المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العجلة المذمومة



امـ حمد
06-04-2017, 05:09 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

العجلة، هي داء المجتمعات في القديم والحديث، كما أنها ثغرة ضخمة في إنسانية المرء، وهي بالتالي إذا تبدت فيه كانت ثلمة في إيمانه وحسن تدبيره، العجلة،هي فعل الشيء قبل أوانه اللائق به،وهي بذلك تكون من مقتضيات الشهوة البغيضة،لخروجها عن إطارها المشروع لها، يقول الله جل وعلا(وَيَدْعُ الْأِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْأِنْسَانُ عَجُولاً )الإسراء،
ويقول الله تعالى(خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ)الأنبياء،
ويقول سبحانه(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ)القيامة،
العجلة المذمومة، لقد جاء لفظ العجلة في القرآن الكريم متصرفاً في سبعة وثلاثين موضعاً، كلها على سبيل الذم إلا موضعاً واحداً وهو قوله جل وعلا(وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى)البقرة،
إننا لنجد أن هذه العجلة المذمومة،بادية في كثير من أعمالنا وتصرفاتنا، نجدها في الحكم على الأشخاص قبل البحث والتحري، وفي سوء الظن قبل التثبت واليقين،وفي الغضب والاستجابة لترف النفس المؤدية إلى الوقوع في المحذور،فيستحمق الأمر على عجل، ويكون لسانه وفعله قبل قلبه وعقله،فلا يلزم نفسه ولا يتريث،بل يهذي بكلام،ويسقط في أفعال يحتاج بعدها إلى اعتذار طويل، وتلفيق ملفت، فيقع فيما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه بقوله(ولا تتكلم بكلام تعتذر منه غداً)رواه أحمد،وابن ماجة،
ولربما لم تفلح المعاذير، ولم ترقع الفتوق،كل ذلك لعجلة لحظة كانت كبرق، وبخاصة ما يثير خصومة ويعجل الطلاق، حتى لقد عد يميناً عند الرعاع، وضرباً من اللغو ينقض به كثير من عرى الزوجية،فيقع الندم ولات ساعة مندم،
والقاعدة المشهورة، من تعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه،
علامات العجلة في علاقة المرء بخالقه ومولاه،
العجلة،قد تكون في أداء الواجب دون إحكام وإتقان، حتى لقد بدت بعض الأعمال المؤداة وكأنها في صورة آلية،لا يتلبث أهلها ليجيدوا ولا يتأنون ليتقنوا،يحاولون في سرعة بالغة وعجلة مقيتة أن ينطلقوا منها،
بل تعدى الأمر إلى أبعد من ذلك،حتى علاقة المرء بخالقه ومولاه، في جوانب العبادة والمسألة، فترى المرء يعجل في وضوئه فلا يسبغه، ولربما بدا من عقبه أو نحوه ما لم يصل إليه الماء،فيقع في وعيد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله(ويل للأعقاب من النار)متفق على صحته،
كما أنكم،ترون المرء يعجل في صلاته فلا يطمئن في ركوعه ولا سجوده، يسرع في الحركات ولا يتلبث وكأنه أفلت في أرض هش، ويغيب عن وعيه قول أبي هريرة،رضي الله عنه(نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم،عن ثلاث وذكر منها،عن نقرة كنقرة الديك)أي،في صلاته،رواه أحمد،
ولربما طغت العجلة على المرء حتى في اللحظات الحرجة والتي ينادي فيها ربه ويدعوه متضرعاً إليه، فيفقد بسبب ذلك الاستجابة التي دعا الله من أجلها، جراء ما استعجل غير آبه بقول النبي صلى الله عليه وسلم(يستجاب لأحدكم ما لم يعجل،يقول،دعوت فلم يستجب لي)رواه البخاري،ومسلم،
فليتنبه لهذا الأمر أهل الضوائق والبلاء، أو الحوائج والأمراض الذين يتعجلون الله في أدعيتهم أو رقاهم أو نحوها،
فإن الاستجابة موكلة بالأناة والصبر، التي ينسلخ المرء بها من الضجر والتبرم، ويقف في أرض الله أواباً، يرجو رحمته ويخاف عذابه، فلا يضيره ما فقد ولا يحزنه ما قدم،
عليك بالتأني وإياك والعجلة، فالواجب على العاقل،أن يلزم التأني في الأمور كلها، والاعتدال في الحالات المتضاربة، وترك العجلة والخفة بها لأن الزيادة على المقدار في المبتغى عيب، كما أن النقصان في ما يجب من المطلب عجز، وما لم تصلحه الأناة لن تصلحه العجلة، ففي ترك الأناة يكون الخرق، وفي لزوم الخرق تخاف الهلكة، وبالتثبت حاله من حمد إلى ظفر، فمن يركب الأناة لا يستعقب الزلل،
وخلال العجل، أنه يقول قبل أن يعلم،ويجيب قبل أن يفهم،ويعزم قبل أن يفكر،ويمضي قبل أن يعزم،
العَجِلة تصحبها الندامة، ولقد كانت العرب في القديم تكني العجلة(أم الندامات)
والمثل السائد،في التأني السلامة وفي العجلة الندامة،
قد يدرك المتأني جل حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل،
قال المهلب بن أبي صفرة،أناة في عواقبها درك، خير من عجلة في عواقبها فوت،
إن التأني مع الصبر سبب في التحصيل المتكامل، في شتى شئون الحياة بدءاً من العلم والتعلم، وانتقالاً إلى التربية والتكوين،والكسب والتكسب فيما أحل الله وأباح، فليس المرء يولد عالماً غنياً حليماً، وإنما العلم بالتعلم،والحلم بالتحلم،والغنى بالتكسب،
[color="#ff0000"]عاقبة العجلة المشئومة، إن بروز العجلة،لهو المؤذن بالفشل الذريع،يجب علينا التأني،وإياكم والعجلة فليست من هدي النبي صلى الله عليه وسلم،ولا هي من شأنه،فما علينا إلا الأناة والانضباط في الأعمال،وعدم النظر إلى الثمرة فقد تتأخر،لأن المؤمل غيب وليس لنا إلا الساعة التي نحن فيها، وإن غداً لناظره قريب،
وديننا الإسلامي، دين وسط لا يرضى بالإفراط ولا التفريط، ولا المغالاة ولا المجافاة، والنظرة الشرعية للعجلة هي نظرة،كرهها الإسلام،
ثم أمور ومواقف تتطلب التصرف الحازم، والعمل السريع،ما لا يناسبه التأجيل والتسويف، مثل العجلة في اغتنام الأوقات وترك التسويف فيها،وكذا التعجيل في الفطور للصائم، وتعجل المسافر إلى أهله،وكذا صد الشر الظاهر، وإغاثة الملهوف، والنصح لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، وعدم تأخير البيان عن وقت حاجته فيما للمسلمين فيه حاجة، كبيان حق،وإبطال باطل، وأمر بمعروف،ونهي عن منكر، وكذا الواجبات الموقوتة في وقت محدود،
يقول صلى الله عليه وسلم(التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة )رواه أبو داود،
ويتأكد أمر العجلة بشدة في وجوب الأخذ بالحق إذا ظهر وعدم التواني في قبوله، وترك التسويف المودي إلى تركه ومجانبته، والبعد كل البعد عن التعليلات أو التبريرات التي يدَّعى أنها مسوغ لتركه أو تأجيله،
والمعاذير التي يقدمها المرء في تأجيل الحق أو رده مهما بلغت ما هي إلا أوهام وخيوط، [/color

الحسيمqtr
06-04-2017, 08:38 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
06-04-2017, 04:04 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس