المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهند : «9%» نسبة النمو السنوي في القطاع الصناعي



مغروور قطر
14-09-2006, 05:05 AM
الهند : «9%» نسبة النمو السنوي في القطاع الصناعي

لم يعد التقدم الاقتصادي الهندي يعتمد على برامج الكمبيوتر ففي وسط القرى الواقعة في منطقة بونا المكونة سقوف منازلها من القش وذات الطرق القذرة، اقامت شركة إل. جي وجون دير مصانع عديدة لانتاج التليفزيونات الملونة والتراكتورات الزراعية التي يتم بيعها في الهند كما يصدر أجزاء منها للولايات المتحدة.

في منطقة هازيرا الواقعة في شمال غرب الهند حيث لا يزال السكان يعتمدون على الجمال في التنقل وفي حمل الاثقال، تقوم مجموعة ايسار بتصنيع الفولاذ الذي يستخدم في انتاج قنوات التهوية وتصدر هذه القنوات الى فيلادلفياُّ اضافة الى المنصات الفولاذية التي تستخدم في اقامة الابراج السكنية في شيكاغو وماكينات السيارات التي تستخدم في مصانع السيارات في ديترويت.

لعقود اتبعت الهند نمطا مختلفا للتنمية الاقتصادية يختلف عن ذلك النمو الذي اخذت به اليابان وكوريا الجنوبية او الصين. فالعمالقة الاقتصاديون الآسيويون اعتمدوا على التصنيع وعلى الصادرات في الوقت الذي ركزت فيه الهند على التنمية الاقتصادية المحلية ونمت بصورة ابطأ وركزت في نفس الوقت على تطوير الخدمات.

الآن بدأ كل هذا الشيء بالتغير وتصل نسبة النمو السنوي في القطاع الصناعي الهندي 9% وهي أسرع في الخدمات حيث تصل الى 10%.

الصادرات الصناعية الهندية للولايات المتحدة تسير بوتيرة اسرع من تلك النسبة الخاصة بالصين.

ويلاحظ ان اكثر من ثلثي الاستثمارات الامنية خلال العام الماضي ذهبت الى قطاع الصناعة وليس الى الخدمات.

وذكر وزير التجارة والصناعة الهندي كمال ناث «إننا لا نتخلف عن الصين في شيء ولم نعد كما كان يقال الارض الخلفية للمصانع الصينية».

من خلال زيارتنا لثمانية عشر مصنعا هنديا في عشر مدن وقرى تنتشر في شبه القارة الهندية، يمكن للمرء ان يخرج باستنتاج يقول إن الهند بدأت تتحول إلى عملاق اقتصادي حقيقي ينتظره مستقبل واعد ونمو اقتصادي متسارع. السبب الرئيسي الذي جعل نجم الهند يبزغ على الساحة العالمية هو ان الكثير من الشركات العملاقة العالمية بدأت تنظر بعين من الخطورة الى التغيرات السكانية الحاصلة في الصين.

فبسبب سياسة «الطفل الواحد» لكل أسرة دفع حجم الاسر في الصين للتراجع منذ الثمانينيات وعليه ستتوافر اعداد أقل من الشباب للعمل في المصانع.

لا ينتظر ان يتفوق تعداد السكان في الهند على تعداد السكان في الصين قبل 2030 ولكن سيكون لدى الهند اعداد اكبر من العمال الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و24 عاما بحلول عام 2013 وتتوقع منظمة العمل الدولية انه سيكون لدى الهند 116 مليون عامل في تلك السن مقابل 94 مليون عامل في الصين

جيل الشباب في الهند سيساهم ايضا في نمو السوق لسنوات قادمة وستجعل المهارات الفنية العمالية والمهارات اللغوية ذات العلاقة باللغة الانجليزية الصناعات الهندية اكثر تنافسية.

فاللغة الانجليزية منتشرة في جميع أنحاء الهند وهي اللغة التي تتحدث بها النخبة.

ومع كل هذه التطورات الايجابية لا تزال الهند تعتبر منطقة صعبة للاتجار والتصنيع بها. فطرقها غاية في السوء كما ان انقطاع التيار الكهربائي شيء معروف جيدا هناك. وتراهن العديد من الشركات على أن الاوضاع في الهند ستتجه نحو الأحسن وهذا سيزيد من ارتباط هذا البلد بالاقتصاد العالمي.

وتستعد شركتا جنرال موتورز وموتورولا لبناء مصانع جديدة في غرب وجنوب الهند. كما أعلنت شركة بوسكو الكورية الجنوبية العملاقة لصناعة الحديد والفولاذ وشركة ميتال الهولندية عن خطط لإقامة مصانع عملاقة في شرق الهند.

وهناك شركة هندية تعمل الآن على اقامة اكبر محطة في العالم لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام الفحم الحجري.

وتجد هذه الشركات العمالة الهندية مناسبة لأهدافها فعندما اعلنت شركة إل. جي عن رغبتها في توظيف 458 عاملا في خطوط الانتاج في أحد المصانع هناك في العام الماضي وضعت سلسلة من الشروط منها ان الاجر سيبدأ بـ 90 دولارا في الشهر وان يكون لدى المتقدم للعمل خلفية تعليمية لا تقل عن 15 عاما اي تعليما جامعيا ذا توجه فني وبالرغم من مستوى هذه الشروط تقدم حوالي 55 ألف شخص بطلبات للعمل ممن تنطبق عليهم الشروط.

على عكس ذلك عملت المدن الصينية الواقعة في جنوب شرق الصين في إقليم غواندونغ على رفع الحد الادنى للأجر الشهري في هذا الصيف بنسبة 18% حيث اصبح الاجر يتراوح ما بين 70 و100 دولار.

وذكرت المصانع هناك انه يتوافر لديها حوالي مليون فرصة عمل ولا يوجد ما يكفي من الايدي العاملة لتوفيرها. ويوجد هناك ايضا مصانع في اماكن اخرى من الصين وهي تعاني من وجود نقص في توفير العمالة كما انها تواجه ضغوطات لرفع الاجور.

ومع أخذ الهند بسياسة فتح الابواب، بدأت تحقق نسبة نمو متسارعة تصل الى 8% سنويا مما انعش الآمال بقرب تجاوز نسبة النمو التي تحققها الصين والبالغة 10%.

ولا يزال توجد هناك العديد من العراقيل في الهند ويأتي على رأسها ضعف البنية التحتية فالصين تستثمر 7 دولارات على الطرق والموانئ والطاقة الكهربائية مقابل 1 دولار فقط تستثمره الهند.

الموانئ الهندية تواجه صعوبات جمة في التعامل مع الصادرات المتزايدة مع تكرار انقطاع التيار الكهربائي اضافة الى سوء اوضاع الطرق وهو شيء واضح للغاية في بنغلور التي تعتبر مركز صناعة برامج الكمبيوتر في الهند.

وأدى انتشار الفساد الى إبطاء الكثير من الجهود التي تبذل لحل هذه المشاكل فقانون العمل في الهند لم يدخل عليه الكثير من التعديلات منذ ايام الاستقلال الذي تحقق في 1947 وهو قانون لا يشجع الشركات على استئجار الايدي العاملة بسبب صعوبة تسريحها لاحقا حتى في ظل حدوث تراجع في الانتاج، ومع ذلك لا يزال هناك امل في الهند بحدوث تحسن في الاوضاع.

ويقول بنثانيا مساعد المدير العام لمصنع الدراجات النارية التابع لشركة هوندا في غورغون «اعتقد ان الهند ستتفوق في التنمية على الصين قريبا جدا». ايسار هي من الشركات الهندية الصناعية العملاقة وهي معروفة في مجال انتاج الحديد والصلب والفولاذ وتوليد الطاقة الكهربائية. وتعمل هذه الشركة حاليا على اقامة مجمع لتوليد الطاقة الكهربائية في هازيرا. وتمتلك هذه الشركة ميناءها الخاص بها لاستقبال وارداتها من الكرات الحديدية والحديد الخام وهي تستخدم حاليا الغاز الطبيعي في توليد الطاقة الكهربائية وتوفير احتياجات مصانعها من الطاقة.

المجمع التابع للشركة بدأ في النمو وقد بدأت الشركة في زيادة انتاجها من الحديد بمقدار ثلاثة اضعاف اضافة لزيادة توليدها للطاقة بمقدار سبعة اضعاف وسيتم بيع معظم الطاقة الكهربائية المولدة حديثا الى الشبكة القومية التي لا تخف حاجتها الماسة لهذه الطاقة.

هناك زيادة كبيرة حصلت في انتاج وبيع الفولاذ وقطع الغيار الخاصة بالسيارات والادوات الكهربائية وهي أشياء كانت تحتاجها الهند.

الانتاج الصناعي لا يساوي سوى 20% من النشاط الاقتصادي في الهند مقارنة بـ 40% في الصين اي الضعف.

حتى وقت قريب كانت القوانين تمنع الشركات التي يعمل بها اكثر من 100 عامل من الدخول في منافسة مع الكثير من الصناعات. وكان هذا القانون يهدف لحماية المشاريع الصناعية الصغيرة في القرى التي غالبا ما كانت توفر الوظائف للنساء والأقليات. كذلك كانت الهند تفرض رسوما جمركية عالية على الواردات ايضا.

كانت النتيجة وجود مئات الآلاف من المصالح التجارية الصغيرة غير القادرة على التنافس مع الآخرين مما وضع الهند خلف العديد من الدول منها بنغلاديش على سبيل المثال التي تفوقت على الهند في مجال الصادرات من الملابس.

وقد ردت الحكومة الهندية على هذا الوضع بتخفيض عدد الصناعات المحمية من 20 ألف صناعة الى 326 صناعة فقط كما انها قللت من نسبة الرسوم الجمركية المفروضة.

اذا ما قارنا المصانع الهندية بمثيلاتها الصينية نجد ان المصانع الهندية أصغر حجما ولكنها اكثر فاعلية.

وعمل اتحاد الصناعات الهندية بنجاح على دفع الشركات الهندية لاستخدام افضل التكنولوجيا المتاحة.

الازدهار الصناعي الهندي القائم على النوعية الجيدة والتكنولوجيا المتطورة بينما توفير ظروف عصرنة اكثر مما هو متاح للصناعة في الصين ولكن ذلك لن يوفر الكثير من الوظائف كما هو مؤمل.

فشركة ايسار على سبيل المثال بدأت بإحلال الآلات الحديثة محل الآلات القديمة كثيفة الاستخدام للايدي العاملة. ويقول رايش بنديتا مدير ايسار ان الزبائن يطالبون بنوعية عالية من المنتجات وليس بوسعنا تلبية طلباتهم الا باستخدام الماكينات التي تعمل اتوماتيكيا.

مصنع هوير لبول في بونا يستخدم الآلات بدل البشر في تصنيع الهيكل الخارجي للثلاجات ويتمتع هذا المصنع بأعلى انتاجية للعامل عن اي مصنع آخر حيث يوجد به 208 عمال ينتجون شهريا 33 ألف ثلاجة.

ولا تزال قوانين العمل الهندية تنقصها المرونة رغم كل التحسينات التي ادخلت عليها فهي تحظر على الشركات تشغيل العمال وقتا اضافيا اكثر من 54 ساعة كل ثلاثة أشهر حتى لو رغب العمال في ذلك من اجل كسب المزيد من الدخل. يقول سونيل كانت مونجال رئيس مجموعة هيرو اكبر مصنع في العالم للدراجات النارية رخيصة الثمن «إن الشركات تفكر مرتين وربما عشر مرات قبل تشغيل الناس هنا».

يوجد مصنع مثيل لهيرو في الصين وهو يخصص انتاجه للتصدير في الوقت الذي يتم فيه تسويق منتجات مصنع هيرو الهندي داخل الهند حيث ان السوق الهندي محمي من المنافسة الاجنبية بالضرائب والرسوم الجمركية العالية.

وبسبب نقص التهوية فإن مصنع هيرو في الصين معبأ بروائح الديزل مع قيام العمال بفحص الموتورات على عكس الوضع الموجود في المصنع الموجود في الهند حيث اجراءات السلامة افضل والتهوية ايضا افضل.

يدفع هذا المصنع أجرا شهريا للعامل يقل عن 100 دولار في الوقت الذي يحصل فيه العامل في الصين في المصنع التابع لنفس الشركة على راتب شهري قدره 150 دولارا اضافة الى الحوافز المالية الاخرى.

بالرغم من وجود مثل هذه العوائق فإن القطاع الصناعي الهندي مرشح لتحقيق المزيد من النمو وفي بلد تحول المزاج العام فيه نحو التخلي عن الوظائف الحكومية للعمل في الشركات فإنه من المألوف رؤية أعدادا أكبر من الشباب تجلس خلف المكاتب في المباني الحكومية وأعدادا اكبر من الشباب تعمل في المصانع او في مجال التخطيط والتصميم مستخدمة الكمبيوترات والبرامج المتقدمة.

لم تعد الوظائف الحكومية تستهوي اصحاب الطموح من الشباب الهندي الساعي لاثبات نفسه وقدراته. ويمكن القول باختصار ان الهند تعيش في هذه الايام ثورة حقيقية في التنمية وفي النمو وفي المفاهيم.