المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أجندة الإصلاحات الاقتصادية



العبيـدلي
27-10-2006, 03:35 AM
بقلم :حسن العالي
كاتب ومحلل اقتصادي

الحصيلة النهائية والأكثر أهمية للحساسية المفرطة التي تبديها اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي لأسواق النفط سواء في حالة ارتفاع الأسعار أو انخفاضها هي عدم استقرار تنفيذ برامج التنمية، وبالتالي فقدان القدرة على التخطيط الاستراتيجي واتجاهات مسيرة النمو الاقتصادي.


وبينما أصبح الجميع مقتنعاً ان قدرة دول المجلس على البقاء بعيداً عن الاعتماد على النفط هي محدودة وسوف تأخذ وقتاً أطول مما هو متصور، الا ان ذلك لا يمنع من بذل الجهود المختلفة، وفي مقدمتها محاولة استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية التي تجلب معها التكنولوجيا والمعرفة الفنية في مجال الصناعات الحديثة غير المعتمدة على النفط.


ولا شك ان عصر العولمة وانفتاح الأسواق يجلب معه العديد من الفوائد لدول المنطقة كونه سيدفعها لفتح اقتصاداتها وأسواقها أمام المستثمرين الأجانب وخلق منافسة اكبر من القطاع الخاص المحلي، الا ان هذا العصر يجلب معه تحديات وسلبيات كثيرة مثل فقدان مزايا تقليدية كثيرة كأهمية الموقع الجغرافي والزمني وتكثيف الضغوط على خيارات التنمية الاقتصادية كما حدث مؤخرا بالنسبة للضغوط الأميركية لرفع سقف إنتاج النفط.


ان دول المجلس تسعى الى تشجيع قدر اكبر من المشاركة من جانب القطاع الخاص وعلى تأكيد مبدأ الاعتماد على الذات. فقد قامت المملكة العربية السعودية بزيادة رسوم استخدام الكهرباء، وقررت أيضا إنشاء شركة مساهمة تضم كافة أنشطة شركات الكهرباء القائمة حاليا، وذلك كخطوة أولى نحو تخصيص ذلك النوع من النشاط كما قامت بتكليف القطاع الخاص بمزاولة بعض العمليات في المطارات والموانئ البحرية.


وعمدت أيضا الى تجميع خدمات الاتصالات في مؤسسة واحدة بهدف نقل جزء من ملكيتها الى القطاع الخاص وقامت بإنشاء مجلس اعلى للغاز والبترول يأتي على رأس مهامه البحث وفتح هذا القطاع أمام مشاركة الشركات الأجنبية بينما قامت ابوظبي بتحويل دائرة الماء والكهرباء - التي تديرها الدولة - الى شركة مساهمة تملكها الدولة وانتهجت قطر أساليب مشابهة، حيث طرحت شركة الاتصالات المملوكة للدولة في اكتتاب عام كما قامت كل من قطر وعمان سلفاً بالدخول في مشاريع الغاز الطبيعي المسال بمشاركة فعالة من مساهمين أجانب.

واعتمدت الكويت والبحرين ومسقط مبدأ السماح للأجانب بالاستثمار المباشر في أسهم الشركات المتداولة في السوق بينما سمحت السعودية بذلك من خلال الصناديق الاستثمارية كما أنشأت الإمارات بورصة رسمية للأوراق المالية، كما ان الكويت تعتزم السماح للشركات الأجنبية بالاستثمار في قطاع البترول وهذا التوجه يواجه معارضة في البرلمان الكويتي كذلك تعتزم إدخال التأمين الصحي على العاملين الأجانب في القطاع الخاص.


وتتسم قائمة الهيئات والمشاريع التي يحتمل خصخصتها بالشمول بالإضافة الى تطوير عدد من المشاريع التي تشمل محطات الطاقة ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي وعمليات الموانئ ومشاريع الغاز والبيئة التحتية. كما أعلنت البحرين انها تعتزم تخصيص سوق البحرين للأوراق المالية أيضا وسمحت للشركات الأجنبية بالتملك في المشروعات الاستثمارية. بالإضافة الى قيامها ببيع بعض أصولها من المرجح ان تقوم حكومات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية باللجوء الى الاقتراض من الأسواق المالية المحلية والدولية بشكل مباشر أو غير مباشر.


وعلى الرغم من الكثير من الإصلاحات التي تقوم بها دول مجلس التعاون، فلا تزال العديد من القطاعات الاقتصادية كالتجارة والمقاولات والسياحة وبورصات الأوراق المالية تعاني من عدم انتظام في أدائها على الرغم من ارتفاع أسعار النفط وهو ما يجسد ظاهرة الاقتصاد المجزأ.


حيث ان القيمة المضافة المولدة من النفط لا يعاد استثمارها في تحريك الاقتصاد، فجزء كبير منها يذهب للنفقات الاستهلاكية وتخفيض العجز اما الجزء المستثمر في مشاريع إنتاجية فإن القيمة المضافة المولدة للقطاع الخاص لا يقوم هذا القطاع بإعادة استثمارها حيث ان جزءاً من أرباحه المحققة تذهب للاستثمار في الخارج أو في هيئة ودائع مجمدة مع البنوك، اما الجزء الذي يذهب الى الرواتب والأجور فإن العمالة الأجنبية تستلم معظمه لتقوم بتحويله الى بلدانها الأصلية. وتقدر تحويلات العمالة الأجنبية في الخليج الى الخارج بنحو عشرين مليار دولار.


ولا شك ان المرحلة الحالية تطلق العنان لقوى واتجاهات تعتبر مهمة وحيوية بالنسبة لتحسين الوضع الاقتصادي للمنطقة. ولعل أكثر هذه التغيرات أهمية انما يتمثل في التوسع بصورة اكبر في تنفيذ برامج الخصخصة التي يطالب بها صندوق النقد الدولي حيث تلاحظ الدراسات التي يجريها حول دول المنطقة التباطؤ في تنفيذ هذه البرامج كما تلاحظ غياب الشفافية في أداء بعض جوانب الاقتصاديات الوطنية.


وتشمل الإجراءات الرئيسية الأخرى قدراً اكبر من التحرير الاقتصادي والإسراع في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة مدعمة بتطوير الشفافية والإفصاح الكامل عن أداء القطاعات الاقتصادية كما تشمل قائمة الإصلاحات القضاء على الروتين والفساد الإداري في بعض الأجهزة وهو ما يخلق حاليا أزمة ثقة بين القطاع الخاص والحكومة يحول دون تحويل جزء من 300 مليار من الدولارات يملكها القطاع الخاص في الخارج للاستثمار محليا. وتشير توجهات الموازنات العامة الحالية بوضوح الى خفض الدعم الحكومي بجانب الجهود المبذولة لتقليص الهدر في الإنفاق وتراجع دور الحكومة والقطاع العام.


ومن ناحية اخرى فإن الفرص المتاحة لنشاط قطاع الأعمال والصناعة قد تتحسن بصورة مستمرة نتيجة لسياسات الإصلاح والتحرير الاقتصادي والاعتماد على الذات، فمنطقة الخليج لم يسبق لها ان مارست رقابة على العملة او أي نوع من انواع القيود على التجارة. ولذلك فإن هذه المنطقة سوف تظل توفر فرصا واعدة في مجالات عديدة في قطاعات الصناعة والخدمات بما فيها قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات والصناعات المعدنية والهندسية والتمويل والسياحة، بالإضافة الى الأنشطة التقليدية الأكثر قدما.


كما يطالب القطاع الخاص ايضا بوجود أجهزة عليا للاستثمار تملك كافة صلاحيات البت في المشروعات الاستثمارية في كافة القطاعات الاقتصادية، وكذلك منح الرخص والامتيازات وتوفير بدائل التمويل (مع الشريك المحلي او الاقتراض) وكذلك تسهيل الإجراءات وغيرها.


وأخيراً لابد من الإشارة الى اهمية التكامل الاقتصادي الخليجي بكل أبعاده. وتعتبر القرارات الخليجية بتنفيذ الوحدة النقدية عام 2010 من القرارات الاستراتيجية في مسيرة التكامل الاقتصادي. ولا شك ان اتفاقية الجات وعصر العولمة تضغطان باتجاه تسريع عجلة التكامل الاقتصادي وخاصة في مجال فتح الاستثمار بحرية في كافة القطاعات المالية والاقتصادية وتوحيد العملة وإقامة المزيد من المشروعات المشتركة.


وهناك جانب حيوي آخر وهو فتح أسواق العمل الخليجية أمام المواطنين من مختلف البلدان الخليجية حيث سيسهم ذلك في التخفيف من حدة مشكلة البطالة التي تعاني منها بعض من هذه البلدان كما سوف يسهم في تقليص الاعتماد على العمالة الأجنبية خصوصا ان القطاع الخاص سيكون أمامه معروض اكبر من العمالة من مختلف الأعمار والتخصصات والخبرات مما يشجعه على التعامل مع هذه العمالة. ولا يخفى لما لهذه التوجهات من تأثيرات إيجابية كبيرة على التنمية الاقتصادية في هذه الدول ككل، وسوف تسهم بدورها في إنجاح جهود الإصلاحات الاقتصادية وذلك لأن تلبية احتياجات المواطنين للوظائف من أهم التحديات التي تواجه هذه الإصلاحات.

مغروور قطر
27-10-2006, 08:29 PM
شكرا لك اخوي العبيدلي

M O 7 A M M E D
27-10-2006, 08:33 PM
تسلم اخوي .. :)

العبيـدلي
28-10-2006, 01:22 AM
شكرا لك اخوي العبيدلي


العفــــــــــــو أخوي