المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : للجمال أثر تربوي ونفسي



امـ حمد
27-09-2017, 05:11 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال صلى الله عليه وسلم(إن الله جميل يحب الجمال)أي جميل الصفات، فصفاته تعالى كاملة لا نقص فيها، وله الأسماءُ الحسنى وصفاتُ الكمال اللائقة به سبحانَه، مـجمل محسن،أي يحسن لعباده ويتكرم عليهم بنعمه،
الحديث أخرجه مسلم في صحيحه،عن عبد الله بن مسعود،عن النبي صلى الله عليه وسلم،قال(إن الله جميل يحب الجمال)
قال ابن القيم،مبيناً،أن الجمال جمال الثياب،ويدخل فيه جمال من كل شيء،
وفي صحيح مسلم(إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)
وفي سنن الترمذي(إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)
وعن أبي الأحوص الجشمي قال، رآني النبي صلى الله عليه وسلم،وعليَّ أطمار فقال هل لك من مال قلت نعم ،قال من أي المال، قلت من كل ما آتى الله من الإبل والشاه،قال فلتر نعمته وكرامته عليك) رواه أحمد،والترمذي،والنسائي،

فهو سبحانه يحب ظهور أثر نعمته على عبده،وذلك من شكره على نعمه وهو جمال باطن ،
فيحب أن يرى على عبده الجمال،الظاهر بالنعمة،والجمال الباطن بالشكر عليها ،وقولِه صلى الله عليه وسلم(يحب الجمال)أي،أن يتخلق عباده بالخلق الحسن، أن يحسنوا لمن أحسن إليهم،ولمن أساء إليهم، وأن يكفوا ءاذاهم عن غيرهم،وأن يصبروا على أذى الغير،
ولمحبته سبحانه للجمال أنزل على عباده لباسا وزينة تجمل ظواهرهم وتقوى تجمل بواطنهم، فقال(يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير) الأعراف،
وقال في أهل الجنة (ولقَّاهم نضرة وسرورا،وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا)الإنسان،
فجمل وجوههم بالنضرة وبواطنهم بالسرور وأبدانهم بالحرير، وهو سبحانه كما يحب الجمال في الأقوال والأفعال واللباس والهيأة،يبغض القبيح من الأقوال والأفعال والثياب والهيأة فيبغض القبيح وأهله ويحب الجمال وأهله،
عن صلى الله عليه وسلم،قال(إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)صحيح مسلم،وصححه الألباني،
أن الجمال في الصورة واللباس والهيأة ثلاثة أنواع،
منه ما يحمد،فالمحمود منه،ما كان لله وأعان على طاعة الله وتنفيذ أوامره والاستجابة له،كما كان النبي صلى الله عليه وسلم، يتجمل للوفود،يلبَسُ أحسن الثياب، ويتطيَّب بأجمل الطيب، وكانت له حلَّة جميلة خصها للأعياد والجمعة والمناسبات، كان ،عليه الصلاة والسلام،يدهن شعره ويرجِّله، وكان يتجمل للوفود،
قال أنس بن مالك، ما شممت عنبراً قطُّ ولا مسكاً ولا شيئاً أطيب من ريح رسول الله،صلَّى الله عليه وسلَّم،
كان عليه الصلاة والسلام، لا يفارقه السواك،
ومنه ما يذم،والمذموم منه،ما كان للدنيا والرياسة والفخر والخيلاء،وأن يكون هو غاية العبد وأقصى مطلبه فإن كثيراً من النفوس ليس لها همة في سوى ذلك ،
ومنه مالا يتعلق به مدح ولا ذم،وهو ما خلا عن هذين القصدين وتجرد عن الوصفين،
والمقصود أن هذا الحديث الشريف مشتمل على أصلين عظيمين،
فأوله معرفة، فيُعرف الله سبحانه،بالجمال الذي لا يماثله فيه شيء ويعبد بالجمال الذي يحبه من الأقوال والأعمال والأخلاق،فيحب من عبده أن يجمل لسانه بالصدق، وقلبه بالإخلاص والمحبة والإنابة،والتوكل،وجوارحه بالطاعة،وبدنه بإظهار نعمه عليه في لباسه وتطهيره له من الأنجاس والأحداث والأوساخ،والختان،وتقليم الأظفار،فيعرفه بصفات بالجمال،
وآخره سلوك،ويتعرف إليه بالأفعال والأقوال والأخلاق الجميلة فيعرفه بالجمال الذي هو وصفه، ويعبده بالجمال الذي هو شرعه ودينه،
أن هذا الحديث ورد في سياق النَّهي عن الكبر المعروف وهو الارتفاعُ على النَّاس واحتقارهُم ودفعُ الحق،ثم نظافة القلب عن الغل والحقد والحسد وأمثالها،
أين هذه المعاني العظيمة للحديث من ضلالات أصحاب الهوى الذين يريدون فهماً منحرفاً لتبرير مقاصدهم السيئة
وليس معنى يحب الجمال، أي جمالَ الشكل، لأن جمالَ الشكل لا كسب للإنسان فيه،ولا يحاسب يوم القيامة على الصورة التي خلقه اللهُ عليها وإنما يحاسب على نيته وعمله،
ثم إنَّ جمال الشكل يتصف به المؤمنُ وغيرُ المؤمن، والله تعالى يقول( فإن الله لا يحب الكافرين)
فالتجمل قيمةٌ إسلاميَّة، وعمل صالح مرغوبٌ إذا صحَّت معه النيَّة، فربكم الكريم الجميل يحبُّ أنْ يرى أثَر نعمته على عباده، ترى هذه النعمة في التجمُّل في اللباس والهيئات، والمسكن والمركب، وفي حياتهم كلها، تجمُّل في غير سرف ولا مخيلة،
وللجمال أثر تربوي ونفسي، فالتجمُّل في المظهر له أثره البالغ في التأثير على الآخَرين،
دخل مسجدَه رجلٌ ثائرُ الرأس واللحية، فأشار الحبيب عليه الصلاة والسلام،إليه بيده أنِ اخرج، كأنه يعني إصلاح شعر رأسه ولحيته، ففعل الرجل، ثم رجع، فقال،صلَّى الله عليه وسلَّم (أليس هذا خيراً من أنْ يأتي أحدُكم ثائر الرأس كأنه شيطان)رواه مالك،وصحَّحه ابن حبان،
قال الفاروق، رضي الله عنه،إنه ليعجبني الشابُّ الناسك، نظيف الثوب، طيب الريح،
وكما أنَّ للصورة جمالها، فللصوت جماله، فالنفوس بطبيعتها وفِطرتها تطرَبُ للصوت الحسن والأداء الجميل، وما استحقَّ بلال الأذان، إلاَّ لجمال صوته، وروعة أدائه،
ونبينا،صلَّى الله عليه وسلَّم،أمر أمّته بتجميل الصوت وتحسينه عند تلاوة القرآن،كل ذلك لما لتجميل الصوت من أثرٍ بالغٍ على القلوب،قال صلَّى الله عليه وسلَّم(ليس منَّا مَن لم يتغنَّ بالقرآن)رواه البخاري،
وإذا رُزِق العبد صوتاً شجياً، وإيقاعاً ندياً، فليستشعِر أنَّ هذه نعمةٌ من ربِّه، فليسخِّرها في مرضاته وطاعته،
ومن كُفران النِّعمة أنْ تُصرَف هذه النِّعمة في معصية الله،كالغناء أو إنشاد الشعر الفاحش أو البذيء،
وحين تختل القيم،وتغورُ الأخلاق، ترى الاستخدام للجمال،في مشاهد السُّفور،صور التعرّي، أو مناظر الإغواء والإغراء،
فهذا في شرع الله منكر وفحش، وإن سماه أهله بالجمال، وادّعَوا أن الله يحب الجمال( قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )الأعراف،
فما أجمل أن يتجمل القلبُ باستِقامته وطَهارته من أدران الغلِّ والبَغضاء، والكِبر والشحناء،وإذا رُزِق العبد جمالَ الظاهر والباطن، رُزِق محبَّة القلوب، واشتاقت له الأرواح، وسطرت له الألسن عِبارات المدح والثناء،
وعكسه،إذا ساءَت الأخلاق وقبح السلوك، تنكد العيش وتكدرت الحياة، وكثر التشاكي منها ومن أهلها،

نسأل الله،عز وجل،كما حسن خلقنا أن يجمل أخلاقنا، وأن يصلح قلوبنا، وأن يجعل بَواطِننا خيراً من ظواهرنا،اللهم آميــــن.

الحسيمqtr
27-09-2017, 05:27 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
27-09-2017, 06:27 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس


بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس