المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آداب المجلس والجليس



امـ حمد
23-01-2017, 02:43 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
آداب المجلس والجليس
إن الإنسان لابد له،من معاملة الناس ومخالطتهم ومجالستهم،ذلك أنه لا يمكنه أن يعيش لوحده،بل إن المخالطة أمر لا مفر منه،
وهؤلاء الجلساء قد يكونون صالحين مصلحين،وقد يكونون فاسدين مفسدين،
فإن كان الجلساء صالحين فإن المجالس ستكون مجالس خير وبركة وطاعة،
وإن كان الجلساء فاسدين فإن المجالس ستكون مجالس حسرة وندامة ومعصية،
فعن أبي موسى الأشعري،رضي الله عنه،أن النبي،صلى الله عليه وسلم،قال(إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير،فحامل المسك،إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة،ونافخ الكير،إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة)رواه البخاري،ومسلم،
فهنيئاً لمن كان جلساؤه صالحين مصلحين يستفيد من مجالستهم في دينه ودنياه، يعلمونه إذا جهل،يذكرونه إذا نسي،وينبهونه إذا غفل، يحثونه على كل خير، ويحذرونه من كل شر،
وبعداً وسحقاً لما كان جلساؤه فاسدين مفسدين، يأمرونه بالمنكر، وينهونه عن المعروف، يدعونه ويشجعونه على كل رذيلة، ويثبطونه ويزهدونه عن كل فضيلة،فيا فداحة الخسارة لتلك المجالس ولأولئك الجلساء يوم العرض على رب الأرض والسماء،
يقول الله،تعالى(الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)سورة الزخرف،
ولتلك المجالس التي يجلسها الناس آداب وأخلاق،فمن ذلك،ما ثبت في الحديث عن ابن عمر،رضي الله عنه،قال،قال رسول الله،صلى الله عليه وسلم(لا يقيمنّ أحدكم رجلاً من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن توسعوا وتفسحوا)رواه البخاري ومسلم،
وكان ابن عمر إذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه،
وقد ذكر الله،تعالى،ذلك الأدب الرفيع في كتابه الكريم، فقال تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ)المجادلة،
وقوله صلى الله عليه وسلم(لا يقيمنَّ أحدكم رجلاً من مجلسه ثم يجلس فيه)يعني،إذا دخلت مكاناً ووجدت المكان ممتلئاً فلا تقم شخصاً ثم تجلس في مكانه،ولكن إذا كنت لابد أن تجلس فقل، تفسحوا وتوسعوا،فإذا تفسحوا وتوسعوا فإن الله،تعالى،يوسع لهم(إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ)
أما أن تقيم الرجل وتجلس مكانه فإن هذا لا يجوز، حتى في مجالس الصلاة، لو رأيت إنساناً في الصف الأول فإنه لا يحل لك أن تقول له،قم، ثم تجلس في مكانه،حتى لو كان صبياً،فإنه لا يحل لك أن تقيمه من مكانه وتصلي فيه،لأن الحديث عام، والصبي لا بد أن يصلي مع الناس،ويكون في مكانه الذي يكون فيه،
وكان ابن عمر،رضي الله عنهما،من ورعه إذا قام أحد له،وقال له،اجلس في مكاني،لا يجلس فيه،كل هذا من الورع،يخشى أن هذا الذي قام قام خجلاً وحياء من ابن عمر،
للمجلس والجليس آداب كثيرة،فمن ذلك،
السلام عند الدخول إلى المجلس،وعند الخروج منه، فعن أبي هريرة،رضي الله عنه،عن النبي،صلى الله عليه وسلم(إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم فإذا أراد أن يقوم فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة)رواه أبو داود والترمذي،والنسائي، وصححه الألباني،
أن لا يقيم الرجل أخاه من مجلسه ثم يجلس فيه، بل يتفسحوا ويتسعوا،فإن ذلك مما يعمق الأخوة ويزيدها توثيقاً،
قال عمر،رضي الله عنه،إن مما يصفِّي لك ود أخيك،أن تبدأه بالسلام إذا لقيته،وأن تدعوه بأحب الأسماء إليه، وأن توسع له في المجلس،
إذا دخل الإنسان على جماعة فإن عليه أن يجلس حيث ينتهي به المجلس، فإن هذا هو فعل النبي،صلى الله عليه وسلم،وفعل أصحابه،فكانوا إذا أتوا مجلس النبي،صلى الله عليه وسلم،يجلسون حيث انتهى بهم المجلس،
فعن جابر بن سمرة،رضي الله عنه،قال(كنَّا إذا أتينا النبي،صلى الله عليه وسلم،جلس أحدنا حيث ينتهي)رواه أبو داود والترمذي،وحسنه الألباني،
وجلوس الإنسان حيث انتهى به المجلس دليل على تواضعه، وبُعده عن الكبر والعجب،
أن لا يفرق بين اثنين في المجلس، فعن أبي عبد الله سلمان الفارسي،رضي الله عنه،قال،قال رسول الله،صلى الله عليه وسلم(لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى)رواه البخاري،
إلا في حالة إذا أذنا له بالجلوس بينهما فلا بأس،وإذنهما يكون بالقول وبالفعل،
وذلك بأن يقولا له تعال فاجلس هنا،أو بالفعل بأن يوسعان له ليجلس بينهما،
فعن عمرو بن شعيب،رضي الله عنه،أن رسول الله،صلى الله عليه وسلم،قال(لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما)رواه أبو داود،والترمذي،وحسنه الألباني،
أن لا يتناجى اثنان دون الثالث،فعن ابن عمر،رضي الله عنهما،أن رسول الله ،صلى الله عليه وسلم،قال(إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث)أخرجه مسلم،
وذلك إذا كانوا في مجلس لا يضم سوى ثلاثة أشخاص، والعلة في النهي عن ذلك أنه إذا تناجى اثنان دون الثالث فأن ذلك من الشيطان وهو مما يحزن الإنسان،كما قال تعالى(إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا)المجادلة،أخرجه مسلم،
قال المناوي،رحمه الله،مبيناً علة نهي التناجي،فيه مخالفة لما توجبه الصحبة من الألفة والأنس وعدم التنافر، ومن ثم قيل إذا ساررت في مجلس فإنك في أهله متهم،
التيامن في الدخول الى المجلس والخروج منه، حيث يبدأ بسيد المجلس ثم الأيمن فالأيمن،فقد كان النبي،صلى الله عليه وسلم يعجبه التيامن في كل شأن طيب من شؤنه،تقول عائشة،كان النبي،صلى الله عليه وسلم،يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله)رواه البخاري،ومسلم،
أداء حق المجلس، من كف الأذى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،فعن أبي سعيد الخدري،رضي الله عنه،عن النبي،صلى الله عليه وسلم،قال(إياكم والجلوس في الطرقات)قالوا،يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها،فقال رسول الله،صلى الله عليه وسلم(فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه)قالوا،وما حق الطريق يا رسول الله،قال(غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)رواه البخاري ومسلم،
أن لا تكون تلك المجالس مجالس فيها مخالفات شرعية،كالغيبة والنميمة، والمراء والجدال،والغناء والمعازف والاختلاط،قال الله تعالى لنبيه(وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ)الأنعام،
حفظ أسرار المجالس،وما ائتمنه عليه أصحابها، فإن إفشاء ذلك من الخيانة،يقول النبي،صلى الله عليه وسلم(إنما المجالس بالأمانة)حسنه الألباني،
الإكثار من ذكر الله،والصلاة على النبي،صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة،رضي الله عنه،قال،قال رسول الله،صلى الله عليه وسلم،قال(ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله،تعالى،فيه،ولم يصلوا على نبيهم فيه،إلا كان عليهم ترة، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم)رواه الترمذي،وصححه الألباني،
أن الإنسان إذا جلس مجلساً مباحاً ثم كثر فيه لغطه، وكثرت غفلته،وقل ذكره لربه،فإن عليه كفارة ذلك المجلس،وهي ما جاء في حديث أبي هريرة ،ضي الله عنه،قال،قال رسول الله،صلى الله عليه وسلم(من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك،سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك)رواه الترمذي،وصححه الألباني،
فالسنة أن يدعو بهذا الدعاء في أي مجلس جلسه،

اللهم اجعلنا بدينك آمنين مطمئنين، واحفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين، يا رب العالمين.

الحسيمqtr
26-01-2017, 09:34 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
27-01-2017, 12:27 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس