المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بر الوالدين



SOKRAB
06-03-2022, 09:58 AM
بر الوالدين من أعظمِ العبادات التي يتقرّب بها العبد إلى الله تعالى، إذ إنّ الله تعالى جَعلَ رضاه مقرونًا ببر الوالدين ورضاهما، لذلك فإنّ رضا الله من رضا الأمّ والأب، وسخطه من سخطهما، ولا يكون الإنسان بارًّا بوالديه إلا إذا أدّى ما لهما من حقوق وأكرمهما في الدنيا، وأعانهما على هموم الحياة، ولم يسبّب لهما الأذى.
والأمر بالإحسان إلى الوالدين عام مطلق، لا يخصّص، ولا يحدّد، ولا يُقبل أو يُرفض بشروط، ولا يُطرح لمناقشة أو جدال؛ ليتنبه أكثر الأبناء أو الذين يعتقدون أن برهما فقط فيما يوافق رغباتِهم أو ميولَهم.
ثم دعني أسألك – يا رعاك الله-:
أليست أمك مَن حملتك في بطنها تسعة أشهر، وحملت مع حملك آهات الألم، ودمعات الفرح، منتظرةً قدومك، ومتحفزةً لمجيئك؟.
أليست هي التي تجرعت عند وضعك زفرات الموت، وأحست بفراق حياتها بمجيء حياتك؟.
أليست هي التي أصبحت أنت أكبرَ همِّها، وأكثر شغلِها، بعد أن رأت عيناك النور، بل أصبحت تخشى عليك حتى من سفيف الريح؟.
أليست هي التي أرضعتك من صدرها، واحتضنتك في حجرها، وتحملت قذارتَك لكي تكون نظيفاً، وتلقفت كل ما كرِهَتْ لتجد أنت ما تحبه؟.
أليست هي التي لم يهدأ لها بال، ولم تقف لها دمعة، عند غيابك وبعدك عنها؟.
أليست هي التي لا زالت تعتبرك الطفل الصغير البريء، مهما بلغ عمرك، أو تنوّر فكرك، أو أصبح لك زوجة وأولاداً؟.
ثم ماذا يعني لك الأب؟. برضاه عنك، وتضحيته لأجلك، وعمله الدؤوب لأجل إمتاعك وإرضائك.
هل تشعر بدوره تجاهك؟ هل فكرت يوماً لماذا حَمَلَك من لهيب الأرض؟ وأسقاك من زلال الماء؟ وأعطاك من طيب الزاد؟.
هل تعي مدى حزنه عندما تحزن؟ وغاية سعادته عندما تسعد؟ وهل شَعَرْتَ – ولو لمرة واحدة – بتلك اللمسة الحانية من يده المشفقة، وهي تسير على شعر رأسك؟.
وهل تدرك تلك التكاليف الباهظة، والأثمان الغالية، والتي أجهدت كاهليه؛ لتلبس أجمل الملابس، وتأكل ألذ الأكل، وتعيش أفضل حياة.
وإن المقصّر في حق والديه وهو يقرأ الأسئلة السابقة ويتأملها جيداً ليسأل نفسه فعلاً إلى متى أعامل والدي بجفاء وقطيعة أو بعناد وعقوق وهما من هما في الفضل والمكانة , وقد أوصى الله  ورسول الله ﷺ ببرهما وطاعتهما والإحسان إليهما.
لقد اعتنت الشريعة الإسلامية بحق الوالدين، وأكّدت في مواضع كثيرة على وجوب طاعتهما وبِرِّهما، فبالإضافة إلى مقارنة عبادة الله تعالى برضى الوالدين، فقد حذرنا من الرد عليهما بالرفض، أو رفع الصوت بحضورهما، بل حتى من التأفف منهما، وهو أقل ما يقال أو يعبر به عن الغضب من الآخر.
يخبرنا نبينا محمد ﷺ أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، والتي لا تغفر من رب العزة والجلال، إلا بالتوبة الصادقة الخالصة. قال: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ " قالوا: بلى يا رسول الله. قال: " الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ..." متفق عليه, ومن صور عقوق الوالدين على سبيل الذكر لا الحصر ما يلي :-
• عصيانهما، وعدم الالتزام بأمرهما.
• البعد عنهما، وتركهما بدون سؤال ولا عناية.
• إبكاؤهما وتحزينهما بقولك أو فعلك.
• مزاولة المنكرات أمامهما، وإدخال الغضب بسببها
• تقديم الزوجة عليهما فيما للوالدين دخل فيه.
• أن يعتبر الابن أنه مساوٍ لأبيه.
• أن يتعاظم الابن عن تقبيل يدي والديه، ولا ينهض لهما.
• أن لا يُنسب إلى أبيه لحرج أو لغيره.
• عدم النفقة عليهما، سواء قضت الحاجة أم لم تقض.
• سبهما وشتمهما، وهذا من أكبر العقوق والمعاصي.
• ومن أقبح العقوق أن يتمنى الولد زوال أبيه ليرثه إن كان غنياً، أو ليتخلص منه إن كان فقيراً، أو لينجو من مراقبته إن كان مؤدباً.
• أن يمشي الابن أمام والده أو والدته أو يدخل مكاناً قبلهما.
• أن يمد يديه على الصحن أو المزودة قبلهما.
• أن ينظر إليهما بحدّة أثناء محادثتهما إياه.
• أن يحرمهما ما يريدان حتى ولو لم يفصحوا عن ذلك.
يها المضيّع لآكد الحقوق، المعتاض من بر الوالدين بالعقوق، الناسي لما يجب عليه، الغافل عما بين يديه، بِرُّ والديك عليك دين، وأنت تتعاطاه باتباع الشين، تطلب الجنة بزعمك، وهي تحت أقدام أمك.

ها هما بجوارك، قد بدأ المشيب عليهما، واحدوب منهما الظهر، وارتعشت الأطراف، لا يقومان إلا بصعوبة، ولا يجلسان إلا بمشقة، أنهكتهما الأمراض، وزارتهما الأوجاع والأسقام، فألِنْ جانبك لهما، وارع حقوقهما، وقبِّل رأسهما، واسكب الدمعة لعل الله يرحمهما، ويعفو عن تقصيرك في حقهما.
قال ﷺ : " بروا آباءكم تبركم أبناءكم " رواه الحاكم واعلم أنه كما تدين تدان، والجزاء من جنس العمل.
ايات عن بر الوالدين

خير الاستشهاد الاستشهاد بكلام الله سبحانه وتعالى، لا سيما وأن بر الوالدين من الأمور المكتوبة في القرآن الكريم في أكثر من موضع نضع لكم فيما يأتي مجموعة منها:

قال تعالى: “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ”. [3]
قال تعالى: “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا”. [4]
قال تعالى: “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”. [5]
قال تعالى: “قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا * ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ”. [6]

احاديث عن بر الوالدين

حثّ رسولنا الكريم على بر الوالدين وطاعتهما في غير معصية الخالق في مجموعة من المواضع، نضع لكم مجموعة منها فيما يأتي:

عن عبد الله بن مسعود حيث قال: “سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ، قالَ: حدَّثَني بهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزادَنِي”. [7]
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: “رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ”. [8]
جاء عن عبدالله بن عمرو حيث قال: “جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَسْتَأْذِنُهُ في الجِهَادِ فَقالَ: أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَفِيهِما فَجَاهِدْ”. [9]

SouthK
06-03-2022, 10:20 AM
جزاكم الله خبر الجزاء

سيبناوي
31-03-2022, 04:21 PM
مشكور والله يع\يك العافية

سالم الزهران
01-04-2022, 02:57 PM
الله يرزقنا واياكم بر الوالدين وبر الأبناء.. جزاك الله خير

أبوماجد
27-04-2022, 11:42 AM
جزاكَ الله خيراً وجعله في ميزان حسناتك ، وإن الحديث عَن بر الوالدين يُستطاب ولا يُمل ولا يُكل مِنه

جعلنا الله وإياكم مِنَ الفائزين بهذا البر العظيم الذي اقترن برضى المولى عَز وجَل

SouthK
28-04-2022, 09:40 AM
اللهم ارزقنا رضا والدينا علينا
جزاكم الله خير الجزاء