المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل تكون عبادة بدون نية



امـ حمد
11-11-2015, 02:48 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل تكون عبادة بدون نية
معنى النيَّة،وهو عزم القلب على الشيءِ،والوجه الذي تُريده وتنويه،وقصد الطاعة،والتقرب إلى الله تعالى،في إيجاد الفعل،
محل النيَّة، قال ابن تيمية،أن القلب محل النيَّة وموضعها،وجعلوا ذلك شرطاً في النيَّة،
وقال ابن قُدامة،ومحلُّ النيَّة القلب،إذ هي عبارةٌ عن القصد، ومحلُّ القصد القلب،
وسبب كونها في القلب في جميع العبادات،أنَّ النيَّة الإخلاص، ولا يكون الإخلاصُ إلاَّ بالقلب،وابتغاءً لوجه الله،وامتثالاً لحكمه،كل عبادة لا بد لها من نية،وهي أن يعملها العبد ينوي بها وجه الله،قال النووي رحمه الله،إن الأعمال تحسب بِنية,ولا تحسب إذا كانت بلا نية،وفيه دليل على أن الطهارة وهي الوضوء والغسل والتيمم لا تصح إلا بالنية,وكذلك الصلاة والزكاة والصوم والحج والاعتكاف وسائر العبادات،
وبهذا يتبين أن جميع العبادات لا تصح،إلا بنية خالصة لله ،
كما قال تعالى( فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )الكهف،
ابن القيم رحمه الله،فهذا هو العمل المقبول الذي لا يقبل الله من الأعمال سواه،وهو أن يكون موافقاً لسنة رسول الله مراداً به وجه الله،
أن الأعمال مرتبطة بمقاصدها،وأن النية معيار لصحة الأعمال، ولا تصح العبادة إلا بها،والمكلف مأمور بإخلاص العمل لله وحده، وترك الرياء،وأن يكون عمله وفق ما أراد الله تعالى منه،
فالحكم في العبادات كونها لا تكون صحيحة إلا بالنية، ومحل النية القلب،أي،أنه لا يطلع عليها إلا الله وحده،ومن ثم لا يمكن لأي مخلوق أن يحكم على العبادة بأنها مقبولة أو غير مقبوله،
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم،يقبل من الناس ظواهرهم ويوكل نواياهم إلى الله تعالى،
القصد في العبادات،النية فلا تصح العبادة إلا بها،لأن المكلف بعبادة الله تعالى،ملزم بأن يجعل عبادته خالصة لله، قال تعالى(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)
النية لازمة في العبادات فلا تصح إلا بها مثل،
النية في الوضوء،
النية عند تكبيرة الإحرام في الصلاة
النية في الزكاة،هي نوع من العبادات، فلا تصح إلا بالنية،
إنها النية،ذلك الفعل القلبي،الذي لا يراه أحد إلاَّ الله،سبحانه وتعالى،التي بمقتضاها يكون الجزاء،إما ثواب، وإما عقاب، إنها النيَّة، التي نغفل عنها في تعبدنا وسائر أعمالنا، فلعلنا نخسر كثيراً مِن ثواب أعمالنا،بسبب أننا لا نستحضر نيتنا حين الفعل،فنؤدي بآلية،تفتقد إلى الخشوع، وتَفتقر إلى الروح الإيمانية،فنُلقي بأعمالنا إلى خواء،
ونضيعها ونحن لا نشعر،
ويدل عليه حديث(إنما الأعمال بالنيات)أي،كل عبادة لا تصح إلا بالنية،هكذا قال رسول الله،صلَّى الله عليه وسلَّم،ليعلمنا أن النية هي الحد الفاصل بين العمل الخالص لوجه الله،تعالى،وبين العمل الذي يُقصد به غير الله،تعالى،
ولكل عمل باطنٍ، قصد، نيَّة،وبحسبه يكون الجزاءُ من الله،عزَّ وجل،ومُستقَر هذا الباطن هو القلب، تلك المُضغة التي إذا صَلحَت صَلَح سائرُ الجسد، وإذا فسدت فسد، فالنيَّة هي رُوح العمل، وهي الموجِّهة له،وبإخلاصها لله،تعالى،يكون الفوز بالجِنان،بإذن الله تعالى،وبصرفها إلى غير وجهه الكريم،سبحانه،نكون قد أخذنا بأنفسنا إلى درك العذاب،والعياذ بالله،
أصلح نيتك،وأخلصها لله،سبحانه،وألاَّ تغفل عن النية في كل عمل من أعمالك،سواء كان عملاً تعبديّاً خالصاً أم عملاً مباحاً، ترجو بفعله ثوابَ الله، كأن يكونَ وسيلة مباحة إلى طاعة أو قُربة، وأُذكِّر بأنَّه بصلاح الباطن يصلح الظاهر،وبصلاحهما يصلُح العمل، وبصلاحه يكون رضا الله،عزَّ وجل،وبرضاه،جلَّ وعلا،تحسن الخاتمة،بإذن الله،وبحسن الخاتمة يكون الفوزُ بنعيم الآخرة، بمشيئته،سبحانه،ومصاحبة الأنبياء والصدِّيقين والشُّهداء،وحسُن أولئك رفيقاً،
ومِعيار ضبط الأعمال الشرعيَّة من عبادات،وهي سبب الثَّواب الأُخروي على العمل، فإمَّا أن تكون سببًا للثَّواب والظفر بجِنان الخُلد، كنية الجهاد،وحب المؤمنين،وصفاء القلب وإمَّا أن تكون سببًا للعقاب،كالحقد والحسد والبغضاء،أو الرياء والشهرة والسمعة، فمَن حسُنت نيته وصلحَت سريرته، حاز الفضل والفوز، والخير في الدنيا والآخرة،ومن ساءت نيَّتُه وفسدت سريرتُه،باءَ بالخُسران والسُّوء،والخذلان في الدنيا والآخرة،
يقول ابن عُثيمين،رحمه الله،والنيَّة نيَّتان،
الأولى، نيَّة العمل،أنَّها هي المصحِّحة للعمل،
مثال،عند إرادة الإنسان الغُسل ينوي الغُسل،فهذه نيَّة العمل،لكن إذا نوى الغُسل تقرُّبًا إلى الله،تعالى،وطاعةً له،فهذه نيَّة المعمول له،أي،قصد وجهه،سبحانه وتعالى،
الثانية، نيَّة المعمول له، وهذه يتكلَّم عليها أهل التَّوحيد،لأنَّها تتعلَّق بالإخلاص،ولهذا يقول الله تعالى(ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ)الرعد،
أهمية النيَّة، إنَّ جميع الأعمال المأمور بها هي مفتقرة إلى نيةٍ تَصحبها، مِن وجوب القصد إلى الله،تعالى،والإخلاص له بالعمل، فمتى قصد المرءُ إلى إبطالِ تلك النيَّة فقد بَطَل ذلك العمل،
وقال ابن القيم،رحمه الله،فإنَّ القُرباتِ كلَّها مبناها على النِّيَّات، ولا يكون الفعل عبادةً إلاَّ بالنيَّة والقصد،
فالنية روح العمل ولبه وقوامه،لا يصح إلاَّ بها،روى البخاري،ومسلم،عن عمر بن الخطاب رضي اللَه عنه قال، سمعت رسول اللَه صلى اللَه عليه وسلم،يقول(إنما الأعمال بالنيات ،وإنما لكل امرئٍ ما نوى )
فبيَّن في الجملةِ الأُولى أنَّ العمل لا يقع إلاَّ بالنيَّة، ولهذا لا يكون عملٌ إلاَّ بنيَّة، ثم بيَّن في الجملة الثَّانية أنَّ العامل ليس له مِن عمله إلاَّ ما نواه، وهذا يَعمُّ العباداتِ والمعاملات،
نية مستحبة لتحصيل الأجر والثواب، وهذه التي يغفل عنها بعض الناس ، وهي استحضار النية في المباحات ، لتكون طاعاتٍ وقربات ، كأن يأكل ويشرب وينام بنية التقوي على الطاعة،
وقال معاذ رضي الله عنه (أما أنا فأنام وأقوم فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي) رواه البخارين
فكان رضي الله عنه يحتسب الأجر في النوم ، كما يحتسبه في قيام الليل،لأنه أراد بالنوم التقوّي على العبادة والطاعة،
قال الحافظ ابن حجر في الفتح،ومعناه أنه يطلب الثواب في الراحة كما يطلبه في التعب،لأن الراحة إذا قصد بها الإعانة على العبادة حصلت الثواب،
اللهم اجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم، وتقبل منا صالح اعمالنا وتجاوز عن سيئاتنا انك انت الغفور الرحيم،ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم.

الحسيمqtr
11-11-2015, 07:47 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
12-11-2015, 12:14 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس