المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف يعيش ميت الضمير



امـ حمد
08-12-2016, 07:25 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف يعيش ميت الضمير
الضمير، أو ما يسمى الوجدان هو قدرة الإنسان على التمييز فيما إذا كان عمل ما خطأ،أم صواب،أو التمييز بين ما هو حق وما هو باطل، وهو الذي يؤدي إلى الشعور بالندم عندما تتعارض الأشياء التي يفعلها الفرد مع قيمه الأخلاقية،وإلى الشعور بالاستقامة أو النزاهة عندما تتفق الأفعال مع القيم الأخلاقية،
الضمير الحي، الشعور الإنساني الباطني الذي يجعل المرء رقيباً على سلوكه ، ولديه الاستعداد النفسي ليميز الخبيث من الطيب في الأقوال والأعمال والأفكار واستحسان الحسن واستقباح القبيح،
لأن الضمير الحي إذا غاب عن المجتمعات أصبح أفرادها أشباحاً
بلا أرواح ،إلى أن يكونوا شياطين في جثمان إنس،
لقد عانت المجتمعات المسلمة في هذا العصر من غياب الضمير الحي الواعي،
ذلكم الضمير الذي في قابل الأزمان أنه إذا عطس أحد منهم في المشرق شمته من في المغرب ، وإذا استغاث من في الشمال لامست استغاثته أسماع من بالجنوب،
ما أصاب الأمة بهذا العصر حيث يصرخ من هو بجانبك ويئن فلا يسمع،ولا يرى(فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )إنه لن يستيقظ ضمير الأمة إلا بيقظة ضمائر أفرادها،
أصناف الناس مع ضمائرهم،
فصنف ضميره ظاهر حي، يعرف المعروف وينكر المنكر يشارك أمته همومها وآلامها وأمالها،يواسي ويتوجع ،لا يخاف لومة لائم،
وصنف من الناس ضميره مستتر، لا محل له من الإعراب مثل العبد الذي هو كل على مولاه أينما يوجه لا يأتي بخير،وجوده زيادة في العدد لا يهش ولا ينش فهو لم يمت ولكنه مستتر لدنيا،
نفسي نفسي فلا يستفيد منه فقير ولا ينصح مستنصح وكأنه خلق ليأكل ويشرب،فسيكون مع الزمن في عداد الضمائر الميتة،
وصنف ثالث،وهو الضمير الميت، الذي يغلب شره خيره أو لا خير فيه لا تجده في المقدمة ولا في الساقة لا يشاطر إلا في الشر ولا تراه إلا في دوائر القبح يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف ويقبض يديه نسي الله فنسيه لا تجده إلا كاذباً غاشاً أنانياً همازاً لمازاً مشاء بنميم،هو كالذباب لا يقع إلا على الجروح،وإنما خلق ليثقل ميزانه بالآثام،
أن الضمير الحي هوالإيمان الحقيقي المكمل التواد والتراحم والتعاطف،وهو جامع جسد الأمة المتكامل،كما قال النبي،صلى الله عليه وسلم( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )رواه مسلم،
وسيعلم كل إنسان،أن عواقب الصمت عن محاسبة الضمير،أشد خطورة من أسبابه،ولذا فإنه ينبغي أن يستنطق كل حريص ضميره،لأن الضمير الصامت شيطان أخرس،كما أن الضمير الناطق بالسوء شيطان ناطق،
عندما يموت الضمير، يؤتمن الخائن ويخون الأمين ويصدق الكاذب ويكذب الصادق،ويعلو الظلم ويخبوا العدل ويكثر الشح ويقل الناصح وتستمطر الآفات والعقوبات،ويهدم البنيان لبنة لبنة،ويموت الإحساس،وإذا مات الإحساس استوت الأعالي والأسافل فصار باطن الأرض خيراً لأهلها من ظاهرها،
أننا نرى في كثير من الأحيان أناساً يحاولون إظهار الابتسامة الصفراء على محياهم،فهذه الابتسامة تخفي خلفها،الحقد الدفين المتأصل بشخصيتهم وبسلوكهم المشين،
حين يموت الضمير،تغفو العقول وتثور الأحقاد وتتعطل إنسانية الإنسان،وتفقد الحواس قيمتها ويصبح صاحبها عقلاً لا يفقه،وعيناً لا تبصر،وأذناً لا تسمع،ويبقى قلباً أسود ينبض بلا ضمير،ويموت كل شيء معه،
من البشر هم من أصحاب الضمائر الميتة التي تقودهم إلى الشر القائم والظلم الدائم والعداوة والحقد الدفين،من جفاء وهجران، لسنين طويلة لذوي قربى لهم،وتعاملهم السيئ معهم وقطيعتهم والتعالي عليهم،
إن الضمير الحي هو هبة من الله الخالق البارئ وتلك الهبة تستوجب شكر الملك الوهاب المنعم، وشكر النعمة من أسباب بقائها وزيادتها(لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)ابراهيم،
وفي بقاء الضمير حياً حفظ لصاحبه من الوقوع في الآفات المهلكة، حتى يصل إلى بر الأمان،
خلوت ولكن قل علي رقيب ولا تحسبن الله يغفل لحظة
ولا أن ما تخفيه عنه يغيب،
التسامح لا يعني التنازل أو التساهل، بل يعني الاحترام والتقدير ومردوده على الإنسان ايجابي في دينه ودنياه،
ولقد ضرب الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم،الأمثلة على التسامح والعفو،وعلى نفس الدرب سار الصحابة رضوان الله عليهم، قال الله تعالى(أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك)
فصاحب الضمير الحي، يجعل من نفسه رقيباً ذاتياً لكل تصرفاته وأقواله وأفعاله مما يرفع من شأنه،ويعلي قدره,
فتجده ذو يقظة روحيه،ودائماً ما يدعوا للخير والإحسان ويستنكر الشر والإساءه،يراقب الله في عمله كله في الليل،والنهار,
على العكس من ذلك،هناك أشخاص أنعدمت لديهم مراقبة الله مما نشأ عنه ما يسمى بموت الضمير،فهم يتجرؤون على تجاوز حدود الله ويستهترون بكل قيمةٍ ومبدأ لا يهتمون الا بمصلحتهم وإن كان ذلك على حساب مصالح الاخرين،
ولا سبيل لإيقاظ الضمائر الميتة،سوى بالرجوع الى الله ومراقبته عز وجل،والتحلي بأخلاق ديننا الحنيف،
لست أدري كيف يعيش ميت الضمير،

فنسأل الله لهم الهداية والصلاح،واجعلنا من أصحاب الضمير الحي،والقلوب الرحيمة والنفوس الزكية الطاهرة يارب العالمين.

الحسيمqtr
08-12-2016, 05:10 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
09-12-2016, 02:54 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس