المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشهود يوم القيامة



امـ حمد
05-04-2016, 05:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشهود يوم القيامة
جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم (لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس،فقال،الحمد لله، فحمد الله بإذنه،فقال له ربه،يرحمك الله يا آدم، اذهب إلى أولئك الملائكة، إلى ملأ منهم جلوس، فقل،السلام عليكم،قالوا،وعليك السلام ورحمة الله، ثم رجع إلى ربه فقال سبحانه وتعالى،إن هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم، فقال الله له ويداه مقبوضتان،اختر أيهما شئت، فقال،اخترت يمين ربي، وكلتا يدي ربي يمين مباركة، ثم بسط فإذا فيها آدم وذريته، فقال، أي رب، ما هؤلاء،قال،هؤلاء ذريتك،فإذا كل إنسان مكتوب عمره بين عينيه، فإذا فيهم رجل أضوؤهم،قال،يا رب من هذا،قال،هذا ابنك داود، وقد كتبت له عمر أربعين سنة، قال،يا رب زد في عمره، قال،ذاك الذي كتبت له،قال،أي رب فإني قد جعلت له من عمري ستين سنة،قال،أنت وذاك، ثم أسكن الجنة ما شاء الله،ثم أهبط منها، فكان آدم يعد لنفسه، فأتاه ملك الموت فقال له آدم،قد تعجلت قد كتب لي ألف سنة،قال،بلى،ولكنك جعلت لابنك داود ستين سنة، فجحد فجحدت ذريته،ونسي فنسيت ذريته،فمن يومئذ أمر بالكتاب والشهود)رواه الترمذي،
فأمر بالكتاب والشهود لأجل ضبط الأمور وعدم النسيان،كما نسي آدم عليه السلام،إن الشهود في الدنيا،على أي قضية من القضايا أو حادثة من الحوادث قد ينسون كما نسي آدم،أو يكذبون،وقد يبالغون ويزيدون،وقد يكونون شهود زور،وقد يمتنعون من الإدلاء بالشهادة على وجهها خوفاً أو طمعاً،هذا في حال الدنيا،
أما شهود الآخرة،إنهم شهود يوم القيامة، شهود عظام، وشهادات عظيمة،
شهداء يوم الدين هم،
نفس الإنسان تشهد عليه، تكون هذه الشهادة عند الاحتضار، حيث لا ينفع الندم،ولا يجدي الأسف في تلك اللحظات التي يكون الواحد فيها في ذروة الحسرة،وشدة الألم،وتقفل أبواب التوبة ويعترف الإنسان ويشهد على نفسه بالتقصير والتفريط، فأغلى أمانيه أن يقول(رَبِّ ارْجِعُونِ،لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ) المؤمنون،
ولكن الله عز وجل،يأبى ذلك ويقول( كَلَّا)وقد قال سبحانه في تكذيب هذا الإنسان(وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ )الأنعام،
قال سبحانه وتعالى(وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ)
الأنعام،
شهادة الله،وشهادة رسله،وأمة محمد عليه السلام، يوم القيامة،فإذا ما أذن الله بقيام الساعة واضطربت الأرض وانطمست النجوم وكورت الشمس وسيرت الجبال،واختل نظام الكون عندها يتتابع الشهود بعضهم وراء بعضهم، ويظهر للعبد ما لم يكن يعهده من قبل،وما لم يكن بحسبانه،وأعظم الشهداء يوم المعاد على العباد هو ربهم وخالقهم وفاطرهم سبحانه، الذي خلقهم، ولا تخفى عليه خافية(إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا)النساء،
وأي شهادة أعظم من شهادة الله على عبده وأمته(قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا)الإسراء،
وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً)(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا)النساء،
إن الله عز وجل،يبعث شهداء إضافيين،زيادة في إقامة الحجة، (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء)الزمر،وأول من يشهد في الأمم رسلها، فيشهد كل رسول على أمته بالبلاغ،
(وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ)النحل،
يشهدون على أممهم بالبلاغ كما يشهدون على المكذبين بالتكذيب،
(فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ)الأعراف،
ويكذب المكذبون،يقولون في كل أمة،ما جاءنا من نذير،
فتأتي هذه الأمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم،لتشهد للرسل جميعاً على أممهم المكذبين،
كما قال تعالى(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)البقرة،
فنشهد نحن لنوح أنه بلغ، ولهود أنه بلغ، ولصالح أنه بلغ، وهكذا نشهد لسائر الأنبياء أنهم قد بلغوا وخبرهم عندنا في الكتاب، وإيماننا بذلك يؤهلنا أن نكون شهداء لسائر الأنبياء على أممهم يوم القيامة،
قال النبي صلى الله عليه وسلم(يدعى نوح يوم القيامة فيقول،لبيك وسعديك يا رب،فيقول،هل بلغت،فيقول،نعم، فيقال لأمته،هل بلغكم،فيقولون،ما أتانا من نذير،فيقول الله،من يشهد لك،فيقول،محمد وأمته، فيشهدون أنه قد بلغ)رواه البخاري،
فذلك قوله جل وعز(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)البقرة،
وهكذا يكون محمد صلى الله عليه وسلم شهيداً وأمته أيضاً،أي، الذين أجابوه،وآمنوا به واتبعوه ولم يكفروه، يكونون شهداء على الناس،
طالما حذرنا من الغي والفساد، وأمرنا بالهدى والرشاد، فيكون المشهد فاضحاً لجميع العصاة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، والمرائين،قال سبحانه وتعالى،في وصف ذلك المشهد(يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا)النساء،
وهكذا يكون موقف الخزي والمهانة،والحسرة والندامة،عندما تتمنى قوافل العصاة من المرابين والديوثين والمتبرجات وسائر الفسقة والفاسقات،وأهل معصية الرسول عموماً، أن نتنشق الأرض وتبتلعهم(وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ)
يتمنى الظالم الذي ظلم، يتمنى المرابي الذي رابى، والمرتشي الذي قبض أن تنشق الأرض وتبتلعه، وهكذا يكون الموقف يوم الدين في تلك الشهادة العظيمة،
شهادة الملائكة يوم القيامة، ومن الشهود على العباد يوم المعاد ملائكة الرحمن،الكرام، الكاتبون، الذين يعلمون ما تفعلون، وما هم عنا بغائبين، يروننا من حيث لا نراهم، ويسجلون أعمالنا،إنهم يكتبون بكل صدق وأمانة، دون زيادة ولا نقصان،
قال النبي صلى الله عليه وسلم،في وصف حال رجل يوم القيامة(وتنشر له صحائفه وسجلاته، ينشر له تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل مد البصر)رواه ابن ماجه،
فيها أعماله وأقواله(مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)(وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ)ق،
قال ابن كثير رحمه الله في السائق والشهيد،أي،ملك يسوقها إلى المحشر، وملك يشهد عليها بأعمالها، فكل واحد منا يوم القيامة سيأتي ومعه ملكان، واحد يسوقه، والثاني يشهد عليه، وتنشر الصحائف التي غفل عنها العباد،
ويقول الملك(هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ)ق،
والملائكة يشهدون(وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا)
شهادة الأرض على الناس، هناك شاهد آخر نحن فوقه، نعيش على ظهره،إنها الأرض تشهد بكل ما عمل عليها من خير أو شر،كما قال الله سبحانه وتعالى(يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا،بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا)الزلزلة،
ولما أراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد،قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم(بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد)قالوا، نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك، فقال(بني سلمة دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم)أي(ألزموا دياركم الحالية، فقالوا،ما يسرنا أنا كنا تحولنا)رواه مسلم،
فتشهد الأرض لمن مشى عليها إلى الخير أو إلى الشر،
وعلى هذه الأرض أشجار وأحجار تشهد كذلك،وهكذا يمشي في صلاة العيد من طريق ويعود من آخر، واستحب بعض العلماء أن يصلي النافلة في غير مكان الفريضة،
قال العلماء،من عصى الله تعالى في موضع من الأرض فليطعه في نفس الموضع حتى يشهد له بالحسنات، كما سيشهد له بالسيئات، وقد قال الله(إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ)هود،
روى الترمذي،عن النبي صلى الله عليه وسلم، لما قرأ(يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا)الزلزلة،
قال(أتدرون ما أخبارها)قالوا،الله ورسوله أعلم،قال(فإن أخبارها يوم تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها،تقول أي،الأرض،عمل كذا وكذا، يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها)رواه أحمد،
هذه الأرض التي طالما وطئناها بأقدامنا، وعملنا عليها الذنوب والمعاصي فأثقلناها بذلك بالخطايا والآثام، ولم يشعر العاصي أنها ستنطق عليه، فتخبر بكل ما عمل عليها من زنا وقتل، وظلم وجور، وكذب وسرقة، ومقارفة للحرام، كما أنها ستشهد بالصلاة، والذكر، والتسبيح، والسير في الطاعات، والطواف، والسعي، وغير ذلك من المشي إلى العلم، وزيارة الإخوان، وغير ذلك من أنواع القربات والطاعات،فلتكتب آثارك عليها بالخير،
شهادة أعضاء الإنسان عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،يقول الله،هاهنا إذن، الآن نبعث شاهداً عليك، فيتفكر في نفسه، من ذا الذي يشهد علي،فيختم على فيه ويقال لفخذه،انطقي،فتنطق فخذه وفمه ولحمه وعظامه بعمله ما كان، وذلك ليعذر من نفسه، وذلك المنافق وذلك الذي يسخط عليه)رواه مسلم،
وفي الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد، عن حكيم بن معاوية،عن أبيه،أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم،يا رسول الله، ما حق زوج أحدنا عليه،قال(تطعمها إذا أكلت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح)أي،لا تقل،قبحك الله(ولا تهجر إلا في البيت)ثم قال،وهذا موضع الشاهد(هاهنا تحشرون، هاهنا تحشرون،هاهنا تحشرون،ثلاثاً،ركباناً ومشاة وعلى وجوهكم، توفون يوم القيامة سبعين أمة، أنتم آخر الأمم، وأكرمها على الله تبارك وتعالى، تأتون يوم القيامة وعلى أفواهكم الفدام)
قال ابن الأثير،أي،يمنعون الكلام بأفواههم حتى تتكلم جوارحهم، فشبه ذلك بالفدام قال(تأتون يوم القيامة وعلى أفواهكم الفدام،أول ما ينطق من الجوارح الفخذ)لحكمة يريدها الله(أول ما يعرب عن أحدكم فخذه)رواه أحمد،
ولما قال(تحشرون هاهنا) أشار إلى الشام، فهي أرض المحشر والمنشر،(ألا نبعث عليك شهيداً)، فيفكر من الذي سيشهد عليه، فتشهد عليه فخذه أول ما تشهد، ثم تتابع الأعضاء، كما ذكر الله سبحانه وتعالى(حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ،وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )فصلت،
فتنطق الجوارح،فليتأمل العاصي المسكين أن جوارحه التي يعصي الله بها، ويذوق بها، ويطعم بها، ويلمس بها، ويرى بها، ويسمع بها، ويمشي بها، ويبطش بها أنها ستكون الشهود عليه، وضده يوم الدين،
يا من استترت من أعين الخلائق في الدنيا ألم تعلم بأن الله يرى؟ ألم تعلم بأن الملائكة الكرام الكاتبين يحصون عليك كل صغيرة وكبيرة؟ أين يهرب الواحد منا والأرض شاهدة عليه، والرسل والأنبياء شهود، والأيام والليالي شهود، والملائكة شهود، والجوارح والأعضاء والجلود شهود، وكفى بالله شهيداً،
ندم العصاة يوم القيامة،فلا يملك عصاة الجن والإنس يوم القيامة أمام هذه الشهادات المتوالية إلا الاستسلام والاعتراف، ولكن فات الأوان، يا من قد وها شبابه، وامتلأ بالزلل كتابه، أما بلغك أن الجلود إذا استشهد نطقت، أما علمت أن النار للعصاة خلقت، إنها لتحرق كل من يلقى فيها، والتوبة تحجب عنها، والدمعة تطفيها، يا أسفاً للعصاة في مآبها، إذا انقطع أسبابها، وغابت في الأسى عند الحضور عتابها، كل أمة تدعى إلى كتابها، قامت الأمم على أقدامها،فأقامت تبكي على إقدامها، ندماً على آثامها، كل أمة تدعى إلى كتابها، ظهرت في ذلك اليوم أهوال لا توصف،وكشفت حالات لم تكن تكشف، يا له من يوم لا كالأيام، تيقظ فيه من غفل ونام، ويحزن من فرح بالآثام، وتيقن بأن ما كان فيه من لذة أحلام، ذهبت اللذة وبقيت الحسرة،


اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من الآمنين يوم الدين، وأن تغفر لنا ذنوبنا أجمعين، تجاوز عنا بحلمك يا حليم، وكفر عنا سيئاتنا يا غفور يا رحيم،وأقل عثرتنا واغفر زلتنا، وامح سيئاتنا،
اللهم زد حسناتنا،وضاعفها لنا يا كريم،وإنا نسألك الأمن يوم الفزع، والستر يوم الفضيحة،استرنا بسترك الجميل، واصفح عنا الصفح الجزيل، وأن تجعلنا ممن يشهد لهم بالخير يوم الدين،
اللهم كفِّر عنا سيئاتنا، وتوفنا مسلمين،وأحينا مؤمنين، وأمتنا مؤمنين،وألحقنا بالصالحين،غير خزايا ولا مفتونين.

الحسيمqtr
05-04-2016, 08:17 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
05-04-2016, 10:51 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

SouthK
06-04-2016, 10:06 PM
بارك الله فيك

امـ حمد
07-04-2016, 03:16 AM
بارك الله فيك

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي
وجزاك ربي جنة الفردوس

hitham14
08-05-2016, 02:47 PM
جزاك الله خيرا ورحم الله ابى وموتي المسلمين جميعا

امـ حمد
08-05-2016, 03:23 PM
جزاك الله خيرا ورحم الله ابى وموتي المسلمين جميعا

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي
وجزاك ربي جنة الفردوس