المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دول الخليج أمام فرصة الإفادة من الطفرة الحالية بشكل أفضل من طفرات السبعينات والثمانين



العبيـدلي
13-09-2006, 07:51 AM
ستاندرد أندبورز: ارتفاع أسعار النفط يوفر فرصا أفضل لإجراء الإصلاحات

دول الخليج أمام فرصة الإفادة من الطفرة الحالية بشكل أفضل من طفرات السبعينات والثمانينات

http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/13-9-2006//201776_39.jpg

13/09/2006 كتب محمود عبدالرزاق:

ظل الاقتصاد العالمي يواصل نموه المطرد بسرعة قياسية وغير مسبوقة على مدى السنوات الثلاث الماضية، مستمدا جانبا من الزخم الذي احتاجه لهذا العنفوان من النمو الذي تسارع من دون هوادة في اقتصادات الاسواق الناشئة مثل الصين والهند. وبالرغم من كفاءة الطاقة المتزايدة في الاقتصادات المتقدمة، فانه يتوقع ان يكون هذا الازدهار قد تمخض عن ارتفاع كبير في الطلب على النفط، الامر الذي يوجد ضغوطا على امدادات النفط العالمية المتوفرة. ومع ان الدول المنتجة للنفط تبذل قصارى جهودها لزيادة طاقتها الانتاجية، فإن العرض ظل قاصرا عن بلوغ مستوى الطلب، وبقيت اسعار النفط تواصل ارتفاعها.

اما المخاطر الجيوسياسية التي تؤثر في الدول المصدرة الرئيسية للنفط، من انعدام حالة اليقين السياسية في فنزويلا وروسيا الى الاضطرابات التي تتسم بالعنف في نيجيريا، وتصاعد التوترات في الشرق الاوسط، فقد ادت الى زيادة المزيد من علاوة المخاطر. ومع ان اسعار النفط المرتفعة قد اثرت بشكل عكسي على الدول التي تعتبر مستوردا صافيا للنفط ـ وان كان هذا التاثير بدرجات مختلفة ـ فان المصدرين الصافين للنفط هم الذين جنوا ثمار هذه الارتفاعات في الاسعار. ومن بين هؤلاء الدول الست التي تشكل مجلس التعاون الخليجي.

وبصورة تقليدية، تعتبر دول مجلس التعاون الخليجي ذات اقتصادات نفطية، وقد اصبحت في مجملها اكثر ثراء وازدهارا مما كانت عليه في اي وقت مضى نتيجة للطفرة الاخيرة في اسعار النفط الخام التي طرات خلال السنوات الثلاث الاخيرة. على ان شركة ستاندرد اند بورز تشير الى ان السلطات في الدول المذكورة لم تستجب للازدهار النفطي والفوائض التي ولدتها اسعار النفط المرتفعة، وذلك نظرا لميلها الى تشتيت هذه الاموال وانفاقها في اوجه غير منتجة، وذلك على غرار ما كانت عليه الحال في حالات ارتفاع الاسعار النفطية السابقة خلال السبعينات والتسعينات من القرن الماضي. ومع ذلك فانه ما زال غير واضح ما اذا كانت الثروات النفطية ستعتبر نوافذ او فرصا يمكن من خلالها مخاطبة او المضي في الاصلاحات الهيكلية، او ما اذا كانت ستعالج الاوضاع العاجلة التي تجعل من اجراء مثل تلك الاصلاحات امرا ملحا وطارئا، وبالتالي تؤدي الى شيء من الشعور بالرضا. وحتى الان تبدو الدلائل بصورة عامة ايجابية، غير ان دولا معينة في مجلس التعاون الخليجي وجدت ان من الافضل ان تتوجه للتعامل مع الفرص الذهبية الماثلة وتستوعبها بصورة اكثر ديناميكية من الدول الاخرى.

الخصائص الهيكلية الرئيسية المميزة
لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي
أهمية النفط
يمكن القول ان اكثر من 40% من المخزونات النفطية العالمية المؤكدة تقبع تحت دول مجلس التعاون الخليجي، التي تساهم مجتمعة بما نسبته 22% من اجمالي انتاج النفط الخام الاجنبي.ويقع معظم هذا التركز في ثلاث دول اكبرها المملكة العربية السعودية، الدولة الاهم في العالم من حيث انتاج النفط اما الدولتان الاخريان فهما الكويت والامارات العربية المتحدة، وتتركز الاحتياطيات النفطية والانتاج بصورة رئيسية بالنسبة للاخيرة في امارة ابو ظبي.

وتعتمد دول مجلس التعاون الخليجي بصورة كبيرة على انتاج النفط لاستمرار دوران عجلة الازدهار الاقتصادي لديها - ويساهم القطاع النفطي في المتوسط بما نسبته 43% من الناتج المحلي الاجمالي لدول المجلس، و80% من الصادرات. ويتباين هذا الاعتماد من دولة الى اخرى. ففي قطر، يعتبر انتاج النفط قليلا نسبيا، وعاملا ذا تاثير متضائل في الاقتصاد، على ان ذلك يمثل قناعا على الاعتماد المستمر للدولة على صناعة الغاز الاوسع نطاقا. اذ ان قطر تعالج ما نسبته 14% من الاحتياطيات المؤكدة من الغاز في العالم، كما ان الاستثمارات الضخمة التي تم ضخها في هذه الصناعة اثمرت زيادات هائلة في احجام انتاج الغاز الطبيعي المسال وتصديره خلال السنوات القليلة الماضية. كما ان البحرين ذات مصادر محدودة في حقل الوالي على شاطئها، (يبلغ متوسط الانتاج 35 الف برميل يوميا). ولكن هذا الانتاج يتعزز باتفاقية المشاركة الموقعة مع المملكة العربية السعودية، والتي تعطي البحرين نصف انتاج حقل نفط ابو سعفا، وبما يعادل 150 الف برميل يوميا. ومع ذلك فان انتاج البحرين ما زال لا يتعدى 1.5% من انتاج السعودية، كما انه يشكل نسبة ضئيلة نسبيا في الناتج المحلي الاجمالي للبحرين.

واخيرا، فان انتاج عمان كان آخذا في التناقص في الوقت الذي تزداد فيه صعوبة استخراج احتياطياتها النفطية ويصبح انتاجها اكثر تكلفة. وبالرغم من البرنامج المكثف والواسع لتعزيز انتاج النفط، فان صادرات عمان من النفط الخام استمرت في التراجع (بالرغم من ان هذا التراجع تقابله زيادة في مستويات الانتاج الكثيف).

ان اعتماد حكومات مجلس التعاون الخليجي على ايرادات النفط يعتمد مطلقا، فعمليات الاستكشاف والانتاج في هذه الدول مملوكة للدولة في الاعم الاغلب، كما ان مداخيل مبيعات النفط تؤول الى خزينة الدولة. اما مصادر الدخل الاخرى فهي محدودة وتتمثل في الضريبة على دخل الافراد، وضريبة القيمة المضافة ولكنها غير قائمة بصورة رسمية، ثم هناك ضريبة دخل الشركات، وهي امر نادر. ونتيجة لذلك فان الايرادات النفطية تهيمن على ايرادات القطاع العام بصورة كبرى.

أهمية الدولة
ان الحقيقة القائلة ان معظم دخل هذه الدول وثرواتها يذهب الى الحكومة تقودنا الى حالة اخرى من الخصوصية او الغرابة تنطبق على معظم دول مجلس التعاون الخليجي الا وهي التأثير العارم والمهيمن للدولة على الاقتصاد الشامل في الدولة. وتعرض هذه الحالة نفسها بصورتين بالغتي الاهمية، الاولى ان القطاع الحكومي هو المسؤول مباشرة عما يبلغ في المتوسط 34% من المصروفات في دول المجلس، الامر الذي يجعل النمو الاقتصادي رهنا بالسياسة المالية ومعتمدا عليها. اما الصورة الثانية فهي ان الحكومة تعتبر اكبر رب عمل او مستخدم (بكسر الدال) للقوى العاملة المحلية في الدول الآنفة الذكر.

وكانت سياسة الحكومات الفعالة التي تضمن الوظائف ذات المردود المادي المرتفع، وضمان الاستمرار في الوظيفة لجميع المواطنين قد تمخضت على مدى السنين عن ادارات قطاع عام منتفخة ومترهلة وقليلة الكفاءة. وربما كانت هذه السياسات مستديمة وراسخة في الايام الاولى لحصول تلك الدول على استقلالها، حيث كان الطلب عندئذ على المصادر البشرية للعمل في القطاعات الحكومية قويا. على انه كانت في ذلك الوقت قلة من المراكز والمناصب الحقيقية المنتجة التي تعتبر شاغرة في القطاع العام، على ان التعيين في هذا القطاع اخذ يتناقص تدريجيا ولكن بصورة كبيرة. ولما كان 54% من تعداد سكان دول مجلس التعاون الخليجي هم دون الخامسة والعشرين من العمر، فان الاتجاهات الديموغرافية تخلق واقعا يضم شريحة واسعة من التجمع الشبابي الحديثي التخرج الذين وجدوا ابواب الوظائف الحكومية موصدة في وجوههم، وهؤلاء قد لا يستطيعون الحصول على وظيفة في القطاع الخاص حينا، ولكنهم لا يرغبون في الحصول عليها احيانا اخرى.

ان القطاع الخاص، بالرغم من انه صغير نسبيا، فانه يعتبر مع ذلك مستخدما بالغ الاهمية في دول مجلس التعاون الخليجي. على ان سوقا مزدوجة او ثنائية للقوى العاملة في المنطقة قد تطورت، حيث تم استيعاب العمالة المحلية فيها من قبل القطاع العام في حين يعتمد القطاع الخاص على العمالة الاجنبية. وبالفعل، فان 37% من اجمالي سكان مجلس التعاون الخليجي مكون من العمالة الوافدة. ومع ان جانبا من هذه العمالة من الموظفين العاملين في المكاتب الذين لديهم قدر واف من التعليم ويتقاضون رواتب مجزية، فإن الاغلبية الساحقة من هؤلاء تتمثل في العمال ذوي الاعمال المتدنية والرواتب القليلة، ومعظمهم من جنوب اسيا. ان القوانين غير المنصفة التي لا توفر الحماية اللازمة، فضلا عن الممارسات التي تتم في حق هؤلاء العمال احيانا كانت بمنزلة الدليل على ان الظروف العمالية التي يعملون في ظلها كئيبة وشديدة القسوة، مع ان النظام وفر مصادر رخيصة ويعتمد عليها للحصول على العمالة التي يحتاجها القطاع الخاص. ولهذا السبب فان القطاع الخاص لا يمثل بالنسبة للأوائل من مجلس التعاون الخليجي، وفي احيان كثيرة بالنسبة للعاطلين عن العمل، بديلا جذابا للحصول على وظيفة في القطاع الحكومي.

وقد تعزز هذا التوجه من خلال القيم التقليدية التي تقوم على رعاية الاسر للعاطلين عن العمل من ابنائها. وتطبق دول مجلس التعاون الخليجي اجراءات لمعالجة هذا التحدي الهيكلي لديها.

وضع الأزمة الاقتصادية الحالية
كان لاسعارالنفط المرتفعة اثر ايجابي على الاداء المالي والاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي الآنفة الذكر. وبالفعل فقد ساعدت الفورة النفطية على تقوية كل المؤشرات الاقتصادية الرئيسية في الدول الست الاعضاء في المجلس. وقد كان نمو الناتج المحلي الاجمالي قويا ومن المتوقع ان يبلغ في المتوسط 6.7% في عام .2006 ويعكس هذا زيادة في الطاقة الانتاجية لمعظم دول مجلس التعاون في الوقت الذي تبذل فيه قصارى جهودها لرفع طاقتها بهدف مواجهة الطلب العالمي المتعاظم على النفط الخام. على انه يعكس ايضا نموا قويا في القطاعات غير النفطية، حيث ان الازدهار والرخاء الاقتصادي في عموم دول المنطقة يخلق اثارا محفزة على الطلب والاستثمارات.

وحققت المراكز الاجنبية لدول المجلس تحسنا ملحوظا هي الاخرى مستفيدة من الازدهار النفطي الاخير. وقد سجلت الفوائض في الحسابات الجارية نموا قويا، وعلى الاخص في الدول ذات الانتاج العالي من النفط. وقد تم توجيه هذه الايرادات الضخمة من العملات الاجنبية بصورة رئيسية نحو تعزيز الاحتياطيات الاجنبية، سواء من خلال ممتلكات مباشرة في البنوك المركزية او من خلال القنوات الاستثمارية الاجنبية المختلفة، مثل تلك التي تديرها الهيئة العامة للاستثمار الكويتية، او هيئة ابوظبي للاستثمار. ونتيجة لذلك فان مراكز دول مجلس التعاون الخليجي كمقرض صاف مقابل بقية دول العالم اخذت تنمو وتتعزز بسرعة على مدى السنوات الثلاث الماضية، لتصل الى احجام ومستويات هائلة.

وهكذا فان النتائج المالية استمدت زخما قويا من تدفق الايرادات النفطية الضخمة. اما الزيادة في المصروفات المجمعة لدول مجلس التعاون الخليجي فقد كانت محدودة مقارنة مع نمو الايرادات، وظلت متركزة بصورة رئيسية على المصاريف الرأسمالية. وبالفعل فان التمييز الاساسي والرئيسي بين الطفرة النفطية الحالية وبين الطفرات التي شهدتها المنطقة في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، اصبح يشكل عنصر الادارة الحصيف والمتعقل للثروات النفية خلال الطفرات السابقة.
وهذا الامر يعكس تحسنا في السياسات المالية والادارات الاقتصادية فضلا عن التعرض لضغوطات اقل بخصوص المصروفات الحكومية، حيث تناقصت الاحتياجات للبنية التحتية والاجتماعية على مدى السنين.ونتيجة لذلك فقد حققت دول المجلس فوائض ضخمة على الاطلاق في ميزانياتها، وعلى الاخص بالنسبة للدول الاكثر انتاجا من النفط.

http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/13-9-2006//201776_39-3.jpg


http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/13-9-2006//201776_39-2.jpg