تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تعاقب السنين



امـ حمد
04-12-2016, 03:34 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعاقب السنين
كل العباد إلى رحمته فقير،وفي نعمته مغمور، محتاج إلى لطفه،وعنايته، هل لكم من إله سواه يجبر كسركم، ويكشف ضركم، ويمدكم بأموال وبنين، ويحييكم على تعاقب السنين حتى تبلغوا من العمر غاية آجالكم، وقد أراكم عجائب الآيات في تصرف أحوالكم(لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)القصص،
عجيب كيف مرت تلك الأعوام كلها، وإلى أي مصير صار الناس ،وما هو مآلهم،وإلى حال انقلبوا،
سبحان الله سنون مضت،وشهور انقضت،وأيام جرت، عاش فيها أناس مثلنا،وحيوا حياتنا،ولكن أين هم الآن،أن في سير الأيام آية لكل معتبر،ومتعظ،،لكن(لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)سورة ق،
إن ما نلمسه من تعاقب السنين والأعوام،وسرعة الأزمان والأيام،
إشارة إلى معجزة نبوية،وعلامة من علامات الساعة قد أخبر عنها المصطفى،صلى الله عليه وسلم،بقوله(يتقارب الزمان، وينقص العمل،ويلقى الشح،ويكثر الهرج،قالوا،يا رسول الله، وما الهرج،قال(القتل،القتل)
رواه البخاري،ومسلم،
ونقل بعض أهل العلم في معنى تقارب الزمان،ما جاء عن أنس بن مالك،رضي الله عنه،أن النبي،صلى الله عليه وسلم،قال(لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان،فتكون السنة كالشهر،والشهر كالجمعة،والجمعة كاليوم،ويكون اليوم كالساعة،وتكون الساعة كالضرمة بالنار)رواه الترمذي،وصححه الألباني،
ينقضي عام ويدخل آخر،وتمر الأيام والأعوام،دون أن نقف عليها ساعة نستفيق فيها من غفلتنا،ونتفكر في نهايتنا،ونعتبر، يقول،تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)الحشر،
فهذه دعوة من الله،عز وجل،أن ننظر في مستقبل أعمارنا،وما قدمناه لغدنا،فإن غداً لناظره لقريب،
يا أسير الغفلات،اغتنم العمر، وبادر بالتقى قبل الممات،
الحياة قصيرة وإن طالت في نظرنا،
ويريد البعض،أن ينال من لذائذها، ويستمتع بشهواتها، ويحظى بساعاتها، وغفل أن حياتنا الدنيوية متعتها زائلة،وشهواتها رخيصة فانية، مهما بذل الإنسان في سبيلها، وسعى في تعميرها، وتربع على عروشها، وجال في قصورها، فهي ساعات قصيرة يوشك أن تنقصي، ولحظات بسيطة تكاد أن تنتهي،
ثم بعد ذلك سيلقى كل منا حتفه، ويعاين مصيره،قال مطرف بن عبد الله،رحمه الله(إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم، فالتمسوا نعيماً لا موت فيه)
ولا ندري من يعيش يوماً آخر أَو عاماً جديداً،بل لو تأملنا أعمارنا على اختلاف فيما بيننا لوجدنا أن عمرنا المنصرم سواءً أكان أربعين سنة أم ثلاثين أم عشرين،أشبه بدقائق مرت مرور الكرام، وهكذا الحياة الدنيا قصيرة،فالحذر من التقصير يقول النبي ،صلى الله عليه وسلم(ما لي وللدنيا،إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال في ظِلِّ شجرة،ثم راح وتركها)رواه أحمد،وصححه الألباني،
وعن ابن عمر،رضي الله عنهما،قال،أخذ رسول الله،صلى الله عليه وسلم،بمنكبي،فقال(كن في الدنيا كأنك غريب،أو عابرُ سبيل) وكان ابن عمر يقول(إذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح،وإذا أصبحتَ فلا تنتظر المساء،وخذ من صحتك لمرضك،ومن حياتك لموتك) رواه البخاري،
وزاد فيه(وعد نفسك من أصحاب القبور)رواه الترمذي،وصححه الألباني،
فالحذر الحذر من الاغترار بالدنيا، والانغماس في شهواتها ،
قال أحد السلف(لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة لفسد)
فالإنسان المسلم يُؤمن بما بعد هذه الحياة الدنيا فيُدرك قيمة الزمن،ويُسخر ساعات هذه الحياة للبِرِّ والتقوى،وللعمل بما يُرضى الله،تعالى(يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ،إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)الشعراء،
كيف نتعامل مع الزمان، فالزمان من أبرز خصائصه سرعة انقضاء وقته،فهو يمر مر السحاب،ويجري جري الرياح،
فالواجب استغلال تلك الأنفاس التي لا تعود، واغتنام ساعات العمر،ولحظات الحياة بما ينفع العبد يوم الوقوف بين يدي ربه، قال رسول الله،صلى الله عليه وسلم(نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس،الصحة والفراغ)رواه البخاري،
واستغلال الوقت أن تكون كالخطيب البغدادي، الذي كان يذهب إلى المسجد وكتابه في يده،وسواءً أكان كتاباً،أو تسبيحاً بأصابعك،أو قراءة شيء من القرآن،المهم أن دقيقة واحدة لا تفوت من عمرك هباء منثوراً،
واستغلال الوقت يكون مثل الإمام البخاري، الذي كان يقول،أنام فأتذكر الحديث فأقوم خمس مرات،أو ست مرات، فأضيء السراج في الليل، وأكتب شيئاً من الحديث وأنام، فيتذكر فيضيء السراج فيكتب، ويتذكر ويضيء السراج فيكتب، فلا يزال كذلك طول الليل،
استغلال الوقت يكون كما كان الإمام أحمد بن حنبل، رحمه الله، يحمل المحبرة وعمره سبعين سنة،قد شاخ،ودنا أجله،ورقَّ عظمه،فقيل له،تحمل المحبرة وأنت في السبعين،قال،مع المحبرة إلى المقبرة،وهكذا هو السمو،
فلنا في الراحلين آية،كانوا بالأمس معنا،نآكلهم،نشاربهم، نضاحكهم، نمازحهم، وسبحان الله ها نحن اليوم نودعهم، وفي باطن الأرض نواريهم، فارقوا الأهل والأحباب، واستبدلوا بالقصر والمسكن الهانئ،بيت الدود والتراب،
ونحن اليوم على ظهر هذه الدنيا،وغداً في جوفها، فماذا أعددنا للرحيل،
نسأل الله عز وجل،أن يجعلنا من أهل السعادة في ذلك اليوم، اللهم بيّض وجوهنا، وثقّل موازيننا،وارض عنا يوم نلقاك
نسأل الله لنا ولكم النجاة يوم الدين،وأن يجعلنا ممن طالت أعمارهم،وحسنت أعمالهم،وأن لا يقبضنا إليه إلا وقد رضي عنا.

الحسيمqtr
04-12-2016, 05:24 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
04-12-2016, 11:59 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس