المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره



امـ حمد
11-09-2018, 04:24 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قول الله تعالى(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ،وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)الزلزلة،
وهذه القاعدة القرآنية المحكمة،والتي تتحدث عن شيء من أهوال ذلك اليوم العظيم، الذين تشيب لهوله الولدان،
وقوله(ليروا أعمالهم) ليتيقن المحسنون بكمال رحمة الله، والمسيئون بكمال عدله سبحانه وتعالى،
(فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره) قال صلى الله عليه وسلم(أنها تعم كل خير وكل شر)
وعلى هذا سار الصحابة رضي الله عنهم في فهمهم الذي تعلموه من النبي صلى الله عليه وسلم،ومن ذلك،
أولاً،أن عائشة رضي الله عنها جاءها سائل فسأل، فأمرت له بتمرة، فقال لها قائل، يا أم المؤمنين إنكم لتصدقون بالتمرة،قالت، نعم والله، إن الخلق كثير ولا يشبعه إلا الله، أوليس فيها مثاقيل ذر كثيرة،
ثانياً،وعنها رضي الله عنها أن سائلاً جاءها، فقالت لجاريتها، أطعميه،فوجدت تمرة، فقالت، أعطيه إياها، فإن فيها مثاقيل ذر إن تقبلت،
ثالثاً، وروي أن عمرَ رضي الله عنه، فقد أتاه مسكين، وفي يده عنقود من عنب،فناوله منه حبة وقال،فيه مثاقيل ذر كثيرة،

وإذا كان هذا المعنى في باب احتساب النفقة، فثمة معنى آخر يتفطن له أرباب القلوب الحيّة، وهو،الخوف من تبعة السيئات،
فقد أخرج ابن أبي شيبة عن الحارث بن سويد أنه قرأ، إذا زلزلت حتى بلغ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره قال، إن هذا الإحصاء شديد،
وفي السنة الصحيحة من الأمثال والقصص ما يبين معنى هذه القاعدة العظيمة(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ،وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)
ففي هذين الحديثين اللذين لن تتضح الصورة إلا بهما جميعاً،
أما الحديث الأول فهو، قوله صلى الله عليه وسلم،كما في صحيح مسلم(بينما كلب يطيف بركية، أي بئر، قد كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها،وهو خفها، فاستقت له به، فسقته إياه فغفر لها به)
وأما الحديث الآخر، فهو الحديث المتفق عليه، الذي يخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم(عن امرأة دخلت النار في هرة، ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض، حتى ماتت هزلاً)
كيف جاء هذان الحديثان ليفسرا لنا عملياً هذه القاعدة(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ،وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)
فتلك المرأة التي لم يذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، بأنها عابدة، أو صائمة، بل لم يذكرها إلا بالبغاء، ومع هذا فقد نفعها هذا العمل،وأي عملٍ هو،إنه سقي حيوان من أنجس الحيوانات،وهو(الكلب)ولكن الرب الرحيم الكريم لا تضيع عنده حسنة،
بل كما قال سبحانه وتعالى(إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا)النساء،
إن من أعظم توفيق الله تعالى لعبده أن يعظّم الله،
من أظهر صور تعظيم الرب جل وعلا، تعظيم أمره ونهيه، وإجلال الله عز وجل وتوقيره، فلا يحقرن صغيرةً من الذنوب مهما صغر الذنب في عينه، لأن الذي عُصي هو الله عز وجل،
كما قال بلال بن سعد رحمه الله، لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر من عصيت،
وقوله تعالى(وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)الكهف،
فمن كان قلبه حياً تأثر بأي معصية، كالثوب الأبيض الذي يؤثر فيه أي دنس، وإلا فإن العبد إذا لم يجد للذنوب أثراً،وإن كانت من الصغائر،
فليتفقد قلبه، فإنه على شفا خطر،
ولهذا لما قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم( حسبك من صفية كذا وكذا، تعنى قصيرة، فقال(لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته) رواه أبو داود، والترمذي،
وأما عدم زهد المؤمن في أي عمل صالح ،وإن ظنّه صغيراً، فلأنه لا يدري ما العمل الذي يدخله الجنة،
قال صلى الله عليه وسلم،من حديث أبي ذر رضي الله عنه(لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)رواه مسلم،
ولما سأل أبو برزة رضي الله عنه نبينا صلى الله عليه وسلم، فقال، يا نبي الله،علمني شيئا أنتفع به،قال(اعزل الأذى عن طريق المسلمين)
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال،والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأدخل الجنة)
فتأمل،كم يحتقر كثير من الناس أمثال هذه الأعمال اليسيرة،كم نمر في يومنا بغصن،أو بحجر،أو زجاجة منكسرة، فربما تكاسلنا عن إزالتها كسلاً في أمثال هذه الأعمال التي هي من أسباب دخول الجنة، وأرشد إليها بعض أصحابه،
ولو أردتَ أن تفتش في حياتنا اليومية، لو جدت فيها عشرات الأمثلة من الأعمال اليسيرة، التي لو جمعت لشكلت سيلاً من الحسنات، دمعة يتم تمسحها، أو جوعة فقير تسدها، أو مساعدة عاجز، أو ابتسامة في وجه مسلم،
وفي عدد من الأعمال لا يمكن حصرها، فما أحرانا،أن نكون سباقين إلى كل خير، متذكرين هذه القاعدة العظيمة(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ،وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)

نسأل الله تعالى أن يضاعف لنا الحسنات، وأن يتجاوز عن السيئات، وأن ييسر لنا الخير، ويعيذنا من موارد الشر، والحمد لله رب العالمين.

أبورودي
11-09-2018, 08:25 AM
جزاكى الله كل خير على المعلومات.

امـ حمد
11-09-2018, 04:14 PM
جزاكى الله كل خير على المعلومات.
وجزاك ربي كل الخير اخوي
وبارك الله في حسناتك

الحسيمqtr
15-09-2018, 06:31 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
17-09-2018, 07:08 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس


بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي كل الخير