المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : احذروا الشائعات من نشرها وتوزيعها



امـ حمد
24-07-2017, 06:05 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ظاهرة من جملة الظواهر التي تظهر في المجتمعات،الإسلامية وغير الإسلامية،لكن أهميتها للمجتمعات المسلمة أشد،
وما أكثر الإشاعات التي تطلق في أوساطنا ونسمعها هذه الأيام،إشاعات مقصودة،وإشاعات غير مقصودة،
فكم للشائعات من خطر عظيم في انتشارها وأثر بليغ في ترويجها،للمجتمعات والأشخاص،
فكم أقلقت الإشاعة من أبرياء، وكم حطمت الإشاعة من عظماء،وكم تسببت الشائعات في جرائم، وكم فككت الإشاعة من علاقات وصداقات، وكم هزمت الإشاعة من جيوش،
إن تاريخ الإشاعة قديم،وقد ذُكر في كتاب الله عز وجل،نماذج في تاريخ الأنبياء عليهم السلام وقصصهم، نجد أن كلاً منهم قد أثير حوله الكثير من الإشاعات من قبل قومه ثم يبثونها ويتوارثونها أحياناً،
ولا شك أن تلك الإشاعات كان لها الأثر في جعل بعض المعوقات في طريق دعوة أولئك الأنبياء والرسل،
فهذا نوح عليه السلام،اتهم بإشاعة من قومه بأنه يريد أن يتفضل عليكم،أي،يتزعم ويتأمر، ثم يشاع عنه أنه ضال﴿قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ﴾
ويشاع عنه الجنون ﴿وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ﴾
وهذا نبي الله هود عليه السلام، يشاع عنه الطيش والخفة،كما قال تعالى﴿قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾
ومرة يشاع عنه أنه أصيب في عقله﴿قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ،إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ﴾
ثم موسى عليه السلام، يحمل دعوة ربه إلى فرعون وملائه وقومه، فيملأ فرعون سماء مصر ويسمم الأجواء من حوله بما يطلق عليه من شائعات فيقول﴿ قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ،يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾
ومما قال فرعون﴿ قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى ﴾
احذروا الشائعات واحذروا من نشرها وتوزيعها، لا يكن أحدكم مردداً لكل ما يسمع، فقد ثبت في صحيح مسلم،قوله صلى الله عليه وسلم(كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع)
وفي رواية(كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع)
ويقول الإمام مالك رحمه الله(اعلم أنه فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما سمع)
ليكن منهج كل واحد منكم عند سماعه لأي خبر قول الله عز وجل﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾
إن أثر الشائعات سيء، جد سيء، وينتج عنها غالباً آثاراً أخرى أسوأ منها، وفي تاريخ هذه الأمة من الشائعات الكثيرة التي كانت نتائجها سيئة في ظاهرها،
نختار لكم بعض الأمثلة،في معركة أحد، عندما أشاع الكفار أن الرسول صلى الله عليه وسلم،قتل فتّك ذلك في عضد كثير من المسلمين، حتى أن بعضهم ألقى السلاح وترك القتال،فهذه تأثير الإشاعة،
مثال آخر، حادثة الإفك،تلك الشائعة التي طعنت في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، الشائعة التي هزت بيت النبوة شهراً كاملاً، بل هزت المدينة كلها،هذا الحادث، الذي كلف أطهر النفوس في تاريخ البشرية كلها آلا ماً لا تطاق،وكلف الأمة المسلمة كلها أن تمر به من أشق التجارب في تاريخها الطويل،
وعلق قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم،وزوجه عائشة التي يحبها، وقلب أبي بكر الصديق وزوجه،علقها بحبال الشك والقلق والألم الذي لا يطاق،
فإن الإشاعة لها أثر كبير على نفسية الإنسان،ولها تأثير كبير كذلك على المجتمعات بأسرها،وإذا بأن الإشاعة ربما تقيم دولاً وتسقط أخرى،
إننا نعيش في زمن كثر فيه ترويج الإشاعة،ولكي لا تؤثر هذه الإشاعات على المسلم بأي شكل من الأشكال،فلابد أن يكون هناك منهج واضح محدد لكل مسلم يتعامل فيها مع الإشاعات،ونلخصها في أربعة نقاط مستنبطة من حادثة الإفك، التي رسمت منهجاً للأمة في طريقة تعاملها مع أية إشاعة إلى قيام الساعة،
النقطة الأولى، أن يقدم المسلم حسن الظن بأخيه المسلم،
قال الله تعالى( لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا )
قال أبو حيان الأندلسي(فيه تنبيه على أنَّ حقَّ المؤمن إذا سمع قَالَةً في أخيه، أن يبني الأمر فيه على ظنِّ الخير،وأن يقول بناء على ظنِّه،هذا إفك مبين،وهذا من الأدب الحَسَن) 
والمعنى، كان الواجب على المؤمنين إذ سمعوا قول أهل الإفك أن يكذبوه ويحسنوا الظَّن، ولا يسرعوا في التُّهمة، وقول الزُّور فيمن عرفوا عفَّته وطهارته،
ويقول الطبري(يا أيُّها الذين صدقوا الله ورسوله، لا تقربوا كثيرًا من الظَّن بالمؤمنين، وذلك إن تظنوا بهم سوءًا، فإنَّ الظَّان غير محق،
عن ابن عباس،قوله،(إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ )إنَّ ظنَّ المؤمن بالمؤمن الشَّر لا الخير،إِثْم،لأنَّ الله قد نهاه عنه، فَفِعْل ما نهى الله عنه إِثْمٌ) 
النقطة الثانية، أن يطلب المسلم الدليل البرهاني على أية إشاعة يسمعها،
قال الله تعالى﴿لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُولَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾
النقطة الثالثة،أن لا يتحدث بما سمعه ولا ينشره، فإن المسلمين لو لم يتكلموا بأية إشاعة، لماتت في مهدها،
قال الله تعالى﴿وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾
النقطة الرابعة، أن يرد الأمر إلى أولى الأمر، ولا يشيعه بين الناس أبداً، وهذه قاعدة عامة في كل الأخبار المهمة، والتي لها أثرها الواقعي،
قال الله تعالى﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾
وإذا حوصرت الشائعات بهذه الأمور الأربعة، فإنه يمكن أن تتفادى آثارها السيئة المترتبة عليها بإذن الله عز وجل،
فاتقوا الله،واحذروا من الشائعات،فإن مسئوليتها عظيمة،في الدنيا وفي الآخرة، خصوصاً إذا كانت ضد مسلم وهو منه برئ،
احذروا أن تكونوا أنتم الانطلاقة لكل شائعة،وأن تكونوا مروجين، لهذه الشائعات،
فإذا ما سمعت بخبر ما، سواءً سمعته في مجلس عام أو خاص، أو قرأته في مجلة أو جريدة، أو سمعته في إذاعة، وكان ما سمعته يتعلق بجهة مسلمة، سواء كان مجتمع أو شخص وكان الذي سمعته لا يُسر، أو فيه تنقص أو تهمة، فاحتفظ بالخبر لنفسك، لا تنقله لغيرك، مع أن الذي ينبغي أن يبقى في نفسك، هو عدم تصديق الخبر لأن الأصل كما قلنا،فأوجب الله على المسلمين إذا سمعوا رجلا يقذف أحدا ويذكره بقبيح أن ينكروا عليه ويكذبوه
إحسان الظن بالمسلمين حتى يثبت بالبرهان والدليل والأدلة صدق هذا الاتهام،لأن القضية قضية دين، والمسألة مسألة حسنات وسيئات،
فليحافظ كل منا على دينه،وليحافظ على حسناته،وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون



اللهم إنا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا،وتجمع بها شملنا،وتلمّ بها شعثنا،وترد بها ألفتنا،وتصلح بها ديننا،وتحفظ بها غائبنا،وترفع بها شاهدنا،وتزكي بها عملنا،وتبيّض بها وجوهنا،وتلهمنا بها رشدنا،وتعصمنا بها من كل سوء .

الحسيمqtr
25-07-2017, 02:21 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
25-07-2017, 02:40 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس


بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

راعي ال VXR
25-07-2017, 02:55 PM
جزكي الله خير الجزاء احسنتي

سالم الزهران
25-07-2017, 03:26 PM
يفترض بالمسلم ان يكون لديه حاسة تجعله يشتبه في الخبر الكاذب ولكن الناس عمت بصايرهم

جزاك الله خير ام حمد وفي موازين حسناتك

امـ حمد
25-07-2017, 03:34 PM
جزكي الله خير الجزاء احسنتي

بارك الله في حسناتك اخوي
وجزاك ربي جنة الفردوس

امـ حمد
25-07-2017, 03:51 PM
يفترض بالمسلم ان يكون لديه حاسة تجعله يشتبه في الخبر الكاذب ولكن الناس عمت بصايرهم

جزاك الله خير ام حمد وفي موازين حسناتك

صحيح أخوي سالم الزهران،كل إنسان يجب ان يتأكد من نقل الخبر قبل ان ينقله إلى الناس،
الإشاعات أمرها خطير،وبعض الناس يجري خلف هذه الإشاعات،ويقوم بنقلها في المنتديات والمجالس، ولا يلقي لها بالاً ،
فإن المسلم عليه أن يحفظ لسانه من الكلام الذي لا مصلحة فيه،أو فيه مضرة عليه وعلى غيره،وأن يتثبت ولا يتحدث بها،فإذا بلغه عن أخيه شيءٌ سيءٌ أن يكتمه،وأن لا يشيعه،ولو كان ما نُقِلَ إليه صدق وفيه مضرة على أخيه فإنه يستر أخاه ويناصحُه فيما بينه وبينه،ولا يُشيع عنه الأخبار السيئة ولو كانت واقعة،لأن هذا أيضاً يدخل في الغيبة،
قال تعالى(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)الحجرات،
بارك الله في حسناتك اخوي سالم الزهران
وجزاك ربي جنة الفردوس