.
2- نصوص السنة التقريرية التي تفيد مشروعية كشف الوجه كثيرة ولكن يري المعارضون أن دلالتها احتمالية , ونري أنهم تجاوزا الحق في ادعاء الاحتمال بالنسبة لدلالة عدد كبير من تلك النصوص. وهناك نص قولي واحد وهو حديث عائشة : (إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يري منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه). وهو حديث مرسل , ولكن بعضهم يقويه بأقوال بعض الصحابة , قال البيهقي : (مع هذا المرسل قول من مضي من الصحابة رضى الله عنهم , في بيان ما أباح الله من الزينة الظاهرة فصار القول بذلك قويا) وعقب الشيخ ناصر الدين الألباني: (ووافقه الذهبي في تهذيب سنن البيهقي , والصحابة الذين يشير إليهم : عائشة وابن عباس وابن عمر, قالوا : "الزينة الظاهرة الوجه والكفان" ).كما قوي الشيخ الألباني هذا الحديث بكثرة طرقه.
3- اتفقت أقوال الفقهاء المتقدمين على أن الوجه ليس بعورة ، مع ورود قول شاذ لأحد التابعين بأن بدن المرأة كله عورة حتى ظفرها ، على أن من أخذ بهذا القول قد رخص لها في كشف وجهها وكفيها لما في تغطيتهما من المشقة وبمثل هذا القول وردت رواية عن الإمام أحمد.
4- للمذهب الحنبلي موقف متفرد في هذه المسألة، فهناك روايات عديدة للإمام أحمد يذكرها الفقهاء الحنابلة:
الرواية الأولي: أن وجه المرأة ليس بعورة.
والرواية الثانية: تطلق القول بأن جميعها عورة وأوَّله البعض على ما عدا الوجه أو على غير الصلاة.
والرواية الثالثة: تنص على أنه في الصلاة لا يرى منها ولا ظفرها، تغطي كل شئ منها.
والرواية الرابعة: تقول إن الإمام أحمد احتج بحديث عائشة: ( إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه).
محمد رفقى
12-11-2015, 09:04 PM
وجوب كشف المرأة وجهها في الإحرام
• عن عبد الله بن عمر قال : يارسول الله ماذا تأمرنا أن نلبس من ثياب في الإحرام؟ فقال النبي صلي الله عليه وسلم : لا تلبس القمص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس إلا أن يكون أحد ليست له نعلان فليلبس الخفين وليقطع أسفل الكعبين ولاتلبسوا شيئا مسه زعفران ولا ورس ولا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين.( رواه البخاري).
في حديث ابن عمر هذا تحديد لمحظورات الإحرام بشأن الرجل وبشأن المرأة,فمن المحظور لبس الرجل العمامة أو البرنس ( وهو مما كان يغطي بعض الرجال به رأسه) ومحظور لبس المرأة النقاب (وهو ما كانت تغطي بعض النساء به وجهها).واستدل الفقهاء من ذلك علي وجوب كشف الرجل رأسه ووجوب كشف المرأة وجهها,وقالوا مع ابن عمر : (إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها).وقول ابن عمر هذا يعني ولابد نوع مساواة بين رأس الرجل ووجه المرأة في الإحرام , وذلك بتخصيص هذين العضوين باستمرار انكشافهما وحظر تغطيتهما , خضوعا لله وتذللا له سبحانه.
• ورد في المبسوط السرخسي: المرأة المحرمة لا تغطي وجهها "بالإجماع" مع أنها عورة مستورة وإن كان في كشف الوجه فتنة.
• ورد في شرح فتح القدير للكمال بن همام : المرأة المحرمة لا تغطي وجهها مع أن في الكشف فتنة... وإحرامها في وجهها فتكشفه.
• ورد في المدونة : قلت لابن القاسم : وكذلك المرأة المحرمة إذا غطت وجهها افتدت؟ قال نعم.وقال في المحرمة إذا أرادت أن تسدل على وجهها: فإن كانت لا تريد ستراً فلا تسدل.
• ورد في الأم للشافعي: وتفارق المرأة الرجل ... فيكون للرجل تغطية وجهه من غير ضرورة ولا يكون ذلك للمرأة.
• ورد في المجموع للنووي : أما المرأة فالوجه في حقها كرأس الرجل يحرم ستره بكل ساتر كما سبق في رأس الرجل.
• ورد في المغني لابن قدامة : المرأة يحرم عليها تغطية وجهها في إحرامها كما يحرم علي الرجل تغطية رأسه.
• أفتى ابن عقيل الحنبلي (ت سنة 513هـ) : ردا على سؤال وجه إليه عن كشف المرأة وجهها في الإحرام -مع كثرة الفساد اليوم-: أهو أولى أم التغطية. فأجاب: بأن الكشف شعار إحرامها، ورفع حكم ثبت شرعا بحوادث البدع لا يجوز، لأنه يكون نسخا بالحوادث، ويفضي إلى رفع الشرع رأسا.
ومع تقرير الفقهاء وجوب كشف الرجل رأسه ووجوب كشف المرأة وجهها , فقد رخصوا للمرأة أن تسدل علي وجهها من ثوبها لستره عن نظر الرجال
• قال ابن قدامة في المغني في شرحه لمسألة (والمرأة إحرامها في وجهها فإن احتاجت سدلت على وجهها): وجملة ذلك أن المرأة يحرم عليها تغطية وجهها في إحرامها كما يحرم على الرجل تغطية رأسه لا نعلم في هذا خلافًا إلا ما رُوي عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة, ويحتمل أنها كانت تغطيه بالسدل عند الحاجة فلا يكون اختلافًا.
• قال الإمام محمد بن الحسن في "الموطأ":
"ولا ينبغي للمرأة المحرمة أن تنتقب فإن أرادت أن تغطي وجهها فلتسدل الثوب سدلاً من فوق خمارها. وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا".
• روى عبد الرحمن بن القاسم المصري(صاحب مالك) في "المدونة" نحو قول الغمام محمد في المحرمة إذا أرادت أن تسدل على وجهها وزاد في البيان فقال:
" فإن كانت لا تريد ستراً فلا تسدل".
• قال الشافعي في كتابه" الأم " :
" المحرمة لا تخمِّر وجهها إلا أن تريد أن تستر وجهها فتجافي…"
• روى صالح(ابن أحمد) في " مسائله" عنه قال:
" المحرمة لا تخمِّر وجهها ولا تتنقب والسدل ليس به بأس تسدل على وجهها".
قوله: " ليس به بأس" يدل على جواز السدل.
فالإسدال لا يعني تغطية الوجه بل هو بمثابة إقامة حاجز أو حجاب بين أبصار الرجال وبين وجه المرأة.ويكون الستر بطرف الثوب الثابت علي الرأس,أو يكون بشيء في يدها كالمروحة وشبهها , وليس بخمار الوجه الذي يصنع من نسيج رقيق نسبيا حتي تري المرأة الطريق من خلاله ويربط بالرأس ويظل منسدلا علي الوجه بصفة دائمة إلي أن ترفعه المرأة.
قال الشافعي في "الأم" : ( ويكون للمرأة إذا كانت بارزة تريد الستر من الناس أن ترخي جلبابها أو بعض خمارها أو غير ذلك من ثيابها من فوق رأسها وتجافيه عن وجهها ... ولا تغطي شيئا من جبهتها ولا شيئا من وجهها,إلا ما لا يستمسك الخمار إلا عليه مما يلي قصاص شعرها من وجهها ).
• وقد أورد الحافظ قول ابن المنذر : ( تسدل علي وجهها سدلا خفيفا تستتر به عن نظر الرجال ولا تخمره ).
• وقال الحافظ ابن حجر في الفتح في قوله: لا تنتقب المحرمة: أي لا تستر وجهها, واختلف العلماء في ذلك فمنعه الجمهور وأجازه الحنفية وهو رواية عند الشافعية والمالكية. فعلى هذا فالأصل في المرأة المحرمة: أنها لا تغطي وجهها إلا إذا احتاجت - عند مرور الرجال مثلاً أن تغطيه فتغطية بشيء غير النقاب كأن تسدل عليه شيئًا, وليست تلك التغطية بالسدل واجبة عليها, والله أعلم.
• وعن عائشة قالت في المحرمة:" تسدل الثوب علي وجهها إن شاءت" رواه البيهقي بسند صحيح.
وفيه تخيير عائشة المحرمة , فالمرأة لا تسدل ثوبها على وجهها إلا إن كان هناك أجنبي.
ونحسب أن إباحة الفقهاء الستر بإسدال طرف الثوب أو بشيء في يدها , وليس بخمار الوجه , يعين علي تحقيق "إحرام المرأة في وجهها" إذ هي لم تغط وجهها.وهكذا تكون قد حجبت وجهها عن نظر الرجال , وفي الوقت نفسه يبقي الوجه كله مكشوفا.أي هو بمثابة سِتْر بين وجه المرأة وبين أبصار الرجال , كما يقيم الرجل أحيانا سترا فوق رأسه ليحجب عنه أشعة الشمس , ولا يقال عنه عندئذ إنه غطي رأسه. وقد يكون الستر بين أشعة الشمس وبين رأس الرجل قدر ذراع أو أذرع أو قدر أصبعين أو ثلاثة ولا حرج علي الرجل في الحالين.وكذلك لا حرج علي المرأة إذا كان طرف الثوب أو طرف الخمار أو المروحة أو أي أداة أخري تحجب أبصار الرجال عنها لا تبعد عن وجهها قدر أصبعين أو ثلاثة.وقد اشترط فقهاء الحنفية والشافعية أن يكون طرف الثوب متجافيا عن الوجه.
ويكون الستر للحاجة العارضة أي لزمن قصير , لحظات الحاجة العارضة فحسب , وبذلك يظل وجه المرأة مكشوفا عامة يومها, حتي يكون الإسدال مشروعا.أما إذا كان الإسدال لا يعني حجب أبصار الرجال , بل يعني تغطية الوجه جميعه , فعندها يكون الإسدال محظورا بناء علي ما جاء عن ابن عمر أنه رأي امرأة قد سدلت ثوبها علي وجهها وهي محرمة لها:اكشفي وجهك فإنما حرمة المرأة في وجهها.
**نحسب أن المرأة قد غطت وجهها بثوبها تغطية كاملة.
أما المرأة المحرمة التي تعودت الستر بنقاب ونحوه في غير الإحرام ولم تطق غير ستر وجهها من الرجال تلك المدة الطويلة , أي خلال طوافها وسعيها ورميها الجمرات , هذه المرأة إذا جنحت إلي ستر وجهها عامة يومها , وجب عليها الفدية لارتكابها محظورا من محظورات الإحرام.
يقول ابن دقيق العيد : ( نهي المرأة عن التنقب والقفازين يدل علي أن حكم إحرام المرأة يتعلق بوجهها وكفيها والسر في ذلك وفي تحريم المخيط وغيره مما ذكر مخالفة العادة والخروج عن المألوف لإشعار النفس بأمرين :
أحدهما : الخروج من الدنيا والتذكر للبس الأكفان عند نزع المخيط.
والثاني : تنبيه النفس علي التلبس بهذه العبادة العظيمة بالخروج عن معتادها وذلك موجب للإقبال عليها والمحافظة علي قوانينها وأركانها وشروطها وآدابها ).
يتميز الإحرام بالبعد عن كمال الهيئة والتميّز واجتناب الاستمتاع باللباس , سواء أكان لباسا للرأس أو لباسا للوجه.وفي ذلك يقول السرخسي : ( تغطية بعض الرأس استمتاع مقصود يفعله الأتراك وغيرهم عادة ).والأصل أن الرجل والمرأة في ذلك سواء , أي سواء في الاستمتاع بتغطية أجزاء من البدن , واعتبار ذلك من كمال الهيئة المنهي عنها في الإحرام.وإن اختصت المرأة بشيء فإنما هو بسبب اختلاف عورتها في الأصل عن عورة الرجل , ولا سبيل لستر عورتها إلا بالتجاوز عن ذلك السمت الذي قرره الشارع للرجل المحرم.فسمح لها بالمخيط دون الرجل لأن غير المخيط لا يُحكِم ستر عورتها , وسمح لها بتغطية رأسها دون الرجل لأنه جزء من عورتها.ولكن لما كان الوجه والكفان خارج العورة حظر عليها لبس النقاب وهو أشبه بالعمامة علي رأس الرجل.كما حظر عليها لبس القفازين وهما أشبه بالمخيط علي بدن الرجل.
محمد رفقى
13-11-2015, 06:59 PM
في كم تصلي المرأة من الثياب:
1. عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لايقبل الله صلاة حائض إلا بخمار).
وهو حديث صحيح مخرج في " الإرواء" برواية جمع، منهم ابن خزيمة، وابن حبَّان في" صحيحيهما.
والحائض لا يمكن أن تصلى, ولكن المعنى أن المرأة إذا بلغت سن المحيض فإن الله لا يقبل صلاتها حتى تغطي رأسها.
2. وروي مالك في الموطأ عن عبيد الله الخولاني وكان يتيماً في حجر ميمونة أن ميمونة كانت تصلي في الدرع والخمار ليس عليها إزار.
3. عن عمر ابن الخطاب قال: (تصلي المرأة في ثلاثة أثواب: درع وخمار وإزار). تمام المنة للألباني
4. عن محمد بن زيد بن قنفذ عن أمه أنها سألت أم سلمة زوج النبي ما تصلي فيه المرأة من الثياب , فقالت : تصلي في الخمار والدرع السابغ إذا غيب ظهور قدميها.(رواه مالك)
5. قالت عائشة : ( لابد للمرأة من ثلاث أثواب تصلي فيها : درع وجلباب وخمار ). وكانت عائشة تحل إزارها فتجلبب به.
وإنما كانت تفعل ذلك لئلا يصفها شيء من ثيابها وفي معناه قول ابن عمر: ( إذا صلت المرأة فلتصل في ثيابها كلها: الدرع والخمار والملحفة ). جلباب المرأة المسلمة للألباني
6. قال الشافعي في الأم : ... وأحب إلي أن لا تصلي المرأة إلا في جلباب فوق ذلك ( أي الدرع والخمار) وتجافيه عنها لئلا يصفها الدرع.
7. وذهب الحنفية إلى أنه لا يجب علي المرأة ستر القدمين واختاره ابن تيمية.
محمد رفقى
13-11-2015, 07:05 PM
الشرط الثاني في لباس المرأة وزينتها
التزام الاعتدال في زينة الوجه والكفين والثياب
تمهيد :
الاعتدال سمة من سمات الإسلام , وهو في الزينة وغيرها ضد الغلو والإسراف.وينبغي أيضا عند التزين مراعاة عرف المؤمنات في كل مجتمع, وذلك حتى لا يكون في الزينة نوع شهرة تلفت الأنظار.ولا حرج في اختلاف العرف من بلد إلى بلد,ولكن يظل شرط الاعتدال يحكم الأعراف جميعها.
من الزينة الظاهرة : الخضاب في اليدين والكحل في العينين وشيء من الطيب في الخدين.ولم يعفها الشارع من الالتزام بقدر من الزينة إلا في حال الحداد على الميت,وهو ثلاثة أيام لا تزيد , اللهم إلا على زوج فأربعة أشهر وعشر, أو حتى تضع المرأة إن كانت حاملا. وعلى المرأة أن تلتزم بالتزين الفعلي للخروج من الإحداد وهذا ما فعلته أم حبيبة وزينب بنت جحش وأم عطية :
• عن زينب بنت أبي سلمة قالت : لما جاء نعي أبي سفيان من الشام دعت أم حبيبة رضي الله عنها بصفرة في اليوم الثالث فمسحت عارضيها وذراعيها وقالت إني كنت غنية عن هذا لولا أني سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدّ على ميت فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا).(رواه البخاري ومسلم)
الصفرة : نوع طيب مخلوط بزعفران أصفر اللون.
عارضيها : العارض هو جانب الوجه وصفحة الخد.
• عن زينب بنت أبي سلمة : ... دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها فدعت بطيب فمست به ثم قالت:ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تُحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا.
• وعن محمد بن سيرين قال:توفي ابن لأم عطية رضى الله عنها,فلما كان اليوم الثالث دعت بصفرة فتمسحت به وقالت:نهينا أن نُحد أكثر من ثلاث إلا بزوج.
الالتزام بالاعتدال يعني أن تمضي المرأة في حياتها العادية على سجيتها وفي زينتها المعتدلة الظاهرة,فهذا هو سمتها في عامة أحوالها.وهي لن تقصد إلى التزين عندما تسعي إلى لقاء الرجال,أو عندما يسعي الرجال إلى لقائها.فهذا لا يليق بالمرأة المؤمنة التي تتحري اجتناب مثيرات الفتنة.إنما هؤ الزينة الظاهرة سواء أقامت في البيت أو غادرته,وسواء دخل عليها نساء أو دخل عليها رجال.
وما ظهر من الزينة فمن طبيعته قدر من الثبات والدوام,فلا يزول إلا بمضي شهور وذلك حال الخضاب,أو بمضي الأيام وذلك حال الكحل.أما أنواع الطيب والأصباغ كالزعفران فلابد من مضي بعض الوقت لتزول , خاصة وأنها من طيب النساء الذي من خواصه ظهور لونه وخفاء ريحه.
وهذا يعني أن المرأة إذا تزينت بمثل تلك الزينة وهي في بيتها بين محارمها,ثم دخل على الأسرة رجال من غير المحارم أو خرجت المرأة لقضاء مصلحة لها,فلابد أن يرى الرجال ما ظهر من زينتها التي تزينت بها وهي في بيتها.وسبحان ربنا الرؤوف الرحيم,فإنه لم يحرج مثل تلك المرأة,ولم يفرض عليها الامتناع عن لقاء الرجال أو إزالة تلك الزينة , بل استثناها سبحانه مما يجب أن تخفيه من زينتها وقال:{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}.
إن تزين المرأة المسلمة بقدر من الزينة الظاهرة في عامة أحوالها أصل فطري تقتضيه فطرة المرأة التي خلقها الله محبة للزينة من نشأتها المبكرة قال تعالي {أو من يُنَشَّأ في الحِلْيَة}, والإسلام دين الفطرة , لذلك يوجب على المؤمنين والمؤمنات أو يندبهم إلي اتباع الفطرة.
ويتأكد الأصل الفطري في ضرورة التزين حين ينكر صحابي جليل علي زوجة صاحبه اجتنابها الزينة:
• فعن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال:آخى النبي صلي الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء,فزار سلمان أبا الدرداء, فرأي أم الدرداء متبذلة فقال لها:ماشأنك؟!قالت:أخوك ليس له حاجة في الدنيا... (رواه البخاري)
متبذلة: أي لابسة ثياب البذلة وهي المهنة,والمراد أنها تاركة ثياب الزينة.
ويتأكد الأمر الشرعي بندب تزين المرأة الزينة الظاهرة,حين يتعجب أمهات المؤمنين من بذاذة امرأة مؤمنة,ويزداد الأمر توكيدا حين ينكر الرسول حال تلك المرأة:
• فعن أبي موسي الأشعري قال : دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي صلي الله عليه وسلم فرأينها سيئة الهيئة, فدخل النبي صلي الله عليه وسلم فذكرن ذلك له.فلقيه فقال: يا عثمان أما لك فِيَّ أسوة... فأتتهم المرأة بعد ذلك عطرة كأنها عروس فقلن لها: مَهْ.قالت أصابنا ما أصاب الناس.(رواه الطبراني)
البذاذة: سوء الحال ورثاثة الهيئة
وكما أن التزين تقتضيه فطرة المرأة , فهو كذلك أصل فطري يقتضيه حب الجمال الذي فطر الله الناس عليه.فالرجل يتجمل برداء وعمامة , والمرأة تتجمل بكحل وخضاب.
محمد رفقى
13-11-2015, 07:23 PM
الدليل العام للشرط الثاني
الآية الكريمة {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}
قال الطبري في تفسيره : ( وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : عنى بذلك الوجه والكفين، يدخل في ذلك ـ إذا كان كذلك ـ الكحل والخاتم والسوار والخضاب)
قال ابن العربي: ( إن الزينة نوعان: خلقية ومصطنعة.
فأما الخلقية: فمعظم جسد المرأة وخاصة: الوجه والمعصمين والعضدين والثديين والساقين والشعر.
وأما المصطنعة : فهي ما لا يخلو عنه النساء عرفاً مثل : الحلي وتطريز الثياب وتلوينها ومثل الكحل والخضاب بالحناء والسواك.
والظاهر من الزينة الخلقية ما في إخفائه مشقة كالوجه والكفين والقدمين ، وضدها الخفية مثل أعالي الساقين والمعصمين والعضدين والنحر والأذنين. والظاهر من الزينة المصطنعة ما في تركه حرج على المرأة من جانب زوجها وجانب صورتها بين أترابها ولا تسهل إزالته عند البدوّ أمام الرجال وإرجاعه عند الخلو في البيت ، وكذلك ما كان محل وضعه غير مأمور بستره كالخواتيم بخلاف القرط والدمالج ).
وقال الفخر الرازي في تفسيره : ( أما الذين قالوا الزينة عبارة عما سوي الخلقة فقد حصروه في أمور ثلاثة:أحدها الأصباغ كالكحل والخضاب بالوسمة في حاجبيها والغمرة في خديها والحناء في كفيها وقدميها. وثانيها: الحلى كالخاتم والسوار والخلخال والدملج والقلادة والإكليل والوشاح والقرط. وثالثها: الثياب).
(يحل النظر إلى زينة وجهها من الوسمة والغمرة وزينة بدنها من الخضاب والخواتيم وكذا الثياب، والسبب في تجويز النظر إليها أن تسترها فيه حرج لأن المرأة لا بد لها من مناولة الأشياء بيديها والحاجة إلى كشف وجهها في الشهادة والمحاكمة والنكاح).
الوسمة: نبات عشبي للصبغ , يخضب بورقه الشعر الأسود
الغُمْرة في خديها : الغمرة الزعفران.واغتمرت المرأة طلت وجهها بالغمرة ليصفوا لونه.
الزعفران : نبات أصفر اللون يُصْبَغ به ويُطَيَّب
الدملج : سوار يحيط بالعضد.والعضد ما بين المرفق إلي الكتف
وقد أطلق اسم الزينة على اللباس في قوله تعالى: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد}
ونسوق فيما يلي الأدلة التفصيلية من السنة المطهرة على كل نوع من أنواع الزينة:
أولا: زينة الوجه:
( أ ) صفة غالب طيب المرأة:
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه. ( رواه الترمذي)
هذا الوصف لطيب النساء يفيد أنه نوع من الأصباغ تتجمل به المرأة.
• وعن عمران بن حصيين أن نبي الله قال:...ألا وطيب الرجال ريح لا لون له ألا وطيب النساء لون لا ريح له.قال سعيد(أحد الرواة) أراه قال:إنما حملوا قوله في طيب النساء علي أنها إذا خرجت.فأما إذا كانت عند زوجها فلتطيب بما شاءت. (رواه أبو داود)
(ب) أنواع من الطيب يزين بها الوجه :
• ورد في فتح الباري: طيب الرجال لا يجعل في الوجه بخلاف طيب النساء لأنهن يطيبن وجوههن ويتزين بذلك.
في المعجم الوسيط: الخُمْرة أخلاط من الطيب تطلى بها المرأة وجهها ليحسن لونها.
• عن أم سلمة قالت : كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله أربعين يوما فكنا نطلي وجوهنا بالوَرُس من الكَلَف.(رواه الترمذي)
الورس : نبات أصفر طيب الرائحة يصبغ به.
الكلف : نَمَش يعلو الوجه كالسمسم أو حُمْرة كَدِرَة تعلو الوجه.
• عن زينب بنت أبي سلمة قالت : لما جاء نعي أبي سفيان من الشام دعت أم حبيبة رضي الله عنها بصفرة في اليوم الثالث فمسحت عرضيها ...
• عن عائشة زوج النبي صلي الله عليه وسلم قالت : كانت امرأة بن مظعون تختضب وتطيب فتركته.فدخلت علي فقلت لها : أمُشْهِد أم مُغِيب؟فقالت : مشهد كمغيب.فقلت : مالك؟ فقالت : عثمان لا يريد الدنيا و لا يريد النساء.(رواه أحمد)
المشهد : من كان زوجها حاضرا
المغيب : من كان زوجها غائبا
(ج) الكحل في العينين :
• عن أم عطية قالت: كنا ننهي أن نحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا, ولا نكتحل ولانطيب ولا نلبس ثوباً مصبوغاً... .(رواه البخاري ومسلم)
• حديث سبيعة في رواية أحمد: ... فلقيها أبو السنابل...وقد اكتحلت واختضبت.
• عن جابر:.. وقدم علي من اليمن ببدن النبي صلي الله عليه وسلم فوجد فاطمة ممن حل ولبست ثياباً صبيغا واكتحلت، فأنكر ذلك عليها فقالت: إن أبي أمرني بهذا. (رواه مسلم)
ثانياً: زينة الكفين:
( أ ) الخضاب :
• حديث سبيعة: ... وقد اكتحلت واختضبت وتهيأت.
(ب) الخاتم :
• عن ابن عباس قال: أن رسول الله خرج ومعه بلال فظن أنه لم يسمع النساء فوعظهن وأمرهن بالصدقة فجعلت المرأة تلقي القرط والخاتم وبلال يأخذ في طرف ثوبه.
(ج) السوار :
• عن أسماء بنت يزيد قالت: دخلت أنا وخالتي على رسول الله وعليها أسورة من ذهب فقال لنا: أتعطيان زكاته؟ قالت: فقلنا: لا،قال: أما تخافان أن يسوركما الله أسورة من نار؟ أديازكاته. (رواه أحمد)
ثالثاً: زينة الثياب :
إن بعض العادات أُلبست ثوب الدين مثل السواد في لباس المرأة , ولم يرد أي نص يأمر النساء بلبس السواد أو ما يفهم منه استحباب ذلك أو الندب إليه.إن الشرع لم يحدد لونا معينا لثياب الرجال ولا لثياب النساء , والنصوص كثيرة تثبت أن أمهات المؤمنين وغيرهن من نساء الصحابة لبسن الثياب الملونة , الأسود والأبيض والأخضر والأحمر والوردي. فيكون أمر اللون علي الإباحة ويبقي قدر الزينة المعتدلة في الثياب خاضعا لعرف المسلمين في كل بلد.وإنه لمن المعروف والمشاهد في عصرنا وكل العصور أن زينة أو لونا يكون سائدا بين عامة نساء المؤمنين ومقبولا من علمائهم في قطر ما ويكون مستغربا بين المسلمين في قطر آخر وربما أنكروه.وكما يتغير اللون والطراز من قطر إلي آخر فإنهما يتغيران أيضا من عصر إلي عصر في القطر الواحد.
إن الاعتدال في قدر الزينة التي تزين الثياب يجعلها لا تلفت أنظار الرجال ، وكون الثياب ذات ألوان جميلة لكنها غير صارخة، وفي طُرز جميلة لكن غير جاذبة للأنظار، وكون هذه الألوان وهذه الطُرز متعارفا عليها وسائدة بين النساء المسلمات، كل ذلك يجعلها لا تستدعي شهوة الرجال.
• عن أنس بن مالك ( أنه رأي علي أم كلثوم بنت رسول الله برد حرير سيراء ( كساء مضلع بالحرير). (رواه البخاري)
• عن عكرمة أن رفاعة طلق امرأته فتزوجها عبد الرحمن بن الزبير القرظي، قالت عائشة: وعليها خمار أخضر فشكت إليها وأرتها خضرة بجلدها، فلما جاء رسول الله صلي الله عليه وسلم – والنساء ينصر بعضهن بعض- قالت عائشة: ما رأيت مثل ما يلقي المؤمنات، لجلدها أشد خضرة من ثوبها. (رواه البخاري)
• أتى النبى صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصه سوداء صغيرة , فقال: (من ترون أن نكسو هذه) فسكت القوم فقال: (ائتونى بأم خالد) فأتى بها تحمل فأخذ الخميصة بيده فألبسها وقال: (أبلى وأخلقى) وكان فيها علم أخضر أو أصفر فقال: (يا أم خالد هذا سناه). وسناه بالحبشية حسن.
• ولبست عائشة رضي الله عنها الثياب المعصفرة وهي محرمة وقالت لا تلثم ولا تتبرقع ولا تلبس ثوبا بورس ولا زعفران وقال جابر لا أرى المعصفر طيبا ولم تر عائشة بأسا بالحلي والثوب الأسود والمورد والخف للمرأة.(رواه البخاري)
انظر كيف ترى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنه لا بأسا بلبس الأسود والمورد ، ثم نرى من يلزم النساء لبس الأسود ويكره ما سواه دون دليل ، بل مخالفا للدليل.
• قال أُسامة بن زيد : كساني رسول الله قُبْطِيَّة كثيفة ، كانت مما أهداها له دحية الكلبي ، فكسوتها امرأتي).رواه أحمد)
• وقال دحية بن خليفة الكلبي : أتي رسول الله بقباطي فأعطاني منها قبطية ، فقال : اصدعها صدعين فاقطع أحدهما قميصا ، وأعط الآخر امرأتك تختمر به ... وأمر امرأتك أن تجعل تحته ثوبا لا يصفها.(رواه أبو داود)
القباطي : ثياب بيض رقاق من كتان لين تلتصق بالجسد فتظهر شكله.وسميت القبا طي لانها من نسج أقباط مصر .
وفى الحديث أنه لا يشترط اللون الداكن لثياب النساء.
ورد في "جلباب المرأة المسلمة" للألباني:
واعلم أنه ليس من الزينة في شيء أن يكون ثوب المرأة الذي تلتحف به ملوناً بلون غير البياض أو السواد، كما يتوهم بعض النساء الملتزمات، وذلك لأمرين :
الأول : قوله صلي الله عليه وسلم : (( طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه...)) رواه أبو داود والنسائي وهو حديث صحيح.
والآخر : جريان العمل من نساء الصحابة على ذلك، وأسوق هنا بعض الآثار الثابتة في ذلك مما رواه الحافظ ابن أبي شيبة في (( المصنف )) :
1ـ عن ابراهيم , وهو النخعي : أنه كان يدخل مع علقمة والأسود على أزواج النبي صلي الله عليه وسلم ، فَيرا هُنَّ في اللحف الحمر .
2ـ عن ابن أبي مليكة قال : رأيت على أم سلمة درعاً وملحفة مصبغتين بالعصفر .
3ـ عن القاسم ـ وهو ابن محمد بن أبي بكر الصديق ـ أن عائشة كانت تلبس الثياب المُعَصْفرة ، وهي مُحْرِمة .وفي رواية عن القاسم :أن عائشة كانت تلبس الثياب الموردة بالعصفر، وهي مُحْرِمَة .
4ـ عن هشام عن فاطمة بنت المنذر أن أسماء كانت تلبس المعصفر، وهي مُحْرِمة .
5ـ عن سعيد بن جبير أنه رأى بعض أزواج النبي صلي الله عليه وسلم تطوف بالبيت وعليها ثياب معصفرة .
اهـ
الثوب المعصفر هو المصبوغ بالعصفر - وهو نبات يصبغ صباغا أحمر - ولهذا كان غالب ما يصبغ بالعصفر يكون أحمر.
///
يستدل البعض علي استحباب لبس السواد بقول عائشة : (فأصبح عند منزلي فرأي سواد إنسان نائم) , وليس في الحديث أن عائشة رضي الله عنها لبست السواد من الثياب ,فرأي سواد إنسان أي رأي شخص إنسان , وقوله صلي الله عليه وسلم (فأنت السواد الذي رأيته أمامي) أي أنت الشخص الذي رأيته أمامي.
فالسواد في اللغة يطلق علي كل شخص.
ويقال: رأَيتُ سَوادَ القومِ أَي مُعْظَمَهم.
والسَّوادُ الأَعظمُ من الناس: هُمُ الجمهورُ الأَعْظمُ .
وفهم البعض من حديث الغربان استحباب لبس الأسود فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (( لما نزل{يدنين عليهن من جلابيبهن} خرج نساءُ الأنصار كأن على رؤسهن الغربان من الأكسية)) وليس في الحديث سوي وصف لغطاء الرأس, كما ليس فيه أن الأسود كان مقصودا لذاته.
محمد رفقى
13-11-2015, 07:36 PM
تساؤلات حول زينة المرأة
بعد عرض هذه الأدلة من القرآن ومن السنة على مشروعية الزينة المعتدلة في الوجه والكفين والثياب , نجيب عن تساؤلات واعتراضات يثيرها البعض ضد تزين المرأة بأي نوع من الزينة حين تلقي الرجال:
يقولون: إن وجه المرأة زينة في نفسه فهل نزيده فتنة بمزيد من الزينة؟
الجواب عن هذا:
1. ليس الأمر اجتهاد نصيب فيه ونخطيء , بل هو النص بل النصوص ولا اجتهاد مع النص كما يقولون. فما دام صاحب الشريعة قد أقر هذا التزين فليس لأحد أن ينكر ما أقره.
2. إن موقف الشريعة من فتنة زينة المرأة هو موقفها من فتنة المرأة عموما,إنها تقرر أن هناك فتنة في المرأة , ولكنها مع ذلك لم تمنع تحرك المرأة في مجالات المجتمع ولقاؤها الرجال , بل قررت لحركتها مجموعة من الآداب,فللحديث آداب وللمشي آداب وللاجتماع آداب, وإذا روعيت هذه الآداب أُمِنَت الفتنة في عامة الأحوال.وكذلك الحال في شأن الزينة لم تمنعها الشريعة لكنها رسمت لها آدابا, وهي أن تكون لونا بلا رائحة فَوَّاحة لحديث:"طيب النساء ماظهر لونه وخفي ريحة",وتكون معتدلة غير صارخة قياسا علي إقرار الشارع للخاتم والخضاب زينة لليد, وللكحل والصُفرة زينة للوجه,وتكون مما تعارف عليه نساء المؤمنين لحديث:"من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة", فإذا روعيت هذه الآداب أمنت الفتنة, ولا حاجة بنا للتزيد من عند أنفسنا بناء على وهم نتوهمه.
///
يقولون: إن هناك نصوصا كثيرة تحذر من خروج المرأة متطيبة.
الجواب عن هذا:
• عن زينب امرأة عبد الله قالت : قال لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم : إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا.(رواه مسلم)
• عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : لا تمنعوا إماء الله من مساجد الله ولكن ليخرجن تفلات .(رواه أبو داود)
تَفِلات : التَّفَل الرائحة الكريهة , والمراد هنا أن لا يتطيبن.يقال هو تَفِل أي غير متطيب.
للمسجد خصوصية ليست لغيره من الأماكن , وذلك لأنه يجتمع به عدد من النساء في صفوف متراصة خلف صفوف الرجال , وعن قرب منهم ودون حاجز بين الفريقين.وقد يؤدي ذلك إلى أن يفوح ريح الطيب من النساء.
هذا شأن الخروج إلي المسجد بينما إذا قصدت أي مكان آخر وهي متزينة بطيب ظهر لونه وخفي ريحه , وهذا شرط في طيب النساء , فلا مجال ليفوح منها ما يثير الفتنة في عامة الأحوال.
هناك حديث شريف عن أبي موسي الأشعري قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : إذا المرأة استعطرت فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا .قال قولا شديدا.(رواه أبو داود)
ويلاحظ أن هذا الحديث قد ذكر أمرين خالفت فيهما المرأة الحدود التي رسمها الشارع.أولها أنها "استعطرت" أي مست عطرا مما يظهر ريحه.وثانيهما أنها مرت علي قوم "ليجدوا ريحها", أي قصدت إثارة الفتنة , ومن هذا استحقت الحكم الرادع.
والخلاصة إن محظورات تطيب المرأة ثلاثة :
1- حضور صلاة الجماعة في المسجد وهي متطيبة.
2- خروجها من بيتها يعصف ريحها,أي يفوح وينتشر.
3- التبرج وقصد استدعاء شهوة الرجال.
فإذا انتفت هذه المحظورات الثلاثة فلا حرج على المرأة في التزين بطيب ظهر لونه وخفى ريحه.
///
يقولون: نحن نفهم أن تتزين المرأة لزوجها , ولكن ما المصلحة في تزين المرأة لعامة الرجال؟
الجواب عن هذا:
إن التزين للزوج والمحارم هو إظهار الزينة الباطنة ومواضعها وهي الواردة في قوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن...} وحديثنا هنا عن زينة الوجه والكفين والثياب أي عن الزينة الظاهرة الواردة في قوله تعالى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} وليس حديثنا عن الزينة الباطنة.
إن تزين المرأة لزوجها لا يعني أن من لا زوج لها لا يحسن منها التزين , لكنه مشروع لها , وظهور المسلم والمسلمة في هيئة حسنة وزينة معتدلة لها وزنها في مجتمع المسلمين الذي يمتثل لقول رسول الله : ( إن الله جميل يحب الجمال ).
على أن هناك فرقا كبيرا بين التجمل في عامة الأحوال والتجمل للفساق, فالتجمل للفساق يدعو المرأة إلى الإسراف في الزينة , والخروج على ما تعارف عليه المؤمنات.
///
يقولون : إن تزين المرأة الغربية قد بلغ درجة عالية من الإسراف,ومما يؤسف له أن بعض المجتمعات المسلمة قد سارت في ركاب الغرب وقلدته تقليدا أعمى في كثير من مظاهره , ومنها الإسراف في تزين المرأة.فهل من سبيل لضمان نجاة المرأة المعاصرة وهي تتجه إلى التزين من الوقوع في براثن هذا التقليد المزري؟
الجواب عن هذا:
إن القدوة الصالحة للمرأة المسلمة في كل زمان ومكان هي المرأة في عصر الرسالة , أي القدوة في النهج العام الذي يرسمه الشارع لا في صور التطبيق التي تحكمها ظروف البيئة.هذه هي القدوة إذا أرادت المرأة المسلمة ابتغاء مرضاة الله من ناحية والنهوض والفلاح من ناحية.
إن التقليد الأعمى أيا كان اتجاهه مفسدة لعقل المرء وقلبه , والإنسان السوي يربأ بنفسه عن الوقوع في براثن التقليد , ويظل إزاء كل قضية من قضايا حياته , ينظر ويبحث ويتأمل أولا : في الكتاب والسنة ليتبين هدي الله المنزل.وثانيا : في تراث أمته وتجاربها على مر العصور.وثالثا : في تراث الأمم من حوله وتجاربها المعاصرة بصفة خاصة.كما يظل يدرس واقع مجتمعه ,وذلك كله رغبة في الاهتداء إلى الحق والصواب,ومن ثَمَّ المضي على نور وبصيره.
إن المرأة المسلمة إن شاءت طاعة الله والاهتداء بهدي محمد صلي الله عليه وسلم فلابد إنها ستدرك أن في تقليد الغرب تضييع لشرطين أساسيين من شروط التزين وهما الاعتدال ومراعاة عرف المؤمنات.
محمد رفقى
13-11-2015, 07:38 PM
الشرط الثالث في لباس المرأة
أن يكون صفيقا لا يشف
• يقول الرسول صلي الله عليه وسلم : (( سيكون في آخر أمتي نساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ، على رؤوسهنَّ كأسمنة البخت، العنوهنَّ فإنهنَّ ملعونات )) رواه الطبراني في المعجم الصغير بسند صحيح .زاد في حديث آخر: (( لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإنَّ ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا )). (رواه مسلم)
قال ابن عبد البر: (( أراد النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر، فهن كاسيات بالإسم، عاريات في الحقيقة )).
• وعن أم علقمة بن أبي علقمة قالت : (( رأيت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر دخلت على عائشة وعليها خمار رقيق يشف عن جبينها، فشقته عائشة عليها، وقالت : أما تعلمين ما أنزل الله في سورة النور ؟! ثم دعت بخمار فكستها )). (رواه ابن سعد)
وفي قول عائشة رضي الله عنها ( أما تعلمين ما أنزل الله في سورة النور ؟ ) إشارة إلى أن من تسترت بثوب شفاف أنها لم تستتر ولم تأتمر بقوله تعالى في السورة المشار إليها {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} ، وهذا بين لا يخفى .
الشرط الرابع في لباس المراة
أن يكون فضفاضاً غير ضيق فيصف شيئاً من جسمها
• قال أُسامة بن زيد : (( كساني رسول الله قبطيةً كثيفة مما أهداها له دحية الكلبي ، فكسوتها امرأتي ، فقال:ما لك لم تلبس القبطية ؟ قلت: كسوتها امرأتي ، فقال: مُرها فلتجعل تحتها غلالة، فإني أخاف أن تصف حجم عظامها)) رواه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة وأحمد والبيهقي بسند حسن .
فقد أمر صلي الله عليه وسلم بأن تجعل المرأة تحت القبطية غلالة وهي شِعَار يلبس تحت الثوب ليمنع بها وصف بدنها. والعظام ليس فيها فتنة وهو نوع من الكناية اللطيفة عن اللحم.ومن الشواهد على هذه الكناية حديث عبد الله بن عمر أن تميما الداري قال لرسول الله صلي الله عليه وسلم لما بَدُنَ ألا اتخذ لك منبرا يحمل عظامك. لذا لا حرج على المرأة أن تلبس ما يصف حجم بعض أعضائها البارزة كالرأس والكتفين والقدمين والكعبين ما دامت مستورة بثياب لا تشف كما أن وصفها لا يبرز شيئا من فتنة المرأة.
الشرط الخامس في لباس المرأة
أن يكون مما تعارف عليه مجتمع المسلمين
• عن ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (( من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة، ثم ألهب فيه ناراً )) رواه أبو داود
والحديث يشير إلى من يلبس لباسا فيه شذوذ عن ملابس مجتمعه المسلم , ويقصد من ذلك أن يشد أبصار الناس إليه ويشهر بينهم.أما من يلبس لباسا يخالف العرف العام , ولا يقصد الشهرة لكن دافعة مصلحة ما , فهذا له شأن آخر.حقا إن رعاية العرف أمر مندوب إليه وينبغي للمسلم الحرص عليه , ولكن إذا دعاه صالح , أو دعته حاجة إلي اتخاذ لباس فيه نوع مخالفة لما ألفه الناس , فلا حرج , وبقدر الحاجة أو المصلحة تخف كراهية مخالفة العرف.
قال الإمام الطبري :"إن مراعاة زي الزمان من المروءة ما لم يكن إثما ، وفي مخالفة الزي ضرب من الشهرة".
والعرف الذي به اعتبار ما كان غير مخالف للشرع , فإن لم يكن كذلك فلا حرمة له ولا اعتبار.وقد يعتاد المجتمع الإسراف والتبذير في أمر اللباس وغيره.ويحتاج المسلم الداعية أو المصلح أن يخالف ما ألفه الناس مما يكون غيره أصلح لهم وأليق بدينهم.
محمد رفقى
13-11-2015, 07:40 PM
الشرط السادس في لباس المرأة
أن يكون مخالفاً في مجموعه لما تتميز به الكافرات
• عن ابن عباس قال : (( لعن رسول الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال )) رواه البخاري.
إن الحديث ينكر أمر التشبه بصفة عامة في اللباس وغيره , غير أنه في مجال اللباس لا ينكر أن تكون قطعة من ملابس المرأة مشابهة لملابس الرجال, والعبرة بالهيئة العامة بحيث إذا شوهدت المرأة ولو من بعيد لم تشتبه مع الرجال إلا أن تكون هذه القطعة مما تعارف أنها من اختصاص الرجال تماما,أي أن للعرف اعتباراً كبيراً.
وللتدليل على أن المقصود هو النهي عن التشبه في الهيئة العامة لا مجرد الاشتراك في قطعة من الثياب نورد الأحاديث الآتية:
• عن سهل بن سعد قال: جاءت امرأة إلى رسول الله (وهو في المسجد) فقالت: يارسول الله جئت أهب لك نفسي , قال : فنظر إليها رسول الله فصعد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رسول الله رأسه, فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست , فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها فقال : هل عندك من شيء؟قال : لا والله يا رسول الله ... ولكن هذا إزاري فلها نصفه.فقال رسول الله : ما تصنع بإزارك,إن لبسته لم يكن عليه منه شيء وإن لبسته لم يكن عليك شيء...(رواه البخاري ومسلم)
• عن أسمار بنت أبي بكر قالت : خسفت الشمس على عهد رسول الله فسمعت رجة الناس وهم يقولون : آية ... فخرجت متلفعة بقطيفة للزبير حتي دخلت علي عائشة ورسول الله قائم يصلي بالناس... (رواه أحمد)
قال ابن تيمية: ((اللباس إذا كان غالبه لبس الرجال نهيت عنه المرأة وإن كان ساتراً كالفراجي التي جرت عادة بعض البلاد أن يلبسها الرجال دون النساء ، و النهي عن مثل هذا يتغير بتغير العادات )).
الشرط السابع في لباس المرأة
أن يكون مخالفاً في مجموعه لما تتميز به الكافرات
• عن ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ( خالفوا المشركين وفروا اللحي وأحفوا الشوارب ).رواه البخاري ومسلم)
• عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي صلي الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم وكان المشركون يفرقون رؤوسهم فسدل النبي صلي الله عليه وسلم ناصيته ثم فرق بعد.(رواه البخاري ومسلم)
والحكمة من هذا الشرط واضحة في نصوص الأحاديث , وهي إبراز شخصية متميزة للمسلم والمسلمة.ثم إنه من ثمرات التميز تجنب ما يمكن أن تؤدي إليه المشابهة الظاهرة من امتصاص لبعض العقائد المنحرفة والأخلاق الفاسدة لدي المتشبه بهم.
ثم إن ما قلناه في موضوع التشبه بالرجال يمكن تطبيقه هنا , فالحذر من التشبه بالمشركات والكافرات لا ينفي أن تكون قطعة من ملابس المرأة المسلمة أو جانب من زينتها فيه وجه مشابهة,والعبرة بالهيئة العامة بحيث إذا شوهدت المرأة المسلمة لا تشتبه بالكافرة.ونعتقد أن تطبيق الشروط الشرعية بصفة عامة ومنها الخمار ما يساعد على التمايز المرغوب. إلا أن يكون المشابهة في شئ هو من شارات الكافرات فعندها يحظر هذا الشئ ولو كان يسيرا.
محمد رفقى
14-11-2015, 12:41 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 1
يقولون: قال ابن تيمية : ( الله جعل الزينة زينتين: زينة ظاهرة وزينة غير ظاهرة ، وجوز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج وذوي المحارم... ثم لما أنزل الله عز وجل آية الحجاب بقوله : {يَا أَيُّهَا ظ±لنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ظ±لْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ} حجب النساء عن الرجال... فما بقي يحل للأجانب النظر إلا إلي الثياب الظاهرة، فابن مسعود ذكر آخر الأمرين ( أي حين قال: الزينة الظاهرة هي الثياب ) وابن عباس ذكر أول الأمرين ( أي حين قال: هي في الوجه والكفين مثل الكحل والخاتم ) وقال أيضا: ( الوجه واليدان والقدمان ليس لها أن تبدي ذلك للأجانب علي أصح القولين بخلاف ما كان قبل النسخ ).
الجواب عن هذا:
1- أين دليل نسخ؟ إن قول ابن مسعود وقول ابن عباس قولان في تفسير آية واحدة وهي: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} , وتفسير الآية هو ذكر معناها عند نزولها لا بعد نزول آية أخري ناسخة لها, وعلي ذلك ليس هناك مجال للقول إن ابن مسعود ذكر آخر الأمرين وابن عباس ذكر أول الأمرين. ولنكن علي ذكر أنه إذا كان هناك قولان في تفسير آية {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ، فهناك أيضا قولان في تفسير آية {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ} قول يقرر الإدناء علي الوجه ، وقول يقرر الإدناء علي الجبهه.
2- يشير ابن تيمية في موضع آخر إلي أن آية {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ} جاءت بعد آية {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} فأوجبت ستر الوجه بعد أن كان مصرحا للمرأة بإبدائه. وهذا يعني أن الآية الأولي نسخت الآية الثانية ، فهل الترتيب الزمني للآيات يفيد أن الأولي بعد الثانية؟
إن الآية الأولي في سورة الأحزاب حيث آية الحجاب {فَظ±سْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ} وآية الحجاب كانت قبل حادث الإفك ، فإذا كانت قصة الإفك قد وقعت بعد الحجاب فهذا يعني أن سورة النور - حيث وردت قصة الإفك- كانت بعد الحجاب أيضا ، وعليه تكون آية سورة النور قد نزلت بعد آية سورة الأحزاب.
موقع سورتي النور والأحزاب حسب الترتيب للنزول نقلا من كتاب (تفسير القرآن علي حسب ترتيب النزول) تأليف ملاحويش آل غازى عبدالقادر
سورة الأحزاب <<<.... نزلت بالمدينة بعد سورة آل عمران
سورة الممتحنة...........نزلت بالمدينة بعد الأحزاب
سورة النساء..............نزلت بالمدينة بعد سورة الممتحنة
سورة الزلزلة
سورة الحديد
سورة محمد عليه السّلام
سورة الرّعد
سورة الرّحمن
سورة الإنسان
سورة الطّلاق
سورة البينة
سورة الحشر
سورة النّور<<<
وقال مجد الدين الفيروز آبادي فى "بصائر ذوي التمييز": أما السور المدنية : فذكروا أن أول ما نزل بالمدينة : سورة البقرة ، ثم سورة الأَنفال ، ثم سورة آل عمران ، ثم الأَحزاب ، ثم الممتحِنة ، ثم النساءُ ، ثم زلزلت ، ثم الحديد ، ثم سورة محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم الرعد ، ثم الرحمن ، ثم هل أتى على الإنسان ثم الطلاق ، ثم لم يكن ، ثم الحشر ، ثم إِذا جاءَ نصر الله ، ثم النور ، ثم الحج ، ثم المنافقون ، ثم المجادلة ، ثم الحجرات ، ثم التحريم ، ثم الجمعة ، ثم التغابن ، ثم الصف ، ثم الفتح ، ثم التوبة ، ثم المائدة .
محمد رفقى
14-11-2015, 01:01 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 2
يقولون: أن (ما ظهر منها) هو ما ظهر من المرأة من غير إرادة وقصد ، كأن يتلاعب الريح بجلبابها فيظهر ما تحت ذلك من ثياب.
الجواب عن هذا:
أولا : لو ذهبنا علي هذا الرأي لكان تقدير الآية هكذا "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر بدون قصد". وهذا الكلام لا يستقيم لأنه يقتضى أن تبدى المرأة ما ظهر بدون قصد , فكيف يقال ما ظهر بدون قصد يجب أن تبديه.
ثانيا: (ظهر) تقال إذا كان الشيء حدوثه حاصل ولا يخفى. قال الراغب الأصفهانى: (ظَهَرَ الشىءُ أصْلُه أن يحصل شىءٌ على ظهر الأرض فلا يَخْفَى). إذن الظهور فيه إبداء مع علانية.
مثال ذلك قوله تعالي {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن}
قال الطبري : ولا تقربوا الظاهر من الأشياء المحرّمة عليكم التي هي علانية بينكم.
ونقل عن الضحاك قوله : {ما ظهر منها} يعني: العلانية.
وقال بن عاشور: ما يظهرونه ولا يسْتَخْفُون به.
فالظهور المستثنى في الآية للزينة المأذون فيها هو بدوها بدو علانية وظهور للعموم , والظهور لما كان إبداء علانية كانت مظنة القصد متوفرة في فاعله لأنه يدرك وقوع رؤية العموم له في العلانية.
لذا قال الزمخشرى وأبو حيان وهما من اللغويين ومن المفسرين أيضا : ( {إلا ما ظهر منها} يعني ماجرت به العادة والجبلة علي ظهوره والأصل فيه الظهور).
ومعني العادة , عادة من نزل عليهم القرآن ,وما يظهر في العادة والأصل فيه الظهور كالوجه والكفان فضلا عن الثياب.
ثالثا: أليس تفسير ابن مسعود للزينة الظاهرة بالثياب من أدلة الموجبين لستر الوجه , والثياب لا تظهر إلا بقصد!!!
محمد رفقى
14-11-2015, 02:19 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 3
يقولون: أن قول من قال في معنى {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أن المراد: الوجه والكفان, توجد في الآية قرينة تدل على عدم صحة هذا القول, وهي أن الزينة في لغة العرب هي ما تتزين به المرأة مما هو خارج عن أصل خلقتها: كالحلي والثياب فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة خلاف الظاهر, ولا يجوز الحمل عليه إلا بدليل يجب الرجوع إليه..
الجواب عن هذا:
أولا: على فرض صحة هذا الكلام فلا يفهم من تفسير الزينة الظاهرة بالثياب أن الوجه والكفين من الزينة الباطنة.
ثانيا: تفسير الصحابة للفظ من جهة اللغة مقدم علي تفسير من جاء بعدهم.وذلك لجمعهم الأسباب الموجبة لذلك التقديم, كعربية اللسان أصالة, وحداثة العهد بالتنزيل, واستشعار توجه الخطاب القرآني والنبوي, حيث كانوا يعيشون قصته, ويعرفون موارده, وكفاهم أن يكون أستاذهم في ذلك رسول الله بالمباشرة لا بالوسائط.فلا يصح أن تقدم تفسيرات تحكي في كتب اللغة علي تفسير يصح عن ابن عباس أو ابن عمر أو عائشة.
ثالثا: مفهوم الزينة:
الزينة تُطلَق على المحاسن التي خلقها الله سبحانه وتعالى , فمنها الزينة النفسية ويراد بها الصفات التي أمر بها الإسلام ورغّب فيها، وأولها صفة الإيمان فالعلم والصدق والحلم والاعتقادات الحسنة، كما في قوله تعالى: {وَلـٰـكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِليْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَه فِي قُلُوبـِكُمْ} , ومنها الزينة البدنية كالقوة وجمال الخلْقة. ومنها الزينة الخارجية ومايُدرَك بالبصر كالمال والجاه ويندرج تحت هذا النوع من الزينة جميع أنواع الزينة الظاهرة من أنعام وأموال وحرث وكل مايتزين به الإنسان من لباس وحُلي وغير ذلك.
فغير صحيح أن الزينة هى الشىء الذى يضاف فقط , فإن الزينة قد تكون من ذات الشىء , كما فى قوله تعالى {إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب} فتزيين السماء الدنيا بالكواكب وهى أصلا من ضمن بنيان السماء وليس شيئا زائد عنها.وفى قوله تعالى {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة} فهى فى ذاتها زينة. وما ذكر من المال والبنين زينة فى ذاته , قال تعالى {المال والبنون زينة الحياة الدنيا}
فالمرأة زينة مخلوقة, المرأة مزينة للرجل , أى أن كل المرأة بالنسبة للرجل زينة , وجهها زينة , وشعرها زينة ..الخ.
قال ابن العربى: ( إن الزينة نوعان: خلقية ومصطنعة , فأما الخلقية: فمعظم جسد المرأة).
قال القرطبي: (الزينة على قسمين خلقية ومكتسب, فالخلقية: وجهها فإنه أصل الزينة وجمال الخلقة.وأما الزينة المكتسبة:فهي ما تحاول المرأة في تحسين خلقتها به كالثياب والحلي والكحل والخضاب).
قال الأزهري: سمعت صبيا من بني عقيل يقول للآخر: وجهي زين ووجهك شين. والتقدير وجهي ذو زَيْنٍ
وقال عمر بن أبي ربيعة:
أزمَعَتْ خُلَّتِي مع الفجر بَيْنَا ... جَلَّل اللَّهُ ذلك الوَجْهَ زيْنا
جَلَّل: ملأ
محمد رفقى
15-11-2015, 02:57 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 4
يقولون: ما جاء عن ابن عباس : {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} قال: الكف ورقعة الوجه. وهذا يحتمل أن يكون تفسيراً للزينة التي نهين عن إبدائها , وقد أشار ابن كثير إلى هذا الاحتمال في تفسيره حيث قال: ((وقال الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قال: وجهها وكفيها والخاتم.وروي عن ابن عمر وعطاء وعكرمة وسعيد بن جبير وأبي الشعثاء والضحاك وإبراهيم النخعي وغيرهم نحو ذلك وهذا يحتمل أن يكون تفسيراً للزينة التي نهين عن إبدائها... ويحتمل أن ابن عباس ومن تابعه أرادوا تفسير ماظهر منها بالوجه والكفين، وهذا هو المشهور عند الجمهور.
الجواب عن هذا:
كل ما جاءنا من أقوال عن المفسرين والفقهاء ( عدا الإمام ابن كثير ) تشير إلى أن ابن عباس فسر الزينة الظاهرة ، ولم نجد واحدا منهم قط أشار إلى عكس هذا أو إلى مجرد الخلاف في هذا.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى:
والسلف قد تنازعوا فى الزينة الظاهرة على قولين فقال ابن مسعود ومن وافقه هى الثياب وقال ابن عباس ومن وافقه هى في الوجه واليدين مثل الكحل والخاتم وعلى هذين القولين تنازع الفقهاء فى النظر إلى المرأة الأجنبية.
ثم إن هذا الاحتمال الذي ذكره الإمام ابن كثيرا مقرا بأنه مخالف لرأي الجمهور , قد أشار أيضا إليه في قول ابن عمر, مع أن قول ابن عمر صريح في المعني المراد فقد قال إن الزينة الظاهرة هي الوجه والكفان.
قال الشيخ بن باديس: ( ولو ذهبنا علي هذا الرأي لكان تقدير الآية هكذا "ولا يبدين وجوههن إلا ما ظهر من وجوههن" وهذا لا قائل به وتكاد لا تكون فائدة لمعناه).
وتخصيص الزينة المنهي عن إبدائها بزينة الوجه والكفين معناه خروج ما عداهما أمام المحارم من هذا النهي ، مثل الشعر والذراعين وأسفل الساقين ، وهذا قول غير مقبول ، أما توجيه التفسير للاستثناء سيكون معناه استثناء الوجه والكفين من النهي فيبقى ما عداهما داخلا في هذا النهي ، وهو كثير بالنسبة للوجه والكفين , والاستثناء لا يأتى إلا فى القليل. وهذا الذي يقبله العقل.
أخرج يحيى بن معين في الجزء الثاني من فوائده :حدثنا يحيى بن معين حدثنا ابن نمير عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال الوجه و الكف و الخاتم.إسناده صحيح.
هنا جاء تفسير ابن عباس عقب الآية كلها.
ومثله عن جابر بن زيد عنِ ابنِ عبَّاسٍ في تفسيرِ الآيةِ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا قالَ الْكفُّ ورُقعةُ الوجْهِ.(جلباب المرأة للألبانى)
وعن جابر بن زيد أنَّ ابنَ عبَّاسٍ كانَ يقولُ في هذِه الآية وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا رقعه الوجهُ والكفَّانِ.(تحفة المحتاج لابن الملقن)
وقال ابن أبي شيبة في ((المصنف)) : حدثنا حفص عن عبد الله بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال : وجهها وكفها.
وتوجيه تفسير ابن عباس إلي الاستثناء يؤيده ماورد عن تلامذة ابن عباس.
فعن مجاهد : قوله {إلا ما ظهر منها} قال : الكحل والخضاب والخاتم.وهو القائل : عرضت القرآن علي ابن عباس ثلاث عرضات أقف عند كل آية أسأله عنها فيما نزلت وكيف نزلت
وروي ابن أبي شيبة عن عكرمة في قوله {إلا ما ظهر منها} قال : الوجه والكفان. وعن عطاء يقول : الزينة الظاهرة : الخضاب والكحل.وعند الطبري بسند صحيح :الكفان والوجه.
محمد رفقى
15-11-2015, 03:01 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 5
يقولون: في تفسير ابن عباس لقوله تعالى {إلا ما ظهر منها}: بأنه الكحل والخاتم , دلالة علي أن موضع الكحل هو العين لا الوجه كله وكذا موضع الخاتم هو الإصبع لا الكف كله.
الجواب عن هذا:
مما يؤكد خطأ هذا الاستدلال أنه لا يمكن رؤية الخاتم في الإصبع إلا برؤية الكف , إلا إذا كان هناك قفازات بثقوب للخواتم!!! فالمراد بموقع الزينة ذلك العضو كله لا المقدار الذي تلبسه الزينة.
محمد رفقى
15-11-2015, 03:14 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 6
يقولون: قال الحافظ ابن حجر في شرحه حديث : ( يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ} شققن مروطهن فاختمرن بها)، قول: ( فاختمرن بها ) أي غطين وجوههن.
الجواب عن هذا:
1- هذا الكلام من ابن حجر مع تقديرنا له لا يصح ، لأن الخمار معروف في كتب اللغة وكتب التفسير وكتب الفقه أنه غطاء الرأس ، وعليه يكون معني (اختمرن بها ) غطين رؤوسهن، بل وفي نصوص السنة نفسها ما يؤكد ذلك:
• فعن بلال: أن رسول الله مسح علي الخفين والخمار.
• وعن مالك عن نافع أنه رأي صفية بنت أبي عبيدة امرأة ابن عمر تنزع خمارها ثم تمسح على رأسها بالماء ونافع يومئذ صغير.
• وعن ميمون بن مهران قال: دخلت على أم الدرداء فرأيتها مختمرة بخمار صفيق قد ضربت علي حاجبيها.
• عن أم علقمة بن أبي علقمة قالت: رأيت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر دخلت علي عائشة وعليها خمار رقيق يشف عن جبينها، فشقته عليها وقالت: أما تعلمين ما أنزل الله في سورة النور؟ ثم دعت بخمار فكستها.
• حديث " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار". مع اتفاق العلماء على صحة صلاة المرأة وهي كاشفة لوجهها, ومعنى الخمار واحد في الصلاة وخارجها , فهل يجب على المرأة البالغة أن تستر وجهها في الصلاة؟!
• قوله صلي الله عليه وسلم في المرأة التي نذرت أن تحج حاسرة:"ومروها فلتركب ولتختمر ولتحج.وفي رواية:"وتغطي شعرها".
2- ذكر الحافظ في تتمة شرحه ما يرجح أن الخمار في الأصل لا يغطي الوجه وذلك قوله: ( وصفة ذلك أن تضع الخمار علي رأسها وترميه من الجانب الأيمن علي العاتق الأيسر وهو التقنع، قال الفراء: كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها وتكشف ما قدامها، فأمرن بالاستتار والخمار للمرأة كالعمامة للرجل).
ومعنى كلام الفراء لا محل فيه لستر الوجه ، ( والخمار للمرأة كالعمامة للرجل) والعمامة لا تستر الوجه.
3- الخمار في معاجم اللغة العربية :
• معجم لسان العرب لابن منظور :والخِمَار النصيف وهو ما تغطّي بِه المرأَة رأسها. وفي سورة النور (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِن) أي سترًا لأعناقهنَّ.
• معجم تاج العروس لمرتضى الزبيدي : قِيل: كُلُّ ما سَتَرَ شَيْئاً فَهْو خِمَارُه،ومنه خِمَارُ المَرْأَةِ تُغَطِّي به رَأْسَها.
• معجم الوسيط لمجمع اللغة العربية بمصر:"الخِمَار" كلُّ ما ستَرَ.ومنه خمار المرأة، وهو ثوب تغطّي به رأْسَها. ومنه العِمامة ؛ لأن الرجل يغطى بها رأْسَه ويُديرها تحت الحنك. وفي الحديث ( أنه كان يمسحُ على الخُفّ والخِمَار : العمامة).
• معجم المحيط تأليف أديب اللجمـي - شحادة الخوري - البشير بن سلامة -عبد اللطيف عب - نبيلة الرزاز :الخِمَارُ: كلُّ ما ستَر (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) والأشْهَر هو خِمار المرأة وهو ثوب تغطّي به المرأة رأسها.
• منجد الطلاب للفيروز ابادي : "الخمار" ما تغطي به المرأة رأسها .
• معجم الغني للدكتور عبد الغني أبي العزم :خِمَارٌ - ج: خُمُرٌ، خُمْرٌ، أَخْمِرَةٌ. [خ م ر]. 1."وَضَعَتْ خِمَارًا عَلَى رَأْسِهَا : قِطْعَةً مِنَ الثَّوْبِ تُغَطِّي بِهِ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا أَوْكَتِفَيْهَا. 2. خِمَارُ الرَّجُلِ: عِمَامَتُه .
• قال الراغب الأصفهاني (ت502هـ ) في كتابه " المفردات في غريب القرآن":
الخمر، أصل الخمر: ستر الشيء ويقال لما يستتر به: (خمار) لكن (الخمار) صار في التعارف اسماً لما تغطي به المرأة رأسها ، وجمعه (خُمُر) قال تعالى: { وليضربن بخمرهن على جيوبهن}.
فهذه نصوص صريحة من هؤلاء العلماء وقد أجمعت كلها على ذكر الرأس دون الوجه في تعريفهم للخمار.
4- وجود أثار صحيحه عن الصحابه في تفسير {ما ظهر منها} في نفس الآية بالوجه والكفين يرد قول ابن حجر. ولا يستقيم أن يقال للمرأة لا تبدي إلا الوجه والكفين ولتضربي بخمارك علي نحرك ثم نقول هذا أمر بستر الوجه.
5- وإن كان الخمار في الأصل هو غطاء الرأس إلا أنه يحدث أحيانا أن تغطي المرأة وجهها أو بعض وجهها بخمارها، أي بغطاء رأسها. ولكن فرق بين هذا وبين القول (فاختمرن أى غطين وجوههن) , فهذا القول يعنى أن الأصل فى الخمار هو غطاء الوجه وهو عير صحيح.
جاء في ترجمة القاضي أبي علي التنوخي:
قل للمليحة في الخمار المذهـب...أفسدت نسك أخي التقى المترهب
نور الخمار ونور خدك تحتــه...عجبا لوجهك! كيف لم يتلهب؟
فقد وصفها بأن خمارها كان على وجهها.
قال الألبانى فى جلباب المرأة المسلمة : لا يلزم من تغطية الوجه به أحيانا أن ذلك من لوازمه عادة , ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حمل صفية وراءه جعل رداءه علي ظهرها ووجهها, وأن عائشة قالت في قصة الإفك "فخمرت وجهي بجلبابي" , فهل يمكن أن يؤخذ من ذلك أن الرداء والجلباب ثوبان يغطيان الوجه؟! فكذلك وصف الشاعر للمليحة بما سبق لا يمكن أن يؤخذ منه تعريف الخمار وأنه ما يغطى الرأس والوجه معا.غاية ما يقال أنه قد يغطى به الوجه كما قد يغطى بأى شيء آخر من الثياب كالرداء والجلباب والبردة وغيرها.
وقال في الرد المفحم: "وأزيد هنا فأقول: قد جاء في قصة جوع النبي صلى الله عليه وسلم أن أنساً رضي الله عنه قال عن أم سُلَيم: فأخرجت أقراصاً من شعير، ثم أخرجت خماراً لها فلفت الخبز ببعضه… الحديث. أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما.
والشاهد منه واضح وهو أن الخمار الذي تغطي المرأة به رأسها قد استعملته في لف الخبز وتغطيه، فهل يقول أحد: إن من معاني الخمار إذا أطلق أنه يغطي الخبز وتغطيه؟! لا أستبعد أن يقول ذلك أولئك الذين تجرؤوا على مخالفة تلك النصوص المتقدمة من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة الدالة على أن (الخمار) غطاء الرأس دون دور وجهها، فقال أولئك: ووجهها. لا لشيء، إلا لأنه قد استعمل لتغطية الوجه كالجلباب ! ولو أحياناً!"
محمد رفقى
15-11-2015, 03:33 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 7
يقولون: أن المرأة إذا كانت مأمورة بتغطية رأسها وصدرها فهي مأمورة ضمناً بستر ما بينهما وهما الوجه والرقبة، وإنما لم يذكر هاهنا للعلم بأن سدل الخمار على أن يُضرب على الجيب لا بد أن يغطيهما.
الجواب عن هذا:
أولا : ليس فى الآية سدل , إنما "يضربن" يعنى يشددن. وذلك يكون مثلا بإلقاء الخمار بإحكام من اليمين إلى الكتف الأيسر , وذلك ستر العنق والنحر وليس الوجه.
ثانيا : لا يلزم من وجوب ستر الرأس والصدر وجوب ستر الوجه , إنما هذا افتراض ولا يقبل إلا بدليل , وهو مخالف لكشف المرأة وجهها فى الصلاة , ومخالف لقول أئمة التفسير.
وهذه نماذج من أقوال المفسرين في تفسير الآية وكلها تشير إلى لى الخمار علي العنق والصدر وأنه لا يشمل الوجه:
• تفسير الجلالين : {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ } أي يسترن الرؤوس والأعناق والصدور بالمقانع.
• تفسير الطبري : (وليلقين خمرهن وهى جمع خمار على جيوبهن ، يسترن بذلك شعورهن وأعناقهن وقرطهن)
• تفسير القرطبي : وهيئة ذلك أن تضرب المرأة بخمارها علي جيبها لتستر صدرها.
• معالم التنزيل للبغوي : قوله عزّ وجلّ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ} ، أي: ليلقين بمقانعهن، {عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ} ، وصدورهنّ ليسترن بذلك شعورهنّ وصدورهنّ وأعناقهن وقراطهن.
• زاد المسير لابن الجوزي: قوله تعالى: {وليضربن بخمرهن} وهي جمع خِمار، وهو ما تغطى به المرأة رأسها،والمعنى: وليُلْقِين مَقانِعَهن {على جيوبهن} ليسترن بذلك شعورهن وقرطهن وأعناقهن.
• تفسير الخازن :{وليضربن بخمرهن} يعني ليلقين بمقانعهن {على جيوبهن} يعني موضع الجيب وهو النحر والصدر يعني ليسترن بذلك شعورهن وأعناقهن وأقراطهن وصدورهن.
• تفسير ابن عاشور : والخمار: ثوب تضعه المرأة على رأسها لستر شعرها وجيدها وأذنيها.
• تفسير الألوسي : والخمر جمع خمار ويجمع في القلة على أخمرة وكلا الجمعين مقيس وهو المقنعة التي تلقيها المرأة على رأسها من الخمر وهو الستر.
• تفسير الثعلبي : {وَلْيَضْرِبْنَ} وليلقين {بِخُمُرِهِنَّ} أي بمقانعهن وهي جمع خمار وهو غطاء رأس المرأة {عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ} وصدورهن ليسترن بذلك شعورهنّ وأقراطهنّ وأعناقهن.
• صفوة التفاسير للصابوني: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ} أي وليلقين الخمار وهو غطاء الرأس على صدورهن لئلا يبدو شيء من النحر والصدر
والجدير بالذكر أن المفسرين الذين فسروا قوله تعالي {إلا ما ظهر منها} بالثياب على اعتبار أن الوجه والكفين عندهم مما يجب ستره, نجدهم قد فسروا الخمار بأنه ثوب يوضع على الرأس, وأن المؤمنات أمرن بأن يسترن به أعناقهن وآذانهن ونحورهن وصدورهن, ولم يذكر واحد منهم الوجه, فانظر ـ مثلا ـ ابن الجوزي من مفسري الحنابلة.
قال الشيخ الحبيب بن طاهر: (قوله تعالى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} فإنه يستدل به على أن المراد بقوله تعالى: {إلا ما ظهر منها} الوجه والكفان. ووجه الاستدلال أن الخمر التي أمر الله تعالى المؤمنات بضربها على جيوبهن هي خمر معهودة ومعروفة من عهد الجاهلية إلى غاية نزول الآية في عهد الإسلام , وكن يستعملنها لتغطية رؤوسهن , حسبما يفيده ضمير "هن" في قوله (خمرهن) الدال على أنه مضاف إليهن.
وإنما أفادت الآية تشريعا لصفة وضع الخمر, بتغيير ما كان عليه النساء من كشف لآذانهن ونحورهن وصدورهن, إلى طلب ستر هذه المواضع. ولا يشك أحد في أن وجوههن كانت مكشوفة مع هذه المواضع , فلو كان التشريع الجديد يشمل الوجه لكان المناسب أن يصرح بذكره مع الجيوب , لكن عدم ذكره يفيد اختلاف حكمه عن حكم الجيوب, وأنه موضوع الاستثناء الذي في قوله تعالى: {إلا ما ظهر منها} استصحابا للعرف المعهود).
وأما قولهم : أن الخمار غطاء الرأس ولكن الرأس يشمل الوجه.
فيناقش هذا بقوله تعالي: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلي الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلي المرافق وامسحوا برءُوسكم وأرجلكم إلي الكعبين}. فالأمر بمسح الرأس في الوضوء لا يدخل فيه الوجه , فالشرع ميز بينهما.
وعن ابن عباس أن النبي صلي الله عليه وسلم قال في المحرم الذي خر من بعيره " ولا تخمروا وجهه ولا رأسه " رواه مسلم.
وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال للجلاد : اتق الوجه ، والرأس.
ولا يستقيم أن يقول جمهور المفسرين للمرأة لا تبدى إلا الوجه والكفين ولتضربى بخمارك وهو غطاء رأس على نحرك ثم يقال أن الرأس يشمل الوجه.
محمد رفقى
16-11-2015, 04:13 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 8
يقولون: قال تعالى {وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ} فهل الضرب بالأرجل وفتنة صوت الخلخال أشد أم فتنة الوجه.
الجواب عن هذا:
1- هذا قياس مع الفارق , فذاك صوت يسمع بالأذن ، وهذا وجه يرى بالعين , وقد أمرنا بغض البصر ولكننا لم نؤمر بسد الأذنين. ثم أن الفتنة في صوت المرأة أشد من الفتنة في قدم المرأة ومع ذلك صوت المرأة ليس بعورة .
2- إن فتنة الوجه أمر مقرر ولا خلاف عليه، ولكن من حكمة الشارع أنه تجاوز عن تلك الفتنة ولم يحظر كشف الوجه لما يحققه الكشف من مصالح متعددة واكتفي بحظر ما قد يصاحب كشف الوجه من مثيرات الزينة الصارخة والعطر الفواح.
3- من حكمة النهي عن الضرب بالأرجل أن هذا الفعل من المرأة كما يقول أبو السعود في تفسيره: ( يورث الرجال ميلاً إليهن ويوهم أن لهن ميلاً إليهم)، ويقول القرطبي في تفسيره: ( وسماع هذه الزينة أشد تحريكاً للشهوة من إبدائها)
محمد رفقى
16-11-2015, 04:18 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 9
يقولون: إن وجه المرأة أجمل ما في المرأة فكيف لا تشمله العورة بينما تشمل أسافل الساقين.
الجواب عن هذا:
1- هل العورة – سواء عورة الرجل أو عورة المرأة – هي أجمل ما فيهما؟ العورة لها خصوصيتها ، فهي تبدأ بالسوأتين لأنه يسوء منظرهما ولا تجمل رؤيتهما ، والسوأتان وحدهما محل الإجماع في عورة الرجل ويلي السوأتين ما جاورهما من البطن والفخذين ، وهذه هي حدود عورة الرجل ، وهي ذاتها حدود عورة المرأة مع محارمها من الرجال في رأي بعض الفقهاء ، وأوسع من ذلك قليلا في رأي البعض الآخر.
2- وإذا تأملنا في حدود هذه العورة ، نجد أن العورة قد ارتبطت أولاً: بأجزاء الجسم المتعلقة بالجماع وما جاورها والتي إذا وقع النظر عليها ذكرت الفرد بالجماع وأثارت شهوته، وارتبطت ثانياً: بأجزاء لايحتاج الإنسان رجل كان أو امرأة إلي كشفها في عامة الأحوال سواء في البيت أو خارجه وسواء في وقت عمله أيا كان عمله أو في وقت راحته.وهذا من حكمة الشارع ورحمته حتي لا يشق على الإنسان ويحرجه بستر جزء من بدنه يحتاج إلي كشفه لمصالح عديدة.
3- وإذا كانت عورة المرأة مع الرجال الأجانب اتسعت لتشمل جميع بدنها عدا الوجه والكفين وزاد بعضهم القدمين ، فذلك لعدة اعتبارات أولها وأهمها: ما حبا الله به أجزاء بدن المرأة من جمال خاص يفتن الرجال , وثانيها: أن عملها في الغالب داخل البيت لرعايته ورعاية أطفالها ، وثالثها: أن حاجتها للقاء الرجال الأجانب محدودة ، وإذا وقعت الحاجة وتعاملت مع الرجال لم يشق عليها هذا الستر.
4- والأولى من كل هذا أن يقال: إن الشرع الحكيم يحرص دائما علي توفير أمن الفتنة وفي الوقت نفسه يحرص على رفع الحرج والمشقة وهنا موضوع سفور الوجه غلب الشرع قاعدة رفع الحرج على قاعدة أمن الفتنة إذ يراها فتنة محدودة.
قال الشيخ محمد الحسن الددو:
الحسن والقبح يعرضان من خلال الشريعة فما حسنته الشريعة فهو حسن وما قبحته فهو قبيح , فيرجع إلى النص ولا يرجع إلي التحسين والتقبيح العقلي فالله أعلم بما يلزم ستره.
قال الألباني في "الرد المفحم":
ويبدو لي أنهم- لشعورهم في قرارة نفوسهم بضعف حجتهم- يلجأون إلى استعمال الرأي ولغة العواطف- أو ما يشبه الفلسفة- فيقولون: إن أجمل ما في المرأة وجهها ، فمن غير المعقول أن يجوز لها أن تكشف عنه! فقيل لهم: وأجمل ما في الوجه العينان ، فعمّوها إذن ومروها أن تسترهما بجلبابها!
وقيل لهم على طريق المعارضة: وأجمل ما في الرجل- بالنسبة للمرأة- وجهه ، فمروا الرجال أيضاً بفلسفتكم هذه أن يستروا وجوههم أيضاً أمام النساء، وبخاصة من كان منهم بارع الجمال، كما ورد في ترجمة أبي الحسن الواعظ المعروف بـ (المصري):"أنه كان له مجلس يتكلم فيه ويعظ ، وكان يحضر مجلس وعظه رجال ونساء ، فكان يجعل على وجهه برقعاً تخوّفاً أن يفتتن به النساء من حسن وجهه. أمشروع ما فعله هذا المصري أم لا؟! مع علمهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجمل منه ولم يفعل فعله! فإن قلتم بشرعيته، خالفتم سنة نبيكم وضللتم، وهذا مما لا نرجوه لكم، وإن قلتم بعدمها - كما هو الظن بكم - أصبتم، وبطلت فلسفتكم، ولزمكم الرجوع عنها، والاكتفاء في ردكم عليّ بالأدلة الشرعية إن كانت عندكم فإنَّها تغنيكم عن زخرف القول ".
محمد رفقى
16-11-2015, 04:21 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 10
يقولون: قال رسول الله : (المرأة عورة) وما دامت المرأة عورة فينبغي سترها جميعها دون استثناء الوجه.
الجواب عن هذا:
1- الذين يستدلون بهذا العموم هم أول من ينقضة , فهم نظروا إلى حديث (لا تنتقب المرأة المحرمة ...) واستدلوا به على وجوب النقاب في غير الإحرام والنقاب يبرز العينين وما حولهما , فخالفوا هذا العموم الذي يستدلون به.
2- "المرأة عورة" لا يفيد أن المرأة كلها عورة , بل يفيد على أهمية أن تستر المرأة عورتها إذا خرجت من بيتها فلا تظهر مفاتنها للرجال وتغويهم بجسدها, لا أنها يجب عليها ستر وجهها.وإطلاق اللفظ العام وإرادة الأغلب أو وصف الجزء بالكل للدلالة على أهمية هذا الجزء أسلوب مشهور من أساليب العرب.
ومثله قول النبي صلي الله عليه وسلم "الحج عرفه", وليس الحج كله عرفة , فإن من وقف بعرفة وحدها دون أداء باقي مناسك الحج لا يُعد حجه تاماً , فالمقصود أن الركن الأعظم في الحج هو الوقوف بعرفة.وقوله "الدين النصيحة" أي الركن الأعظم في الدين هو النصيحة. وقوله "التوبة الندم" أي الركن الأعظم في التوبة هو الندم. وقوله "ألا إن القوة الرمي" توجيه لأهمية تعلم الرمي ودقته. وهكذا.
وكما يقال في الأمثال (المال الإبل) و(الناس العرب) و(الشجاعة علي) على التفضيل.
محمد رفقى
16-11-2015, 04:27 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 11
يقولون: قال رسول الله ( لا تنتقب المحرمة ) وحظرالإنتقاب في الإحرام يفيد أنه الأصل في غير الإحرام وأنه واجب.
الجواب عن هذا:
1- هذا القول اعتساف في الاستدلال يخالف الأصول , وهل إذا أمر الله الحجاج بكشف رؤوسهم في الإحرام كان ذلك يفيد أن الرؤوس تغطى وجوبا في غير الإحرام ؟!!
الصواب هو أن حظر أمر في الإحرام مثل النقاب , يفيد أولا أنه كان معروفا - أي مستعملا - عند بعض النساء, ويفيد ثانيا أنه مباح في غير الإحرام شأن بقية محظورات الإحرام كلبس العمائم والبرانس والخفاف والقمص.
قال الشيخ الحبيب بن طاهر فى "مصطلحات قرآنية حول لباس المرأة المسلمة" :
وقد عكس الشيخ ابن تيمية ومن سار على نهجه الأمر, واعتبر الحديث دليلا على حجية النقاب والقفازين, لأنه يدل على أنهما كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن, وذلك يقتضي عنده طلب ستر وجوههن خارج الإحرام . لكن ما ذكره لا يقوى أن يكون حجة على وجوب الستر المذكور خارج الإحرام؛ لأن النظر يقتضي التفريق في ما كان معروفا في النساء ـ على حد قوله ـ من التزامهن النقاب والقفازين؛ هل كان ذلك بأمر شرعي على سبيل الوجوب والإلزام, أم كان من فعلهن مسايرة لبعض العادات الموروثة في بعض النساء. فإن كان بأمر شرعي ـ على قوله ـ وانتزع هذا الأمر من الحديث المذكور, فهو استنباط بعيد لا يتفق مع صيغة الحديث لأنه لا يدل على أكثر من النهي عن فعل في زمن الإحرام , يحتمل أن يكون هذا الفعل قبل الإحرام وبعده واجبا أو مستحبا أو جائزا.
2- النهي عن نوع من اللباس في الإحرام لا يعني ضرورة أنه من عادة جميع الناس في غير الإحرام , ومثال ذلك لبس البرانس والقمص, فإنه كان من عادة بعض الرجال لا جميعهم , فقد كان غالب لبس العرب الإزار والرداء.
3- وشبيه بهذا الحديث قول عائشة: ( لا تلثم المحرمة ) فهل حظر التلثم في الإحرام يفيد أنه الأصل في غير الإحرام وأنه واجب؟ وإن كان كذلك فالتلثم يكون معه معظم الوجه مكشوفاً ولايستر غير الشفتين والذقن، فهل يقبل المعارضون هذه الدرجة من الستر؟
محمد رفقى
16-11-2015, 04:31 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 12
يقولون: النبي صلي الله عليه وسلم إنما نهى عن الألبسة المختصة بالوجه كالنقاب والبرقع ، وأما مجرد تغطيته بأي شيء كأن تسدل ثوبها على وجهها فإنه لا حرج في ذلك
الجواب عن هذا:
قال الشيخ حمد بن عبد الله الحمد في " شرح زاد المستقنع " :
صح عن ابن عمر- كما في البيهقي- بإسناد صحيح: أنه قال: ( إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه )
وأنكر شيخ الإسلام ما نسب إلى النبي صلي الله عليه وسلم من قوله : ( إحرام المرأة في وجهها ) وقال : " إنما هو قول لبعض السلف " ، وهو كما قال فإنه قد رُفع إلى النبي صلي الله عليه وسلم ذلك ولا يصح ، وأما قول شيخ الإسلام : أنه قول لبعض السلف : فنعم هو لبعض السلف ، لكنه ليس كأي أحد من السلف بل هو إلى ابن عمر ممن يحتج بقوله حيث لم يكن له مخالف ولم يخالف السنة الثابتة عن النبي صلي الله عليه وسلم.
إذا علم الخلاف في هذه المسألة : فليعلم أن منشأ الخلاف في هذه المسألة - أي باعث الخلاف - هو: هل الشارع نهى المرأة عن النقاب والبرقع لكون النقاب والبرقع لباساً مختصاً بالوجه [فيشبه القميص في حق الرجل] وحينئذٍ لا يحرم على المرأة إلا اللباس المختص به ، أم أن النبي صلي الله عليه وسلم نهى عن النقاب والبرقع لكونه غطاءً للوجه فيحرم عليها كل غطاء وكل تغطية ؟
أما الجمهور فقد سلكوا المسلك الثاني .
أما شيخ الإسلام في ظاهر قوله ، وهو قول ابن القيم ومذهب بعض الحنابلة فقد سلكوا المسلك الأول.
قالوا : النبي صلي الله عليه وسلم إنما نهى عن اللباس المختص بالوجه وهو النقاب والبرقع ، ولم يمنع من تغطية الوجه فأشبه ذلك المحرم فإنه ينهى أن يلبس القميص ويجوز له أن يغطي بدنه بإزار ورداء .
وأما الجمهور فقالوا : - كما تقدم - أنه نهى عن التغطية مطلقاً . ومسلك الجمهور أصح مما ذهب إليه بعض الحنابلة .
فإن النساء في اللباس لسن في حكم الرجال ، فإن المرأة يجوز لها أن تلبس القمص وأن تغطي رأسها بالألبسة المختصة بالرأس وتلبس الخفاف والجوارب ونحو ذلك ، فليست كالرجل ، فلا يحرم عليها شيء من الألبسة ، ولو كان المقصود من النهي عن البرقع والنقاب أنه لباس لجاز لها كسائر الألبسة ، فدل على أن المقصود من ذلك إنما هو تغطية الوجه .
ثم إن قول ابن عمر صريح في ذلك ، فإنه قال : (إحرام المرأة في وجهها) ولا نعلم أثراً صريحاً يخالف أثره.
وأما قول عائشة : ( فإن شاءت أسدلت ثوبها على وجهها ) فإنه من المعلوم أن المرأة لا تسدل ثوبها على وجهها إلا إن كان هناك أجنبي ، وإلا فإنها لا تشاء ذلك أصلاً إلا على أحوال نادرة ، على أن هذا ليس صريحاً في المخالفة كما تقدم .
إذن : الراجح مذهب جماهير العلماء وقد حكى اتفاقاً أن المرأة إحرامها في وجهها ، فإذا غطت وجهها من غير حاجة فإنها تكون فاعلة محظوراً من محظورات الإحرام.
نتمنى تثبيت الموضوع للرجوع للمادة
نفعنا الله بك
محمد رفقى
17-11-2015, 02:57 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 13
يقولون: إن الأمر في قوله تعالى {فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ} يفيد وجوب ستر الوجه وهو عام لنساء المؤمنين وليس خاصا بنساء النبي صلي الله عليه وسلم .
الجواب عن هذا:
1. إن اللفظ في الآية الكريمة ليس عاما بل هو خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم بدلالة النص والسياق. فقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْييِ مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْييِ مِنْ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} (سورة الأحزاب:الآية 53)
فضمير {سألتموهن} عائد إلى الأزواج المفهوم من ذِكر البيوت في قوله {بيوت النبي}. وجاء متصلا بحكم الحجاب في نفس الآية قوله تعالي: {ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا}, فالخطاب كله خاص بنساء النبي صلي الله عليه وسلم كما جاء بصريح الآية.
2. فإن قال المانعون للكشف: وإن سلمنا لكم بأن اللفظ هنا خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم وأنهن مأمورات بالحجاب وهن العفيفات الطاهرات، أفليس غيرهن من نساء الأمة أولى بهذا منهن؟ قلنا هذا مناقش من أوجه :
الأول: أن الأمر مع نساء النبي صلى الله عليه وسلم مبناه على التشدد أكثر من غيرهن، قال تعالى: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْن}, فالله خص نساء النبي صلى الله عليه وسلم بتضعيف العقوبة على الذنب , لأن معصيتهن أذى لرسول الله وذنب ، والذنب والأذى لرسول الله أعظم وأقبح من الأذى والذنب لغيره من بقية الرجال.
الثاني: أنه لو كان الأمر كذلك لأُمرنا نحن عامة المسلمين بتكاليف أكثر من النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الله تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر إضافة إلى عصمته صلى الله عليه وسلم من الذنوب ونحن المعرضون للذنوب والعذاب , لكنَّا وجدنا أنه صلى الله عليه وسلم قد خُص بتكاليف أشد وأشق مما كلف به سائر المسلمين كقيام الليل مثلا.
3. إن نزول آية الحجاب فى سورة الأحزاب كان قبل نزول آية الإدناء فإن قال المانعون للكشف أن ستر الوجه لنساء المؤمنين وجب بآية الإدناء بطل ذلك ولابد استدلالهم بآية الحجاب علي أنها أوجبت الستر الكامل لجميع النساء وقولهم عن العله وعموم اللفظ ونحو ذلك.
4. المفسرون متفقون علي أن سبب نزول آية "الإدناء" أن النساء كن يخرجن علي غير هيئة الستر الكامل الذى كانت عليه أمهات المؤمنين وكن يتعرضن لأذى الفساق فنزلت الآية وهذا يبطل الاستدلال بآية الحجاب علي أنها كانت تلزم عموم المؤمنات ولا تخص نساء النبي صلى الله عليه وسلم.
محمد رفقى
17-11-2015, 03:04 PM
يقولون: إن آية {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ} تأمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع عامة النساء إذا خرجن أن يدنين من جلابيبهن ونساء النبي صلى الله عليه وسلم كن مأمورات بالحجاب في الآية الكريمة {فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ} فلابد أن يكون معني الإدناء هو إدناء الجلباب علي الوجه حتي يتم تطبيق الحجاب المفروض علي نساء النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب عن هذا:
1. إن آية الحجاب {فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ} فرضت احتجاب أمهات المؤمنين عن مجلس الرجال داخل البيوت، كما فرضت عليهن ستر وجوههن إذا خرجن من البيوت هكذا كان شأنهن قبل نزول آية {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ}. فقول عائشة (في حديث الإفك): (فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب) أصح رواية وأصرح عبارة في سفور وجوه أمهات المؤمنين قبل فرض الحجاب , وأن قولها: (فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني وخمرت وجهي بجلبابي) أصح رواية وأصرح عبارة في التزام أمهات المؤمنين بستر وجوههن بعد فرض الحجاب.
2. إن الأدب الجديد الذي ترسمه آية {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ} هو أدب يعم جميع الحرائر ومنهن أمهات المؤمنين وذلك لعلة نصت عليها الآية الكريمة {ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ} أى ليتميز الحرائر عن الإماء تميزا واضحا فلا يتعرض لهن أحد بريبة.
قال الشيخ ابن باديس:"....فآية الإبداء أفادت طلب ستر الأعضاء إلا الوجه والكفين وآية الإدناء أفادت طلب الستر الأعلي الذي يحيط بالثياب ويعم الرأس وما والاه من الوجه وهو الجبين وينضم علي البدن ليحصل به تمييز الحرائر بالمبالغة في التستر والاحتشام".
3. لا يلزم من العطف في آية الإدناء التساوي في الحكم , فالشيء الواحد قد يرد في القرآن الكريم لكن لا يقصد به الشبه التام في الحالتين الموجه لهما الخطاب مثل قوله تعالي{وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ...} فالمذكورين في الآية تختلف مراتبهم في إبداء الزينة , فيبدي للزوج ما لا يجوز للأب , ويبدي للأب ما لا يجوز إبداؤه لولد الزوج. قال القرطبي: ((لما ذكر الله تعالى الأزواج وبدأ بهم ثنّى بذوي المحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة ، ولكن تختلف مراتبهم بحسب ما في نفوس البشر ، فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها وتختلف مراتب ما يُبدى لهم ، فيبدى للأب ما لا يجوز إبداؤه لولد الزوج)).
إذَنْ لا يلزم أن يكون الإدناء متماثل بين نساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين , فنساء المؤمنين يرتدين الجلباب مع كشف الوجه والكفين , وأمهات المؤمنين يرتدين الجلباب مع تغطية وجوههن فضلا عن بقية البدن بسبب الحكم الخاص الواقع عليهن وهو حكم حديث الرجال من وراء حجاب.
4. نزول آية النور متأخرا عن آية الأحزاب** يبطل أدلة المانعين للكشف علي وجوب ستر الوجه بآية الإدناء من وجهين:
الأول: أن أهل التفسير ذكروا أن سبب نزول آية الزينة هو أن النساء كن وقت نزولها إذا غطين رؤوسهن بالخمر يسدلنها خلفهن كما تصنع النبط فتبقى النحور والأعناق بادية.
قال القرطبي: وسبب هذه الآية أن النساء كن في ذلك الزمان إذا غطين رؤوسهن بالأخمرة وهي المقانع سدلنها من وراء الظهر. قال النقاش : كما يصنع النبط، فيبقى النحر والعنق والأذنان لا ستر على ذلك، فأمر الله تعالى بلي الخمار على الجيوب، وهيئة ذلك أن تضرب المرأة بخمارها على جيبها لتستر صدرها.
وقال الشوكاني: قال المفسرون : إن نساء الجاهلية كن يسدلن خمرهن من خلفهن ، وكانت جيوبهن من قدّام واسعة ، فكان تنكشف نحورهن ، وقلائدهن ، فأمرن أن يضربن مقانعهن على الجيوب لتستر بذلك ما كان يبدو.
الثانى: وجود أثار صحيحه عن الصحابه في تفسير {ما ظهر منها} بالوجه والكفين.
**من كتاب "عودة الحجاب" لمحمد اسماعيل المقدم الجزء الثالث صفحة 413 وهو من كتب المانعين للكشف :
((كل هذه الأوامر بالحجاب إنما نزلت في سورة الأحزاب في السنة الخامسة من الهجرة النبوية , وشاع الحجاب في المجتمع المسلم بعد نزولها , وقبل الأمر بغض البصر , الذي نزل في سورة النور التي نزلت في السنة السادسة من الهجرة))
محمد رفقى
17-11-2015, 03:10 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 14
يقولون: قوله صلي الله عليه وسلّم: «إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه». وجه الدلالة من هذا الحديث أنه يقتضي أن كشف السيدة وجهها لعبدها جائز مادام في ملكها فإذا خرج منه وجب عليها الاحتجاب لأنه صار أجنبياً فدل على وجوب احتجاب المرأة عن الرجل الأجنبي.
الجواب عن هذا:
هذا الحديث لا علاقة له بوجوب تغطية الوجه لعامة النساء فالرسول يوجه خطابه في هذا الحديث لنسائه أمهات المؤمنين والمقصود بالحجاب هنا هو إسدال سِتر بينهن وبين الرجال وليس مجرد ستر الوجه.وهذا الحجاب بل ولفظ (الحجاب) نفسه خاص بهن دون عامة نساء المؤمنين.
ومما يؤكد أن الخطاب موجه لنسائه صلي الله عليه وسلم خاصة ورود عدة روايات كلها تتعلق بأمهات المؤمنين ومنها ما رواه البيهقي عن القاسم بن محمد أنه قال : إن أمهات المؤمنين يكون لبعضهن المكاتب فتكشف له الحجاب ما بقي عليه درهم فإذا قضي أرخته دونه ومنها ما رواه سعيد في سننه عن أبي قلابه قال : كان أزواج النبي لا يحتجبن من مكاتب ما بقي عليه دينار
محمد رفقى
17-11-2015, 03:22 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 15
يقولون: عن حديث المرأة سفعاء الخدين بأنه ليس فيه ما يدل على أن النبي صلي الله عليه وسلم رآها كاشفة عن وجهها ، وأقرها على ذلك ، بل غاية ما يفيده الحديث أن جابرًا رأى وجهها ، وذلك لا يستلزم كشفها عنه قصدًا، وكم من امرأة يسقط خمارها عن وجهها من غير قصد، فيراه بعض الناس في تلك الحال، فعلى المحتج بحديث جابر المذكور، أن يثبت أنه صلي الله عليه وسلم رآها سافرة، وأقرها على ذلك، ولا سبيل له إلى إثبات ذلك. وقد روى القصة المذكورة غير جابر، فلم يذكر كشف المرأة المذكورة عن وجهها، وقد ذكر الإمام مسلم في صحيحه ممن رواها غير جابر فذكر أبا سعيد الخدري، وابن عباس، وابن عمر، وذكرها غيره عن غيرهم. ولم يقل أحد ممن روى القصة غير جابر أنه رأى خدي تلك المرأة السفعاء الخدين ، وبذلك يُعلم أنه لا دليل على السفور في حديث جابر المذكور.
الجواب عن هذا:
1- وهذا هو عين في رد الثابت ، وتأويل الواضح الدلالة ، فالانصراف عما يدل عليه ظاهر اللفظ , أوسياق القصة , لا يكون جائزاً إلا بدليل عاضد. ووصف المرأة بهذا الوصف يقطع بأنها كانت سافرة. والرسول مضي حتي أتي النساء فوعظهن فقامت المرأة وكلمت النبي صلي الله عليه وسلم وكلمها ولم ينكر عليها كشف وجهها.
2- وأما قول: (وكم من امرأة يسقط خمارها عن وجهها من غير قصد...) فهذا إحالة على جهالة ، وإذا تطرق الشك بطل الاستدلال ، ولو صح هذا الأمر لأمرها النبي صلي الله عليه وسلم بإصلاح شأنها، وستر وجهها ، فإنه صلي الله عليه وسلم لم يكن ليقع منكر أمامه ولا يغيره ، أو يأمر بتغييره.
3- إذا كان سيدنا جابر حريصًا على نقل القصة بتفاصيلها لدرجة أنه وصف المرأة التي سألت بأنها سفعاء الخدين ، فلو سقط خمارها فبان وجهها لذكر ذلك وبيَّنه.
4- وأما القول أن جابر انفرد بحكاية رؤية المرأة ، أليس هو صحابي عدل حجة ، ومن رواه عنه من العدول الثقات ، فهل إذا تفرد برواية ما لم يروه غيره توقف في خبره ، أم رُدَّ خبره؟!
وهذه روايات أخري لنفس القصة فيها وصف المرأة بنفس ما وصفها به جابر:
• عن أبى هريرة قال: ألا هل عست امرأة تخبر القوم بما يكون من زوجها إذا خلا بها؟! ألا هل عسى رجل أن يخبر القوم بما يكون منه إذا خلا بأهله؟! فقامت منهن امرأة سفعاء الخدين فقالت: والله إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن , قال: فلا تفعلوا ذلك , أفلا أنبئكم ما مثل ذلك؟ مثل شيطان أتى شيطانة بالطريق فوقع بها والناس ينظرون.(السلسلة الصحيحة للألبانى)
• عن أبي هريرة قال : دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم المسجد ، وفيه نسوة من الأنصار ،فوعظهن ، وذكرهن ، وأمرهن أن يتصدقن ، ولو من حليهن ، ثم قال :ألا هل عست امرأة أن تخبر القوم بما يكون من زوجها إذا خلا بها ؟ ألا هل عسى رجل أن يخبر القوم بما يكون منه إذا خلا بأهله ؟ فقامت منهن امرأة سفعاء الخدين فقالت : والله إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن قال : فلا تفعلوا ذلك أفلا أنبئكم ما مثل ذلك ؟ مثل شيطان أتى شيطانة بالطريق فوقع بها والناس ينظرون.(كتاب " مساوئ الاخلاق" للإمام ابي بكرالخرائطي وصححه للألباني)
• عن أبى سعيد الخدرى قال :ألا عسى أحدكم أن يخلو بأهله يغلق بابا ثم يرخى سترا ثم يقضى حاجته ثم إذا خرج حدث أصحابه بذلك ألا عسى إحداكن أن تغلق بابها وترخى سترها فإذا قضت حاجتها حدثت صواحبها فقالت امرأة سفعاء الحدين والله يا رسول الله إنهن ليفعلن وإنهم ليفعلون قال فلا تفعلوا فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقى شيطانة على قارعة الطريق فقضى حاجته منها ثم انصرف وتركها. (رواه المنذرى فى الترغيب والترهيب وحكمه: له شواهد قوية)
وقد ذهب بعضهم مذهبًا آخر في الجواب عن هذا الحديث فقال بأن هناك حرفًا مغيَّرًا في الحديث ورجَّح ما نقله القاضي عياض عن حذاق شيوخه من أن: لفظ (سطة النساء) غلط في صحيح مسلم، وأن الصواب: (امرأة من سفلة النساء) وكذا رواه ابن أبي شيبة في مسنده والنسائي في سننه, وفي رواية لابن أبي شيبة: (امرأة ليست من علية النساء). ثم قال: "قوله , أي في الحديث: (سفعاء الخدين) فمعناه: فيها تغير وسواد، فعلى هذا فقوله: (امرأة من سفلة النساء سفعاء الخدين) أي: ليست من علية النساء , بل هي من سفلتهم , وهي سوداء وهذا القول يُشعر ويشير إشارة قوية إلى أن المرأة كانت من الإماء وليست من الحرائر، وعليه فلا دليل في هذا لمن استدل به على جواز كشف وجه المرأة؛ إذ أنه يغتفر في حق الإماء ما لا يغتفر في حق الحرائر".
وقد أجاب عن هذا الإمام النووي في شرحه على مسلم فقال: "وهذا الذي ادعوه من تغيير الكلمة غير مقبول بل هي صحيحة، وليس المراد بها من خيار النساء بل المراد امرأة من وسط النساء جالسة في وسطهن، قال الجوهري وغيره من أهل اللغة : يُقال وسطت القوم أسِطُهم وسَطًا وسِطة أي: توسطتهم. قوله (سفعاء الخدين) بفتح السين المهملة أي فيها تغير وسواد".
وعلى فرض التسليم بأن الحرف مُغيَّر، فإن لفظ (سفلة) لا يدل دلالة قطعية على أنها كانت من الإماء , بل هو مجرد احتمال لا يخلو من نظر عند التحقيق , ففي القاموس وشرحه للزبيدي: "(وسِفْلَةُ النَّاسِ، بالكسْرِ)، على التَّخْفِيفِ بِنَقْلِ كَسْرَةِ الْفاءِ إِلَى السِّينِ، نَقَلَهُ ابنُ السِّكِّيتِ عن بعضِ العَرَبِ، (وكفَرِحَةٍ: أسافِلُهُمْ، وغَوْغَاؤُهُمْ)، وأَرَاذِلُهُم، وسُقَّاطُهُم، (و السَّفَالَةُ بالفتحِ: النَّذَالَة) ". فانظر إلى هذا فإن الشيخ مع تقصِّيه للمعاني الواردة في اللغة لم يذكر ولو إشارة إلى أن هذا اللفظ قد يستخدم مع الإماء.
ثم أن هذه المرأة معروفة وهي أسماء بنت يزيد من بني الأشهل من الأوس أحد القبيلتين العريقتين في المدينة وهما الأوس والخزرج وهي شابة في عصر الرسالة.ولم يرد ذكر في كتب التراجم أنها كانت من الإماء.وقد روت أصل هذه القصة فى حديث أخرجه البيهقى والطبرانى:
• عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله خرج إلى النساء وأنا معهن فقال يا معشر النساء إنكن أكثر حطب جهنم فناديت رسول الله وكنت عليه جريئة لم يا رسول الله قال لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير.
وشهر بن حوشب مولى الصحابية أسماء بنت يزيد الأنصارية . كان من كبار علماء التابعين.
قال الحافظ الذهبى مختلف فيه وحديثه حسن
من كتاب (المرأة العالمة في عهد النبوة تأصيل وتميُّز) د.أميرة بنت علي الصاعدي/أستاذ مساعد بجامعة أم القرى:
((أسماء بنت يزيد العالمة المحدثة الفقيهة , ثالث امرأة راوية للحديث بعد أم المؤمنين عائشة وأم سلمة رضى الله عنهما ... من ذوات العقل الراجح والدين السليم , عُرفت بحسن المنطق وقوة البيان , كانت حريصة على تعلم أموردينها والسؤال عنها.
وكانت تسمي بخطيبة النساء لانها كانت تبادر وتسأل النبي صلي الله عليه وسلم في أكثر من موضع ومن أهم تلك المواضع ما جاء في قصة العيد عندما قال النبي للنساء أنتن أكثر حطب جهنم فقالت امرأة كما في رواية مسلم من سطة النساء سفعاء الخدين لم يا رسول الله ؟قال لأنكن تكفرن العشر وتكثرن الشكاة الخ.وقال ابن حجر في أحد المواضع في الفتح هي أسماء بنت يزيد ,اعتمد في ذلك على بعض الروايات لها، وهي المرأة التي جاءت تسأل النبي صلي الله عليه وسلم عن غسل الحيض كما في صحيح مسلم.وهي المرأة التي جاءت تطلب أن يخصص النبي للنساء لتعليمهن كما في الصحيحين ولم يذكر اسمها , قال ابن حجر في الفتح :لم أقف على اسمها لكن يحتمل أنها أسماء بنت يزيد))
وأما قولهم : ربما تكون هذه المرأة من القواعد , فيناقش هذا بأن أسماء قد ماتت في خلافة يزيد بن معاوية في حدود السبعين هجرية. أي بعد ستين عاما من وفاة النبي صلي الله عليه وسلم , مما يعني أنه يستبعد ان تكون من القواعد في عصر الرسالة.
وأما قولهم : أن ذلك محتمل أن يكون قبل فرض الحجاب , غير صحيح , بل الواقعة حدثت بعد فرض الحجاب لأن آية الحجاب إنما نزلت سنة خمس، حين بنى صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش , وزمن ورود هذة الواقعة كان بعد صلح الحديبية, في يوم عيد من الأعياد.
• عن بن عباس قال: شهدت الفطر مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، يصلونها قبل الخُطبة ، ثم يخطب بعد ، خرج النبي صلى الله عليه وسلم ، كأني أنظر إليه حين يجلس بِيده ، ثم أقبل يشقهم ، حتى جاء النساء معه بلال، فقال: { يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} الآية ، ثم قال حين فرغ منها : أنتن على ذلك. قالت امرأة واحدة منهن لم يجِبه غيرها: نعم. لا يدري حسن (من الرواة) من هي ، قال: فتصدقن. فبسط بلال ثوبه، ثم قال : هلم لكن فداء أبي وأمي. فيلقين الفتخ والخواتيم في ثوب بلالٍ.(رواه البخارى)
أولا: انتقل ابن عباس مع أبويه إلى دار الهجرة سنة الفتح وذلك فى العام الثامن من الهجرة وهذا لا يكون إلا بعد فرض الحجاب.
ثانيا: النبى صلى الله عليه وسلم قرأ على النساء آية المبايعة وهي في آخر سورة الممتحنة, وفي صحيح البخاري عن المسور أن آية الامتحان نزلت في يوم الحديبية, وكان ذلك سنة ست فى شهر ذى القعدة, فيكون النبي صلى الله عليه وسلم أعاد قراءتها على النساء في عيد الفطر, كما في الحديث, وهو عيد الفطر الذي بعد صلح الحديبية, وهو إمّا في فطر السنة السابعة أو التاسعة أو العاشرة.أمّا فطر السنة الثامنة فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة , بل كان بمكّة في غزوة الفتح فقد فتحها الله عليه في شهر رمضان وبقي بها حتى قدم عيد الفطر ودخل شوال.
إذن القصة وقعت إما فى فى فطر السنة التاسعة أو العاشرة
محمد رفقى
18-11-2015, 02:32 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 16
يقولون: ليس فى قصة الخثعمية والفضل بن العباس امرأة كانت سافرة بوجهها فيحتمل أن ابن عباس أراد حسن قوامها وقدّها ووضاءة ما ظهر من أطرافها.
الجواب عن هذا:
هذا القول من أبعد الأقوال عن الصواب , فمن أين للراوي أو الرائي أن يعرفها أنها حسناء وضيئة؟! وأى أطراف هذه التى رآها الفضل ، فأعجبته وضاءتها ؟!
وتأمل قوله وكان الفضل رجلا وضيئاً .
وقوله وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة .
هل هناك شك في أن المقصود هنا غير الوجه ؟ !!
وهل وصف الفضل بأنه وضيء لحسن قامته؟!!
قال العيني في "عمدة القاري" : قوله وضيئا أي لحسن وجهه ونظافة صورته , قوله وضيئة أي حسنة الوجه تضيء من حسنها.
وقال ابن حجر في "الفتح" : قوله وضيئة بوزن عظيمة من الوضاءة أي حسنة جميلة .
وقال النووي في "شرح مسلم" : الوضيئة مهموزة ممدودة هي الجميلة الحسنة والوضاءة الحسن.
وقال السيوطي في "شرح مسلم" : وضيئة بالهمز والمد أي جميلة حسنة.
قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي" : وجارية وضيئة أي جميلة.
وقال الثعالبي : إِذا كانت بها مسحة من جمال فهي وضيئة وجميلة.
قال عمر لحفصة: لا يغرنك أن كانت جارتك أوضأ منك ... وفي رواية عند مسلم قال: يا بنية لا تغرنك هذه التي أعجبها حسنها.
قال ابن حجر : قوله ( أوضأ) من الوضاءة ... والمراد أجمل.
وفي الحديث أقبلت امرأة من خثعم وضيئة ... وفي رواية: (وكانت امرأة حسناء)
وحَسْنَاءُ: جمع: حَسْنَاوَاتٌ، حِسَانٌ.من حسُنَ: جميلة، وسيمة، مليحة القسمات. "اِمْرَأةٌ حَسْنَاءُ" : جَمِيلَةٌ بَهِيَّةٌ.
وهل الجمال إلا في الوجه ؟ أليست هذه العبارة المسلّمة هي من أدلة الموجبين لستر الوجه بأنه مجمع الجمال والوضاءة ؟ فما بال الأمر انقلب الآن !!!
محمد رفقى
18-11-2015, 02:49 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 17
يقولون:
1- إن كان الفضل قد رأى وجه الخثعمية فرؤيته لا تدل على أنها كانت مستديمة لكشفه, ولا أن النبي صلي الله عليه وسلم رآها سافرة بوجهها وأقرها على ذلك , وكثيرا ما ينكشف وجه المتحجبة بغير قصد.
2- أن الذين شاهدوا قصة الفضل والخثعمية لم يذكروا أنها وضيئة.
3- أن النبي صلي الله عليه وسلم سكت عن كشفها وجهها أمام الناس ولم ينكر عليها لحداثة عهدها بالإسلام
الجواب عن هذا:
1- أما القول الأول , فهذه مغالطة أخرى فإن قول ابن عباس: "فأخذ الفضل ينظر يلتفت إليها" , وفي الرواية الأخرى: "فطفق ينظر إليها وأعجبه حسنها" , يفيد استمرار النظر , فلو انكشف بغير قصد لنظر الفضل مرة واحدة ولذلك قال ابن بطال :" لم يحول النبي صلي الله عليه وسلم وجه الفضل حتى أدمن النظر إليها لإعجابه بها…"
وفي رواية أحمد : ثم أعدت النظر فقلب وجهي عن وجهها حتى فعلت ذلك ثلاثاً وأنا لا أنتهي. فكيف يقال بعد ذلك أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يرها كاشفة عن وجهها ، ولم يقرها!
2- أما قولهم أن الذين شاهدوا قصة الفضل والخثعمية لم يذكروا أنها وضيئة , فالفضل أخبر بما رأي من المرأة الخثعمية لإعجابه بحسنها ، ولا يلزم من ذلك أن ينظر إليها على بن ابي طالب ليصفها بنفس ما وصفها به الفضل. وفي رواية علي رضى الله عنه "واستفتته جارية شابة من خثعم" ما يدل على أنه عرف أنها شابة من وجهها.
3- وأما قولهم أن النبي صلي الله عليه وسلم سكت عن كشفها وجهها أمام الناس ولم ينكر عليها لحداثة عهدها بالإسلام , فهذا الكلام فيه تعطيلاً للسنة التي منها إقراره صلي الله عليه وسلم ، ذلك لأنه ما من شيء سكت عنه صلي الله عليه وسلم وأقره إلا ومن الممكن لكل مجادل أن يُبطله بمثل ذلك القول! . والرسول لم يسكت عن تعليم معاوية بن الحكم الذى تكلم فى الصلاة وكان رجل حديث عهد بجاهلية كما جاء فى الحديث. والقاعدة الشهيرة "تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز"
محمد رفقى
18-11-2015, 02:58 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 18
يقولون: أن سؤال الخثعمية للنبي صلي الله عليه وسلم كان في الطريق من مزدلفة إلى منى , وبهذا فإن المرأة كانت محرمة فيجوز لها الكشف.
فعن ابن عباس أن امرأة من خثعم سألت رسول الله غداة جمع والفضل بن عباس ردف فقالت: إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يستمسك على الرحل فهل ترى أن أحج عنه؟ قال: ((نعم)).(رواه أحمد)
فجمع هي مزدلفة , وفي بعض الروايات غداة جمع , وفي بعضها غداة يوم النحر ومعناهما واحد. ولفظ الغداة يعني ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس , ومن المعلوم أن النبي صلي الله عليه وسلم إنما وقف في مزدلفة حتى أسفر جدًا ( كما في صحيح مسلم من حديث جابر), ثم اتجه النبي صلي الله عليه وسلم والفضل رديفه إلى منى فلكي يصل صلي الله عليه وسلم من مزدلفة إلى منى لابد وأن تكون الشمس قد ارتفعت كثيرًا , فيكون وقت الغداة قد انتهى فيتعين أن الخثعمية إنما سألت رسول الله في الطريق من مزدلفة إلى منى , وليس عند المنحر.
قال الشيخ مصطفي العدوي : فبهذا يسقط الاستدلال بهذا الحديث على جواز كشف وجه المرأة ويثبت لدينا ما قد ثبت من قبل ألا وهو أن الخثعمية كانت محرمة والمحرمة لا يجب عليها تغطية وجهها.
الجواب عن هذا :
أولا : كيف يكون الوجه عورة في الحل ويصبح غير عورة في الإحرام؟! فالإحرام يحرم فيه بعض الحلال , ولا يحل فيه بعض الحرام.
المرأة المحرمة منهية عن لبس النقاب لكنها ليست منهية عن أن تسدل على وجهها من ثوبها , فلو كان كشف الوجه لا يجوز لأمر رسول الله الخثعمية بتغطية وجهها إذا كانت غير محرمة , وبالإسدال على وجهها من طرف ثوبها إذا كانت محرمة.لكن رسول الله لم يأمرها بهذا ولا بذاك , فدل موقفه على أن كشف المرأة وجهها ليس حراما , وأن ستره ليس واجبا.
قال الألباني : ( فإنه لا دليل علي أنها كانت محرمه , بل الظاهر خلافه كما حققه الحافظ , ثم أن هذا الجواب إنما يستقيم لو كان لا يجوز للمحرمة أن تغطي وجهها بالسدل عليه , ذلك لأن المحرمة تشترك مع غير المحرمة في جواز ستر وجهها بالسدل عليه , وإنما يجب عليها أن لا تنتقب فقط , فلو أن كشف المرأة وجهها أمام الأجانب لا يجوز , لأمرها صل الله عليه وسلم أن تسبل عليه من فوق كما قال ابن حزم ولا سيما وهي من أحسن النساء وأجملهن , وقد كاد الفضل ابن العباس أن يفتتن بها , ومع هذا كله لم يأمرها صل الله عليه وسلم , بل صرف وجه الفضل عنها , ففي هذا دليل أيضاً على أن الستر المذكور لا يجب على المرأة ولو كانت جميلة ).
والجدير بالذكر أن القائلين بوجوب ستر المرأة لوجهها يسقطون دلالة هذا الحديث بدعوى أن هذه المرأة كانت محرمة , وهم عند كلامهم عن لباس المرأة المحرمة لا يبيحون لها كشف وجهها بمحضر الرجال وهي محرمة ، ويقولون أن المنهي عنه هو لبس النقاب وليس ستر الوجه.
قال الألباني:" فإننا لا نعلم أحداً من أهل العلم قال بوجوب الستر كأصل ، مع عدم الوجوب على المحرمة ولو عند الفتنة!".
ثانيا: الغداة قد تطلق شرعا أيضا على ما بعد طلوع الشمس , وقد قال الحافظ ابن حجر في الفتح : الغداة تطلق ويراد بها مطلق الوقت.
فقد روى مسلم وبوب له النووي بقوله ( باب التلبية والتكبير في الذهاب من منى إلى عرفات في يوم عرفة ) روى عن عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال : غدونا مع رسول الله من منى إلى عرفات منا الملبي ومنا المكبر.
وروى أيضا عن محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله ؟ فقال: كان يهل المهل منا فلا ينكر عليه ويكبر المكبر منا فلا ينكر عليه. وفي لفظ: قلت لأنس بن مالك غداة عرفة ما تقول في التلبية هذا اليوم قال سرت هذا المسير مع النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه فمنا المكبر ومنا المهلل ولا يعيب أحدنا على صاحبه.
ومن المعروف أن الخروج من منى إلى عرفة يكون بعد طلوع الشمس.فيكون قد أطلق (غداة عرفة) على ما بعد طلوع الشمس.
وروى مالك في الموطأ عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا أهدى هديا من المدينة قلده وأشعره بذي الحليفة ... ثم يساق معه حتى يوقف به مع الناس بعرفة ثم يدفع به معهم إذا دفعوا فإذا قدم منى غداة النحر نحره قبل أن يحلق أو يقصر...)
تأمل قوله (قدم منى غداة النحر).فإن القدوم إلى منى لا يكون إلا بعد أن ترتفع الشمس كثيرا .
وروى أحمد عن بن عباس قال لي رسول الله غداة جمع هلُمَّ الْقُطْ لي فلقطت له حصيات من حصى الخذف فلما وضعهن في يده قال : نعم بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين.
وبهذا يكون قول بن عباس "غداة جمع" معناه " يوم جمع " أو " يوم النحر"
ثالثا : في حديث علي رضى الله عنه : ((...ثم أردف الفضل وسار حتى أتى الجمرة فرماها, ثم أتى المنحر فقال: ((هذا المنحر ومنى كلها منحر)). قال واستفتته جارية شابة من خثعم..)) في الحديث التصريح الواضح أن السؤال كان عند المنحر.
محمد رفقى
18-11-2015, 03:04 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 19
يقولون: عن قصة الفضل ابن العباس والخثعمية أن والد هذه المرأة أراد عرضها على النبي صلي الله عليه وسلم لعلها تعجبه فيتزوج بها.
الجواب عن هذا:
هذا الكلام مبني علي رواية ذكرها الحافظ بن حجر في الفتح عن يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن الفضل بن عباس قال : ( كنت رديف النبي صلي الله عليه وسلم وأعرابي مع بنت حسناء فجعل الأعرابي يعرضها لرسول الله رجاء أن يتزوجها وجعلت ألتفت اليها ويأخذ النبي صلي الله عليه وسلم برأسي فيلويه فكان يلبي حتى رمي جمرة العقبة ).
أولا: نص الرواية مختلف عن قصة الخثعمية:
1- قصة الأعرابى وقعت قبل الرمي حين أفاض صلى الله عليه وسلم من مزدلفة, وسؤال الخثعمية قد وقع يوم النحر بعد الرمى حين وقف صلى الله عليه وسلم يفتيهم.
2- ظاهر رواية الخثعمية ( أقبلت امرأة ) وفي رواية ( فجاءت امرأة ) وأنها جاءت تستفتي عن أبيها ولم تذكر أن معها رجل. والمشترك بين الروايتين هو تحويل وجه الفضل.
وفي رواية علي رضى الله عنه "واستفتته جارية شابة من خثعم ، فقالت إن أبي شيخ كبير قد أدركته فريضة الله في الحج، أفيجزئ أن أحج عنه؟ قال: حجي عن أبيك" دليل أيضا على أن المرأة لم تكن مع أبيها.
ثانيا : الحديث ذكره الألباني في السلسلة الضعيفة:
قال الألباني: وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات ومتنه منكر وفيه علل خمس ذكرها في"الرد المفحم" ثم قال: ولا يخفى على البصير بهذا العلم الشريف أن علّة واحدة من هذه العلل الخمس كافية في تضعيف الحديث فكيف بها مجتمعة؟! فالعجب كل العجب من الحافظ ابن حجر!كيف قال في"الفتح", " رواه أبو يعلى بإسناد قوي"؟!
وتشبث بعضهم بهذه الزيادة المنْكَرة :"وأعرابي معه ابنة له…رجاء أن يتزوجها" , لإبطال دلالة حديث الخثعمية الصحيح علي جواز الإسفار عن الوجه , فعلل كشفها بأنه إنما "كان لأجل النظر في حق الخاطب" مع أنه ليس في الزيادة المنكرة أن النبي صلي الله عليه وسلم كان خاطباً وإنما فيها العرض عليه صلي الله عليه وسلم لعلّه يتزوجها.
ثم لو سلمنا بهذه الزيادة المنكَرة فذلك لا يقتضي أن قصة بنت الأعرابي هي نفس قصة الخثعمية بل هذه غير تلك يقيناً وإلى ذلك جنح الحافظ ابن القطان في كتابه" النظر في أحكام النظر" لاختلاف سياقها عن تلك فبقيت سالمة من ذاك التأويل الهدّام!
انتهى
وهناك رواية أخري معارضة في مسند أحمد لم يذكر فيها أن أباها عرضها على النبي صلي الله عليه وسلم:
• حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن الفضل بن عباس قال أبو أحمد حدثني الفضل بن عباس قال كنت رديف النبي صلي الله عليه وسلم حين أفاض من المزدلفة وأعرابي يسايره وردفه ابنة له حسناء قال الفضل فجعلت أنظر إليها فتناول رسول الله صلي الله عليه وسلم بوجهي يصرفني عنها فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة .
قال الألباني: وإسرائيل مقدَّم عند الاختلاف على أبيه يونس ولذا قال الإمام أحمد:"حديث إسرائيل أحب إليَّ منه".
وقال أيضا: أن رواية يونس مخالفه لجميع الثقات الذين رووا الحديث عن ابن عباس دون الزيادة.
ثالثا: إذا كان المقام مقام تزويج وخطبة وأنه يجوز كشف المرأة وجهها للخاطب , هل يجوز أمام الأجانب حتي أدمن الفضل النظر إليها؟!
قال الحافظ : وفي الحديث ( رواية الخثعمية ) من الفوائد: إحرام المرأة في وجهها فيجوز لها كشفه في الإحرام... وأن المرأة تحج بغير محرم وأن المحرم ليس من السبيل المشترط في الحج لكن الذي تقدم من أنها كانت مع أبيها قد يرد على ذلك.
هل في كلام ابن حجر (المحرم ليس من سبيل المشترط في الحج) دلالة على أن قصة الأعرابي ليست محل تأكيد عنده أنها هي نفس قصة الخثعمية؟ الله أعلم.
وهناك واقعة أخري للفضل بن العباس في موسم الحج أيضا تشبه ما كان منه مع الخثعمية:
•عن جابر بن عبد الله قال : ... وأردف ( أي رسول الله ) الفضل ابن العباس وكان رجلاً حسن الشعر أبيض وسيماً ، فلما دفع رسول الله مرت ظعن يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن ، فوضع رسول الله يده على وجه الفضل فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر فحول رسول الله يده من الشق الآخر على وجه الفضل يصرف وجهه. (رواه مسلم)
محمد رفقى
18-11-2015, 03:07 PM
حول حديث المرأة الخثعمية
1-هذا الحديث كما هو صحيح ، فهو صريح أيضا. فدلالته على جواز كشف المرأة عن وجهها ليس دلالة ضمنية ، وإنما دلالة صريحة. ومجريات الحدث كما وردت في نص الحديث ، لا تدع مجالا للتأويل ، أو حتى للتحوير. ولم يبق للمعارض لصراحة هذا النص غير الشغب الاستدلالي.
2- هذا الحديث ينفي الاستثناءات التي يحاول البعض أن يبحث فيها عن دليل جديد للإقناع بالرأي القائل بوجوب ستر المرأة وجهها وكفيها , وذلك باشتراط أمن الفتنة . ثم يقولون بأن الزمن زمن فتنة !. وهذا الحديث ينفي شرط الفتنة من أساسه ، فالمرأة التي كان الفضل ينظر إليها وتنظر إليه كانت جميلة ، والفضل كان جميلا أيضا. إذن، فالفتنة كانت غير مأمونة هنا , ومع هذا لم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بستر وجهها ، وإنما اكتفى بإدارة وجه الفضل. أي أنه عندما تُخشى الفتنة يكون الأمر بغض البصر ، وليس بإلزام النساء ما لا يلزم من تغطية الوجه ، كما هو صريح في سياق الحديث .
محمد رفقى
19-11-2015, 03:14 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 20
يقولون : في قصة الواهبة (( فقالت: يارسول الله جئت أهب لك نفسي , قال : فنظر إليها رسول الله فصعد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رسول الله رأسه , فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست , فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها )). ليس في الحديث أنها كانت سافرة الوجه , وقيل أن المقام مقام تزويج وخطبة أي أنه يجوز كشف المرأة وجهها للخاطب , وقيل يحتمل أن ذلك كان قبل الحجاب.
الجواب عن هذا:
1- المرأة ظهرت أمام رسول الله وأمام أصحابه ، فنظر إليها رسول الله كما نظر إليها غيره ، ومنهم الرجل الذي استأذن النبي صلي الله عليه وسلم في نكاحها.
ولو لم تكن المرأة سافرة الوجه ما استطاع النبي صلي الله عليه وسلم أن ينظر إليها ويطيل فيها النظر تصعيداً وتصويباً , ولم يرد أنه فعل ذلك للخطبة فإن الرواية ليس فيها ما يومئ إلى أنها غير كاشفة لوجهها ثم قامت بكشفه , ثم غطت وجهها بعد ذلك , بل ورد أنها جلست كما جاءت ورآها الحضور من الصحابة فطلب من الرسول الكريم أن يزوجها إياه , أي أنها قد أعجبته , وهذا دليل على بطلان قول بعضهم:" ليس في الحديث أنها كانت سافرة الوجه". ويؤكد ذلك أن الحديث من جملة الأحاديث التي استدل بها العلماء على أنه يجوز للخاطب أن ينظر إلى وجه خطيبته , وقد وضع البخاري الحديث تحت باب (النظر إلي المرأة قبل التزويج) , و يقول ابن بطال: " ففي هذه الأحاديث إباحة النظر إلى وجه المرأة لمن أراد نكاحها.
2- إذا كان المقام مقام تزويج وخطبة وأنه يجوز كشف المرأة وجهها للخاطب , هل يجوز أمام الأجانب؟!
3- وإن قيل إنه يُحتمل أن ذلك كان قبل الحجاب، قلنا : فلا يدل على شيء ؛ إذ لا فرق بين حدوث هذا قبل آية الحجاب أو بعده ؛ لأن آية الحجاب خاصة بنساء النبي صلي الله عليه وسلم.
محمد رفقى
21-11-2015, 02:42 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 21
يقولون: قد أجمع علماء السلف على وجوب ستر المرأة المسلمة لوجهها ، وأنه عورة يجب عليها ستره إلا من ذي محرم.
الجواب عن هذا:
أولا : لم ينطق بكلمة "الإجماع" في هذه المسألة أحد من أهل العلم.
ثانيا : مما يدل على بطلان هذا الإجماع :
1. قول ابن حزم في كتابه"مراتب الإجماع": ( واتفقوا على أن شعر الحرة وجسمها حاشا وجهها ويدها عورة واختلفوا في الوجه واليدين حتى أظفارهما عورة هي أم لا؟).
وأقره شيخ الإسلام ابن تيميه في تعليقه عليه.
2. قول ابن هبيرة الحنبلي في " الإفصاح" : (واختلفوا في عورة المرأة الحرة وحدِّها فقال أبو حنيفة: كلها عورة إلا الوجه والكفين والقدمين. وقد روي عنه أن قدميها عورة وقال مالك والشافعي: كلها عورة إلا وجهها وكفيها وهو قول أحمد في إحدى روايتيه والرواية الأخرى: كلها عورة إلا وجهها وخاصة. وهي المشهورة واختارها الخرقي).
3. قول ابن عبد البر في "التمهيد" : - وقد ذكر أن المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين وأنه قول الأئمة الثلاثة وأصحابهم وقول الأوزاعي وأبي ثور-:
" على هذا أكثر أهل العلم وقد أجمعوا على أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة والإحرام"
4. قول ابن رشد في بداية المجتهد: (... حد العورة في المرأة: أكثر العلماء علي أن بدنها كله عورة ما خلا الوجه والكفين)
5. وعن الحافظ ابن كثير: أن الجمهور فسر {ما ظهر منها} بالوجه والكفين
محمد رفقى
21-11-2015, 02:50 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 22
يقولون: إن كثيراً من الفقهاء قالوا بوجوب ستر الوجه سداً للذريعة ولأمن الفتنة , وهذا الزمان الذي نعيش فيه زمان فتنة وفساد.
الجواب عن هذا:
1- هذا القول من بعض الفقهاء هو اجتهاد منهم لأمن الفتنة وليس هو الحكم الأصلي الوارد من الشارع في شأن الوجه. إن الشارع أوجب ستر العورة فحسب ، فأما ما لم يكن عورة فلا يجب ستره أصلا. ولكن قد يجتهد الفقيه ويحكم بوجوب ستر الوجه أو ندبه - وان لم يكن عورة - في حال معينة ، وهذا الحكم الاجتهادي قد يكون صواباً وقد يكون خطأ والعبرة بالدليل الذي اعتمد عليه في اجتهاده ، كما قد يكون هذا الحكم الاجتهادي قد راعى مصلحة زمنية معينة.
2- إن حد زمن الفتنة غير منضبط , فمنذ عصر التابعين وهناك من يقول زماننا هذا زمان فتنة , كما أن الجمال أمر نسبي , وأين الأمر بغض البصر.
قال القرطبي : ... فهذا أقوي في جانب الإحتياط لمراعاة فساد الناس فلا تبدي المرأة من زينتها إلا ما ظهر من وجهها وكفيها.
وسؤل ابن عقيل الحنبلي عن كشف المرأة وجهها في الإحرام مع كثرة الفساد اليوم.
ثم إن من يرى أنه لا يجب ستر الوجه والكفين إلا بسبب الفساد ، عليه أن لا يمنع المرأة أن تكشف وجهها في بيتها بمحضر أجنبي عنها (وبغير خلوة به) إذا كان الأجنبي من أهل الصلاح.
3- إن فتن الحياة كثيرة ومن أخطرها فتنة النساء وفتنة المال وفتنة الأولاد ومع ذلك فلا غني للبشر عنها .فالمال مثلا أصله حلال , وهو عماد من عمد الحياة , فلا تقوم الحياة بدونه , فلا يجوز أن نحرم هذا الأصل الحلال ونعطل دوره في تعمير الأرض من باب سد الذريعة. ولكن الذي ينبغي أن يحرم أمورا حرمها الشارع قد تصاحب المال سواء في كسبه أو في إنفاقه. وكذلك النساء في التعامل الجاد معهن في مختلف مجالات الحياة حلال وهن كاشفات الوجوه, فلا يجوز أن نحرم هذا الأصل الحلال , ونعطل دوره في تعمير الأرض, ولكن الذي ينبغي أن يحرم مثيرات الفتنة التي بينها الشارع , وليس منها سفور الوجه,مثل الزينة الصارخة في الوجه والثياب أو التطيب برائحة فواحة , ومثل الخضوع بالقول والمزاحمة والخلوة.
4- ألم تكن الفتنة قائمة في العهد النبوي؟! نحسب أنها كانت قائمة والدليل علي ذلك:
قوله تعالي {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} سوره النور آية 30
وقوله تعالي {يعلم خائنة الأعين}سوره غافر آية 19
وأحاديث كثيرة تأمر وتحض علي الغض من البصر
وأحاديث تفيد وقوع بعض الصحابة في النظر المحظور , ومنها حديث الخثعمية.ومع وجود الفتنة اكتفي الشارع بالأمر بالغض من البصر ولم يأمر بستر الوجوه ولا فرق في ذلك بين الجميلة وغيرها فالفتنة حاصلة في جميع الأحوال.
وإذا كان الشارع قد ترك هذه الفتنة ولم يغلق بابها رحمة بالناس وتوسعة , فينبغي أن تظلا قائمتين مصونتين دون حظر , إذا كنا مؤمنين بحكمته مسلِّمين لشرعه , وإذا كان الأمر كذلك فكيف نُعمل قاعدة سد الذريعة لحظر فتنة قديمة عرفها الشارع وأدرك خطرها ولم ير سدها.إن إعمالها في هذه الحال يبدو وكأنه استدراك على الشارع.
قد يقول قائل: صحيح أن الفتنة قديمة منذ زمن التشريع , ولكن الجديد زيادتها بدرجة كبيرة عما كانت عليه في العهد النبوي , ذلك أن الرجال قد غفلوا عن أمر الله تعالى بالغض من الأبصار , فأرسلوا أبصارهم وحملقوا في وجوه النساء , وفي إرسال الأبصار فتنة للرجال وإيذاء لنساء المؤمنين. فما العلاج في مثل هذه الحال؟ والجواب نستلهمه من سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم.فعندما أرسل الفضل نظره إلى امرأة وضيئة في حضرته صلي الله عليه وسلم حول الرسول الكريم نظر الفضل ولم يأمر المرأة بستر وجهها بالإسدال عليه من طرف ثوبها إن كانت محرمة أو بتغطيته بنقاب أو غيره إن كانت غير محرمة.وفي هذا الفعل تثبيت قاعدة عامة تقرر مشروعية كشف المرأة وجهها وأن على الرجال المجاهدة والغض من أبصارهم.وهذه المجاهدة أيا كانت درجتها هي المواجهة الإيجابية لفتنة وجه المرأة.
يقول القرضاوي: أن العصر الأول وإن كان عصرا مثالياً حقاً , ولم تر البشرية مثله في النقاء والارتقاء , لم يكن إلا عصر بشر مهما كانوا, ففيهم ضعف البشر , وأهواء البشر , وأخطاء البشر,ولهذا كان فيهم من زني , ومن أقيم عليه الحد, ومن ارتكب ما دون الزني , وكان فيهم الفساق والمجان الذين يؤذون النساء بسلوكهم المنحرف, وقد نزلت آية سورة الأحزاب التي تأمر المؤمنات بإدناء الجلاليب عليهن , حتي يعرفن بأنهن حرائر عفيفات فلا يؤذين{ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ} الاحزاب الايه 59.
• روى مسلم في صحيحه أن رسول الله قال: (فما بال أقوام إذا غزونا يتخلف أحدهم عنا له نبيب كنبيب التيس).فيه دليل على أنه كان في ذلك الزمان أناس يتتبعون النساء للفاحشة.
ووردت أحاديث تشير إلي إمكان وقوع إعجاب من الرجال بحسن بعض النساء عند لقائهن أو رؤيتهن في الطريق:
• فعن جابر: سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول: إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه فليعمد إلي امرأته فليواقعها فإن ذلك يرد ما في نفسه.
.... هناك دليل يلجأ إليه دعاة النقاب إذا لم يجدوا الأدلة المحكمة من النصوص ، ذلكم هو سد الذريعة . فهذا هو السلاح الذي يشهر إذا فُلَّتْ كل الأسلحة الأخرى. وسد الذريعة يقصد به منع شئ مباح خشية أن يوصل إلي الحرام وهو أمر اختلف فيه الفقهاء بين مانع ومجوز وموسع ومضيق. فكما أن المبالغة في فتح الذرائع قد تأتي بمفاسد كثيرة تضر الناس في دينهم ودنياهم ، فإن المبالغة في سدها قد تضيع على الناس مصالح كثيرة أيضا في معاشهم ومعادهم. وإذا فتح الشارع شيئا بنصوصة وقواعده فلا ينبغي لنا أن نسده بأرائنا وتخوفاتنا فنحل بذلك ما حرم الله ، أو نشرع ما لم يأذن به الله.
ويكفينا الأحكام والآداب التي قررها الشرع لتسد الذرائع إلى الفساد والفتن ، من فرض اللباس الشرعي، ومنع التبرج ، وتحريم الخلوة ، وإيجاب الجد والوقار في الكلام والمشي والحركة , مع غض البصر من المؤمنين والمؤمنات ، وفي هذا يغنينا عن التفكير في موانع أخري من عند أنفسنا.
.... أننا لو فتحنا هذا الباب لنسخنا الشريعة بآرائنا , فالمشددون يريدون أن ينسخوا ما فيها من أحكام ميسرة بدعوى الورع والاحتياط..... والصواب أن الشريعة حاكمة لا محكومة , متبوعة لا تابعة , ويجب أن نخضع نحن لحكم الشريعة , لا أن تخضع الشريعة لحكمنا {ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن}.
انتهي
حول سؤال:هل يجب على النساء أن يسترن وجوههن لفساد الزمان وسداً للذريعة؟ قال الألباني:
هذا السؤال يطرحه اليوم كثير من المقلدة الذين لا ينظرون إلى المسائل الشرعية بمنظار الشرع وأدلته ولا يتحاكمون عند الإختلاف إلى الكتاب والسنة وإنما إلى ما قام في نفوسهم من الآراء والأفكار ، ولو أنهم استجابوا لله وللرسول إذا دعاهم لما يحييهم لا ستراحوا وأراحوا! ولكنهم أعرضوا عن ذلك وعن أقوال أئمتهم، بأن عليهم جميعاً- رجالاً ونساءً- أن يغضوا من أبصارهم على التفصيل المتقدم بيانه ولجأوا إلى تقليد بعض المقلدين الذين جاءوا من بعد الأئمة بعلة إبتدعوها وهي قولهم: " بشرط أمن الفتنة " – أي: الإفتتان بها - وإلا وجب عليها سترهما ، وغلا أحدهم – ممن لا فقه عنده ولا نظر- فنسب ذلك إلى إتفاق الأئمة رضي الله عنهم! فإن المتبادل من لفظة: "الأئمة " إنما هم الأئمة الأربعة المجتهدون ولا يعلم عن أحد منهم أنهم اشترطوا الشرط المذكور ولا يليق ذلك بعلمهم.
قال ابن عباس في حديث علي:
"يا رسول الله ! لِمَ لويت عنق ابن عمك؟". فقال صلي الله عليه وسلم: "رأيت شاباً وشابة فلم آمن الشيطان عليهما".
فهذا صريح في أنه صلي الله عليه وسلم إنما فعل ذلك مخافة الفتنة ، كما قال الشوكاني في " نيل الأوطار" فمن فعل في مثل هذه الحالة خلاف فعل النبي صلي الله عليه وسلم ، فقد خالف هديه صلي الله عليه وسلم ، وتعرض لوعيد قوله تعالى:{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} (النور:63)، وقوله صلي الله عليه وسلم: "…ومن رغب عن سنتي فليس مني" متفق عليه. فكيف به إذا جعل مخالفته قاعدة مستمرة إلى ما شاء الله؟!
ثم قال الشوكاني رحمه الله:
" وقد استنبط منه ابن القطان جواز النظر عند أمن الفتنة ، حيث لم يأمرها بتغطية وجهها ، فلو لم يفهم العباس أن النظر جائز ما سأل ، ولو لم يكن ما فهمه جائزاً ما أقره عليه "
خلاصة القول: إن الفتنة بالنساء كانت في زمن نزول الوحي على النبي صلي الله عليه وسلم ، ومن أجل ذلك شرع الله عز وجل من الأحكام للجنسين - سداً للذريعة - ما سبقت الإشارة إليه ، فلو شاء الله تعالى أن يوجب على النساء أن يسترن وجوههن أمام الأجانب ، لفعل سداً للذريعة أيضاً ، {وما كان ربك نسيا} ولأوحى إلى النبي صلي الله عليه وسلم أن يأمر المرأة الخثعمية أن تستر وجهها فإن هذا هو وقت البيان كما تقدم ، ولكنه على خلاف ذلك أراد صلي الله عليه وسلم أن يبين للناس في ذلك المشهد العظيم أن سد الذريعة هنا لا يكون بتحريم ما أحل الله للنساء أن يُسفرن عن وجوههن إن شئن ، وإنما بتطبيق قاعدة: {.. يغضّوا من أبصارهم}، وذلك بصرفه نظر الفضل عن المرأة.
وفي نقدي أنه لا فرق بين هؤلاء المقلدة الموجبين على النساء ستر وجوههن – سدّاً للذريعة كما زعموا - وبين ما لو قال قائل: يجب على الرجال أن يستروا وجوههم - كما هو شأن الملثمين في بعض البلاد- كي لا تفتتن النساء بالنظر إليهم سداً للذريعة أيضاً ! فهذا كهذا ، ومن فرَّق ، فقد تناقض وتعصّب للرجال على النساء ، إذ إنهم مشتركون جميعاً في وجوب غضِّ النظر ، فمن زاد على الآخر حكماً جديداً بغير برهان من الله ورسوله ، فقد تعدَّى وظلم، {والله لا يحب الظالمين}.
وهنا أستحضر بيتاً من الشعر كأن المرأة فقيهة تتمثل به فتقول:
غيري جنى وأنا المعذّب فيكم ..... فكأنني سبَّابة المتندم!
انتهى
محمد رفقى
21-11-2015, 02:57 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 23
يقولون:أنه ثبت الإجماع عند جميع الأئمة أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عند خوف الفتنة بأن كان من حولها من ينظر إليها بشهوة.
الجواب عن هذا:
أولا: هذا الإجماع المزعوم يسقطه:
• قول ابن حجر الهيتمي في ( الفتاوى الكبرى ) : (( وحاصل مذهبنا أن إمام الحرمين نقل الإِجماع على جواز خروج المرأة سافرة وعلى الرجال غضّ البصر ))
• قول الإمام السرخسي الحنفي في ( المبسوط ) : (( ثم لا شك أنه يباح النظر إلى ثيابها ولا يعتبر خوف الفتنة في ذلك فكذلك إلى وجهها وكفها ))
• قول الإمام المرغيناني الحنفي في ( الهداية ) : (( ولا يجوز أن ينظر الرجل إلى الأجنبية إلا وجهها وكفيها فإن كان لا يأمن الشهوة لا ينظر إلى وجهها إلا لحاجة)).
• قول الإمام زين الدين الرازي الحنفي في ( تحفة الملوك ) : ((ويحرم النظر إلى غير الوجه والكفين من الحرة الأجنبية وفي القدم روايتان فإن خاف الشهوة لم ينظر إلى الوجه أيضا إلا لحاجة وكذا لو شك)).
• في المبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني (ت سنة 189 هـ): (ولا بأس بأن ينظر إلى وجهها وكفها إلا أن يكون إنما ينظر إلى ذلك اشتهاء منه لها فإن كان ذلك فليس ينبغي له أن ينظر إليها).
• قول الإمام القدوري (ت سنة 428 هـ) في متنه الشهير "الكتاب" : (ولا يجوز أن ينظر الرجل من الأجنبية إلا إلى وجهها وكفيها ، وإن كان لا يأمن الشهوة لا ينظر إلى وجهها إلا لحاجة).
• قول أبو بكر علاء الدين السمرقندي (ت سنة 552هـ) في كتابه "تحفة الفقهاء" : وأما النوع الرابع وهو الأجنبيات وذوات الرحم بلا محرم:فإنه يحرم النظر إليها أصلاً من رأسها إلى قدمها سوى الوجه والكفين فإنه لا بأس بالنظر إليهما من غير شهوة ، فإن كان غالب رأيه أنه يشتهي يحرم أصلا).
• قول الإمام ابن مودود الموصلي (ت سنة 683هـ) يقول في كتابه "الاختيار لتعليل المختار" : ولا ينظر إلى الحرة الأجنبية، إلا إلى الوجه والكفين ، إن لم يخف الشهوة..).
• العلامة إبراهيم الحلبي (ت:956هـ) له كتاب شهير في المذهب اسمه "ملتقى الأبحر" يقول فيه في محظورات النظر: (ولا إلى الحرة الأجنبية إلا إلى الوجه والكفين إن أمن وإلا لا يجوز لغير الشاهد عند الأداء والحاكم عند الحكم)
• الإمام ابن تمرتاش الغزي (ت سنة 1004هـ) له متن شهير اسمه "تنوير الأبصار وجامع البحار" يقول في فصل في النظر والمس: (ومن الأجنبية إلى وجهها وكفيها فقط وعبدها كالأجنبي معها فإن خاف الشهوة امتنع نظره إلى وجهها إلا لحاجة ويشهد عليها).
• قول ابن عبد البر المالكي في ( التمهيد ) : (( وجائز أن ينظر إلى ذلك منها(أي الوجه والكفين) كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه، وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة، فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة )).
• في تفسير الإمام السمعاني ت سنة 489هـ : (على هذا يجوز النظر إلى وجه المرأة وكفيها من غير شهوة ، وإن خاف الشهوة غض البصر)
• قول ابن قدامة الحنبلي في ( المغني ) : (( وقال القاضي من الحنابلة: يحرم النظر إلى ما عدا الوجه والكفين لأنه عورة ، ويباح النظر إليهما مع الكراهة إذا أمنت الفتنة ونظر لغير شهوة , لأنه ليس بعورة فلم يحرم النظر إليه بغير ريبة كوجه الرجل ))
فهذه أقوال لعلماء أجلاء من مختلف المذاهب متفقة علي أنه عند خوف الفتنة علي الرجال غض البصر وليس علي النساء أن يسترن وجوههن , ولا فائدة لهذه الضوابط إذا كان يجب على المرأة ستر الوجه والكفين. فعندما يجيز العلماء نظر الأجنبي إلى الوجه والكفين لغير شهوة ، كيف يحرم البعض كشفهما ؟! كيف يجوز النظر ، ويحرم إظهار المنظور إليه ؟!
ثانيا: على فرض أن المرأة إذا لاحظت أن أحدا من الناس ينظر إليها ويديم النظر رأت أن تستر وجهها , فيكون الستر لأمن الفتنة العارضة فحسب , حتي إذا تجاوز من ينظر إليها أو انسحبت هي من مجال الفتنة كشفت , وليس سترا مطلقا في جميع الأوقات.
محمد رفقى
22-11-2015, 08:19 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 24
يقولون : إن ستر الوجه يعالج شهوة النظر بشكل حاسم قاطع , لأن الشارع يعلم ضعف البشر وأنهم سوف تغلبهم شهواتهم , ولن يمتثلوا للأمر بغض البصر إلا من عصم الله , وهؤلاء قلة نادرة.
الجواب عن هذا:
( أ ) إذا كان الأمر بغض البصر غير كاف لعلاج مشكلة الفتنة بالنساء وستر الوجه هو الحاسم القاطع فلماذا كان الإلحاح من قبل الشارع علي غضّ البصر ولماذا ترك الحل الحاسم القاطع؟
(ب) أما والشرع قد لجأ إلى الأمر بغض البصر , فهذا يعني أنه وجد حرجا في تقرير الحل الحاسم القاطع المزعوم وهو ستر الوجه , ورأي بحكمته رفع الحرج عن أمة الإسلام ولم يكلفها مشقة الستر.
(ج) ثم إن القول بأن ستر الوجه يرد شهوة النظر بشكل حاسم قاطع يمكن أن يُتعَقَّب بأن هذا ليس على إطلاقه , فالناس فيهم القوي والضعيف.أما القوي فيستوي معه الكشف والستر.فهو يجاهد نفسه علي كل حال , إن كان الستر جاهد نفسه من خواطر السوء , وإن كان الكشف جاهد للغض من بصره.وأما الضعيف إن كان يغلبه هواه فينظر إلي الوجه المكشوف , فسوف يغلبه هواه إزاء الوجه المستور فيسرح مع خواطر السوء , وقد يحتال ويتلصص وعندها قد يري أكثر من الوجه.
وكما أنه في الرجال القوي والضعيف ففي النساء مثل ذلك , وتغطية المرأة لوجهها ليس فيه ما يمنع نظرها للرجل , وغض البصر أدب للرجل والمرأة علي حد سواء , بينما ستر الوجه يعالج سطح المشكلة في العلن للرجل فحسب , وتبقي المرأة - وحالها مع فساد الزمان حال الرجل في ضعف تقواه - تبقي دون علاج , فهي تنظر من وراء غطاء الوجه.والأمر الأسوأ أن هذا الغطاء يساعد مع الأسف على إرسال النظر في جرأة من جانب المرأة الضعيفة وهي في أمان من رقابة المحيطين بها. فهل ستر وجه الرجل الجميل هو الحاسم القاطع لعلاج شهوة النظر عند المرأة؟
محمد رفقى
22-11-2015, 08:27 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 25
يقولون : قال ابن رسلان : اتفق المسلمون على منع النِّساء أن يخرجن سافرات الوجوه . نقله الشوكاني عنه في (نيل الأوطار)
الجواب عن هذا:
أولا : مقصود ابن رسلان من اتفاق المسلمين على منع النساء من السفور : منع الحكام وولاة الأمر , كما شرح الشراح هذا القول , ولأن غيره من العلماء حكى ضد قوله كالقاضي عياض والنووي ومن وافقهما ، مما يدل على أنه ليس هناك اتفاق لا من المسلمين ولا من ولاة الأمر على ذلك. وأن كلام ابن رسلان قاله استرواحا بما أدركه ورآه ، دون استقراء لأحوال المرأة وأحكامها في بلاد المسلمين واختلاف أزمانهم.
ثانيا : نقل كلام ابن رسلان بهذه الصورة أنكره الألباني لأنه مبتور وساقه بنصه فقال :
نص ما في " نيل الأوطار" (6/98- البابي الحلبي) تحت حديث عائشة:
" يا أسماء! إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح لها أن يرى منها إلا هذا وهذا. وأشار إلى وجهه وكفيه":
" وفيه دليل لمن قال: إنه يجوز نظر الأجنبية. قال ابن رسلان (ت سنة 844هـ) : وهذا عند أمن الفتنة مما تدعو الشهوة إليه من جماع أو دونه أما عند خوف الفتنة فظاهر إطلاق الآية والحديث عدم اشتراط الحاجة ويدل على تقييده بالحاجة اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه ، لا سيما عند كثرة الفساق. وحكى القاضي عياض عن العلماء: أنه لا يلزم ستر وجهها في طريقها ، وعلى الرجال غض البصر للآية وقد تقدم الخلاف في أصل المسألة".
يشير إلى بحث له في الباب الذي قبل حديث عائشة المذكور آنفاً شرح فيه آية: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ونقل تحتها تفسير الزمخشري للزينة فيها ومنه قوله: "فما كان ظاهراً منها كالخاتم والكحل والخضاب فلا بأس بإبدائه للأجانب…".
ثم قال الشوكاني عقبه:
" والحاصل: أن المرأة تبدي من مواضع الزينة ما تدعو الحاجة إليه عند مزاولة الأشياء والبيع والشراء والشهادة ، فيكون ذلك مستثنى من عموم النهي عن إبداء مواضع الزينة وهذا على ما يدل على أن الوجه والكفين مما يستثنى"
هل المسألة مجمع عليها أم لا؟! وهل هذا رأي ابن رسلان كاملا أم أن هذا رأيه في الخوف من الفتنة فقط؟
انتهي
محمد رفقى
22-11-2015, 08:32 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 26
يقولون: أن العرف العام الذي جرى عليه عمل المسلمون عدة قرون بستر النساء لوجوههن بالبراقع والنقب وغيرها دليل علي الوجوب.
فقد ذكر الإمام الغزالي في الإحياء أنه: لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن منتقبات.
كما حكى الحافظ ابن حجر في الفتح أنه:لم تزل عادة النساء قديما وحديثًا يسترن وجوههن عن الأجانب.
وقال أيضا : (استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات ؛ لئلا يراهن الرجال)
وقال أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط : ( ..وكذا عادة بلاد الأندلس لا يظهر من المرأة إلا عينها الواحدة )
الجواب عن هذا:
أولا : كلام الغزالي يعني أن التنقب على مر الزمان من عادة النساء وليس الرجال . مثل أن لبس الخلخال من عادة النساء وليس الرجال. كما أن كلامه : " لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه ، والنساء يخرجن متنقبات " لا يدل على وجوب ستر النساء وجوههن كما لا يدل علي وجوب كشف الرجال وجوههم.
ثانيا : مثل هذه الأقوال , (عادة النساء) (عادة بلاد الأندلس) (جواز) , لا تدل على وجوب تغطية النساء وجوههن , بل هو مجرد وصف لحالهن وأن من عادتهن في زمانهن أن يسترن وجوههن.
ثالثا : أن هذا العرف مخالف للعرف الذي ساد في عصر النبوة ، وعصر الصحابة وخير القرون ، وهم الذين يقتدي بهم فيهتدي.
فكما تقدم من معالم ستر بدن المرأة في القرآن الكريم أنه صح عن ابن عباس وابن عمر تفسير{ما ظهر منها} بالوجه والكفين. فهل هؤلاء الصحابة فسروا الآية بخلاف ما هو واقع في زمانهم؟!!
وورد عن التابعين في أن المستثنى في آية الزينة هو الوجه وزينته والكف وزينتها , فعن عطاء قال الكفان والوجه , وقتادة قال الكحل والسواران والخاتم , والأوزاعي قال الكفين والوجه, والحسن البصري قال ما ظهر منها الوجه والثياب , ومكحول قال الزينة الظاهرة الوجه والكفان , وعكرمه قال ثيابها وكحلها وخضابها. فهل هؤلاء التابعين يتكلمون عن شيء لم يحدث؟!!
وروى ابن جرير في تفسيره بإسناد صحيح عن التابعي العابد عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ت 182هـ) قال: « {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} من الزينة: الكحل والخضاب والخاتم. هكذا كانوا يقولون، وهذا يراه الناس».
تأمل قوله "وهذا يراه الناس"، فهذا يدل على جريان العمل من الناس على ذلك.
ولنكن على علم أن العرف العام الذي جرى عليه عمل المسلمون عدة قرون لم يقتصر على ستر النساء لوجوههن , ولكنهم حجبوا صوتها , وحجبوا اسمها وحجبوها عمن جاء يخطبها , وحجبوها عن المسجد وحجبوها عن المحاضرات والندوات, وحجبوها عن العمل, وحجبوها عن النشاط الاجتماعي والسياسي. وكل ذلك كان خروج عن حكم الله ورسوله.
ثم أن هذا العرف يخالفه عرف حادث الآن، دعت إليه الحاجة، وأوجبته ظروف العصر، واقتضاه التطور في شئون الحياة ونظم المجتمع، وتغير حال المرأة من الجهل إلى العلم، ومن الهمود إلى الحركة، ومن القعود في البيت إلى العمل في ميادين شتى. وما بني من الأحكام على العرف في مكان ما، وزمان ما يتغير بتغيره.
محمد رفقى
23-11-2015, 12:56 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 27
يقولون: قال ابنُ هشامٍ : ( وذكر عبد الله بن جعفر بن المسور بن مخرمة، عن أبي عون قال: كان من أمر "بني قينقاع" أنَّ امرأةً من العرب قدمت بجَلَبٍ لها، فباعته بسوق "بني قينقاع" ، وجلست إلى صائغٍ بها ، فجعلوا يُريدونها على كشف وجهها). فدل هذا علي ستر وجه المرأة عن الأجانب.
الجواب عن هذا:
1- ستر المرأة وجهها بنقاب أو برقع معروف قبل الإسلام , فما يورده المعارضون مجرد نماذج من فعل هذا البعض , فستر المرأة وجهها ليس دليلا على وجوب ذلك أو ندبه.
2- هذه القصة كانت عام 2 بعد الهجرة بعد غزوة بدر , أي قبل نزول آيات لباس المرأة في سورة الأحزاب (نزلت سنة 5 هـ), وسورة النور (نزلت سنة 6 هـ) , ولم تثبت بسند صحيح رغم شهرتها.
محمد رفقى
23-11-2015, 01:04 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 28
يقولون : ورد عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت : كنا نغطي وجوهنا من الرجال, وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام. فإذا كانت الصحابيات الكريمات يغطين وجوههن من الرجال في الإحرام والأصل فيه الكشف , فالستر في غير الإحرام أولي ويقولون أيضا - بناء على حديث أسماء هذا وأحاديث أخرى مشابهة – إذا كان كشف المرأة وجهها في الإحرام واجبا كما يقرر أكثر أهل , والواجب لا يترك إلا لما هو أوجب منه , فلولا وجوب ستر الوجه عن الأجانب ما ساغ ترك الواجب وهو كشفه حال الإحرام.
الجواب عن هذا:
1- ينبغي أن يحمل تغطية الوجه هنا على الإسدال من طرف الثوب على الوجه , فرسول الله صلي الله عليه وسلم نهى عن الانتقاب , ولا يمكن أن تخالفه هؤلاء الصحابيات الجليلات فيفعلن ما نهى عنه. وفي جواز الإسدال جاء قول عائشة: "وتسدل (المحرمة) الثوب على وجهها إن شاءت".
2- وقول أسماء: "كنا نغطي وجوهنا" يحتمل أن التغطية كانت تقع عند مرور جماعة من الرجال من أخلاط الناس , وقد يكون فيهم من ينظر ويطيل النظر إلى النساء , فيسبب حرجاً للمرأة ولو لم تكن تألف الستر في حياتها العادية. أي أن هذا الفعل منها حياء فقط.
وهكذا يتبين أن قول أسماء ليس قاطعا في أن تغطية وجهها كان ديدنها في حياتها العادية أي في غير الإحرام
3- قول أسماء قد ورد للتدليل على جواز تغطية المرأة وجهها في الإحرام بطرف ثوبها , ولو فرضنا جدلا أنه كان من عادة أسماء أو غيرها ستر الوجه في غير الإحرام فهل يدل هذا على وجوب الستر على النساء وجوبا مطلقا؟ إن الفعل , أى مجرد الفعل , لايدل على الوجوب كما يقول الأصوليون , انما يدل على الجواز فحسب.
4. وإذا كانت هناك أحاديث مشابهة لحديث أسماء تفيد إسدال بعض النساء على وجوههن مـن أطراف أثوابهن , فهذه الأحاديث لا تفيد ترك المحرمات واجبا لما هو أوجب منه , لأن الواجب في حقهن عدم تغطية الوجه بنقاب ونحوه.وهذا الواجب حاصل مع الإسدال , لأن الإسدال لا يعني تغطية الوجه , بل هو بمثابة إقامة حاجز أو حجاب بين أبصار الرجال وبين وجه المرأة.
5. هناك نص آخر عن فاطمة بنت المنذر قالت :"كنا نخمر وجوهنا من الرجال ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر فلا تنكره علينا" رواه مالك في الموطأ في الحج.
وقولها "فلا تنكره علينا" يفيد أن أسماء نفسها ما كانت تغطي وجهها في الإحرام , إذ لو كانت تفعل ما كان هناك حاجة لذكر عدم إنكارها.وإن قيل: ربما كانت أسماء يوم صحبتها فاطمة بنت المنذر عجوزا يحق لها الكشف عن وجهها , بدليل أنه ورد عن أسماء نفساها : (كنا نخمر وجوهنا من الرجال في الإحرام). قلنا هذا محتمل ويحتمل أن أسماء كانت تغطي أحيانا وتكشف أحيانا. على كل حال فإن ذكر عدم الإنكار يفيد أن مسألة تغطية الوجه في الإحرام محصورة في الإباحة , ولا محمل للقول فيها بالوجوب , إذ مع الوجوب لا مجال لوقوع الإنكار , بل لو كانت أسماء ترى أن ستر الوجه مندوب للشواب دون العجائز لاستحسنته ولم تكتف بعدم الإنكار.
6- حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع الرسول صلى الله عليه وسلّم، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها. فإذا جاوزونا كشفناه".
في إسناده يزيد بن أبي زياد , ضعفه العلماء وقالوا عنه لا يحتج بحديثه , لأنه ليس بالقوي ، وليس بالحافظ ، قال عنه الحافظ ابن: يزيد بن أبي زياد الهاشمي مولاهم ، الكُوفِيُّ، ضَعِيفٌ ، كَبِرَ فتغيَّرَ وصار يتلقن وكان شِيعيًّا. "تقريب التهذيب". وقال الإمام النووي في المجموع عن إسناد هذا الحديث: ضعيف.
وعلى فرض التسليم بصحته فلا يصح الاستدلال به على وجوب تغطية الوجه لسائر نساء الأمة ، فهو حديث عن أزواج النبي صلي الله عليه وسلم اللاتي يجب عليهن ستر وجوههن بلا خلاف بعد فرض الحجاب عليهن. وعلى فرض عدم اختصاصهن به , فغاية ما في الحديث مشروعية الإسدال في الإحرام.
محمد رفقى
24-11-2015, 04:38 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 29
يقولون: حديث عائشة (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا. وأشار إلى وجهه وكفيه ) ضعيف جدا.
الجواب عن هذا:
الألباني له بحث في تصحيح الحديث في كتاب "الرد المفحم"
قال: لقد تهافت القوم على نقد هذا الحديث وتضعيفه، مخالفين في ذلك من قوّاه من حفاظ الحديث ونقاده : كالبيهقي في "سننه"، والمنذري في " ترغيبه"، والذهبي في " تهذيبه"، وغيرهم، وقد اختلفت أساليبهم في ذلك فمنهم من قنع بذكر طريق واحدة وتضعيفها، ومنهم من زاد على ذلك كما سنرى، ولكنهم جميعاً اتَّفقوا على نقل ما قيل في الراوي من الجرح دون التوثيق، بل إن بعضهم دلَّس وأوهم أنه ليس هناك موثّق، بل وأنه في منتهى درجة الضعف بحيث أنه لا يُستَشهَد به، وهذا كذب محض كما اتفقوا جميعاً على مخالفته قاعدة العلماء في تقوية الحديث بالطرق والآثار السلفية، الأمر الذي أكد لي أنهم في هذا العلم، ولئن كان فيهم من هو على شيء من المعرفة به، فقد جار على السنَّة، وحاد عن الحق اتباعاً للآباء والمذاهب.
قال أبو داود عقبه: (( هذا مرسل, خالد بن دريك لم يدرك عائشة)).
قلت: وسعيد بن بشير ضعيف كما في التقريب للحافظ ابن حجر.
1- الحديث قد جاء من طرق أخرى يتقوي بها:
( أ ) أنه روي عن قتادة بسنده عن عائشة:
أخرج أبو داود في(( مراسيله)) بسند صحيح عن قتادة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( إن الجارية إذا حاضت لم يصلح أن يري منها إلا وجهها ويداها إلي المفصل)
قلت: وهو مرسل صحيح يتقوي بما بعده وليس فيه ابن دريك ولا ابن بشير.
(ب) أنه جاء من طريق أخري عن أسماء بنت عميس:
أخرج الطبراني في (( الكبير)) والبيهقي من طريق ابن لهيعة عن عياض بن عبد الله أنه سمع إبراهيم بن عبيد بن رفاعة الأنصاري يخبر عن أبيه أظنه عن أسماء بنت عميس أنها قالت : ( دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم على عائشة بنت أبي بكر و عندها أختها أسماء بنت أبي بكر ، وعليها ثياب شامية واسعة الأكمام ، فلما نظر إليها رسول الله قام فخرج ، فقالت لها عائشة رضي الله عنها : تنحى فقد رأى رسول الله صلي الله عليه وسلم أمراً كرهه ، فتنحت ، فدخل رسول الله فسألته عائشة رضي الله عنها لما قام،قال : أولم تري إلي هيئتها ، إنه ليس للمرأة المسلمة أن يبدو منها إلا هذا و هذا ، و أخذ بكفيه فغطى بهما ظهر كفيه، حتى لم يبد من كفه إلا أصابعه ، ثم نصب كفيه على صدغيه حتى لم يبد إلا وجهه). وقال البيهقي: إسناده ضعيف . قلت: وعلته ابن لهيعه هذا , واسمه عبد الله الحضرمي أبو عبد الرحمن المصري القاضي وهو ثقة فاضل لكنه كان يحدث من كتبه فاحترقت فحدث من حفظه فخلط وبعض المتأخرين يحسن حديثه وبعضهم يصححه وقد أورد حديثه هذا الهيثمي ((مجمع الزوائد)) برواية الطبراني في الكبير والأوسط ثم قال : وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح. والذي لاشك فيه أن حديثه في المتابعات والشواهد لاينزل عن رتبة الحسن, وهذا منها.
2- أنه عمل به هؤلاء الرواة الثلاثة:
وأما قتادة، فقد قال في تفسير آية {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ}:
"أخذ الله عليهن أن يُقَنِّعنَ على الحواجب".والمعنى: يشددن جلابيبهن على جباههنَّ ، وليس على وجوههن.كما فسره الإمام ابن جرير.
وأما عائشة فقالت في المحرمة:
" تسدل الثوب على وجهها إن شاءت" رواه البيهقي بسند صحيح.
فتخيير عائشة المحرمة في السدل دليل واضح علي أن الوجه عندها ليس بعورة , وهذا الأثر الصحيح عنها مما يقوي حديثها المرفوع.
وأما أسماء بنت عميس:
فقد صح أن قيس بن أبي حازم رآها امرأة بيضاء موشومة اليدين.
3- تفسير ابن عباس لآية ( الزينة ) بالوجه والكفين.
ولمزيد من التفصيل يراجع كتاب "الرد المفحم"
قال الشيخ الحبيب بن طاهر : وليس لأن الحديث مرسل فلا يعمل به, فإن للفقهاء موقفا ورأيا في العمل بالحديث المرسل..وقد اتفق جمهور العلماء مالك وأبو حنيفة وأحمد في أشهر الروايتين عنه على الاحتجاج بالحديث المرسل, قال الإمام الآمدي: والمختار قبول مراسيل العدل مطلقا .واشترط الإمام الشافعي لقبول المراسيل أن تتوفر فيه أحد الشروط التالية:
ـ أن يكون المرسل من مراسيل الصحابة
ـ أن يكون مرسلا قد أسنده غير مرسله
ـ أن يرسله راو آخر يرويه عن غير شيوخ الأول
ـ أن يعضّده قول صحابي
ـ أن يعضّده قول أكثر أهل العلم
ـ أن يكون المرسل قد عرف من حاله أنه لا يرسل عمن فيه علة من جهالة أو غيرها .
ونحن إذا أخذنا بالقول المتشدد في العمل بالمرسل, وهو قول الإمام الشافعى, وطبقنا شروطه على مرسل خالد بن دريك ومرسل قتادة؛ وجدناهما يرقيان إلى درجة القبول. فمرسل خالد بن دريك مسند من طريق آخر عن أسماء بنت عميس, وهي صحابية, فهي زوجة أبي بكر الصديق؛ وهو معضد بأقوال الصحابة ـ ومنهم ابن عباس وابن عمر وعائشة ـ لا بقول صحابي واحد, وهو أيضا معضّد بقول أهل العلم؛ وهو أيضا معضّد بمرسل آخر هو مرسل قتادة. ويقال مثل ذلك في مرسل قتادة.
وأما خالد بن دريك فقال فيه يحيى ابن معين: هو مشهور وثقة, وقال: النسائي: ثقة . وأما قتادة فهو من كبار المحدثين ورأس الطبقة الرابعة من التابعين, وثّقه ابن معين وغيره .
محمد رفقى
24-11-2015, 04:53 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 30
يقولون: لا يتصور أن تأمر الآية والأحاديث الصحيحة المؤمنين بغضِّ الأبصار، في حين نجد في حديث أسماء تصريحاً بإباحة النظر إلى الوجه والكفين.
الجواب عن هذا:
قال الألباني: (( ما عليه المفسرون:كابن جرير والقرطبي وابن كثير فقالوا-واللفظ لابن كثير-:
" هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم، فلا ينظرون إلا إلى ما أباح النظر إليه…".
ففي الآية إذن ما يحرم النظر إليه وما يباح على الرجال والنساء..والمقصود أن الغضّ ليس على إطلاقه ، ولذلك قال ابن كثير في تمام كلامه السابق:
" فإن اتفق أن وقع البصر على محرَّم من غير قصد ، فليصرف بصره عنه سريعاً، كما رواه مسلم عن جرير قال: سالت النبي صلي الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة؟ فأمرني أن أصرف بصري".
قلت: فالآية إذن كالحديث (حديث أسماء)، إنما تأمر بغض النظر عما حرم فقط، فالإنصاف أن يقال: إن كان وجه المرأة مما يحرم عليها كشفه أمام الأجانب، حرم عليهم النظر ، وإن جاز جاز.
قال الحافظ ابن القطان : " وقد قدمنا في مواضع أن إجازة الإظهار دليل على إجازة النظر ، فإذا نحن قلنا: يجوز للمرأة أن تبدي وجهها وكفيها لكل أحد على غير وجه التبرُّج من غير ضرورة، لكون ذلك مما ظهر من زينتها، ومما يشق تعاهده بالستر في حال المهنة، فقد جاز للناس النظر إلى ذلك منها، لأنه لو كان النظر ممنوعاً مع أنه يجوز لها الإبداء ، كان ذلك معاونة على الإثم ، وتعريضاً للمعصية،وإيقاعاً في الفتنة، بمثابة تناول الميتة للآكل غير مضطر! فمن قال من الفقهاء بجواز الإبداء، فهو غير محتاج إلى إقامة دليل على جواز النظر، وكذلك ينبغي أن يكون من لم يجز للمرأة الإبداء والإظهار، غير محتاج إلى إقامة الدليل على تحريم النظر، وقد قدمنا أنه جائز للمرأة إبداء وجهها وكفيها، فإذن النظر إلى ذلك جائز لكن بشرط أن لا يخاف الفتنة، وأن لا يقصد اللذة،، وأما قصد اللذة، فلا نزاع في التحريم".
وقال ابن القطان أيضا: " لا خلاف أعلمه في جواز نظر المرأة إلى وجه الرجل ما كان ، وإذا لم تقصد اللذة، ولم تخف الفتنة، كنظر الرجل إلى وجه الغلمان والمردان إذا لم يقصد ولا خوف… وكذلك أيضاً لا خلاف في جواز إبداء الرجال شعورهم، وأذرعهم، وسوقهم بحضرة الرجال وبحضرة النساء".
وإليك الآن ما وعدتك به من جمع أقوال العلماء المتقدمة ، الذين صرحوا بما دلَّ عليه هذا الحديث الصحيح من جواز كشف المرأة عن وجهها وكفيها، ونظر الرجال إلى ذلك منها دون شهوة أو ريبة ، ليتبين للقراء الكرام أن بعض المشايخ المخالفين يتشددون على الناس، ويدلِّسون على قرائهم، ويوهمون أن الإجماع على خلاف أقوال العلماء المشار إليهم، ملاحظين في سردها تاريخ وفياتهم، ليتبين لهم استمرار القول بذلك إلى يومنا هذا كاستمرار العمل به، مذكرين مرة أخرى بأن الغرض من ذلك هو بيان ما أمر الله ببيانه من العلم، ونهى عن كتمانه، وبخاصة بعد أن قام أولئك المشايخ بكتمانه عن الناس، وقلب الحقائق الشرعية.....
...
1. أبو جعفر الطحاوي (ت 321هـ):
" أبيح للناس أن ينظروا إلى ما ليس بمحرم عليهم من النساء، إلى وجوههن وأكفهن، وحرم ذلك من أزواج النبي صل الله عليه وسلم ، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومجمد".
2. ابن عبد البر (ت463هـ):
" وجائز أن ينظر إلى يديها ووجهها كل من نظر إليها لغير ريبة ولا مكروه".
3. البغوي في شرح السنة (ت516هـ):
" ولا يجوز للرجل أن ينظر إلى شيء منها إلا الوجه والكفين، إلا عند خوف الفتنة" .
4. ابن القطان (ت 628هـ):
" وقد قدمنا أنه جائز للمرأة إبداء وجهها وكفيها، فالنظر إلى ذلك جائز، لكن بشرط أن لا يخاف الفتنة، وأن لا يقصد اللذة، وأما إذا قصد اللذة، فلا نزاع في التحريم"
5. ابن مفلح الحنبلي (ت 763هـ):
"قولنا وقول جماعة من الشافعية وغيرهم : إن النظر إلى الأجنبية جائز من غير شهوة ولا خلوة ، فلا ينبغي الإنكار عليهن إذا كشفن عن وجوههن في الطريق" .
6. ابن رسلان من شرح " سنن الترمذي" (ت 805هـ ):
"يجوز نظر الأجنبية عند أمن الفتنة".
7. جماعة من علماء المذاهب الأربعة المعاصرين قالوا في " الفقه على المذاهب الأربعة":
" يحلُّ النظر لهما عند أمن الفتنة" .
قلت: وبالجملة، فهذه الأقوال من هؤلاء العلماء الأجلاء متفقة على أمرين اثنين:
الأول: أن وجه المرأة وكفيها ليس بعورة ، وهو مذهب أكثر العلماء ورواية عن الإمام أحمد.
والآخر: أنه يجوز النظر إلى ذلك من المرأة بغير شهوة ))
انتهى
امـ حمد
24-11-2015, 05:44 PM
بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي محمد رفقى
وجزاك ربي جنة الفردوس،الله يعطيك العافيه يارب
مختلف جداََ
24-11-2015, 08:48 PM
جزاك الله خير أخوي محمد رفقي
و أقترح على الإدارة تثبيت الموضوع لأهميته و شموليته
و شكراً
محمد رفقى
25-11-2015, 07:21 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 31
يقولون: كيف تدخل أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما على النبي صلي الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق!
الجواب عن هذا:
قال الألبانى: ليس في حديث أسماء أنها لبست الثياب الرقاق تبرجاً ومخالفة للشرع , فيحمل على أنه كان منها عن غفلة أو لغير علم ، فقد وقع نحوه لحفصة ابنة أخيها عبد الرحمن ، فقالت أم علقمة بن أبي علقمة: "دَخَلَتْ حفصة بنت عبد الرحمن على عائشة زوج النبي صلي الله عليه وسلم وعلى حفصة خمار رقيق ، فشقته عائشة وكستها خماراً كثيفاً".
فثبت أن ما استبعدوا غير مستبعد شرعاً ولا عقلاً.
محمد رفقى
25-11-2015, 07:31 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 32
يقولون: قال تعالى{يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } "ذلك أدنى أن يعرفن" أى لئلا يعرفن وهو ستر الوجه.
الجواب عن هذا:
هذا الاستدلال خاطئ , وتقدير ( لا ) فيها خلاف الأصل ولا مبرر له فإن المعنى بدونها مستقيم , كما سيأتى من أقوال المفسرين.
والسؤال : هل هذا نفي أم إثبات؟...هذا إثبات , فالدنو:القرب , وأدني:أقرب
وعلي ذلك قوله تعالى : {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ} ، أي أقْرب لنفوسهم أن تتحرى العدالة في إقامة الشهادة.وقوله تعالى : {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ} , أي أقرب إلي رضاهن.
أما حال النفى مثل قوله تعالى : {ذلك أدنى ألا تعولوا} أى ذلك أقرب أن لا تجوروا ولا تميلوا. وقوله تعالى : {ذلك أدنى ألا ترتابوا} أى ذلك أقرب أن لا تشكوا في الشهادة.
قال القرطبى : وليس المعني أن تعرف المرأة حتي تعلم من هى.
وقال الشوكانى : وليس المراد أن تعرف الواحدة منهن من هى.
فالمعنى المراد: ذلك (أى لبسهن جلابيبهن) أدنى (أى أقرب وأحرى) أن يعرفن (ممن مررن به بأنهن عفيفات) فلا يؤذين (من الفساق بما لا يليق من الكلام).
نماذج من أقوال المفسرين:
تفسير ابن كثير: وَقَوْله {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} أي إذا فعلن ذلك عرفن أنهن حرائر لسن بإماء ولا عواهر.
تفسير الجلالين: {ذَلِكَ أَدْنَى} أَقْرَب إلَى {أَنْ يُعْرَفْنَ} بأنهن حرائر {فلا يؤذين} بالتعرض لهن.
تفسير الطبري: وَقَوْله : { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ } يقول تعالى: إدناؤهن جلابيبهن إذا أدنينها عليهن أقرب وأحري أن يعرفن ممن ممرن به , ويعلموا أنهن لسن بإماء , فيتنكبوا عن أذاهن بقول مكروه , أو تعرض بريبة.
تفسير القرطبي: { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ } أي الحرائر، حتى لا يختلطن بالإماء...وليس المعني أن تعرف المرأة حتي تعلم من هى.
الزمخشري: وكان الفتيان وأهل الشطارة يتعرّضون ... للإماء، وربما تعرّضوا للحرّة بعلة الأمة، يقولون: حسبناها أمة، فأمرن أن يخالفن بزيهنّ عن زي الإماء ... فلا يطمع فيهن طامع، وذلك قوله: { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ } أي أولى وأجدر بأن يعرفن فلا يتعرّض لهن.
الشوكاني: وليس المراد بقوله: { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ } أن تعرف الواحدة منهن من هي، بل المراد: أن يعرفن أنهنّ حرائر لا إماء.
ابن عاشور: { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ } أي ذلك اللباس أقرب إلى أن يُعرف أنهن حرائر بشعار الحرائر فيتجنب الرجال إيذاءهن فيسلموا وتسلمن.
الرازي :{ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ } قيل يعرفن أنهن حرائر فلا يتبعن ويمكن أن يقال المراد يعرفن أنهن لا يزنين.
البيضاوى: { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ } يميزن من الإِماء والقينات.
البغوي: { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ } ، أنهن حرائر.
أبو حيان: { ذلك أدنى أن يعرفن }: لتسترهن بالعفة، فلا يتعرض لهن.
الألوسي: { ذٰلِكَ } أي ما ذكر من الإدناء والتستر { أَدْنَىٰ } أي أقرب { أَن يُعْرَفْنَ } أي يميزن عن الإماء اللاتي هن مواقع تعرضهم وإيذائهم.
محمد رفقى
25-11-2015, 07:51 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 33
يقولون: في رواية لأحمد قالت سبيعة : (كنت عند سعد بن خولة فتوفي عني فلم أمكث إلا شهرين حتى وضعت فخطبني أبو السنابل بن بعكك أخو بني عبد الدار, فتهيأت للنكاح قالت: فدخل علي حموي وقد اختضبت وتهيأت فقال: ماذا تريدين يا سبيعة؟ قالت: فقلت أريد أن أتزوج قال : والله ما لك من زوج حتى تعتدين أربعة أشهر وعشرا).
فدل هذا على أن سبيعة كانت متجملة لأبو السنابل وقت خطبته لها (فخطبني أبو السنابل ...فتهيأت للنكاح) وأن قوله لها (والله ما لك من زوج حتى تعتدين) كان على أثر رفضها له (فأبت أن تنكحه) كما في رواية البخاري.
الجواب عن هذا :
أبو السنابل جاء زائرا ولم يأت خاطبا , فهو جاء مستنكرا طلبها النكاح (ماذا تريدين يا سبيعة ...والله ما لك من زوج حتى تعتدين أربعة أشهر وعشرا) وكان هذا علي أثر رفضها له في السابق. ويوضح هذا المعني ما جاء في الرواية الأخري لأحمد:
• دخلت على سبيعة بنت أبي برزة الأسليمة فسألتها عن أمرها؛ فقالت: كنت عند سعد بن خولة، فتوفي زوجي مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع، قالت: فلبثت بعده شهرين، ثم وضعت ما في بطني، فمر أبو السنابل بن بعكك _ أخو بني عبد الدار _؛ فدخل عليّ حموي؛ وقد كان يريدني لنفسه، وقد تهيأت للنكاح وتخضبت، فقال: ما لك يا سبيعة؟! فقلت: أردت التزويج. قال: لا والله إنه لأربعة أشهر وعشرا. فلبست ثيابي وجئت رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو في بيت أم سلمة؛ فسألته فقال: "حللت فتزوجي".
حَمْوُ المرأَة: أَبو زَوْجها وأَخُو زوجها
وهناك رواية أخري لأحمد وكذلك في الموطأ تبين أن الذي خطبها رجلان :
• قالت أم سلمة : ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر ، فخطبها رجلان أحدهما شاب ، والآخر كهل ، فحطت إلى الشاب ، فقال الشيخ ، لم تحلي بعد ، وكان أهلها غيبا ، ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها ، فجاءت رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فقال : " حللت فانكحي من شئت " .
والكهل الذي خطبها : أبو السنابل بن بعكك ، والشاب الذي آثرته عليه : أبو البشر بن الحارث , كذا في الفتح لابن حجر.
محمد رفقى
25-11-2015, 07:54 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 34
يقولون: قال تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَـاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} وبيان دلالة هذه الآية على وجوب الحجاب على المرأة عند الرجال الأجانب أن الله تعالى أمر المؤمنات بحفظ فروجهن والأمر بحفظ الفرج أمر به وبما يكون وسيلة إليه، ولا يرتاب عاقل أن من وسائله تغطية الوجه؛ لأن كشفه سبب للنظر إليها وتأمل محاسنها والتلذذ بذلك، وبالتالي إلى الوصول والاتصال. وفي الحديث: "العينان تزنيان وزناهما النظر". إلى أن قال: "والفرج يصدق ذلك أو يكذبه".فإذا كان تغطية الوجه من وسائل حفظ الفرج كان مأموراً به؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
الجواب عن هذا :
غض البصر مأمور به الرجال والنساء على حد سواء ، وتغطية المرأة لوجهها ليس فيه ما يمنع نظرها للرجل ومع ذلك لم يؤمر الرجال بتغطية وجوههم ، فكما أن وجه المرأة فتنة بالنسبة للرجل فكذلك وجه الرجل أيضًا فتنة بالنسبة للمرأة ، ثم بعد ذلك نسأل: هل زنا العينين مختص بنظر الرجل للمرأة فقط أم نظر الرجل للمرأة وأيضًا نظر المرأة للرجل؟ وهل يجب على الرجل الجميل الحسن الوضيء أن يُغطي وجهه خشية افتتان النساء به؟ فلو أوجبتم على المرأة تغطية وجهها حفظًا لفرج الرجل فيلزمكم أيضًا إيجاب تغطية الرجل لوجهه حفظا لفرج المرأة ؛ لاتحاد العلة ، واللازم لا يصح فبطل الملزوم ، وإن أوجبتم التغطية بالنسبة للنساء دون الرجال كان هذا تناقض واضح ؛ لأن الأمر بحفظ الفرج للرجال والنساء جميعًا.
محمد رفقى
27-11-2015, 05:44 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 35
يقولون: عن جابر قال : قال رسول الله : " إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل"قال : فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجها فتزوجتها".ففي هذا الحديث دليل على أن النساء كن يحتجبن عن الأجانب، ولهذا لا يستطيع الرجل أن يرى المرأة إلا إذا كان خاطباً. ولو كنّ النساء يكشفن وجوههن لما احتاج الخاطب أن يذهب ليستأذن والدا المخطوبة في النظر إليها.
وأيضًا لو كنّ يكشفن وجوههن لما احتاج صلي الله عليه وسلم أن يأمر الخاطب بالنظر إلى المخطوبة.
الجواب عن هذا:
أحاديث النظر إلي المخطوبة ليس فيها ما يدل على تغطية الوجه، بل فيها ما يدل على جواز نظر الخاطب إلى من يريد خطبتها، ثم إنه ليس فيها نص على رؤيته وجه المخطوبة بخصوصه فقط ؛ لأن النظر في الحديث مطلق غير محدد ، وأحاديث النظر للمخطوبة جاءت مطلقة لم تحدد مقدار نظر الخاطب لمخطوبته ، لذلك نجد أن أقوال العلماء قد اختلفت في مقدار نظر الخاطب لمخطوبته ، فلا يُفهم من ذلك وجوب ستر وجه المرأة في عامة الأحوال.
• قال الشيرازي ( ت سنة 476هـ ): ( وإذا أراد نكاح امرأة فله أن ينظر وجهها وكفيها ولا ينظر إلي ما سوي وجهها وكفيها لأنه عورة).
• قال الشافعي: (وإذا أراد أن يتزوج المرأة فليس له أن ينظر إليها حاسرة ، وينظر إلى وجهها وكفيها وهي متغطية بإذنها وبغير إذنها ، قال تعالى : {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال : الوجه والكفين).
قول الشافعى وبغير إذنها لحديث أبي حميد الساعدي:(...ينظر إليها لخطبة وإن كانت لا تعلم). والنظر إليها من غير علمها مثل أن يَرقُبهَا أثناء سيرها في الطريق دليل علي جواز النظر إلي جميع ما يظهر عادة كالوجه والكفان.
فيحتمل أن جابر كان يختبئ لها في النخل , ليدقق النظر فيها , ويطاردها ببصره , ويتأمل محاسنها , ويكرر ذلك بلا إذن , فربما تستحي من الإذن.
قال الحنابلة : يكرر الخاطب النظر ويتأمل المحاسن ولو بلا إذن. وقال الإمام النووي : ويجوز تكرير هذا النظر بإذنها وبغير إذنها.
أو ربما ليري ما هو أكثر من الوجه والكفين.
• ففي رواية عن أحمد : ينظر إلى وجهها و يديها ، والثانية : ينظر إلى ما يظهر غالبا كالرقبة و الساقين و نحوهما.
قال ابن قدامة في " المغني ": ووجه جواز النظر إلى ما يظهر غالبا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن في النظر إليها من غير علمها , علم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر عادة , إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور , و لأنه يظهر غالبا فأبيح النظر إليه كالوجه , و لأنها امرأة أبيح له النظر إليها بأمر الشارع , فأبيح النظر منها إلى ذلك كذوات المحارم".
وفي هذا المعني يقول الشيخ الألباني : والرواية الثانية عن أحمد أقرب إلي ظاهر الحديث... فإن كل ذي فقه يعلم أنه ليس المراد منه الوجه والكفان فقط ، ومثله في الدلالة قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : (وإن كانت لا تعلم) , وتأيد ذلك بعمل الصحابة رضي الله عنهم، وهم أعلم بسنته صلى الله عليه وسلم، ومنهم محمد بن مسلمة وجابر بن عبد الله، فإن كلا منهما تخبأ لخطيبته ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها ، أفيظن بهما عاقل أنهما تخبآ للنظر إلى الوجه والكفين فقط!
وقال الشيخ ابن باز وهو من المعارضين لكشف الوجه: إذا كشفت له وجهها ويديها ورأسها فلا بأس على الصحيح ، وقال بعض أهل العلم : يكفي الوجه والكفان ، ولكن الصحيح أنه لا بأس أن يرى منها رأسها ووجهها وكفيها وقدميها.
محمد رفقى
28-11-2015, 10:05 PM
حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 36
يقولون: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ الَّلَـتِى لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاًفَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَـتِبِزِينَةٍ } ثم قال {وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ} المراد وضع الثياب التي تكون فوق الدرع ونحوه مما لا يستر مايظهر غالباً كالوجه والكفين فالثياب المذكورة المرخص لهذه العجائز في وضعها هيالثياب السابقة التي تستر جميع البدن وتخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أنالشواب اللاتي يرجون النكاح يخالفنهن في الحكم، ولو كان الحكم شاملاً للجميع فيجواز وضع الثياب ولبس درع ونحوه لم يكن لتخصيص القواعد فائدة.
وعن عاصم الأحول قال : ((كنا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الحجاب هكذا، وتنقبت به. فنقول لها: رحمك الله! قال الله تعالى {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ الَّلَاتِى لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَـاتِ بِزِينَةٍ}.قال: فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك فنقول: { وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ} فتقول: هو إثبات الحجاب))
الجواب عن هذا:
1- هذه الآية ليس فيها ذكرٌ لتغطية الوجه أو كشفه فضلا عن أن تصلح دليلا على وجوب التغطية ، بل هي تتحدث أصلا عن أمر آخر محصله: أن العجائز ليس فرضًا عليهن لبسُ الجلباب ، فالمراد بالثياب هنا الجلباب ، وهو تفسير مروي عن بعض الصحابة كابن عباس وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما ، فقد روى أبو جعفر الطبري عن ابن عباس، قوله: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا} وهي المرأة لا جناح عليها أن تجلس في بيتها بدرع وخمار ، وتضع عنها الجلباب ما لم تتبرّج لما يكره الله ، روى أيضًا عن عبد الله في قوله {فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ} قال: الجلباب أو الرداء.والجلباب ليس من معانية أنه رداء يفيد ستر الوجه.
قال الألباني : "وهناك قولا آخر في تفسير: {ثيابهنَّ} وهو الخمار ، وهو الأصح عن ابن عباس واختار ابن القطان الفاسي في" النظر في أحكام النظر" القول الآخر، فقال:
"الثياب المذكورة هي الخمار والجلباب ، رُخِّص لها أن تخرج دونهما وتبدو للرجال… وهذا قول ربيعة بن عبد الرحمن. وهذا هو الأظهر ، فإن الآية إنما رخصت في وضع ثوب إن وضعته ذات زينة أمكن أن تتبرج…" إلى آخر كلامه، وهو نفيس جداً ".
ويثبت ذلك ما أخرجه ابن جرير بسند صحيح عن ابن زيد ، وهو أسامة بن زيد في تفسير هذه الآية، فقال: (وضع الخمار، قال: التي لا ترجو نكاحاً التي قد بلغت أن لا يكون لها في الرجال حاجة ولا للرجال فيها حاجة ، فإذا بلغن ذلك وضعن الخمار غير متبرجات بزينة)) ثم قال : (وأن يستعففن خير لهن , كان أبي يقول هذا كله ).
ويؤيده أن هذه الآية ذكرها الله في سورة النور بعد آية أمر النساء بالخمر.
فإذا كان يجوز للنساء الشابات إظهار الوجه والكفين ويجب عليهن تغطية ما عدا ذلك ، فلا تكون الرخصة للقواعد إلا بما زاد على ذلك ، وهو وضع الخمار.
قال القرطبي: والعرب تقول: امرأة واضع، للتي كَبِرت فوضعت خِمارها.
وقال السدي: يجوز لهن وضع الخمار أيضاً.
2- هذا الفعل من حفصة بنت سيرين أو من غيرها لا يدل على الوجوب ، إنما يدل علي الجواز فحسب.
كازانوفا
29-11-2015, 08:06 AM
جزيت خيرا على الموضوع الشيق
لي عوده لتكملته ان شالله
محمد رفقى
29-11-2015, 03:14 PM
حوار مع المعارضين القائلين بندب ستر الوجه 1
يقولون: إن الشيخ الألباني مع قوله بمشروعية كشف الوجه فإنه عقد فصلا في كتاب "جلباب المرأة المسلمة" لبيان استحباب ستر الوجه.
الجواب عن هذا :
في فصل "مشروعية ستر الوجه" قال الشيخ الألباني : (والنصوص متضافرة عن أن نساء النبي صلي الله عليه وسلم كن يحتجبن حتى في وجوههن) ثم ذكر أحاديث فيها سترهن وجوههن سواء بنقاب أو بساتر آخر غير النقاب مثل طرف الجلباب.وهذا ليس لأنه أمرا مستحبا , بل لأن ستر وجوههن مع كامل البدن عند الخروج للحاجة كان من مقتضيات الحجاب المفروض عليهن وهو محادثة الرجال الأجانب من وراء ساتر. وفي هذا يقول القاضي عياض : "فرض الحجاب مما اختص به أزواج النبي صلي الله عليه وسلم فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين فلا يجوز لهن كشف لشهادة ولاغيرها ولايجوز لهن إظهار أشخاصهن وإن كن مستترات إلا ما دعت إليه الضرورة من الخروج للبراز.. وقد كن إذا قعدن للناس جلسن من وراء حجاب وإذا خرجن حجبن وسترن أشخاصهن.. ولما توفيت زينب رضي الله عنها جعلوا لها قبة فوق نعشها تستر شخصها".
ثم ذكر حديثين فيهما تنقب بعض النساء , وهذا لا يدل على الوجوب ولا الاستحباب إنما يدل علي الجواز فحسب.
محمد رفقى
29-11-2015, 03:20 PM
حوار مع المعارضين القائلين بندب ستر الوجه 2
يقولون : إن ستر الوجه مندوب لأنه يعين علي تخفيف حدة الفساد الخلقي الطاغي في كثير من مجتمعات المسلمين المعاصرة التي يسود فيها كشف الوجه.
الجواب عن هذا:
( أ ) حقا هناك فساد طاغ في كثير من المجتمعات المسلمة المعاصرة , ولكن الظن أن كشف الوجه هو سبب هذا الفساد أو أحد أسبابه مناف للحقيقة والواقع.وذلك أن هذه المجتمعات تتميز عن المجتمعات المحافظة بالإسراف في التبذل والعري , الذي يشمل الرأس والعنق وبعض الصدر والذراعين وأنصاف الساقين.وهذا – لا مجرد كشف الوجه- هو عامل أساسي في طغيان الفساد , يضاف علي ذلك عوامل عديدة منها غزو ثقافي غربي يشجع علي كثير من صور الانحراف , وبخاصة ما يأتي عن طريق الصحافة والسينما والمسرح والتليفزيون , وهي وسائل إعلام مؤثرة.ومنها ضعف الوازع الديني الناتج عن سوء التربية , أضف إلي ذلك ضعف الرقابة الأُسْرية , وتهاون الرأي العام في مواجهة المنكر.
ومما يزيد البلاء الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تؤدي إلي تأخر الزواج سنوات طويلة بعد البلوغ , فذلك مما يدفع الشباب إلي الانحراف. ونحسب أن من الإنصاف أن نرد طغيان الفساد إلي هذه العوامل لا إلي مجرد كشف الوجه.
(ب) إذا افتقدنا الإحصاءات والدراسات الميدانية عن مجتمعات مسلمة تطبق ستر الوجه وأخري تطبق سفور الوجه , فهناك التجربة الطويلة عبر قرون مع ما اشتهر من آثارها مما يعين إلي حد كبير علي التوصل إلي معلومات صحيحة بعيدة عن التصورات الشخصية وعن الأوهام الشائعة.
إن مجتمع الريف في مصر وفي كثيرمن بلدان العالم الإسلامي يطبق مبدأ سفور الوجه , بينما مجتمع المدن حتي أوائل القرن العشرين كان يطبق مبدأ ستر الوجه مع تقارب المناخ الديني العام في كلا المجتمعين.فهل عُرف المجتمع الريفي واشتهر بالفساد الخلقي نتيجة سفور الوجه؟ وفي المقابل هل عرف واشتهر مجتمع المدينة بالاستقامة ومتانة الأخلاق نتيجة ستر الوجه؟ نحسب أننا لا نستطيع أن نزعم شيئا من ذلك , بل العكس هو الصحيح , فقد اشتهر مجتمع الريف بالجِدّ والاستقامة أكثر من مجتمع المدن.ومن يدري لعله إذا تيسرت دراسات وإحصاءات علمية نكتشف أن سفور الوجه مع تطبيق قيم الإسلام وأحكامه أعون علي صيانة المستوي الخلقي العام لمجتمع المسلمين , لأن المهم أن ندرك أن تقوي الله في قلب كل من الرجل والمرأة هي صمام الأمان.ومع التقوي لا يضر سفور وجه المرأة وبغيرها لا يفيد ستره.
محمد رفقى
29-11-2015, 03:26 PM
حوار مع المعارضين القائلين بندب ستر الوجه 3
يقولون : إن لم يكن هناك دليل صريح علي ندب ستر الوجه فيمكن اعتباره من باب الورع , والورع محمود.
الجواب عن هذا:
1. هناك فرق بين الورع في السلوك الشخصي و بين الورع في إصدار الأحكام. إن الورع في السلوك الشخصي قد يعني تجنب أمر مباح لشبهة عارضة , ولكن الورع في إصدار الأحكام يعني تحري شرع الله أكمل تحرٍّ يستطيعه البشر.وكما يكون التورع عن إصدار حكم بالإباحة في أمر مكروه محمود , كذلك ينبغي أن يكون التورع عن إصدار حكم بالكراهة في أمر مباح محمود , وكذلك التورع عن إصدار حكم بالندب في أمر هو مجرد مباح.لأنه في شرع الله لا فرق بين إباحة الحرام وبين تحريم المباح , وكذلك لا فرق في شرع الله بين إباحة المكروه وبين كراهية المباح , ولا فرق أخيرا بين تحريم المباح وبين إيجاب المباح أو ندبه , فكل ذلك افتئات علي سلطان الله في التشريع.
2. إن الشريعة الإسلامية في حكمها البشر عامة تقوم في الأصل علي قاعدة التيسير ورفع الحرج عن الناس , لا علي قاعدة الورع.علي أن الورع يظل فضيلة يُحضُّ الناس علي قصدها , وهذا مع الانتباه إلي أنه ليس في التنزه عن المباح ورع كما قال الشوكاني.
3. ليس في سفور الوجه في عامة الأحوال ولا في نظر الرجال إليه أحيانا ما يضفي شبهة علي إباحة كشفه , لأن هذا مما تعم به البلوي جميع المجتمعات وإن اختلفت درجته.وقد مر بنا عدة وقائع في العهد النبوي نظر فيها الرجال إلي وجوه النساء , ولم يَدْعُ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي أن يندب النساء إلي ستر وجوههن من باب الورع.
محمد رفقى
29-11-2015, 03:37 PM
حوار مع المعارضين القائلين بندب ستر الوجه 4
يقولون: كان النقاب من قديم عرفا عاما صالحا وشعارا للنساء ذوات الصون والعفاف , وهذا مما يدل على أنه مندوب لأنه يحفظ للمرأة حياءها وعفافها.
الجواب عن هذا:
1. كان النقاب مجرد طراز في الزي اختاره بعض النساء منذ الجاهلية ، وتعارف الناس عليه وربما اعتبروه من سمات المرأة المصونة أو كمال الهيئة, لكنه لم يكن عرفا عاماً صالحاً عند جميع العرب الذين بعث فيهم رسول الله , إذ لو كان عرفاً عاماً صالحاً وخاصة لذوات الصون والعفاف لكان البيت النبوي أولى بهذا العرف الصالح منذ الأيام الأولى من البعثة وحتى نزول آية الحجاب ، ولكان ذلك من القرائن الدالة على أن التنقب مندوب. لكن أما وقد ثبت بالنصوص الصحيحة والصريحة أن نساء النبي صلي الله عليه وسلم لم ينتقبن بل كن سافرات الوجوه حتى نزل الأمر بالحجاب,فهذا يؤكد أن النقاب كان مجرد طراز من طُرز الزي عند بعض النساء.وإذا كن نساء النبي صلي الله عليه وسلم يكشفن وجوههن قبل فرض الحجاب عليهن , فنساء المؤمنين من باب أولى.وقد ظل نساء المؤمنين بعد الحجاب كما كن قبله, أي ظلت الغلبة لكشف الوجه. فما هو الجديد إذن الذي يغير حكم النقاب من الجواز إلى الندب؟
2. الحياء هو ذاك الخلق الذي يبعث علي اجتناب القبيح من الفعال , وهو صفة للرجال والنساء وليست مقصورة على النساء , ودعوي زواله بكشف الوجه متوهمة ولا ينبني عليها حكم شرعي.
3. إن الذي يحفظ حياء المرأة وعفافها هو تقوى الله أولا , ثم اتباع آداب لقاء النساء الرجال التي قررها الشارع , وليس منها ستر الوجه.ولو كان لا يحفظ الحياء والعفاف إلا هذا الستر لفرضه الله على عامة نساء المؤمنين , أو لندبهن إليه.
5. وإن كان الندب والاستحسان من الشارع, فلماذا لم يرد من الشارع نص صريح في الحض على الستر؟ خاصة وهو أمر يعم جميع المؤمنات بل ويهم جميع المؤمنين, إذ لا يخلو رجل من صحبة امرأة , أما كانت أو أختا أو زوجة أو بنتا؟
6. وأخيرا نقول للمعارضين القائلين بندب ستر الوجه : لا تحسبوا أن القول بالندب مسلم به من قديم , وأن النفي بدعة جديدة متأثرة بما شاع في المجتمع الغربي من سفور, فهذا القاضي عياض يقول: ( خُص أزواج النبي صلي الله عليه وسلم بستر الوجه والكفين واختلف في ندبه في حق غيرهن).
محمد رفقى
29-11-2015, 03:43 PM
حوار مع المعارضين القائلين بندب ستر الوجه 5
يقولون: النقاب مشروع ثم إنه معروف محمود في كثير من أقطار العالم الإسلامي منذ قرون.
الجواب عن هذا:
مشروعية النقاب لا خلاف عليها,كذلك كونه معروفا في بعض بلدان المسلمين لا خلاف عليه أيضا, لكن الخلاف حول كونه محمودا. فإن كان القصد أنه محمود عرفا فلا خلاف علي ذلك , فالعرف يختلف من بلد إلي بلد آخر , فقد يحمد ستر الوجه في بلد ويحمد الكشف في آخر. وإن كان القصد أنه محمود شرعا - أي مندوب بحكم الشرع - فهذا يعوزه الدليل , ونحن لم نعثر حتي الآن علي دليل يثبت الندب. وإذا وجد الدليل فنحن مع الدليل حيث يكون , والشرع شرع الله ونحن متعبدون باتباعه دون زيادة أو نقص.
محمد رفقى
29-11-2015, 03:56 PM
حوار مع المعارضين القائلين بندب ستر الوجه 6
يقولون: إن اقتداء نساء المؤمنين بأمهات المؤمنين يعتبر أمرا مستحباً.
الجواب عن هذا:
وقيل لا بأس من تحريم الزواج علي المرأة إذا مات زوجها امتداد لهذه الأسوة!!!
إن ستر أمهات المؤمنين وجوههن عند الخروج للحاجة كان البديل المؤقت عن الاحتجاب المفروض عليهن بآية الحجاب وهو محادثة الأجانب من وراء ستار , فلا يرين الرجال ولا يراهن الرجال وإن كن منتقبات. وفي نفس الآية تحريم نكاح أمهات المؤمنين بعد وفاته صلي الله عليه وسلم. فمن يريد تطبيق الحكم الموجود في الآية أن يلتزم بالآية كاملة , وليس الأخذ من الآية حسبما ترائي له!!!
من الخصائص النبوية ما هو إما توسعة في أمر عن الحد المشروع لعامة المسلمين مثل الزيادة علي أربع زوجات, وإما تضييق في أمر عن الحد المشروع مثل تحريم تبديل الأزواج , ووجوب حجاب أزواجه. وهذا النوع من الخصوصية لا مجال للاقتداء فيه حيث يعني الاقتداء هنا اعتداء علي حدود ما شرعه الله لعموم الأمة , سواء بالزيادة علي القدر المباح أو بتضييق ما وسعه الله وأباحه بتحريم أو بكراهية.
ولنتأمل كيف ضيق الشرع علي نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالحجاب الدائم من ناحية وبمنع زواجهن من بعده من ناحية ثانية , وفي هذا يقول بن قتيبة : (ونحن نقول أن الله عز وجل أمر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بالاحتجاب اذ أمرنا أن لا نكلمهن إلا من وراء حجاب فقال: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}... وهذه خاصة لأزواج رسول الله كما خصصن بتحريم النكاح علي جميع المسلمين). بينما وسع الشرع علي نساء المؤمنين بالحركة والنشاط ومخالطة الحياة والناس ثم بالنكاح بعد مفارقة الأزواج أو موتهم. على أن أولئك الطاهرات قد عوضهن الله عن هذا التشديد خير عوض , وحسبهن في الدنيا شرف صحبة نبي الله زوجات في حياته , وشرف الانتساب إليه بعد مماته , هذا مع الحظوة بذلك المقام الرفيع مقام أمهات المؤمنين. وحسبهن في الآخرة الأجر المضاعف ونعيم صحبته صلى الله عليه وسلم في جنات الفردوس.
جاء في كتاب "أفعال الرسول ودلالتها علي الأحكام الشرعية" لمحمد سليمان الأشقر:
(من الخصائص النبوية إما حكم شرعي لفعل غيره بسببه كرامة له,كتحريم نسائه علي غيره, وما نسخ من وجوب الصدقة علي المؤمنين عند مناجاته ووجوب احتجاب نسائه, وتحريم أخذ الزكاة علي آل بيته, وأنه لا يورث , وأن الكذب عليه عمدا كبيرة , وتحريم رفع الصوت فوق صوته).
يقول الشوكاني : ( والحق أنه لا يقتدي به فيما صرح لنا بأنه خاص به كائنا ما كان إلا بشرع يخصنا. ... أما لو قال صلى الله عليه وسلم هذا حرام عليَّ حلال لكم فلا يشرع التنزه عن فعل ذلك الشيء فليس في ترك الحلال ورع). والقاعدة التي يقررها الشوكانى تنطبق علي موضوع الحجاب فكأنه صلى الله عليه وسلم قال: إن لقاء نسائي دون حجاب حرام وإن لقاء عامة النساء الرجال دون حجاب حلال. وعلي ذلك فلا يشرع لنساء المؤمنين الامتناع الدائم عن لقاء الرجال دون حجاب أسوة بنساء النبي صلى الله عليه وسلم. فكشف الوجه حرام علي أمهات المؤمنين , حلال لسائر النساء , فلا مزيد من الثواب باجتناب ما أحل الله.
إذَنْ الخصوصية تمنع الاقتداء , إلا ما جاء الاستحباب فيه في حقنا بأدلة مستقلة , ولم يأت دليل استحباب ستر الوجه والكفين في حق سائر النساء , لكن ثبت تقرير سترهما , والسنة التقريرية لا تفيد أكثر من الإباحة.
محمد رفقى
29-11-2015, 04:46 PM
حوار مع المعارضين القائلين بندب ستر الوجه 7
يقولون : أمر النقاب دائر بين الوجوب والاستحباب.
الجواب عن هذا :
الخلاف بين الواجب والمستحب يكون عندما يأتي أمر من الشارع بشيء ويختلف العلماء في حمل هذا الأمر إما علي الوجوب أو الاستحباب بناء علي قرائن أخري.
ومثال ذلك قوله تعالى{يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين فاكتبوه}, فاكتبوه هذا واجب , لكن جاءتنا قرينة صرفت هذا الوجوب إلى الاستحباب وهي قوله تعالى{فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته} ومفهوم المخالفة في الآية: فإذا جهل بعضكم بعضا فلابد أن تكتبوه.إذن عند عدم الأمن الكتابة واجبة ولكن إذا أمن بعضكم بعضا فالكتابة مستحبة.
وفي مسألة ستر الوجه لا يوجد أمر أصلا بالستر , فآيات الكتاب العزيز لم تنص صراحة علي كشف الوجه أو ستره. وبعض العلماء فسر الآيات بما يدل علي وجوب ستر الوجه , والبعض الآخر رأي أنه ليس فيها دليل علي وجوب الستر. والسنة لا يوجد بها حديث واحد مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا صحيح ولا ضعيف ولا حتى موضوع يأمر المرأة بتغطية وجهها أو حتى يبين أنه مندوب , فالخلاف هل الستر واجب أم غير واجب أو بمعني آخر واجب أم مباح.
محمد رفقى
30-11-2015, 03:24 PM
تعقيب على الحوار مع المعارضين لسفور الوجه
لابد لنا من وقفة طويلة لكي نفهم معني الحجاب الذي فرض على نساء النبي صلي الله عليه وسلم بوجه خاص دون غيرهن من المؤمنات.إنه حجاب واحد فحسب وقد فرض بصورة جلية لا مجال للتأويل فيها , حجاب واحد هو حجب أشخاصهن عن الرؤية :{فاسألوهن من وراء حجاب} أما أصواتهن فلم تحجب , وكذلك أصوات الرجال لم تحجب عنهن , أي أن التعامل مع الرجال يتم لكن من وراء حجاب.وأما تحركاتهن فلم تمنع , فكان الرسول يصحبهن في أسفاره.وأما نشاطهن فلم يُحْظَر , سواء أكان نشاطا تعبديا أو اجتماعيا أو سياسيا.وفوق ذلك كله لم يقف اهتمامهن بالعالم الخارجي , وظلت منافذ الاطلاع علي العالم الخارجي متوافرة , وظل تعاملهن مع العالم الخاجي نشيطا.
أما المسلمون في عصور الانحطاط الطويلة جعلوا من هذا الحجاب الذي فرض على نساء النبي صلى الله عليه وسلم دون نسائهم حجبا كثيفة متراكمة بعضها فوق بعض. ولو أنهم اقتصروا على ستر وجه المرأة المسلمة بنقاب يظهر العينين ومحجريهما لقلنا أمر كان من عادات بعض النساء في الجاهلية وأقره رسول الله , ولكنهم ستروه بغطاء يخفي وجهها كله بصورة غريبة أحيانا وبصورة منفرة أحيانا.
ويا ليتهم ستروا وجهها فقط ولم يحجبوا صوتها , وهذا على رغم الإباحة الواردة في قوله تعالى {وقلن قولا معروفا}
ويا ليتهم ستروا وجهها فقط ولم يحجبوها عن المسجد , وهذا على رغم قول الرسول (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) وعلى رغم حضور صحابيات كريمات صلاة الفريضة وصلاة التراويح وصلاة الكسوف وصلاة الجنازة في مسجد رسول الله.
ويا ليتهم ستروا وجهها ولم يحجبوها عن الاحتفال بالعيد , وهذا على رغم الحديث الشريف (أمرنا نبينا أن نخرج العواتق وذوات الخدور ...ليشهدن الخير ودعوة المسلمين)
ويا ليتهم ستروا وجهها ولم يحجبوها عن المحاضرات والندوات , وهذا على رغم الحديث الشريف (جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت : يارسول الله ذهب الرجال بحديثك ( وفي رواية : غلبنا عليك الرجال ) فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله , فقال: اجتمعن يوم كذا و كذا في مكان كذا وكذا)
ويا ليتهم ستروا وجهها ولم يحجبوها عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وهذا على رغم قول أم الدرداء لعبد الملك بن مروان : لعنت خادمك ورسول الله يقول : لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة.
ويا ليتهم ستروا وجهها ولم يحجبوها عن العمل لكسب عيشها عند الحاجة , وهذا على رغم قول الرسول للمرأة في فترة العدة : جدي نخلك فإنك عسي أن تصدقي أو تفعلي معروفا.
ويا ليتهم ستروا وجهها ولم يحجبوها عن الإسهام في الجهاد بتضميد الجرحي وسقي العطشي ثم بالقتال يوم تدعو الحاجة , وهذا رغم ما هو معروف من إسهام الصحابيات في عدة غزوات.
ويا ليتهم ستروا وجهها ولم يحجبوها عن النشاط الاجتماعي السياسي , وهذا على رغم ماهو ثابت من أن أم شريك كانت تفتح بيتها للضيفان ومن أن بعض النساء قد شهدن بيعة العقبة قبل الهجرة كما بايع كثير منهن رسول الله بعد الهجرة وعلي رغم قول رسول الله : (قد أجرنا من أجرت يا أم هانيء)
ويا ليتهم ستروا وجهها عن الناس جميعا ولم يحجبوها عمن جاء يخطبها , وذلك علي رغم قول الرسول للخاطب : (...فاذهب فانظر إليها)
ويا ليتهم ستروا وجهها ولم يحجبوا وصف مظهرها الخارجي وكأن هو الآخر عورة ينبغي ستره مخافة أن يفتن الرجال بذكره , رغم ما "ورد في السنة :"سفعاء الخدين" , " بيضاء" , "وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة" , "ووقعت في سهم دحية امرأة جميلة.
ويا ليتهم ستروا وجهها ولم يحجبوا أخبارها وكأن أخبارها عورة كوجهها فينبغي سترها وذلك , رغم ورود أخبار النساء في القرآن والسنة ففي القرآن أخبار امرأة العزيز وصواحبها وفي السنة كثير من أخبار أزواج النبي صلي الله عليه وسلم وكذلك أخبار عدد ليس بالقليل من الصحابيات كخبر أم سليم حين تجملت وتهيأت لزوجها يوم وفاة ولدها , وخبر أسماء بنت أبي بكر وحسن حيلتها مراعاة منها لغيرة زوجها , وخبر أسماء بنت عميس وشجاعتها في مواجة عمر بن الخطاب.
ويا ليتهم ستروا وجهها ولم يحجبوا اسمها مخافة أن يفوح من ذكره ريح الجنس , وهذا على رغم قول تعالى :{ومريم ابنة عمران} وقول رسوله (دخلت علي عائشة) (وقلت لحفصة) (وهذه صفية).
لابد إذن من تحرير الخلاف كما يقول الفقهاء أي لابد من تحديد القضية التي يدور حولها الصراع , ذلك الصراع المرير. القضية ليست هي ستر الوجه أو سفوره بل القضية أكبر من ذلك , هي حجب هذا الإنسان عن العالم وحرمانه الخبرة والوعي , وتجهيله و"تحديد إقامته" , وحرمان المجتمع من خير يمكن أن تؤديه المرأة , إضافة إلي مهمتها الأساسية في رعاية بيتها وحسن تبعُّلها. القضية هي تحرير المرأة المسلمة لتمارس حياتها كاملة وتتفاعل مع الحياة الجادة الخيرة. وما سفور الوجه غير عامل مساعد في هذا التحرير.
محمد رفقى
30-11-2015, 04:07 PM
ملخص لأخطاء المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه
1- فسروا (الإدناء) في آية ( الجلاليب ) بتغطية الوجه , وفسروا ( الجلباب ) بأنه الثوب الذي يغطي الوجه , وفسروا (الخمار) أنه غطاء الرأس والوجه , بخلاف الأحاديث النبوية والآثار السلفية والنصوص اللغوية.
2- استدلالهم على ذلك بالأحاديث الضعيفة والآثار الواهية والموضوعة !
كحديث ابن عباس في أمر النساء بتغطية وجوههن إلا عيناً واحدة.
وقول فاطمة رضي الله عنها لما سئلت: ما خير للنساء؟ فقالت: أن لا يرين الرجال ولا يرونهن.
ومثل حديث ابن عمرو : "قبرنا مع رسول الله رجلا , فلما رجعنا إذ هو بامرأة لا نظنه عرفها , فقال يا فاطمة..." وقد ضعفه مخرجه النسائي بربيعة بن سيف فقال"ضعيف",وذكره الألباني في "ضعيف أبي داود".
3- ادعاء بعضهم الإجماع على رأيهم وهم يعلمون الخلاف فيه , ومن المخالفين لهم الأئمة الثلاثة ، ومعهم أحمد في رواية!
4- أنكروا نصوصاً صحيحة صريحة على خلاف رأيهم ، تارة بتأويلها وتعطيل دلالاتها ، وتارة بتجاهلها أو بتضعيفها.
مثل تأويلهم حديث الخثعمية (عن عبد الله ابن عباس) وفيه "أنها كانت حسناء وضيئة" و " فطفق الفضل ينظر إليها وأعجبه حسنها" , أنه ليس فيه امرأة سافرة بوجهها.
5- اتفاقهم على تضعيف الأثار المروية عن الصحابة فى تفسير الزينة الظاهرة بالوجه والكفين ، مع أن بعضها صحيح السند.
كأثر ابن عباس وابن عمر، وله عن ابن عباس وحده سبعة طرق.
6- تعطيل جواز كشف المرأة لوجهها بوجوب الستر سدّاً للذريعة ولأمن الفتنة - يعنون فتنة النساء بالرجال- وهم بذلك يتوهمون أن الفتنة كانت مأمونة في تلك القرون.
7- تعطيل للقاعدة الفقهية: "تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز"، ولقاعدة الاحتجاج بإقراره صلي الله عليه وسلم وسكوته عن الشيء ، للتخلص من دلالة حديث الخثعمية على جواز الكشف.
مثل قول أحدهم" لعل النبي صلي الله عليه وسلم أمرها بعد ذلك"، أي: بتغطية وجهها!
8- الاستدلال بحجاب أمهات المؤمنين على وجوب ستر المرأة وجهها وكفيها و قولهم عن العله وعموم اللفظ خلافاً للأدلة الكثيرة من السنة وأقوال الفقهاء علي خصوصية الحجاب بنساء النبي صلي الله عليه وسلم.
9- عدم الإلتفات إلى الترتيب الزمني لآيات اللباس في القرآن الكريم والقول بأن آية {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ} جاءت بعد آية {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} فأوجبت ستر الوجه بعد أن كان مصرحاً للمرأة بإبدائه. وهذا يعني أن الآية الأولي نسخت الآية الثانية ، وهذا خلافاً لما عليه العلماء المحققين من أن نزول سورة الأحزاب حيث آية {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ} كان قبل نزول سورة النور حيث آية {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}.
محمد رفقى
02-12-2015, 02:41 PM
وجه المرأة في المذهب الحنفي 1
سبق أن تم عرض بعض أقوال فقهاء المذهب الحنفي في مشروعية سفور وجه المرأة , وفي هذا الفصل سنعرض بمزيد من التفصيل عن وجه المرأة في المذهب الحنفي :
1- الإمام محمد بن الحسن الشيباني (ت:189 هـ):
قال في المبسوط (ج3/ص56 – 58):
وأما المرأة الحرة التي لا نكاح بينه وبينها ولا حرمة ممن يحل له نكاحها فليس ينبغي له أن ينظر إلى شيء منها مكشوفا إلا الوجه والكف ولا بأس بأن ينظر إلى وجهها وإلى كفها ولا ينظر إلى شيء غير ذلك منها وهذا قول أبي حنيفة وقال الله تبارك وتعإلى {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} ففسر المفسرون أن ما ظهر منها الكحل والخاتم والكحل زينة الوجه والخاتم زينة الكف فرخص في هاتين الزينتين ولا بأس بأن ينظر إلى وجهها وكفها إلا أن يكون إنما ينظر إلى ذلك اشتهاء منه لها فإن كان ذلك فليس ينبغي له أن ينظر إليها.
2- الإمام أبو جعفر الطحاوي (ت:322 هـ):
قال في " شرح معاني الآثار" (2/392- 393):
"أبيح للناس أن ينظروا إلى ما ليس بمحرَّم عليهم من النساء إلى وجوههن وأكفهن وحرم ذلك عليهم من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى".
وغير هذا كثير في مصنفه هذا خاصة.
3- قال الإمام أبو بكر الجصاص (ت:370هـ) في أحكام القرآن : ( 3/316 )
وقول ابن مسعود في أن {مَا ظَهَرَ مِنْهَا} هو الثياب لا معنى له ؛ لأنه معلوم أنه ذكر الزينة ، والمراد العضو الذي عليه الزينة ، ألا ترى أن سائر ما تتزين به من الحلي والقُلب والخلخال والقلادة يجوز أن تظهرها للرجال إذا لم تكن هي لابستها ، فعلمنا أن المراد مواضع الزينة ، كما قال في نسق الآية بعد هذا{ولا يُبْدِيْنَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ } ، والمراد موضع الزينة ، فتأويلها على الثياب لا معنى له ، إذ كان مما يرى الثياب عليها دون شيء من بدنها كما يراها إذا لم تكن لابستها.
4- قال الإمام أبو الليث السمرقندي (ت:375هـ) في تفسيره بحر العلوم:
والنظر إلى النساء على أربع مراتب:
في وجه يجوز النظر إلى جميع أعضائها وهي النظر إلى زوجته وأمته.
وفي وجه يجوز النظر إلى الوجه والكفين وهو النظر إلى المرأة التي لا يكون محرما لها ويأمن كل واحد منهما على نفسه فلا بأس بالنظر عند الحاجة.
وفي وجه يجوز النظر إلى الصدر والساق والرأس والساعد وهو النظر إلى إمرأة ذي رحم أو ذات رحم محرم مثل الأخت والأم والعمة والخالة وأولاد الأخ والأخت وإمرأة الأب وإمرأة الإبن وأم المرأة سواء كان من قبل الرضاع أو من قبل النسب.
وفي وجه لا يجوز النظر إلى شيء وهو أن يخاف أن يقع في الإثم إذا نظر.
5- الإمام القدوري (ت:428 هـ):
قال في متنه الشهير ب"الكتاب":
(ولا يجوز أن ينظر الرجل من الأجنبية إلا إلى وجهها وكفيها ، وإن كان لا يأمن الشهوة لا ينظر إلى وجهها إلا لحاجة).
وقد شرح هذا المتن لأهميته شروحا عديدة انتخبنا منها شرحين هامين:
أ- شرح العبادي الحدادي (ت:800 هـ) وسماه ب" الجوهرة النيرة" يقول في شرح الفقرة السابقة:
"قوله ( ولا يجوز أن ينظر الرجل من الأجنبية إلا إلى وجهها وكفيها ) لأن في إبداء الوجه والكف ضرورة لحاجتها إلى المعاملة مع الرجال أخذا وإعطاء وقد يضطر إلى كشف وجهها للشهادة لها وعليها عند الحاكم فرخص لها فيه وفي كلام الشيخ دلالة على أنه لا يباح له النظر إلى قدمها وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يباح ذلك لأن المرأة تضطر إلى المشي فيبدو قدمها فصار كالكف ولأن الوجه يشتهى والقدم لا يشتهى فإذا جاز النظر إلى وجهها فقدمها أولى قلنا الضرورة لا تتحقق في كشف القدم إذ المرأة تمشي في الجوربين والخفين فتستغني عن إظهار القدمين فلا يجوز النظر إليهما ( قوله فإن كان لا يأمن الشهوة لا ينظر إلى وجهها إلا لحاجة ) لقوله عليه السلام (من نظر إلى محاسن امرأة أجنبية بشهوة صب في عينيه الآنك يوم القيامة) الآنك هو الرصاص وقوله إلا لحاجة هو أن يريد الشهادة عليها فيجوز له النظر إلى وجهها وإن خاف الشهوة ؛ لأنه مضطر إليه في إقامة الشهادة أصله شهود الزنا الذين لا بد من نظرهم إلى العورة إذا أرادوا إقامة الشهادة".
ب- شرح عبد الغني الدمشقي الميداني (ت:1289 هـ) وسماه ب" اللباب في شرح الكتاب" يقول في شرح الفقرة السابقة:
"(ولا يجوز) للرجل (أن ينظر من الأجنبية) الحرة (إلا إلى وجهها وكفيها) ضرورة احتياجها إلى المعاملة مع الرجال أخذاً وإعطاء وغير ذلك ، وهذا تنصيص على أنه لا يباح النظر إلى قدمها ، وعن أبي حنيفة أنه يباح ، لأن فيه بعض الضرورة.
وعن أبي يوسف أنه يباح النظر إلى ذراعها أيضاً ؛ لأنه قد يبدو منها عادة ؛ (هداية) ، وهذا إذا كان يأمن الشهوة.(فإن كان لا يأمن) على نفسه (الشهوة لم ينظر إلى وجهها إلا لحاجة) ضرورية ، لقوله عليه الصلاة والسلام: (من نظر إلى محاسن امرأة أجنبية عن شهوة صب في عينيه الآنك يوم القيامة)".
6- الإمام السرخسي (ت:483 هـ):
قال في كتابه "المبسوط" وهو شرح لكتاب "الكافي" للصدر الشهيد الحاكم (ت:334 هـ) بعد ذكر الخلاف قال:
"ولكنا نأخذ بقول علي وابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - فقد جاءت الأخبار في الرخصة بالنظر إلى وجهها وكفها من ذلك ما روي أن امرأة عرضت نفسها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى وجهها فلم ير فيها رغبة ، ولما قال عمر - رضي الله عنه - في خطبته: ألا لا تغالوا في أصدقة النساء فقالت امرأة سفعاء الخدين أنت تقوله برأيك أم سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنا نجد في كتاب الله تعالى بخلاف ما تقول قال الله تعالى{وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً} فبقي عمر - رضي الله عنه - باهتاً وقال: كل الناس أفقه من عمر حتى النساء في البيوت، فذكر الراوي أنها كانت سفعاء الخدين وفي هذا بيان أنها كانت مسفرة عن وجهها، ورأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كف امرأة غير مخضوب فقال: أكف رجل هذا؟ ولما ناولت فاطمة - رضي الله عنها- أحد ولديها , بلالاً أو أنساً - رضي الله عنهما - قال أنس: رأيت كفها كأنه فلقة قمر فدل أنه لا بأس بالنظر إلى الوجه والكف فالوجه موضع الفتنة والكف موضع الخاتم والخضاب وهو معنى قوله تعالى:{إلا ما ظهر منها}.
وخوف الفتنة قد يكون بالنظر إلى ثيابها أيضاً قال القائل:
وما غرني الإخضاب بكفها وكحل بعينيها وأثوابها الصفر
ثم لا شك أنه يباح النظر إلى ثيابها ولا يعتبر خوف الفتنة في ذلك فكذلك إلى وجهها وكفها.
وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه يباح النظر إلى قدمها أيضاً وهكذا ذكر الطحاوي لأنها كما تبتلى بإبداء وجهها في المعاملة مع الرجال وبإبداء كها في الأخذ والإعطاء تبتلى بإبداء قدميها إذا مشت حافية أو متنعلة وربما لا تجد الخف في كل وقت.....إلخ".
7- العلامة الزمخشري المعتزلي الحنفي (ت:538هـ) في "الكشاف":
"الزينة: ما تزينت به المرأة من حلي أو كحل أو خضاب فما كان ظاهراً منها كالخاتم والفتخة والكحل والخضاب فلا بأس بإبدائه للأجانب وما خفي منها كالسوار والخلخال والدملج والقلادة والإكليل والوشاح والقرط فلا تبديه إلا لهؤلاء المذكورين.
وذكر الزينة دون مواقعها: للمبالغة في الأمر بالتصون والتستر لأن هذه الزين واقعة على مواضع من الجسد لا يحل النظر إليها لغير هؤلاء وهي الذراع والساق والعضد والعنق والرأس والصدر والأذن فنهى عن إبداء الزين نفسها. ليعلم أن النظر إذا لم يحل إليها لملابستها تلك المواقع - بدليل أن النظر إليها غير ملابسة لها لا مقال في حله - كان النظر إلى المواقع أنفسها متمكناً في الحظر ثابت القدم في الحرمة شاهداً على أن النساء حقهن أن يحتطن في سترها ويتقين الله في الكشف عنها.
فإن قلت: ما تقول في القراميل هل يحل نظر هؤلاء إليها؟
قلت: نعم.
فإن قلت : أليس موقعها الظهر ولا يحل لهم النظر إلى ظهرها وبطنها وربما ورد الشعر فوقعت القراميل على ما يحاذي ما تحت السرة .
قلت: الأمر كما قلت ولكن أمر القراميل خلاف أمر سائر الحلي لأنه لا يقع إلا فوق اللباس ويجوز النظر إلى الثوب الواقع على الظهر والبطن للأجانب فضلاً عن هؤلاء. إلا إذا كان يصف لرقته فلا يحل النظر إليه فلا يحل النظر إلى القراميل واقعة عليه.
فإن قلت: ما المراد بموقع الزينة ذلك العضو كله أم المقدار الذي تلبسه الزينة منه قلت: الصحيح أنه العضو كله كما فسرت مواقع الزينة الخفية وكذلك مواقع الزينة الظاهرة: الوجه موقع الكحل في عينيه والخضاب بالوسمة في حاجبيه وشاربيه والغمرة في خديه والكف والقدم موقعا الخاتم والفتحة والخضاب بالحناء.
فإن قلت: لم سومح مطلقاً في الزينة الظاهرة
قلت: لأن سترها فيه حرج فإن المرأة لا تجد بداً من مزاولة الأشياء بيديها ومن الحاجة إلى كشف وجهها خصوصاً في الشهادة والمحاكمة والنكاح وتضطر إلى المشي في الطرقات وظهور قدميها وخاصة الفقيرات منهن وهذا معنى قوله:{ إلا ما ظهر منها } يعني إلا ما جرت العادة والجبلة على ظهوره والأصل فيه الظهور".
انتهى كلامه.
8- الإمام الكرابيسي (ت:539هـ):
يقول في كتابه الفروق (1/347):
"ما يجوز للأجنبي أن ينظر إلى موضع الزينة الظاهرة من الحرة وهو الوجه والكف لا يجوز مسه" ثم أوضح الفارق بين النظر والمس.
9- أبو بكر علاء الدين السمرقندي (ت:552هـ):
قال في كتابه "تحفة الفقهاء" (3/333):
وأما النوع الرابع وهو الأجنبيات وذوات الرحم بلا محرم:فإنه يحرم النظر إليها أصلاً من رأسها إلى قدمها سوى الوجه والكفين فإنه لا بأس بالنظر إليهما من غير شهوة ، فإن كان غالب رأيه أنه يشتهي يحرم أصلا.
ومن أهم شروحه شرح الكاساني (ت:587هـ) المسمى ب" بدائع الصنائع" يقول في شرح الفقرة السابقة بعد إعادة التقسيم:
"حكم الأجنبيات الحرائر
و أما النوع السادس : و هو الأجنبيات الحرائر فلا يحل النظر للأجنبي من الأجنبية الحرة إلى سائر بدنها إلا الوجه و الكفين لقوله تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } إلا أن النظر إلى مواضع الزينة الظاهرة و هي الوجه و الكفان ، رخص بقوله تعالى : " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها " و المراد من الزينة الظاهرة الوجه و الكفان فالكحل زينة الوجه و الخاتم زينة الكف ، و لأنها تحتاج إلى البيع و الشراء و الأخذ و العطاء و لا يمكنها ذلك عادة إلا بكشف الوجه و الكفين فيحل لها الكشف ، وهذا قول أبي حنيفة رضي الله عنه ، و روى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله أنه يحل النظر إلى القدمين أيضاً .
وجه هذه الرواية : ما روي عن سيدتنا عائشة رضي الله عنها في قوله تبارك وتعالى:{ إلا ما ظهر منها } القلب و الفتخة و هي خاتم إصبع الرجل فدل على جواز النظر إلى القدمين ، و لأن الله تعالى نهى عن إبداء الزينة و استثنى ما ظهر منها و القدمان ظاهرتان ، ألا ترى أنهما يظهران عند المشي فكانا من جملة
المستثني من الحظر فيباح إباؤهما.
وجه ظاهر الرواية : ما روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله عز شأنه : " إلا ما ظهر منها " إنه الكحل والخاتم ، و روي عنه في رواية أخرى أنه قال : الكف و الوجه فيبقى ما وراء المستثنى على ظاهر النهي ، و لأن إباحة النظر إلى وجه الأجنبية و كفيها للحاجة إلى كشفها في الأخذ و العطاء و لا حاجة إلى كشف القدمين فلا يباح النظر إليهما ثم إنما يحل النظر إلى مواضع الزينة الظاهرة منها من غير شهوة ، فأما عن شهوة فلا يحل لقوله عليه الصلاة و السلام : " العينان تزنيان " وليس زنا العينين إلا النظر عن شهوة ولأن النظر عن شهوة سبب الوقوع في الحرام فيكون حراماً إلا في حالة الضرورة بأن دعى إلى شهادة أو كان حاكماً
فأراد أن ينظر إليها ليجيز إقرارها عليها فلا بأس أن ينظر إلى وجهها وإن كان لو نظر إليها لاشتهى أو كان أكبر رأيه ذلك لأن الحرمات قد يسقط اعتبارها لمكان الضرورة
ألا ترى أنه خص النظر إلى عين الفرج لمن قصد إقامة حسبة الشهادة على الزنا ، و معلوم أن النظر إلى الفرج في الحرمة فوق النظر إلى الوجه ، و مع ذلك سقطت حرمته لمكان الضرورة فهذا أولى ، و كذا إذا أراد أن يتزوج امرأة فلا بأس أن ينظر إلى وجهها ، و إن كان عن شهوة ، لأن النكاح بعد تقديم النظر أدل على الألفة و الموافقة الداعية إلى تحصيل المقاصد ، على ( ما قال النبي عليه الصلاة و السلام للمغيرة بن شعبة رضي الله عنه حين أراد أن يتزوج امرأة :اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يدوم بينكما) دعاه عليه الصلاة و السلام إلى النظر مطلقاً ، وعلل عليه الصلاة و السلام بكونه وسيلة إلى الألفة و الموافقة".
10- الإمام المرغيناني (ت:593هـ):
صاحب أهم متون المذهب الشهير ب"الهداية" وهو شرح لكتابه "بداية المبتدي" يقول في هذا المتن:
(ولا يجوز أن ينظر الرجل إلى الأجنبية إلا وجهها وكفيها فإن كان لا يأمن الشهوة لا ينظر إلى وجهها إلا لحاجة)
ومن أهم شروحه:
أ- الإمام البابرتي (ت:786هـ) في شرح سماه "العناية شرح الهداية" يقول شارحا الفقرة السابقة:
قال : ولا يجوز أن ينظر الرجل إلى الأجنبية إلا وجهها وكفيها لقوله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } قال علي وابن عباس رضي الله عنهما ؛ ما ظهر منها الكحل والخاتم ، والمراد موضعهما وهو الوجه والكف ، كما أن المراد بالزينة المذكورة موضعها ، ولأن في إبداء الوجه والكف ضرورة لحاجتها إلى المعاملة مع الرجال أخذا وإعطاء وغير ذلك ، وهذا تنصيص على أنه لا يباح النظر إلى قدمها . وعن أبي حنيفة أنه يباح ؛ لأن فيه بعض الضرورة . وعن أبي يوسف أنه يباح النظر إلى ذراعها أيضا ؛ لأنه قد يبدو منها عادة قال ( فإن كان لا يأمن الشهوة لا ينظر إلى وجهها إلا لحاجة ) لقوله عليه الصلاة والسلام ( من نظر إلى محاسن امرأة أجنبية عن شهوة صب في عينيه الآنك يوم القيامة) فإذا خاف الشهوة لم ينظر من غير حاجة تحرزا عن المحرم.
ب- العلامة ابن الهمام (ت:861هـ) في شرح سماه "فتح القدير" وهو مشهور:
مسائل النظر أربعة أقسام : نظر الرجل إلى المرأة ، ونظر المرأة إلى الرجل ، ونظر الرجل إلى الرجل ، ونظر المرأة إلى المرأة : والقسم الأول منها على أربعة أقسام أيضا : نظر الرجل إلى الأجنبية الحرة ، ونظره إلى من يحل له من الزوجة والأمة ، ونظره إلى ذوات محارمه ، ونظره إلى أمة الغير . فبدأ في الكتاب بأول الأقسام من القسم الأول كما ترى ( قوله قال علي وابن عباس رضي الله عنهما : ما ظهر منها الكحل والخاتم ، والمراد موضعهما وهو الوجه والكف ) أقول : الظاهر أن المقصود من نقل قول علي وابن عباس هاهنا إنما هو الاستدلال على جواز أن ينظر الرجل إلى وجه الأجنبية وكفيها بقولهما في تفسير قوله تعالى {إلا ما ظهر منها} فإن في تفسيره أقوالا من الصحابة لا يدل على المدعى هاهنا شيء منها سوى قولهما ، لكن دلالة قولهما على ذلك غير واضح أيضا ، إذ الظاهر أن موضع الكحل هو العين لا الوجه كله ، وكذا موضع الخاتم هو الأصبع لا الكف كله ، والمدعى جواز النظر إلى وجه الأجنبية كله وإلى كفيها بالكلية ، فالأولى في الاستدلال على ذلك هو المصير إلى ما جاء من الأخبار في الرخصة في النظر إلى وجهها وكفيها : منها ما روي ( أن امرأة عرضت نفسها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى وجهها ولم ير فيها رغبة ) . ومنها ما روي (أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق ، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه ) ومنها ما روي ( أن فاطمة رضي الله عنها لما ناولت أحد ابنيها , بلالا أو أنسا قال : رأيت كفها كأنها فلقة قمر) : أي قطعته ، فدل على أن لا بأس بالنظر إلى وجه المرأة وكفها.
11-الإمام يوسف السجستاني (ت:638هـ):
قال في كتابه "منية المفتي":
( العبد يدخل على مولاته بغير إذنها بالإجماع وهو في النظر إليها كالأجنبي ينظر إلى وجهها وكفيها ولا ينظر إلى مواضع زينتها الباطنة)
نقلا عن كتاب " غمز عيون البصائر شرح الأشباه والنظائر لابن نجيم " للإمام شهاب الدين الحسيني (ت:1098هـ)
12- الإمام ابن مودود الموصلي (ت:683هـ):
يقول في كتابه "الاختيار لتعليل المختار" (والمتن والشرح له) (4/156):
ولا ينظر إلى الحرة الأجنبية، إلا إلى الوجه والكفين ، إن لم يخف الشهوة.. وعن أبي حنيفة: أنه زاد القدم ، لأن في ذلك ضرورة للأخذ والإعطاء ، ومعرفة وجهها عند المعاملة مع الأجانب ، لإقامة معاشها ومعادها ، لعدم من يقوم بأسباب معاشها.
قال: والأصل فيه قوله تعالى: (ولا يُبْدِين زِيَنَتَهُنَّ إلا ما ظَهَـر منها) قال عامة الصحابة: الكحل والخاتم ، والمراد موضعهما ، كما بينا أن النظر إلى نفس الكحل والخاتم والحلي وأنواع الزينة حلال للأقارب والأجانب ، فكان المراد موضع الزينة ، بطريق حذف المضاف ، وإقامة المضاف إليه مقامه.
قال: وأما القدم ، فروي أنه ليس بعورة مطلقًا لأنها تحتاج إلى المشي فيبدو ، ولأن الشهوة في الوجه واليد أكثر ، فلأن يحل النظر إلى القدم كان أولى.
وفي رواية: القدم عورة في حق النظر دون الصلاة
محمد رفقى
02-12-2015, 02:48 PM
وجه المرأة في المذهب الحنفي 2
13- الإمام زين الدين الرازي :
يقول في كتابه "تحفة الملوك":
(ويحرم النظر إلى غير الوجه والكفين من الحرة الأجنبية وفي القدم روايتان فإن خاف الشهوة لم ينظر إلى الوجه أيضا إلا لحاجة وكذا لو شك)
14- الإمام النسفي (ت:701هـ أو 710هـ):
ومتنه "كنز الدقائق" من أشهر متون المذهب ولأهل المذهب عناية خاصة به.
يقول (فصل في النظر والمس :لا ينظر إلى غير وجه الحرة وكفيها).
ومن أهم شروحه:
أ- شرح الإمام الزيلعي (ت:743هـ) (وهو شيخ الإمام الزيلعي صاحب نصب الراية) ويسمى ب" تبيين الحقائق" يقول شارحا الفقرة السابقة:
وهذا كلام فيه خلل ؛ لأنه يؤدي إلى أنه لا ينظر إلى شيء من الأشياء إلا إلى وجه الحرة ، وكفيها فيكون تحريضا على النظر إلى هذين العضوين ، وإلى ترك النظر إلى كل شيء سواهما ، وليس هذا بمقصود في هذه المسألة ، وإنما المقصود فيها أنه يجوز له النظر إلى هذين العضوين لا أنه لا يكفهما ، وإنما جاز النظر إليهما لقوله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } قال علي وابن عباس رضي الله عنهم ما ظهر منها الكحل والخاتم والمراد به موضعهما ، وهو الوجه والكف كما أن المراد بالصلاة في قوله تعالى { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } مواضعها ؛ ولأن في إبدائهما ضرورة لحاجتها إلى المعاملة مع الرجال والإعطاء وغير ذلك من المخالطة فيها ضرورة كالمشي في الطريق ونحو ذلك والأصل أن لا يجوز النظر إلى المرأة لما فيه من خوف الفتنة ولهذا قال عليه السلام ( المرأة عورة مستورة ) إلا ما استثناه الشرع ، وهما العضوان ، وهذا يفيد أن القدم لا يجوز له النظر إليه ، وعن أبي حنيفة أنه يجوز ؛ لأن في تغطيته بعض الحرج ، وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يباح النظر إلى ذراعها أيضا ؛ لأنه يبدو منها عادة ، وما عدا ما استثنى من الأعضاء لا يجوز له أن ينظر إليه لقوله عليه الصلاة والسلام ( من نظر إلى محاسن امرأة أجنبية عن شهوة صب في عينه الآنك يوم القيامة ) قالوا ، ولا بأس بالتأمل في جسدها ، وعليها ثياب ما لم يكن ثوب يبين حجمها فيه فلا ينظر إليه حينئذ لقوله عليه الصلاة والسلام ( من تأمل خلق امرأة وراء ثيابها حتى تبين له حجم عظامها لم يرح رائحة الجنة ) ؛ ولأنه متى لم تصف ثيابها ما تحتها من جسدها يكون ناظرا إلى ثيابها ، وقامتها دون أعضائها فصار كما إذا نظر إلى خيمة فيها امرأة ، ومتى كان يصف يكون ناظرا إلي أعضائها.
ب- شرح الإمام ابن نجيم (ت:970هـ) المسمى ب"البحر الرائق" يقول معلقا على كلام الزيلعي وشارحا للمتن معا (8/351):
ولا يخفى على متأمل عدم هذا الخلل لأن حرف " إلى " بدل عن " من " الابتدائية التي إلى غايتها فهو في قوة المنطوق فالتقدير لا يجوز له النظر من المرأة إلى غير الوجه وكفيها فقد أفاد منع النظر منها غير الوجه وكفيها لا التحريض فتدبره واستدل الشارح على جواز النظر إلى ما ذكر بقوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال علي وابن عباس ما ظهر منها الكحل والخاتم لا الوجه كله والكف فلا يفيد المدعى فتأمل والأصل في هذا أن ( المرأة عورة مستورة ) لقوله عليه الصلاة والسلام ( المرأة عورة مستورة إلا ما استثناه الشرع وهما عضوان ) ولأن المرأة لا بد لها من الخروج للمعاملة مع الأجانب فلا بد لها من إبداء الوجه لتعرف فتطالب بالثمن ويرد عليها بالعيب ولا بد من إبداء الكف للأخذ والعطاء وهذا يفيد أن القدم لا يجوز النظر إليه وعن الإمام أنه يجوز ولا ضرورة في إبداء القدم فهو عورة في حق النظر وليس بعورة في حق الصلاة كذا في المحيط وعن الثاني يجوز النظر إلى ذراعيها أيضا ; لأنه يبدو منها عادة وما عدا هذه الأعضاء لا يجوز النظر إليها لقوله عليه الصلاة والسلام ( من نظر إلى محاسن امرأة أجنبية عن شهوة صب في عينيه الآنك يوم القيامة ) الحديث وهو الرصاص المذاب , وقالوا : ولا بأس بالتأمل في جسدها وعليها ثياب ما لم يكن ثوب بيان حجمها فلا ينظر إليه حينئذ لقوله عليه الصلاة والسلام ( من تأمل خلف امرأة من وراء ثيابها حتى تبين له حجم عظامها لم يرح رائحة الجنة ) وإذا كان الثوب لا يصف عظامها فالنظر إلى الثوب دون عظامها فصار كما لو نظر إلى خيمة فيها فلا بأس به قيدنا بالنظر لأنه يكره له أن يمس الوجه والكف من الأجنبية كذا في قاضي خان وشمل كلامه الحر المسلم البالغ والرقيق البالغ والصبي المراهق والكافر كذا في الغياثية وفيها ولا بأس بالنظر إلى شعر الكافرة .
**قال الإمام النسفي (ت:701هـ) في تفسيره "مدارك التنزيل وحقائق التأويل" وقد قدمنا رأيه من كتابه الفقهي: في تفسيره لآية {إلا ما ظهر منها} قال:
( إلا ما ظهر منها ) إلا ماجرت العادة والجبلة على ظهوره وهو الوجه والكفان والقدمان ففى سترها حرج بين فإن المرأة لا تجد بدا من مزاولة الأشياء بيديها ومن إلى كشف وجهها خصوصا فى الشهادة والمحاكمة والنكاح وتضطر إلى المشى فى الطرقات وظهور قدميها وخاصة الفقيرات منهن.
15- العلامة ملا خسرو (ت:885هـ):
له كتاب "درر الحكام شرح غرر الأحكام" والمتن والشرح له يقول فيه:
( وينظر) الرجل ( إلى وجه الأجنبية وكفيها فقط ) لأن في إبداء الوجه والكف ضرورة لحاجتها إلى المعاملة مع الرجال أخذا وإعطاء ونحوهما.
16- العلامة إبراهيم الحلبي (ت:956هـ):
له كتاب شهير في المذهب اسمه "ملتقى الأبحر" يقول فيه في محظورات النظر:
(ولا إلى الحرة الأجنبية إلا إلى الوجه والكفين إن أمن وإلا لا يجوز لغير الشاهد عند الأداء والحاكم عند الحكم).
وأهم شروحه شرح العلامة الشهير بشيخي زاده (ت:1078هـ) واسم الشرح "مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر" يقول شارحا:
( ولا ) ينظر الرجل ( إلى الحرة الأجنبية إلا إلى الوجه والكفين إن أمن ) الشهوة ؛ لأن إبداء الوجه والكف يلزمها بالضرورة للأخذ والإعطاء ولا ينظر إلى قدميها لعدم الضرورة في إبدائهما في ظاهر الرواية وعن الإمام يحل النظر إلى قدميها إذا ظهرتا في حال المشي وعن أبي يوسف أنه يباح النظر إلى ذراعها أيضا ؛ لأنها قدر يبدو منها عادة ( وإلا ) أي وإن لم يأمن الشهوة ( ولا يجوز ) النظر إلى الوجه والكفين لقوله عليه الصلاة والسلام ( من نظر إلى محاسن امرأة بشهوة صبت في عينيه الآنك يوم القيامة ) قالوا ولا بأس بالتأمل في جسدها وعليها ثياب ما لم يكن ثوب يبين حجمها فيه فلا ينظر إليه حينئذ كما في التبيين ( لغير الشاهد عند الأداء ) فلا يجوز عند التحمل أن ينظر مع عدم أمن الشهوة في الأصح ؛ لأن وجود من لا يشتهي في التحمل ليس بمعدوم بخلاف من يؤديها وقيل يباح كما في النظر عند الأداء ( والحاكم عند الحكم ) وإن لم يأمنا,لأنهما مضطران إليه في إقامة الشهادة والحكم عليها كما يجوز له النظر إلي العورة لإقامة الشهادة على الزنا.
17- الإمام محمد بن بير علي الشهير بالبركلي (ت:981هـ):
في كتابه "الطريقة المحمدية والشريعة النبوية":
(فإن كانت المنظورة حرة أجنبية غير محرم للناظر يحرم النظر إليها سوى وجهها وكفيها مطلقا).
وقد شرح الكتاب العلامة أبو سعيد الخادمي (من علماء القرن الثاني عشر) في كتابه "البريقة المحمودية في شرح الطريقة المحمدية" وقال شارحا الفقرة السابقة:
( فإن كانت المنظورة ) إليها ( حرة أجنبية غير محرم ) والكافرة كالمسلمة وعن الخانية لا بأس في شعرها ( للناظر يحرم النظر إليها سوى وجهها وكفيها ) وفي القدم روايتان والأصح كونها عورة وأما ظهر الكف فعورة وفي التتارخانية نظر وجه الأجنبية ليس بحرام لكن يكره بغير حاجة وعن أبي يوسف يجوز النظر إلى ذراعيها لا سيما عند استئجارها للخبز وكذا النظر إلى ثيابها مباح ولا بأس بمصافحة العجائز ولا بأس في معانقتها من وراء الثياب إن غليظة ولا بالنظر في صغيرة غير مشتهاة والمس كذلك ( مطلقا ) بشهوة أو بغيرها كذا فسر لكن مخالف لصريح ما في المنتقى من قوله ولا إلى الحرة الأجنبية إلا إلى الوجه والكفين إن أمن الشهوة وأيضا في التتارخانية فإن علم الشهوة أو شك فليجتنب بجهد لكن في النصاب عن الخصاف أن أبا بكر الأعمش خرج إلى الرستاق وكان النساء في شط نهر كاشفات الذراع والرءوس فذهب إلى أن خالطهن ولم يتحام عن النظر إليهن فقيل له كيف هذا فقال لا حرمة لهن لهتكهن حرمة أنفسهن ، ومثل ما روي عن عمر رضي الله عنه أتى النائحة حتى هجم عليها في منزلها فضربها بالدرة حتى سقط خمارها فسئل عن ذلك فقال لا حرمة لها في الشريعة ولذلك جوز نظر المحتسب عند تعزيرهن سيما عند كشف رءوسهن أو ذراعهن أو قدمهن فيندفع ما يورد أن نظرهن منكر آخر.
18- قال الإمام أبو السعود(ت:982هـ) في تفسيره "إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم"
( ولا يبدين زينتهن ) كالحلى وغيرها مما يتزين به وفيه من المبالغة في النهي عن إبداء مواضعها ما لا يخفى ( إلا ما ظهر منها ) عند مزوالة الأمور التي لا بد منها عادة كالخاتم والكحل والخضاب ونحوها فإن في سترها حرجا بيننا وقيل المراد بالزينة مواضعها على حذف المضاف أو ما يعم المحاسن الخلقية والتزيينة والمستثنى هو الوجه والكفان لأنها ليست بعورة. انتهى كلامه .
19- الإمام ابن تمرتاش الغزي (ت:1004هـ):
له متن شهير اسمه "تنوير الأبصار وجامع البحار" يقول في فصل في النظر والمس:
(ومن الأجنبية إلى وجهها وكفيها فقط وعبدها كالأجنبي معها فإن خاف الشهوة امتنع نظره إلى
وجهها إلا لحاجة ويشهد عليها).
وأهم شروحه على الإطلاق شرح العلامة الحصفكي (ت:1088هـ) المسمى ب" الدر المختار" يقول شارحا الفقرة السابقة:
وينظر ( من الأجنبية ) ولو كافرة مجتبى ( إلى وجهها وكفيها فقط ) للضرورة قيل والقدم والذراع إذا أجرت نفسها للخبز تتارخانية . ( وعبدها كالأجنبي معها ) فينظر لوجهها وكفيها فقط . نعم يدخل عليها بلا إذنها إجماعا ، ولا يسافر بها إجماعا خلاصة وعند الشافعي ومالك ينظر كمحرمه ( فإن خاف الشهوة ) أو شك ( امتنع نظره إلى وجهها ) فحل النظر مقيد بعدم الشهوة وإلا فحرام وهذا في زمانهم ، وأما في زماننا فمنع من الشابة قهستاني وغيره ( إلا ) النظر لا المس ( لحاجة ) كقاض وشاهد يحكم (ويشهد عليها ) لف ونشر مرتب لا لتتحمل الشهادة في الأصح.
ومن أهم الحواشي عليهما حاشية خاتمة المحققين العلامة ابن عابدين (ت:1252هـ) واسمها "حاشية رد المحتار على الدر المختار" يقول:
قوله (وكفيها ) تقدم في شروط الصلاة أن ظهر الكف عورة على المذهب ا هـ ولم أر من تعرض له هنا ( قوله قيل والقدم ) تقدم أيضا في شروط الصلاة أن القدمين ليسا عورة على المعتمد ا هـ وفيه اختلاف الرواية ، والتصحيح ، وصحح في الاختيار أنه عورة خارج الصلاة لا فيها ورجح في شرح المنية كونه عورة مطلقا بأحاديث كما في البحر ( قوله إذا أجرت نفسها للخبز ) أي ونحوه من الطبخ وغسل الثياب قال الأتقاني ، وعن أبي يوسف أنه يباح النظر إلى ساعدها ومرفقها للحاجة إلى إبدائهما إذا أجرت نفسها للطبخ والخبز ا هـ والمتبادر من هذه العبارة : أن جواز النظر ليس خاصا بوقت الاشتغال بهذه الأشياء بالإجارة بخلاف العبارة الأولى ، وعبارة الزيلعي أوفى بالمراد ، وهي وعن أبي يوسف أنه يباح النظر إلى ذراعها أيضا لأنه يبدو منها عادة ا هـ فافهم ( قوله وعبدها كالأجنبي معها ) لأن خوف الفتنة منه كالأجنبي بل أكثر لكثرة الاجتماع والنصوص المحرمة مطلقة ، والمراد من قوله تعالى{ أو ما ملكت أيمانهن } الإماء دون العبيد قاله الحسن وابن جبير ا هـ اختيار وتمامه في المطولات . ( قوله خلاصة ) عزو للمسألتين وذكرهما في الخانية أيضا ( قوله فإن خاف الشهوة ) قدمنا حدها أول الفصل ( قوله مقيد بعدم الشهوة ) قال في التتارخانية ، وفي شرح الكرخي النظر إلى وجه الأجنبية الحرة ليس بحرام ، ولكنه يكره لغير حاجة ا هـ وظاهره الكراهة ولو بلا شهوة (قوله وإلا فحرام) أي إن كان عن شهوة حرم.
20- الإمام إسماعيل حقي (ت:1127هـ):
في تفسيره المشهور ب"روح البيان" قال في أحكام النظر:
(ومن الحرة الأجنبية إلى وجهها وكفيها وقدميها في رواية....).
21- الإمام محمود الألوسي (ت:1270هـ):
في تفسيره المشهور ب"روح المعاني" (22/89):
(وأنت تعلم أن وجه الحرة عندنا ليس بعورة فلا يجب ستره ويجوز النظر من الأجنبي إليه إن أمن الشهورة مطلقا وإلا فيحرم).
22- العلامة خليل بن عبد القادر الشيباني النحلاوي (ت:1350هـ تقريبا) يقول في كتابه الدرر المباحة:
ينظر الرجل من الأجنبية الحرّة - ولو كافرةً - إلى وجهها وكفيها، فقط للضرورة، قيل: والقدم، والذراع، والمِرفقِ إذا آجرت نفسها للخَبْزِ ونحوه من الطبخ، وغسل الثياب، لأنه يبدو منها عادة، وتمنع الشابة من كشف وجهها، لا لأنه عورة، بل لخوف الفتنة، وعبدُها كالأجنبي معها، إلا انه يدخل عليها بلا إذنها إجماعاً. ولا يسافر بها إجماعاً. فإن خاف الشهوة، امتنع نظره إلى وجهها ، إلا لحاجة – كقاضٍ ، وشاهدٍ، يحكم ويشهد عليها ، وكذا مريدُ نكاحها ولو عن شهوةٍ، بنية السُّنة، لإقضاء الشهوة.
23- جاء في الفتاوى الهندية (5/329) (قام بتأليفها جماعة من علماء الهند برئاسة الشيخ نظام الدين البلخي بأمر من سلطان الهند أبي المظفر محيى الدين محمد أورنك زيب):
وأما النظر إلى الأجنبيات فنقول : يجوز النظر إلى مواضع الزينة الظاهرة منهن وذلك الوجه والكف في ظاهرالرواية ، كذا في الذخيرة . وإن غلب على ظنه أنه يشتهي فهو حرام ، كذا في الينابيع .
النظر إلى وجه الأجنبية إذا لم يكن عن شهوة ليس بحرام لكنه مكروه ، كذا في السراجية.
24- وجاء في فتح العناية لملا علي القاري (ت:1114هـ) وهو شرح للنقاية لصدر الشريعة الأصغر عبيد الله بن مسعود المحبوبي (ت: 747هـ) وهو تلخيص للوقاية لجده تاج الشريعة محمود المحبوبي (ت: 673هـ) وهي بدروها اختصار لهداية المرغيناني (ت: 593هـ):
(والحرُّةُ) أي وعورة الحرةِ (بَدَنُهَا) أي جميع أعضائها لقوله عليه الصلاة والسلام: «المرأةُ عورةٌ». رواه الترمذيّ وصحّحه، وفي رواية النَّسائي: «الحُرَّة».
(إلاّ الوَجْهَ والكفَّ والقَدَمَ) لقوله تعالى : {ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها} أي إلاَّ ما جَرَتْ به العادة على ظهورها للأجانب من الوجه والكف والقدم ، إذ من ضرورة إبداء الزينة إبداءُ مواضعها ، والكحلُ زينةُ الوجه ، والخَاتَم زينة الكف، ولأنَّ المرأة لا تجد بُدّاً من مزاولة الأشياء بيديها. ومن الحاجة إلى كشف وجهها خصوصاً: الشهادةُ والمحاكمةُ.
ويقول:
وَ ينظر الرَّجل مِنَ الأَجْنَبِيَّةِ و من السَّيِّدَةِ إِلَى الوَجْهِ وَالكَفَّيْنِ لأنها محتاجة إلى إبداء ذلك لحاجتهما إلى الإشهاد وإلى الأخذ والإعطاء، ومواضع الضرورة مستثناة من قواعد الشرع.
ملحوظة هامة: متن الوقاية أحد أهم المتون في المذهب الحنفي وللعلماء به عناية بالغة.
25- وفي المحيط البرهاني للعلامة محمود بن أحمد بن مازه (ت:616هـ):
وأما النظر إلى الأجنبيات: فنقول: يجوز النظر إلى مواضع الزينة الظاهرة منهن، وذلك الوجه والكف في ظاهر الرواية، والأصل فيه قوله تعالى: {ولا يبديين زينتهن إلا ما ظهر منها} (النور:31) قال علي وابن عباس رضي الله عنهم: ما ظهر منها الكف والخاتم.
محمد رفقى
04-12-2015, 07:37 PM
وجه المرأة في المذهب المالكي
سبق أن تم عرض بعض أقوال فقهاء المذهب المالكي في مشروعية سفور وجه المرأة , وفي هذا الفصل سنعرض بمزيد من التفصيل عن وجه المرأة في المذهب المالكي:
1. الموطأ للإمام مالك بن أنس صاحب المذهب رواية يحيى (2/934):
" سئل مالك: هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها أو مع غلامها؟ فقال مالك: ليس بذلك بأس إذا كان ذلك على وجه ما يُعرفُ للمرأة أن تأكل معه من الرجال قال: وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله".
ولها شروح مهمة منها:
أ- الإمام الباجي (ت:474هـ) في" المنتقى شرح الموطأ" (7/252) عقب هذا النص:
"يقضي أن نظر الرجل إلى وجه المرأة وكفيها مباح لأن ذلك يبدو منها عند مؤاكلتها".
وقد أشار العبدري أنها عبارة ابن القطان وأبقاها الباجي على ظاهرها.
ب-الإمام ابن عبد البر (ت:463هـ) في "التمهيد" (6/364 ) وهو من شروح الموطأ:
" على هذا أكثر أهل العلم وقد أجمعوا على أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة والإحرام وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها!"
ثم قال ابن عبد البر:" قول أبي بكر هذا خارج عن أقاويل أهل العلم، لإجماع العلماء على أن للمرأة أن تصلي المكتوبة ويداها ووجهها مكشوف ذلك كله منها تباشر الأرض به وأجمعوا أنها لا تصلي منتقبة ولا عليها أن تلبس القفازين في الصلاة وفي هذا أوضح الدلائل على أن ذلك منها غير عورة وجائز أن ينظر إلى ذلك منها كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه، وأما النظر للشهوة, فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة؟! "
وقال أيضا (16/237) : (وينظر منها إلى وجهها وكفيها لأنهما ليسا بعورة منها).
وقال (6/369) بعد ذكر تفسير ابن عباس وابن عمر لآية الزينة: ((وعلى قول ابن عباس وابن عمر الفقهاء في هذا الباب)).
2. الإمام أبو سعيد التنوخي الشهير ب"سحنون" (ت:240هـ) في كتابه الشهير "المدونة الكبرى" (6/83) وهي مسائله لعبد الرحمن بن قاسم وبعض تلاميذ الإمام مالك في حكم المظاهر:
(( (قال) ولا يصلح له أن ينظر إلى شعرها ولا إلى صدرها (قال) فقلت لمالك أفينظر إلى وجهها (فقال) نعم وقد ينظر غيره أيضا إلى وجهها))
وفي مختصر المدونة للبرذعي (من علماء القرن الرابع):
((وجائز أن ينظر إلى وجهها وقد ينظر غيره إليها)).
وفي جامع الأمهات لابن الحاجب (ت: 646 هـ) ص 568 وهو مختصر المختصر السابق :
(ولا يحل خلوة الرجل بامرأة إذا لم يكن زوجاً ولا محرماً ويحرم عليه النظر إلى شيء من بدنها إلا الوجه والكفين من المتجالة وأما الشابة فلا ينظر إليها إلا لضرورة لتحمل شهادة أو علاج وإرادة نكاح).
وفي مختصر خليل (ت:776هـ) وهو اختصار لجامع الأمهات لابن الحاجب (ت:646هـ) وهو بدوره اختصار لتهذيب المدونة للبرذعي: ((ومع أجنبي غير الوجه والكفين))
وله العديد من الشروح منها:
أ- الإمام العبدري (ت:897هـ) في التاج والإكليل في شرح الفقرة السابقة:
((وقال ابن محرز : وجه المرأة عند مالك وغيره من العلماء ليس بعورة .
وفي الرسالة : وليس في النظرة الأولى بغير تعمد حرج ، { وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الثانية }
قال عياض : في هذا كله عند العلماء حجة أنه ليس بواجب أن تستر المرأة وجهها وإنما ذلك استحباب وسنة لها وعلى الرجل غض بصره عنها ، وغض البصر يجب على كل حال في أمور العورات وأشباهها ، ويجب مرة على حال دون حال مما ليس بعورة فيجب غض البصر إلا لغرض صحيح من شهادة ، أو تقليب جارية للشراء ، أو النظر لامرأة للزواج ، أو نظر الطبيب ونحو هذا . ولا خلاف أن فرض ستر الوجه مما اختص به أزواج النبي صلى الله عليه وسلم،انتهى من الإكمال ونحوه نقل محيي الدين في منهاجه
وفي المدونة : إذا أبت الرجل امرأته وجحدها لا يرى وجهها إن قدرت على ذلك . ابن عات : هذا يوهم أن الأجنبي لا يرى وجه المرأة
وليس كذلك ، وإنما أمرها أن لا تمكنه من ذلك لقصده التلذذ بها ، ورؤية الوجه للأجنبي على وجه التلذذ بها مكروه لما فيه من دواعي السوء))
ب- الإمام الحطاب (ت:954هـ) في مواهب الجليل في شرح الفقرة السابقة:
((واعلم أنه إن خشي من المرأة الفتنة يجب عليها ستر الوجه والكفين قاله القاضي عبد الوهاب ونقله عنه الشيخ أحمد زروق في شرح الرسالة وهو ظاهر التوضيح هذا ما يجب عليها وأما الرجل فإنه لا يجوز له النظر إلى وجه المرأة للذة ، وأما لغير اللذة فقال القلشاني عند قول الرسالة : ولا بأس أن يراها إلخ وقع في كلام ابن محرز في أحكام الرجعة ما يقتضي أن النظر لوجه الأجنبية لغير لذة جائز بغير ستر ، قال :
والنظر إلى وجهها وكفيها لغير لذة جائز اتفاقا)).
ج-الإمام الخرشي (ت:1101هـ) في شرحه لمختصر خليل:
((والمعنى أن عورة الحرة مع الرجل الأجنبي جميع بدنها حتى دلاليها وقصتها ما عدا الوجه والكفين ظاهرهما وباطنهما فيجوز النظر لهما بلا لذة ولا خشية فتنة من غير عذر ولو شابة)).
د-الإمام الدردير (ت:1201هـ) في الشرح الكبير على مختصر خليل:
(( ( مع ) رجل ( أجنبي ) مسلم ( غير الوجه والكفين ) من جميع جسدها حتى قصتها وإن لم يحصل التلذذ وأما مع أجنبي كافر فجميع جسدها حتى الوجه والكفين هذا بالنسبة للرؤية وكذا الصلاة)).
وللإمام الدسوقي (ت:1230هـ) حاشية على الشرح الكبير قال فيها معلقا على الدردير:
(( ( قوله : مع رجل أجنبي مسلم ) أي سواء كان حرا أو عبدا ولو كان ملكها ( قوله : غير الوجه والكفين ) أي وأما هما فغير عورة يجوز النظر إليهما ولا فرق بين ظاهر الكفين وباطنهما بشرط أن لا يخشى بالنظر لذلك فتنة وأن يكون النظر بغير قصد لذة وإلا حرم النظر لهما وهل يجب عليها حينئذ ستر وجهها ويديها وهو الذي لابن مرزوق قائلا إنه مشهور المذهب أو لا يجب عليها ذلك وإنما على الرجل غض بصره وهو مقتضى نقل المواق عن عياض وفصل زروق في شرح الوغليسية بين الجميلة فيجب عليها وغيرها فيستحب انظر بن(....) ( قوله : هذا بالنسبة للرؤية ) أي هذا عورتها بالنسبة للرؤية وكذا بالنسبة للصلاة الشاملة للمغلظة والمخففة والمشار إليه غير الوجه والكفين)).
هـ- وجاء في الإكليل شرح مختصر خليل للعلامة الأمير (ت: 1232 هـ) ص 40 :
("ومع أجنبي غير الوجه والكفين" ظهراً وبطناً ومنعهما الشافعية ويتفق عليه إن خشيت الفتنة كالجس).
و- الإمام عليش (ت:1299هـ) في منح الجليل:
(( ( مع ) رجل ( أجنبي ) مسلم جميع جسدها ( غير الوجه والكفين ) ظهرا وبطنا فالوجه والكفان ليسا عورة فيجوز لها كشفهما للأجنبي وله نظرهما إن لم تخش الفتنة فإن خيفت الفتنة به فقال ابن مرزوق مشهور المذهب وجوب سترهما وقال عياض لا يجب سترهما ويجب عليه غض بصره وقال زروق يجب الستر على الجميلة ويستحب لغيرها)).
3. جاء في النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني (1/205) في حديثه عن لباس المرأة في الصلاة:
قال :............ولا يظهر منها غير دور الوجه والكفين........ولا يبدو منها لغير ذوي محرم غير ما يبدو في الصلاة)
وجاء في الرسالة له (ت:386هـ):
((ولا يخلو رجل بامرأة ليست منه بمحرم ولا بأس أن يراها لعذر من شهادة عليها أو نحو ذلك أو إذا خطبها وأما المتجالة فله أن يرى وجهها على كل حال)).
ومن شروحها:
أ- الإمام المنوفي (ت:939هـ) في كفاية الطالب الرباني:
(( ( و ) كذلك ( لا ) حرج ( في النظر إلى المتجالة ) التي لا أرب فيها للرجال ولا يتلذذ بالنظر إليها ( و ) كذا ( لا ) حرج ( في النظر إلى الشابة ) وتأمل صفتها ( لعذر من شهادة عليها ) في نكاح أو بيع ونحوه ومثل الشاهد الطبيب والجرايحي وإليه أشار بقوله : ( أو شبهه ) أي شبه العذر من شهادة فيجوز لهما النظر إلى موضع العلة إذا كان في الوجه واليدين ، وقيل : يجوز وإن كان في العورة لكن يبقر الثوب قبالة العلة وينظر إليها ( وقد أرخص في ذلك ) أي في النظر إلى الشابة ( للخاطب ) لنفسه من غير استغفال للوجه والكفين فقط لما صح من أمره عليه الصلاة والسلام بذلك ، وقيدنا بنفسه احترازا من الخاطب لغيره فإنه لا يجوز له النظر اتفاقا)).
وللإمام العدوي (ت:1189هـ) حاشية على كفاية الطالب الرباني يقول فيها معلقا على الكلام السابق
:
((المذهب أنه يجوز النظر للشابة أي لوجهها وكفيها لغير عذر بغير قصد التلذذ حيث لم يخش منها الفتنة ، وما ذكره الشيخ ليس هو المذهب)).
ب-الإمام النفراوي (ت:1120هـ) في الفواكه الدواني:
((وأن عورة الحرة مع الذكور المسلمين الأجانب جميع جسدها إلا وجهها وكفيها ، ومثل الأجانب عبدها إذا كان غير وغد سواء كان مسلما أو كافرا فلا يرى منها الوجه والكفين ، وأما مع الكافر غير عبدها فجميع جسدها حتى الوجه والكفين)).
ج- في الثمر الداني للشيخ صالح بن عبد السميع الآبي الأزهري (ت : 1335هـ):
(ولا بأس أن يراها ) بمعنى يجوز للرجل أن يرى ما ليست بذي محرم منه ( ل ) أجل ( عذر من شهادة عليها أو ) لها و ( نحو ذلك ) كنظر الطبيب ( أو إذا خطبها ) لنفسه وهذا في غير المتجالة ( وأما المتجالة ) وهي التي لا أرب للرجال فيها ( فله أن يرى وجهها على كل حال ) لعذر وغيره .
د- وفي مسالك الدلالة للشيخ أحمد بن الصديق الغماري (ت: 1380هـ) ص 325 :
( "وليس في النظرة الأولى بغير تعمد حرج ولا في النظر إلى الشابة لعذر من شهادة عليها وشبهه" للحاجة الماسة إلى ذلك ولأنه إذا أبيح للخاطب النظر مع إمكان نيابة المرأة عنه فلأن يباح للشاهد والجراح والطبيب والبائع أولي)
4. الإمام ابن بطال (ت:449هـ) في شرحه لصحيح البخاري:
((وإذا ثبت أن النظر إلى وجه المرأة لخطبتها حلال خرج بذلك حكمه من حكم العورة؛ لأنا رأينا ما هو عورة لا يباح لمن أراد نكاحها النظر إليه، ألا ترى أنه من أراد نكاح امرأة فحرام عليه النظر إلى شعرها أو إلى صدرها أو إلى ما أسفل من ذلك من بدنها، كما يحرم ذلك منها على من لم يرد نكاحها، فلما ثبت أن النظر إلى وجهها حلال لمن أراد نكاحها، ثبت أنه حلال أيضًا لمن لم يرد نكاحها إذا كان لا يقصد بنظره ذلك إلى معنى هو عليه حرام، وقد قال المفسرون فى قوله: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} [النور: 31]، أن ذلك المستثنى هو الوجه والكفان))
ويقول:
((قال إسماعيل بن إسحاق: قد جاء التفسير ماذكر، والظاهر والله أعلم - يدل على أنه الوجه والكفان، لأن المرأة يجب عليها أن تستر فى الصلاة كل موضع منها إلا وجهها وكفيها، وفى ذلك دليل أن الوجه والكفين يجوز للغرباء أن يروه من المرأة، والله أعلم بما أراد من ذلك)).
5. جاء في البيان والتحصيل لابن رشد (ت:520هـ) :
(وقال تعالى: ((ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها)) والذي ظهر منها عند أهل العلم بالتأويل هو الوجه والكفان) (1/397)
وقال في موضع آخر في نفس الآية :
(وذلك الوجه والكفان على ما قاله أهل التأويل فجائز للرجل أن ينظر إلى ذلك من المرأة عند الحاجة والضرورة) (4/427)
6. يقول الإمام ابن عطية المالكي ( ت 541 ه ) في تفسيره (المحرر الوجيز ) :
(( ويظهر لي في محكم ألفاظ الآية المرأة مأمورة بأن لا تبدي وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة ووقع الاستثناء في كل ما غلبها فظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه أو إصلاح شأن ونحو ذلك فما ظهر على هذا الوجه فهو المعفو عنه فغالب الأمر أن الوجه بما فيه والكفين يكثر فيهما الظهور وهو الظاهر في الصلاة ويحسن بالحسنة الوجه أن تستره إلا من ذي حرمة محرمة ويحتمل لفظ الآية أن الظاهر من الزينة لها أن تبديه ولكن يقوي ما قلناه الاحتياط ومراعاة فساد الناس فلا يظن أن يباح للنساء من إبداء الزينة إلا ما كان بذلك الوجه والله الموفق)) ا.هـ .
والإمام ابن عطية قد استحسن ستر الوجه . استحسانا وليس وجوبا.
7. رأي الإمام ابن العربي المالكي (ت:543هـ) في "أحكام القرآن" :
ذكر في آية الزينة ثمانية مسائل ، قال في المسألة الرابعة:
((وَاخْتُلِفَ فِي الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهَا الثِّيَابُ يَعْنِي أَنَّهَا يَظْهَرُ مِنْهَا ثِيَابُهَا خَاصَّةً؛ قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ.
الثَّانِي: الْكُحْلُ وَالْخَاتَمُ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرُ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ, وَهُوَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي بِمَعْنًى، لِأَنَّ الْكُحْلَ وَالْخَاتَمَ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، إلَّا أَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْهُ بِمَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الَّذِي يَرَى الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ هِيَ الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ يَقُولُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا كُحْلٌ أَوْ خَاتَمٌ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَا الْكُحْلُ وَالْخَاتَمُ وَجَبَ سَتْرُهَا، وَكَانَتْ مِنْ الْبَاطِنَةِ.
فَأَمَّا الزِّينَةُ الْبَاطِنَةُ فَالْقُرْطُ وَالْقِلَادَةُ وَالدُّمْلُجِ وَالْخَلْخَالِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: الْخِضَابُ لَيْسَ مِنْ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي السِّوَارِ؛ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: هِيَ مِنْ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْيَدَيْنِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ مِنْ الزِّينَةِ الْبَاطِنَةِ؛ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ الكفين وإنما تكون في الذراع. وَأَمَّا الْخِضَابُ فَهُوَ مِنْ الزِّينَةِ الْبَاطِنَةِ إذَا كَانَ فِي الْقَدَمَيْنِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ هِيَ الَّتِي فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، فَإِنَّهَا الَّتِي تَظْهَرُ فِي الصَّلَاةِ. وَفِي الْإِحْرَامِ عِبَادَةً، وَهِيَ الَّتِي تَظْهَرُ عَادَةً)).
انتهى كلامه .
8. وجاء في التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (ت: 646 هـ) لخليل (ت:776هـ) صاحب المختصر الشهير (3/743):
(ص : وعورة المرأة الحرة ما عدا الوجه والكفين.
ش : هذا بالنسبة إلى الرجال)
9. الإمام القرطبي المالكي (ت:671هـ) في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" :
((وقال ابن عطية : ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بأن لا تبدي، وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه، أو إصلاح شأن، ونحو ذلك فـ{ ما ظهر } على هذا الوجه مما تؤدي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه )) .
قال القرطبي :
(( قلت : هذا قول حسن، إلا أنه لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما عادة وعبادة، وذلك في الصلاة والحج، فيصلح أن يكون الاستثناء راجعاً إليهما، يدل على ذلك ما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها : أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لها : يا أسماء ! إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرَى منها إلا هذا، وأشار إلى وجهه وكفيه، فهذا أقوى في جانب الاحتياط ولمراعاة فساد الناس، فلا تبدي المرأة من زينتها إلا ما ظهر من وجهها وكفيها، والله الموفق لا رب سواه )) .
10. الإمام القرافي (ت:682هـ) في الذخيرة في الفقه المالكي (2/104):
(( وقوله تعالى وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها يقتضي العفو عن الوجه واليدين من الحرة لأنه الذي يظهر عند الحركات للضرورة))
11. الإمام ابن جزي المالكي (ت:741هـ) في تفسيره "التسهيل لعلوم التنزيل":
(( "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها " :نهى عن إظهار الزينة بالجملة ثم استثنى الظاهر منها وهو ما لا بد من النظر إليه عند حركتها أو إصلاح شأنها وشبه ذلك فقيل إلا ما ظهر منها يعني الثياب فعلى هذا يجب ستر جميع جسدها وقيل الثياب والوجه والكفان وهذا مذهب مالك لأنه أباح كشف وجهها وكفيها في الصلاة وزاد أبو حنيفة القدمين))
12. الإمام أبو حيان الأندلسي المالكي ( ت 745 هـ ) في تفسيره ( البحر المحيط ):
قال تحت قوله ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ):
(( {وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ } أي من الزنا ومن التكشف. ودخلت {مِنْ} في قوله {مِنْ أَبْصَـٰرِهِمْ} دون الفرج دلالة على أن أمر النظر أوسع، ألا ترى أن الزوجة ينظر زوجها إلى محاسنها من الشعر والصدور والعضد والساق والقدم، وكذلك الجارية المستعرضة وينظر من الأجنبية إلى وجهها وكفيها وأما أمر الفرج فمضيق )) ا.هـ .
ثم قال تحت آية الزينة
( واستثنى ما ظهر من الزينة، والزينة ما تتزين به المرأة من حليّ أو كحل أو خضاب، فما كان ظاهراً منها كالخاتم والفتخة والكحل والخضاب فلا بأس بإبدائه للأجانب ) ا.هـ .
ثم ذكر بعد هذا أقوال السلف في المسألة
محمد رفقى
06-12-2015, 08:14 PM
وجه المرأة في المذهب الشافعي 1
أقوال فقهاء الشافعية المنقوله هنا ليست منقولة من الفصول التي تتحدث عن عورة الصلاة ولا التي تتحدث عن النكاح ونظر الخاطب إلى المخطوبة ,إلا فيما ندر , ولكن منقولة من الفصول التي تتحدث عن "أحكام النظر".
1. نقل الإمام المزني (ت:264هـ) في مختصره المشهور عن الإمام الشافعي (ت:204هـ) صاحب المذهب:
( قال ) وإذا أراد أن يتزوج المرأة فليس له أن ينظر إليها حاسرة وينظر إلى وجهها وكفيها وهي متغطية بإذنها وبغير إذنها قال الله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } قال الوجه والكفان)).
**وقوله"وبغير إذنها"يدل على أنها كاشفة له أصلا.
ومن الكتب التي خدمت كتاب مختصر المزني :
أ- كتاب (شرح غريب ألفاظ مختصر المزني) للإمام أبي منصور الأزهري(ت :370 هـ) حيث قال :
(وقوله تعالى : "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" أي :لا يبدين الزينة الباطنة نحو : المخنقة والخلخال والدملج والسوار , والذي يظهرن : الثياب والوجه).
(مطبوع في مقدمة كتاب(الحاوي الكبير) للإمام الماوردي ص 331 طبعة دار الكتب العلمية).
ب- كتاب (الحاوي الكبير) للإمام الماوردي (ت: 450 هـ) يقول في (9/36):
(فصل : القول في حالات جواز النظر إلى الأجنبية :فإذا تقرر ما ذكرنا لم يخل نظر الرجل الأجنبي إلى المرأة الأجنبية من أحد أمرين
: إما أن يكون لسبب أو لغير سبب ، فإن كان لغير سبب منع منه لقوله تعالى : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم [ النور : 31 ] ، ومنعت من النظر إليه لقوله تعالى : وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن [ النور : 31 ] ، ولأن نظر كل واحد منهما إلى صاحبه داعية إلى الافتتان به روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صرف وجه الفضل بن العباس وكان رديفه بمنى عن النظر إلى الخثعمية ، وكانت ذات جمال ، وقال : شاب وشابة ، وأخاف أن يدخل الشيطان بينهما .
فإن نظر كل واحد منهما إلى عورة صاحبه كان حراما ، وإن نظر إلى غير العورة كان مكروها .
فإن كان النظر لسبب فضربان : محظور ومباح ، فالمحظور كالنظر بمعصية وفجور ، فهو أغلظ تحريما ، وأشد مأثما من النظر بغير سبب ، والمباح على ثلاثة أقسام النظر المباح إلى المرأة الأجنبية : أحدها : أن يكون لضرورة كالطبيب يعالج موضعا من جسد المرأة النظر المباح إلى المرأة الأجنبية ، فيجوز أن ينظر إلى ما دعت الحاجة إلى علاجه من عورة وغيرها ، إذا أمن الافتتان بها ، ولا يتعدى بنظره إلى ما لا يحتاج إلى علاجه .
والقسم الثاني: أن يكون لتحمل شهادة أو حدوث معاملة ، فيجوز أن يعمد النظر إلى وجهها دون كفيها نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية عند تحمل شهادة أو حدوث معاملة: لأنه إن كان شاهدا فليعرفها في تحمل الشهادة عنها ، وفي أدائها عليها ، وإن كان مبايعا فليعرف من يعاقده.
والقسم الثالث : أن يريد خطبتها فهو الذي جوزنا له تعمد النظر إلى وجهها وكفيها بإذنها وغير إذنها ، ولا يتجاوز النظر إلى ما سوى ذلك من جسدها ، وبالله التوفيق ).
ج- كتاب نهاية المطلب لإمام الحرمين الجويني ( ت :478 هـ) وهو شرح شامل لكل كتب المذهب قبله وبخاصة مختصر المزني وقد صدر مؤخراً بتحقيق جويني العصر الدكتور عبد العظيم الديب يقول كما في (12/31-32) في أحكام النظر:
(أما الأجنبية فلا يحل للأجنبي أن ينظر منها إلى غير الوجه والكفين من غير حاجة , والنظر إلى الوجه والكفين يحرم عند خوف الفتنة إجماعاً فإن لم يظهر خوف الفتنة فالجمهور يرفعون التحريم لقوله تعالى : "إلا ما ظهر منها" قال أكثر المفسرين : الوجه والكفان , لأن المعتبر الإفضاء في الصلاة ولا يلزمهن ستره فيلحق بما يظهر من الرجال.
وذهب العراقيون وغيرهم إلى تحريمه من غير حاجة.
قال (1) : وهو قوي عندي مع اتفاق المسلمين على منع النساء من التبرج والسفور وترك التنقب ولو جاز النظر إلى وجوههن لكن كالمرد (2) ولأنهن حبائل الشيطان واللائق بمحاسن الشريعة حسم الباب وترك تفصيل الأحوال كتحريم الخلوة تعم الأشخاص والأحوال إذا لم تكن محرمية / وهو حسن (3).
والمباح من الكف من البراجم إلى المعصم ولا يختص بالراحة وغلط من خص التحليل بالراحة دون ظهر الكف ........)
_____________________
قال المحقق الدكتور عبد العظيم الديب في الهامش :
(1) قال : أي إمام الحرمين.
(2) هذا من التدليل على حرمة النظر إلى الوجه والكفين إذ إباحة ذلك تسوي بين النساء والمرد وهو غير جائز عقلاً.
(3) الذي يستحسن هو ابن أبي عصرون.
2. رأي الإمام الثعلبي (ت:427هـ) في تفسيره "الكشف والبيان" :
قال بعد أن حكى الخلاف مرجحا رأي عائشة وابن عباس رضي الله عنهما:
((وإنما رخص الله سبحانه ورخص رسوله في هذا القدر من بدن المرأة أن تبديه لأنه ليس بعورة فيجوز لها كشفه في الصلاة وسائر بدنها عورة فيلزمها ستره))
انتهى كلامه وله كلام آخر في نفس الآية
فقد قال في تفسير "ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو..." الآية
قال:((ولا يبدين زينتهن الخفية التي أمرن بتغطيتها ولم يبح لهن كشفها في الصلاة وللأجنبيين وهي ما عدا الوجه والكفين وظهور القدمين إلا لبعولتهن أو آباء بعولتهن .........إلخ كلامه)) .
3. الإمام البيهقي (ت:458هـ):
له باب في السنن الكبرى (7/85): ((باب تخصيص الوجه والكفين بجواز النظر إليها عند الحاجة))
وله باب في معرفة السنن والآثار يقول تحته((وأما النظر بغير سبب مبيح لغير محرم فالمنع منه ثابت بآية الحجاب))
4. الإمام الشيرازي (ت:467هـ) في المهذب وهو من المتون الهامة في المذهب:
((وأما الحرة فجميع بدنها عورة، إلا الوجه والكفين قال ابن عباس: وجهها وكفيها ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب "ولو كان الوجه والكف عورة لما حرم سترهما، ولأن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه للبيع والشراء، وإلى إبراز الكف للأخذ والعطاء ، فلم يجعل ذلك عورة))
ومن أهم شروحه :
أ- كتاب البيان للإمام العمراني (ت: 558 هـ( يقول في (9/125) :
(وإذا أراد الرجل أن ينظر إلى امرأة أجنبية منه من غير سبب .. فلا يجوز له ذلك لا إلى العورة ولا إلى غير العورة لقوله تعالى : "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم" (النور :30).
........ثم أورد حديث المرأة الخثعمية مع الفضل وحديث عدم اتباع النظرة الأولى بالثانية وحديث النظرة سهم مسموم....... ثم قال :قال ابن الصباغ والمسعودي في الإبانة والطبري : إذا لم يخف الافتتان بها فله أن ينظر إلى الوجه والكفين بغير شهوة ).
ملحوظة : تكلم العلماء كابن الصلاح وغيره في نسبة ما ينقله العمراني عن المسعودي (ت:نيف وعشرين وأربعمائة) من كتاب الإبانة ونسبوا بعضه للفوراني (ت: 461 هـ) فانظر تفصيله في طبقات الشافعية في ترجمة المسعودي والفوراني والله اعلم.
ب- وانظر شرح الإمام النووي (ت :676 هـ) وتخريجه له في المجموع شرح المهذب (3/167-168).
5. الإمام الواحدي (ت:468هـ) في تفسيره "الوجيز:"
(( ( ولا يبدين زينتهن ) يعني الخلخالين والقرطين والقلائد والدماليج ونحوها مما يخفى ، ( إلا ما ظهر منها ) وهو الثياب والكحل والخاتم والخضاب والسوار فلا يجوز للمرأة أن تظهر إلا وجهها ويديها إلى نصف الذراع)) .
6. في تفسير الإمام السمعاني (ت:489هـ) :
((على هذا يجوز النظر إلى وجه المرأة وكفيها من غير شهوة ، وإن خاف الشهوة غض البصر ، واعلم أن الزينة زينتان : زينة ظاهرة ، زينة باطنة، فالزينة الظاهرة هي الكحل والفتخة والخضاب إذا كان في الكف ، وأما الخضاب في القدم فهو الزينة الباطنية ، وأما السوار في اليد ، فعن عائشة أنه من الزينة الظاهرة ، والأصح أنه من الزينة الباطنة ، وهو قول أكثر أهل العلم ، وأما الدملج [والمخنقة] والقلادة ، وما أشبه ذلك فهو من الزينة الباطنة ، فما كان من الزينة الظاهرة يجوز للأجنبي النظر إليه من غير شهوة ، وما كان من الزينة الباطنة لا يجوز للأجنبي النظر إليها ، وأما الزوج ينظر ويتلذذ ، وأما المحارم ينظرون من غير تلذذ)) .
7. قال الإمام الغزالي (ت:505هـ) في الوسيط (5/32) في أحكام النظر :
وإن كانت أجنبية حرم النظر إليها مطلقاً ومنهم من جوز النظر إلى الوجه حيث تؤمن الفتنة وهذا يؤدي إلى التسوية بين النساء والمرد وهو بعيد لأن الشهوة وخوف الفتنة أمر باطن فالضبط بالأنوثة التي هي من الأسباب الظاهرة أقرب إلى المصلحة)
** قال الإمام ابن الصلاح (ت:643 هـ) معلقاً على النص السابق كما في شرح مشكل الوسيط (ج2 ق 77/أ) –كما نقله محقق كتاب الوسيط الأستاذ محمد تامر-:
(قوله بتحريم النظر إلى الأجنبية مطلقاً أي : سواء فيه ما هو عورة وما ليس بعورة وسواء أمن الفتنة أو خافها.
والتحريم عند خوف الفتنة : مجمع عليه.
وأما عند الأمن من الفتنة ففيه خلاف فيما ليس بعورة خاصة –وهو الوجه والكفان جميعاً- وليس مقصوراً في الوجه كما ذكره المؤلف والجواز حكاه شيخه –يقصد الجويني- عن جمهور الأصحاب والتحريم عن طوائف قال : وإليه ميل العراقيين والله اعلم).
** وقال الإمام الغزالي في الوجيز - وهو مختصر الوسيط - في شروط الصلاة (1/149):
((الشرط الثالث ستر العورة وهو واجب في غير الصلاة............وعورة الحرة جميع بدنها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين وظهور القدمين عورة في الصلاة)).
وقال في أحكام النظر (2/6):
(ولا يحل للرجل النظر إلى شئ من بدن المرأة إلا إذا كان الناظر صبيا أو مجنونا أو مملوكا لها أو كانت صبية أو رقيقة أو محرما فلينظر إلى الوجه واليدين فقط))
**وللإمام الرافعي (ت :623 هـ) تعليق وشرح على الوجيز :
أ- قال الإمام الرافعي (ت: 623 هـ) معلقاً على قول الإمام الغزالي السابق كما تجده في هامش الوجيز (2/6) (طبعة دار الأرقم بتحقيق علي معوض وعادل عبد الموجود):
(الحكم بأنه لا ينظر في هذه الصورة إلا إلى الوجه واليدين فقط خلاف ظاهر المذهب).
ب- وفي شرح قول الإمام الغزالي السابق كما في فتح العزيز (7/471) وما بعدها :
(جرت العادة بذكر حكم النظر هنا وذاك إما ألا تمس إليه الحاجة أو تمس:
الحالة الأولى : إذا لم تمس إليه الحاجة وهو على أربعة أقسام :
نظر الرجل إلى المرأة وبالعكس ونظر الرجل إلى الرجل ونظر المرأة إلى المرأة.
القسم الأول : نظر الرجل إلى المرأة :
ويحرم عليه أن ينظر إلى ما هو عورة منها وكذا إلى الوجه والكفين إن كان يخاف من النظر الفتنة قال الله تعالى : "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم" وإن لم يخف فوجهان :
قال أكثر الأصحاب لا سيما المتقدمون : لا يحرم لقوله تعالى : "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" وهو مفسر بالوجه والكفين , نعم يكره ذلك ذكره الشيخ أبو حامد وغيره.
والثاني : يحرم ويحكى ذلك عن الإصطخري في رواية الداركي وعن أبي علي الطبري واختاره الشيخ أبو محمد والإمام رحمهما الله ووجهه (باتفاق المسلمين على منع النساء من أن يخرجن سافرات ولو حل النظر لنزلن منزلة المرد وبأن النظر إليهن مظنة الفتنة وهن محل الشهوة فاللائق بمحاسن الشرع حسم الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية) هذا ما ذكره في الكتاب وبه أجاب صاحب المهذب والقاضي الروياني.
______________
قال المحققان (الشيخ علي عوض وعادل عبد الموجود) في الهامش :
(الصحيح التحريم كما ذكره الشيخ في المنهاج وجنح إليه في المحرر .
قال في التوسط : بل الظاهر أنه اختيار الجمهور وممن جزم به غير من تقدم المحاملي في المجموع والتجريد والدارمي وهو قضية كلام الرازي في التقريب والمجرد وقال الإمام : إن إليه ميل العراقيين إلى آخر ما ذكره) انتهى التعليق.
**وقد اختصر شرح الرافعي الإمام النووي(ت:676هـ) في روضة الطالبين فقال (5/366-367):
((نظر الرجل إلى المرأة فيحرم نظره إلى عورتها مطلقا وإلى وجهها و كفيها إن خاف الفتنة و إن لم يخف فوجهان , قال أكثر الأصحاب لا سيما المتقدمون لا يحرم لقول الله (و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) و هو مفسر بالوجه و الكفين لكن يكره قاله الشيخ أبو حامد وغيره
والثاني :يحرم قاله الإصطخري و أبو علي الطبري و اختاره الشيخ أبو محمد و الإمام و به قطع صاحب المهذب و الروياني, ووجهه الإمام بإتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات و بأن النظر مظنة الفتنة و هو محرك الشهوة فاللائق بمحاسن الشرع سد الباب فيه و الإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية))
وقال أيضا (7/19): ((إذا رغب في نكاحها استحب أن ينظر إليها لئلا يندم ، وفي وجه : لا يستحب هذا النظر بل هو مباح ، والصحيح الأول للأحاديث ، ويجوز تكرير هذا النظر بإذنها وبغير إذنها ، فإن لم يتيسر النظر بعث امرأة تتأملها وتصفها له . والمرأة تنظر إلى الرجل إذا أرادت تزوجه ، فإنه يعجبها منه ما يعجبه منها . ثم المنظور إليه الوجه والكفان ظهراً وبطناً ، ولا ينظر إلى غير ذلك )) والشاهد في قوله "وبغير إذنها" وسبق شرحه.
**ثم اختصر الإمام المقرئ (ت:925هـ) كتاب النووي في "روضة الطالب" وكان فيه:
((وعورة الحرة في الصلاة وعند الأجنبي جميع بدنها إلا الوجه والكفين))
ويقول أيضا:((نظر الوجه والكفين عند أمن الفتنة من المرأة إلى الرجل وعكسه جائز))
**وقد شرح مختصر المقرئ شيخ الإسلام زكريا الأنصاري (ت:926هـ) في أسنى المطالب وجاء في شرح الفقرتين السابقتين على التوالي: (1/176)
حيث قال : (( ( وعورة الحرة في الصلاة وعند الأجنبي ) ولو خارجها ( جميع بدنها إلا الوجه والكفين ) ظهرا وبطنا إلى الكوعين لقوله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } قال ابن عباس وغيره ما ظهر منها وجهها وكفاها وإنما لم يكونا عورة ؛ لأن الحاجة تدعو إلى إبرازهما وإنما حرم النظر إليهما ؛ لأنهما مظنة الفتنة)).
(( (فصل نظر الوجه والكفين عند أمن الفتنة ) فيما يظهر للناظر من نفسه ( من المرأة إلى الرجل وعكسه جائز ) وإن كان مكروها لقوله تعالى في الثانية { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } وهو مفسر بالوجه والكفين كما مر وقيس بها الأولى وهذا ما في الأصل عن أكثر الأصحاب والذي صححه في المنهاج كأصله التحريم ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه وبأن النظر مظنة - الفتنة ومحرك للشهوة فاللائق بمحاسن الشريعة سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية ، وصوب في المهمات الأول لكون الأكثرين عليه ، وقال البلقيني الترجيح بقوة المدرك والفتوى على ما في المنهاج انتهى وما نقله الإمام من الاتفاق على منع النساء أي منع الولاة لهن مما ذكر لا ينافي ما نقله القاضي عياض عن العلماء أنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة وعلى الرجال غض البصر عنهن لقوله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } ؛ لأن منعهن من ذلك لا لأن الستر واجب عليهن في ذاته بل ؛ لأنه سنة وفيه مصلحة عامة وفي تركه إخلال بالمروءة)).
**وللإمام الرملي (ت:1004هـ) حاشية على أسنى المطالب لم يأت فيها بجديد في الفقرتين وسيأتي كلامه
محمد رفقى
06-12-2015, 08:24 PM
وجه المرأة في المذهب الشافعي 2
8. الإمام البغوي (ت:516هـ) في شرح السنة (9/23):
((فإن كانت أجنبية حرة فجميع بدنها عورة في حق الرجل لا يجوز له أن ينظر إلى شئ منها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين وعليه غض البصر عن النظر إلى وجهها ويديها أيضاً عند خوف الفتنة)).
ويقول في تفسيره "معالم التنزيل":
((واختلف أهل العلم في هذه الزينة الظاهرة التي استثناها الله تعالى قال سعيد بن جبير والضحاك والأوزاعي هو الوجه والكفان وقال ابن مسعود هي الثياب بدليل قوله تعالى ( خذوا زينتكم عند كل مسجد ) وأراد بها الثياب وقال الحسن الوجه والثياب وقال ابن عباس الكحل والخاتم والخضاب في الكف فما كان من الزينة الظاهرة جاز للرجل الأجنبي النظر إليه إذا لم يخف فتنة وشهوة فإن خاف شيئا منها غض البصر وإنما رخص في هذا القدر أن تبديه المرأة من بدنها لأنه ليس بعورة وتؤمر بكشفه في الصلاة وسائر بدنها عورة يلزمها ستره)).
9. الإمام أبو شجاع الأصفهاني (ت:593هـ) في متنه الشهير يقول:
(ونظر الرجل إلى المرأة على سبعة أضرب:
أحدها: نظره إلى أجنبية لغير حاجة فغير جائز....)
ومن أهم شروحه:
أ- كفاية الأخيار للإمام الحصني الدمشقي (ت:829هـ) يقول (ص41-42):
((وقال صاحب المنظومة:
ونظر الفحل إلى النساء على ضروب سبعة: فالرائي
إن كان قد قيل لأجنبية فامنع لغير حاجة مرضية
والرجل هو البالغ من الذكور، وكذا المرأة هي البالغة من الإناث إن لم يرد بالألف واللام الجنس، ثم إن النظر قد لا تدعو إليه الحاجة وقد تدعو إليه الحاجة. الضرب الأول أن لا تمس إليه الحاجة. فحينئذ يحرم نظر الرجل إلى عورة المرأة الأجنبية مطلقاً، وكذا يحرم إلى وجهها وكفيها إن خاف فتنة، فإن لم يخف ففيه خلاف الصحيح التحريم، قاله الاصطخري وأبو علي الطبري، واختاره الشيخ أبو محمد، وبه قطع الشيخ أبو إسحق الشيرازي والروياني، ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج حاسرات سافرات وبأن النظر مظنة الفتنة وهو محرك الشهوة فالأليق بمحاسن الشرع سد الباب والاعراض عن تفاصيل الأحوال كما تحرم الخلوة بالأجنبية ، ويحتج له بعموم قوله تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} ))
ب- فتح القريب لابن قاسم الغزي (ت:918هـ) ص 19 يقول:
((وجميع بدن المرأة عورة إلا وجهها وكفيها وهذه عورتها في الصلاة أما خارج الصلاة فعورتها جميع بدنها))
ج-الإقناع للخطيب الشربيني (ت:977هـ):
(( (أحدها نظره) أي الرجل (إلى) بدن امرأة (أجنبية) غير الوجه والكفين ولو غير مشتهاة قصداً (لغير حاجة) مما سيأتي (فغير جائز) قطعاً وإن أمن الفتنة، وأما نظره إلى الوجه والكفين فحرام عند خوف فتنة تدعو إلى الاختلاء بها لجماع أو مقدّماته بالإجماع كما قاله الإمام، ولو نظر إليهما بشهوة وهي قصد التلذذ بالنظر المجرد وأمن الفتنة حرم قطعاً، وكذا يحرم النظر إليهما عند الأمن من الفتنة فيما يظهر له من نفسه من غير شهوة على الصحيح كما في المنهاج كأصله. ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه، وبأن النظر مظنة الفتنة ومحرّك للشهوة وقد قال تعالى: {قلْ للمؤمنينَ يغُضُّوا مِنْ أبصارِهم} واللائق بمحاسن الشريعة سدّ الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية، وقيل لا يحرم لقوله تعالى: {ولاَ يبدينَ زينتهنَّ إلا ما ظهرَ منها} وهو مفسر بالوجه والكفين، ونسبه الإمام للجمهور والشيخان للأكثرين، وقال في المهمات: إنه الصواب لكون الأكثرين عليه، وقال البلقيني: الترجيح بقوّة المدرك والفتوى على ما في المنهاج اهـ وكلام المصنف شامل لذلك وهو المعتمد، وخرج بقيد القصد ما إذا حصل النظر اتفاقاً فلا إثم فيه)).
ومن أقواله أيضا:
((وعورة الحرة غير الوجه والكفين ظهرا وبطنا إلى الكوعين لقوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} وهو مفسر بالوجه والكفين، وإنما لم يكونا عورة، لأن الحاجة تدعو إلى إبرازهما)).
**وللعلامة البجيرمي (ت:1221هـ) حاشية على شرح الخطيب سماها "تحفة الحبيب على شرح الخطيب" قال فيها:
((قوله (وعورة الحرة) أي في الصلاة. أما عورتها خارج الصلاة بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فهي جميع بدنها حتى الوجه والكفين، ولو عند أمن الفتنة، ولو رقيقة فيحرم على الأجنبي أن ينظر إلى شيء من بدنها ولو قلامة ظفر منفصلا منها))
10. رأي الإمام الرازي (ت:606هـ) في تفسيره "مفاتيح الغيب":
((اعلم أن العورات على أربعة أقسام عورة الرجل مع الرجل وعورة المرأة مع المرأة وعورة المرأة مع الرجل وعورة الرجل مع المرأة
ثم قال بعدها في عورة المرأة مع الرجل ما يلي:
أما عورة المرأة مع الرجل فالمرأة إما أن تكون أجنبية أو ذات رحم محرم، أو مستمتعة، فإن كانت أجنبية فإما أن تكون حرة أو أمة فإن كانت حرة فجميع بدنها عورة، ولا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها إلا الوجه والكفين، لأنها تحتاج إلى إبراز الوجه في البيع والشراء، وإلى إخراج الكف للأخذ والعطاء، ونعني بالكف ظهرها وبطنها إلى الكوعين، وقيل ظهر الكف عورة.
واعلم أنا ذكرنا أنه لا يجوز النظر إلى شيء من بدنها، ويجوز النظر إلى وجهها وكفها، وفي كل واحد من القولين استثناء.
أما قوله يجوز النظر إلى وجهها وكفها، فاعلم أنه على ثلاثة أقسام لأنه إما أن لا يكون فيه غرض ولا فيه فتنة، وإما أن يكون فيه فتنة ولا غرض فيه، وإما أن يكون فيه فتنة وغرض أما القسم الأول: فاعلم أنه لا يجوز أن يتعمد النظر إلى وجه الأجنبية لغير غرض وإن وقع بصره عليها بغتة يغض بصره، لقوله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصـارهم }
وقيل يجوز مرة واحدة إذا لم يكن محل فتنة، وبه قال أبو حنيفة رحمه الله ولا يجوز أن يكرر النظر إليها لقوله تعالى: {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولـائك كان عنه مسؤولا } (الإسراء: 36) ولقوله عليه السلام: «يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة» وعن جابر قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري» ولأن الغالب أن الاحتراز عن الأولى لا يمكن فوقع عفوا قصد أو لم يقصد.
أما القسم الثاني: وهو أن يكون فيه غرض ولا فتنة فيه فذاك أمور: أحدها: بأن يريد نكاح امرأة فينظر إلى وجهها وكفيها، روى أبو هريرة رضي الله عنه: «أن رجلا أراد أن يتزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا» وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا خطب أحدكم المرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها للخطبة»
وقال المغيرة بن شعبة «خطبت امرأة فقال عليه السلام نظرت إليها، فقلت لا، قال فانظر فإنها أحرى أن يدوم بينكما» فكل ذلك يدل على جواز النظر إلى وجهها وكفيها للشهوة إذا أراد أن يتزوجها، ويدل عليه أيضا قوله تعالى: {لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن } (الأحزاب: 52) ولا يعجبه حسنهن إلا بعد رؤية وجوههن
وثانيها: إذا أراد شراء جارية فله أن ينظر إلى ما ليس بعورة منها وثالثها: أنه عند المبايعة ينظر إلى وجهها متأملا حتى يعرفها عند الحاجة إليه ورابعها: ينظر إليها عند تحمل الشهادة ولا ينظر إلى غير الوجه لأن المعرفة تحصل به
أما القسم الثالث: وهو أن ينظر إليها للشهوة فذاك محظور، قال عليه الصلاة والسلام: «العينان تزنيان» وعن جابر قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف بصري» وقيل: مكتوب في التوراة النظرة تزرع في القلب الشهوة، ورب شهوة أورثت حزنا طويلا. أما الكلام الثاني: وهو أنه لا يجوز للأجنبي النظر إلى بدن الأجنبية فقد استثنوا منه صورا
إحداها: يجوز للطبيب الأمين أن ينظر إليها للمعالجة، كما يجوز للختان أن ينظر إلى فرج المختون، لأنه موضع ضرورة. وثانيتها: يجوز أن يتعمد النظر إلى فرج الزانيين لتحمل الشهادة على الزنا، وكذلك ينظر إلى فرجها لتحمل شهادة الولادة، وإلى ثدي المرضعة لتحمل الشهادة على الرضاع،
وقال أبو سعيد الإصطخري لا يجوز للرجل أن يقصد النظر في هذه المواضع، لأن الزنا مندوب إلى ستره، وفي الولادة والرضاع تقبل شهادة النساء فلا حاجة إلى نظر الرجال للشهادة وثالثتها: لو وقعت في غرق أو حرق فله أن ينظر إلى بدنها ليخلصها))
هذا آخر كلامه .
11. الإمام النووي (ت:676هـ) في "منهاج الطالبين" وهو من أهم متون المذهب ولأهل المذهب عناية فائقة به بل إن كثيرا منهم على أن الفتوى على ما فيه يقول:
((ويحرم نظر فحل بالغ إلى عورة حرة كبيرة أجنبية وكذا وجهها وكفها عند خوف الفتنة وكذا عند الأمن على الصحيح)).
ومن أهم شروحه:
أ- الإمام الرملي (ت:1004هـ) في نهاية المحتاج (6/187-188):
(( ( و كذا عند الأمن ) من الفتنة فيما يظنه من نفسه من غير شهوة ( على الصحيح ) ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه و بأن النظر مظنة للفتنة و محرك للشهوة ، فاللائق بمحاسن الشريعة سد الباب و الإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية ، وبه اندفع القول بأنه غير عورة فكيف حرم نظره لأنه مع كونه غير عورة نظره مظنة للفتنة أو الشهوة ففطم الناس عنه احتياطا ، على أن السبكي قال : الأقرب إلى صنيع الأصحاب أن وجهها و كفيها عورة في النظر ، والثاني لا يحرم و نسبه الإمام للجمهور و الشيخان للأكثرين ، و قال في المهمات : إنه الصواب ، و قال البلقيني : الترجيح بقوة المدرك ، و الفتوى على ما في المنهاج ، و ما نقله الإمام من الاتفاق على منع النساء : أي منع الولاة لهن معارض لما حكاه القاضي عياض عن العلماء أنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها و إنما ذلك سنة ، و على الرجل غض البصر عنهن للآية ، و حكاه المصنف عنه في شرح مسلم و أقره عليه ، و دعوى بعضهم عدم التعارض في ذلك إذ منعهن من ذلك ليس لكون الستر واجبا عليهن في ذاته بل لأن فيه مصلحة عامة و في تركه إخلال بالمروءة مردودة ، إذ ظاهر كلامهما أن الستر واجب لذاته فلا يتأتى هذا الجمع ، و كلام القاضي ضعيف ، و حيث قيل بالجواز كره و قيل خلاف الأولى ، و حيث قيل بالتحريم و هو الراجح حرم النظر إلى المنتقبة التي لا يبين منها غير عينيها و محاجرها كما بحثه الأذرعي و لا سيما إذا كانت جميلة فكم في المحاجر من خناجر ، وافهم تخصيص الكلام بالوجه و الكفين حرمة كشف ما سوى ذلك من البدن)).
ب- الإمام الهيتمي (ت:974هـ) في تحفة المحتاج وقال نفس الكلام السابق إلا أن فيه زيادة مهمة سنوضح اهميتها فيما بعد يقول:
((وكون الأكثرين على مقابل الصحيح لا يقتضي رجحانه لا سيما وقد أشار إلى فساد طريقتهم بتعبيره بالصحيح ووجهه أن الآية كما دلت على جواز كشفهن لوجوههن دلت على وجوب غض الرجال أبصارهم عنهن ويلزم من وجوب الغض حرمة النظر ولا يلزم من حل الكشف جوازه كما لا يخفى فاتضح ما أشار إليه بتعبيره بالصحيح ومن ثم قال البلقيني : الترجيح بقوة المدرك والفتوى على ما في المنهاج وسبقه لذلك السبكي وعلله بالاحتياط فقول الإسنوي الصواب الحل لذهاب الأكثرين إليه ليس في محله وافهم تخصيص حل الكشف بالوجه حرمة كشف ما عداه من البدن حتى اليد ، وهو ظاهر في غير اليد ؛ لأنه عورة ومحتمل فيها ؛ لأنه لا حاجة لكشفها بخلاف الوجه)).
وقد قيد كلامه هنا في الفتاوى الفقهية الكبرى (4/119) فقال :
(قيدت ذلك في شرح الإرشاد وغيره أخذا من قولهم الإعانة على محرم والتمكين منه اختيارا محرما بما إذا لم تعلم المرأة أن أجنبيا ينظر إليها نظرا محرما وإلا حرم عليها بقاء كشف وجهها أو غيره مما ينظر إليه لأن قدرتها على ستره منه يصيرها إذا لم تستره معينة له على محرم وممكنة له منه , وقد صرح الأصحاب بأنه يحرم على الحلال تمكين الحليل المحرم من الجماع ونحوه وصرح النووي وغيره بأنه يحرم كشف العورة بحضرة من يعلم أنه ينظر إليها نظرا محرما خلافا لمن وهم في ذلك زاعما أن الناظر عليه غض البصر فلا يكلف المنظور التحفظ منه وهذا خيال باطل ).
ج- الإمام الخطيب الشربيني (ت:977هـ) في مغني المحتاج وقال نفس الكلام إلا أن في كلامه زيادة أيضا يقول:
((تنبيه:ظاهر كلام المصنف أن وجهها وكفيها غير عورة وإنما ألحقا بها في تحريم النظر،وبه صرح الماوردي في كتاب الصلاة فقال:عورتها مع غير الزوج كبرى وصغرى، فالكبرى ما عدا الوجه والكفين، والصغرى ما بين السرة والركبة ، فيجب ستر الكبرى في الصلاة ، وكذا عن الرجال الأجانب والخناثى والصغرى عن النساء وإن قربن ، وكذا عن رجال المحارم والصبيان ، وقال السبكي: إن الأقرب إلى صنع الأصحاب أن وجهها وكفيها عورة في النظر لا في الصلاة)).
د- قال الزهري الغمراوي (المتوفى بعد 1337 هـ) في السراج الوهاج في شرح المنهاج :
(( (ويحرم نظر فحل) اي غير مجبوب (بالغ) ولو شيخاً (إلى عورة حرة) والمراد بعورتها ما عدا الوجه والكفين (كبيرة) وهي من بلغت حداً تشتهى فيه (أجنبية) وهى من ليست من المحارم (وكذا وجهها وكفيها عند خوف فتنة) تدعو إلى الاختلاء بها وكذا إذا كان يتلذذ بالنظر المجرد (وكذا) يحرم النظر اليهما (عند الأمن) من الفتنة وعدم الشهوة (على الصحيح) ومقابله لا يحرم وظاهر كلامه أنهما ليسا بعورة وإنما ألحقا بها في تحريم النظر))
**وللإمام البجيرمي (ت:1221هـ) حاشية على شرح الخطيب ليس فيها جديد سوى شئ واحد يأتي في تحرير المذهب إن شاء الله تعالى.
**لم يضف الإمام المحلي (ت:864هـ) في شرحه للمنهاج ولا عميرة(ت:957هـ) وقليوبي (ت:1069هـ) في حاشيتهما ولا العبادي (ت:994هـ) والشرواني (ت:1301هـ) في حاشيتهما على التحفة جديدا غير أن الشرواني نقل عن غيره ما يلي:
((قال الزيادي في شرح المحرر بعد كلام وعرف بهذا التقرير أن لها ثلاث عورات عورة في الصلاة وهو ما تقدم وعورة بالنسبة لنظر الأجانب إليها جميع بدنها حتى الوجه والكفين على المعتمد وعورة في الخلوة وعند المحارم كعورة الرجل أ.هـ.))
**ثم اختصر شيخ الإسلام الأنصاري (ت:926هـ)متن المنهاج وسماه "منهج الطلاب" يقول فيه:
((وحرم نظر نحو فحل كبير ولو مراهقا شيئا من كبيرة أجنبية ولو أمة))
ثم شرحه في "فتح الوهاب" وحشى الإمام الجمل (ت:1204هـ) والبجيرمي (ت:1221هـ) حاشيتين اسمهما "فتوحات الوهاب" و"التجريد لنفع العبيد" على التوالي وليس فيها جديد على ما سبق.
12. الإمام النووي في شرح صحيح مسلم:
يقول شارحا بعض الأحاديث في ((باب ندب النَّظر إلى وجه المرأة وكفَّيها لمن يريد تزوّجها)):
((وفيه: استحباب النَّظر إلى وجه من يريد تزوّجها وهو مذهبنا، ومذهب مالك، وأبي حنيفة، وسائر الكوفيِّين، وأحمد وجماهير العلماء.
وحكى القاضي عن قوم: كراهته، وهذا خطأ مخالف لصريح هذا الحديث، ومخالف لإجماع الأمَّة على جواز النَّظر للحاجة عند البيع والشِّراء والشَّهادة ونحوها.
ثمَّ أنَّه إنَّما يباح له النَّظر إلى وجهها وكفَّيها فقط لأنَّهما ليسا بعورة، ولأنَّه يستدلّ بالوجه على الجمال أو ضدّه، وبالكفَّين على خصوبة البدن أو عدمها هذا مذهبنا، ومذهب الأكثرين.
وقال الأوزاعيُّ: ينظر إلى مواضع اللَّحم.
وقال داود: ينظر إلى جميع بدنها وهذا خطأ ظاهر منابذ لأصول السُّنَّة والإجماع.
ثمَّ مذهبنا ومذهب مالك وأحمد والجمهور: أنَّه لا يشترط في جواز هذا النَّظر رضاها بل له ذلك في غفلتها، ومن غير تقدُّم إعلام، لكن قال مالك: أكره نظره في غفلتها مخافة من وقوع نظره على عورة.
وعن مالك: رواية ضعيفة أنَّه لا ينظر إليها إلاَّ بإذنها وهذا ضعيف لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قد أذن في ذلك مطلقاً ولم يشترط استئذانها، ولأنَّها تستحي غالباً من الإذن، ولأنَّ في ذلك تغريراً، فربَّما رآها فلم تعجبه، فيتركها، فتنكسر وتتأذَّى، ولهذا قال أصحابنا: يستحبُّ أن يكون نظره إليها قبل الخطبة حتَّى إن كرهها تركها من غير إيذاء، بخلاف ما إذا تركها بعد الخطبة، واللَّه أعلم)).
والشاهد أيضا في قوله أن له أن ينظر بغير إذنها وهذا لا يتأتى إلا إذا كانت كاشفة لوجهها.
13. الإمام البيضاوي (ت:685هـ) في تفسيره "أنوار التنزيل وأسرار التأويل":
((ولا يبدين زينتهن كالحلي والثياب والأصباغ فضلا عن مواضعها لمن لا يحل أن تبدى له إلا ما ظهر منها عند مزاولة الأشياء كالثياب والخاتم فإن في سترها حرجا وقيل المراد بالزينة مواضعها على حذف المضاف أو ما يعم المحاسن الخلقية والتزيينية والمستثنى هو الوجه والكفان لأنها ليست بعورة والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر فإن كل بدن الحرة عورة لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة كالمعالجة وتحمل الشهادة)) .انتهى.
14. الإمام الخازن ( ت 741 هـ) في تفسيره ( لباب التأويل في معاني التنزيل ):
(( فما كان من الزينة الظاهرة يجوز للرجل الأجنبي النظر إليه للضرورة مثل تحمل الشهادة ونحوه مـن الضرورات إذا لم يخف فتنة وشهوة فإن خاف شيئاً من ذلك غض البصر وإنما رخص في هذا القدر للمرأة أن تبديه من بدنها لأنه ليس بعورة وتؤمر بكشفه في الصلاة وسائر بدنها عورة)) ا.هـ.
محمد رفقى
06-12-2015, 08:52 PM
وجه المرأة في المذهب الشافعي 3
15. الإمام ابن الوردي (ت:749هـ) في البهجة الوردية وهي منظومة يقول:
((وكذا النظر لا لاحتياج كالعلاج يحظر ولا لما ليس يعد الكشف له تهتكا في سوأة فحلله))
**وقد شرح هذه المنظومة شيخ الإسلام الأنصاري في الغرر البهية يقول:
((وقضية كلامه أنه يحرم نظره إلى وجهها وكفيها مع أمن الفتنة بها وهو ما صححه في المحرر والمنهاج ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه وبأن النظر مظنة الفتنة ومحرك للشهوة فاللائق بمحاس الشرع سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية لكن في الروضة كأصلها أكثر الأصحاب على أنه لا يحرم لقوله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } وهو مفسر بالوجه والكفين لكن يكره وقال في المهمات إنه الصواب لكون الأكثرين عليه وقال البلقيني : الترجيح بقوة المدرك والفتوى على ما في المنهاج)).
16. الإمام ابن الملقن (ت:804هـ) في التذكرة يقول:
((فصل النظر:ويحرم نظر فحل بالغ ومراهق إلى عورة كبيرة أجنبية ووجهها وكفيها لغير حاجة))
17. الإمام ابن رسلان (ت:805هـ) في شرح سنن الترمذي ص 27:
((يجوز نظر الأجنبية عند أمن الفتنة)) نقلا عن كتاب الشيخ الألباني "الرد المفحم".
18. الإمام المنهاجي الأسيوطي (ت:807هـ) في جواهر العقود (2/4):
((ويحرم نظر الفحل البالغ إلى الوجه والكفين من الحرة الكبيرة الأجنبية عند خوف الفتنة وكذا عند الأمن في أولى الوجهين)).
19. العلامة أحمد بن حسين بن حسن بن رسلان - أرسلان- الشافعي المتوفى 844هـ في منظومة الزبد:
ومَن يُرِدْ منها النِّكَاحَ نَظَرَا.... وَجْهَاً وَكَفَّاً باطِنَاً وظاهِرَا
وجازَ للشّاهِدِ أو مَن عامَلا.... نَظَرُ وَجْهٍ أو يُدَاوِي عِلَلا
**ومن شروحه غاية البيان للرملي (ت:1004هـ) يقول:
((ومن يرد منها النكاح نظرا ندبا وجها وكفا باطنا وظاهرا قبل خطبتها وإن لم تأذن له فيه وخرج بالوجه والكفين غيرهما فلا ينظره لأنه عورة منها وفي نظرهما غنية إذ يستدل بالوجه على الجمال وبالكفين على خصب البدن ومن هنا علم أن محل نظره إليهما إذا كانت ساترة لما عداهما وله تكرير نظره لتتبين له هيئتها فلا يندم بعد نكاحها عليه وإنما كان النظر قبل الخطبة لئلا يعرض عنها بعدها فيؤذيها وله النظر وإن خاف الفتنة لغرض التزوج وإن لم تعجبه فليسكت ولا يقل لا أريدها لأنه إيذاء))
ويقول:
((وجاز للشاهد النظر إلى وجه الأجنبية لأجل الشهادة تحملا وأداء للحاجة أو من عاملا أي عاملها ببيع أو غيره نظر وجه للحاجة ولو خاف من النظر للشهادة الفتنة امتنع فإن تعين نظر واحترز))
20. الإمام البقاعي ( ت 885 ه ) في تفسيره ) نظم الدرر في تناسب الآي والسور):
(({ إلا ما ظهر منها } أي كان بحيث يظهر فيشق التحرز في إخفائه فبدا من غير قصد كالسوار والخاتم والكحل فإنها لا بد لها من مزاولة حاجتها بيدها ومن كشف وجهها في الشهادة ونحوها)) أ.هـ.
21. الإمام جلال الدين السيوطي (ت 911 هـ ) في كتابه الشهير "الأشباه والنظائر" يقول:
((المرأة في العورة لها أحوال :
حالة مع الزوج , ولا عورة بينهما , وفي الفرج وجه .
وحالة مع الأجانب , وعورتها : كل البدن , حتى الوجه والكفين في الأصح .
وحالة مع المحارم والنساء , وعورتها : ما بين السرة والركبة . وحالة في الصلاة , وعورتها : كل البدن , إلا الوجه والكفين)).
**ويقول جلال الدين المحلى فى (تفسير الجلالين ):
(( (زينتهن إلا ما ظهر منها) وهو الوجه والكفان فيجوز نظره لأجنبي إن لم يخف فتنة في أحد وجهين والثاني يحرم لأنه مظنة الفتنة ورجح حسما للباب)) ا.هـ.
وتفسير سورة النور يقع في الجزء الذي فسره المحلى .
22. المقدمة الحضرمية للعلامة بافضل الحضرمي (ت:918هـ):
((والحُرَّةُ فِي صَلاَتِهَا وَعِنْدَ الأَجَانِبِ جَميعُ بَدَنِهَا إِلاَّ الوَجْهَ والكَفَّيْنِ، وَعِنْدَ مَحَارِمِهَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ والرُّكْبَةِ)).
**ومن شروحها :
أ- المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية للهيتمي (ت:974 هـ:(
(( و ) عورة ( الحرة ) الصغيرة والكبيرة ( في صلاتها وعند الأجانب ) ولو خارجها ( جميع بدنها إلا الوجه والكفين ) ظهرا وبطنا إلى الكوعين لقوله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } أي وما ظهر منها وجهها وكفاها وإنما لم يكونا عورة حتى يجب سترهما لأن الحاجة تدعوه إلى إبرازهما وحرمة نظرهما ونظر ما عدا بين السرة والركبة من الأمة ليس لأن ذلك عورة بل لأن النظر إليه مظنة للفتنة ).
ب- (الحواشي المدنية) للشيخ محمد بن سليمان الكردي (1/276):
((هذا لا ينافي قول من قال إن عورتها عند الأجانب جميع بدنها، لأن حرمة نظر الأجانب إلى الوجه والكفين إنما هي من حيث أن نظرهما مظنة للشهوة لا من حيث كونهما عورة)).
23. الإمام المليباري الفناني الهندي (ت:928هـ) في كتابه "فتح المعين شرح قرة العين" (والمتن والشرح له) يقول:
((يحرم على الرجل ولو كان شيخا هما تعمد نظر شئ من بدن الأجنبية حرة أو أمة بلغت تشتهى فيه ولو شوهاء أو عجوزا))
ومن شروحه:
أ-إعانة الطالبين للإمام البكري الدمياطي (ت:بعد 1202هـ) يقول:
((واعلم أن للحرة أربع عورات: فعند الأجانب جميع البدن............)).
ويقول أيضا في أحكام النظر:
((وحاصله أنه إما أن يمتنع مطلقا وذلك في الأجنبية وإما...))
ب-نهاية الزين في إرشاد المبتدئين للشيخ محمد بن عمر الجاوي (ت:1316هـ) يقول:
((والحرة لها أربع عورات:
إحداها : جميع بدنها إلا وجهها وكفيها ظهرا وبطنا، وهو عورتها في الصلاة فيجب عليها ستر ذلك في الصلاة حتي الذراعين والشعر وباطن القدمين .
ثانيتها:ما بين سرتها وركبتها وهي عورتها في الخلوة وعند الرجال المحارم وعند النساء المؤمنات .
ثالثتها :جميع البدن إلا ما يظهر عند المهنة وهي عورتها عند النساء الكافرات.
رابعتها: جميع بدنها حتي قلامة ظفرها وهي عورتها عند الرجال الاجانب فيحرم علي الرجل الاجنبي النظر الي شئء من ذلك ، ويجب علي المرأة ستر ذلك عنه، والمراهق في ذلك كالرجل فيلزم وليه منعه من النظر الي الأجنبية ويلزمها الاحتجاب منه)).
24. في كتاب غاية تلخيص المراد من فتاوى ابن زياد (وهو عبد الرحمن بن زياد الزبيدي مفتي الديار اليمنية من علماء القرن العاشر) لعبد الرحمن بن محمد بن حسين باعلوي:
(( (مسألة): يحرم على الرجال النظر إلى النساء وعكسه، خصوصاً ذوات الهيئة والجمال، وإن لم تكن خلوة، ويأثم كل بذلك، ويجب نهيهم وتعزيرهم، ويثاب الناهي عن ذلك ثواب الفرض، لأن الأمر بالمعروف من مهمات الدين)).
25. شيخ الأزهر عبد الله بن حجازي الشرقاوي (ت:1227هـ) في حاشيته على تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب والتحفة لشيخ الإسلام الأنصاري (ت:926هـ) واللباب لإمام الحرمين الجويني (ت:478هـ) يقول الشيخ الشرقاوي (1/174):
((وعورة الحرَّة خارج الصلاة بالنِّسبة لنظر الأجنبيِّ إليها فجميع بدنها حتَّى الوجه والكفين، ولو عند أمن الفتنة))
26. العلامة سالم بن سمير الحضرمي (ت:1262هـ) في سفينة النجا:
((الْعَوْرَاتُ أَرْبَعٌ:
عَوْرَةُ الرَّجُلِ مُطْلَقَاً.
وَالأَمَةِ فِيْ الصَّلاَةِ مَا بَيْنَ السُّرَةِ والرُّكْبَةِ.
وَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ فِيْ الصَّلاَةِ: جَمِيْعُ بَدَنِهَا مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ.
وَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ وَالأَمَةِ عِنْدَ الأَجَانِبِ: جَمِِِيْعُ الْبَدَنِ.
وَعِنْدَ مَحَارِمِهمَا وَالنِّسَاءِ: مَا بَيْنَ السُّرَةِ وَالرُّكْبَةِ)).
ولها شروح كثيرة:
أ-العلامة نووي الجاوي (ت:1316هـ) في كاشفة السجا:
(( (وعورة الحرة والأمة عند الأجانب) أي بالنسبة لنظرهم إليهما (جميع البدن) حتى الوجه والكفين ولو عند أمن الفتنة فيحرم عليهم أن ينظروا إلى شيء من بدنهما ولو قلامة ظفر منفصلة منهما)).
ب-العلامة الشاطري الشافعي (ت:1360هـ) في كتابه نيل الرجا شرح سفينة النجا:
(( (وعورة الحرة والأمة عند الاجانب: جميع البدن)
المعني أن الثالث من أقسام العورة : عورة الحرة والأمة عند الرجال الاجانب وهم من ليس بينهم محرمية بنسب أو رضاع أو مصاهرة وهي جميع البدن حتي الوجه والكفين فيجب عليهما ستره)).
**وممن نظمها:
أ-العلامة محمد معصوم بن الشيخ سراج الشربونى في نيل الرجا نظم سفينة النجا يقول:
أَرَبَعُنِ الْعَوْرَاتُ عَوْرَةُ الرَّجُلْ >< مُطْلَقَانِ اْلأَمَةِ فِى الصَّلاَةِ قُلْ
مَا كَان َ بَيْـنَ سـُرَّةٍ وَرُكْبـَةْ >< وَمَا سِوَى وَجْه ٍ وَكَفَّىْ حُرَّةْ
ذَا فِى الصـَّلاَةِ وَجَمِيْعُ جِسْمِهَا >< عِنْدَ اْلأَجَانِبِ اْلإِمَاءُ مِثْلُهَا
وَعِنـْدَ مَحْرَمِـهِمَا وَالنِّـسْوَةْ >< مَا كَانَ بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةْ
*وممن شرحها العلامة الحاجيني (وهو رئيس مجلس علماء إندونيسيا) في فيض الحجا يقول:
((وعورة الحرة ومثلها الخنثى فى الصلاة جميع بدنها ما سوى الوجه والكفين (قوله وكفى حرة) أى ظهرا وباطنا إلى الكوعين (قوله ذا فى الصلاة) أى ما ذكر فى حق الحرة من أن عورتها ما سوى الوجه والكفين فى الصلاة فقط (قوله وجميع جسمها) أى الحرة خبر عن محذوف أى وعورتها عند الأجانب جميع جسمها وبدنها حتى الوجه والكفين ولو عند أمن الفتنة (قوله عند الأجانب) أى بالنسبة لنظرهم إليها فيحرم عليهم النظر إلى شىء من بدنها))
ب- السَّبْحة الثّمينة نظم السَّفينة للعلامة أحمد مَشهور بن طه الحداد (ت:1416هـ):
وَعَوْرَةُ الحُرَّةِ غَيْرُ الوَجْهِ والْــكَفَّيْنِ في الصلاةِ والشَعْرُ دَخَلَّ
وَللِنِّساءْ ومَحْرَم ذي قُربَهْما بَيْنَ سُرَّةٍ لها ورُكْبَهْ
وعَوْرَةٌ جَمِيعُها للأجْنَبي وألحِقْ بها الإماءَ في ذا تُصِبِ
27. تفسير مراح لبيد "التفسير المنير لمعالم التنزيل" لنووي الجاوي (ت:1316هـ):
(({وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} وهي ثلاثة أمور:
أحدها: الثياب.
وثانيها: الحلي كالخاتم والسوار والخلخال، والدملج، والقلادة، والإكليل، والوشاح، والقرط.
وثالثها: الأصباغ كالحكل والخضاب بالوسمة في حاجبيها، والغمزة في خديها، والحناء في كفيها وقدميها.
{إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} عند مزاولة الأمور التي لا بد منها عادة كالخاتم والكحل ، والخضاب في اليدين ، والغمزة ، والثياب. والسبب في تجويز النظر إليها إن في سترها حرجاً بيناً، لأن المرأة لا بد لها من مناولة الأشياء بيديها والحاجة إلى كشف وجهها في الشهادة، والمحاكمة والنكاح، وفي ذلك مبالغة في النهي عن إبداء مواضعها كما لا يخفى)). انتهى.
28.من كتاب ( نهاية المطلب في دراية المذهب ) أو ( المذهب الكبير ) لإمام الشافعية في عصره و العصور التالية , إمام الحرمين أبي المعالي الجويني , و هو الكتاب الأهم في مذهب الشافعية , و قد انتهى من تحقيقه الدكتور عبد العظيم الديب فجزاه الله كل خير .
كتاب الصلاة , الجزء الثاني , باب عورة الرجل و المرأة في الصلاة و غيرها :
(نذكر ما يجب ستره , و هو الذي يسمى عورة , ثم نذكر كيفية الستر . فنقول : أما القول فيما يجوز النظر إليه و ما لا يجوز النظر إليه , فنذكره مستقصى في أول كتاب النكاح إن شاء الله عز و جل , و إنما غرض هذا الفصل ذكر ما يستر في الصلاة . فنقول : أما الحرة فجملة بدنها في حكم الصلاة عورة من قرنها إلى قدمها , إلا الوجه و الكفان , أما الوجه فواضح , و أما الكف , فلسنا نعني به الراحة فحسب , و لكنا نعني به اليدين إلى الكوع ظهرا و بطنا , فأما أخمص قدمها , ففيه وجهان , و الأصل في ذلك قوله تعالى : ( و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) ( النور 31 ) قال المفسرون : الوجه و الكفان , و ما سوى ما ذكرناه من الحرة , فهو عورة,فلو بدت شعرة من غير ما استثنياه,م تصح صلاتها ).انتهى
ثم بالذهاب إلى كتاب ( النكاح ) لنرى ماذا ذكر الإمام نجد التالي في باب ( نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية) :( أما الأجنبية فلا يحل للأجنبي أن ينظر منها إلى غير الوجه و الكفين من غير حاجة . و النظر إلى الوجه و الكفين يحرم عند خوف الفتنة إجماعا , فإن لم يظهر خوف الفتنة , فالجمهور يرفعون التحريم , لقوله تعالى : ( إلا ما ظهر منها ) ( النور 31 ) قال أكثر المفسرين : الوجه و الكفان , لأن المعتبر الإفضاء في الصلاة , و لا يلزمهن ستره , فيلحق بما يظهر من الرجال .
و ذهب العراقيون و غيرهم إلى تحريمه من غير حاجة , قال ( أي إمام الحرمين ) : و هو قوي عندي , مع اتفاق المسلمين على منع النساء من التبرج و السفور و ترك التنقب , و لو جاز النظر إلى وجوههن لكن كالمرد , و لأنهن حبائل الشيطان , و اللائق بمحاسن الشريعة حسم الباب و ترك تفصيل الأحوال , كتحريم الخلوة تعم الأشخاص و الأحوال إذا لم تكن محرمية , و هو حسن . ( الذي يستحسن هو ابن أبي عصرون ) .
و المباح من الكف من البراجم إلى المعصمم , و لا يختص بالراحة , و غلط من خص التحليل بالراحة دون ظهر الكف , ........... ) انتهى
محمد رفقى
08-12-2015, 08:16 PM
تحرير المذهب الشافعي
الناظر في المقولات السابقة قد يختلط عليه الأمر , فالشافعية يقصدون بالعورة عند الرجال الأجانب ما يحرم نظره , لأن العورة تطلق شرعا بإطلاقين فالإطلاق الأول على ما يجب ستره , والإطلاق الثاني على ما يحرم النظر إليه. وقد تسبب الخلط بين هذين الإطلاقين في حمل ما يجب ستره على ما يحرم النظر إليه.
حكم النظر
1- جمهور المتقدمين وبعض المتأخرين على أن وجهها ليس بعورة في النظر أي يجوز أن ينظر لها الأجنبي إن أمن الفتنة.
وهذا ما حكاه الجويني مع ترجيحه ما عليه القلة فحكى أن جماهير الشافعية على جواز نظر الأجنبي بغير شهوة دون تفريق بين شابة وعجوز، ونسب الرافعي والنووي هذا القول إلى الأكثرين . لكن زاد الشيخ أبو حامد وغيره إثبات الكراهة.
2- جمهور المتأخرين على أنه لا يجوز النظر إليها حتى وإن أمنت الفتنة وهذا هو الذي رجحه محققوا المذهب. واعترض ابن النقيب والإسنوى على تصحيح النووي للقول بحرمة النظر عند أمن الفتنة.
وتحريمهم النظر لا يدل على وجوب التغطية , فعورة النظر ليست هي عورة المرأة , وإنما هو ما يحرم على الرجل النظر إليه من المرأة. وهذا يشبه قول القاضي عياض أنه يجوز للنساء كشف وجوههن وعلى الرجال غض البصر.
3- ذهب بعض الشافعية المتأخرين إلى جعل كل الرجل عورة بالنسبة لنظر المرأة حتى وجهه كما قال البجيرمي في حاشيته على الخطيب حيث يقول:
" وكذا الرجل له ثلاث عورات :...وعورة النظر وهو جميع بدنه بالنسبة للأجنبية... فلو علم الرجل أن المرأة تنظر إليه حرم عليه تمكينها بشيء من بدنه حتى يجب عليه إذا علم ذلك منها ستر جميع بدنه عنها حتى الوجه والكفين"
ولا أحد يوافق علي هذا ولكن هذا يفسر لنا قولهم أن الوجه عورة من ناحية النظر فلا يجوز النظر له.
حكم الستر
1- شراح المنهاج كابن حجر الهيتمى والشمس الرملي والخطيب الشربيني اختلفوا في مسألة الستر على رأيين:
• فابن حجر يرى عدم وجوب الستر لذاته , بل للمصلحة العامة.
• والخطيب والرملي يريان وجوب الستر لذاته.
والذي جرى عليه ابن حجر هو الراجح مذهبا ودليلا. فالمذهب ليس وجوب الستر لذاته من إقرار النووي لعياض. وقد وافق ابن حجر الشيخ علي الحلبي ( ت:1044هـ ) , والشيخ أحمد الرشيدي المغربي ( ت:1096هـ ) .
قال الرشيدى في حاشيته على نهاية المحتاج اعتراضا على الرملي: (هذا لا يلاقي ما ادعاه هذا البعض (أي : ابن حجر) ، لأن حاصل دعواه أن ما حكاه الإمام من الاتفاق على منع النساء لا يلزم منه أن ذلك لوجوب سترها وجهها في طريقها، وإن فهمه منه الإمام (أي : إمام الحرمين الجويني) حتى وجَّهه به، بل يجوز أن يكون للمصلحة التي ذكرها، وهذا لا محيد عنه، ولا يصح رده بأن ظاهر كلامهما ما ذكر لأن المعارضة التي دفعها ليست بين الجواز التي ذكره القاضي عياض والحرمة، وإنما هو بينه وبين الاتفاق على منع النساء كما سبق).
2- اتفاق المسلمين على تغطية وجوه النساء الذي حكاه إمام الحرمين إنما هو شيء يلزم الإمام الناس به للمصلحة اجتهادا فى درء المفاسد لا لموجب شرعي أصيل , فلا ينافي الإجماع على أصل الجواز الذي نقله القاضي عياض وأقره عليه النووي. (انظر أسنى المطالب للأنصاري ونهاية المحتاج للرملي)
محمد رفقى
08-12-2015, 08:59 PM
انتهى موضوع لباس المرأة المسلمة وزينتها
وأرجو أن ينفع كل من قرأه
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions Inc. All rights reserved.