امـ حمد
18-02-2016, 02:59 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاصطفاء والاختيار
الله جل وعلا هو المنفرد بالخلق والاختيار من المخلوقات،
قال الله تعالى(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ)القصص،
فكما أنه سبحانه المتفرد بالخلق،فهو المتفرد بالاختيار،فليس لأحد أن يخلق ولا أن يختار سواه، فإنه سبحانه أعلم بمواقع اختياره ومحال رضاه، وما يصلح للاختيار مما لا يصلح له،
وحينما يتأمل المرء أحوال الخلق يرى هذا الاختيار والتخصيص الدال على ربوبيته جل وعلا، ووحدانيته وكمال حكمته وعلمه وقدرته، وأنه الله الذي لا إله إلا هو فلا شريك له يخلق كخلقه ويختار كاختياره ويدبر كتدبيره،فخلق سبحانه السماوات سبعاً، فاختار العليا منها مستقر المقربين من ملائكته،واختصها بالقرب من كرسيه ومن عرشه وأسكنها من شاء من خلقه،
ومن تفضيله جل وعلا جنة الفردوس على سائر الجنان وتخصيصها بأن جعل عرشه سقفها،
ومن هذا اختياره من الملائكة المصطفين كجبريل وميكائيل وإسرافيل،
وكذلك اختياره سبحانه،للأنبياء من ولد آدم عليهم الصلاة والسلام، واختياره الرسل منهم،أولي العزم،وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، صلى الله عليه وسلم،
وهم المذكورون في قوله سبحانه وتعالى(وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا )الأحزاب،عليهم أفضل الصّلاة والتّسليم،العزم،معناه القوة والثبات،
والله سبحانه وتعالى،قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم( فَاصْبِرْ كما صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ )الأحقاف،
لما اشتد أذى الكفار على رسول الله،صلى الله عليه وسلم،أمره الله بالصبر والتحمل وانتظار الفرج اقتداء بإخوانه من أولي العزم من الرسل،
واختار لهم من الدين أكمله ومن الشرائع أفضلها، ومن الأخلاق أزكاها وأطيبها وأكرمها على الله،
واختار أمته صلى الله عليه وسلم،على سائر الأمم، كما في حديث بهز بن حكيم بن معاوية،قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(أنتم موفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله)
ومن هذا اختياره سبحانه وتعالى،من الأماكن والبلاد خيرها وأشرفها وهي البلد الحرام، فإنه سبحانه اختاره لنبيه وجعله مناسك لعباده، وأوجب عليهم الإتيان إليه من كل فج عميق،
فلا يدخلون إلا متواضعين كاشفي رؤوسهم متجردين عن لباس أهل الدنيا، وجعله حرمًا آمنًا، لا يسفك فيه دم ولا تعضد به شجرة، ولا ينفر له صيد ولا يختلى خلاه،
وجعل قصده مكفراً لما سلف من الذنوب ماحيًا للأوزار حاطًا للخطايا،كما في الصحيحين عن أبي هريرة قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)
ولم يرض لقاصده من الثواب دون الجنة،ففي السنن من حديث عبد الله بن مسعود،رضي الله عنه،قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب دون الجنة)
وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)
فلو لم يكن البلد الأمين خير بلاده وأحبها إليه لما جعل بقاعها مناسك لعبادة فرض عليهم قصدها،وأقسم به في كتابه العزيز في موضعين في (سورة التين) وفي (سورة البلد) وليس على وجه الأرض بقعة يجب على كل قادر السعي إليها والطواف بالبيت الذي فيها غيرها،
ثم إنه جل وعلا،فضل بعض الأيام والشهور على بعض، فخير الأيام عند الله يوم النحر وهو يوم الحج الأكبر، وكذلك تفضيل عشر ذي الحجة على غيرها من الأيام، كما في صحيح
البخاري عن ابن عباس،رضي الله عنهما،قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر)قالوا،ولا الجهاد في سبيل الله،قال،ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء)
ولهذا يستحب فيها الإكثار من التكبير والتهليل والتحميد،
ومن ذلك تفضيل شهر رمضان على سائر الشهور،وتفضيل العشره الأخيرة من رمضان،على سائر الليالي،
وتفضيل ليلة القدر على ألف شهر، وهكذا فإن الله سبحانه اختار من مخلوقاته الطيب واختصه لنفسه وارتضاه دون غيره، فإنه تعالى طيب لا يحب إلا الطيب، ولا يقبل من العمل والكلام والصدقة إلا الطيب،
وبهذا يعلم عنوان سعادة العبد وشقاوته، فإن الطيب لا يناسبه إلا الطيب ولا يرضى إلا به ولا يسكن إلا إليه ولا يطمئن قلبه إلا به، فله من الكلام الكلم الطيب الذي لا يصعد إلى الله تعالى إلا هو، وهو من أبعد الناس عن الفحش والبذاء والكذب والغيبة والنميمة، والبهت وقول الزور وكذلك لا يألف من الأعمال إلا أطيبها،وهي التي اتفق على حسنها الشرع والعقل والفطرة،
مثل أن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً، ويحسن إلى خلقه ما استطاع فيفعل بهم ما يحب أن يفعلوا به، ويعاملوه به ويدعهم مما يحب أن يدعوه منه وينصحهم بما ينصح به نفسه، وله من الأخلاق أطيبها كالحلم والوقار والرحمة والصبر والوفاء،والصدق وسلامة الصدر والسخاء،
ولا يختار من المطاعم إلا أطيبها،والأصحاب إلا الطيبين(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)النحل،
فالدور ثلاثة،
دار أخلصت للطيبين،وهي حرام على غيرهم وهي (الجنة)
ودار أخلصت للخبيثين،والخبائث،وهي(
النار)
ودار امتزج فيها الطيب والخبيث،وخلط بينهما وهي(دارالدنيا)
ولهذا وقع الابتلاء فإذا كان يوم المعاد عادت إلى دارين الجنة وهي دار الطيبين،والنار وهي دار الخبيثين،
اللهم اجعلنا من عبادك المؤمنين الطيبين واحشرنا في زمرة إمام المتقين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاصطفاء والاختيار
الله جل وعلا هو المنفرد بالخلق والاختيار من المخلوقات،
قال الله تعالى(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ)القصص،
فكما أنه سبحانه المتفرد بالخلق،فهو المتفرد بالاختيار،فليس لأحد أن يخلق ولا أن يختار سواه، فإنه سبحانه أعلم بمواقع اختياره ومحال رضاه، وما يصلح للاختيار مما لا يصلح له،
وحينما يتأمل المرء أحوال الخلق يرى هذا الاختيار والتخصيص الدال على ربوبيته جل وعلا، ووحدانيته وكمال حكمته وعلمه وقدرته، وأنه الله الذي لا إله إلا هو فلا شريك له يخلق كخلقه ويختار كاختياره ويدبر كتدبيره،فخلق سبحانه السماوات سبعاً، فاختار العليا منها مستقر المقربين من ملائكته،واختصها بالقرب من كرسيه ومن عرشه وأسكنها من شاء من خلقه،
ومن تفضيله جل وعلا جنة الفردوس على سائر الجنان وتخصيصها بأن جعل عرشه سقفها،
ومن هذا اختياره من الملائكة المصطفين كجبريل وميكائيل وإسرافيل،
وكذلك اختياره سبحانه،للأنبياء من ولد آدم عليهم الصلاة والسلام، واختياره الرسل منهم،أولي العزم،وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، صلى الله عليه وسلم،
وهم المذكورون في قوله سبحانه وتعالى(وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا )الأحزاب،عليهم أفضل الصّلاة والتّسليم،العزم،معناه القوة والثبات،
والله سبحانه وتعالى،قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم( فَاصْبِرْ كما صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ )الأحقاف،
لما اشتد أذى الكفار على رسول الله،صلى الله عليه وسلم،أمره الله بالصبر والتحمل وانتظار الفرج اقتداء بإخوانه من أولي العزم من الرسل،
واختار لهم من الدين أكمله ومن الشرائع أفضلها، ومن الأخلاق أزكاها وأطيبها وأكرمها على الله،
واختار أمته صلى الله عليه وسلم،على سائر الأمم، كما في حديث بهز بن حكيم بن معاوية،قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(أنتم موفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله)
ومن هذا اختياره سبحانه وتعالى،من الأماكن والبلاد خيرها وأشرفها وهي البلد الحرام، فإنه سبحانه اختاره لنبيه وجعله مناسك لعباده، وأوجب عليهم الإتيان إليه من كل فج عميق،
فلا يدخلون إلا متواضعين كاشفي رؤوسهم متجردين عن لباس أهل الدنيا، وجعله حرمًا آمنًا، لا يسفك فيه دم ولا تعضد به شجرة، ولا ينفر له صيد ولا يختلى خلاه،
وجعل قصده مكفراً لما سلف من الذنوب ماحيًا للأوزار حاطًا للخطايا،كما في الصحيحين عن أبي هريرة قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)
ولم يرض لقاصده من الثواب دون الجنة،ففي السنن من حديث عبد الله بن مسعود،رضي الله عنه،قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب دون الجنة)
وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)
فلو لم يكن البلد الأمين خير بلاده وأحبها إليه لما جعل بقاعها مناسك لعبادة فرض عليهم قصدها،وأقسم به في كتابه العزيز في موضعين في (سورة التين) وفي (سورة البلد) وليس على وجه الأرض بقعة يجب على كل قادر السعي إليها والطواف بالبيت الذي فيها غيرها،
ثم إنه جل وعلا،فضل بعض الأيام والشهور على بعض، فخير الأيام عند الله يوم النحر وهو يوم الحج الأكبر، وكذلك تفضيل عشر ذي الحجة على غيرها من الأيام، كما في صحيح
البخاري عن ابن عباس،رضي الله عنهما،قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر)قالوا،ولا الجهاد في سبيل الله،قال،ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء)
ولهذا يستحب فيها الإكثار من التكبير والتهليل والتحميد،
ومن ذلك تفضيل شهر رمضان على سائر الشهور،وتفضيل العشره الأخيرة من رمضان،على سائر الليالي،
وتفضيل ليلة القدر على ألف شهر، وهكذا فإن الله سبحانه اختار من مخلوقاته الطيب واختصه لنفسه وارتضاه دون غيره، فإنه تعالى طيب لا يحب إلا الطيب، ولا يقبل من العمل والكلام والصدقة إلا الطيب،
وبهذا يعلم عنوان سعادة العبد وشقاوته، فإن الطيب لا يناسبه إلا الطيب ولا يرضى إلا به ولا يسكن إلا إليه ولا يطمئن قلبه إلا به، فله من الكلام الكلم الطيب الذي لا يصعد إلى الله تعالى إلا هو، وهو من أبعد الناس عن الفحش والبذاء والكذب والغيبة والنميمة، والبهت وقول الزور وكذلك لا يألف من الأعمال إلا أطيبها،وهي التي اتفق على حسنها الشرع والعقل والفطرة،
مثل أن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً، ويحسن إلى خلقه ما استطاع فيفعل بهم ما يحب أن يفعلوا به، ويعاملوه به ويدعهم مما يحب أن يدعوه منه وينصحهم بما ينصح به نفسه، وله من الأخلاق أطيبها كالحلم والوقار والرحمة والصبر والوفاء،والصدق وسلامة الصدر والسخاء،
ولا يختار من المطاعم إلا أطيبها،والأصحاب إلا الطيبين(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)النحل،
فالدور ثلاثة،
دار أخلصت للطيبين،وهي حرام على غيرهم وهي (الجنة)
ودار أخلصت للخبيثين،والخبائث،وهي(
النار)
ودار امتزج فيها الطيب والخبيث،وخلط بينهما وهي(دارالدنيا)
ولهذا وقع الابتلاء فإذا كان يوم المعاد عادت إلى دارين الجنة وهي دار الطيبين،والنار وهي دار الخبيثين،
اللهم اجعلنا من عبادك المؤمنين الطيبين واحشرنا في زمرة إمام المتقين.