المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشخص الذي يتمتع بالثقة بالنفس



امـ حمد
23-10-2016, 02:49 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشخص الذي يتمتع بالثقة بالنفس
المسلم إنسان يثق دائماً بنفسه,وهو يستمد ذلك من ثقته بربه وخالقه,فهو لا يهتز أمام العواصف والأعاصير,
خلق الله تعالى الإنسان وزوده بنعمة العقل والتفكير،وحثه على زيادة النظر في الكون ، فهذا مفتاح من مفاتيح الإيمان والهداية، وصفة من صفات أولى الألباب قال تعالى(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ،الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)آل عمران،
ولقد كان الرسول،صلى الله عليه وسلم،أكثر الناس تفكيراً وتأملاً فيما خلق الله تعالى،
والإنسان العاقل،لابد له من ممارسة التفكير،وذلك حتى يكون قادراً على فهم دوره ،وإحسان ما يقوم به من عمل،ولا يبلغها المرء إلا بشئ واحد هي السيطرة على النفس،
والواثق من نفسه دائماً يمارس التفكير الصائب الواعي،
والمسلم الواثق بنفسه يتصف بصفات كثيرة منها،
يعرف طريقه ويخطط لحياته، ويحدد أهدافه بكل دقة،فلا يدع غيره يفكر له،ولا يترك نفسه للظروف،لأنه هو الذي يصنعها وليست هي التي تصنعه،ولقد وصف الله هؤلاء في كتابه الكريم،فقال(أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)الملك،
ولنا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم،القدوة الحسنة ، فقد كان يخطط لكل أموره،فها نحن نراه في الهجرة الكريمة يحدد لكل واحد دوره وماذا يفعل،وفى جميع غزواته كان ينظم جيشه ويحدد لكل قائد هدفه،
والإسلام العظيم لم يترك الإنسان يعيش حياته عبثاً،بل أرشده إلى كل ما يصلح حياته من كافة النواحي،الذاتية والعامة مادياً،وعقلياً وإنسانياً،وكل ذلك من أجل أن يبذر فيه بذرة الثقة والثبات على المبدأ،
لا يسمح للقلق أن يدمر حياته، القلق يفقد الإنسان سكينه النفس وأمنها ورضاها،ويجعله يتحسر على ماضيه،ويسخط على حاضره،ويخاف من مستقبله،ويستسلم لآلامه وأحزانه وحسراته على ما فاته،ومن ظن أنه يفوز فلن يفوز أبداً،
يقول صاحب كتاب ( دع القلق ) ( لقد وجدت أن القلق على الماضي لا يجدي شيئاً،وكل ما يجديك إياه القلق ،هو أن يرسم التجاعيد على وجهك،أو يصيبك بقرحة المعدة )
ولا نقول بأن القلق شر كله بل إن القلق إحساس لا غنى عنه ولا استغناء،إنه الحافز والموجه والمنبه،ولكنه إحساس يجب أن نلجمه،فالانفعالات المتضاربة التي ينبت منها القلق إن تركت حرة تعيث فساداً وتقضى على العاقل عاجلاً أو أجلاً،
لذا فإن الإسلام يرفض من المسلم نظرة اليأس والتشاؤم،قال تعالى(إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)يوسف،
ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم،نموذجاً يحتذي في عدم اليأس والأمل الكبير في الله عز وجل،
فعلى الرغم مما فعله معه كفار مكة من أذى وعناد وتعذيب، ورفض وإنكار لدعوته،إلا أن اليأس لم يتسرب إلى قلبه بل ظل واثقاً بنصر الله تعالى،ويطمأن أصحابه بقوله(لكنكم تستعجلون )،وكان صلى الله عليه وسلم دائماً ( يتفاءل ولا يتطير )رواه أحمد،
ويرفض أن يفتح المسلم على نفسه أبواب الشيطان بكلمة ( لو)أو (ليت)وحذر صحابته من الاستسلام للهموم،وعلمه أن يقول(اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل،وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال )
،وهو بذلك يريد أن يغرس بذور الأمل والتفاؤل في نفس المسلم حتى يواجه مصاعب الحياة بنفس مؤمنه واثقة بما يلقاه في الحياة مستبشر بأيامه القادمات،يحمل ما يراه على المحمل الحسن،وهذا يؤدى به إلى مزيد عطاء وانطلاقة خير )
لقد أصاب النجاح كل الذين امتلاء وعيهم بالنجاح وكيفية تحقيقه ، أما الفشل فيصيب أولئك الذين يسمحون للفشل دون اكتراث أن يمتلك وعيهم،فاليأس والقلق عدوان للتفاؤل والثقة ولا يمكن لهما أن يجتمعا أبداً،
فإن أهم نقاط الضعف في الجنس البشرى هي اعتياد الإنسان العادي على كلمة ( مستحيل )
وصف الله تعالى أمة الإسلام بأنها خير أمة أخرجت للناس،لأنها أمة إيجابية،لا ترضى بغير الحق منهاجاً وطريقاً،ولا ترى الخير والمعروف ثم لا تتخذه شعاراً وسبيلاً ،
ولقد ربى الرسول،صلى الله عليه وسلم،المسلمين على الايجابية وعدم السلبية فأمر المسلم بأنه إذا رأى منكراً بأن يغيره قدر استطاعته (بيده،أو بقلبه،أو بلسانه )لأنه مسئول عن نفسه وعمن يعول،
ولقد حذرنا،صلى الله عليه وسلم،من الإمعية فقال( لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا،وإن ظلموا ظلمنا،ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا ألا تظلموا )رواه الترمذى،
ومن الايجابية أن يبادر المسلم، فإن من أشر الناس عند الله تعالى ذو الوجهين،فالمتردد خائف وجل يفوت على نفسه فرص النجاح ، أما الواثق فهو دائماً يبادر ولا يخاف،
فحينما تريد أن تكتسب عادة حسنة جديدة فعليك بالقناعة ثم الرغبة ثم ابدأ بقوة شديدة وعزيمة قوية ولا تتوان مرة واحدة عند إتباع العمل الجديد حتى ترسخ العادة الجديدة فيك،اغتنم أول فرصة وكل فرصة للقيام به،
والإنسان الواثق المبادر ثابت على المبدأ لا يتزعزع ولا يتلون ،
طموح ذو همة عالية، المسلم إنسان طموح ذو همة عالية،فهو يعلم ( أن الله تعالى يحب معالي الأخلاق ويكره سفاسفها)رواه سهل الساعدى،
وإن الكيس العاقل هو صاحب الهمة العالية الذي يدين نفسه ويعمل لما بعد الموت،وأن العاجز هو الذي يتبع نفسه هواها ويتمنى على الله الأمانى،
فهمة المؤمن في أعلى عليين،قال عبد الرحمن الأوزاعي( إن المؤمن يقل الكلام ويكثر العمل،وإن المنافق يكثر الكلام ويقل العمل )
يسيطر على نفسه،فلا يغضب، ولا يحقد،من أهم صفات الإنسان الواثق من نفسه أنه لا يترك فرصة للغضب أن يسيطر عليه أو يتحكم فيه،لأن تحكم الغضب على نفس المرء دليل على ضعف نفسه،ونقص إرادته لذا فقد جعل الله تعالى من صفات المؤمنين المتقين أنهم يسيطرون على أعصابهم فلا يسترسلون مع غضبهم ولا يسمحون له بأن يحطم حياتهم ،
ولقد كان رسولانا الكريم قدوة حسنة في ذلك فلم يغضب لنفسه إنما كان يغضب لله تعالى إذا انتهكت حرمة من محارمه،
يواجه أخطاءه بكل شجاعة، الواثق لا يهرب من أخطاءه بل يواجهها بكل شجاعة وإقدام،فهو يحرص على إذلال نفسه بأن يوردها المهالك،ويضعها كل يوم مواضع الاعتذار،ولكن الإنسان بطبعه خطاء،ولكن صاحب النفس القوية الشجاعة،والهمة العالية لا يرى الاعتذار عن خطأه منقصة له،ولا إقلالاً من شأنه ولا آخذا من مكانته،
يصبر على المصائب ويتحمل الشدائد، صف الله تعالى المؤمنين الصالحين في كتابه الكريم،بأنهم يصبرون في البأساء والضراء وأنهم يواجهون المصائب بالصبر الجميل،
فالعاقل المؤمن لابد أن يدرك جيداً أن الله تعالى خلقه لحكمه ومنها اختباره،حتى يمحصه ويقوى إيمانه فما يصيبه من شئ فهو داخل في مجال الاختبار والابتلاء وعليه أن يصبر ويتجمل بالصبر،
يتواضع في غير ذل،ويلين في غير ضعف، حرم الله تعالى الكبر والإعجاب،فالعزة والكبرياء من صفات الله تعالى وحده،قال تعالى في حديثه القدسي(العزة إزاري والكبرياء ردائي فمن ينازعني في واحد منهما فقد عذبته)رواه مسلم،
وقد جعل الله تعالى الآخرة للمتواضعين ،
قال تعالى(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)القصص،
فالتواضع الحقيقي،هو اللين في غير ذل ولا ضعف،وعدم التفاخر والتكبر على عباد الله،فالمتكبر المغرور إنسان ناقص الإرادة فاقد الثقة بنفسه وبمن حوله،
واثق في مظهره وفى تصرفاته، الثقة بالنفس يظهر أثرها على صاحبها في سلوكه ومظهره،بل وفى جميع تصرفاته،فتجده نظيف الثياب، حسن الهيئة،طيب الرائحة،
ولقد كان النبي،صلى الله عليه وسلم،المثل والقدوة في ذلك،قال أنس في وصفه لرسول صلى الله عليه وسلم(ما شممت مسكاً قط ولا عطراً أطيب من عرق النبي صلى الله عليه وسلم)رواه الترمذي،
بل كان من خلقه أنه إذا خرج إلى أصحابه أن يصلح من شعره وهندامه ويتطيب لهم،
والواثق من نفسه تجده أيضاً تعلو البسمة وجهه،فلا تراه إلا مبتسماً متفائلاً،وإذا قابل أحداً فإنه يبدأه بالسلام ويحيه بتحية أحسن من تحيته له)
وفى الحديث(تبسمك في وجه أخيك صدقة)
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم،إذا لقى رجلاً يكون( أول من يبدأ بالسلام والمصافحة وهو آخر من ينزع يده ) رواه أبو داود،
تظهر الثقة،في مشية الإنسان (فواثق الخطوة يمشى ملكاً )
وقد وصف الله مشية عباد الرحمن فقال(وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)
الفرقان،
قال السلف في تفسير هذه الآية،المشى بسكينه ووقار من غير تكبر ولا تماوت،وفى وصف مشية الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ،كان(أسرع الناس مشية وأحسنها وأسكنها )
كما أنه كان إذا مشى لا يلتفت وراءه،وهذا يدل على الشخصية المتكاملة،


اللهم جنبنا الزلل في القول والعمل،واجعلنا لك عابدين،وعليك متوكلين،وبك واثقين برحمتك وعزتك وقوتك يا رب العالمين،
اللهم إنا نسألك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة،وتول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا.

سالم الزهران
23-10-2016, 07:31 AM
جزاك الله خير وفي موازين حسناتك ام حمد

امـ حمد
23-10-2016, 02:27 PM
جزاك الله خير وفي موازين حسناتك ام حمد

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي سالم الزهران
وجزاك ربي جنة الفردوس

الحسيمqtr
23-10-2016, 07:17 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
24-10-2016, 02:57 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس