مشاهدة النسخة كاملة : حياتُهم _ عبرةٌ _ لنا!
سالم الزهران
24-01-2020, 07:09 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت سأكتب مشاركة في موضوع آخر لكن بدى لي أن تجميع المشاركات من النمط الواحد أنفع للقارىء وللمدون أيضاََ. وليكن هذا الموضوع مكاناََ لسرد بعض السير والعبر لمن سبقنا من العهد القريب أو البعيد لأخذ الفائدة والاسترشاد بما قد يوفق الله في طرحه هنا من قبل الجميع.. فمرحباََ بالقاريء وبالمشارك وبالناصح.. هلا ومرحبتين.
سالم الزهران
24-01-2020, 07:37 AM
علي بن أبي طالب رضي الله عنه.. من السابقين الأولين للإسلام أسلم صبياََ مكفولاََ تربى في بيت النبوة.. اعتمد عليه نبينا صلى الله عليه وسلم منذ حداثة سنه.. فأظهر نجاحاََ منقطع النظبر في كل مهمة يوكلها اليه النبي الكريم..
حتى المهام العسيرة؛ لم تصمد أمام عزيمة هذا الفتى النجيب..
قيل أنه بات في فراش النبي * موهماََ المشركين ومضللاََ لاستخباراتهم عن عزيمة نبينا الكريم على الهجرة.
كثيراََ ما اختاره النبي صلى الله عليه وسلم للسفارة أو القيادة رغم حداثة سنه.. بل هو من تولى رد الأمانات الى اهلها عندما هاجر نبينا الكريم الى المدينة.. وهو حامل الراية في خيبر وهو بعد كل هذا القاضي والمستشار لخلفاء النبي صلى الله عليه.
نجد أن علي رضي الله عنه قد نجح في كل المهام الفردية التي أوكلت اليه.. لكنه ابتلي في المهام العامة عندما اوكلت اليه وهذا ليس بسبب نقص قدرة ولا عزيمة معاذ الله.. لكنه ابتلاء وامتحان من الله سبحانه.. فقد كانت ولايته رضي الله عنه تموج بالفتن و لم يستقم له أمر الناس وهو افضلهم واجلهم وابرعهم في زمانه رضي الله عنه.
روي عنه أن رجلاََ سأله عن سبب الاضطرابات في ولايته فقال لقد خلف ابو بكر وعمر ولم يكن هذا الذي نراه من القلاقل؟ فرد عليه ابو الحسنين فقال.. على عهد ابي وبكر وعمر كنت أنا وعثمان وامثالنا الرعية.. فلما استخلفت انا وعثمان ابتلانا الله بأمثالك.
والعبرة من حياة هذا الصحابي الفذ المبشر بالجنة.. هي أنك قد تكون ناجحاََ في أمور شخصية ومهام فرديةََ نجاحاََ منقطع النظير وتجد نفسك لاتكاد تنجز شيئاََ في العمل الجماعي أو عندما تكون مسؤولاََ عن إدارة عمل من الأعمال..
وهذا كله نصيب فلا تتعب نفسك كثيراََ.. لكن ابذل الاسباب التي تعينك لكي تبريء ذمتك.. أما النجاح في المسؤوليات العامة فهو توفيق من الله وحده.. وربما.. بل لا أشك أنها خيرة فقد تعلو بك المناصب وتتعرض للفتن والفساد.
ومن ينظر لهذه النقطة يجد أنه حتى في الرياضة يكون اللاعب من الأبرع والأفضل في الملعب لكنه كثيراََ ما يفشل في تولي مسؤولية التدريب أو الإدارة.
وشكراََ
* ينقل عن بعض المحدثين أن قصة نوم علي رضي الله عنه في فراش النبي غير ثابتة.
سالم الزهران
25-01-2020, 11:24 AM
يُذكرُ في التواريخ أن عظماء الرجال خرجوا من حجور نساءٍ عظيمات.. منهن :
الصحابية هند بنت عتبة بن ربيعة وأم الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.. فقد نقل عنها الحزم والشدة عند تربيتها له.. فقد عثر مرة خلفها فلم تلتفت له.. فلامها رجلٌ ممن اشتهر بالفراسة.. فقال لها.. أرى ان ابنك هذا سيد قومه.. فردت عليه بنت الأسياد هند فقالت: عدمته إن لم يسد العرب قاطبة (وقد كان).
والثانية هي خديجة خاتون أم الخليفة العثماني السابع محمد بن مراد فاتح القسطنطينية.. فقد اشتهر عن أمه أنها كانت تسير بها على ضفاف مضيق البسفور وتشير الى الضفة الأوروبية(البيزنطية آنذاك).. وتخبره عما وراء تلك الأسوار من ممالك وشعوب مقهورة تنتظر من يخلصها.. فنمى الطفل وفي ذهنه حلم العبور و اشتد عوده على حب الفتوح.. ولله درهن من نسوة..
رحمهن الله ورحم أمهاتنا اللاتي علمننا القيم الدينية والأمور الجليلة التي نطلب من الله أن يجعل اعمالنا الصالحة في موازين حسناتهن أنه هو البر الرحيم.
sara jsm
29-01-2020, 07:09 AM
الله يجزيك الخير اخوي بوزيد على هالطرح الجميل
توني انتبه له ... واختياراتك موفقه ..
متابعه باذن الله لهالسير الطيبه العطرة ..
سالم الزهران
31-01-2020, 09:19 AM
ويجزاك الجنة اختنا الكريمة..ويصلح لكم المال والعيال
سالم الزهران
01-02-2020, 06:52 AM
صباح الخير..
يقول الأولين (الدنيا ما تزين الا لخالقها) سبحانه وتعالى.
ومن دلائل هذا الكلام.. شخص مقاول أعرفه أنعم الله عليه بالمال وكان متواضعاََ قريباََ من الناس.. لم يكن ذلك الشخص الذي يبدي لك أنه مشغول، بل كأنك ترى الرزق يساق له سوقاََ.. وهذا مع كل ما أنعم الله عليه لم يرزق الولد رغم محاولاته وزيجاته. المهم مرة من المرات كنت في أحد المشاريع واذا بسيارة تقف في مدخل المشروع ثم تعود... فسمعت العمال يقولون.. هذا (منصور) ولد الشيخ فلان.. (اللي هو رفيجنا المقاول)... التفت لواحد وقلت له.. لكن اخبر الاخ فلان ما عنده عيال؟
قال لي : لا وينك، تزوج له سورية والله رزقه منها هذا الولد فقط.. قلت الحمد لله.. والله يبارك له.. فعلاََ شيء يسر القلب.
وبين معرفتي بالأخ وبين هذي السالفة سنين قريب الخمصطعش سنة..
يوم من الأيام.. رغم أني ما أقرأ جرايد كلش واستخسر فيها الريالين.. الا اني حصلت جريدة ولا اتذكر والله في البيت أو العمل.. الا أن مكتوب فيها.. (بقلوب مؤمنه تنعي اسرة ال فلان وتعزي الشيخ فلان في وفاة ابنه منصور!)
أثر حادث مروري؟ فعلاََ أنا مسكت راسي ولف جدام عيوني شريط حياة ومواقف اتخيل فيها اخونا المقاول وشلون كافح واشلون تعب واشلون اغتنى بفضل الله..ولا اعجب من مفاجأتين هي يوم علموني انه جاء له ولد.. والخبر المؤلم الأخير... فسأل الله أن يمن عليه وعلى كل من هو يتعرض لامتحانات الدنيا وان يخرجهم منها بالنجاح والفلاح والغنيمة.
فالعبرة واضحة وهي أن الانسان المؤمن مبتلى وقد يدرك أن من حكمة الله سبحانه أن تكون حياته بصورة معينة.. لأنه إن صبر نال في الآخرة درجة لم ينلها غير ومعروف أجر الصابرين يوم القيامة.. فقد قال تعالى (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).
سالم الزهران
28-05-2020, 06:05 AM
بعض القيم تدخل أصحابها النار
صباح الخير، الحقيقة المواقف تشد خيوط الذاكرة وتستدعي مثيلاتها.. والشخصية اللي استحضرها اليوم هي لأبي طالب عم النبي الكريم عليه افضل الصلاة والسلام.
هذا الرجل كان من سادات قريش بل هو سيد بني هاشم ولا منازع وقد أسهمت مكانته الاجتماعية في قريش في توفير الحماية المؤقتة للنبي صلى الله عليه وسلم.
لكن وبرغم رجاحة عقل أبي طالب في الموازنة بين مال لقريش من حقوق كمجتمع ومال للأسرة، التي شرفت بكون نبينا الكريم أحد أفرادها، من حقوق الرعاية والحماية.
الا أن خاتمة ابي طالب كانت أن جعل قيَمَهُ تغلب داعي الحق وصوت السماء الذي كان ينطق على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم عندما الح عليه وهو ينازع الموت بأن يقول كلمة (لا اله الا الله) لكي ينجو!
لكنه آثر أن يموت على ملة عبدالمطلب.. حتى لا يقال عنه صبأ وترك دين آبائه!
والعبرة: كم من رجل أو امرأة لديه من العقل والحصافة ما يدله على دقائق الأمور، لكنه يتمسك بقيم ومثل اجتماعية (ربما تكون فارغة لا تسمن ولا تغني من جوع).. وجدت كثيرين شددوا على انفسهم وتركوا حقوقهم حتى لا يقال فلان ذهب للمحكمة! هذا مثال بسيط وأشد منه إيلاماََ هي تلك المثل التي جعلتنا نصنف الناس بمعايير مختلفة ومعقدة تتدخل فيها الماديات كعامل مساعد في هذه المعادلة، كم مرة تركنا ما تميل له النفس من الخيارات التي قد تكون (خيرة بعد استخارة) استجابة أو مجاملة للكبير أو مداراة للأسرة؟
واستغفر الله من الزلل وسوء المنقلب.
sara jsm
01-06-2020, 11:35 AM
ماشاءالله عليك بوزيد سردك للقصص جميل ..
الله يعطيك الف عافيه .. ويديم علينا وعليك الامان والثبات ..
سالم الزهران
01-06-2020, 02:40 PM
ماشاءالله عليك بوزيد سردك للقصص جميل ..
الله يعطيك الف عافيه .. ويديم علينا وعليك الامان والثبات ..
يعافيج اختي الكريمة..اشكرك
سالم الزهران
21-06-2020, 04:02 PM
(بين الترك والسعوديين)
بدأت سلطنة العثمانيين في الاضمحلال في المئة سنة الأخيرة من عهدها.. حيث تفشى الجهل بالدين بل حاربوا السنة الصحيحة ونشروا الطرق الصوفية وأشاعوا الظلم والفساد..
في ذلك الوقت كانت الدولة السعودية الأولى بتضامن الأمام محمد بن سعود والشيخ الجليل محمد بن عبدالوهاب رحمهما الله، تنشر العقيدة الصحيحةبنشاط وهمةٍ أعادت الناس الى عقيدتهم الصافية وذكرتهم بأيام الإسلام الأولى.
اليوم
العكس صحيح، فالحرب على الدين وثوابته تخرج من قلب الجزيرة العربية.. والتآمر على المشاريع الإسلامية كذلك..
بينما يضرب الرئيس التركي وحكومته أروع الأمثلة في الدفاع عن الدين والمقدسات ونصرة المظلومين.. فله ولشعبه المسلم منا كل الدعاء بالنصر والتمكين والتوفيق للخير.
وفعلاََ الدنيا دواره والمعتبر قليل.. وتبادل الأدوار يحصل واختلاف الدول وارد.. (فما واجبي أنا كمسلم)!.
سالم الزهران
25-06-2020, 06:11 AM
صباح الخير
لم يستطع الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري العيش في المدينة المنورة في القرن الأول للهجرة وفي خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، لأن أبا ذر لم يكن يقبل التوسع في الدنيا الذي دخل على أهل المدينة عندما نشطت أسواقهم وكثرت أموالهم.
كان لأبي ذر فقه ورؤية خاصة لا يجوز لنفسه ولا لمسلم كان أن يمسك في بيته أكثر من قوت يومه! لذلك كان رضي الله عنه يخرج الى الطرقات والأسواق واعظاً ومحذراً للمسلمين من الدنيا.
لكن هذا الأمر كان سبباً لنشوء خلافات كثيرة، عندها نصحه خليفة المسلمين ذو النورين رضي الله عنه بالابتعاد عن الناس فخرج ابو ذر رضي الله عنه الى مكان يقال له الربذة قريباً من المدينة وبها توفي رضي الله عنه وأرضاه.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في معنى حديثه ورغب في ذلك الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، مالم تكن هذه المخالطة مفضية الى ضرر أكبر على الرجل نفسه أو في المجتمع.
واطن والله أعلم أنه عندما وقع الضرر لأبي ذر نصحه الخليفة دو النورين باعتزال الناس.
وهنا يمكننا الوصول لنتيجة وهي أنك قد تكون محقاً لكنك في ذات الوقت مخالفاً للتيار العام للمجتمع وهذا بدوره قد يجعلك تعبش في صراع وبدرجة معينة. لذلك لا يمكن لعاقل أن يدعوك لترك قيمك خصوصاً إذا كنت مأموراً بها من ناحية الدين لكن ننصحك بما اخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو (الصبر على الأذى).
ونسأل الله التوفيق للجميع و الراحة للجميع ومن تأمل في الزمان وأهله منذ عصر الصحابه سيجد الكثير من العِبَر.
سالم الزهران
13-11-2020, 07:43 PM
الأنبياء عليهم السلام
لم تسلم بيوتهم عليهم السلام من الابتلاء، فنوح عليه السلام أول الرسل وأحد أولي العزم والأب الثاني للبشر الذي صنع الفلك بأمر الله تعالى وأنقذ المؤمنين والجنس البشري من الغرق.. مع هذا كله ومع حمله لاجناس الحيوان والطير وبقية من آمن، لم يحمل أحد ابنائه لأنه فارقه في العقيدة وكفر بالله واتبع قومه في عنادهم.. حتى قال عنه الله تعالى : ( يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح ).
وكذلك زوجته، وزوجة النبي لوط عليه السلام كما جاء في القرآن الكريم.
فما بالنا نستكثر على انفسنا تلك النسبة البسيطة من الابتلاء والخلاف مع الأهل والولد.
رب اغفر لنا وللمسلمين والهمنا رشدنا وصلاح أمرنا يا كريم
سالم الزهران
02-12-2020, 01:23 PM
السلام عليكم
تذكرت واقعةً يصلح ذكرها في مواجهة الحملة المذعورة المكرورة على الاسلام ونبينا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه، والتي تتبناها فرنسا من جهة، ومعها ابناء الصهاينة واذيلاهم في العالم العربي من اعلاميي بوظبي والقاهرة والتابعين لهم من جهة أخرى.
تذكرت موقف للصحابي صخر ابن حرب بن أمية بن عبدشمس المكنى (بأبي سفيان) رضي الله عنه.
هذا الموقف حصل في مكة المكرمة في بداية دعوة النبي الكريم، وابو سفيان حينها من رؤوس الكفار.. لكن تأملوا معي ماذا حدث؟
التقى أبو سفيان مع الصنديد المدعو عمرو بن هشام بن المغيرة والمنبوز (بأبي جهل) فقال أبو جهل عندما مر النبي صلى الله عليه وسلم؛ هذا نبيكم يا بني عبد شمس!
قال أبو سفيان: وتعجب أن يكون منا نبي، فقد كان فيمن هو أقل منا و أذل، فقال أبو جهل: عجب أن يخرج غلامٌ من بين شيوخ نبياََ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع، فأتاهما فقال النبي لأبي سفيان: (أما أنت يا أبا سفيان، فما لله ورسوله غضبتك ولكن حميت للأصل، وأما أنت يا أبا الحكم فوالله لتضحكن قليلاً ولتبكين كثيراََ). 1
فالعجب كل العجب من كافر يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يؤمن به، والأعحب منه سكوت البعض ممن يؤمن به صلى الله عليه وسلم ويرجو شفاعته من إعلاميين ومشايخ ومدونين وأصحاب شأن. الم يجد هؤلاء في النبي صلى الله عليه وسلم ما وجده أبو سفيان، أي حجة ثقافية أو تاريخية أو قومية ليدافعوا عنه صلى الله عليه وسلم ، أم هي الموالاة لتلك الدولة البائسة الكافرة وللعلمانية ومعتقداتها الخبيثة!
لاشك ولا ريب إن الله يدافع عنه و قد فعل ورفع ذكره في العالمين الى يوم الدين.. وجعل له المقام المحمود والحوض المورود وهي كرامة لم تحصل لغيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.
1: هذه الرواية وردت في أكثر كتب السير عند ابن اسحاق وابن هشام وعند البيهقي في دلائل النبوة.
سالم الزهران
29-01-2021, 08:04 PM
السلام عليكم
طيب الله أوقاتكم، في حياة سلفنا الصالح أسوة حسنة سيما وهم أفضل وأكمل من اقتدى بنبينا صلى الله عليه وسلم، مع هذا نجد في حياتهم لمسات وتوافقات عجيبة تتكشف لنا عندما نقرأ سيرتهم العطرة رضوان الله عليهم.
فنجد الصديق أبو بكر رضي الله عنه رجلاََ رقيقاََ عطوفاََ ليس ممن تخشى سطوته لعلم قريش بهذه الرقة التي في طبعه. لكن هل تحولت هذه الرقة لنقطة يمكن أن نسميها ضعفاََ؟ انتظروا قليلاََ حتى ترون ما سيكون! فقد مات النبي صلى الله عليه وسلم وماج الناس واختلفوا فمن الذي ثبت إنه الصديق رغم رقة طبعه التي يتوقع البعض أن تطغى في مثل هذه الشدائد والأحزان. ثم ولي امر المسلمين بعد نبينا الكريم في وقت ارتدت فيه الكثير من العرب عن الاسلام.. هل تهاون معهم؟ بل قال رضي الله عنه (والله لو منعوني عقالاَ او عناقاََ كانوا يؤدونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه).
ومن هذا يتضح لنا أن هذه الخصلة في الصديق لم تتجاوز حدها فتنقلب الى صفة ضارة للمسلم بل كانت رغم وضوحها عليه لا تمنعه ولا تقعده عن مجابهة الملمات بصمود عظيم لم يعرف الا للصديق رضي الله عنه.
وننتقل للفاروق رضي الله عنه.. الذي عرفته قريش والناس قاطبة بغلظته وقوته وجبروته، حتى أن المسلمين اهتموا لأمر تولية ابي بكر له وخافوا من الحزم الذي عهدوه في الفاروق.. لكن كان يوازن هذه الشدة رضي الله عنه بالتقوى والورع والعدل.. فمن توفرت فيه هذه الصفات من تقوى و عدالة لم يخشى من قوته لانه لن يستعملها في ظلم أحد.
وهذا الخليفة الثالث ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه.. كان جواداََ كريماََ معروفاََ بهذا بل إن من خرجوا عليه من المنافقين والخوارج لعنهم الله، لم تسعفهم عقولهم بتهمة يرفعونها ويجتمعون عليها الا الإسراف في المال.
لكن واقع عثمان رضي الله عنه يكذبهم.. اليس هو من جهز جيش العسرة كاملاََ على نفقته؟ اليس هو من اشترى بئر رومه وجعله سبيلاََ لكافة المسلمين؟ اليس هو من تصدق بقوافل كاملة في عام الرمادة في خلافة الفاروق رضي الله عنه؟ وكل هذا من ماله الخاص. ولم يكن اذ ذاك خليفة ولا والياََ على بيت المال.
وهكذا وازن عثمان رضي الله عنه بين جوده على اهله واقربائه والمسلمين ولم تكن هذا ابداََ صفة يمكن لأحد أن ينتقدها الا الخوارج ومن في حكمهم ولا يعتد بهم كما ذكر آنفاََ.
أخيراََ الخليفة الرابع علي رضي الله عنه.. رغم ما اشتهر به من شجاعة وبسالة منذ صغره الا أن خلافته جاءت بعد وقوع الفتنة وانقسام المسلمين الى فئتين تمسكان بالسيوف والرماح.
لكن انظروا الى ما تمتع به ابو الحسن رضي الله عنه من صبر و أناة وحلم وهو القائد الذي لا يقهر.. رغم هذا كان سباقاََ الى كل دعوة اصلاح ولم يعتد بقوته وشجاعته ولم يجعل موقفه الصحيح رضي الله عنه ذريعةََ لظلم غيره.. فمن يقرأ سيرته يجده رجلاََ وضع في مقابل شجاعته وبسالته ما يكافئها من الحكمة والصبر والرفق.
رضي الله عنهم وأرضاهم.. والعبرة من سيرتهم لا تنقضي بقليل كلمات هنا وهناك.. لكن المقصد من هذه الكلمات هو التأسي بهم بعد نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم.
فجدير بنا أن نعلم وأن نطبق وأن ندرس أحوالنا ونعرف ما جبلنا عليه من صفات و أن نسعى لكي نوازنها بغيرها من الصفات لكي يتم المسلم من خلقه ما استطاع و لا يجعل ما فيه من صفات سبباََ للوقوع في الخطأ بسبب الإفراط في صفة أو التفريط في أخرى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions Inc. All rights reserved.