nooora
06-04-2019, 08:51 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف تخدعنا قوائم الطعام لنطلب المزيد؟
هناك جهد وفكر كبيران يوظفان لابتكار قوائم الطعام في المطاعم، وهناك أيضا بعض الحيل النفسية البارعة التي توظف من أجل التأثير على خياراتنا.
تُصنع قوائم الطعام في المطاعم غالبا في صورة كتيب فخم مغلف بالجلد، ذي تصميم جذاب. وداخله، تجد صفحات تحمل نصوصا مائلة كتبت ببراعة، وتنجذب عيناك لعدد من الأصناف التي طبعت بطريقة مزخرفة، وتقدم وصفا ساحرا لنوع معين من الطعام. وبعدها تدير وجهك للنادل لتطلب طعامك.
لكن ما الذي دعاك لاختيار ذلك الطعام الذي طلبته بالتحديد؟ هل كان الأمر ببساطة لأنك أحببت منظر الطبق الذي يعرض قطع اللحم، أم أن هناك شيئا آخر كان له تأثير على قرارك؟
ربما لم تلحظ أنت ذلك، لكن ربما لعبت تلك القائمة دورا أكبر مما كنت تظن. فبجانب تفاخرها أيضا بأنها تقدم أسعارا لا تقارن، تعد قوائم الطعام وسائل تسويق معقدة، يمكنها أن توجه الزبائن نحو اختيارات معينة، كما أنها يمكن أيضا أن تكشف الأمور التي نفكر فيها.
يقول تشارلز سبينس، أستاذ علم النفس التجريبي بجامعة أكسفورد: "حتى الإطار المزخرف حول قائمة الطعام يمكن أن ينقل لنا رسائل مهمة جدا عن نوع التجربة التي نوشك أن نخوضها".
ويضيف: "هناك العديد من العناصر الموجودة في قوائم الطعام، والتي يمكن أن تعدل من أجل أن تؤثر على اختيار الزبائن بطريقة أو بأخرى".
وهناك الآن صناعة كاملة تعرف باسم "هندسة قوائم الطعام"، والمعنية بتصميم قوائم الطعام بطريقة تبعث رسائل محددة إلى الزبائن، لتشجعهم على إنفاق المزيد من المال، والرغبة في العودة مجددا إلى نفس المطعم.
يقول غريغ راب، وهو أحد مصممي قوائم الطعام من كاليفورنيا، والذي عمل في ذلك المجال خلال مسيرته المهنية التي تمتد لنحو 34 عاما: "بالنسبة لسلسلة من المطاعم الكبيرة التي تخدم مليون شخص يأتون إليها يوميا في فروعها حول العالم، قد يستغرق تصميم قائمة الطعام أكثر من 18 شهرا، لأننا نختبر فيها كل شيء ثلاث مرات".
ويضيف راب: "يقضي العملاء دقائق قليلة فقط في النظر إلى القائمة، ولهذا نحن نريدهم أن يستفيدوا من هذا الوقت بشكل فعال. فإذا كان بإمكانهم العثور على طلب ما بسرعة، فمن الممكن أن يقضوا وقتا إضافيا في النظر إلى طلبات أخرى في القائمة قد يريدون طلبها".
وربما يكون أول شيء يلاحظه الزبون بشأن قائمة الطعام هو وزن هذه القائمة. فقوائم الطعام ذات الوزن الأثقل توحي للزبائن بأنهم في مؤسسة رفيعة المستوى، إذ يمكنهم توقع مستويات رفيعة أيضا من الخدمة.
نوع الخط
يمكن لنوع الخط المستخدم في كتابة قوائم الطعام أن ينقل رسائل مشابهة أيضا؛ فعلى سبيل المثال، يحمل الخط المائل تصورا عن الجودة. كما يمكن لاستخدام خط معقد تصعب قراءته أن يحمل رسالة أخرى حول الطبيعة التي سيبدو عليها مذاق الطعام نفسه.
اللغة الوصفية
تستخدم اللغة الوصفية بشكل واسع في هذا المجال، وتشتهر سلسلة محلات ماركس آند سبينسر باستخدام لغة وصفية للأطعمة التي تبيعها، في منشوراتها الدعائية، وذلك لنقل انطباع جيد عن جودة منتجاتها.
فالكلمات لها تأثير قوي جدا على اختيارنا للطعام. ويمكن لإعطاء بعض أصناف الطعام أسماء وصفية أن يزيد مبيعاتها إلى 27 في المئة في بعض الحالات.
ويصبح هذا الأمر فعالا أكثر إذا ألحق بالوصف بعض أصول مكونات الطعام، مثل "رقائق القرع المصنوعة في بيت جدتنا"، مقارنة بـ "رقائق القرع" فقط. ويرى العملاء أن الطعام تكون جودته أعلى إذا ما ذكر في وصفه المكان أو المزرعة التي أتى منها، كما يقول سبينس.
تكلفة الأحرف
ويجب الحذر أيضا من قوائم الطعام التي تقدم وصفا بكلمات غير مترابطة أو متناسقة، فربما يبدو أن وراءها سببا جشعا أكثر من مجرد ملخص لوصف نوع ما من الطعام.
وقد أجرى دان جورافسكي، أستاذ اللغويات الحاسوبية بجامعة ستانفورد، دراسة حللت كلمات وأسعار ما يقرب من 650 صنفا من الطعام، في6,500 قائمة طعام. وتوصل إلى أنه كلما استخدمت كلمات أكثر لوصف صنف ما من الطعام، يميل هذا الصنف إلى أن يكون سعره أعلى، مقارنة بذكر اسمه فقط دون أوصاف.
كما لوحظ أيضا أنه إذا قدم صنف ما في قائمة الطعام ملحقا بصورة، فسيكون لها تأثير كبير، لأن أدمغتنا سـ"تتذوق" ذلك الطعام الذي في تلك الصورة أولا.
وهناك شيء آخر، وهو عدم كتابة رمز الدولار أو الجنيه مطلقا بجوار السعر، وكتابة رقم مجرد فقط.
ويقول ألين: "إن علامة الدولار تمثل شيئا مؤلما يذكر المستهلكين بأنهم سينفقون أموالهم. لكن مجرد ذكر السعر في صورة رقم غير مقترن بعلامة الدولار، أو حتى كتابته بالأحرف، يمكن أن يخفف هذا النوع من الألم".
ويقول ألين أيضا إن ترتيب الأطباق في القائمة بصورة مقصودة يمكن أن يترك تأثيرا كبيرا. فمن خلال وضع الأطباق الأغلي سعرا في المقدمة، فإن ذلك يجعل أسعار الأطباق التي تأتي بعد ذلك تبدو معقولة في نظر الزبائن، مما يشجعهم على الإقبال عليها. ويقول ألين إن هذه الطريقة قد تجعل بعض المطاعم تحقق أرباحا كبيرة.
صور الطعام
هناك وسائل أخرى يمكن أن تجذب الانتباه نحو أطباق معينة، مثل وضع علامات مميزة أو مربعات حول بعض الأصناف في قوائم الطعام، والتي يمكن أن تكون وسيلة فعالة.
وهناك بعض المطاعم التي تستخدم رموزا أو علامات يمكن أن تميز نوعا جديدا من الأطباق، أو أطباقا موسمية في فترة ما، لكي تجذب انتباه الزبائن نحو هذه الاختيارات بعينها.
إن وسائل الذكاء الاصطناعي والآلات التي يمكن تعليمها قد تأخذ هذا الأمر إلى مستويات أبعد من ذلك، فيمكن لها أن تنظر إلى خياراتك السابقة عندما زرت مطعما ما، وتقترح عليك الطعام الذي قد تحبه.
ويضيف: "لقد أنفق قطاع المطاعم عشرات المليارات من الدولارات خلال السنوات الماضية في محاولة لفهم أفضل تصميم لقوائم الطعام، والهندسة وعلم النفس المتعلقان بها".
كيف تخدعنا قوائم الطعام لنطلب المزيد؟
هناك جهد وفكر كبيران يوظفان لابتكار قوائم الطعام في المطاعم، وهناك أيضا بعض الحيل النفسية البارعة التي توظف من أجل التأثير على خياراتنا.
تُصنع قوائم الطعام في المطاعم غالبا في صورة كتيب فخم مغلف بالجلد، ذي تصميم جذاب. وداخله، تجد صفحات تحمل نصوصا مائلة كتبت ببراعة، وتنجذب عيناك لعدد من الأصناف التي طبعت بطريقة مزخرفة، وتقدم وصفا ساحرا لنوع معين من الطعام. وبعدها تدير وجهك للنادل لتطلب طعامك.
لكن ما الذي دعاك لاختيار ذلك الطعام الذي طلبته بالتحديد؟ هل كان الأمر ببساطة لأنك أحببت منظر الطبق الذي يعرض قطع اللحم، أم أن هناك شيئا آخر كان له تأثير على قرارك؟
ربما لم تلحظ أنت ذلك، لكن ربما لعبت تلك القائمة دورا أكبر مما كنت تظن. فبجانب تفاخرها أيضا بأنها تقدم أسعارا لا تقارن، تعد قوائم الطعام وسائل تسويق معقدة، يمكنها أن توجه الزبائن نحو اختيارات معينة، كما أنها يمكن أيضا أن تكشف الأمور التي نفكر فيها.
يقول تشارلز سبينس، أستاذ علم النفس التجريبي بجامعة أكسفورد: "حتى الإطار المزخرف حول قائمة الطعام يمكن أن ينقل لنا رسائل مهمة جدا عن نوع التجربة التي نوشك أن نخوضها".
ويضيف: "هناك العديد من العناصر الموجودة في قوائم الطعام، والتي يمكن أن تعدل من أجل أن تؤثر على اختيار الزبائن بطريقة أو بأخرى".
وهناك الآن صناعة كاملة تعرف باسم "هندسة قوائم الطعام"، والمعنية بتصميم قوائم الطعام بطريقة تبعث رسائل محددة إلى الزبائن، لتشجعهم على إنفاق المزيد من المال، والرغبة في العودة مجددا إلى نفس المطعم.
يقول غريغ راب، وهو أحد مصممي قوائم الطعام من كاليفورنيا، والذي عمل في ذلك المجال خلال مسيرته المهنية التي تمتد لنحو 34 عاما: "بالنسبة لسلسلة من المطاعم الكبيرة التي تخدم مليون شخص يأتون إليها يوميا في فروعها حول العالم، قد يستغرق تصميم قائمة الطعام أكثر من 18 شهرا، لأننا نختبر فيها كل شيء ثلاث مرات".
ويضيف راب: "يقضي العملاء دقائق قليلة فقط في النظر إلى القائمة، ولهذا نحن نريدهم أن يستفيدوا من هذا الوقت بشكل فعال. فإذا كان بإمكانهم العثور على طلب ما بسرعة، فمن الممكن أن يقضوا وقتا إضافيا في النظر إلى طلبات أخرى في القائمة قد يريدون طلبها".
وربما يكون أول شيء يلاحظه الزبون بشأن قائمة الطعام هو وزن هذه القائمة. فقوائم الطعام ذات الوزن الأثقل توحي للزبائن بأنهم في مؤسسة رفيعة المستوى، إذ يمكنهم توقع مستويات رفيعة أيضا من الخدمة.
نوع الخط
يمكن لنوع الخط المستخدم في كتابة قوائم الطعام أن ينقل رسائل مشابهة أيضا؛ فعلى سبيل المثال، يحمل الخط المائل تصورا عن الجودة. كما يمكن لاستخدام خط معقد تصعب قراءته أن يحمل رسالة أخرى حول الطبيعة التي سيبدو عليها مذاق الطعام نفسه.
