المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : داء الطمع والجشع



امـ حمد
23-07-2016, 07:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخرج الإمام الطبراني،عن جابر رضي الله عنه( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم،فقال،يا رسول الله أوصني،قال(إياك والطمع فإنه الفقر الحاضر،وإياك وما يعتذر منه )رواه الحاكم والبيهقي،وصححه الألباني،
ومعنى الحديث( ولاتكلم بكلام تعتذر منه غداً ) يجعل العبد يقف مع نفسه كثيراً قبل أن يقول أو يعمل ما ينوي فعله أو قوله،فيكون كالمحاسبة للنفس قبل الفعل،
ولاتعمل عملاً أو تقول قولاً،يدعوك بعده إلى الاعتذار،
أي،لاتخطئ فتحتاج إلى أن تعتذر،
وعن ابن عباس قال،قيل يا نبي اللَّه، ما الغنى،قال،اليأس مما في أيدي الناس، وإياكم والطمع، فإنه الفقر الحاضر)
وروى الطبراني،عن عوف بن مالك أنه خرج إلى الناس فقال،إن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم،أمركم أن تتعوذوا من ثلاث(من طمع حيث لا مطمع، ومن طمع يرد إلى طبَع، ومن طمع إلى غير مطمع)
إن من أعظم العيوب القادحة في عبودية الإنسان لربه داء الطمع في المخلوقين، وهو أصل لكثير من الآفات والمشاكل،لأنه محض تعلق بالناس والتجاء إليهم وعبودية لهم، وفي ذلك من المذلة والمهانة ما لا مزيد عليه، والطمع في الشيء دليل على الحب له وفرط الاحتياج إلى نيله،
وإن المتمعن في أحوال الكثير من الناس في المجتمع يجد سلبيات ومساوئ الطمع متجلية عليهم بشكل واضح، فلولا الطمع والحرص ما وجد في المجتمع داء الحقد والحسد،وأنواع الإساءات بين الناس بعضهم لبعض،
ولولا الطمع ما قامت الكثير من الخلافات والخصومات والصراعات،
ولولا الطمع ما كانت السرقات والاختلاسات والاحتيالات،
والطمع سبب لدخول الكثير من الناس اليوم إلى السجون،وقبوعهم داخلها،
كان مرة أحد العلماء يعطي درسا لتلامذته عن داء الطمع، وكانت إلى جنبه قطة تلاعب أولادها الأربعة، وكل واحد منهم يداعب الآخر في منظر أخوي رائع، فإذا به يلفت انتباههم إليها،وقال لهم، أنظروا إلى هؤلاء الإخوة وهم يلعبون ويمرحون وليس بهم من شيء، ولكن انظروا ماذا سيحل بهم وأنا ألقي لهم القطعة من اللحم، فرماها بينهم فإذا بهم ينفخ بعضهم على بعض،وكل واحد منهم يحاول أن تكون القطعة من نصيبه لا من نصيب أخيه،
فقال لهم كذلكم يفعل الطمع في صاحبه في علاقته مع إخوانه ومع الناس جميعا، فاتعظوا،
والطمع نوعان محمود ومذموم،
فالمحمود هو، الذي يأتي في معنى الرجاء من الله، قال تعالى عن سيدنا إبراهيم عليه السلام(والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين)
وقال أيضاً(إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا)
فكل ما تتمنى أن يكون من نصيبك وكل ما تتمنى أن تحصله، فاقصد من أجله باب مولاك وخالقك فهو الكفيل أن تناله بعزة نفس،
والطمع المذموم، انبعاث هوى النفس إلى ما في أيدي الناس، والطمع،فيما في أيدي الناس انقطاع عن الله، ومن انقطع حبل وصاله مع الله فهو المخذول الخائب،
وإن ما من شيء أفسد لدين المرء من الطمع في شهوات الدنيا من مال أو منصب أو جاه، ذلك أن العبد إذا استرسل مع الأمنيات استعبدته،
كما قال الحكيم،والحر عبدٌ إن طمع، والعبد حرٌ إن قنع،
وقال آخر،أطعت مطامعي فاستعبدتني ولو أني قنعت لكنت حراً، والطمع سبب للذل والخنوع والتواضع لأصحاب المال والتملق لهم وطلب صحبتهم والجري في مصالحهم سواء كانوا على حق أو باطل، أي أنه يصبح عبدا لهم،
وقديما قيل،أذل الطمع والحرص أعناق الرجال،ويكفي من مذامه أنه يقتل حلاوة العبادة،
وقال ابن عطاء الله،السلامة في الدين بترك الطمع في المخلوقين، وقال أيضاً،صاحب الطمع لا يشبع أبداً،
وكثيرا ما يتطور الطمع ليصبح جشعاً حقيقياً،
والجشع ،هو شدة الطمع في شيء أو الإفراط في الرغبة والشهوة، والجشع لشيء ما هو أسوأ الحرص عليه، والنفس الجشعة هي المحبة للكسب الساعية بلهفة إلى المال،
والطامعة فيه فوق الحد والاعتدال، والإنسان الجشع هو الذي يأخذ نصيبه ويطمع في نصيب غيره، وهو طمع في غير حق، ورغبة في الحصول على أكثر مما قدر له، ويعتقد الكثير من الناس خاطئين أن السعادة في الحياة لها علاقة بزيادة الثراء المادي، والحقيقة أن زيادة الثراء لا تجلب السعادة،
والباعث على الطمع والجشع،كما يقول الماوردى شيئان، الشَّره، وقلة الأنفة،
فلا يقنع المصاب بهذا الداء بما أوتى وإن كان كثيرا لأجل شرهه، ولا يمتنع مما منع وإن كان حقيرا لقلة أنفته، وهذه حال من لا يرضى لنفسه قدراً، ويرى المال أعظم خطراً، فيرى بذل أهون الأمرين لأجلهما مغنماً، وذهب بعض الربانيين إلى أن الباعث عليه هو الشك في المقدور من الأرزاق،
إن الطمع في باب المال يجر صاحبه إلى الحرمان من فضائل هامة، ومَن أحب المال حتى استعبده المال لم يؤهل لهذه الرتبة، رتبة تحصيل الفضائل، فإن حرصه على جمع المال يصده عن استعمال الرأفة وامتطاء الحق وبذل ما يجب، ويضطره إلى الخيانة والاختلاق والزور ومنع الواجب والتحايل،
أخلص إلى أن دواء الطمع وعلاجه في النزاهة، وفي الترفع عن المطامع الدنية، أي رفع الهمة عن الخلق وعدم الذل لهم،
فعلاج الطمع في القناعة والزهد، ففي القناعة رضى تسكن به النفس وتستريح، ودواؤه في الاستعلاء على كل ما يُذِلّ، وأن يعلم كل واحد منا متيقناً ومعتقداً أن الدنيا ليست بدار قرار وأن الآخرة هي دار القرار، والعاقل من يعمل لدار قراره لا لمراحل سفره،
فنسأل الله تعالى أن يجعلنا في الخاتمة من أهل لا إله إلا الله،حتى نودع الدنيا غير متلفتين إليها بل متبرمين بها ومحبين للقاء الله فإن من أحب لقاء الله تعالى أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه،اللهم إني أحب لقاءك فأحب لقائي.

سالم الزهران
24-07-2016, 07:52 AM
جزاك الله خير و في موازين حسناتك أم حمد

امـ حمد
24-07-2016, 03:55 PM
جزاك الله خير و في موازين حسناتك أم حمد

بارك الله في عمرك وفي حسناتك اخوي سالم الزهران
وجزاك ربي جنة الفردوس

الحسيمqtr
30-07-2016, 04:59 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
30-07-2016, 03:33 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله في عمرك وفي حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

مجوهرات
25-08-2016, 11:38 AM
استغفر الله العظيم عدد خلقه

امـ حمد
25-08-2016, 03:59 PM
استغفر الله العظيم عدد خلقه

بارك الله فيك وفي حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس