المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فهو الستير وصاحب الغفران



امـ حمد
03-11-2016, 05:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهو الستير وصاحب الغفران
فقد روى أبو داود،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم،قال (إن الله عز وجل،حليم،حيي ستير يحب الحياء والستر فإذا اغتسل أحدكم فليستتر)وصححه الألباني،
فذكر عليه الصلاة والسلام،أن من أسباب الاستجابة مد اليدين إلى السماء،
يقول عليه الصلاة والسلام(إن ربكم تبارك وتعالى،حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً)رواه الترمذي،وأبو داود،وابن ماجه،
وقال صلى الله عليه(ومن ستر مسلماً ستر الله عليه في الدنيا والآخرة)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله(يجب الوقوف على ما جاء به الكتاب والسنة،فلا يُزاد فيها ولا ينقص،لقوله تعالى(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) الإسراء،
وهو الحيي فليس يفضح عبده،عند التجاهر منه بالعصيان،لكنه يلقي عليه ستره،فهو الستير وصاحب الغفران،فالله تعالى يستر على عباده،
قال السعدي رحمه الله، وهذا من رحمته، وكرمه، وكماله، وحلمه أن العبد يجاهره بالمعاصي مع فقره الشديد إليه، حتى أنه لا يمكنه أن يعصي إلا أن يتقوى عليها بنعم ربه،
والله مع كمال غناه عن الخلق كلهم من كرمه يستحيي من هتكه وفضيحته وإحلال العقوبة به،فيستره بما يقيِّض له من أسباب الستر،ويعفو عنه ويغفر له،فهو يتحبب إلى عباده بالنعم وهم يتبغّضون إليه بالمعاصي،خيره إليهم بعدد اللحظات،وشرهم إليه صاعد،
ولا يزال الملك الكريم،يصعد إليه منهم بالمعاصي،ويستحيي تعالى ممن شاب في الإسلام أن يعذبه وممن يمد يديه إليه أن يردهما صفراً،ويدعو عباده إلى دعائه ويعدهم بالإجابة وهو الحيي الستِّير يحب أهل الحياء والستر،ولهذا يكره من عبده إذا فعل معصية أن يذيعها، بل يتوب إليه فيما بينه وبينه،ولا يظهرها للناس، وإن من أمقت الناس إليه من بات عاصياً والله يستره، فيصبح يكشف ستر الله عليه،وقال تعالى(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)النور،
وهذا كله من معنى اسمه (الحليم) الذي وسع حلمه أهل الكفر والفسوق والعصيان، ومنع عقوبته أن تحل بأهل الظلم عاجلاً، فهو يمهلهم ليتوبوا، ولا يهملهم إذا أصروا واستمروا في طغيانهم ولم ينيبوا،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(الإيمان بضع وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان)أخرجه مسلم،
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم،أشد حياء من العذراء في خدرها،
والحياء في الإنسان قد يكون من ثلاثة أوجه
أحدها، حياؤه من الله تعالى، فيكون بامتثال أوامره والكف عن زواجره،
قال صلى الله عليه وسلم(استحيوا من الله حق الحياء، قال،قلنا،يا رسول الله، إنا نستحيي والحمد لله،قال،ليس ذاك،ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى،ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا،فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء)أخرجه الترمذي،
وهذا الحياء يكون من قوة الدين وصحة اليقين،
والثاني،حياؤه من الناس، فيكون بكف الأذى،وترك المجاهرة بالقبيح،
وهذا النوع من الحياء قد يكون من كمال المروءة، والحذر من الملامة والذم،
والثالث،حياؤه من نفسه، فيكون بالعفة وصيانة الخلوات،قال صلى الله عليه وسلم(الحياء لا يأتي إلا بخير)
وقال،عليه الصلاة والسلام(الحياء كله خير)أي،أنه سبب لجلب الخير إليه،
الحياء،لا يكون في شيء إلا زانه، وما نُزع منه إلا شانه،
فعن أنس،رضي الله عنه،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(ما كان الفحش في شيءٍ إلا شانه،وما كان الحياء في شيءٍ إلا زانه)رواه الترمذي،وصححه الألباني،
فقوله(في شيء)أي،لو قدر أن يكون الحياء في جمادٍ لزانه،فكيف بالإنسان،
وأشار بهذين إلى أن الأخلاق الرذِلة، مفتاح كل شر بل هي الشر كله،
والأخلاق الحسنة السنية،مفتاح كل خير بل هي الخير كله،

يقول الإمام ابن القيم،والحياء من الحياة،
وعلى حسب حياة القلب،يكون فيه قوة خلق الحياء،وقلة الحياء من موت القلب والروح،
فكلما كان القلب أحيى كان الحياء أتم،
الذي من تحلى به اتصف بكل أنواع الخير وابتعد عن كل سبل الشر،لأنه من أرفع الآداب وأفضل الأخلاق.
يقول الإمام ابن القيم،رحمه الله(خُلق الحياء من أفضل الأخلاق وأجلِّها وأعظمها قدراً وأكثرها نفعاً، بل هو خاصَّة الإنسانيَّة،
والحذر من التفريط فيه،لأن تضييعه سبب في فشو المعاصي والمنكرات،فما تُركت الواجبات،وتجرأ الكثير على فعل المحرمات،وانتشر التبرج،وقلة الحشمة،وتسلط الأقوياء على الضعفاء،وقلَّ احترام الصغار للكبار إلا بسبب ضياع هذا الأدب القويم والخلق الكريم،
قال الله تعالى(يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ)الأعراف،
أمر الله،عز وجل،بني آدم بتغطية العورات، وستر الأجسام،لأنه يحب الستر، ويبغض التعري،
وكذلك أمر رسوله صلى الله عليه وسلم،بالستر والاعتناء بحفظ العورة،ونهى عن التعري،
أسأل الله أن يرزقنا وإياكم محاسن الأخلاق ومن ذلك خُلق الحياء،وأن يصرف عنا مساوئها ومن ذلك الوقاحة والجرأة في غير الحق،وكل أنواع الشرور،
اللهم آمين.

الحسيمqtr
04-11-2016, 08:04 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
05-11-2016, 12:19 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس