المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير حديث (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون )



امـ حمد
20-11-2016, 11:53 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإنسان خطاء،وخيرهم تواب،وليس في الدنيا أحد لا يخطأ،فإن الخطأ من طبيعة الإنسان وفطرته،التي فطره الله عليها،
والأنبياء معصومون من الخطأ بعناية خاصة من الله،
فلا قنوط من رحمة الله مهما أخطأ الإنسان وأذنب،
إنما العقاب والحرمان لمن يصر علي ذنبه ولا يعترف بخطأه،بل يستكبر ويغمط الناس،
وإنسان أذنب فشعر كأن ذنبه كالجبل جاثم على قلبه،
أي،لو لم تشعروا بذنوبكم لذهب الله بكم وأتى بقوم يذنبون،إذا أذنبوا أحسوا بذنوبهم،فلا ينبغي للعبد أن ييأس،بل ينبغي له البدار بالتوبة والاستغفار،وحسن الظن بالله،
ولو فعل ما فعل من الذنوب،عليه أن يجتهد في المحافظة على التوبة،
قال الحسن،إن العبد ليعمل الذنب فلا ينساه ولا يزال متخوفاً منه حتى يدخل الجنة،
عن أبي هريرة رضي الله عنه،قال،قال رسول الله،صلى الله عليه سلم(والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم،ولجاء بقوم يذنبون،فيستغفرون الله فيغفر لهم)رواه مسلم،
معنى الحديث، أن الله سبحانه وتعالى،قضى في سابق علمه أنه لا بد من وقوع الذنوب،
حتى تظهر آثار مغفرته ورحمته سبحانه، واسمه التواب الغفور والعفو،وأن الله سبحانه وتعالى،يحب من عباده أن يستغفروه وأن يغفر لهم ليظهر بذلك فضله سبحانه وتعالى،وآثار صفته الغفار والغفور،
فيتوب الله على من تاب، ويغفر الله لمن شاء، ويعفو عمن شاء سبحانه وتعالى،
وفي الحديث،عن أبي أيوب رضي اللَه عنه،أن النبي صلى الله عليه وسلم،قال(لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقاً يذنبون فيغفر لهم) أخرجه مسلم،والترمذى،وأحمد،صححه الألباني،
الحديث، فيه بيان لحالة العبد إذا أذنب فقد جعل الله له مخرجاً من ذلك بالتوبة والاستغفار،
قال ابن عثيمين،رحمه الله،وهذا ترغيب في أنَّ الإنسان إذا أذنب فليستغفِر الله،فإنَّه إذا استغفر الله،عز وجل،بنية صادقة،وقلب موقن،فإن الله،تعالى،يغفر له﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾الزمر،
وإذا تاب العبد إلى ربه،واستغفره وأناب إليه،فإن نفع ذلك يعود إلى العبد نفسه،والاقتداء والتأسِّي بأنبياء الله ورسله،فإنهم كانوا يكثرون من التوبة والاستغفار،
يقول ابن كثير،رحمه الله،وآمُرُكم بالاستغفار من الذنوب السالفة، والتوبة منها إلى الله،عزَّ وجل﴿وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ﴾هود،
فالاستغفار مع الإقلاع عن الذَّنب سببٌ للخصب والنَّماء وكثْرة الرزق وزيادة العزَّة،
يقول ابن كثير،ومَن اتَّصف بصفة الاستغفار،يسَّر الله عليه رزقَه، وسهَّل عليه أمرَه،وحفظ عليه شأنه وقوَّته،فوعد الله من تاب إلى الله واستغفرتُموه وأطعتُموه كثُر الرِّزق عليكم، وأسقاكم من بركات السماء وأنبت لكم الزَّرع،وأدرَّ لكم الضَّرع،وأمدَّكم بأموالٍ وبنين،
أي،أعطاكم الأموال والأولاد، وجعل لكم جنَّات فيها كل أنواع الثمار، وخلَّلها بالأنهار الجارية بينها،
كل هذه النعم تُستجلب بالاستغفار،
فإذا كثُرت الذنوب،وقل الاستغفار وانعدم، فالعذاب سيحصُل لا محالة،لقوله تعالى﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ الأنفال،
فالاستغفار سبب لمنع العذاب،
قال ابن القيم،رحمه الله،إنَّ إبليس قال،أهلكت بني آدم بالذنوب، وأهلكوني بالاستغفار،وبلا إله إلا الله،
جاء في الحديث الذي أخرجه أحمد،عن أبي سعيد الخدري،رضِي الله عنه،قال،سمعت رسول الله،صلَّى الله عليه وسلَّم،يقول(إنَّ إبليس قال لربِّه،بعِزتك وجَلالك لا أبرح أغوي بني آدم ما دامَت الأرواح فيهم،فقال الله،فبعزتي وجَلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني)
فهذا شيخ الإسلام ابن تيميَّة،يقول تلميذه ابن القيِّم،وشهدت شيخ الإسلام ابنَ تيميَّة،إذا أعيَته المسائل واستعصت عليه،فر منها إلى التوبة والاستغفار والاستعانة بالله واللجوء إليه، واستِنزال الصواب من عنده،والاستفتاح من خزائن رحمته،
فإذا أعيتك المسائل،وصعُب عليك حلها،ففر إلى الاستغفار،
وجاء في حديث ابن عباس،رضِي الله عنهما،قال،قال رسول الله، صلَّى الله عليه وسلَّم(من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً،ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب)
والاستِغفار له تأثير عجيب في زوال الهموم والغموم وتفريح الكروب،
يقول ابن القيم،المعاصي والفساد تُوجب الهم والغم والخوف والحزن وضيق الصدر،وأمراض القلب،
وإذا كان هذا تأثير الذنوب والآثام في القلوب فلا دواءَ لها إلاَّ التوبة والاستغفار،وأنَّ المستغفر يتعبد لربه،عز وجل،
ومن فوائد الاستغفار وثمراته،
قال،قتادة،إنَّ هذا القُرآن يدلُّكم على دائكم،ودوائكم،
فأمَّا دائكم، فالذُّنوب،
وأمَّا دواؤكم، فالاستغفار،
والناس يخطِئُون ولكن بالتوبة والاستغفار يغفر الله الذنوب، والله،عزَّ وجل،يقول﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾النساء،
وأخرج أبو داود،وصحَّحه الألباني،أبو بكرٍ الصديق،رضِي الله عنه،أنَّه قال،سمعت رسول الله،صلَّى الله عليه وسلَّم،يقول(ما من عبد يُذنب ذنباً فيحسن الطهور، ثم يقوم فيُصلِّى ركعتين، ثم يستَغفِر الله، إلا غفَر الله له)
يدل الحديث على مسألتين عظيمتين،
‏‏ المسألة الأولى‏‏، أن الله سبحانه وتعالى عفو يحب العفو غفور يحب المغفرة‏‏،
والمسألة الثانية،‏‏ فيه بشارة للتائبين بقبول توبتهم ومغفرة ذنوبهم وألا يقنطوا من رحمة الله ويبقوا على معاصيهم ويصروا عليها،بل عليهم أن يتوبوا ويستغفروا الله سبحانه وتعالى،لأن الله فتح لهم باب الاستغفار وباب التوبة،
وفي الحديث أيضاً،أن الإنسان لا يعجب بنفسه وبعمله،لأنه محل للخطأ ومحل للزلل ومحل للنقص،فعليه أن يبادر بالتوبة والاستغفار من تقصيره ومن خطئه ومن زلله،ولا يظن أنه استكمل العبادة أو أنه ليس بحاجة إلى الاستغفار،
وأن الله سبحانه وتعالى،يحب من عباده أن يستغفروه ويتوبوا إليه، وفي الحديث(‏كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)‏رواه الإمام أحمد،من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه‏،
وليس معناه، أن الله يحب من عباده أن يذنبوا أو يحب المعاصي، فالله سبحانه وتعالى،لا يحب الكفر ولا يرضاه ولا يحب المعاصي ولكنه يحب من عباده إذا أذنبوا وعصوا أن يتوبوا إليه سبحانه وتعالى وأن يستغفرو،
وأنه سبحانه يعفو عمن يشاء،ويغفر لمن يشاء إذا تاب إليه،فلا يقنط المؤمن،ولا ييأس،وليبادر بالتوبة والله يتوب على التائبين،
ويعفو عمن يشاء، فضلاً منه وإحساناً حتى تظهر آثار أسمائه الحسنى التواب، الرحيم، العفو، الغفور،


وفقنا الله جميعاً إلى التوبة والاستغفار،ونسأل الله تعالى أن يغفر لنا ذنوبنا،وأن يتجاوز عن زلاتنا،وأن يقبل توبتنا،واستغفارنا،
وفقنا للأعمال الصالحات،وترك المنكرات،وحبب إلينا الإيمان وزينه فى قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان،ونسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

الحسيمqtr
21-11-2016, 12:04 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
21-11-2016, 02:50 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

بوخالد911
22-11-2016, 12:18 AM
شكرا للنقل.

امـ حمد
22-11-2016, 03:41 AM
شكرا للنقل.
بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي بو خالد
وجزاك ربي جنة الفردوس

سعود.
22-11-2016, 03:45 AM
بارك الله فيك .

دنيا واخرة

امـ حمد
22-11-2016, 05:11 AM
بارك الله فيك .

دنيا واخرة


تسلم يارب اخوي سعود وبارك الله فيك وفي ميزان حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس