مغروور قطر
17-11-2006, 02:51 PM
مسؤولون وخبراء أمنيون لا يستبعدون تحول الخسائر الهائلة إلى محرك لارتكاب جرائم
مستثمرون سعوديون ينتقلون من صالات التدوال للمستشفيات والمحاكم
مسؤولية البنوك
فقدت خطيبتي
الاندفاع
زوجي طلقني
سرادق عزاء
ابن القرية والمليون
الجمعيات الخيرية تتأثر
ثرياً خلال شهر
داء الاقتراض من اجل الاسهم
سكتة قلبية واكتئاب
ما بعد الخسارة
التدخين والبورصة
احمرار المؤشر يصيب المتعاملين بالاكتئاب
دبي- الأسواق.نت
"كانت السيجارة لاتفارق يدي وانا متسمر امام شاشة التداول وهي تهبط للون الاحمر وفجأة شعرت بهبوط في كامل جسمي وغبت عن الوعي ووجدت نفسي في المستشفى وقد اصبت بجلطة في قلبي بسبب تفكيري في تحويشة العمر والتي تبخرت مع انهيار مؤشر الاسهم".
هذه حكاية المستثمر في سوق الأسهم السعودية محمد العوفي والتي لم تكن الوحيدة بسبب انهيار الأسعار فهناك حالات عديدة تنتظرها السجون والمصحات النفسية والمستشفيات للذين راحوا ضحية احمرار المؤشر الذي جعل خبراء السوق والمستثمرين في صالات التداول يحذرون من ان تؤدي هذه الانهيارات الكبيرة والمتكررة الى تنامي الجريمة وتفاقم مشاكل النزاعات المالية بينما لم يستبعد مسؤولون وخبراء امنيون حدوث هذا السيناريو رغم عدم تسجيل حالات من هذا النمط حتى الآن .
مسؤولية البنوك
ولأن "غول" الخسائر قد طال الكثيرين من صغار المستثمرين بسبب اندفاعهم غير المدروس وغير المتزن في عمليات الشراء فإن الخبراء والمسؤولين اشاروا -بحسب ما نشرته جريدة "عكاظ" السعودية الجمعة 17-11-2006 الى ان سوق الاسهم رغم انها لم تسجل حتى الآن أي بعد كمحرك لجرائم معينة لكنها تمثل نقطة قلق واضحة تهم المجتمع وضغوطا نفسية قد تنعكس بصورة مباشرة على السلوكيات اليومية.
وكيف لا تصبح الاسهم هم الناس وشغلهم الشاغل بعد ان تسببت في كثير من المآسي فكلما يظهر اللون الاحمر على الشاشات يسقط الكثيرون وتنهار بيوت والضحايا هم البسطاء الذين حاولوا ان يحسنوا اوضاعهم المعيشية بيد انهم ذهبوا الى السوق دون دراية وعلم بما فيه منهم من اقترض ومنهم من باع اغلى ما يملك واندفع الى ساحة البقاء فيها للاقوى.
ورغم الهبوط الحاد مازال الجدل يتصاعد إذ ألقى البعض بالمسؤولية على البنوك التي تسيل المحافظ الاستثمارية وآخرون ألقوا باللائمة على الهوامير الذين يلعبون في السوق كما يشاءون يشكلون مجموعات من رجال المال او يمثلون شركات او منظمات مالية تطلق على نفسها "شركات وطنية".. الغانمون قالوا ان المستثمرين الصغار هم المتسببون فيما يحدث لهم من خسائر.
ووسط هذا الجدل يروي ضحايا الاسهم قصصاً مثيرة من الواقع تعبر عن اندفاع غير مدروس وشراء غير متزن وحمى مضاربة جنونية. وكأن السوق ليس فيه الا جني ارباح دون خسائر وما تسجله اقسام التمويل في البنوك من حالات طلب مستمرة يعكس ان الآلام كانت اكبر بكثير من افراح وبشائر الربح.
علي القحطاني "موظف" راتبه الشهري خمسة آلاف ريال ذهب منتشياً للبنك وطلب قرضاً بقيمة مائة وخمسين الف ريال يقسطه من راتبه طيلة عشر سنوات بهدف المضاربة في الاسهم وسارع بفتح حساب خاص في الانترنت ليتولى التداول والبيع والشراء اليومي كان يعتقد انه يقوم بالتصفية اليومية بجني الارباح ويخرج من المبالغ التي حصدها من المضاربة السلسة مع موجات الصعود اليومي وبعد شهر واحد وجد ان المبلغ المخصص للمضاربة فقد نحو 80% من اصله وهي خسارة يصعب تعويضها لمثله وحاول الاستمرار وعاود الكرة عدة مرات لتعويض خسارته الا ان كل محاولاته باءت بالفشل واصبح المسكين يدور في حلقة مفرغة.. يقول القحطاني "لم اصب بالسكر والضغط الا بعد انهيار السوق، ضاع عمري وبقيت اسدد قرض البنك، الهموم تكالبت علي من كل جانب. واهلي في المنزل لم اعد اطيقهم".
فقدت خطيبتي
وتحول حلم المستثمر الشاب سلمان السهلي بإكمال نصف دينه الى سراب يروي السهلي الحكاية فيقول نصحني احد الاصدقاء المقربين بان استثمر ما جمعته من مال اضافة الى مبلغ اقترضته من البنك يبلغ مائة وعشرة آلاف ريال في سوق الاسهم على امل ان يتضاعف في غضون اسابيع فيما لم يتبق على موعد زواجي سوى ثلاثة اشهر فقط ويواصل السهلي اضعت كل ما املك بدءا من المال الى الخطيبة وحتى مبلغ القرض انخفض في سوق الاسهم ليهبط الى ثمانية آلاف ريال. فيما رفض ذوو العروس تأجيل موعد الزفاف ما ادى لعزوفي عن فكرة الزواج وفسخ الخطوبة.
أما نعيمة نصار سيدة تجاوزت الاربعين، لم تتزوج وتعمل مدرسة في المرحلة الثانوية فأشار عليها شقيقها بتجارة الاسهم لا سيما وان لديها مبلغاً لا بأس به يصل الى مائة وخمسين الف ريال وتروي الحكاية: للاسف بعد ثلاثة اشهر فقط قال لي اخي والحسرة على محياه لقد هبط المؤشر وانهار السوق. تحدث معي عن امور لا افهمها فأنا مدرسة اقضي جل وقتي بين طالباتي وكتبي. قلت له ماذا يعني هبط المؤشر فرد علي: يعني ان المائة والخمسين الف ريال اصبحت اثنين وثلاثين الف ريال. اعتقدت في اول الامر انه يمازحني كما هي عادته دائماً. الا انه بعد ان طال حديثي معه اكتشفت انه كان جاداً في كلامه معي وتواصل نصار: تسلل الشك الى نفسي اعتقدت ان شقيقي اختلس المبلغ دبت المشاكل بيننا لم اعد اطيق رؤيته. وحتى الآن عندما افكر في الامر تأتيني وساوس بأن اخي وضع مالي في حسابه دون ان يستثمرها في الاسهم.
اقترض المستثمر مطلق المورقي من احد البنوك مبلغ مائة وخمسين الف ريال ليتاجر بها في سوق الاسهم يقول: كانت البداية جيدة وحققت ارباحاً مجزية اغرتني ان ازيد المبلغ الا اني فوجئت بانهيار السوق في غمضة عين وانحدرت المكاسب ولحقها رأس المال ولم يبق لدي سوى ثلاثة واربعين الف ريال من رأس المال فقط ويواصل اصبحت الديون تلاحقني واقساط البنك تسحب من الراتب شهرياً بواقع الفان ومائة ريال وتحولت ايام النعيم الى نكد وقلق وألم ويضيف المورقي: منذ ان دخلت سوق الاسهم وانا اعاني من صداع شديد لا اعلم اين ذهبت اموالي .
الاندفاع
بعد طول تفكير قرر الخروج من حالة الاستسلام لمرتبه الشهري المتواضع لينتقل الى مصاف الاثرياء سمع عن الاسهم وما يأتي من ورائها من ارباح وغنائم. فقرر الاقتراض من البنك واشترى سهم شركة مضارب نصحه الخبراء كما يقول بأنها سوف تحقق النسب تلو النسب والارتفاعات بعد اسابيع قليلة.. إلا ان المسكين اشترى بقيمة ثلاثمائة الف ريال دفعة واحدة بعد ان اقتنع ووضع آماله وعلق احلامه بما مضى من قول ووعود كلامية.
وكان من سوء حظه انه على موعد لاجراء عملية في القلب طلب من اجلها اجازة لمدة شهرين من عمله. اجريت له العملية بنجاح وبمجرد عودته الى المنزل بعد غياب عدة ايام تسمر لمتابعة الاسهم والاستماع لتحليلاتها وآراء اساطينها فوجد اللون الاحمر يخيم على الشاشة والمؤشر فقد في ايام اكثر من خمسة الآف نقطة من النزول المحموم والخسائر اليومية التي تكبدتها الاسهم واثرت على مؤشرها العام.
ووجد المسكين اسهمه كانت اكبر الخاسرين وأشد المهرولين هبوطاً. التقط الآلة الحاسبة وبدأ يعيد حساباته بعد السقوط المدوي لانزلاق المزعج فوجد ان مبلغه تناقص ولم يبق منه الا ثلاثون الف ريال..فتضاعف عليه المرض مع هبوط القلب وانتكست حالته النفسية واعيد الى العناية المركزة في المستشفى.
المستثمر عبدالله -رفض ذكر اسمه بالكامل- في مطلع الخمسينيات من عمره دفعت به ازمة الاسهم الى مراجعة العيادات النفسية نتيجة الصدمة التي تلقاها من السوق. فيقول انا متقاعد عن العمل منذ فترة واب لعشرة ابناء ظروفي المعيشية صعبة جداً رغبت في تحسين وضعي المعيشي.. بدأت بنقل الركاب من جدة الى مكة بيد ان هذا العمل اتعبني كثيراً لا سيما واني اعاني من بعض الامراض سمعت عن الاسهم التي ستحقق لي ولاسرتي الاحلام.. لكن ذلك يحتاج الى مبلغ للدخول في السوق وبعد ان فكرت كثيراً اهتديت الى الارض التي امتلكها. بعتها اضافة الى مبلغ حصلت عليه من شراء سيارة بالتقسيط ودفعت بمئة الف ريال في سوق الاسهم دون دراية.. وكانت النتيجة المرة التي اعيشها حتى الآن يقول بن ردة: انا فعلت ذلك حتى اشتري منزلا جديدا لابنائي ومواجهة الحياة وضغوطها لأتفاجأ بعكس ما كنت اتوقعه بعد ان خسرت هذا المبلغ الكبير بالنسبة لي نتيجة انهيار سوق الاسهم المفاجئ الذي صادر احلامي البسيطة لاعيش على "الحديدة" واراجع مستشفى الصحة النفسية بعد الانهيار العصبي الذي اصابني.
زوجي طلقني
"الاسهم خربت بيتي وادخلتني قائمة المطلقات" بهذه العبارة بدأت ام طارق حديثها وتروي القصة فتقول: بعد زواج استمر سبعة وعشرين عاماً طلقني زوجي بسبب الاسهم. وتواصل كانت تحدث بيني وبين زوجي بعض الخلافات البسيطة الا اننا سرعان ما نحتويها، عشنا في سعادة وهناء، كنت لا ارى في هذه الدنيا سواه وهو كذلك.
وبعد ان ظهرت الاسهم في حياتنا فكر زوجي "سابقاً" ان يحسن من وضعنا المادي. كان لديه بعض المال واقترض الباقي ليجمع نصف مليون ريال ودخل بالمبلغ في السوق ومع ظهور المؤشر الاحمر فقد اغلب ماله واصبح مديناً.
عاش في حالة نفسية سيئة على اثرها اخضع للعلاج النفسي وعاد للمنزل تعكر مزاجه اصبح عصبي المزاج فقد متعة الحياة لم يعد ذلك الانسان المرح. احال المنزل الى مكان لا يطاق نفر منه الابناء حاولوا ان يخرجوه من ازمته. كان اضعف من ان يتحمل الصدمة وفي لحظة خصام انفعل وطلقني.. بكيت كثيراً لما آل اليه حالنا تشتت الابناء بعد ان انهار منزلنا .
عبدالله الحربي احد الذين انقلبت حياتهم رأساً على عقب بعد الانهيار الاخير لسوق الاسهم يروي قصته فيقول حثني احد زملائي في العمل على الدخول الى السوق وقال سنجني خيراً كثيراً وقد تصبح مليونيراً خلال عامين فقط. فوقف المبلغ امامي..
ويواصل الحربي اقترضت مليون ريال مقابل رهن منزلي واقتحمت السوق قبل انهياره بأيام قلائل ويا ليتني لم افعل. فالمؤشر الاحمر اخذ يطاردني اينما رحلت بين الشركات وهكذا حتى خسرت تحويشة عمري فلا الاسهم ربحت ولا منزل ابنائي سيبقى.
سرادق عزاء
في احد المنازل بمكة اقيمت سرادق عزاء توافد الناس من كل حدب وصوب لتأدية الواجب. الفقيد رجل اسمه سعيد وجده اهله ملقى على الارض بجوار جهاز "الكمبيوتر" داخل مكتبه في المنزل وبتدخلات طبية عاجلة ذكر الاطباء وفاته بسكتة مفاجئة عرف ذووه حينها ان السوق منهار وبقي المؤشر الاحمر صامداً بين الجميع.
يتحدث شقيق الفقيد فيقول الانهيار الحالي يذكرنا بما حدث في العام الذي راح ضحيته اناس كثيرون فالنكسة الحالية تسببت في وفاة اخي سعيد رحمه الله بعد فقدانه لاكثر من نصف مليون ريال مخلفاً عشرة ايتام.
مسعد حسان عمل في تجارة الماشية يورد الاغنام ويبيعها بعدما استقر به الحال توسع في تجارته وفتح منشآت تجارية وصناعية وشاء القدر ان يدخل في سوق الاسهم والمضاربة فيها الى ان دخل بعشرة ملايين ريال.. في البداية جنى ارباحا وهذا ما اغراه وشجعه على المضاربة بالارباح ورأس المال وما هي الا اشهر وينهار السوق بعد ان وصل واحدا وعشرين الف نقطة. واصيب بن حسان بانهيار عصبي وجلطة في النصف منه وتضاعفت الجلطة فنقل على اثرها للمستشفى وكان كل همه الخروج بنصف رأس المال بيد انه لم يستطع وصل به الحال الى الهوس والهذيان حاول ابناؤه اخراجه من الازمة التي يعيش فيها ذكروه ان الدنيا فانية الا ان حالته تزداد سوء فقد خسر ماله وصحته والسبب المؤشر.
"اكلت ما امامي وخلفي" هكذا يقول خالد صالح احد ضحايا الاسهم يقول صالح اكلت ما امامي وهو ما كنت املكه وليتها توقفت عند ذلك بل اكلت ما خلفي وهو ما لا املكه حيث ان كثيراً من الاصدقاء والاقارب قدموا لي اموالهم لاستثمرها في السوق بعدما رأوا المؤشر مرتفعاً. الا ان السوق ليس له امان ولا ضوابط فما ان بدأت الارباح حتى جاء الانهيار الذي حولني الى مديون لأكثر من شخص. فسوق الاسهم بطيئ الارتفاع سريع الهبوط.
مستثمرون سعوديون ينتقلون من صالات التدوال للمستشفيات والمحاكم
مسؤولية البنوك
فقدت خطيبتي
الاندفاع
زوجي طلقني
سرادق عزاء
ابن القرية والمليون
الجمعيات الخيرية تتأثر
ثرياً خلال شهر
داء الاقتراض من اجل الاسهم
سكتة قلبية واكتئاب
ما بعد الخسارة
التدخين والبورصة
احمرار المؤشر يصيب المتعاملين بالاكتئاب
دبي- الأسواق.نت
"كانت السيجارة لاتفارق يدي وانا متسمر امام شاشة التداول وهي تهبط للون الاحمر وفجأة شعرت بهبوط في كامل جسمي وغبت عن الوعي ووجدت نفسي في المستشفى وقد اصبت بجلطة في قلبي بسبب تفكيري في تحويشة العمر والتي تبخرت مع انهيار مؤشر الاسهم".
هذه حكاية المستثمر في سوق الأسهم السعودية محمد العوفي والتي لم تكن الوحيدة بسبب انهيار الأسعار فهناك حالات عديدة تنتظرها السجون والمصحات النفسية والمستشفيات للذين راحوا ضحية احمرار المؤشر الذي جعل خبراء السوق والمستثمرين في صالات التداول يحذرون من ان تؤدي هذه الانهيارات الكبيرة والمتكررة الى تنامي الجريمة وتفاقم مشاكل النزاعات المالية بينما لم يستبعد مسؤولون وخبراء امنيون حدوث هذا السيناريو رغم عدم تسجيل حالات من هذا النمط حتى الآن .
مسؤولية البنوك
ولأن "غول" الخسائر قد طال الكثيرين من صغار المستثمرين بسبب اندفاعهم غير المدروس وغير المتزن في عمليات الشراء فإن الخبراء والمسؤولين اشاروا -بحسب ما نشرته جريدة "عكاظ" السعودية الجمعة 17-11-2006 الى ان سوق الاسهم رغم انها لم تسجل حتى الآن أي بعد كمحرك لجرائم معينة لكنها تمثل نقطة قلق واضحة تهم المجتمع وضغوطا نفسية قد تنعكس بصورة مباشرة على السلوكيات اليومية.
وكيف لا تصبح الاسهم هم الناس وشغلهم الشاغل بعد ان تسببت في كثير من المآسي فكلما يظهر اللون الاحمر على الشاشات يسقط الكثيرون وتنهار بيوت والضحايا هم البسطاء الذين حاولوا ان يحسنوا اوضاعهم المعيشية بيد انهم ذهبوا الى السوق دون دراية وعلم بما فيه منهم من اقترض ومنهم من باع اغلى ما يملك واندفع الى ساحة البقاء فيها للاقوى.
ورغم الهبوط الحاد مازال الجدل يتصاعد إذ ألقى البعض بالمسؤولية على البنوك التي تسيل المحافظ الاستثمارية وآخرون ألقوا باللائمة على الهوامير الذين يلعبون في السوق كما يشاءون يشكلون مجموعات من رجال المال او يمثلون شركات او منظمات مالية تطلق على نفسها "شركات وطنية".. الغانمون قالوا ان المستثمرين الصغار هم المتسببون فيما يحدث لهم من خسائر.
ووسط هذا الجدل يروي ضحايا الاسهم قصصاً مثيرة من الواقع تعبر عن اندفاع غير مدروس وشراء غير متزن وحمى مضاربة جنونية. وكأن السوق ليس فيه الا جني ارباح دون خسائر وما تسجله اقسام التمويل في البنوك من حالات طلب مستمرة يعكس ان الآلام كانت اكبر بكثير من افراح وبشائر الربح.
علي القحطاني "موظف" راتبه الشهري خمسة آلاف ريال ذهب منتشياً للبنك وطلب قرضاً بقيمة مائة وخمسين الف ريال يقسطه من راتبه طيلة عشر سنوات بهدف المضاربة في الاسهم وسارع بفتح حساب خاص في الانترنت ليتولى التداول والبيع والشراء اليومي كان يعتقد انه يقوم بالتصفية اليومية بجني الارباح ويخرج من المبالغ التي حصدها من المضاربة السلسة مع موجات الصعود اليومي وبعد شهر واحد وجد ان المبلغ المخصص للمضاربة فقد نحو 80% من اصله وهي خسارة يصعب تعويضها لمثله وحاول الاستمرار وعاود الكرة عدة مرات لتعويض خسارته الا ان كل محاولاته باءت بالفشل واصبح المسكين يدور في حلقة مفرغة.. يقول القحطاني "لم اصب بالسكر والضغط الا بعد انهيار السوق، ضاع عمري وبقيت اسدد قرض البنك، الهموم تكالبت علي من كل جانب. واهلي في المنزل لم اعد اطيقهم".
فقدت خطيبتي
وتحول حلم المستثمر الشاب سلمان السهلي بإكمال نصف دينه الى سراب يروي السهلي الحكاية فيقول نصحني احد الاصدقاء المقربين بان استثمر ما جمعته من مال اضافة الى مبلغ اقترضته من البنك يبلغ مائة وعشرة آلاف ريال في سوق الاسهم على امل ان يتضاعف في غضون اسابيع فيما لم يتبق على موعد زواجي سوى ثلاثة اشهر فقط ويواصل السهلي اضعت كل ما املك بدءا من المال الى الخطيبة وحتى مبلغ القرض انخفض في سوق الاسهم ليهبط الى ثمانية آلاف ريال. فيما رفض ذوو العروس تأجيل موعد الزفاف ما ادى لعزوفي عن فكرة الزواج وفسخ الخطوبة.
أما نعيمة نصار سيدة تجاوزت الاربعين، لم تتزوج وتعمل مدرسة في المرحلة الثانوية فأشار عليها شقيقها بتجارة الاسهم لا سيما وان لديها مبلغاً لا بأس به يصل الى مائة وخمسين الف ريال وتروي الحكاية: للاسف بعد ثلاثة اشهر فقط قال لي اخي والحسرة على محياه لقد هبط المؤشر وانهار السوق. تحدث معي عن امور لا افهمها فأنا مدرسة اقضي جل وقتي بين طالباتي وكتبي. قلت له ماذا يعني هبط المؤشر فرد علي: يعني ان المائة والخمسين الف ريال اصبحت اثنين وثلاثين الف ريال. اعتقدت في اول الامر انه يمازحني كما هي عادته دائماً. الا انه بعد ان طال حديثي معه اكتشفت انه كان جاداً في كلامه معي وتواصل نصار: تسلل الشك الى نفسي اعتقدت ان شقيقي اختلس المبلغ دبت المشاكل بيننا لم اعد اطيق رؤيته. وحتى الآن عندما افكر في الامر تأتيني وساوس بأن اخي وضع مالي في حسابه دون ان يستثمرها في الاسهم.
اقترض المستثمر مطلق المورقي من احد البنوك مبلغ مائة وخمسين الف ريال ليتاجر بها في سوق الاسهم يقول: كانت البداية جيدة وحققت ارباحاً مجزية اغرتني ان ازيد المبلغ الا اني فوجئت بانهيار السوق في غمضة عين وانحدرت المكاسب ولحقها رأس المال ولم يبق لدي سوى ثلاثة واربعين الف ريال من رأس المال فقط ويواصل اصبحت الديون تلاحقني واقساط البنك تسحب من الراتب شهرياً بواقع الفان ومائة ريال وتحولت ايام النعيم الى نكد وقلق وألم ويضيف المورقي: منذ ان دخلت سوق الاسهم وانا اعاني من صداع شديد لا اعلم اين ذهبت اموالي .
الاندفاع
بعد طول تفكير قرر الخروج من حالة الاستسلام لمرتبه الشهري المتواضع لينتقل الى مصاف الاثرياء سمع عن الاسهم وما يأتي من ورائها من ارباح وغنائم. فقرر الاقتراض من البنك واشترى سهم شركة مضارب نصحه الخبراء كما يقول بأنها سوف تحقق النسب تلو النسب والارتفاعات بعد اسابيع قليلة.. إلا ان المسكين اشترى بقيمة ثلاثمائة الف ريال دفعة واحدة بعد ان اقتنع ووضع آماله وعلق احلامه بما مضى من قول ووعود كلامية.
وكان من سوء حظه انه على موعد لاجراء عملية في القلب طلب من اجلها اجازة لمدة شهرين من عمله. اجريت له العملية بنجاح وبمجرد عودته الى المنزل بعد غياب عدة ايام تسمر لمتابعة الاسهم والاستماع لتحليلاتها وآراء اساطينها فوجد اللون الاحمر يخيم على الشاشة والمؤشر فقد في ايام اكثر من خمسة الآف نقطة من النزول المحموم والخسائر اليومية التي تكبدتها الاسهم واثرت على مؤشرها العام.
ووجد المسكين اسهمه كانت اكبر الخاسرين وأشد المهرولين هبوطاً. التقط الآلة الحاسبة وبدأ يعيد حساباته بعد السقوط المدوي لانزلاق المزعج فوجد ان مبلغه تناقص ولم يبق منه الا ثلاثون الف ريال..فتضاعف عليه المرض مع هبوط القلب وانتكست حالته النفسية واعيد الى العناية المركزة في المستشفى.
المستثمر عبدالله -رفض ذكر اسمه بالكامل- في مطلع الخمسينيات من عمره دفعت به ازمة الاسهم الى مراجعة العيادات النفسية نتيجة الصدمة التي تلقاها من السوق. فيقول انا متقاعد عن العمل منذ فترة واب لعشرة ابناء ظروفي المعيشية صعبة جداً رغبت في تحسين وضعي المعيشي.. بدأت بنقل الركاب من جدة الى مكة بيد ان هذا العمل اتعبني كثيراً لا سيما واني اعاني من بعض الامراض سمعت عن الاسهم التي ستحقق لي ولاسرتي الاحلام.. لكن ذلك يحتاج الى مبلغ للدخول في السوق وبعد ان فكرت كثيراً اهتديت الى الارض التي امتلكها. بعتها اضافة الى مبلغ حصلت عليه من شراء سيارة بالتقسيط ودفعت بمئة الف ريال في سوق الاسهم دون دراية.. وكانت النتيجة المرة التي اعيشها حتى الآن يقول بن ردة: انا فعلت ذلك حتى اشتري منزلا جديدا لابنائي ومواجهة الحياة وضغوطها لأتفاجأ بعكس ما كنت اتوقعه بعد ان خسرت هذا المبلغ الكبير بالنسبة لي نتيجة انهيار سوق الاسهم المفاجئ الذي صادر احلامي البسيطة لاعيش على "الحديدة" واراجع مستشفى الصحة النفسية بعد الانهيار العصبي الذي اصابني.
زوجي طلقني
"الاسهم خربت بيتي وادخلتني قائمة المطلقات" بهذه العبارة بدأت ام طارق حديثها وتروي القصة فتقول: بعد زواج استمر سبعة وعشرين عاماً طلقني زوجي بسبب الاسهم. وتواصل كانت تحدث بيني وبين زوجي بعض الخلافات البسيطة الا اننا سرعان ما نحتويها، عشنا في سعادة وهناء، كنت لا ارى في هذه الدنيا سواه وهو كذلك.
وبعد ان ظهرت الاسهم في حياتنا فكر زوجي "سابقاً" ان يحسن من وضعنا المادي. كان لديه بعض المال واقترض الباقي ليجمع نصف مليون ريال ودخل بالمبلغ في السوق ومع ظهور المؤشر الاحمر فقد اغلب ماله واصبح مديناً.
عاش في حالة نفسية سيئة على اثرها اخضع للعلاج النفسي وعاد للمنزل تعكر مزاجه اصبح عصبي المزاج فقد متعة الحياة لم يعد ذلك الانسان المرح. احال المنزل الى مكان لا يطاق نفر منه الابناء حاولوا ان يخرجوه من ازمته. كان اضعف من ان يتحمل الصدمة وفي لحظة خصام انفعل وطلقني.. بكيت كثيراً لما آل اليه حالنا تشتت الابناء بعد ان انهار منزلنا .
عبدالله الحربي احد الذين انقلبت حياتهم رأساً على عقب بعد الانهيار الاخير لسوق الاسهم يروي قصته فيقول حثني احد زملائي في العمل على الدخول الى السوق وقال سنجني خيراً كثيراً وقد تصبح مليونيراً خلال عامين فقط. فوقف المبلغ امامي..
ويواصل الحربي اقترضت مليون ريال مقابل رهن منزلي واقتحمت السوق قبل انهياره بأيام قلائل ويا ليتني لم افعل. فالمؤشر الاحمر اخذ يطاردني اينما رحلت بين الشركات وهكذا حتى خسرت تحويشة عمري فلا الاسهم ربحت ولا منزل ابنائي سيبقى.
سرادق عزاء
في احد المنازل بمكة اقيمت سرادق عزاء توافد الناس من كل حدب وصوب لتأدية الواجب. الفقيد رجل اسمه سعيد وجده اهله ملقى على الارض بجوار جهاز "الكمبيوتر" داخل مكتبه في المنزل وبتدخلات طبية عاجلة ذكر الاطباء وفاته بسكتة مفاجئة عرف ذووه حينها ان السوق منهار وبقي المؤشر الاحمر صامداً بين الجميع.
يتحدث شقيق الفقيد فيقول الانهيار الحالي يذكرنا بما حدث في العام الذي راح ضحيته اناس كثيرون فالنكسة الحالية تسببت في وفاة اخي سعيد رحمه الله بعد فقدانه لاكثر من نصف مليون ريال مخلفاً عشرة ايتام.
مسعد حسان عمل في تجارة الماشية يورد الاغنام ويبيعها بعدما استقر به الحال توسع في تجارته وفتح منشآت تجارية وصناعية وشاء القدر ان يدخل في سوق الاسهم والمضاربة فيها الى ان دخل بعشرة ملايين ريال.. في البداية جنى ارباحا وهذا ما اغراه وشجعه على المضاربة بالارباح ورأس المال وما هي الا اشهر وينهار السوق بعد ان وصل واحدا وعشرين الف نقطة. واصيب بن حسان بانهيار عصبي وجلطة في النصف منه وتضاعفت الجلطة فنقل على اثرها للمستشفى وكان كل همه الخروج بنصف رأس المال بيد انه لم يستطع وصل به الحال الى الهوس والهذيان حاول ابناؤه اخراجه من الازمة التي يعيش فيها ذكروه ان الدنيا فانية الا ان حالته تزداد سوء فقد خسر ماله وصحته والسبب المؤشر.
"اكلت ما امامي وخلفي" هكذا يقول خالد صالح احد ضحايا الاسهم يقول صالح اكلت ما امامي وهو ما كنت املكه وليتها توقفت عند ذلك بل اكلت ما خلفي وهو ما لا املكه حيث ان كثيراً من الاصدقاء والاقارب قدموا لي اموالهم لاستثمرها في السوق بعدما رأوا المؤشر مرتفعاً. الا ان السوق ليس له امان ولا ضوابط فما ان بدأت الارباح حتى جاء الانهيار الذي حولني الى مديون لأكثر من شخص. فسوق الاسهم بطيئ الارتفاع سريع الهبوط.