المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المزاح المذموم،المزاح المحمود



امـ حمد
11-08-2017, 08:46 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معنى المزاح، الدُّعابة،وهو نقيضُ الجِدِّ،والمبَاسطة إلى الغير على جهة التَّلطُّف،دون أذيَّة،
الفرق بين المزاح والاستهزاء،
أنَّ المزاح، لا يقتضي تحقير من يمازِحه،ولكن يقتضي الاستئناس بهم،
والاستهزاء، يقتضي تحقير المستهزأ به،
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إنِّي لأمزح، ولا أقول إلَّا حقًّا)لعصمتي عن الزَّلل في القول والعمل،وذلك كقوله لأمرأة(لا يدخل الجنَّة عجوز)
فلو ترك اللَّطافة والبشاشة،ولزم العبوس،لأخذ النَّاس من أنفسهم بذلك على ما في مخالفة الغريزة من الشَّفَقة والعناء،فمزح ليمزحوا،
أقوال السلف في المزاح،ما هو مذموم،وما هو محمود،
فالمقصود به المذموم، قال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه(مَن أكثر من شيءٍ عُرف به،ومن مازح،استخف به، ومن كَثُر ضَحِكه،ذهبت هيبته)
قال عمر بن عبد العزيز(امتنعوا من المزاح،تسلم لكم الأعراض)
قال سعيد بن العاص لابنه(يا بني،لا تمازح الشريف،فيحقد عليك، ولا تمازح الدني، فيجترئ عليك)
حكم المزاح،
المزاح مباح، وقد يُسْتَحبُّ إذا كان فيه تطيب نفس المخاطب، ومؤانسته بالضوابط الشرعية،
وقد يكون منهياًعنه، إذا أفرط فيه صاحبه أو داوم عليه، أو كان فيه تحقيرٌ أو استهزاء أو كذب،أو ترويع لمسلم أو نحوه ممَّا فيه ضرر،
قال النووي(اعلم أنَّ المزَاح المنهيَّ عنه،هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه،فإنَّه يُورث الضَّحك،وقسوة القلب، ويُشغل عن ذكر الله،ويُورث الأحقاد،والإيذاء،ويُسقط المهابة والوَقار،
وقال ابن حجر،من حديث أبي هريرة قال،قالوا،يا رسول الله،إنَّك تداعبنا،قال(إنِّي لا أقول إلَّا حقًّا)أخرجه الترمذي،
أضرار المزاح المذموم،
أولاً، الإفراط والمبالغة في المزاح مَضيعة للوقت،وشاغل عن ما هو أهمُّ،فالمداومة عليه تدل عدم تقدير للزمن المهدر الذي كان ينبغي أن يستغلَّ فيما هو أولى،
ثانياً، الإكثار من المزَاح،يجلب كثرة الضَّحك، وقسوة القلب،وقد مرَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم،على قوم يتضاحكون ويتمازحون، فقال لهم،عليه الصَّلاة والسَّلام(أكثروا من ذكر هاذم اللَّذَّات)سنن ابن ماجه،وصححه الألباني،
فنبَّههم إلى ما يُلين قلوبهم، بدل ما هم فيه من كثرة الضحك الذي يقسي القلب،
ثالثاً، المزاح المذموم،يؤول في كثيرٍ من الأحيان إلى الإيذاء، وتوريث الأحقاد، فينبغي تجنُّبه،
رابعاً، المزاح المذموم وكثرته،يذهب المهابة من قلوب النَّاس لهذا المكثر من المزاح،ويذهب عنه الوقار،
النَّوع الثَّاني،المزَاح المحمود،

ما سلم من المحظورات،ولم يغلب على صاحبه،وكانت فيه مصلحة،وتحققت فيه الضوابط الشرعية،
قال النَّووي(فأما ما سلم من هذه الأمور،فهو المباح الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم،يفعله على الندرة،لمصلحة تَطْيِيب نفس المخاطَب ومؤانسته،وهو سنَّةٌ مستحبَّة)
فوائد المزاح المحمود،
حلُّ المشاكل الإسريه، فإذا ما غضب أحدُ الزوجين وتأزَّم الأمرُ، فإنَّ الممازحة الخفيفة تُزيل هذه الوحشة، وتُرجع المودَّة بين الزوجين،
يُثاب عليه المرءُ إن صادف مصلحةً، مثل تطيِيب نفس المخاطَب ومؤانسته،
قد ينفع المزاحُ أحيانًا في بعض المِهَن كالطب، إذ تجد المريضَ وقد ساءت حالتُه وعبس وجهُه لِما به من مرضٍ وكرب، فيخفِّف الطبيب عنه بطرفة يؤانسه ويُطمئِنه بها،فيعطيه أملاً في الشفاء،
أسباب السخرية والِاستهزاء،
قد يسخر إنسان من آخر لفقره،وقد يسخر منه لجنسه، وقد يسخر منه للونه،وقد يسخر منه لمكانته، فهل هذه مبررات للسخرية من الخلق،لا تجوز السخرية بحال من الأحوال،فإن التفاضل بين الناس لا يكون إلا على أساس التقوى والعمل الصالح،وليست بالنسب ولا بالمنصب ولا بالجاه ولا بالمال،
فقد يسخر العبد من غيره ويكون هذا الذي وقعت عليه السخرية خير من ذلك بدرجات عظيمة لا يعلمها إلا الله تعالى،
استلانةُ قلوب الآخرين والوصول إليهم، قال تعالى(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)
المزاح المعتدل يحبب الشخص إلى النَّاس،ويكسبه ودهم،ويجعله مرغوباً محبوباً،مؤانسة الأصحاب،وإدخال السُّرور عليهم،والتَّخفيف عن النَّفس،وإبعاد الملَالة والسَّأَم عنها،
وقال بعض الحكماء(الخصومة تُمرِض القلوب وتثبِّت فيها النِّفاق، والمزَاح يذهب ببهاء العزِّ)
لا تمازح الشريف فيحقد عليك،ولا الدَّنيَّ فيجترئ عليك،
وأن لا يتَّخذ المرء المزاح ديدنه وعادته،وإنَّما يكون كالملح في الطَّعام، فإنَّ الإكثار من المزَاح مُذْهِب للمروءة، ويُفقد الشَّخص الهيبة، وقد يؤدِّي إلى أن يجعل الشَّخص عرضةً لسخرية الآخرين منه،كما ينبغي عليه ألا يبالغ في المزَاح، ولا يطيل فيه،
وأن يخلو من المعاصي التي كثيراً ما تصاحب المزَاح غير المنضبطـ،وذلك كالغيبة والهَمْز واللَّمز،واختيار الوقت المناسب للمزاح،وهذا من الضَّوابط المهمَّة للمزح، فليس كلُّ وقتٍ يَصلُح للمِزَاح،ولا كلُّ زمانٍ تليق فيه الدُّعابة،
ضوابط المزاح
أولاً، ألاَّ يكون فيه كذب,وغيبة،وقذف،امزح ولكن لا تقول إلا حقاً,رواية،أما أن تختلق أشياء لإضحاك الناس فلا،
ثانياً، علم وجِدٍّ،فهذا من أسوأ ما يمكن أن يحدث في مجالس العلم،
ثالثاً، عدم الانهماك،والمبالغة والإطالة،والترويع وعدم الإضرار به, فلا يأتي شخص ويخطف مفتاح سيارة شخص آخر,أو يأخذ منه شيئاً ثميناً، فهذا فيه ترويع وخوف،و وفي الأخير يأتي هذا ويقول،كنت أمزح,
رابعاً، ألا يكون فيه فحش,بعض النكت التي تُسمى عند العوام نكتاً هي عبارة عن قلة حياء،وقلة أدب وبذاءة, وتكون قبيحة،وألا يكون فيها استهزاء بشيء من الدين،
خامساً، ألا يكون مع السفهاء،لأنه إذا مازح السفهاء ردوا عليه سفاهة,فأضر ذلك بشخصيته،أن يراعي شعور الآخرين,لأنه قد يأتي بمزحة لكن تجرح شعور الذي أمامه, ويجب على الإنسان أن يكون أدبياً يراعي مشاعر الخلق,وإذا أراد أن يمازح لا يزعجه ولا يجعله يغضب منه,وليست القضية إضحاك أكبر عدد في المجلس ولو كان فيها إيذاء للآخرين, وكثير من المزحات يكون فيها ضحايا,وربما قام من المجلس وقد خاصمهم وهجرهم أو لم يكلمه من أجل أنه جعل منه أضحوكة في المجلس, وهذا يقع كثيراً, وهذا لا شك أنه إيذاء للمؤمنين, وإيذاء المؤمنين حرام وسخرية، قال تعالى(لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ)الحجرات،
فأنت عندما تمازحه فكأنك لا تحترمه ولا توقره,مزاحك له تنبئ عن عدم توقيرك له،


ونسأل الله سبحانه وتعالى،أن يؤدبنا بآداب شريعته,وأن يتوب علينا جميعاّ من هذه الآفة الخطيرة، آفة الاستهزاء والسخرية من خلق الله.

الحسيمqtr
12-08-2017, 03:55 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
12-08-2017, 04:00 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

فيصل99
13-08-2017, 08:45 AM
شكراا

امـ حمد
13-08-2017, 08:56 AM
شكراا
الشكر لله اخوي
بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس