تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ملاحظات في تداول الأسهم عبر البنوك! ....



شمعة الحب
16-09-2006, 09:13 PM
ملاحظات في تداول الأسهم عبر البنوك!
د. مقبل صالح أحمد الذكير - 23/08/1427هـ
mdukair@yahoo.com

أخذت سمعة بنوكنا المحلية تعاني تدهورا كبيرا في درجة مصداقيتها بين جمهور عريض من عملائها. وسبق أن كتبت وكتب غيري أن مؤسسة النقد مدعوة إلى تفعيل دورها الرقابي والإشرافي على البنوك. كما أن مديري البنوك في حاجة ماسة إلى تحسين هذه الصورة سواء تعلق الأمر بتحسين نوعية الخدمات ودرجة كفاءتها، أو بالقضاء على ظاهرة تكرار الأخطاء التي بدأت تظهر في الحسابات الجارية والمحافظ الاستثمارية لعملائهم. فقد أصبحت شكوى الناس من تعطل وبطء خدمات التداول الإلكتروني البنكية متكررة، ما يعرضهم لفوات فرص الربح أو يعرضهم لخسائر جسيمة في سوق الأسهم. بل يشتكي بعضهم من فقد جزء من أرصدتهم النقدية أو اختفاء بعض من أسهمهم من محافظهم الاستثمارية. وهم يتظلمون من أن البنوك تتهرب من تحمل هذه المسؤولية وتحيلهم إلى الأشخاص الذين حولت إليهم هذه الأرصدة والأسهم. وقد تاه الناس بين البنوك والشرطة وديوان المظالم ومؤسسة النقد، وعجزوا عن استرداد حقوقهم.
إن الناس يعانون ظاهرة ضياع الحقوق، وعدم ترتيب المسؤوليات على المخالفين من المؤسسات والشركات، ويجب ألا يقتصر تفعيل القوانين وتطبيقها على الأفراد دون الشركات بصفتها المعنوية. وقد حان الوقت للتصدي لهذه التجاوزات بجدية وحزم. وقد سبق أن وجهت دعوة للبدء في تأسيس جمعية مدنية لحماية المستهلكين، خصت بها القانونيين وأصحاب مكاتب المحاماة بحيث يخصصون جزءا من جهدهم ووقتهم لمثل هذا العمل الخيري في نطاق عملهم، فيبادرون إلى تكوين هيئة وطنية خيرية لحماية الحقوق ومقاضاة المعتدين، ويحتسبون جهدهم كصدقة تطوعية ينالون بها الأجر والمثوبة من الله تعالى، لأنهم سيجدون بركة هذا العمل في صحتهم وأموالهم بل وفي زيادة الإقبال على خدماتهم غير المجانية. وكنت قد ناشدت أخي الدكتور المحامي باسم عالم بأخذ زمام المبادرة لهذه الفكرة ليكون له فضل السبق إلى تنفيذها، وقد أبدى استعداده لذلك. وأكرر اليوم طرح الفكرة، وأدعو فضيلة الشيخ ناصر بن زيد بن داود للمساهمة في تبنيها، لما لمسته لديه، حفظه الله، من غيرة وطنية وأفكار قانونية وقضائية نيرة من خلال ما بدا لي ولعموم القراء من كتاباته معنا في هذه الجريدة.
لقد حققت البنوك السعودية في العام الماضي أرباحا تجاوزت 22 مليار ريال بزيادة قدرها 65.6 في المائة عما حققته من أرباح في العام الذي سبقه. كان نحو 12.42 مليار ريال من هذه الأرباح من رسوم الوساطة المالية فقط. وبذلك يكون صافي ما حققته البنوك من الوساطة المالية فقط قد تجاوز نصف أرباحها المتحققة في العام الماضي. إن هذه الأرباح التي تحققها البنوك من خلال ودائع العملاء لديها ورسوم الوساطة المالية، تفرض عليها مسؤوليات وواجبات تجاه عملائها، ينبغي الالتزام بها ويجب على مؤسسة النقد، كجهة إشرافية أن تقوم بواجبها أيضا في التأكد من حسن أداء البنوك التجارية لأعمالها.
إن المنافسة التي سيشتد عودها في النشاط المصرفي المحلي مع ظهور بنوك جديدة, ودخول بنوك أجنبية وانضمامنا إلى منظمة التجارة العالمية، تفرض على بنوكنا المحلية القائمة أن تستبق الأحداث بالقضاء على مشاكلها ورفع كفاءة أدائها، واستعادة ثقة عملائها، وتغليب مصالح جمهور مساهميها وعملائها على مصالح إداراتها العليا.
كتب رجل الأعمال الأستاذ طارق البسام في هذه الجريدة ذات مرة مقالا جاء فيه: "إن أرباح البنوك الكبيرة التي حققتها العام الماضي من جراء الأنشطة المتصلة بسوق الأوراق المالية مثل رسوم الوساطة المالية والقروض والأنشطة المصرفية الاستثمارية كانت فرصة ذهبية لبنوكنا.. ولاستمرار الفرص الذهبية فإن على البنوك أن تركز على دورها الصحيح بدعم تطوير وتنمية الاقتصاد من خلال الاهتمام بتطوير المنتجات ودعم الأنشطة الإنتاجية وبناء وتأهيل الكوادر السعودية الشابة, وألا تترك الأعباء على الغير والاستمتاع بالأدوار الانتقائية والربحية على حساب المواطنين والاقتصاد السعودي معا".
جاءتني في الأسبوع الماضي باعتباري كاتبا في الشأن الاقتصادي العام، اتصالات ومراسلات كثيرة تعبر عن شكاوى مريرة وانزعاج واحتجاج شديدين من عدد هائل من عملاء أحد البنوك المحلية الكبرى، تجاه تكرار تعطل تنفيذ أوامر البيع والشراء في سوق الأسهم السعودية عن طريق التداول الإلكتروني بذلك البنك التي استمرت طوال الأسبوع الماضي. لقد كان أسوأ ما في هذا العطل تعليق الأوامر، بحيث لا يستطيع الناس إلغاءها أو تغييرها. وقد سبب هذا العطل للناس - والذي يتكرر للأسف حدوثه في البنك بين حين وآخر – خسائر فادحة، هي في نهاية المطاف شكل من أشكال الظلم البّين وصورة من صور أكل أموال الناس بالباطل، بصرف النظر عن الأسباب والنوايا.
إنني لا أجد الكلمات المناسبة التي يمكن أن تعبر عن مقدار ضيق كل من اتصل بي مما حدث وجرى. فالذي أفهمه أن التداول الإلكتروني يتم بطريقة ذاتية (أتوماتيكية)، يفترض أن اليد البشرية ليس لها دخل فيه. إن هذا الفشل يثير شكوك الناس خاصة أن هناك تعارض مصالح بين المحافظ التي يديرها العملاء بأنفسهم والمحافظ الاستثمارية التي يديرها البنك، ولا يمكن أن يلام الناس على تولد هذا الشك لديهم.
لقد ضاق العملاء ذرعا بالتبريرات غير المقبولة التي تلصق المشكلة بخلل فني، أو بالضغط الذي يولده العدد الكبير لعملاء البنك على نظام التداول! إن البنك مؤتمن على مصالح الناس، وحري به أن يكون مستعدا لمثل هذه الظروف ولمثل هذا العدد من العملاء، طالما أنه يحقق من ورائهم أرباحه الطائلة.
ويحق للناس أن يتساءلوا هل يا ترى تعطلت أوامر البنك المتعلقة بتنفيذ أوامر البيع والشراء الخاصة بالمحافظ التي يديرها البنك ذاته، حتى يكون البنك وعملاؤه في الزورق التعيس نفسه؟ هل يمكن أن يثبت البنك لعملائه بالوثائق أنه اكتوى معهم بهذه النار؟ وأنه عانى معهم المشكلة نفسها وضاعت عليه كما ضاعت على عملائه فرص التداول المربحة أو تلك التي تحد من الخسائر، فيشترك معهم في المأساة ويقاسمهم ندب حظهم العاثر الذي جيّر لصالح البنوك الأخرى، هل يمكن يا ترى أن يقدم البنك أنموذجا للبنك الصادق الأمين على مصالح عملائه بإثبات أن عانى مع عملائه من المشكلة نفسها؟ وأنه لم يتمكن خلال الفترة نفسها من تنفيذ أي صفقات على المحافظ التي يديرها البنك بنفسه؟
قد يمكن تفهم هذه المشكلة عندما تكون عامة وشاملة لكل البنوك، أما أن تنحصر في بنك واحد وتستمر بلا انقطاع لمدة أسبوع كامل، فهذا أمر غير مقبول مطلقا خاصة أن الأسبوع الماضي صادف للأسف أن كان من الأسابيع التي أشارت التحاليل الفنية أنه سيكون من الأسابيع الحرجة في التداول، والتي تتطلب متابعة دقيقة ولصيقة للسوق. ومع ذلك فحتى لو كانت المشكلة عامة، فإني أرى أن واجب البنك وواجب هيئة سوق المال أن تعلن وقف التداول عندها، حفاظا على مصالح عامة الناس وضمانا لتحقيق العدالة في التداول بينهم!
أنا موقن بأن مثل هذه الاحتجاجات لن تجدي نفعا ولن تعوض فوتا، طالما أننا نفتقد نظاما قانونيا دقيقا يحمي مصالح جميع الأطراف، ويرتب المسؤوليات على من يخفق في تحمل مسؤوليته القانونية تجاه الآخرين. إن التردي والإهمال الرقابي الفاضح على أداء البنوك لدورها في مجال التداول الإلكتروني، ومجال إدارة المحافظ الاستثمارية قد وصل حدا لا يطاق.
إن العدل وضمان الحقوق وسيادة القوانين صمام أمان رئيس للاستقرار الاجتماعي، كما أنه مبدأٌ أساسي لتوسع المعاملات ونموها.

942 قراءة


تعليقات الزوار
23/08/1427هـ ساعة 12:58 مساءً (السعودية)

اخي الدكتور مقبل لقد كفيت ووفيت السوال المهم من الجهة المسئولة عت تلاعب البنوك وشكاوي المواطنيين المتكررة والمتنوعة ؟ اليست موسسة النقد العربي السعودي ؟ اين الرقابة والتخذيرات الصارمة وتطبيق العوقبات اذا تكرر ت المخالفات؟
فرحنا بدخول المملكة العربية السعودية الى منظمة التجارة العالمية ولكن حالنا لا يشجع على الجذب والاستثمار فاولا عمولة البنوك مرتفعة بينما في الدول المتقدمة دولار لكل 10000 دولار ثم كفاءة عالية لدى الموظفين واعداد كبيرة تغطي المهام
سرعة الاداء مع الجودة تساوي المهارة
اين حزم هيئة سوق المال بالنسبة لاعطال التداول والتعليق ؟ اين الامكانيات المادية والبشرية والشفافية؟