المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترشيد رواتب القطريين يستدعي ترشيد رواتب الوافدين



الوسيط العقاري
31-01-2016, 12:54 AM
ترشيد رواتب القطريين يستدعي ترشيد رواتب الوافدين
( د. ربيعة بن صباح الكواري )

الثلاثاء 19-01-2016 02:20

انخفاض برميل النفط تحت سعر الثلاثين دولارا كان متوقعا، والبعض يتوقع ان يكون الهبوط الى ادنى من ذلك بكثير ان لم يصل الى العشرين دولارا او اقل من ذلك (15 — 19) وهو ما ينذر بكارثة وأزمة مالية عالمية جديدة ستجتاح دول العالم، وهذا الامر ستكون تداعياته على دول الخليج سيئة للغاية اذا لم نضع البدائل له من الان، حيث يتوقع تدني اسواق العقارات وهبوطها الى ادنى الاسعار بعد النفط، بجانب إنهاء خدمات الملايين من الاجانب والوافدين في كل دول الخليج بدون استثناء، وقد بدأ تقليص النفقات وفرض بعض الرسوم على الخدمات، ولا ندري ما هو شكل السيناريو القادم للتعامل مع هذا التقشف..
ولذا فان اهم القرارات التي يجب التعامل معها بحسم في هذه الظروف المالية العصيبة، تكمن في التفكير جديا في ايجاد البديل لتعويض خزينة الدولة بالأموال التي تحتاجها في هذا التوقيت.
* النفط يهبط إلى حد الخطر
ان تدني اسعار النفط الى حد الخطر يتطلب اتخاذ القرار الشجاع والمناسب لتلافي هذه الازمة العالمية، وهي بلا شك ازمة مالية وكارثية كبرى تتطلب التعامل معها بروية وتأنٍ، لتخفيض المصروفات وحفظ المال العام من تبذيره على من لا يستحق في مثل هذه الظروف الصعبة!. ولاشك ان دور "وزارة الاقتصاد والتجارة" سيكون مطلوبا في مثل هذه اللحظات التي سيتجرع آلامها المواطن في المقام الاول، عندما تشتعل الاسعار وترتفع دون رقيب او رادع من قبل الجهات المسئولة، ومنها بخاصة "ادارة حماية المستهلك"، حيث سترتفع اسعار السلع الغذائية والتموينية والمستلزمات ومواد البناء ونحوها لصالح التجار واصحاب المولات والمجمعات التجارية.

** تقليل توظيف الوافدين بقرار مدروس
لعل استقدام وتوظيف الوافدين بهذه الكثافة غير المدروسة في دولة قطر خلال السنوات الماضية، جعل بلدنا ملاذا آمنا للمهاجرين الذين يبحثون عن وظائف دون دفع اية ضرائب، وحلت مع تدفقهم بالملايين الاختناقات المرورية وزحمة الشوارع التي غدت خارج السيطرة، وقد كتبنا عن هذه المشكلة اكثر من مرة، ويبدو ان الحاجة اصبحت اليوم ماسة لإعادة الكتابة حول هذا الموضوع الذي اصبح يؤرق الجميع، بسبب الزيادة في أعداد الاجانب الذين يتم توظيفهم بصورة غير مقبولة وغير منطقية، رغم ان انخفاض اسعار النفط بدأ ينذر بمخاطر كبيرة على ميزانية الدولة، وينذر كذلك بالتأثير بشكل مباشر على التركيبة السكانية، ومن ثم يؤثر على الهوية الوطنية التي تنشدها الدولة منذ سنة 2008 تحت مظلة رؤية قطر الوطنية 2030. وللعلم فإن انتشار ظاهرة الفساد والرشاوى لا يتفاقم في اي مجتمع من المجتمعات الا من خلال وجود هؤلاء الموظفين الذين يعينون اقاربهم في نفس المؤسسة دون رقابة، ولذلك قد ينصدم البعض بتعيين بعض الاحياء احيانا بأكملها التي جاءت من الخارج للعمل في قطر بشكل مدروس ومدفوع له الرشاوى، بهدف الهجرة لتكوين الثروة التي يحلمون بها بكل أسف في ظل التساهل في قوانين الهجرة والتوظيف!.
* تقليص الهجرة إلى قطر مؤقتا
لعل من القرارات التي يجب ان يتعامل معها اصحاب القرار في الدولة خلال هذه الايام، هو منع الهجرة بغرض العمل في دولة قطر في ظل ظروف التقشف، لأن الهجرة في ازدياد مستمر وأعدادهم لا تقل ابدا وهذه الزيادة يجب ان يقابلها عدم توفير تأشيرات الدخول لهم سواء كانت التأشيرة بغرض الزيارة او بغرض البحث عن وظيفة، ومطلوب من الجهات الامنية على وجه الخصوص متابعة هذا الملف ومنع التلاعب بالوظائف ومنحها للمواطنين قبل غيرهم. وهذا الشيء يتطلب السماح لعمالة البناء فقط التي تخص منشآت كاس العالم 2022 م وتسهيل مهمتهم، بينما يتوجب على الدولة عدم فتح باب الهجرة على مصراعيه دون حسيب او رقيب لجميع الوافدين، لان ذلك يرهق ميزانية الدولة كثيرا ويسهم في عجز البنية التحتية وتعريضها الى المزيد من المصروفات والخسائر المادية التي لا يستفيد منها الا الموظف الأجنبي والوافد بكل تأكيد..

* تقليص التوظيف في الصحة والبنوك ومؤسسة قطر
والأمر المهم في المسالة ان اغلب الاجانب الذين يعملون في بعض مؤسسات وقطاعات الدولة ومنها القطاع الصحي — على سبيل المثال لا الحصر — يوفر لهم الرواتب العالية والسخية. ولو تم انهاء خدمات بعض هؤلاء الاجانب من الخبراء والمستشارين برواتبهم العالية لوفرت الدولة الملايين من الريالات سنويا. حيث ما زال الاجنبي يتربع على العرش في قطاع الصحة وبخاصة الوظائف العليا من مديرين تنفيذيين ومساعديهم، بل ويتوسعون اكثر فاكثر رغم ان الكثير منهم تعدى سن الستين وهو ما لا يمنح للموظف القطري في الدولة، كما ان الاجانب في قطاع الصحة استغلوا هذا الشيء لصالحهم من خلال الوثوق، بهم حيث اصبحوا يطلعون على الموازنات ويديرونها على نطاق واسع بهدف جلب اصحابهم ومنحهم الوظائف العليا واستقطاب الشركات من الخارج لصالحهم لمساندتهم، بينما الصواب ان تحتل هذه الوظائف والمناصب العليا من قبل القطريين والكوادر المدربة بدلا عنهم.. والشيء نفسه يقال عن "مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع" التي نتمنى الالتفات اليها من خلال التزام المؤسسة بفرض التقطير مع تقليص الموظفين الاجانب فيها بشكل يوفر على الدولة مليارات الريالات خلال السنوات القليلة المقبلة، اذا احسنا التخطيط في تحقيق رسالتها المتمثلة في ثلاثة مجالات رئيسية تتضمن التعليم، والعلوم والبحوث، وتنمية المجتمع. وكذلك بالنسبة للبنوك والمصارف التي يختفي فيها الموظف المواطن بسبب غياب تطبيق التقطير وتطفيش القطريين!!.

* ما يجري على المواطن يجري على الوافد
خلال الايام الماضية بدأ شكل التقشف المالي يأخذ طريقه الى التنفيذ، ومن تلك القرارات ايقاف بعض العلاوات التشجيعية والمكافآت والعمل الاضافي والبدلات الاخرى مثل بدل الهاتف واقتطاعه من الراتب الشهري للقطريين بشكل خاص، وهذه البداية تشير اشارة واضحة الى "شد الأحزمة" لتوفير الكثير من المصروفات لصالح خزينة الدولة تلافيا لأي عجز متوقع خلال المرحلة الحالية بسبب تدني اسعار النفط. وما نتمناه هو اتخاذ نفس الاجراء تجاه الموظف الوافد، فما يجري على الموظف المواطن بجل ان يجري على غيره ايضا.. فرؤية قطر الوطنية 2030 ما تزال بعيدة كل البعد عن التطبيق وبخاصة فيما يتعلق بالتنمية البشرية الحقيقية وفرض التقطير في التوظيف، حيث يتطلب من الجهات العليا في الدولة اليوم عدم توظيف الوافدين من الخارج بهذه الكثافة حتى لا تتفاقم الصعوبات المالية التي لا تحمد عقباها.

** كلمة أخيرة:
على رأي الفنان المصري المبدع سيّد درويش في أغنيته الشهيرة: "شد الحزام على وسطك غيره ما يفيدك.. لابد من يوم برضه ويعدّلها سيدك".