المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صيام القلب



امـ حمد
19-05-2016, 03:30 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
صيام القلب
يقول الله تبارك وتعالى(وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ)التغابن،
وهداية القلب أساس كل هداية ومبدأ كل توفيق وأصل كل عمل ورأس كل فعل،
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال(ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)رواه البخاري ومسلم،
فصلاح قلبك سعادتك في الدنيا والآخرة ، وفساده هلاك محقق لا يعلم مداه إلا الله عز وجل،
ولكل مخلوق قلب،ولكنهما قلبان،
قلب حي نابض بالنور مشرق بالإيمان ممتلئ باليقين عامر بالتقوى،
وقلب ميت مندثر سقيم فيه كل خراب ودمار،يقول سبحانه وتعالى عن قلوب المعرضين اللاهين(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً)البقرة،فالقلوب تمرض ويطبع عليها، وتقفل وتموت،
إن قلوب أعداء الله عز وجل،معهم في صدورهم، ولكن لهم قلوب لا يفقهون بها، لذلك كان يقول عليه الصلاة والسلام،كما صح عنه(اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)رواه الترمذي، وصححه الألباني،
قلب المؤمن يصوم في رمضان وغيررمضان، وصيام القلب يكون تفريغه من المادة الفاسدة من شركيات مهلكة، من اعتقاد باطل، ومن وساوس سيئة، ومن نوايا خبيثة، ومن خطرات موحشة ومن كل شيء يشغله عن الله سبحانه وتعالى،
فيجب أن تكون قلوبنا عامرة بحب الله،يعرف ربه بأسمائه وصفاته، كما وصف الله سبحانه وتعالى،لنفسه،فهذا القلب يطالع بعين البصيرة ،
قلب المؤمن فيه نور وهاج لا تبقى معه ظلمة نور الرسالة الخالدة والتعاليم السماوية والتشريع الرباني، يضاف هذا إلى نور الفطرة التي فطر الله عليها العبد، فيجتمع نوران عظيمان(نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)النور،
صيام القلب من أرقى أنواع الصيام، وقد سمَّاه الغزالي،رحمه الله،
بصيام(خصوص الخصوص)
وهو عبارة عن صوم القلب عن الأفكار الدنيوية،فهو إقبال بكل الهمة على الله،عز وجل،وانصراف عن غير الله سبحانه،
والقلب هو محل السعادة والشقاء، والإيمان والكفر،واليقين والشك، وإنما فرض الصيام لأسرار وحكم لا يدركها من كان أكبر همه أن يمتلئ بطنه بعد طول فراغ، وأن يطفئ حرارة الجوع، وشدة العطش عند مغيب الشمس، وذلك آخر عهده بالصوم،
إنما فرض الصوم ليسُل من الصدور سخائها،وليؤتِ النفوس تقواها
وبالصوم تنسد مسالك الأكل والشرب، ويفرغ القلب للتذكُّر والتدبُّر، والنظر والتأمُّل، فيرى حقيقة الدنيا وحقارتها، وقلة شأنها وهوانها، وأنها مهما عظمت فهي حقيرة،ومهما طالت فهي قصيرة،إلى أن الصائم الصادق قد ستر قلبه عن الأحقاد والضغائن، وحال الصوم بينه وبين ما يفسده من أمراض القلوب، التي تقتل صاحبها في الدنيا، قبل أن تقتله أمراض البدن،
وكيف يصوم من أفطر قلبه على سيء الأعمال، وكريه الأخلاق، وانطوى صدره على الغش لإخوانه، وإلقاء العداوة بينهم،والفرقة في صفوفهم،
فصيام القلب يكون بتفريغه من هذه المواد الفاسدة سواء أكانت اعتقادات باطلة، ومن وساوس سيئة،ونوايا خبيثة،
ويصوم قلب المؤمن عن الكبر والعُجب والرياء والحسد، فإذا صام القلب عن هذا كله،فإنه يصبح قلبًا طاهراً عامراً بحب الله، ويكون صاحبه من أفضل الناس،
فقد أخرج ابن ماجه بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو،رضي الله عنهما،قال،قيل،يا رسول الله، أي الناس أفضل،قال(كل مخموم القلب صدوق اللسان،قالوا،صدوق اللسان نعرفه،فما مخموم القلب، قال،هو النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا غلّ ولا حسد)
فإذا صام القلب عن هذا كله فإنه يصبح قلبًا طاهرًا عامرًا بحب الله، قلبًا فيه نور وهاج لا تبقى معه ظلمة فتراه يُزهِر كالمصباح، ويضيء كالشمس، ويلمع كالفجر،
من أجل هذا ينبغي على الإنسان أن يهتم بباطنه أكثر من اهتمامه بظاهره،لأن الله - عز وجل،لا ينظر إلى الظاهر إنما محل نظر الرب إلى القلب كما قال النبي،صلى الله عليه وسلم،في صحيح مسلم(إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)
وكان النبي،صلى الله عليه وسلم،يقول كما في،مسند الإمام أحمد(التقوى ها هنا)ويشير إلى صدره،
فإذا صلح القلب واستسلم صلحت الجوارح واستقامت،
ومن هنا كان الاهتمام بالقلب أمر حتمي، وأنه ينبغي أن يصوم عمَّا حرَّم الله تعالى،لأن بصلاحه يكون صلاح الجوارح واستقامتها،
فقد قال حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم(ألا أخبركم بما يذهب وحر الصدر قالوا،بلى يا رسول الله،قال،صوم ثلاثة أيام
من كل شهر)رواه النسائي،وصححه الألباني،
قال السيوطي،في شرح النسائي(وحر الصدر )غشّه ووساوِسه وقيل،الحقد،والحسد،والغيظ ،والعداوة،
ويقول إبراهيم الخواص،رحمه الله ،دواء القلب خمسة أشياء،
قراءة القرآن بتدبر، وخلاء البطن،وقيام الليل،والتَّضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين،
يقول أبو سليمان الداراني،رحمه الله ،إن جاعت النفس وعطشت، صفا القلب ورقَّ، وإذا شبعت ورويت عمِيّ،
والصائمون على طبقتين،
يقول ابن رجب،رحمه الله،إحداهما، من ترك طعامه وشرابه وشهوته لله تعالى،يرجو عنده عوض ذلك في الجنة، فهذا قد تاجر مع الله، والله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً،بل يربح عليه أعظم الربح،وقال رسول الله،صلى الله عليه وسلم،لرجل(إنك لن تدع شيئًا اتِّقاءً الله إلا أتاك الله خيرًا منه)أخرجه الإمام أحمد،
فهذا الصائم يعطى في الجنة ما شاء الله من طعام وشراب ونساء، وقال الله تعالى﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾الحاقة،
الطبقة الثانية من الصائمين، من يصوم في الدنيا عما سوى الله، فيحفظ الرأس وما وعى، ويحفظ البطن وما حوى، ويذكر الموت والبلى، ويريد الآخرة فيترك زينة الدنيا، فهذا عيد فطره يوم لقاء ربه،وفرحه،
امن صام عن الطعام ليصم قلبك عن كل سوء، ولتطهر روحك ولتسمو بنفسك عن كل عيب،لعل الله أن يغفر ذنبك ويستر عيبك ويرفع ذكرك،
وروى الإمام أحمد،عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما،أن النبي صلى الله عليه وسلم،قال(الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة)
وفي الصحيحين(البخاري،ومسلم)عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ،قال(للصائم فرحتان يفرحهما،إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه)
وفي الصحيحين عن سهل بن سعد،رضي الله عنه،أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال(إن في الجنة بابا يقال له،الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال،أين الصائمون،فيقومون فيدخلون، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد)
فلنجتهد في هذا الشهر الفضيل أن نصحح قلوبنا فتصح جميع جوارحنا، وأن نخلص النية والعبادة لله تعالى، فننعم بالرضا والسكينة،
فيا من صام عن الطعام ليصم قلبك عن كل سوء، ولتطهر روحك ولتسمو بنفسك عن كل عيب؛ لعل الله أن يغفر ذنبك ويستر عيبك ويرفع ذكرك

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، حتى نلقاك بقلوب سليمة منيبة، واجعلنا من الراشدين.

الحسيمqtr
20-05-2016, 12:30 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
20-05-2016, 02:38 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

boahmed87
24-05-2016, 07:53 PM
جزاك الله خير

امـ حمد
25-05-2016, 02:25 AM
جزاك الله خير

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس اخوي

محسن سات
01-06-2016, 03:43 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفقك الله أختي الكريمة للخير وجعلك من المحسنين الصادقين
ورزقك الجنة
تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال

امـ حمد
01-06-2016, 06:54 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفقك الله أختي الكريمة للخير وجعلك من المحسنين الصادقين
ورزقك الجنة
تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اللهم آمين
بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي محسن
وجزاك ربي جنة الفردوس

سالم الزهران
01-06-2016, 07:28 AM
اللهم ارزقنا قلوباً مطمئنة

امـ حمد
01-06-2016, 03:38 PM
اللهم ارزقنا قلوباً مطمئنة
اللهم آمين
بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي سالم الزهران
وجزاك ربي جنة الفردوس