المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من شؤم المعاصي أنها تجر بعضها بعضاً



امـ حمد
03-12-2015, 05:44 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من شؤم المعاصي أنها تجر بعضها بعضاً
كل معصيةٍ تجرُّ إلى أختها، وكل انحرافٍ يجر إلى انحرافٍ أكبر، فالمعاصي،كما قال بعض العلماء،تزرع أمثالها،ويولِّد بعضها بعضاً حتى يعز على العبد مفارقتها،والخروج منها،
كما قال بعض السلف،إن عقوبة السيئة سيئةٌ بعدها، وإن من ثواب الحسنةِ الحسنةَ بعدها،
العبد إذا عمل حسنةً،قالت أخرى،اعملني أيضاً،عندئذٍ يتضاعف الربح، وتتزايد الحسنات،
وقد قال بعض العلماء المعاصرين،إن طبيعة الإنسان طبيعة حركية - فكل شيءٍ يبدأ به يجره إلى أمثاله، فالسيئة تجرُّ إلى سيئة أكبر، والحسنة تجرُّ إلى حسنةٍ أكبر،هذا المعنى ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،عندما سأله أبو ذرٍ رضي الله عنه(يا رسول الله ماذا ينجي العبد من النار،قال،إيمانٌ بالله،قال،مع الإيمان عمل يا رسول الله،قال،يعطي مما أعطاه الله، قال،يا رسول الله أرأيت إن كان فقيراً لا يجد ما يعطي،قال،يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر،قال،يا رسول الله أرأيت إن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف ولا أن ينهى عن المنكر،قال،يعين الأخرق،قلت،يا رسول الله أرأيت إن كان أخرقَ لا يستطيع أن يفعل شيئاً،قال،يُعين مظلوماً، قال،أرأيت إن كان ضعيفاً لا يستطيع أن يعين مظلوماً، قال،أما تريد أن تترك لصاحبك من خير، ليمسكْ أذاه عن الناس، قلت،يا رسول الله أو إن فعل هذا دخل الجنة،فقال عليه الصلاة والسلام،ما من مسلم يفعل خَصْلَةً من هذه الخصال،إلا أخذت بيده حتى تدخله الجنة)رواه مسلم،
هذا المعنى أن كل حسنةٍ تجر إلى أختها،وكل طاعةٍ تدفعك إلى طاعةٍ أكبر،وكل عملٍ صالحٍ يَحْفِزك إلى عملٍ صالحٍ أكبر، وبالمقابل كل سيئةٍ تجر إلى سيئةٍ أكبر،إذا تساهلت في البدايات وصلت إلى النهايات، كأن الشهوة صخرةٌ متمكنة في قمة جبل، فإذا دفعتها، لا تستقر إلا في قعر الوادي، الإنسان يحاسب أحياناً لا على النهايات بل على البدايات، لذلك قال تعالى﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾سورة البقرة،
أن الذي يرتكب المعصية تضعف عنده إرادة الخير،فمن أخوف أخطار المعصية أنها تضعف إرادة التوبة، الإنسان حينما يفعل معصية، يتمنَّى أن يتوب، فإذا فعلها ثانيةً، تضعف إرادة التوبة، فإذا فعلها ثالثةً، يشتدُّ ضعف رغبته في التوبة، فإذا استمرأها وثبت عليها، أورثه ذلك نفاقاً في قلبه إلى يوم يلقى الله عزَّ وجل، لذلك قال تعالى﴿ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ ﴾النساء،
أي يتوبُ عقب الذنب مباشرة،لأنه لو طال عليه الأمد، قسا قلبه، وبَعُدَ عن التوبة بعد الأرض عن السماء،
أن الإنسان حينما يفعل المعصية يألفها، بعد حين تصير له عادة، فلا يستقبح من نفسه رؤية الناس له على هذه المعصية، ولا كلامهم فيه، وهذا واضحٌ جداً عند أرباب الفسوق،وهذا ما يسمى،بالتهتك ،أي أن يفتخر بالمعصية، ويحدِّث بها من لم يعلم أنه عملها، فيقول،يا فلان عملتُ كذا وكذا،
وقد قال عليه الصلاة والسلام(كل أمتي معافى إلا المجاهرون،وإن من المجاهرةِ أن يستر الله العبد ثم يصبح فيفضح نفسه ويقول،يا فلان عملت اليوم كذا وكذا، فيكشف ستر الله عز َّوجل عنه)رواه مسلم،
والمعصية تورث الذُل، فإن العِزَّ كلَّه في طاعة الله عزَّ وجل، والذل كله في معصيته تعالى(سبحانك إنه لا يذل من واليت ولا يعزُّ من عاديت )
ومن دعاء بعض السلف(اللهمَّ أعزني بطاعتك، ولا تذلني بمعصيتك)
رأيت الذنوب تميت القلوب وقـد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب وخيرٌ لنفسـك عصيانها
ثم إن الذنوب تطبع على القلب، إن الذنوب إذا تكاثرت طبع على قلب صاحبها فكان من الغافلين، قال تعالى﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾المطففين،
والرَّين،هو الذنب بعد الذنب،
وقال الحسن،هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب،ولمَّا كثرت ذنوبهم ومعاصيهم أحاطت بقلوبهم، وأصل هذا القلب يصدأ من المعصية، فإذا زادت غلب الصدأ حتى يصيرَ راناً، ثم يغلِب حتى يصير طبعاً، وقفلاً، وختماً، فيصير القلب في غشاوةٍ وغلاف، فإذا حصل له ذلك بعد الهُدى والبصيرة انعكس فصار أعلاه أسفله، فحينئذٍ يتولاه عدوه، ويسوقه إلى حيث أراد،
أن الإنسان إذا ستر على نفسه ستر الله عز وجل عليه، وإذا فضح الإنسان نفسه فإنه يستحق ما يحدث له،
ويلزم على المسلم أن يستر على المسلمين، وأن يحذر من غضب الله عز وجل أن يفضح إنساناً فيفضحه الله سبحانه،
ويحذر المسلم من أن يظل يعير صاحب المعصية،ألست الذي كنت تسرق كذا، فإنه كلما قلت له هكذا يرجع في قلبه ما كان عليه في الماضي،فلا تذكر صاحب معصية بمعصيته أبداً، وإلا فكأنك تدفعه مرة ثانية أن يرجع لهذه المعصية،وصاحب المعصية قد يحن إلى معصيته إذا وجد من يشجعه عليها،
فاتق الله سبحانه وتعالى في الناس، وإذا تاب إنسان فلا تذكره بمعصيته أبداً،
اللهم إنا نسألك أن تتوبَ علينا، وأن ترحمنا،وتغفر لنا،وتسترنا بسترك الجميل في الدنيا والآخرة، وأن تصفح عنا الصفح الجزيل،
اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العَرض عليك ,واسترنا بسترك الجميل,اللهم لا تبتلينا فنفتضح، اللهم آميـن.

الحسيمqtr
04-12-2015, 11:53 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
04-12-2015, 04:23 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس