المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسواق المال في غرف الإنعاش



مغروور قطر
17-11-2006, 09:47 AM
أسواق المال في غرف الإنعاش


حسين العويد
يبدو أن الاسواق المالية في المنطقة، قد دخلت غرف العناية المركزة بسبب النزف المستمر منذ بداية العام وحتى الآن، والذي لم تنفع معه كل الوصفات والمهدئات.
وإذا كان دخول الاسواق المالية غرفة العناية المشددة هو تعبير مجازي عن خطورة وفداحة الخسائر التي تمر بها الاسواق فإن هذا التعبير هو الوصف الحقيقي لحالة المئات ان لم نقل الآلاف ممن دخلوا المستشفيات تحت وطأة المضاربات التي ادارت يوم كانت مقبلة الرؤس، وأحنت عندما ادبرت الهامات. لقد وصلت الاسواق الآن مرحلة يصعب تشخيص حالتها فلا اعلان تحسن الارباح يحرك جمودها، ولا اعلان مشروعات جديدة يقيم صلبها ويقيلها من عثرتها. وفي اجواء حيرة يستعصي على المتخصصين تفسيرها وتبريرها، يبدو صغار المستثمرين ممن تقل خبرتهم عن ثروتهم، ذاهلين لا يعرفون كيف يعوضون ما ضاع منهم، ولا المحافظة على ما بقي لديهم. ومع تراجع الاسواق ووصولها الى مستويات لم تعد تقلق صغار المستثمرين فحسب بل شريحة واسعة من المستثمرين، يجد المرء صعوبة في فهم هذا الاسترخاء الذي تظهره الهيئات والسلطات المختصة إزاء ما يحدث في الاسواق. ففي بداية التراجع هب كثير من الجهات التشريعية والرسمية لطرح مبادرات من اجل انتشال الاسهم من حالة التدهور التي تعيشها فطرحت افكار لتأسيس صناديق بدعم من الحكومات بهدف دعم اسعار بعض الاسهم، وطرحت ايضا فكرة قيام الشركات بشراء اسهمها لتكون قدوة للمستثمرين الذين يعانون من فقدان الثقة بتلك الاسهم، كما طرحت افكار بخصوص مستويات الافصاح والشفافية، وطرحت اشياء كثيرة في فترة وجيزة. لكن بعد مدة لم تطل ادرك من تنطحوا لتلك الافكار الصباح فسكتوا عن الكلام المباح مكتفين بالفرجة على الاسواق وهي تنحدر الى مستويات لم تخطر ببال اكثر الناس تشاؤما. وهذا السكوت المفاجئ يدفع للريبة والشك، فاما ان تلك المبادرات كان هدفها التغطية على مواطن الخلل الحقيقي وبيع الناس املا كاذبا حتى يظلوا في لعبة المضاربة اطول مدة ممكنة يستطيع خلالها كبار المضاربين الاجهاز على ما بقي في جيوب صغار المستثمرين بعد امتصاص ما كان في محافظهم، واما ان تلك المبادرات كان هدفها ابراء الذمة وامتصاص النقمة.

وأيا كان الدافع والمبرر لذلك السكوت فإن السؤال اليوم امام هيئات واسواق المال هو ماذا تفعلون لمساعدة مئات الالوف من المستثمرين الذين تآكلت مدخراتهم وذرتها الاسواق كما تذري الرياح الغبار؟ ولم هذا الصمت المطبق عن تقديم النصيحة التي يحتاجها الكثيرون في هذا الوقت الذي لا يتبين فيه الكثيرون خيطهم الابيض من خيطهم الاسود؟ نحن نعلم ان سلطات الاسواق وهيئات المال لا تملك وصفات سحرية ولا تستطيع علاج ما افسده المضاربون، لكن من المؤكد ان هذه الاسواق لديها صورة اوضح وأشمل من صغار المستثمرين الذين تتنازعهم اخبار من هنا واشاعات من هناك. وهذه الصورة الواضحة يجب ان تنقل بأمانه الى المستثمرين وعبر برامج توعية وجهد مدروس حتى لا يظلوا يعيشون آمالا قصيرة النفس ويبنون قراراتهم يوما بيوم دون ان يكونوا قادرين على الخروج من النفق ولا في تجنيب من يقف وراءهم الدخول في ظلمته .

* الرئيس التنفيذي لشركة نور للخدمات المالية