{راشد}
06-10-2006, 02:34 AM
اتحداكم ماتضحكون اوتبتسمون !!
يا زين أيام أوّل! صحيح لم تكن هناك رفاهية ولا «دشّات» ولا «بلاي ستيشن» ولا تكييف...، ولكن الحال النفسية لأهلنا كانت أروق بألف مرة مما نحن عليه الآن! تجد أجدادنا يصحون لصلاة الفجر، ثم يرجعون إلى بيوتهم ليصبحوا على أهلهم وأولادهم ويتناولوا ما جاد به الله عليهم من خبيزات وتميرات، ثم يخرجوا بكلمة «أصبحنا وأصبح الملك لله الواحد القهار! لا إله إلا الله وحده لا شريك له! وكأن لهذه الكلمات منهم طعماً آخر! تحس بمعناها، وتحس بمدى إيمان قائلها وتشعر بالراحة النفسية التي يتحلّى بها!
يذهب إلى دكّانه مبتسماً، يبسمل وهو يفتح مزلاج الدكان، وبدلاً من هدير المكيفات، يقوم برش بعض الماء على الأرض مما تبقى من «فلج» براد «البارد» الذائب (فلج = ثلج... البارد = المشروبات الغازية... أيام أوّل!) وذلك لتهدئة الأغبرة، ولتلطيف الجو! فوقتها لم تكن هناك كهرباء (ولا فواتير تقصم الظهر) ولذلك، لم يكن هناك هدير لمكائن المكيفات وكومبرسرات الثلاجات! حياة هادئة جميلة... لا طوابير فيها، ولا ملفّات علاقية! ولا أغراب يغزون البيوت والشقق التي تحوطك كل يوم من كل حدب وصوب.
والآن! تخرج من بيتك صباحاً وأنت ذاكراً ومسبحاً... ترجو رحمة ربك وتخشى عذابه! وأوّل ما تفاجأ به، أن جارك «الغريب» مغلق باب مرآبك بسيارته، وهو غارق في سبات عميق، ويتطلب موضوع إيقاظه لإبعاد سيارته، أكثر من ربع ساعة بقليل، هذا إذا لم يكن اليوم سبتاً،
أما إن كان يوم سبت، وكان جارك ممن يسهرون «صبّاحي»، وجوازه قد ختم «دخولاً» صباح اليوم نفسه، فالأفضل لك أن تقوم بإيقاف أقرب «ليموزين» يمر من أمام بيتك! تتحرك بسيارتك، وعند أول إشارة تقف فيها، وترى أوجه سائقي السيارات الأخرى متجهمة، ومكشرة وعابسة! ولو حاولت كسب الأجر بالتبسم في وجه أحد منهم، تجده يرمقك وكأنه يقول «وش يبي ذا هو ووجهه!»... ولو كان معه في السيارة أحد من أهله وأنت لم تنتبه بسبب انعكاس الضوء على الزجاجة أو تشابه لون العباءة مع اللون الداخلي للسيارة، لا تستبعد أن يخرج لك «بازوكا»من تحت المقعد، ويلوح لك بها...!
يبدأ صدرك بالضيق، من أول «مطب» يهشم أسفل سيارتك، ويزداد صدرك ضيقاً من أول مشروع إصلاحات تراه قد بدأ متزامناً مع أول يوم دوام! يتسبب في تكوين ازدحام لا يفكك منه إلا الصبر... أو الصبر، وتسكت وترضى غصباً عن أهل أهلك! وكأن المقاول والوزارة المسؤولة عن هذا المشروع، كانا معطلين مع عطلة الطلبة، ورجعا مع رجعة الطلبة، بل وكأنّي بالمقاول مدير مدرسة، ترك مكتبه العقاري، وتفرغ للمقاولات! ويا ليت هذه الوزارة تحل واجباتها مثل الطلبة الشطار! لما وجدنا مقاولاً يتلكّأ ويستغفل وزارة محترمة في بلد محترم!
ثم تصل إلى المصلحة الحكومية التي كنت تصبو إليها باكراً، لتتفادى الوقوف في طابور ألعن من الطابور الخامس! أو أن تتذلل لصديق أو حتى عدو بأن يتوسط لك لكي تنهي معاملتك وتخرج وأنت تلبس العقال نفسه... والنعال نفسه اللذين دخلت بهما! ولكنك عندما تفاجأ بأن معاملتك البسيطة التافهة، تستغرق أكثر من أربع ساعات، ومن دون أي سبب مقنع أو حتى غير مقنع! تلعن اليوم الذي يسمح فيه النظام للموظفين الحكوميين بإدخال الصحف اليومية معهم إلى مقار عملهم، وكأنها مصلحة أبوهم! فقد تسيبوا وأهملوا وأمنوا العقاب... وضيقوا صدور الناس، ضيق الله صدورهم وصدور المسؤولين عنهم... ولا تدرون؟ الله يهديهم... آمين!
بقلم : محمد المسحل
يا زين أيام أوّل! صحيح لم تكن هناك رفاهية ولا «دشّات» ولا «بلاي ستيشن» ولا تكييف...، ولكن الحال النفسية لأهلنا كانت أروق بألف مرة مما نحن عليه الآن! تجد أجدادنا يصحون لصلاة الفجر، ثم يرجعون إلى بيوتهم ليصبحوا على أهلهم وأولادهم ويتناولوا ما جاد به الله عليهم من خبيزات وتميرات، ثم يخرجوا بكلمة «أصبحنا وأصبح الملك لله الواحد القهار! لا إله إلا الله وحده لا شريك له! وكأن لهذه الكلمات منهم طعماً آخر! تحس بمعناها، وتحس بمدى إيمان قائلها وتشعر بالراحة النفسية التي يتحلّى بها!
يذهب إلى دكّانه مبتسماً، يبسمل وهو يفتح مزلاج الدكان، وبدلاً من هدير المكيفات، يقوم برش بعض الماء على الأرض مما تبقى من «فلج» براد «البارد» الذائب (فلج = ثلج... البارد = المشروبات الغازية... أيام أوّل!) وذلك لتهدئة الأغبرة، ولتلطيف الجو! فوقتها لم تكن هناك كهرباء (ولا فواتير تقصم الظهر) ولذلك، لم يكن هناك هدير لمكائن المكيفات وكومبرسرات الثلاجات! حياة هادئة جميلة... لا طوابير فيها، ولا ملفّات علاقية! ولا أغراب يغزون البيوت والشقق التي تحوطك كل يوم من كل حدب وصوب.
والآن! تخرج من بيتك صباحاً وأنت ذاكراً ومسبحاً... ترجو رحمة ربك وتخشى عذابه! وأوّل ما تفاجأ به، أن جارك «الغريب» مغلق باب مرآبك بسيارته، وهو غارق في سبات عميق، ويتطلب موضوع إيقاظه لإبعاد سيارته، أكثر من ربع ساعة بقليل، هذا إذا لم يكن اليوم سبتاً،
أما إن كان يوم سبت، وكان جارك ممن يسهرون «صبّاحي»، وجوازه قد ختم «دخولاً» صباح اليوم نفسه، فالأفضل لك أن تقوم بإيقاف أقرب «ليموزين» يمر من أمام بيتك! تتحرك بسيارتك، وعند أول إشارة تقف فيها، وترى أوجه سائقي السيارات الأخرى متجهمة، ومكشرة وعابسة! ولو حاولت كسب الأجر بالتبسم في وجه أحد منهم، تجده يرمقك وكأنه يقول «وش يبي ذا هو ووجهه!»... ولو كان معه في السيارة أحد من أهله وأنت لم تنتبه بسبب انعكاس الضوء على الزجاجة أو تشابه لون العباءة مع اللون الداخلي للسيارة، لا تستبعد أن يخرج لك «بازوكا»من تحت المقعد، ويلوح لك بها...!
يبدأ صدرك بالضيق، من أول «مطب» يهشم أسفل سيارتك، ويزداد صدرك ضيقاً من أول مشروع إصلاحات تراه قد بدأ متزامناً مع أول يوم دوام! يتسبب في تكوين ازدحام لا يفكك منه إلا الصبر... أو الصبر، وتسكت وترضى غصباً عن أهل أهلك! وكأن المقاول والوزارة المسؤولة عن هذا المشروع، كانا معطلين مع عطلة الطلبة، ورجعا مع رجعة الطلبة، بل وكأنّي بالمقاول مدير مدرسة، ترك مكتبه العقاري، وتفرغ للمقاولات! ويا ليت هذه الوزارة تحل واجباتها مثل الطلبة الشطار! لما وجدنا مقاولاً يتلكّأ ويستغفل وزارة محترمة في بلد محترم!
ثم تصل إلى المصلحة الحكومية التي كنت تصبو إليها باكراً، لتتفادى الوقوف في طابور ألعن من الطابور الخامس! أو أن تتذلل لصديق أو حتى عدو بأن يتوسط لك لكي تنهي معاملتك وتخرج وأنت تلبس العقال نفسه... والنعال نفسه اللذين دخلت بهما! ولكنك عندما تفاجأ بأن معاملتك البسيطة التافهة، تستغرق أكثر من أربع ساعات، ومن دون أي سبب مقنع أو حتى غير مقنع! تلعن اليوم الذي يسمح فيه النظام للموظفين الحكوميين بإدخال الصحف اليومية معهم إلى مقار عملهم، وكأنها مصلحة أبوهم! فقد تسيبوا وأهملوا وأمنوا العقاب... وضيقوا صدور الناس، ضيق الله صدورهم وصدور المسؤولين عنهم... ولا تدرون؟ الله يهديهم... آمين!
بقلم : محمد المسحل