المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ



امـ حمد
19-01-2017, 04:21 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)البقرة،
قال الشوكاني،القسوة،والصلابة واليبس،
وهي،عبارة عن خلوها من الإنابة،والإذعان لآيات الله،
قال السعدي(ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم)أي،اشتدت وغلظت، فلم تؤثر فيها الموعظة،وما أنعم الله عليكم بالنعم العظيمة وأراكم الآيات، ولم يكن ينبغي أن تقسو قلوبكم،
ثم وصف قسوتها بأنها كالحجارة التي هي أشد قسوة من الحديد، لأنَّ الحديد والرصاص إذا أذيب في النار،ذاب بخلاف الأحجار،
قال الطبري،فقوله(أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً )يعني،فقلوبكم كالحجارة صلابةً،
وإنَّما وصفها بأنها أشد قسوة،وهؤلاء مع ما وصفنا من أحوالهم، وتتابع النعم من الله عليهم يمتنعون من طاعته، ولا تلين قلوبهم لمعرفة حقه،
وهؤلاء الكفار يمتنعون عما أراد الله منهم،والأحجار ينتفع بها من بعض الوجوه،ويظهر منها الماء في بعض الأحوال،أما قلوب هؤلاء فلا نفع فيها البتة،ولا تلين لطاعة الله بوجه من الوجوه،
قال ابن كثير،قال تعالى(فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ)أي،إذا
ابتليناهم بذلك تضرعوا،وتمسكنوا إلينا ولكن قست قلوبهم،وما رقَّت ولا خشعت وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون،من الشرك،والمعاصي،واستمرت على ما هي عليه،وازدادت قساوة،ولكن اعتراهم ما في خلقتهم من المكابرة،وعدم الرجوع عن الباطل كأنَّ قلوبهم لا تتأثر فشبهت بالشيء القاسي الصلب،وقد وجد الشيطان من طباعهم عوناً على نفث مراده فيهم فحسَّن لهم تلك القساوة وأغراهم بالاستمرار على آثامهم وأعمالهم،الغليظة التي لا يؤثر فيها زجر ولا تذكير،ولا تفهم عن الله وعن رسوله لقسوتها،فإذا سمعوا ما ألقاه الشيطان،جعلوه حجة لهم على باطلهم،وجادلوا به وشاقوا الله ورسوله،فصارت أبعد شيء عن الزوال)وأنه غلظ قلبه،وجفا عن قبول ذكر الله،لا يرق، ولا يلين لكتابه، ولا تتذكر آياته، ولا تطمئنُّ بذكره، بل هي معرضة عن ربها،ملتفتة إلى غيره، فهؤلاء لهم الويل الشديد،
وإذا ذكر الله تعالى،عندهم أو آياته عزَّ وجلَّ،اشمأزوا من ذلك، وزادت قلوبهم قساوة)
وقوله تعالى(فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ)الحديد،
قال ابن كثير،نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بالذين حملوا الكتاب قبلهم من اليهود والنصارى،لما تطاول عليهم الأمد بدَّلوا كتاب الله الذي بأيديهم، واشتروا به ثمنًا قليلًا، ونبذوه وراء ظهورهم، وأقبلوا على الآراء المختلفة والأقوال المؤتفكة، وقلدوا الرجال في دين الله،واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله، فعند ذلك قست قلوبهم، فلا يقبلون موعظةً،ولا تلين قلوبهم بوعد ولا وعيد فقلوبهم فاسدة،وأعمالهم باطلة،قفقست قلوبهم عن الخيرات، واشتدت على السكون إلى معاصي الله،
ولو كنت سيئ الكلام قاسي القلب عليهم لانفضوا عنك وتركوك،لأنَّ هذا ينفرهم ويبغضهم لمن قام به هذا الخلق السيئ، فالأخلاق الحسنة، تجذب الناس إلى دين الله، وترغبهم فيه، مع ما لصاحبه من المدح والثواب الخاص،
والأخلاق السيئة،تنفر الناس عن الدين، وتبغضهم إليه، مع ما لصاحبها من الذم والعقاب الخاص،
(وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)يا معشر المكذبين بآياته، والجاحدين نبوة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والمتقولين عليه الأباطيل من بني إسرائيل وأحبار اليهود،عما تعملون من أعمالكم الخبيثة، وأفعالكم الرديئة،وما الله بغافل،ولكنه محصيها عليكم، فمجازيكم بها في الآخرة، أو معاقبكم بها في الدنيا،
والقلب،هو العضو الذي يحسم مشاكل الحياة، فإذا كان القلب يعمر باليقين والإيمان،نرى أن الجلود تقشعر من هول الوعيد بالنار،< ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول(ألا وإن في الجسد مضغطة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) رواه البخارى،ومسلم،
فالقلب هو منبع اليقين ومصب الإيمان، وكما أن الإيمان في القلب،فإن القسوة والكفر في القلب،
فالقلب حينما ينسى ذكر الله يقسو،وإذا خرج الإيمان من القلب خرجت منه الرحمة وخرج منه كل إيمان الجوارح،
فلمحة الإيمان التي في اليد،تخرج فتمتد اليد إلي السرقة والحرام،
ولمحة الإيمان التي في العين تخرج فتنظر العين إلي كل ما حرم الله،لأن القلب مخزن الإيمان في الجسم،
ويشبه الحق تبارك وتعالى،قسوة قلوبهم فيقول(فهي كالحجارة أو أشد قسوة)لأن الحجارة هي الشيء القاسي الذي تدركه حواسنا،وحين تفسد القلوب وتخرج عن مهمتها تكون أقسى من الحجارة،
يذكرهم الله لما رأوه من الرحمة الموجودة في الحجارة .. عندما ضرب موسى الحجر بالعصا فانفجرت منه العيون،وذلك مثل حسي شهدوه،
يقول لهم الحق جل جلاله،أن الرحمة تصيب الحجارة فيتفجر منها الأنهار ويخرج منها الماء،
ويقول سبحانه(وإن منها لما يهبط من خشية الله)فالحجارة يصيبها اللين والرحمة فيخرج منها الماء. ولكن قلوبكم إذا قست لا يصيبها لين ولا رحمة فلا تلين أبدا ولا تخشع أبداً،
والله سبحانه وتعالى،أعطاكم من فضله ورحمته وستره ومغفرته الكثير،كان المفروض أن تلين قلوبكم لذكر الله،
وقوله تعالى(وما الله بغافل عما تعملون)أي،تذكروا أن الله سبحانه وتعالى،لا يغيب عنه شيء،وأنكم ملاقونه يوم القيامة ومحتاجون إلي رحمته ومغفرته، فلا تجعلوا قلوبكم تقسو حتى لا يطردكم الله من رحمته كما خلت قلوبكم من ذكره،


اللهم اجعل قلوبنا تخشع وتقشعر وتلين لذكرك،ونسعى فى مرضاتك،
،ونسألك إيمانًا كاملاً، ويقينًا صادقًا، وقلبًا خاشعًا، وعلمًا نافعًا، وعملاً صالحاً مقبولاً عندك يا أرحم الراحمين،
نسال الله تعالى ان يرزقنا رقة القلب والخشوع.

الحسيمqtr
19-01-2017, 01:52 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
19-01-2017, 03:23 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس
بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

bun55er
30-04-2017, 09:21 AM
جزاك الله خير

امـ حمد
30-04-2017, 03:01 PM
جزاك الله خير

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس