المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقتصادات الخليج قادرة على هضم تراجع أسعار النفط



مغروور قطر
25-10-2006, 07:51 AM
اقتصادات الخليج قادرة على هضم تراجع أسعار النفط

حسين العويد

هناك أكثر من سبب للاطمئنان بأن التباطؤ الذي تشهده أسعار النفط الخام لن تكون له انعكاسات كبيرة على اقتصادات الدول المنتجة بشكل عام واقتصادات دول الخليج بشكل خاص. فبغض النظر عن مستوى التراجع الحالي في الأسعار فان كل المؤشرات تؤكد ان أسعار النفط ستظل في المدى المنظور عند مستويات تضمن للدول المنتجة عوائد مالية مجزية نسبيا. فالمراقبون لا يتوقعون انخفاض الاسعار الى أقل من 50 دولارا للبرميل في العام المقبل، خاصة وان دول الاوبك تحركت سريعا لدعم الأسعار الحالية بالاتفاق على خفض الانتاج بمعدل مليون ونصف المليون برميل يوميا، فضلا عن إبقاء خيار إجراء خفض آخر في ديسمبر(كانون الاول) المقبل مفتوحا. وبعيدا عن حسابات النفط وتقلبات السوق، فان الدول المنتجة وخاصة الدول الخليجية قادرة فيما يبدو على التكيف مع تراجع الأسعار. فمعظم دول المنطقة التي كانت لها تجربة قاسية في منتصف الثمانيات حين انهارت أسعار النفط الى ما دون عشرة دولارات للبرميل، أصبحت لها الآن حسابات إنفاق متحفظة، ظهرت في تقديراتها لموارد الميزانيات للعام المقبل. كما تراكمت لدى هذه الدول موارد مالية لا بأس بها خلال العامين الماضيين، الأمر الذي يشكل رصيدا لديها لمواجهة أي تراجع في العوائد النفطية في الفترة المقبلة. الى ذلك، فان اقتصادات الدول الخليجية المنتجة لم تعد كما هو الحال في العقود الماضية أسيرة لتقلبات أسعار النفط بعد ان تشكلت عندها بدائل دخل عديدة وتنوعت أمامها فرص استثمار موارد أخرى غير النفط. فالعديد من هذه الدول توفرت لديها قطاعات إنتاجية وخدمية أخرى تدر عليها موارد تقترب في بعض الأحيان من الموارد التي تدرها الصناعة النفطية. وهنا يمكن الاشارة الى القاعدة الصناعية المتطورة في المملكة العربية السعودية وقاعدة الخدمات والسياحة في دولة الامارات العربية المتحدة والنشاط الاستثماري الكويتي في الخارج كأمثلة على مصادر دخل بديلة لهذه الدول. يضاف الى ذلك كله ان الارقام المجردة للدخل لم تعد تمثل بالنسبة لدول المنطقة معيارا لتحديد استقرار اقتصاداتها. فهذه الدول أوجدت خلال العقود الثلاثة الماضية بنية تحتية متطورة، ونجحت في إحداث تنمية اقتصادية واجتماعية كبيرة، خفضت الى حد بعيد الأعباء التي تتحملها الميزانيات الحكومية. ويشهد على ذلك الدور المتعاظم الذي تلعبه مؤسسات القطاع الخاص او المختلط التي أصبح لديها موارد ذاتية قادرة على مواجهة متطلبات النمو بعيدا عن دعم الحكومات، بل أصبح بعضها روافد لإمداد الميزانيات الحكومية بعوائد مالية مجزية. وغني عن القول بأن هذا التطور في دور القطاع الخاص ما كان ليتم لولا التطور التشريعي والتنظيمي الذي شهدته التشريعات والقوانين المنظمة للعمل الاقتصادي في دول المنطقة، وهو تطور اضاف قدرات كبيرة للاقتصاد الخليجي للتكيف مع اي متغيرات اقتصادية غير متوقعة. لهذا كله فان مخاوف البعض من حدوث انعكاسات على تراجع اسعار النفط على اقتصادات دول الخليج غير مبررة، فهذه الدول وصلت حد الفطام الذي يغنيها عن الاعتماد الكلي على انتاج النفط. ولعلنا نذكر هنا بشيء من الاعجاب تجربة امارة دبي التي لم تعد مواردها من النفط كافية لسد احتياجاتها الذاتية من الطاقة، كمثال على نجاح دول الخليج في تطوير قدراتها الاقتصادية الكامنة التي تؤهلها لكي تكون لاعبا رئيسيا لا في مجال النفط فقط بل في مجال الصناعة والخدمات؛ فدبي مثلا لديها حصة لا بأس بها من أسواق صناعة الألمنيوم العالمية ولديها شركة طيران عالمية تنافس على شبكة الخطوط الدولية شركات طيران عريقة. وما نراه اليوم في إمارة دبي نجد له شواهد كثيرة في الدول الخليجية الاخرى التي باتت كلها ورشات عمل لتنمية قطاعات كانت منسية او مهملة لتطاول اليوم في عوائدها ومردودها عوائد النفط ومدخوله.
* الرئيس التنفيذي لشركة نور للخدمات المالية الإماراتية