اللغة الوصفية
تستخدم اللغة الوصفية بشكل واسع في هذا المجال، وتشتهر سلسلة محلات ماركس آند سبينسر باستخدام لغة وصفية للأطعمة التي تبيعها، في منشوراتها الدعائية، وذلك لنقل انطباع جيد عن جودة منتجاتها.
فالكلمات لها تأثير قوي جدا على اختيارنا للطعام. ويمكن لإعطاء بعض أصناف الطعام أسماء وصفية أن يزيد مبيعاتها إلى 27 في المئة في بعض الحالات.
ويصبح هذا الأمر فعالا أكثر إذا ألحق بالوصف بعض أصول مكونات الطعام، مثل "رقائق القرع المصنوعة في بيت جدتنا"، مقارنة بـ "رقائق القرع" فقط. ويرى العملاء أن الطعام تكون جودته أعلى إذا ما ذكر في وصفه المكان أو المزرعة التي أتى منها، كما يقول سبينس.
تكلفة الأحرف
ويجب الحذر أيضا من قوائم الطعام التي تقدم وصفا بكلمات غير مترابطة أو متناسقة، فربما يبدو أن وراءها سببا جشعا أكثر من مجرد ملخص لوصف نوع ما من الطعام.
وقد أجرى دان جورافسكي، أستاذ اللغويات الحاسوبية بجامعة ستانفورد، دراسة حللت كلمات وأسعار ما يقرب من 650 صنفا من الطعام، في6,500 قائمة طعام. وتوصل إلى أنه كلما استخدمت كلمات أكثر لوصف صنف ما من الطعام، يميل هذا الصنف إلى أن يكون سعره أعلى، مقارنة بذكر اسمه فقط دون أوصاف.
كما لوحظ أيضا أنه إذا قدم صنف ما في قائمة الطعام ملحقا بصورة، فسيكون لها تأثير كبير، لأن أدمغتنا سـ"تتذوق" ذلك الطعام الذي في تلك الصورة أولا.
وهناك شيء آخر، وهو عدم كتابة رمز الدولار أو الجنيه مطلقا بجوار السعر، وكتابة رقم مجرد فقط.
ويقول ألين: "إن علامة الدولار تمثل شيئا مؤلما يذكر المستهلكين بأنهم سينفقون أموالهم. لكن مجرد ذكر السعر في صورة رقم غير مقترن بعلامة الدولار، أو حتى كتابته بالأحرف، يمكن أن يخفف هذا النوع من الألم".
ويقول ألين أيضا إن ترتيب الأطباق في القائمة بصورة مقصودة يمكن أن يترك تأثيرا كبيرا. فمن خلال وضع الأطباق الأغلي سعرا في المقدمة، فإن ذلك يجعل أسعار الأطباق التي تأتي بعد ذلك تبدو معقولة في نظر الزبائن، مما يشجعهم على الإقبال عليها. ويقول ألين إن هذه الطريقة قد تجعل بعض المطاعم تحقق أرباحا كبيرة.
صور الطعام
هناك وسائل أخرى يمكن أن تجذب الانتباه نحو أطباق معينة، مثل وضع علامات مميزة أو مربعات حول بعض الأصناف في قوائم الطعام، والتي يمكن أن تكون وسيلة فعالة.
وهناك بعض المطاعم التي تستخدم رموزا أو علامات يمكن أن تميز نوعا جديدا من الأطباق، أو أطباقا موسمية في فترة ما، لكي تجذب انتباه الزبائن نحو هذه الاختيارات بعينها.
إن وسائل الذكاء الاصطناعي والآلات التي يمكن تعليمها قد تأخذ هذا الأمر إلى مستويات أبعد من ذلك، فيمكن لها أن تنظر إلى خياراتك السابقة عندما زرت مطعما ما، وتقترح عليك الطعام الذي قد تحبه.
ويضيف: "لقد أنفق قطاع المطاعم عشرات المليارات من الدولارات خلال السنوات الماضية في محاولة لفهم أفضل تصميم لقوائم الطعام، والهندسة وعلم النفس المتعلقان بها".